2024 March 19 - 09 رمضان 1445
الإفتراء علي الشيعة في ( تحريف القرآن ) والجواب عنه
رقم المطلب: ٢٧٥٦ تاریخ النشر: ١٢ محرم ١٤٤١ - ١٦:٥٩ عدد المشاهدة: 2360
المقالات » عام
جدید
الإفتراء علي الشيعة في ( تحريف القرآن ) والجواب عنه

فهرس المطالب

 

لشيعة لايخفي قرآنهم الذي يعتقدون به

مؤلّفات الشيعة في التفسير

أقوال الفقهاء هي رأي الشيعة

آراء علماء الشيعة في عدم تحريف القرآن

الروايات الدالّة علي التحريف ضعاف

نظرة إلي كتاب فصل الخطاب

التحريف عند علماء اهل السنّة

روايات أهل السنّة الدالّة علي التحريف

لم تقبل عن عمر آية الرجم

عمر يخاف أن يزيد آية الرجم

ذهاب ثلثي القرآن علي رأي الخليفة

ذهاب 200 آية من الأحزاب علي رأي الخليفة

ذهاب سورة علي رأي أبي موسي الأشعري

ذهاب سورتي عن مصحف ابن عباس

سقوط آيات من القرآن لقتل حفّاظه

ضاع من سورة البرائة أكثرها

أسطورة نسخ تلاوة القرآن

بسم اللّه الرحمن الرحيم


من الافترائات التي اتّهم أهل السنّة والجماعة ، الشيعة الإماميّة هو القول بالتحريف ، وقبل الورود في البحث فلابدّ من الإشارة إلي امور :

الشيعة لايخفي قرآنهم الذي يعتقدون به

1 - إنّ الشيعة ليسوا طائفة قليلة تعيش في قرية نائية أو مجتمع مقفل ، حتي يخفي قرآنهم الذي يعتقدون به ويقرؤونه .

بل هم ملايين الناس وعشرات الملايين ، يعيشون في أكثر بلاد العالم الإسلامي مدي القرون ، وهذه بلادهم وبيوتهم ومساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم وحوزاتهم العملية ، لا توجد فيها إلا نسخة هذا القرآن .

ولو كانوا لا يعتقدون به ويعتقدون بغيره دونه أو معه ، فلماذا يقرؤونه في بيوتهم ومراكزهم ومناسباتهم ولا يقرؤون غيره ؟ ولماذا يدرسونه ولا يدرسون غيره؟

مؤلّفات الشيعة في التفسير

يمكن القول بأنّ عدد الشيعة عبر العصور المختلفة كان خمس عدد الأمّة الإسلاميّة ، وبقيّة المذاهب السنيّة أربعة أخماس .

فالوضع الطبيعي أن تكون نسبة مؤلّفاتهم في تفسير القرآن ومواضيعه الأخري خمس مجموع مؤلّفات إخوانهم السنّة .

وإذا لاحظنا ظروف الإضطهاد التي عاشها الشيعة عبر القرون ، ونكون منصفين ، نجد مؤلّفات الشيعة حول القرآن قد تزيد علي الثلث!

وقد أحصت دار القرآن الكريم في قم التي أسّسها مرجع الشيعة الراحل السيّد الكلبايكاني رحمه اللّه ، مؤلّفات الشيعة في التفسير فقط في القرون المختلفة ، فزادت علي خمسة آلاف مؤلّف .
فكيف يصحّ أن نعمد الي طائفة أسهموا علي مدي التاريخ الإسلامي أكثر من غيرهم في التأليف في تفسير القرآن وعلومه . ونتهمهم بعدم الإيمان بالقرآن ، أو بأن عندهم قرآنا آخر! راجع : تدوين القرآن : 40 .

