نسخة الموبایل
www.valiasr-aj .com
اقتران رسول الله (ص) بخديجة الكبرى (س).. اقتران النور بالعطاء
رقم المطلب: 4335 تاریخ النشر: 10 ربيع الاول 1443 - 15:47 عدد المشاهدة: 2026
المذکرة » عام
اقتران رسول الله (ص) بخديجة الكبرى (س).. اقتران النور بالعطاء

يصادف غداً الأحد 10 ربيع الأول، ذكرى اقتران الرسول الأعظم مع السيدة خديجة (س)، ام سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (س)، وبهذه المناسبة الميمونة نذكر لكم نبذة عن الأحداث التي مرّت في ذلك الزمن.


لا بدّ للنبي (ص) من الاقتران بإمرأة تتناسب مع عظمة شخصيته، وتتجاوب مع أهدافه السامية، ولم يكن في دنيا النبي محمّد (ص) امرأة تصلح لذلك غير السيدة خديجة (س)؛ لما ينتظرها من جهاد، وبذل، وصبر.

وشاءت حكمة الله تعالى أن يتّجه قلب خديجة (س) نحو النبي (ص)، وأن تتعلّق بشخصيته وتطلب منه أن يقترن بها، فيقبل النبي (ص) بذلك، ويتمّ الزواج منها في العاشر من ربيع الأوّل قبل بعثة النبي (ص) بخمسة عشر عاماً .

وكان حينذاك عمر النبي (ص) لم يتجاوز الخامسة والعشرين، وعمر خديجة (س) لم يتجاوز الأربعين سنة.

صفات الزوجين

كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي معروفة في مكة بالعفة والجمال والغنى والعقل والحكمة، فسميت بسيدة قريش والطاهرة. وكانت خديجة (س) من خيرة نساء قريش، وأكثر نسائهم مالاً، وأجملهم حسناً، وكانت تُدعى في العصر الجاهلي بـ "الطاهرة" و "سيدة قريش".

وقد خطبها أكابر قريش وبذلوا الأموال لذلك، ومنهم: عقبة بن أبي معيط، والصلت بن أبي يهاب، وأبو جهل، وأبو سفيان، فرفضتهم كاملاً وأبدت رغبتها بالإقتران بالنبي (ص)؛ لما عرفت عنه من النبل، وسموّ نسب، وشرف وعفّة، وأخلاق لا تُضاهى، وصفات كريمة فائقة.

ذكر الرواة والمحدثون: أن السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، إمرأة حازمة شريفة فاضلة غنية، من أوسط قريش نسباً وأعظمهم شرفاً، وكانت ذات مال كثير تستأجر الرجال من قريش، وتضاربهم على شيء من الربح، ولما بلغها عن النبي محمد (ص) صدق الحديث وكرم الأخلاق والمحافظة على الأمانة عرضت عليه الخروج إلى الشام ليتاجر لها أو يضارب في أموالها على أن تعطيه أفضل ما تعطي غيره .

فخرج النبي محمد (ص) مع غلام يقال له ميسرة إلى سوق حباش بأرض اليمن بينه وبين مكة المكرمة ست ليال على ما قدروه وكانوا يتبايعون فيه ثلاثة أيام من أول رجب كل عام فابتاع النبي محمد (ص) بزاً ورجعا إلى مكة المكرمة وربح ربحاً حسناً وفي السفرة الثانية أرسلته مع ميسرة إلى الشام فربح أكثر مما ربح غيره، وأخبرها الغلام بما شاهده من الآيات الباهرات وإيمان الرهبان به وإخبارهم بما يكون من أمره على ما روي .

فأوقفت خديجة ابن عمها ورقة بن نوفل على ما أخبر به ميسرة فأكد ذلك لأنه كان قارئاً للكتب فازدادت رغبتها في الزواج من النبي محمد (ص) بعد أن ردت الكثير من أشراف قريش الذين رغبوا في الإقتران بها، فلم تجد من النبي محمد (ص) التباعد عما رغبت فيه وقد أعلم عمه بما أرادته خديجة (س)، فذهب مع أشراف قومه إلى عمها عمرو بن أسد بن عبد العزى لأن أباها مات قبل حرب الفجَّار .

وكان من عادة العرب أنهم كانوا يخطبون إذا أرادوا التزويج فلما اجتمع الناس قام أبو طالب عليه السلام خطيباً فقام في خطبته:

"الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل ، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسُوّاس حرمه، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً، وجعلنا حكام الناس، ثم إن ابن أخي هذا، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به، وإن كان في المال قِلاّ، فإن المال ظِلّ زائل، وأمر حائل، وعارية مسترجعة، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتي عشرة أوقية ذهباً ونشاً "أي نصف أوقية".

ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا: الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت، وفضلنا على ما عددت، فنحن سادة العرب وقادتها، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم، و رغبتنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم، فاشهدوا علّي يا معشر قريش أني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله وذكر المهر وهو ما قدروه في السيرة الحلبية خمسمائة درهم شرعي .

