2024 March 28 - 18 رمضان 1445
هل الشيعة هم قتلة الامام الحسين عليه السلام؟!!
رقم المطلب: ٤١٢٢ تاریخ النشر: ٠٢ محرم ١٤٤٤ - ١٢:٢٧ عدد المشاهدة: 7745
الأسئلة و الأجوبة » عقائد الشیعة
هل الشيعة هم قتلة الامام الحسين عليه السلام؟!!

توضيح السؤال:

مع وجود تمام النصوص و العبارات الصريحة التي هي مذكورة في النصوص التاريخية و هي اظهر من الشمس في من هو قاتل الامام الحسين عليه السّلام؛ لكن مع هذا بعض الشخصيات في المواقع التي تختص بهم و كذلك في كتبهم في صدد تضليل الناس و تسممهم و اعتبر هذه الكلمة من الامام الحسين عليه السلام في كتاب الارشاد للشيخ المفيد رحمه الله عليه التي القاها خطابا لشيعته فمن هذا المنطلق يعرّفهم بأنهم هم القتلة الحقيقيين للإمام. فمن اللازم  التوضيح حول هذا الموضوع.

و لو ان جواب هذا السؤال مبين و واضح؛ لكن بما ان لهذا الموضوع اهمية خاصة الذي طرح من قبل كثير من اتباع بني امية و الوهابية و اثارَته، فلندرسه في فصل علي حده.

اتباع بني امية، سواء في ذلك الزمان و القرن الذي بعده و حتي في العصر الحاضر، سعوا ان يبينوا حركة الإمام نوع من التمرد، العصيان،اثارة الفتنة، تفريق بين الامة و التمرد عن الخلافة و في قتله الحق مع يزيد انه قتل متمرد خرج ضد الخلافة المركزية. في هذا الشأن، يستندون باحاديث عن رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم مضمونها ان قتل الذي يشق عصا الامة واجب و يقولون: «ان يزيد قتل الحسين بسيف جده» 

أو بالاستناد الي بعض كتب علماء الشيعة و التأويلات الناقصة و غير الصحيحة التي تعرّف الناس في الكوفة من شيعة اميرالمؤمنين و الامام الحسين عليهما السّلام و هم الذين قتلوا الإمام عليه السلام.

علي سبيل المثال نشير الي موارد من اثارة الشبهة:

الامام الحسين عليه السّلام يخاطب من في لعنه؟

احمد الكاتب و بعض آخر من اتباعه يقولون: الامام الحسين عليه السّلام قال في لعنه علي شيعته هكذا:

اللهم إن مَتَّعْتَهم إلي حين فَفَرِّقْهم فِرَقاً، واجعلهم طرائق قِدَداً، ولا تُرْضِ الوُلاةَ عنهم أبداً، فإنهم دَعَوْنا لِينصرونا، ثم عَدَوا علينا فقتلونا.

الإرشاد، الشيخ المفيد، ج 2، ص 110. 

دولة ايران لابد ان تعتذر من اجل قتل [الامام] الحسين [عليه السلام ]:

فريق الذي تكلمنا عنه سعي بتمشي مع سياسة «تهرب الي الأمام» في عداوته و غله القديم مع اهل بيت العصمة و الطهارة بطرح بعض الادعاءات في تبرئته عن بعض الاتهامات. علي سبيل المثال التفتوا الي التقرير المذكور في الذيل:

«عدة من اهالي مصر الذين بحسب اتصال نسبهم الي ائمة الشيعة، يحسبون انفسهم من «الاشراف»، كتبوا رسالة الي جريدة مصرية طلبوا اعتذار الشيعة و دولة ايران من اجل قتل الامام الحسين عليه السلام!

حسب تقرير «خيمة نيوز» هؤلاء الاشخاص كذلك طلبوا اموال «الخمس» و كذلك «الفيئ» ان تدفع اليهم. «الاشراف» يعتبرون انفسهم اولياء الدم و ذكروا في رسالتهم انهم حسب عنوان «الاشراف» (معادل السيد) يعتبرون ان مسئولية قتل الامام الحسين عليه السلام علي عاتق الشيعة.

مسئول هذا الفريق ذكر في رسالته هكذا: «بدلائل قطعية ثبت ان اجداد الشيعة في زماننا هذا الذين هم منتشرون في العراق و ايران هم الذين في الحرب مع ، [الامام] الحسين [عليه السلام] قتلوه، روايات الشيعة ايضا تصرح بهذه الجنايات عن الشيعة!»

كذلك هذا الشخص بذكر روايات من علماء الشيعة و نقلا عن الائمة في مذمة الكوفيين، فرض هذه المذمة خطابا الي الشيعة.

البتة الكاتب لهذا الموضوع بسرعة و في نفس الرسالة افشي هويته و هدفه و طلب من كل ذرية الامام الحسين عليه السلام ان يتحدوا في اخذ الانتقام من الشيعة اليهوديين.

رغم ان اهل السنة يعتبرون صحة وجوب الخمس في الغنائم الحربية فقط، هؤلاء الاشخاص طلبوا من الشيعة في قم و النجف و بقية البلاد ان يرجعوا اليهم الاموال التي حصلوا عليها عن طريق الخمس و كذلك بقية الاموال التي هي حسب الشرع تتعلق بالائمة.»

