قصة الحوار الهادئ

مع

        الدكتور السلفي أحمد بن سعد حمدان الغامدي

    (أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى)

(تحليل ونقد لشبهات الدكتور الغامدي)


(الجزء الأول)

 

أ. د. محمد الحسيني القزويني

أستاذ الحوزة العلمية في قسم الدراسات العليا في قم المقدسة

ورئيس قسم الحديث وعضو الهيئة العلمية بجامعة أهل البيت (علیهم السلام) العالمية


 

 







هوية الكتاب


اسم الكتاب:............................... قصة الحوار الهادئ مع د. الغامدي

تأليف:.............................................. أ. د. محمد الحسيني القزويني

الإخراج الفني:....................................................... محسن الجابري

الناشر:......................... مؤسسة وليّ العصر# للدراسات الإسلامية

  رقم الإيداع الدولي للدورة:....... 9 ــ 33 ــ 8615 ــ 964 ــ 978

رقم الإيداع الدولي (ج1): ....... 1 ــ 34 ــ 8615 ــ 964 ــ 978

الطبعة:....................................................... الثانية 1433هـ ـ 2012م

عدد النسخ:................................................................. 5000 نسخة

يحق للجميع طبع الكتاب ونشره مع إعلام المؤلف والناشر قبل ذلك








شكر وتقدير


 أتقدّم بالشكر الجزيل لكلّ من ساعدني في تأليف هذا الكتاب، وهم كلّ من:

أولاً: د.حاتم البخاتي.

ثانياً: د.حكمت الرحمة.

ثالثاً: د.فلاح الدوخي.

كما أتقدّم بجزيل الشكر للسيد رضا البطاط لقيامه بمراجعة الكتاب وتصحيحه.

متمنياً للجميع كلّ خيرٍ، وداعياً لهم بالتوفيق وحسن العاقبة.

 


مقدمة المؤلف

الحمد للّه الذي فطر الخلائق وبرأ النسمات، وأقام على وجوده البراهين والدلالات، وكان من لطفه أنه لم يترك الخلق حائرين، بل أرسل إليهم مبشّرين ومنذرين؛ ليستأدوهم ميثاق فطرته؛ ويذكّروهم منسي نعمته، وأيّدهم بالمعجزات والآيات البيّنات.

وصلى اللّه على خيرة خلقه محمد الذي ختم اللّه به الرسالات والنبوات، وعلى آله المصطفين والحجج المنتجبين.

لقد كانت دراسة العلوم الدينية بالإضافة إلى دراستي الأكاديمية حلماً طالما راودني، ورغبة تجيش في أعماق نفسي، فكان من منّه سبحانه وإحسانه لي أن حقق لي تلك الرغبة، فالتحقت بدراسة العلوم الدينية في مدينة قزوين، وبعد ذلك انتقلت إلى مدينة قم المقدسة، مدينة العلم والعلماء؛ لأواصل مسيرتي العلمية بكل مثابرة وجدّ.

وفي أثناء ما كنت أتلقى العلوم والمعارف الإسلامية كان يؤرّقني كثيراً تساؤلٌ واستفهامٌ عن الفرق بيني كمسلم شيعي وبين أترابي من أتباع الديانات الأخرى كالمسيحية واليهودية، فكنت أسأل نفسي دائماً: هل أنّ اعتناقي للدين الإسلامي ناجم عن القناعة بالدليل والبرهان، أم أنني ورثت ذلك عن آبائي بحكم البيئة التي أعيشها كما هو الحال في أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى؟ فلذا كنت ـ إلى جانب دراستي للفقه والأصول والتفسير وعلوم العربية وغيرها ـ مهتماً بدراسة الأديان والمذاهب، فأخذتُ أبحث عن كلّ كتاب ومقال ودراسة في هذا المضمار، وأخذت أطالعها وأتأملها بدقة، وأدوّن أغلب ملاحظاتي واستنتاجاتي وتساؤلاتي.

ومن الكتب التي طالعتها وتأثرت بها كتاب الرحلة المدرسية، وكتاب الهدى إلى دين المصطفى للشيخ البلاغي، حتى أنني قرأت الكتاب المقدّس الذي يشمل العهدين القديم والجديد، وكنت أحمل ما يتحصّل عندي من تساؤلات واستفهامات لأطرحها على أصحاب الفضيلة من العلماء وأساتذة الحوزة، الذين كثيراً ما كانوا ينيرون لي طريقي ويرفعون عن عيني غشاوة الحيرة والجهل.

وبعد البحث والتنقيب ثبت لي أحقيّة الدين الإسلامي، وأنه الدين المرضي عند الله سبحانه.