أقوال الفقهاء هي رأي الشيعة

إنّ الدراسة الصحيحة في أيّ مذهب يبتني علي المراجعة لمصادر هذا المذهب في الاعتقاد والفقه والحديث والأصول ومعرفة آراء علمائهم الذين تسالم أتباعهم علي علميّتهم وصلاحيّتهم لتمثيل هذا المذهب ومعرفة مااتّفق عليه هؤلاء وما هو مشهور غير متفّق عليه ، وكذا معرفة طرقهم التي يعتمدونها في الأخذ عن مصادرهم الحديثيّة والتمييز بين الروايات الصحيحة والمعتبرة عن الضعيفة الشاذّة .
ولا يحقّ لمن لم يلمّ بهذه المعرفة الضروريّة أن يدّعي أنّه أهل لعرض ونقد هذا المذهب فإنّ ادّعي ذلك فهو متجرّء متجاوز عن حدّه وكاشف عن جهله .

ولايخفي أنّ رأي الشيعة في التحريف وعدمه هو رأي علماؤهم الخبراء بالمذهب الذين يميّزون ما هو جزء منه وما هو خارج عنه وهم الذين يُرجع إليهم ملايين الشيعة ويقلّدونهم ، ويأخذون منهم أحكام دينهم في كيفيّة صلاتهم وصومهم وحجّهم ، وأحكام زواجهم وطلاقهم وإرثهم ومعاملاتهم .
وبعد هذه المقدمات نذكر أوّلاً : آراء علماء الشيعة وفقهائهم وكبار المجتهدين الذين يمثّلون الشيعة في كلّ عصر ، بحيث يعتبر قولهم رأي الشيعة ، وعقيدتهم عقيدة الشيعة .

وثانياً : نشير إلي كتاب فصل الخطاب وقصد مؤلّفه من تأليفه هذا ، و ما كتب في ردّه .

وثالثاً : آراء علماء أهل السنّة وأحاديثهم في التحريف .

آراء علماء الشيعة في عدم تحريف القرآن

قال الشيخ الصدوق ( ت 381 ) : ( إعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله اللّه علي نبيّه محمد ( ع ) هو ما بين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة . الاعتقادات للشيخ المفيد ص 84 ، واعتقادات الصدوق المطبوع مع شرح الباب الحادي عشر : 93 .

قال الشيخ المفيد ( ت 413 ) : وقد قال جماعة من أهل الإمامة : أنّه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين ( ع ) من تأويله ، وتفسير معانيه علي حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام اللّه تعالي الذي هو القرآن المعجز ، وعندي أنّ هذا ا لقول أشبه من مقال من ادّعي نقصان كلم من نفس القرآن علي الحقيقة دون التأويل ، واليه أميل ، واللّه أسأل توفيفه للصواب . أوائل المقالات 54 - 56 .
قال الشريف المرتضي ( ت 436 ) : إنّ القرآن كان علي عهد رسول اللّه ( ص ) مجموعاً مؤلّفاً علي ما هو عليه الآن . . . من خالف في ذلك من الإماميّة والحشويّة لا يعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضاف إلي قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخبارا ضعيفة ظنّوا بصحّتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع علي صحّته . مجمع البيان : 1 / 15 نقلاً عن رسالته الجوابيّة الأولي عن المسائل الطرابلسيّات .
قال الشيخ الطوسي ( ت 460 ) : وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه ، فممّا لا يليق به أيضاً ، لأنّ الزيادة فيه مجمع علي بطلانها ، والنقصان منه ، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا . . . . التبيان في تفسير القرآن : 1 / 3 .

قال العلّامة الحلي ( ت 627 ) : الحق أنّه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه ، وأنّه لم يزد ولم ينقص ونعوذ باللّه من أمّة تعتقد مثل ذلك ، فإنّه يوجب التطرّق إلي معجزة الرسول ( ص ) المنقولة بالتواتر . أجوبة المسائل المهناوية : 121 المسألة 13 .

قال السيد محسن الأمين العاملي ( ت 1371 ) : لا يقول أحد من الإماميّة لا قديماً ولا حديثاً إنّ القرآن مزيد فيه . . . ومن نسب اليهم خلاف ذلك فهو كاذب ، مفتر ، مجتري ء علي اللّه ورسوله . أعيان الشيعة : 1 / 41 .