ـ 5 آبان 1387 ساعة 14:03

المصدر موقع خيمه نيوز 

قتل الامام الحسين عليه السلام بالسيف...

أو ابن العربي (قاضي ابوبكر محمد بن عبد اللَّه ابن العربي المالكي) المتوفي 543 هـ. ق. صاحب كتاب «العواصم من القواصم» (نرجوا الانتباه بأن لا يشتبه مع ابن العربي العارف الشهير الذي يذكر في النصوص الفارسية من دون الف و لام. و لو ان شخصيته و تفكراته تطلب النقد و المناقشة في محلها لكن عنده محبة بالنسبة لاهل البيت عليهم السلام.) هو الذي اشتهر في دفاعه عن بني امية و البغض و العداوة بالنسبة لاهل البيت، من اجل أن يطهر ساحة يزيد من قتل الامام الحسين عليه السلام يقول:

«انّ يزيد قتل الحسين بسيف جده»

المناوي، محمد بن عبد اللَّه، فيض القدير شرح الجامع الصغير، تحقيق احمد عبد السلام، ج: 1 ص: 265، دارالكتب العلمية، چاپ اول 1415ق، بيروت.همچنين ر. ك. خلاصة عبقات الانوار، مير سيد حامد حسين النقوي، تلخيص الميلاني، ج: 4 ص 237 و 238، مؤسسة البعثة قم 1406.

فكما قلنا: اشخاص كابن حجر الهيثمي و محمد كرد علي و تقي الدين ابن الصلاح و الغزالي، و ابن العربي و ابن تيمية و غيره الذين هم من كبار و ائمة هؤلاء، ذكروا بعبارات اخري القاء هذه الشبهات.

راجع: الفتاوي الحديثية، ص193. و ايضا راجع: رسالة ابن تيمية: السؤال هنا في يزيد بن معاوية ص 14 و 15 و 17، و كتاب العواصم من القواصم من ابن العربي ص 232 و233 و إحياء علوم الدين من الغزالي، ج 3، ص 125 و الاتحاف بحب الأشراف، ص67 و 68 و الصواعق المحرقة، ابن حجر، ص 221 و خطط الشام، ج 1، ص 145 و قيد الشريد، ص 57 و 59. 

المخالفة مع يزيد ... !!!

محمد الخضري يقول هكذا:

الحسين أخطأ خطأ عظيماً في خروجه هذا الذي جر علي الأمة وبال الفرقة، وزعزع ألفتها إلي يومنا هذا...

محاضرات في تاريخ الأمم الإسلامية، ج 2، ص 129.

محمد أبو اليسر عابدين، مفتي الشام يقول هكذا:

بيعة يزيد شرعية، ومن خرج عليه كان باغياً.

اغاليط المؤرخين، ص 120.

مفتي الاعظم في السعودية عبدالعزيز آل الشيخ يقول في موضع آخر هكذا:

خلافة يزيد شرعية و خروج الحسين باطل. 

 

رابط المقطع في موقع يوتيوب: 

http://www.youtube.com/watch?v=AhWUEHMrGdk&feature=related 

يزيد مجتهد و امام !!!

ابو الخير الشافعي القزويني، يصف يزيد في عمله هكذا: «إماماً مجتهداً»  

تراجم رجال القرنين السادس والسابع، ص 6.

بل البعض يدعي ان يزيد من الصحابة، و من الخلفاء الراشدين المهديين أو من الأنبياء.

ر. ك. منهاج السنة، ابن تيمية، ج 4، ص 549 و ما بعدها.

الجواب:

في الجواب عن مثل هؤلاء الاشخاص نقول هكذا:

الف: عدم مشروعية خلافة يزيد بشهادة جمع كثير من الصحابة

عندما الامام الحسين عليه السلام الذي هو من افضل و اكبر صحابة رسول الله صلي الله

عليه و آله و بقية الصحابة الحاضرين في عهد يزيد الذين هم أهل الحل و العقد للامة، ردوا امارة يزيد بالاتفاق و يعرّفونه بأنه شخص فاسق، فاجر شارب الخمور و... ، (ذكرنا العبارات التاريخية في بداية هذا التحقيق) من هذا المنطلق لا يبقي اي تبرير للسلطة و الخلافة اللا مشروعة ليزيد حتي يدعي ان الامام الحسين عليه السّلام هو المتمرد و الخارج عليه.

بهذا التفصيل اصل المشروعية لخلافة يزيد تقع تحت السؤال و يتبين بطلان قول الاشخاص الذين يعتبرون الامام الحسين عليه السلام هو الخارج علي يزيد.

ب ـ صدور الامر من يزيد علي قتل الامام الحسين عليه السلام

في تبيين ان القاتل هو يزيد بالنسبة للامام الحسين عليه السّلام ليس من اللازم ان يقتل الامام هو مباشرة؛ بل عندما كل الحكام و القوائد الذين تحت سيطرته يعملون بأمره و هم يتبعون اوامره اتباعا محضا و ينتسب فوزهم و انهزامهم الي يزيد لم يبق أي تبرير لبراءة يزيد في هذه العملية. بتعبير آخر: يزيد بن معاوية هو قاتل الامام الحسين عليه السلام لكن بسيف ابن زياد، و شمر و عمر بن سعد.