وبعد ذلك بدأت رحلتي المضنية في التحقيق والتمحيص عن المذهب والفرقة المحقة بين فرق الدين الإسلامي ومذاهبه، وكلما تتلبّد أفكاري بغيوم الحيرة والتساؤل كنت أجد ضالتي المنشودة عند أصحاب السماحة والفضيلة أمثال: آية الله النوري الهمداني، وآية الله جعفر السبحاني، والعلامة محمد جواد مغنية، والسيد جعفر مرتضى العاملي وغيرهم، فكنت أبدأ بطرح تساؤلاتي وإشكالاتي عليهم، وما يعرض لدي أثناء البحث والتحقيق بين ثنايا الكتب وركام الأقوال، فلم يهدأ لي بال أو يقرّ لي قرار حتى استطعت أن أصل إلى قناعة راسخة ويقين ثابت في كون الشيعة الإمامية الاثني عشرية هم الفرقة المحقة من بين فرق المسلمين وطوائفهم؛ لأنهم من تمسك بأهل البيت وسار على المنهج الذي اختطه الرسول الأكرم’.

من هذا المنطلق، وبعد وقوفي على تلك الأرضية الصلبة، شعرت أنه من واجبي أن أدافع عن مذهب أهل البيت بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن أجادل بالتي هي أحسن؛ لعل الله يهدي بي إلى الحق من فتح الله قلبه وبصيرته للهدى، وألقى السمع وهو شهيد.


 

 

 



 




لقاءات ومناظرات

 


تمهيد

إننا وفي ضوء التعاليم الإسلامية المستقاة من الكتاب والسنة، وبحكم ممارستنا العملية في مجال الحوار والمناظرة، نجد ـ قبل الدخول في مثل هذه البحوث ـ من الضروري الإشارة بنحو الإيجاز إلى الآداب العامة لها.

آداب المناظرة

لا شكّ في أنّ الحوار العلمي والاحتجاجات والمناظرات القائمة على الأسس المنطقية والأخلاقية من أفضل الوسائل للوصول إلى الحقائق والكشف عنها، وقد حث القرآن الكريم على هذه الطريقة من البحث العلمي، إذ قال تعالى: {فَبَشّـِرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}([1]).

ومن السبّاقين في هذا المضمار هم أئمة أهل البيت(علیهم السلام)، فالكتب الروائية مملوءة بالاحتجاجات والمناظرات التي دارت بينهم وبين أصحاب المذاهب الفكريّة الأخرى من المسلمين وغيرهم، في جانبي المعارف الاعتقادية والأحكام الشرعية.

وانطلاقاً من قوله تعالى: {ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}([2])، فلابدّ للمناظرَينِ أن يكونا مطّلعَينِ على آداب المناظرة وفنونها لكي تكون المناظرة ناجحة، ويجب أن يتّبعا آدابها لكي يخرج الطرفان منها بنتيجة مثمرة; لأنّه ربما يكون الرجل من أعلم أهل زمانه ولكنّه غير مطّلع على فنون المناظرة، فلا يكون ناجحاً فيها، وكذا لو لم يتبعا تلك الآداب، فإن النتيجة ستكون غير مثمرة.

فينبغي للمناظر مراعاة أسس وشرائط نجاح المناظرة، وهذه الأسس تارة تكون أخلاقية، وأخرى تكون علمية ترتبط بمنهج المناظرة، وسنشير إجمالاً إلى بعض هذه الأسس.

أهم الأسس الأخلاقية

1ـ ينبغي أن يكون قصد المناظر للّه والوصول إلى الحق والهداية إليه، لأن «من كان للّه، كان اللّه له»([3])، فلا ينبغي أن يكون المقصود من المناظرة هو بيان غزارة علمه مثلاً، وصحة نظره، فإنّ ذلك مراء، وقد ورد النهي الشديد عنه.

2ـ ينبغي له أيضاً أن يتوكّل على اللّه: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ويفوّض أمره إليه، متيقناً بأنّ من فوّض أمره إلى اللّه فإنّ اللّه سيقيه {سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا}.

3ـ وانطلاقاً من قوله تعالى: {قُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً} يجب أن يختار كلّ من الطرفين ألفاظاً وعبارات بعيدة عن إثارة مشاعر الطرف الآخر، بحيث يبتعد عما من شأنه أن يسبب الحقد والشحناء، ويفسد الغرض من المجادلة التي يجب أن تكون بالتي هي أحسن.

أهم الأسس المنهجية في المناظرة

1ـ لابدّ للمناظر ـ قدر الإمكان ـ أن يسند كلامه إلى كتاب اللّه المتّفق عليه بين الشيعة والسنّة، مستفيداً من كلام المفسّرين المعتمدين عند المناظر المخالف له في الرأي.