قال السيد شرف الدين العاملي ( ت 1377 ) : نسب إلي الشيعة القول بتحريف القرآن . . . فأقول : نعوذ باللّه من هذا القول ، ونبرأ إلي اللّه تعالي من هذا الجهل ، وكلّ من نسب هذإ؛!! الرأي إلينا جاهل بمذهبنا ، أو مفتر علينا ، فإنّ القرآن العظيم والذكر الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته وسائر حروفه وحركاته وسكناته ، تواتراً قطعيّاً عن أئمّة الهدي من أهل البيت ( ع ) لا يرتاب في ذلك إلّا معتوه . أجوبة مسائل جار اللّه : 34 .

قال السيد أبو القاسم الخوئي ( ت 1414 ) : إنّ حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال ، لا يقول به إلّا من ضعف عقله . البيان : 295 .

قال السيّد الخميني ( ت 1409 ) : إنّ الواقف علي عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه ، قراءة وكتابة ، يقف علي بطلان تلك المزعمة ( التحريف ) وأنّه لا ينبغي أن يركن إليها ذو مسكة . تهذيب الأصول : 2 / 165 .

راجع آراء علماء الشيعة كالمحقّق الأردبيلي ( ت 993 ) في مجمع الفائدة والبرهان : 2 / 218 ) والفيض الكاشاني ( ت 1091 ) ، في تفسير الصافي : 1 / 33 والشيخ جعفر كاشف الغطاء ( ت 1228 ) في كشف الغطاء : 298 كتاب الصلاة ، كتاب القرآن والشيخ البهائي ( ت 1031 ) في آلاء الرحمن : 1 / 26 .

وهكذا راجع : رأي السيد البروجردي الطباطبائي ، والسيد محسن الحكيم الطباطبائي ، والسيد محمد هادي الميلاني ، والسيد محمد رضا الكلبايكاني ، والسيد محمد حسين الطباطبائي والشيخ لطف اللّه الصافي و . . . في كتاب « صيانة القرآن من التحريف » لمحمد هادي معرفة ، و « التحقيق في نفي التحريف » للسيد علي الميلاني .

الروايات الدالّة علي التحريف ضعاف

قال السيّد الخوئي : [لو قيل : ] إنّ الروايات المتواترة عن أهل البيت ( ع ) قد دلّت علي تحريف القرآن فلا بدّ من القول به .

والجواب : أنّ هذه الروايات لا دلالة فيها علي وقوع التحريف في القرآن بالمعني المتنازع فيه .
وتوضيح ذلك : أنّ كثيراً من الروايات ، وإن كانت ضعيفة السند ، فإنّ جملة منها نقلت من كتاب أحمد بن محمد السياري ، الذي اتّفق علماء الرجال علي فساد مذهبه ، وأنّه يقول بالتناسخ ، ومن علي بن أحمد الكوفي الذي ذكر علماء الرجال أنّه كذّاب ، وأنّه فاسد المذهب ، إلّا أنّ كثرة الروايات تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين ( ع ) ولا أقل من الإطمئنان بذلك ، وفيها ما روي بطريق معتبر فلا حاجة بنا إلي التكلّم في سند كلّ رواية بخصوصها .

إلي أن قال : وحاصل ما تقدّم أنّ وجود الزيادات في مصحف علي ( ع ) وإن كان صحيحاً ، إلّا أنّ هذه الزيادات ليست من القرآن ، وممّا أمر رسول الله ( ص ) بتبليغه إلي الأمّة ، فإنّ الالتزام بزيادة مصحفه بهذا النوع من الزيادة قول بلا دليل ، مضافاً إلي أنّه باطل قطعاً . ويدلّ علي بطلانه جميع ما تقدّم من الأدلّة القاطعة علي عدم التحريف في القرآن . البيان في تفسير القرآن : 225 .