في هذا المجال يمكن الاشارة الي طائفة من هذه الروايات هنا:

الذهبي يقول:

خرج الحسين إلي الكوفة، فكتب يزيد إلي واليه بالعراق عبيد الله بن زياد: إن حسينا صائر إلي الكوفة، و قد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، و بلدك من بين البلدان، و أنت من بين العمال، و عندها تعتق أو تعود عبدا. فقتله ابن زياد وبعث برأسه إليه. 

و ايضا السيوطي يقول:

فكتب يزيد إلي واليه بالعراق، عبيد الله بن زياد بقتاله.

تاريخ الخلفاء، ص 193، طبع دار الفكر سنة 1394 هـ. بيروت.

ابن زياد يقول لمسافر بن شريح اليشكري هكذا:

أما قتلي الحسين، فإنه أشار علي يزيد بقتله أو قتلي، فاخترت قتله.

الكامل في التاريخ، ج 3، ص 324.

ابن زياد في رسالة الي الامام الحسين عليه السلام يقول:

قد بلغني نزولك كربلاء، وقد كتب إلي أمير المؤمنين يزيد: أن لا أتوسد الوثير، ولا أشبع من الخمير، أو ألحقك باللطيف الخبير، أو تنزل علي حكمي، وحكم يزيد، والسلام.

بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 44، ص 383 ـ مقتل العوالم، ص 243 ـ الفتوح، ابن أعثم، ج 3 و ج 5، ص 85.

اليعقوبي يقول: يزيد في رسالة لابن زياد يقول:

قد بلغني: أن أهل الكوفة قد كتبوا إلي الحسين في القدوم عليهم، وأنه قد خرج من مكة متوجهاً نحوهم، وقد بلي به بلدك من بين البلدان، وأيامك من بين الأيام، فإن قتلته، وإلا رجعت إلي نسبك وأبيك عبيد، فاحذر أن يفوت.

تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 242، طبع صادر. كتاب الفتوح.

ذكر في موضع آخر هكذا:

إن يزيد قد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر علي الحاج، وولاه أمر الموسم، وأوصاه بالفتك بالإمام الحسين عليه السلام، أينما وجد.

المنتخب، الطريحي، ج 3، ص 304، الليلة العاشرة.

في بعض آخر من التواريخ ذكر ان يزيد كتب الي وليد بن عتبة هكذا:

خذ الحسين وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمان بن أبي بكر، وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً، ومن أبي فاضرب عنقه، وابعث إلي برأسه.

مقتل الحسين للخوارزمي، ج 1، ص 178 و 180 ـ مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 88 طبعة مكتبة المصطفوي ـ قم ـ إيران ـ الفتوح، ابن أعثم، ج 5، ص 10.

و علي اساس تقرير اليعقوبي:

إذا أتاك كتابي، فاحضر الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، فخذهما بالبيعة، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما، وابعث إليّ برأسيهما، وخذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فانفذ فيه الحكم وفي الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير والسلام.

تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 241.

كتب يزيد الي عامله في المدينة هكذا:

وعجل علي بجوابه، وبين لي في كتابك كل من في طاعتي، أو خرج عنها، وليكن مع الجواب رأس الحسين بنعلي.

ألامالي، الشيخ الصدوق، ص 134 و 135 چاپ سال 1389 نجف أشرف عراق ـ بحار الانوار، ج 44، ص 312.

ذكر في عبارة اخري ان وليد بن عتبة اخبر يزيد بما وقع بينه و بين الامام الحسين عليه السلام و ابن زبير فغضب يزيد و كتب اليه هكذا:

إذا ورد عليك كتابي هذا، فخذ بالبيعة ثانياً علي أهل المدينة بتوكيد منك عليهم، و ذر عبد الله بن الزبير، فإنه لن يفوتنا، ولن ينجو منا أبداً ما دام حياً، و ليكن مع جوابك إلي، رأس الحسين بن علي، فإن فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنة الخيل، ولك عندي الجائزة والحظ الأوفر الخ.

الفتوح، ابن أعثم، ج 3، جزء 5، ص 18.

ابن عساكر يقول:

بلغ يزيد خروجه، فكتب إلي عبيد الله بن زياد، وهو عامله علي العراق، يأمره بمحاربته، وحمله إليه إن ظفر به.

تاريخ دمشق، ج 14، ص 213 ـ و في حاشيه بغية الطالب، ج 6، رقم 2614.تاريخ دمشق، ج 14، ص 213 ـ و في حاشيه بغية الطالب، ج 6، رقم 2614.

و عشرات و مئات النصوص و الاسانيد الاخر التي ذكرنا بعضها في بداية هذا التحقيق؛ و التي كل واحدة منها تستطيع ان تكون احسن شاهد و مؤيد لاثبات ان يزيد هو القاتل.

الحال سؤالنا هنا انه هل صدر الامر بالمحاربة و القتال و الحرب و القتل و البعث براس الامام الحسين عليه السّلام عن شخص غير يزيد؟!

و من جانب آخر، علي فرض صحة هذه الدعوي ان يزيد لم يامر بقتل الامام الحسين عليه السّلام، من اللازم انه كما ذكر في النصوص آنفا ان يزيد هو الذي امر بقتل الإمام فلابد ان يذكروا  خلافه ايضا أو بعد هذه الواقعة ـ علي الأقل ـ يصدر توبيخا و عقابا و جزاء لعامليه في هذه الواقعة كابن زياد و عمر بن سعد و شمر بن ذي الجوشن و غيره ـ لعنهم الله ـ و لمن شارك في هذا الامر.