ورغب أبو طالب عليه السلام في مصادقة عمها على هذا فقال عمرو بن أسد عم خديجة:

أشهدوا علي معاشر قريش أني أنكحت محمد بن عبدالله خديجة بنت خويلد. فتهلل وجه أبي طالب عليه السلام فرحاً وقال: الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب ودفع عنا الغموم .

ونثر حمزة بن عبدالمطلب (ع) دراهم على من حضر مجلس الخطبة، وخرجت جواري من الدار ونثرن على من حضر، وألقي على الناس طيب لا يعرفون من طَيبهم به حتى أن الرجل يقول لصاحبه: من أين لك هذا؟ فلا يدري غير أنه يقول هذا طيب محمد (ص)، وبعد هذا ظهر الحديث أن الملقي عليهم هو جبرائيل عليه السلام، وقال أبو جهل: رأينا الرجال يمهرون النساء ولم نسمع بأن النساء يمهرن الرجال، فصاح أبو طالب يا ُلكع الرجال مثل محمد (ص) يعطى و يهدى إليه ومثلك يهدي قلا يقبل منه.

فقال عبدالله بن عُثم منشداً:

هنيئاً مريئاً يا خديجة قد جرت

            لك الطير فيما كان منك بأسعد

تزوّجتِ من خير البرية كلّها

           ومن ذا الذي في الناس مثل محمّد؟

به بشّر البرّان عيسى بن مريم

           وموسى بن عمران فيا قرب موعد

أقرّت به الكتّاب قدماً بإنّه

            رسول من البطحاء هاد ومهتد

وقال حبر من أحبار اليهود مبشّراً خديجة عليها السلام بنبوّة محمّد (ص):

يا خديج لا تنسي الآن قولي

              وخذي منه غاية المحصول

يا خديجة هذا النبي بلا شك

             هكذا قد قرأت في الانجيل

سوف يأتي من الإله بوحي

           ويحبى من الإله بالتنزيل

ويزوّجه ذات الفخار فيضحى

          في الورى شامخاً على كلّ جيل

ثم إن خديجة (س) قالت لإبن عمها ورقة أعلن بأن جميع ما تحت يدي من مالٍ وعبيد فقد وهبته لمحمد (ص) يتصرف فيه كيف يشاء، فوقف ورقة بين زمزم والمقام ونادى بأعلى صوته : يا معشر العرب إن خديجة (س) تُشهدكم على أنها وهبت لمحمد (ص) نفسها ومالها وعبيدها وجميع ما تملكه يمينها إجلالاً له وإعظاماً لمقامه، ورغبة فيه، وأنفذت إلى أبي طالب عليه السلام غنماً كثيراً ودنانير ودراهم وطيباً لعمل الوليمة .

فأقام أبو طالب (ع) لأهل مكة وليمةً عظيمة ثلاثة أيام حضرها الحاضر والبادي، ووقف النبي (ص) وشد وسطه، وألزم نفسه خدمة جميع الناس، وأعمام النبي (ص) تحته في الخدمة.

فتم الزواج المبارك الميمون، قيل أن النبي الاعظم (ص) حين تزوجها كان له من العمر خمسة وعشرون سنة، وقيل غير ذلك، ويرجِّح بعض المؤرخين أن يكون عمر خديجة حين زواجها من النبي (ص) ثمانية وعشرين عاماً وليس أكثر من ذلك، كما أنهالم تتزوج قبله بأحدٍ قط.

وأسلمت السيدة خديجة عليها السلام بعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي (ص) فآمنت به خديجة، وصدقت بما جاءه من الله، ووازرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله، وصدق بما جاء منه، فخفف الله بذلك عن نبيه (ص) لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له، فيحزنه ذلك، الا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها، تثبته وتخفف عليه وتصدقه، وتهون عليه أمر الناس، قال الرسول (ص) أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب اللؤلؤ المنحوت، لا صخب فيه ولا نصب .

ما أعظم فضل وقداسة السيدة خديجة عليها جاء جبريل إلى الرسول (ص) فقال: إن الله يقرأ على خديجة السلام فقالت إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته .

تم زواج النبي الاعظم (ص) من السيدة خديجة عليها السلام قبل البعثة بخمسة عشرة سنة، وولدت السيدة خديجة للرسول الأعظم (ص) ولده كلهم إلا إبراهيم، القاسم وبه كان يكنى، والطاهر والطيب لقبان لعبد الله، وزينب، ورقيـة، وأم كلثـوم، وفاطمـة عليهم السلام فأما القاسـم وعبد اللـه توفوا، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن مع النبي (ص)، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين المنتجبين .

السلام عليك يا رسول الله (ص)، السلام عليك يا محمد بن عبدالله، السلام عليك أيها البشير الذير والسراج المنير السلام عليك يا أبا القاسم يوم ولدت ويوم اُستشهدت ويوم تُبعث حيا ورحمة الله وبركاته .

والسلام عليك يا خديجة بنت خويلد السلام عليك يازوجة الرسول (ص) وأم الزهراء البتول، السلام عليك يوم ولدتِ ويوم مُتِ ويوم تبعثين حية ورحمة الله وبركاته.

 

 



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری: