2024 March 29 - 19 رمضان 1445
هل حضر اميرالمؤمنین عليه السلام فی قضية القرطاس؟ اذا کان من الحضور لماذا لم یرد علی السباب؟
رقم المطلب: ٤٣٤٨ تاریخ النشر: ١٨ رمضان ١٤٤٣ - ١٤:١١ عدد المشاهدة: 2287
الأسئلة و الأجوبة » الامام علی (ع)
هل حضر اميرالمؤمنین عليه السلام فی قضية القرطاس؟ اذا کان من الحضور لماذا لم یرد علی السباب؟

 

السائل: جهان شاه

الجواب:

من الحتم ان اميرالمؤمنین عليه السلام کان حاضرا فی قضية القرطاس؛ لأن الإمام علیه السلام لم ینفصل عن رسول الله صلي الله عليه و آله اصلا حتی فی زمن مرضه؛ الا ان تقع ضرورة؛ کما یقول الشيخ المفيد رضوان الله تعالي عليه هکذا:

وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُفَارِقُهُ إِلَّا لِضَرُورَة.

الشيخ المفيد ینقل قصة حديث القرطاس هکذا و یصرح فیها بأن اميرالمؤمنین عليه السلام کان حاضرا هناک:

فَأَفَاقَ عليه السلام فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: ائْتُونِي بِدَوَاةٍ وَكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً. ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَقَامَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ يَلْتَمِسُ دَوَاةً وَكَتِفاً فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ارْجِعْ فَإِنَّهُ يَهْجُرُ فَرَجَعَ وَنَدِمَ مَنْ حَضَرَهُ عَلَي مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنَ التَّضْجِيعِ فِي إِحْضَارِ الدَّوَاةِ وَالْكَتِفِ فَتَلَاوَمُوا بَيْنَهُمْ فَقَالُوا: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ لَقَدْ أَشْفَقْنَا مِنْ خِلَافِ رَسُولِ اللَّهِ.

فَلَمَّا أَفَاقَ صلي الله عليه وآله قَالَ بَعْضُهُمْ أَ لَا نَأْتِيكَ بِكَتِفٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَدَوَاةٍ؟ فَقَالَ: أَ بَعْدَ الَّذِي قُلْتُمْ؟ لَا وَ لَكِنَّنِي أُوصِيكُمْ بِأَهْلِ بَيْتِي خَيْراً.

ثُمَّ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنْ الْقَوْمِ فَنَهَضُوا وَبَقِيَ عِنْدَهُ الْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَهْلُ بَيْتِهِ خَاصَّةً.

فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ يَكُنْ هَذَا الْأَمْرُ فِينَا مُسْتَقَرّاً بَعْدَكَ فَبَشِّرْنَا وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّا نُغْلَبُ عَلَيْهِ فَأَوْصِ بِنَا. فَقَالَ: أَنْتُمُ الْمُسْتَضْعَفُونَ مِنْ بَعْدِي. وَأَصْمَتَ فَنَهَضَ الْقَوْمُ وَهُمْ يَبْكُونَ قَدْ أَيِسُوا مِنَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وآله.

الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان ابن المعلم أبي عبد الله العكبري البغدادي (المتوفی413 هـ)، الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد، ج1، ص184ـ 185، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التراث، ناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان، الطبعة: الثانية، 1414هـ - 1993م.

بناء علی هذا من الحتم حضور الإمام فی قضية القرطاس؛ لکن لماذا سکت الإمام مقابل الذین اهانوا رسول الله و لم یجبهم؟

فی الجواب عن السوال، لابد من الالتفات الی کم نكتة:

حرمة التقدم علی رسول الله صلي الله عليه و آله:

حسب الآیة الاولی من سورة الحجرات، التقدم علی رسول الله صلي الله عليه وآله حرام و لم یحق للمسلمین ان یتقدموا علی رسول الله فی حضوره:

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَميعٌ عَليم . الحجرات/1.