قال العلّامة البلاغي : إنّ القسم الوافر من الروايات ترجع أسانيده إلي بضعة أنفار وقد وصف علماء الرجال كلاًّ منهم بأنّه :

1 - إمّا ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، مجفوّ الرواية .

2 - وإمّا أنّه مضطرب الحديث والمذهب يعرف حديثه وينكر ، ويروي عن الضعفاء .

3 - وإمّا بأنّه كذّاب متّهم لا أستحلّ أن أروي من تفسيره حديثاً واحداً ، وأنّه معروف بالوقف ، وأشدّ الناس عداوة للرضا ( ع ) .

4 - وإمّا بأنّه كان غالياً كذّاباً .

5 - وإمّا بأنّه ضعيف لا يلتفت إليه ، ولا يعوّل عليه ومن الكذّابين .

6 - وإمّا بأنّه فاسد الرواية يرمي بالغلوّ .

ومن الواضح أنّ أمثال هؤلاء لا تجدي كثرتهم شيئاً ، هذه حال المسانيد ، وأمّا أكثر المراسيل ، فمأخوذة من تلك المسانيد . آلاء الرحمن : 26 .

نظرة إلي كتاب فصل الخطاب

إنّ كثيراً من المخالفين استندوا في إتّهام الشيعة بالتحريف إلي كتاب فصل الخطاب للمحدّث النوري ، فلابدّ من البحث فيه تارة ممّا تصد من تأليفه هذا ، وأخري من مخالفة علماء الشيعة إيّاه وردّهم علي هذا الكتاب .

قال المحقّق الطهراني ، تلميذ المحدث النوري : « أثبت فيه عدم التحريف بالزيادة والتغيير والتبديل وغيرها ، ممّا تحقّق ووقع في غير القرآن ، ولو بكلمة واحدة ، لا نعلم مكانها ، واختار في خصوص ما عدي آيات الأحكام وقوع تنقيص عن الجامعين ، بحيث لا نعلم عين المنقوص المذخور عند أهله ؛ بل يعلم إجمالاً من الأخبار التي ذكرها في الكتاب مفصلاً ، ثبوت النقص فقط » .

وردّ عليه الشيخ محمود الطهراني الشهير بالمعرب ، برسالة سمّاها « كشف الارتياب عن تحريف الكتاب » فلمّا بلغ ذلك ، الشيخ النوري كتب رسالة فارسيّة مفردة في الجواب عن شبهات « كشف الارتياب » . . . فكان شيخنا يقول : لا أرضي عمّن يطالع « فصل الخطاب » ويترك النظر إلي تلك الرسالة .
ذكر في أوّل الرسالة الجوابيّة ، ما معناه : أنّ الاعتراض مبنيّ علي المغالطة في لفظ التحريف ، فإنّه ليس مرادي من التحريف ، التغيير والتبديل ؛ بل خصوص الإسقاط لبعض المنزل المحفوظ عند أهله ، وليس مرادي من الكتاب ، القرآن الموجود بين الدفّتين ، فإنّه باق علي الحالة التي وضع بين الدفّتين في عصر عثمان ، لم يلحقه زيادة ولا نقصان ؛ بل المراد الكتاب الإلهي المنزل .
وسمعت عنه شفاهاً يقول : إنّي أثبتّ في هذا الكتاب إنّ هذا الموجود المجموع بين الدفّتين كذلك باق علي ما كان عليه في أوّل جمعه كذلك في عصر عثمان ، ولم يطرء عليه تغيير وتبديل ، كما وقع علي سائر الكتب السماويّة ، فكان حريّاً بأن يسمّي « فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب » فتسميته بهذا الإسم الذي يحمله الناس علي خلاف مرادي ، خطأ في التسمية ، لكنّي لم أرد ما يحملوه عليه ، بل مرادي إسقاط بعض الوحي المنزل الإلهي ، وإن شئت قلت : إسمه « القول الفاصل في إسقاط بعض الوحي النازل » . الذريعة ج 16 ص 231 .

ويقول العلّامة السيّد هبة الدين الشهرستاني في رسالة بعثها تقريظاً علي رسالة البرهان التي كتبها الميرزا مهدي البروجردي بقم المقدسة 1372 :

منذ الصغر أيّام مكوثي في سامراء مسقط رأسي ، حيث تمركز العلم والدين تحت لواء الإمام الشيرازي الكبير ، فكنت أراها تموج ثائرة علي نزيلها المحدّث النوري بشأن تأليفه كتاب « فصل الخطاب » فلاندخل مجلساً في الحوزة العلميّة إلّا ونسمع الضجّة والعجّة ضدّ الكتاب ومؤلّفه وناشره يسلقونه بألسنة حداد . البرهان : 143 .

وقد كتب أرباب العلم في الردّ عليه ونقض كتابه بأقسي كلمات ، وأعنف تعابير ، وممّن كتب في الردّ عليه من معاصريه : الفقيه المحقّق الشيخ محمود بن أبي القاسم الشهير بالمعرّب الطهراني ( المتوفي 1313 ) كتاباً سمّاه « كشف الإرتباب في عدم تحريف الكتاب » بحيث ألجأ المحدّث النوري إلي أن تراجع عن رأيه بعض الشي ء وتأثّر كثيراً بهذا الكتاب.

وكتب في الردّ عليه معاصره : العلّامة الشهرستاني في رسالة سمّاها « حفظ الكتاب الشريف عن شبهة القول بالتحريف » .

وهكذا كتب في الردّ عليه كلّ من كتب في شؤون القرآن ، أو في التفسير كالحجّة البلاغي ( 1352 ) في مقدّمة تفسيره « آلاء الرحمن » قال تشنيعاً عليه : وإنّ صاحب فصل الخطاب من المحدّثين المكثرين في التتبّع للشواذّ وإنّه ليعدّ هذا المنقول من « دبستان المذاهب » ضالّته المنشودة مع اعترافه بأنّه لم يجد لهذا المنقول أثراً في كتب الشيعة . آلاء الرحمن : 1 / 25 .

وقد كتب صاحب الذريعة رسالة حاول فيها تأويل ما عرف عن شيخه المحدّث النوري من القول بتحريف الكتاب ، وقدّمه للشيخ محمد الحسين آل كاشف ، يطلب رأيه في الكتاب فقرّظه الشيخ ، ورجّح فيه عدم نشره ، ومن ثمّ لم يطبعها امتثالاً لأمره . راجع الذريعة : 24 / 278 .

التحريف عند علماء اهل السنّة

ذكر أكثر علماء أهل السنّة : أنّ بعض القرآن قد نسخت تلاوته ، وحملوا علي ذلك ما ورد في الروايات أنّه كان قرآناً علي عهد رسول اللّه ( ع ) فنذكر جملة من هذه الروايات ، ليتبيّن أنّ الالتزام بصحّة هذه الروايات ، الإلتزام بوقوع التحريف في القرآن .

وقد صرّح عدّة علماء أهل السنة بوقوع التحريف في القرآن كالسجستاني حيث صنّف - كتاب « المصاحف » وقد ألّف أحد علماء الأزهر كتاباً باسم « الفرقان في تحريف القرآن » وقد طبع وانتشر ولديّ نسخة منه ، والمحقّقون من علماء السنّة والشيعة لا يقيمون لهذه الكتب وزناً ولا قيمة . رسائل ومقالات للشيخ جعفر السبحاني : 402 .

قال الشعراني : ولولا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبيّنت جميع ما سقط من مصحف عثمان . الكبريت الأحمر علي هامش اليواقيت والجواهر : 143 .

قال الآلوسي بعد نقل الأخبار التي تدلّ علي التحريف : والروايات في هذا الباب أكثر من أن تحصي . روح المعاني : 1 / 24 .

وقال فخر الدين الرازي في تفسيره : نقل في الكتب القديمة أنّ ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة من القرآن ، وكان ينكر كون المعوذّتين من القرآن . التفسير الكبير : 1 / 169 .

ونقل السيوطي عن ابن عباس وابن مسعود أنّه كان يحكّ المعوذّتين من المصحف ، ويقول : لا تخلطوا القرآن بما ليس منه ، إنّهما ليستا من كتاب اللّه ، إنّما أمر النبي صلي اللّه عليه وآله أن يتعوّذ بهما ، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما . الدر المنثور : 6 / 416 .

روايات أهل السنّة الدالّة علي التحريف

قد روي عن عمر أنّه قال : لا يقولنّ أحدكم قد أخذت القرآن كلّه ، وما يدريه ما كلّه ؟ قد ذهبت منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر . الإتقان : 2 / 40 .

وعنه أيضاً كنّا نقرأ : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » فيما فقدنا من كتاب اللّه . الدر المنثور : 1 / 106 .

وعن عمر بن الخطاب أيضاً : إنّ اللّه بعث محمد ( ص ) بالحقّ ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان ممّا أنزل اللّه : آية الرجم ، فقرأناها ، وعقلناها ، ووعيناها ، فلذا رجم رسول اللّه ( ص ) ورجمنا بعده فأخشي إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : واللّه مانجد آية الرجم في كتاب اللّه فيضلّوا بترك فريضة أنزلها اللّه . . . ثمّ إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب اللّه : « أن لاترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم » . صحيح البخاري : 8 / 26 ، كتاب الفرائض باب من أصاب ذنباً دون الحدّ .

لم تقبل عن عمر آية الرجم

وقال السيوطي أيضاً : أخرج ابن أشته في المصاحف عن الليث بن سعد . قال : أوّل من جمع القرآن أبو بكر ، وكتبه زيد . وإن عمر أتي بآية الرجم فلم يكتبها ، لأنّه كان وحده . الاتقان : 1 / 101 ، وعون المعبود : 10 / 20 .

عمر يخاف أن يزيد آية الرجم

عن سعيد بن المسيّب عن عمر قال : رجم رسول اللّه ، ورجم أبو بكر ورجمت ولو لا أنّي أكره أن أزيد في كتاب اللّه لكتبته في المصحف ، فإنّي قد خشيت أن تجي أقوام لا يجدونه في كتاب اللّه فيكفرون به . رواه الترمذي وقال حسن صحيح . الاتقان : 1 / 101 ، وعون المعبود : 10 / 20 . صحيح الترمذي كتاب الحدود : 2 / 443 ح 1457 باب ما جاء في تحقيق الرجم ، كنز العمال : 5 / 430 رقم 13515 عن ( ت ق ) وقال ( ت ) حسن صحيح وروي عنه من غير وجه عن عمر .

وفيما رواه الشافعي ، قال عمر : والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب اللّه لكتبتها « الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة » فإنّا قد قرأناها . اختلاف الحديث للإمام الشافعي ص 533 .

ذهاب ثلثي القرآن علي رأي الخليفة

قال السيوطي : وأخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعاً : القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف . الإتقان : 1 / 121 ، مجمع الزوائد : 7 / 163 ، الدر المنثور : 6 / 422 ، المعجم الأوسط : 6 / 361 .

مع أنّ القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، كمإ؛!! قال القرطبي : وأمّا عدد حروفه وأجزائه فروي سلام أبو محمد الحماني ، أنّ الحجّاج بن يوسف جمع القُرّاء والحُفّاظ والكُتّاب ، فقال : أخبروني عن القرآن كلّه كم من حرف هو ؟ .

قال : وكنت فيهم ، فحسبنا فأجمعنا علي أنّ القرآن ثلثمائة ألف حرف وأربعون ألف حرف وسبعمائة حرف وأربعون حرفاً ، ( 740 / 340 ) . . . . تفسير القرطبي : 1 / 64 ، وتفسير ابن كثير : 1 / 8 .

ذهاب 200 آية من الأحزاب علي رأي الخليفة وعائشة

روي السيوطي عن حذيفة قال : قال لي عمر بن الخطاب : كم تعدّون سورة الأحزاب ؟ قلت ثنتين أو ثلاثاً وسبعين ، قال : إن كانت لتقارب سورة البقرة ، وإن كان فيها لآية الرجم . الدر المنثور : 5 / 180 ، كنز العمال : 2 / 480 ح 4550 ، عن مسند عمر بن الخطّاب .

وروي السيوطي أيضاً عن عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلي الله عليه وآله وسلم مئتي آية ، فلمّا كتب عثمان المصاحف ، لم يقدر منها إلّا ما هو الآن الدر المنثور : 5 / 180 ، نشر : دار المعرفة - بيروت . ( 6 / 650 ، ط . دار الفكر ، بيروت ، 1993 ) ، الاتقان : 2 / 40

. .

روي الحاكم عن أبيّ بن كعب ، ثمّ قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه المستدرك : 2 / 415 ، 4 / 359 روي ابن الجوزي عن مجاهد . نواسخ القرآن : 34 . وروي السيوطي عن عكرمة . الدر المنثور ج 5 ص 180 .

وبما أنّ سورة البقرة 286 آية ، فيكون الناقص من سورة الأحزاب حسب هذه الرواية أكثر من 200 آية !!

ذهاب سورة علي رأي أبي موسي الأشعري

وعن أبي موسي الأشعري : إنّا كنّا نقرأ سورة كنّا نشبهها في الطول والشدّة بالبراءة فأنسيتها ، غير أنّي قد حفظت منها : « لو كان لابن آدم واديان من المال لابتغي وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا تراب » صحيح المسلم : 3 / 100 .

روي الهيثمي عن أبي موسي الأشعري قال : نزلت سورة نحواً من براءة فرفعت ، فحفظت منها : « إنّ اللّه ليؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم » . . . رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد وفيه ضعف ، ويحسن حديثه لهذه الشواهد . مجمع الزوائد : 5 / 302 .

ذهاب سورتي عن مصحف ابن عباس

وقد نقل بطرق عديدة عن ثبوت سورتي الخلع والحفد في مصحف ابن عباس وأبيّ بن كعب : « اللّهمّ إنّا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ، اللّهمّ إيّاك نعبد ولك نصلّي ونسجد وإليك نسعي ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشي عذابك إنّ عذابك بالكافرين ملحق » . الإتقان : 1 / 122 و213 .

سقوط آيات من القرآن لقتل حفّاظه

عن ابن شهاب ، قال : بلغنا أنّه كان أنزل قرآن كثير ، فقتل علماؤه يوم اليمامة ، الذين كانوا قد وعوه ، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب . كنز العمال : 2 / 584 رقم 4778 .

ضاع من سورة البرائة أكثرها

روي الحاكم عن حذيفة ، رضي اللّه عنه ، قال : ما تقرؤون ربعها ، يعني براءة ، وإنّكم تسمّونها سورة التوبة ، وهي سورة العذاب . هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . المستدرك : 2 / 330 .

أسطورة نسخ تلاوة القرآن

قد أجاب كثير من علماء أهل السنّة بأنّ المراد من هذه الآيات هي الآيات التي نسخت تلاوته دون حكمه ، كما يقول الآلوسي : أسقط زمن الصديق ما لم يتواتر وما نسخت تلاوته ، وكان يقرؤه من لم يبلغه النسخ . روح المعاني : 1 / 24 .

يردّه امور :

1 - إنّ القول بالنسخ مضافاً إلي أنّه قول بلادليل فهو عين التحريف ، كما قال السيّد الخوئي : غير خفيّ أنّ القول بنسخ التلاوة بعينه القول بالتحريف والإسقاط . لأنّ نسخ التلاوة هذا ، إمّا أن يكون قد وقع من رسول اللّه ( ص ) وإمّا أن يكون ممّن تصدّي للزعامة من بعده ، فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول اللّه ( ص ) ، فهو أمر يحتاج إلي الإثبات . وقد اتّفق العلماء أجمع ، علي عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد ، وقد صرّح بذلك جماعة في كتب الأصول وغيرها الموافقات لابي اسحاق الشاطبي ج 3 ص 106 . ؛ بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه ، وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة ، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدي الروايتين عنه ، بل إنّ جماعة ممّن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنة المتواترة ، منع وقوعه الإحكام في اصول الأحكام للامدي ج 3 ص 217 . .

وإن أرادوا أنّ النسخ قد وقع من الذين تصدّوا للزعامة بعد النبي ( ص ) فهو عين القول بالتحريف . وعلي ذلك ، فيمكن أن يُدّعي أنّ القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنّة ، لأنّهم يقولون بجواز نسخ التلاوة ، سواء أنسخ الحكم ، أم لم ينسخ البيان : 206 . .

2 - ينافي الروايات التي تدلّ علي قراءة الصحابة هذه الآيات بعد وفاة النبي ( ع ) ، كما في رواية عائشة في آية الرضاع : « فتوفّي رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلّم ، وهنّ مّما تقرأ من القرآن » . صحيح مسلم : 4 / 168 كتاب الرضاع باب التحريم بخمس رضعات ، الأمّ : 7 / 236 ، الموطّأ : 2 / 608 .

وهكذا قولها : « كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلي اللّه عليه وسلم مأتي آية ، فلمّا كتب عثمان المصاحف لم يقدرمنها إلّا علي ماهو الآن » . الدر المنثور : 5 / 180 ( ط . دار الفكر - بيروت - 1993 ) .

وهكذا ما مرّ عن عمر ، أنّه قال : « لا يقولنّ أحدكم قد اخذت القرآن كلّه وما يدريه ما كلّه ؟ قد ذهبت منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر » . الاتقان : 2 / 40 ، الدر المنثور : 1 / 106 .

وروت حميدة بنت أبي يونس . قالت : قرأ عليّ أبي وهو ابن ثمانين سنة ، في مصحف عائشة : « إنّ اللّه وملائكته يصلّون علي النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً ، وعلي الذين يصلّون الصفوف الأوّل » . قالت : قبل أن يغيّر عثمان المصاحف . الإتقان : 2 / 40 - 41 .

وذكر السيوطي : أخرج ابن أشته في المصاحف عن الليث بن سعد . قال : أوّل من جمع القرآن أبو بكر ، وكتبه زيد ، وإنّ عمر أتي بآية الرجم فلم يكتبها ؛ لأنّه كان وحده . الإتقان : 1 / 101 .

وروي ابن أبي داود وابن الأنباري عن ابن شهاب ، قال : بلغنا أنّه كان أنزل قرآن كثير ، فقتل علماؤه يوم اليمامة ، الذين كانوا قد وعوه ، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب . كنز العمال : 2 / 584 رقم 4778 .

3 - انكار جمع من العلماء قضيّة نسخ التلاوة كما قال الشوكاني : منع قوم من نسخ اللفظ مع بقاء حكمه ، وبه جزم شمس الدين السرخسي ، لأنّ الحكم لا يثبت بدون دليله . إرشاد الفحول : 189 ، أصول السرخسي : 2 / 78 .

وحكي الزرقاني عن جماعة في منسوخ التلاوة دون الحكم : إنّه مستحيل عقلاً ، وعن آخرين منع وقوعه شرعاً . مناهل العرفان : 2 / 112 .

ولم يصحّح الرافعي القول بنسخ التلاوة وأبطل كل ما حمل علي ذلك . وهكذا أنكر ذلك : رشيد رضا ، صبحي الصالح ومصطفي زيد . راجع : المنار : 1 / 413 ، إعجاز القرآن : 44 ، النسخ في القرآن الكريم : 1 / 283 ، مجلة تراثنا ج 13 ص 139 ، سلامة القرآن من التحريف : 213 .

 



الكلمة الدليلية: الشيعة, تحريف القرآن,
Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین
الاکثر مناقشة
الاکثر مشاهدة