2ـ يجب أن يستفيد المناظر من الكتب المعتبرة عند الطرف المقابل، ولا يتعب نفسه بالنقل عن الكتب التي لا قيمة لها عنده، كما يجب على المناظر أن يستدلّ بالروايات الواردة في السنة المتفق عليها بين الطرفين، أو يحتجّ من السنة بما هو حجّة عند المخالف ـ وإن لم تكن حجّة عنده ـ كالاستدلال بالأحاديث التي صرّح علماء الجرح والتعديل بتوثيق رواتها عندهم أو تعديلهم بحيث تكون رواياتهم حجة عنده، أو حكم علماؤهم وفقهاؤهم بصحّتها لكي يلتزم بتلك الروايات.

وقد أشار إلى هذا الأمر ابن حزم في قوله: «لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا، فهم لا يصدّقونها، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدّقها، وإنّما يجب أن يحتجّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدقّه الذي تقام عليه الحجّة به»([4]).

ولا يخفى أنّ المخالف الذي لا يقبل بروايةٍ قد فرض صحّتها على ضوء كلمات علماء الجرح والتعديل من أئمة مذهبه، لا مجال للتكلم معه أبداً، ولا بد من تركه؛ لأنّ الجدال معه عقيم ولغو، ونحن منهيون عن اللغو.

فإذن، لا معنى لاستدلال المناظر الشيعي على السنّي بكتاب الكافي والتهذيب وأمثالهما، كما أنّه لا معنى لاحتجاج السنّي على الشيعي بصحيح البخاري ومسلم وأشباههما.

يجب أن لا يقاطع أحدهما كلام خصمه في المناظرات الكلامية المباشرة; لأنّ ذلك يوجب عدم وصول كلّ من الطرفين إلى ما قصد من كلامه، ويشوّش الفكر ويخرج البحث عن المِحْور الصحيح؛ فلايكون ناجحاً.

هذا، وسيتجلّي للناظر في هذا الحوار وهذه المكاتبات التزامنا بهذه الآداب والقواعد المقرّرة للبحث والمناظرة، كما كنا نأمل أن يلتزم الطرف الآخر بذلك أيضاً، نسأل اللّه عزّ وجلّ أن يوفّق الجميع لمعرفة الحقّ واتّباعه، والوصول إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة; إنّه سميع مجيب.

تجاربي في الحوار والمناظرة

لقد كانت حياتي حافلة بالمحطات والقصص والمفارقات والمناقشات والمناظرات في سبيل الدعوة إلى الحق، والتي امتدت زهاء عقود من الزمن ومع مختلف العلماء وأساتذة الجامعات والحوزات في داخل إيران وخارجها، ولو أردت أن أدون تفاصيلها لملأت منها المجلدات الكثيرة، بيد أني ولأجل ذات الغاية والهدف وهي الدعوة إلى الله سبحانه ولإضاءة جانب من وجه الحقيقة أشير إلى بعض تلك القصص والمواقف والحوارات مع علماء وأتباع مذاهب أهل السنة، وما جرى فيها من مناقشات ومطارحات وحوارات هامة ومفيدة، وعلى نحو الإيجاز والاختصار؛ لأضع القارئ الكريم في صورة ما جرى ويجري من خلافات واختلافات بين المسلمين؛ وليشخّص بنفسه طريق الصواب ويتحسس معالمه، وكذلك لتكون مفردات تلك المواقف وأحداثها عظة وعبرة تنفع المؤمنين، فإليك ـ عزيزي القارئ ـ شذرات من بعض تلك القصص والمواقف:

أولا: في إيران

 لقاء مع أحد علماء أهل السنة في خراسان

كنت حريصاً على الحوار واللقاء والانفتاح على علماء أهل السنة في داخل إيران؛ لأنهم ـ مهما كان ـ تربطنا بهم بالإضافة إلى أخوة الدين رابطة الانتماء لهذا الوطن الكريم، فكانت لي علاقات ولقاءات وحوارات كثيرة عبر إقامة المؤتمرات والندوات مع العديد من هؤلاء العلماء، فكنت كثيراً ما أزورهم في مناطق سكناهم وأماكن دراستهم وتدريسهم، وأتحدث إليهم وأحاورهم بكل ودّ واحترام، وهم أيضاً يبادلونني مثل ذلك، فكانت تسود تلك اللقاءات أجواء الأخوة والمحبة والصفاء.

وفي يوم من الأيام، وفي إحدى لقاءاتي معهم، جمعتني الصدفة مع أحد علماء أهل السنة الكبار من أهالي خراسان، وكان أستاذاً فاضلاً يدرّس في أحدى المدارس الدينية لأهل السنة، فدار بيني وبينه بحث ونقاش حول الصحابة والشيخين بالخصوص، فبادر إلى القول بأن الشيعة لا يحترمون الصحابة ويتطاولون على مقامهم، فقلت له: بأن في صحاحكم روايات لا تنسجم مع ما تعتقدون في الصحابة، مفادها: بأن علياً× والعباس يعتقدان بأن عمر آثم غادر، وهذا موجود في صحيح مسلم، فقال: إنّ هذا كذب وافتراء على مسلم، وتجاوز عليّ بكلام نابٍ وبعبارات حادة، فما كان بأسرع من أن أتيت بكتاب صحيح مسلم وأطلعته على مكان الرواية، فلما قرأها دهش وخجل جداً ولم ينبس ببنت شفة، ولمّا عرفت ذلك منه؛ وصوناً لكرامته غيّرت دفة الحديث، ولم أعقب على الموضوع، فشعر بذلك وعلم أني لم أرد إهانته أو التشفي منه؛ مما أوجب محبة لي في قلبه، فأكبر موقفي وقدّره، فكان هذا باعثاً لاستمرار البحث والتواصل فيما بيننا.

وبعد مضي شهرين اتصل بي هاتفياً؛ ليقول لي: يا فلان، إنّ عقيدتي بدأت تتزلزل وإني وجدت كثيراً مما يقوله الشيعة موجوداً في كتبنا، فقلت له: اتق الله يا شيخ! ولا تجعل الوساوس تتطرق إلى قلبك وواصل البحث والتحقيق حتى يزول ذلك الشك من نفسك، ولكنه وبعد مدة اتصل بي أيضاً، وقال لي: إنه بدأت تتكون لدي قناعات بأن الشيعة على حق، وإني أخذت أميل إلى ما يقولون ويطرحون من أدلة، وكنت بدوري أحثه على البحث والتحقيق أكثر.

فاستمر ذلك بيننا ما يربو على السنتين حتى تولدت لديه قناعة قوية بأحقية مذهب أهل البيت(علیهم السلام)، فجاء إلى بيتنا في مدينة قم المقدسة، وهناك أعلن استبصاره وتشرفه باعتناق مذهب أهل البيت (علیهم السلام)، وكان ذلك بمحضر جمع مبارك من العلماء الأعلام أمثال: آية الله العظمى الشبيري الزنجاني وآية الله العظمى الشيخ السبحاني والشيخ آية الله الخزعلي وآية الله المقتدائي، وكان ذلك سنة 1406هـ..

 وبعد ذلك توطدت بيني وبين هذا العالم أواصر الصداقة والمحبة، وهو الآن من أعز أصدقائي، وتربطنا به علاقة طيبة ومتينة، ولله الحمد والمنة.

 مع طلبة من المذهب الشافعي

تمتاز بعض الجامعات والمعاهد بتنوع الدارسين فيها من كلّ الجنسيات والمذاهب الإسلامية، ففي إحدى الجامعات العالمية كنت أدرِّس مادتي التاريخ الإسلامي والفرق والمذاهب، وكان أغلب طلبتي من المذهب الشافعي وغيره من المذاهب الأخرى، الذين وفدوا للدراسة في هذه الجامعة، وكنت ألقي دروسي عليهم مبيناً كثيراً من حقائق التاريخ ووقائعه المغيبة، وما فعلته الحكومات الجائرة من طمس وتشويه لمعالم الحقيقة التاريخية، وكذلك كنت أتطرق إلى مناشئ الخلاف وأسباب الفرقة بين المسلمين، مبتعداً في طرحي عن كلّ ما يثير المشاعر والأحاسيس الدينية، متخذاً الموضوعية والحيادية سبيلاً للوصول إلى الحقيقة، وبعد انتهاء الدراسة في الجامعة تقدم إليّ ثلاثة من الطلبة وأرادوا أن يعلنوا تشيّعهم، فقلت لهم: إنكم مخطئون، حيث إنكم طيلة عشرين سنة تتلقون عقيدتكم وتسمعون علماءكم، فلا ينبغي أن تتخلوا عن ذلك لمجرد أنكم سمعتم مني ما أقول في مدة قصيرة، وكيف عرفتم أني على حق وصادق فيما أقول وأولئك ليسوا كذلك؟

فلا بدّ أن تذهبوا إلى علمائكم وتسألوا وتتحققوا وتبحثوا عن حقيقة ما ألقيت عليكم من دروس ومعلومات، فإن اكتشفتم أني على خطأ، وكانت إجابات علمائكم مقنعة لكم، فاعلموا أنّ مذهبكم هو الحق واثبتوا عليه، وكونوا كالجبل الراسخ في ذلك، وإن لم يجيبوا بما تقنع به أنفسكم، فأرجو منكم أن تعدّوا مذهب أهل البيت(علیهم السلام) مذهباً إسلامياً إلى جانب المذاهب الإسلامية الأخرى، وحينما كنت أتكلم معهم بهذه الطريقة كانت عيونهم تترقرق بالدموع تأثراً بما أقول، وودعتهم وأنا أحمل لهم كلّ حبّ وتقدير، داعياً الله لهم بالتوفيق والهداية.

وبعد عدة سنوات من تلك القصة وفد عدد من هؤلاء الطلبة إلى مدينة قم المقدسة؛ لدراسة العلوم الدينية في المدرسة الحجتية([5])، وبعد اطلاعي على ملفاتهم واستمارات قبولهم رأيت أنهم كتبوا في حقل المذهب السابق في الاستمارة: المذهب الشافعي، وفي حقل المذهب الحالي كتبوا: المذهب الشيعي، فحمدت الله على ما أنعم علينا وعليهم بالهداية إلى مذهب أهل البيت(علیهم السلام)، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

وهكذا بقيت مواظباً على الدرس والتدريس في الجامعات والحوزات العلمية مع مواصلة البحث والتحقيق والغوص في كتب الشيعة والسنة، فتحصل عندي خزين كبير من الأدلة والشواهد القرآنية والروائية وأقوال علماء الفريقين وذلك في جلّ مسائل الخلاف بين الشيعة والسنة، وقد تبلور بعضها على شكل كتب ودراسات ومقالات ولم تنقطع سجالاتي ومحاوراتي مع أساتذة الحوزة والجامعة، ومن مختلف المذاهب والاتجاهات والاختصاصات، إلى أن قدّر الله تعالى لي أن أتشرّف بزيارة الديار المقدسة في مكّة المكرمة والمدينة المنوّرة لأداء مناسك العمرة، وتوالت بعدها تلك الزيارات ليبدأ معها مشواري الطويل في الحوار والمناظرات والمناقشات ـ مع كبار علماء الوهابية والسلفية ـ والتي كانت غنية في أغلبها بالبحث العلمي والحوار الموضوعي الجادّ بحثاً عن الحق والحقيقة، وإليك بعض قصص تلك اللقاءات والحوارات:

ثانيا: في المدينة المنورة

(لقاء مع الشيخ عبد العزيز، وكيل الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي)

في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك سنة 1423هـ ذهبت إلى المسجد النبوي كموفد عن بعثة الحجاج الإيرانية، فشاهدت أثناء تجوالي في المسجد المبارك سوء المعاملة التي يلقاها حجاج بيت الله الحرام وضيوف الرحمن من بعض أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذين يتصرفون مع الحجاج بكل غلظة وجفاء، فساءني ذلك كثيراً، فأبديت امتعاضي واعتراضي الشديد على ذلك، ولكنه لم يُجد نفعاً.

فقررت أن أوصل شكواي إلى أحد المسؤولين، فسألت عن الشخص المسؤول هناك، وبالقرب من باب البقيع أرشدني رجل كبير السن إلى أنه توجد خارج المسجد وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، وهناك يجلس الشيخ عبد العزيز، وهو المسؤول عن شؤون المسجد النبوي.

فعزمت على الذهاب إليه، وبعد برهة التقيت به فوجدته إنساناً في غاية الأدب وطيب اللقاء، فشكوت له التعامل السيئ الذي يمارسه أعضاء الهيئة مع الحجاج ومعي شخصياً، فأبدى أسفه واعتذر عن ذلك، ووعد باتخاذ الإجراء المناسب لعدم تكرار مثل هذه الأعمال، فشكرته على ذلك، وانصرفت.

 الاتهام بالشرك في المسجد النبوي

في يوم الجمعة الثالث من شهر رمضان المبارك، وبعد أداء صلاة العصر في المسجد النبوي المبارك قمت بتأدية بعض الأعمال والعبادات وأنا في رحاب تلك البقعة الطاهرة التي شهدت نزول الرحمة الإلهية، وإلى جوار قبر خاتم الأنبياء والمرسلين’ مستثمراً تلك الأجواء الإيمانية داعياً الله أن يتقبل منا ويغفر لنا ويرحمنا، وأنا في هذه الحالة وإذا برجل عربي كان يجلس إلى يساري وقد التفت إلي، وقال لي بلسان الناصح المشفق: من الخسارة أن تبطل أعمالك هذه بالشرك، وغداً يوم القيامة سوف تندم ولات حين مندم.

فقلت: أي عمل من أعمالي يدلّ على الشرك؟

قال: أنت إلى جانب قبر النبي وتتوسل به، والتوسل بالميت بأي شكل من الأشكال شرك.

فأجبته: إنّ القرآن الكريم يحكي لنا قول إخوة يوسف× لنبي الله يعقوب× وطلبهم منه بأن يستغفر الله لهم، وذلك في قوله تعالى: {يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا}([6]) أكانوا مشركين بفعلهم هذا؟!

فقال: هذا التوسل مختص في حال الحياة، أما التوسل بالميت فهو شرك.

قلت: هل أنّ مقام النبي أفضل أم مقام الشهداء؟

قال: لا شك أنّ مقام النبي أفضل.

فقلت: إنّ الله سبحانه وتعالى قال في حق الشهداء: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}([7]).

فأجابني: إنّ هذه حياة برزخية والرسول’ يقول: ما من أحد يسلّم عليّ إلاّ ردّ الله عزّ وجلّ إليّ روحي حتى أردّ عليه السلام([8]).

قلت له: ماذا تقصد بالحياة البرزخية، وهل هي مختصة بالشهداء أم أنّ جميع الناس لديهم هذه الحياة؟

فقال: هذه الحياة مختصة بالشهداء.

فبادرته بالقول: إنّ القرآن الكريم يقول في قضية آل فرعون إنهم يعرضون على العذاب في الغداة والعشي، قال تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}([9]) فماذا تقول؟!

فقال وهو غاضب منزعج: أنت مشرك، أنت مشرك!! وخرج من المسجد.

وفي هذه الأثناء كان هناك رجل مسنّ يسمع كلامنا، فتقدم إلي، وقال بنبرة تعلوها الإهانة والتحقير: هل تقرؤون القرآن؟

وهل تقرؤون تفسير القرآن؟

قلت: ماذا تقصد؟

قال: ما هو معنى الآية الشريفة: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}([10]).

قلت: المقصود أنّ النساء الخبيثات للرجال الخبيثين، والنساء الطيّبات للرجال الطيبين.

قال: إذن لماذا تكفرون عائشة؟

قلت: ومن قال إننا نكفر عائشة، إنّ هذا كذب وافتراء على الشيعة، فالشيعة لا تعتقد بكفر عائشة.

ولكن أجبني، ما هو فهمك لقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}([11]).

ألم يكن نبيا الله نوح ولوط من الطيبين؟ ومع ذلك فإن زوجتيهما كافرتان داخلتان في جهنم؟

وابن الجوزي من كبار علماء أهل السنة، يقول: «قال يحيى بن سلام: ضرب الله المثل الأول يحذر به عائشة وحفصة»([12]).

وقال الطبري بعد نقله للآية الشريفة: «لم يغن صلاح هذين عن هاتين شيئاً، وامرأة فرعون لم يضرها كفر فرعون»([13]).

ثم روى أيضاً عن بشر قوله: «ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة، قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ...} الآية، هاتان زوجتا نبيي الله، لما عصتا ربهما، لم يغن أزواجهما عنهما من الله شيئاً»([14])، وقريب منه ما عن القرطبي في تفسيره([15]).

يقول ابن القيم، والذي يعد من تلامذة ابن تيمية: «ثم في هذه الأمثال من الأسرار البديعة ما يناسب سياق السورة، فإنها سيقت في ذكر أزواج النبي (صلّى الله عليه وسلّم) والتحذير من تظاهرهن عليه، وأنهن إن لم يطعن الله ورسوله (صلّى الله عليه وسلّم) ويردن الدار الآخرة لم ينفعهن اتصالهن برسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) كما لم ينفع امرأة نوح ولوط اتصالهما بهما»([16]).

والأكثر من هذا ما يقوله الشوكاني: من أنّ هذه الآية وجهت لوماً وتوبيخاً لعائشة وحفصة مع سائر أزواج النبي بأن زواجكن واقترانكن بأفضل خلق الله وخاتم النبيّين لا يجدي ولا يدفع عنكن عذاب الله، حيث قال: «فإن ذكر امرأتي النبيّين بعد ذكر قصتهما ومظاهرتهما على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يرشد أتم إرشاد ويلوح أبلغ تلويح إلى أنّ المراد تخويفهما مع سائر أمهات المؤمنين، وبيان أنهما وإن كانتا تحت عصمة خير خلق الله وخاتم النبيين، فإن ذلك لا يغني عنهما من الله شيئاً، وقد عصمهما الله عن ذنب تلك المظاهرة بما وقع منهما من التوبة الصحيحة الخالصة»([17]).

وعندما لم يكن لديه أي جواب غضب غضباً شديداً، ووجه لي عبارات الإهانة والتحقير، وخرج من المسجد.