و اميرالمؤمنین عليه السلام کان یتبع رسول الله صلي الله عليه وآله اتباعا محضا و لم یتقدم اصلا لا فی قوله و لا فی عمله علی رسول الله؛ کما ان الإمام یقول فی نهج البلاغة هکذا:

وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلي الله عليه وآله) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَي صَدْرِهِ وَيَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَيُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ وَكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْ ءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ وَمَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَلَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ وَلَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ (صلي الله عليه وآله) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ وَمَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَماً وَيَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ.

نهج البلاغة (صبحي صالح)، ص300، خ192.

و فی خطبة 197 یقول:

وَلَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صلي الله عليه وآله) أَنِّي لَمْ أَرُدَّ عَلَي اللَّهِ وَلَا عَلَي رَسُولِهِ سَاعَةً قَطُّ وَلَقَدْ وَاسَيْتُهُ بِنَفْسِي فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي تَنْكُصُ فِيهَا الْأَبْطَالُ وَتَتَأَخَّرُ فِيهَا الْأَقْدَامُ نَجْدَةً أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا.

نهج البلاغة (صبحي صالح)، ص311، خ197.

الحال کیف یمكن ان اميرالمؤمنین عليه السلام قبل ان یتکلم رسول الله صلي الله عليه وآله، یبدأ هو بالکلام و یخالف النص الصريح للقرآن الكريم؟

حسب الآية المذکورة، التقدم علی رسول الله صلي الله عليه وآله حرام و اميرالمؤمنین عليه السلام اذا یتکلم قبل رسول الله ففی الحقيقة یخالف النص الصريح لهذه الآیة.

بلي لو کان رسول الله یأمر ان یسد فم الذین اهانوه، من القطع اميرالمؤمنین لاطاعه و دافع بتمام وجوده عن الرسول ص؛ لکن عندما رسول الله هو بنفسه حاضر و هو لم یبتدر بشئ، کیف یمکن ان یتقدم اميرالمؤمنین علی رسول الله و یبتدر بعمل یخالف نص القرآن الكريم؟

حرمة التنازع فی حضور رسول الله صلي الله عليه وآله:

الله تعالی فی آية 46 من سورة الانفال حرم کل نوع من انواع التنازع و التدخل؛ لاسیما فی حضور رسول الله صلي الله عليه و آله:

وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ ريحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرين . الأنفال/46.

و فی آية اخری یقول:

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُون . الحجرات/2.

و فی رواية البخاري ایضا ذکر هکذا:

فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ قال قُومُوا عَنِّي ولا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ.

البخاري الجعفي، ابوعبدالله محمد بن إسماعيل (المتوفی256هـ)، صحيح البخاري، ج1، ص54، ح114، كِتَاب الْعِلْمِ، بَاب كِتَابَةِ الْعِلْمِ، تحقيق د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة - بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

و ذکر فی رواية اخری هکذا:

فَتَنَازَعُوا ولا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ.

البخاري الجعفي، ابوعبدالله محمد بن إسماعيل (المتوفی256هـ)، صحيح البخاري، ج3، ص1111، ح2888، كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَاب جَوَائِزِ الْوَفْدِ، ج3، ص1155، ح2997،أبواب الخمس، بَاب إِخْرَاجِ الْيَهُودِ من جَزِيرَةِ الْعَرَبِ؛ ج4، ص1612، ح4168، كِتَاب الْمَغَازِي، بَاب مَرَضِ النبي، تحقيق د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة - بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

لو اجابهم اميرالمؤمنین عليه السلام و اصر علی ان یجیئوا بدوات و قلم، لانجبر ان ینازعهم و لا ینبغی النزاع و التدخل فی حضور رسول الله صلي الله عليه وآله؛ من هذا المنطلق اميرالمؤمنین عليه السلام کان ینتظر أمر رسول الله صلي الله عليه وآله و امتنع من النزاع و التدخل مع الذین اهانوا الرسول و رفعوا اصواتهم عنده صلي الله عليه وآله. يعني الجواب (فی حضور رسول الله ص) عمل شنیع و اميرالمومنین من القطع لم یعمل هذا العمل الشنیع.

کلا الجوابین، من الاجوبة الاساسیة عند الشيعة للذین یطرحون هذه الشبهة!

توافق مجموعة من الموجودين في البیت على كتابة الوصية:

جاء فی نص رواية القرطاس هکذا:

منهم من يقول قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ النبي صلي الله عليه وسلم كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ وَمِنْهُمْ من يقول ما قال عُمَرُ.

البخاري الجعفي، ابوعبدالله محمد بن إسماعيل (المتوفی256هـ)، صحيح البخاري، ج4، ص1612، كِتَاب الْمَغَازِي، بَاب مَرَضِ النبي؛ ج5، ص2146، ح5345، كِتَاب المرضي، بَاب قَوْلِ الْمَرِيضِ قُومُوا عَنِّي؛ ج6، ص2680، ح6932، كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَاب كَرَاهِيَةِ الاختلاف، تحقيق د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة - بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

فی صورة ان اهل السنة ادعوا، الجواب عن عمر، عمل حسن و عمر غلطان، نسئل منهم بأی دليل تقولون انه فی هذا الفرض، اميرالمومنین عليه السلام لم یکن من الذین اجابوا؟ مع الالتفات الی التبعیة المحضة من اميرالمؤمنین عليه السلام لرسول الله صلي الله عليه وآله و اصراره علی العمل بالأعمال الحسنة، من القطع انه بنفسه من الذین اصروا علی احضار الرسالة.

بناء علی هذا لو یقولون اهل السنة لابد من ان اميرالمؤمنین عليه السلام یجیب عن السابین و هذا العمل، عمل حسن، من القطع ان اميرالمؤمنین عليه السلام من الذین وافقوا علی اتیان الدوات و القلم و اصر علی هذا الامر.

فضح وجوه من ادعوا الخلافة:

و الاحتمال الآخر هو أنه ربما كان الغرض من أمر رسول الله صلي الله عليه وآله هو كشف وجوه من زعم​​أنهم خلفاء له، و الذين بدأوا كل جهودهم للحصول عليها منذ زمن بعيد.

أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفهم المسلمون أن من ينسب إليه الأوهام غير كفؤ لإدارة المجتمع الإسلامي و لا يستطيع أن يتولى السلطة العلمية و السياسية للمجتمع الإسلامي. و لاسیما أمر رسول الله صلي الله عليه وآله المخالفین لامره بمغادرة المنزل و قال "قوموا عني".

و نظراً لعلاقة أمیرالمؤمنين الوثيقة برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فقد كان بالتأكيد على علم بهذه المسألة، ولذلك انتظر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ليتحدث و امتنع عن أي عمل.

اتمام الحجة علی المسلمین:

و لو ان رسول الله ـ صلى الله عليه و آله و سلم ـ قد أعلن مرارًا خلافة أمیرالمؤمنين من أول يوم بعثته إلى آخر لحظات حياته الكريمة؛ ولكن بما أنه لا يريد أن تضيع ثمرة عشرين عامًا من تعبه؛ لاتمام الحجة، قرر مرة أخرى أن يعطي وصيته كتابيًا للمسلمين حتى إذا كان لدي المجتمع الاسلامی مشاكل في المستقبل، لن يقول أحد لماذا قصر نبي الله و لم يوضح الطريق للشعب.

فی الحقيقة رسول الله اراد ان یبین عدم اهلیة الصحابة لجمیع الناس انهم هم الذین منعوا الاسلام ان یجتاز طریقه الذی رسمه الله و رسوله؛ کما بین هذا الامر ابن عباس بصراحة:

قال قُومُوا عَنِّي قال عُبَيْدُ اللَّهِ فَكَانَ بن عَبَّاسٍ يقول إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ ما حَالَ بين رسول اللَّهِ (ص) وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لهم ذلك الْكِتَابَ من اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ.

البخاري الجعفي، ابوعبدالله محمد بن إسماعيل (المتوفی256هـ)، صحيح البخاري، ج5، ص2146، ح5345، كِتَاب المرضي، بَاب قَوْلِ الْمَرِيضِ قُومُوا عَنِّي؛ ج6، ص2680، ح6932، تحقيق د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة - بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

و من الله التوفیق

فریق الاجابة عن الشبهات

مؤسسة الإمام ولي العصر (عج)للدراسات العلمیة

 



الكلمة الدليلية: اميرالمؤمنین, قضية القرطاس,
Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین
الاکثر مناقشة
الاکثر مشاهدة