و لو لم يكن يزيد قاتلا أو لم يرض بهذا العمل من اللازم علي الاقل ان ينهي عن عمل السفيانيه لأهل دمشق الذين استقبلوا من الاساري في قافلة كربلاء بالدف و الطبل و الطنبور و الفرحة و الرقص او يمنعهم!

الجواب عن دعوي لعنة الامام الحسين عليه السلام

مع الالتفات الي الاشكال الذي يرد البعض علي الشيعة في هذه الايام بشكل واسع و يحسبونه تصريحا للامام الحسين عليه السلام بان الشيعة هم القتلة في واقعة كربلاء فلنجيب عن هذا الإشكال بشكل مفصل في هذا المجال هكذا:

من هم الشيعة؟

القول بهذا الموضوع ان الشيعة، قتلوا الامام الحسين عليه السلام فيه تناقض و تضاد واضح. لأن الشيعة يقال لمن هو تابع و من انصار و اتباع و ايضا محب لشخص، لكن قولها للقاتل و المعادي الذي هو في صف و جيش المقابل، كلام واضح البطلان. الحال بهذا الوصف كيف يمكن الجمع بين المحبة و النصرة و الاتباع، و الحرب و العداوة؟! و لو كان المبني علي ان نسمي الاشخاص من جيش عمر سعد و عبيد الله بن زياد من الشيعة فما نسمي اصحاب الامام الذين هم الي آخر لحظات كانوا مع الامام و استقاموا معه و بذلوا انفسهم له و استشهدوا في هذا الطريق؟!!

و علي الفرض لو سلمنا و خضعنا لهذه الدعوي ان قتلة الامام الحسين عليه السلام من الشيعة، لابد ان نقول: هؤلاء من الشيعة الذين رجعوا عن تشيعهم و التحقوا بأعداء الإمام و في هذا الحال لايقال لمثل هذا الشخص انه شيعي، بل التعبير عنه بالعدو انسب.

يجدر بالذكر في هذا المجال كلام سيد محسن الامين في كتاب اعيان الشيعة:

حاش لله أن يكون الذين قتلوه هم شيعته، بل الذين قتلوه بعضهم أهل طمع لا يرجع إلي دين، وبعضهم أجلاف أشرار، وبعضهم اتبعوا روءساءهم الذين قادهم حب الدنيا إلي قتاله، ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد، أما شيعته المخلصون فكانوا له أنصاراً، وما برحوا حتي قتلوا دونه، ونصروه بكل ما في جهدهم، إلي آخر ساعة من حياتهم، وكثير منهم لم يتمكن من نصرته، أو لم يكن عالماً بأن الأمر سينتهي إلي ما انتهي إليه، وبعضهم خاطر بنفسه، وخرق الحصار الذي ضربه ابن زياد علي الكوفة، وجاء لنصرته حتي قتل معه، أما ان أحداً من شيعته ومحبيه قاتله فذلك لم يكن، وهل يعتقد أحد إن شيعته الخلص كانت لهم كثرة مفرطة؟ كلا، فما زال أتباع الحق في كل زمان أقل قليل، ويعلم ذلك بالعيان، وبقوله تعالي: «وقليل من عبادي الشكور».

أعيان الشيعة، ج 1، ص 585.

هوية الكوفيين في زمن الامام الحسين عليه السلام :

من الصحيح ان الطائفة الذين اجتمعوا في كربلاء لقتل الامام الحسين عليه السلام بعضهم من أهالي الكوفة، لكن لم يكن في الكوفة آنذاك من الشيعة من هو مشتهر بتشيعه. لأنه عندما معاوية وصل الي الحكومة اصدر زياد بن أبيه علي الكوفة و هو ايضا طارد كل شيعي يعرفه و كان يهدفهم بالقتل و الهدم و السلب أو يقيده و يسجنه الي انه لم يوجد في الكوفة، شخص يشتهر بالتشيع.

ففي الحقيقة حسبما ذكر في المصادر التاريخية، عدد الشيعة في الكوفة عدد قليل من سكانها الذين يصل عددهم 15000 شخص؛ كثير من هؤلاء هم الذين نفوهم في زمن معاوية أو سجنوا و عدد كثير منهم قد استشهدوا. كثير منهم من اجل المشاكل العديدة التجؤوا الي بلاد أخر مثل : الموصل، خراسان و قم ؛ عدد كثير منهم مثل: طائفة بني غاضرة ارادوا نصرة الإمام فمنعوهم جلاوزة عبيد الله بن زياد.

ابن أبي الحديد المعتزلي يقول :

كتب معاوية نسخة واحدة إلي عُمَّاله بعد عام المجُاعة: (أن برئت الذمّة ممن روي شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته). فقامت الخطباء في كل كُورة وعلي كل منبر يلعنون عليًّا ويبرأون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاءاً حينئذ أهل الكوفة لكثرة ما بها من شيعة علي عليه السلام، فاستعمل عليهم زياد بن سُميّة، وضم إليه البصرة، فكان يتتبّع الشيعة وهو بهم عارف، لأنه كان منهم أيام علي عليه السلام، فقتلهم تحت كل حَجَر ومَدَر و أخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسَمَل العيون وصلبهم علي جذوع النخل، و طردهم و شرّدهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.

شرح نهج البلاغة، ج11، ص 44 ـ النصايح الكافية، محمد بن عقيل، ص 72.

الطبراني في المعجم الكبير ينقل بسنده عن يونس بن عبيد عن الحسن هكذا:

كان زياد يتتبع شيعة علي رضي الله عنه فيقتلهم، فبلغ ذلك الحسن بن علي رضي الله عنه فقال: اللهم تفرَّد بموته، فإن القتل كفارة.

المعجم الكبير، الطبراني، ج 3، ص 68 ـ مجمع الزوائد، الهيثمي، ج 6، ص 266.

الهيثمي بعد نقل هذا الخبر يقول:

رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح.

كذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء يقول:

قال أبو الشعثاء: كان زياد أفتك من الحجاج لمن يخالف هواه.

حسن البصري يقول:

بلغ الحسن بن علي أن زياداً يتتبَّع شيعة علي بالبصرة فيقتلهم، فدعا عليه. وقيل: إنه جمع أهل الكوفة ليعرضهم علي البراءة من أبي الحسن، فأصابه حينئذ طاعون في سنة ثلاث وخمسين.

سير أعلام النبلاء، ج 3، ص496.

ابن أثير في الكامل يقول:

وكان زياد أول من شدد أمر السلطان، وأكّد الملك لمعاوية، وجرَّد سيفه، وأخذ بالظنة، وعاقب علي الشبهة، وخافه الناس خوفاً شديداً حتي أمن بعضهم بعضاً.

الكامل في التاريخ، ابن اثير، ج 3، ص450.

ابن حجر في لسان الميزان يقول:

وكان زياد قوي المعرفة، جيد السياسة، وافر العقل، وكان من شيعة علي، وولاَّه إمرة القدس، فلما استلحقه معاوية صار أشد الناس علي آل علي وشيعته، وهو الذي سعي في قتل حجر بن عدي ومن معه.

لسان الميزان، ابن حجر، ج 2، ص 495.

من مجموع المباحث السالفة تبين ان في زمن واقعة كربلاء لم يبق في الكوفة معروف منهم حتي يشارك في نصرة الامام الحسين عليه السلام، فكيف بدعوي ان شيعة الكوفة هم الذين قتلوا الامام الحسين عليه السلام ؟

و لايستطيع ناظر منصف ان يقول: هؤلاء الشيعة هم الذين كتبوا الرسائل للامام الحسين عليه السلام و دعوه، لأن اشهر الكتّاب للرسالة اشخاص مثل: شبث بن الربعي و حجار بن أبجر و عمرو بن الحجاج و غيرهم الذين لم يقل احد بتشيعهم.

تغيير هوية الكوفيين من زمن خلفاء الثلاثة:

نري كثير من الروايات و الكلمات التاريخية انها تدل بوضوح بأن هؤلاء من اتباع الخلفاء السابقين قبل امير المومنين علي عليه السلام من جملتهم يمكن الاشارة الي القضية المذكورة في الذيل التي ذكروها اكثر مولفي الكتب التاريخية: أن أمير المؤمنين عليه السلام لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماما يصلي بهم نافلة شهر رمضان، زجرهم وعرفهم أن ذلك خلاف السنة فتركوه و اجتمعوا لأنفسهم وقدموا بعضهم فبعث إليهم ابنه الحسن عليه السلام فدخل عليهم المسجد ومعه الدرة فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا «وا عمراه، وا عمراه» فقال اميرالمؤمنين عليه السلام: «قل لهم صلوا».

وقد روي : أن عمر خرج في شهر رمضان ليلا فرأي المصابيح في المسجد ، فقال : ما هذا ؟ فقيل له: إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوع ، فقال : بدعة فنعمت البدعة ! فاعترف كما تري بأنها بدعة، وقد شهد الرسول صلي الله عليه وآله أن كل بدعة ضلالة . وقد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماما يصلي بهم نافلة شهر رمضان ، زجرهم وعرفهم أن ذلك خلاف السنة فتركوه واجتمعوا لأنفسهم وقدموا بعضهم فبعث إليهم ابنه الحسن عليه السلام فدخل عليهم المسجد ومعه الدرة فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا وا عمراه !

شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد من علماء اهل السنة، ج 12، ص 283 ـ وسائل الشيعة (الإسلامية) المرحوم الحر العاملي من علماء الشيعة، ج 5، ص 192، ح 2.

انتشرت هذه القضية الي مدي ان الامام قال في ضمن خطبة مفصلة هكذا:

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسي، عن إبراهيم بن عثمان، عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثني عليه ثم صلي علي النبي صلي الله عليه وآله، ثم قال... قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلي الله عليه وآله متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده مغيرين لسنته ولو حملت الناس علي تركها وحولتها إلي مواضعها وإلي ما كانت في عهد رسول الله صلي الله عليه وآله لتفرق عني جندي حتي أبقي وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلي الله عليه وآله ... والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادي بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الاسلام غيرت سنة عمر ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلي النار.

الكافي، الشيخ الكليني، ج 8، ص 58، ح 21

كما ذكر في هذه الرواية الصحيحة، كان الإمام يعتبر شيعة الكوفة في زمانه في الاقلية!!!

الكوفة خالية من الشيعة:

اشهر الاشخاص في قائمة الذين قتلوا الامام الحسين عليه السلام هم هؤلاء:

عمر بن سعد بن أبي وقاص و شمر بن ذي الجوشن و شبث بن الربعي و حجار بن أبجر و حرملة بن كاهل و سنان و...

و ما بين هؤلاء لن تجد شخص واحد يشتهر بأنه شيعة أهل البيت عليهم السلام. و كل هؤلاء المذكورة اسمائهم سالفا لم يعرفوا بالتشيع و لا بالولاء و المحبة لاميرالمؤمنين عليه السّلام.

الكوفة مركز الحنفيين:

عندما نواجه في الكتب الاسلامية و الفقهية هذه الفقرة « هذا راي كوفي» يعني: هذا من آراء اتباع ابي حنيفة. هذا يبين لنا انه كم سنة بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام كانت الكوفة مركز الاحناف و هذا ينافي ما يقال بأن اكثر الناس في الماضي هم من الشيعة.

القتلة من شيعة آل ابي سفيان!

بعد الفحص و التتبع الكثير في الكلمات و الخطابات للامام الحسين عليه السلام في كربلاء و خُطبته في القوم الجاني و احتجاجات الإمام عليهم لم نواجه تعبيرا اصلا ان الامام يعتبرهم من شيعته أو مواليه أو شيعة ابيه امير المؤمنين عليه السّلام و الحال ينبغي ان لو يكن هكذا لخاطبهم الإمام هكذا و عن هذا الطريق يكثر احتمال التأثير في قلوبهم فيخاطبهم بهذا التعبير مثلا: انتم الذين من شيعة و محبي و اتباع ابي أو انا فلماذا تريدون الحرب معي؟ كما ان هذا الكلام لم يري في كلمات و تعابير غير الامام و لم يسمع ان يصف تلك الطائفة بهذا التعبير. و هذا نفسه دليل واضح علي هذا الموضوع ان هذا القوم لم يكونوا من شيعة اهل البيت عليهم السلام.

بل بالعكس في تعبير للأمام في آخر لحظاته خطابا للقوم الجاني يبين لنا موضوعا آخر.

الامام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء خاطبهم و عرفهم بهذا التعبير انهم شيعة آل أبي سفيان:

ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلي أحسابكم إن كنتم عُرُباً كما تزعمون.

مقتل الحسين، الخوارزمي، ج 2، ص 38 ـ بحار الأنوار، ج 45، ص 51 ـ اللهوف في قتلي الطفوف، ص 45.

التعابير المستعملة من قبل القتلة:

من التعابير المستعملة في يوم عاشوراء خطابا للامام الحسين عليه السلام يمكن ان نعرف بوضوح ان هؤلاء القوم، من أي قوم و واد؟ من شيعة الإمام أو اعدا عدوه؟!!

قتلة الإمام يخاطبون الإمام آنذاك و يقولون:

حربنا هذا و قتالنا معك بسبب العداوة مع ابيك علي بن ابي طالب.«إنما نقاتلك بغضاً لأبيك»  ينابيع المودة، القندوزي الحنفي، ص 346.

الحال بهذا التعبير يمكن القول بأن قتلة الإمام في يوم عاشوراء من شيعة امير المؤمنين و الامام الحسين عليهما السّلام؟؟؟

أو نري البعض الآخر انهم عبروا بهذا التعبير خطابا للامام الحسين عليه السلام:

يا حسين، يا كذّاب ابن الكذّاب.

الكامل، ابن أثير، ج 4، ص 67.

أو في موضع آخر قالوا خطابا للامام الحسين عليه السلام هذه الجملات:

يا حسين أبشر بالنار.

الكامل، ابن أثير، ج 4، ص66 ـ البداية والنهاية، ج 8، ص 183.

شخص آخر قال خطابا للامام الحسين عليه السلام و اصحابه هكذا:

إنها لا تُقْبَل منكم.

البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص 185.

و كثير من الجملات و العبارات الاخر التي تحكي عن الحقد و البغض و الغل مع أمير المؤمنين و الامام الحسين عليهما السلام و أهل البيت عليهم السلام.

الاعمال و الجنايات، تبين هوية القاتلين:

هذا القوم فضلا عن ان يكونوا من شيعة و موالي الامام الحسين عليه السلام، بل هم من اعدي عدوه، لأنهم حرموا الإمام و اهل بيته و حتي الطفل الرضيع من جرعة ماء و قتلوهم بتلك الحال و سحقوا اجساد الشهداء المطهرة بحوافر الخيول و فصلوا الرئوس عن الجساد و اخذوا النساء و الاطفال اساري و نهبوا اموالهم و عشرات الجنايات التي لم تتوقع من الد الخصام؛ فضلا عن ان تصدر هذه الاعمال من شيعي محب.

ابن أثير يقول في تاريخه هكذا:

ثم نادي عمر بن سعد في أصحابه مَن ينتدب إلي الحسين فيُوطئه فرسه، فانتدب عشرة، منهم إسحاق بن حيوة الحضرمي، وهو الذي سلب قميص الحسين، فبرص بعدُ، فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتي رضّوا ظهره وصدره.

الكامل، ابن أثير، ج 4، ص80.