فأسفت على ذلك التصرف الذي يبتعد عن روح الإسلام وأهدافه السامية وتعاليمه السمحاء، والتي من جملتها التحلي بالخلق الرفيع والسجايا النبيلة، ثم التفتُّ إلى بعض الشباب العرب ممن شهدوا الحوار الذي دار بيني وبينه، فقلتُ لهم: أرأيتم منطق هؤلاء الناس؟ فهم حين يعجزون عن الإجابة يعمدون إلى إهانة الآخرين ويوجهون لهم كلاماً بذيئاً غير لائق.

وإذا طالعتم كتب الشيعة والسنة ستجدون أنّ مراجع المذهب الوهابي أمثال ابن تيمية ومن تبعه من تلامذته قد اعتادوا على إهانة الطرف المقابل والتفوه بالكلام بالبذيء غير المناسب تجاهه، ولكن في المقابل ستجدون علماء الشيعة يتصرفون معهم بالحكمة والعقل ويترفعون عن ذلك، ويمكنكم أن تستشفوا ذلك من أسلوب العلامة الحلي ـ أحد كبار علماء الشيعة ـ في كتابه (منهاج الكرامة)، وفي مقابله لاحظوا كتاب (منهاج السنة) لابن تيمية الذي ألفه للرد على كتاب العلامة، وسوف ترون الفرق الشاسع بين الأسلوبين.

ولم يبد هؤلاء الشباب أي رد فعل على ما حصل، ولم يتخذوا أي موقف يذكر، فعند ذلك ودعتهم، وخرجت من المسجد.

لقاء مع أحد خريجي الجامعة الإسلامية

 في يوم السبت المصادف الرابع من شهر رمضان كنت ذاهباً لرؤية المكتبة الموجودة في باب عمر بن الخطاب (رض) في المسجد النبوي، وهناك تعرفت على أحد الطلبة المتخرجين من الجامعة الإسلامية في قسم الحديث، وكان اسمه (منذراً)، وقد علم أني إيراني الجنسية فكان الحوار بيننا ساخناً جداً، تناولنا فيه بعض المباحث، ومن جملة ما دار بيننا من حديث أنه سألني قائلاً: هل الكتب الروائية الشيعية لا سند لها؟

قلت: إنّ سبب سؤالك هو أنّ مكتبات أهل السنة تكاد تخلو من كتب الشيعة بينما تضم مكتباتنا العديد من كتب أهل السنة.

فقال لي: إنكم تحتاجون إلى كتبنا ونحن لسنا بحاجة إلى كتبكم.

فأجبته بالقول: إنّ الشيعة في مجال استنباط الأحكام والمعارف الإسلامية لديهم ما يكفي من الكتب الروائية والتفسيرية وغيرها، فلا يحتاجون إلى كتب أهل السنة.

وإنما يقرؤونها لمجرد الاطلاع على آرائهم لا أكثر.

قال: إنكم لا تملكون كتباً روائية أصلاً.

قلت: إنّ كتبنا الروائية أكثر من كتبكم، وإذا كنتم تفتخرون بأن عندكم الصحاح الستة، فإن الشيعة أيضاً لديهم الكتب الأربعة (الكافي والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه والاستبصار)، وكتاب الكافي وحده يضم بين دفتيه روايات أكثر من صحاحكم الستة عدداً؛ لأن جميع روايات الصحاح الستة حينما يحذف المكرر منها تطابق ما هو موجود في جامع الأصول لابن الأثير، حيث يوجد فيه (9884) حديثاً بينما عدد روايات الكافي لوحده (16199) حديثاً([18]).

قال: رواياتكم كلها مقطوعة وغير مسندة.

قلت: إنّ أغلب رواياتنا هي من الروايات المسندة؛ لأن كلّ أسانيدها تتصل بالأئمة المعصومين، وهم(علیهم السلام) يسندون ما يروونه إلى الرسول الأكرم’، فالروايات المروية عن الإمام الصادق× مثلاً مسندة، لأن الإمام الصادق، يقول: «حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين×، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله، وحديث رسول الله قول الله عز وجل»([19]).

وكذلك قال الإمام الباقر× لجابر: «يا جابر، لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين، ولكنا نفتيهم بآثار من رسول الله’، وأصول علم عندنا نتوارثها كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم»([20]).

وفي رواية جابر يقول: «قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر: إذا حدثتني بحديث فأسنده لي، فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله، عن جبرئيل×، عن الله عز وجل. وكل ما أحدثك بهذا الإسناد، وقال: يا جابر، لحديث تأخذه من صادق خير لك من الدنيا وما فيها»([21]).