هو يقول في موضع آخر هكذا:

وسُلِب الحسين ما كان عليه، فأخذ سراويله بحر بن كعب، وأخذ قيس بن الأشعث قطيفته، وهي من خز، فكان يُسمَّي بعدُ (قيس قطيفة)، وأخذ نعليه الأسود الأودي، وأخذ سيفه رجل من دارم، ومال الناس علي الورس والحلل فانتهبوها، ونهبوا ثقله وما علي النساء، حتي إن كانت المرأة لتنزع الثوب من ظهرها فيؤخذ منها.

الكامل، ابن أثير، ج 4، ص 79.

ابن كثير ينقل عن أبي مخنف هكذا:

وأخذ سنان وغيره سلبه، وتقاسم الناس ما كان من أمواله وحواصله، وما في خبائه حتي ما علي النساء من الثياب الطاهرة.

وجاء عمر بن سعد فقال: ألا لا يدخلن علي هذه النسوة أحد، ولا يقتل هذا الغلام أحد، ومن أخذ من متاعهم شيئاً فليردّه عليهم. قال: فوالله ما ردَّ أحد شيئاً.

البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص190.

الحال مع هذه الاعمال و المسالك التي لم تقع الا من شخص حقود و شقي و لئيم و اعدي الاعداء هل يمكن ان يقال: قتلة الإمام هم الشيعة؟!

اسماء الاشخاص تبين هوية القاتلين:

إذا لم يقبل أحد الأسباب المذكورة حتى الآن في عدم تشيع المتواجدين في كربلاء و أصر على أنهم من الشيعة، فماذا يقول عن القادة و الحكام الذين تسببوا هذه الواقعة و أسسوها ؟! و هل الذين تذكر أسماءهم في الذيل ايضا من الشيعة و محبي أمير المؤمنين (ع) و الإمام الحسين (ع)؟

اشخاص مثل:

يزيد بن معاوية ـ عبيد الله بن زياد ـ عمر بن سعد ـ شمر بن ذي الجوشن ـ قيس بن أشعث بن قيس ـ عمرو بن حجاج الزبيدي ـ عبد الله بن زهير الأزدي ـ عروة بن قيس الأحمسي ـ شبث بن ربعي اليربوعي ـ عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي ـ حصين بن نمير ـ حجار بن أبجر.

و ايضا عدة اخر التي تذكر اسماءهم في الذيل و اشتركوا مباشرة في واقعة كربلاء و استشهاد الإمام و اصحابه هم اشخاص مثل:

سنان بن أنس النخعي ـ حرملة الكاهلي ـ منقذ بن مرة العبدي ـ أبو الحتوف الجعفي ـ مالك بن نسر الكندي ـ عبد الرحمن الجعفي ـ قشعم بن نذير الجعفي ـ بحر بن كعب بن تيم الله ـ زرعة بن شريك التميمي ـ صالح بن وهب المري ـ خولي بن يزيد الأصبحي ـ حصين بن تميم و غيره...

بمراجعة الي حوادث كربلاء في يوم عاشوراء تثبت صحة ما ادعيناه.

قول يزيد في هوية القاتلين:

يزيد بن معاوية نفسه، الذي رأى رأس سهم الاتهام ضده، لم يقل قط: الشيعة هم الذين قتلوا الحسين. من ناحية أخرى، إذا كانت هذه الكذبة هي الأقل شراءًا في ذلك الوقت، فلن يتردد في إخبارها للحظة بل حمل مسؤولية استشهاد الإمام الحسين (ع) على عبيد الله بن زياد، والي الكوفة، لعله يستطيع أن يخفف من وطأة العار و الخطيئة بهذه الوسيلة.

ابن كثير و الذهبي و غيره كتبا هكذا:

لما قتل عبيدُ الله الحسينَ وأهله بعث برؤوسهم إلي يزيد، فسُرَّ بقتلهم أولاً، ثم لم يلبث حتي ندم علي قتلهم، فكان يقول: وما عليَّ لو احتملتُ الأذي، وأنزلتُ الحسين معي، وحكَّمته فيما يريد، وإن كان عليَّ في ذلك وهن، حفظاً لرسول الله صلي الله عليه وسلم ورعاية لحقه، لعن الله ابن مرجانة يعني عبيد الله فإنه أحرجه واضطره، وقد كان سأل أن يخلي سبيله أن يرجع من حيث أقبل، أو يأتيني فيضع يده في يدي، أو يلحق بثغر من الثغور، فأبي ذلك عليه وقتله، فأبغضني بقتله المسلمون، وزرع لي في قلوبهم العداوة.

سير أعلام النبلاء، ج 3، ص 317 ـ البداية والنهاية، ج 8، ص 35 ـ الكامل في التاريخ، ج 4، ص 87.

على الرغم من أن هذا البيان قد تم نقده في بداية البحث، إلا أننا في هذا القسم ننتبه فقط إلى حقيقة أن يزيد لم يقل: الشيعة قتلوا الحسين، لكنه يعتبر ابن زياد متورطًا في استشهاد ذلك الإمام.

التصفف في كربلاء يكشف هوية القتلة

في الصفوف آنذاك ايضا بمجرد حضور شخص في المعركة مع الإمام يعد من شيعته و لم يطلق علي الذي يكن في الصف المقابل هكذا تعبير. علي سبيل المثال زهير بن القين الذي كان عثماني المذهب و كان يتشرد من الإمام لكن عندما صار مع جيش الإمام خاطبوه بأنه من شيعة الإمام عليه السلام.

تاريخ الطبري يقول في زهير هكذا:

فقال له زهير يا عزرة إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة فإني لك من الناصحين أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال علي قتل النفوس الزكية قال يا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت عثمانيا.

تاريخ الطبري، ج 4، ص 316.

هذه العبارة تبين بوضوح انه بصرف الحضور في اي من الجبهتين يقع اطلاق شيعة الإمام أو عدو الإمام علي الشخص.

السعي و الجهد عن عدة قليلة من الشيعة في الكوفة لنصرة الامام الحسين عليه السلام

كل هذه الشواهد و الأسانيد هي غير القتل و الدمار الذي ارتكبه معاوية في حق شيعة اميرالمومنين و الامام الحسن عليهما السلام و قتل كثير منهم و نفي عدة منهم أو سجنهم؛ مع هذا كله كذلك نري انه حسب الاسانيد التاريخية نفس العدة القليلة المتبقية من الشيعة في الكوفة ارادوا نصرة الامام الحسين عليه السلام لكن واجهوهم جلاوزة ابن زياد و القوا القبض عليهم، و فقط عدة قليلة مثل زهير و حبيب بن مظاهر تمكنوا ان يعبروا من هذا الحصار و بينهم عدة من وصل الي كربلا بعد استشهاد الإمام.

لهذا مع هذا التفصيل لم يبق من الشيعة شخص في الكوفة حتي يريد الحرب مع الحسين بن علي عليهما السلام.

البيعة و الدعوة من الامام الحسين عليه السلام لم يدل علي ان الشخص من الشيعة.

يقول البعض: بما ان اهل الكوفة بايعوا الامام الحسين و دعوا الإمام الي الكوفة، فهم يعدون من شيعة الإمام عليه السلام. في الحال لابد من القول: البيعة لم تدل علي ان الشخص من الشيعة قط، لانه من لوازم هذا الكلام ان نقول: « الصحابة و التابعين الذين بايعوا امير المؤمنين عليه السّلام يعدون كلهم من شيعة الإمام عليه السلام!!» الحال الي الآن لم يقل احد هذا الكلام؛ و كثير من اهل البيعة هم الذين كانوا في صف اعداء الامام في الحروب.

فما ذكر في بعض الكتب التاريخية: بما ان اهل الكوفة كتبوا رسائل الي الإمام و دعو الإمام الي الكوفة فهذا يعد شكل من البيعة مع الإمام و يسبب عدهم من الشيعة و من هذا المنطلق  انتجوا: قتلة الإمام هم شيعته.

في الجواب الذي ذكرناه سالفا تبين بطلان هذا الكلام اضافة علي انه يعمل بهذا العمل من اجل انه يعتبر الإمام من صحابة رسول الله بل من افضل الصحابة آنذاك و سبط رسول الله صلي الله عليه وآله وسلّم؛ و من جانب آخر رأو او سمعوا استهتارات يزيد و اوصاف اخر التي ذكرناها سالفا في شخصية يزيد لهذا ارادوا بعملهم هذا ان يغيروا في سياسة عمل الحاكم الاسلامي و هذه الدعوي و البيعة لم تكن بمعني انهم يعتبرون الامام هو الإمام الثالث و المعصوم و بهذا الدليل  يعتبرون كفاءة الإمام للخلافة اكثر من الآخرين.

بناء علي هذا يمكن القول بأن الناس في الكوفة في زمن اميرالمؤمنين و الامام الحسين عليهما السلام علي طائفتين:

1- الشيعة بمعني الخاص: يعني يعتقدون بحب اهل البيت و التبرّي من اعدائهم.

الشيعة من هذه الطائفة لم تحضر قط في جيش عمر بن سعد الذي حارب الامام الحسين عليه السلام. لأن الشيعي بهذه المواصفات اما ان يكون بجانب الإمام و حاضرا في جيشه و يضحي بنفسه و في النهاية يستشهد و اما في سجن عبيدالله و يزيد و بقية الامكنة التي هي تحت سيطرة الحكومة آنذاك أو تحت المحاصرة و المنع من اجل اللحوق بجيش الامام الحسين عليه السلام أو وصلوا الي كربلاء بعد استشهاد الإمام الحسين ع. أو لم يخبروا بخروج الامام الحسين عليه السلام الي كربلاء الا بعد واقعة كربلاء و بعد استشهاد الإمام عليه السلام.

2- الشيعة بمعني العام: يعني يحب اهل البيت لكن لم يعتقد بالعداوة مع اعدائهم. هؤلاء هم الذين لم يقبلوا الامامة الالهية لاهل البيت و بقية شروط التشيع؛ فمن الممكن حضور عدة من هؤلاء في جيش عمر بن سعد و يزيد.

لعن الله امة اسست اساس الظلم و الجور عليكم اهل البيت و لعن الله امة دفعتكم عن مقامكم و ازالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها و لعن الله امة قتلتكم و لعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم. برئتُ الي الله واليكم منهم و من اشياعهم و اتباعهم و اوليائهم...و اكرمني بك ان يرزقني طلب ثارك مع امام منصور من اهل بيت محمد صلي الله عليه و آله

 

و من الله التوفيق

فريق الإجابة عن الشبهات

مؤسسة الإمام وليّ العصر (عج)للدراسات العلمية

 

 



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین
الاکثر مناقشة
الاکثر مشاهدة