وقد ذكر العلامة المجلسي في بحار الأنوار حوالي (28) رواية في هذا المضمون تحت عنوان: «أنهم(علیهم السلام) عندهم مواد العلم وأصوله، ولا يقولون شيئاً برأي ولا قياس، بل ورثوا جميع العلوم عن النبي»([22]).

 وقد ذكر المرجع الكبير المرحوم السيد البروجردي في جامع أحاديث الشيعة ما يقارب (213) رواية تحت عنوان (باب حجية فتوى الأئمة المعصومين)([23]).

وبالإضافة إلى ذلك, فإنّ الروايات المقطوعة والمرسلة ليست حجّة عند علماء الشيعة، ولا يعملون بها، وفي هذه الأثناء أقيمت صلاة الظهر، وانتهى اللقاء.

 روايات الشيعة في كتب أهل السنة

وفي يوم الاثنين السادس من شهر رمضان ذهبت إلى المكتبة فوجدت ذلك الطالب مع اثنين من أصدقائه الّلذين يظهر أنهما أفضل منه في المستوى العلمي، وحينها تبادلنا الحوار، فقلت:

إنكم قلتم: إنّ أهل السنة ليسوا بحاجة إلى كتب ومرويات الشيعة، مع أنّ مثل الذهبي وهو من كبار علمائكم يصرح ويقول: «فلو رد حديث هؤلاء [الشيعة] لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بينة»([24]).

فلا شك في أنكم بحاجة إلى مرويات الشيعة، فكيف تنكر ذلك؟

 تهمة سب الصحابة

ثم سألني أحد رفيقي الطالب الّلذين كانا معه، فقال: ما هو موقفكم من الصحابة؟ أنتم تسبون الصحابة.

وقال الآخر: قد ذكر في كتبكم سب الخلفاء.

قلت: في أي كتاب وفي أي مستند؟

قال: في كتاب نهج البلاغة قد ذكر السب والشتم، وكذلك في كتاب الكافي.

قلت: في أي خطبة من خطب نهج البلاغة ذكر ذلك؟ يا حبذا لو ترشدني إليه.

وفي هذا الوقت أذن المؤذن للصلاة.

واتفقنا أن نبحث مسألة السب والشتم في نهج البلاغة في لقاء آخر بعد الصلاة، وبعد أن أنهيت صلاة العصر ذهبت إلى المكتبة، فلم أجد أحداً منهم هناك.

 اعتراضي على ما ينشر ويوزع من كتب ضد الشيعة

وفي اليوم نفسه، أي السادس من شهر رمضان المبارك، ذهبت بعد أداء الصلاة إلى وكالة الرئاسة العامة، لأن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانوا قد أعطوني كتابين: أحدهما كتاب (أهل البيت يدافعون عن أنفسهم)، والثاني كتاب (حكم سب الصحابة)، فذهبت للشيخ عبد العزيز لأقدم اعتراضي على ما ورد في هذين الكتابين من افتراءات وأكاذيب.

فقلت للشيخ: قد ذكر في كتاب (حكم سب الصحابة) بعض المطالب عن الإمام الصادق، والإمام السجاد‘، ولكن لم يذكر المصدر، وقد تتبعت مصادرنا فلم أجد ما هو منقول فيه، ويبدو لي أنه لم يراع الإنصاف والموضوعية في هذا الكتاب؛ لأنه يخالف أسلوب التحقيق المتعارف في هذه الأيام، فحين تنقل النصوص والمطالب لابد من ذكر اسم الكتاب الذي نقلت منه، واسم مؤلفه، ودار النشر، وسنة الطبع.

والملاحظ أيضاً أنّ كتاب (أهل البيت يدافعون عن أنفسهم) قد ذكرت فيه روايات عديدة نسبت للشيعة، مع ذكر المصادر، لكنه كذب محض، لعدم وجود تلك الروايات في المصادر المذكورة.

وذكرت له أيضاً أنّ كتاب (لله ثم للتاريخ) المنسوب لشخص اسمه سيد حسين الموسوي والذي لا وجود له أصلاً، بل هو اسم مستعار، هذا الكتاب يوزع مجاناً في المدينة المنورة على الشباب الإيرانيين، وهو مملوء بالمسائل الخلافية بين السنة والشيعة، وكل ما ذكر فيه هو كذب وافتراء، وأطلعته على بعض نماذج هذا الكذب، حيث يقول المؤلف الوهمي: «في زيارتي للهند التقيت السيد دلدار علي، فأهداني نسخة من كتابه (أسس الأصول)...».

ثم يذكر لقاءاته مع بعض علماء النجف كالسيد الخميني والسيد الخوئي والسيد السيستاني.... وغيرهم.

ثم خاطبت الشيخ قائلاً: يا جناب الشيخ، إنّ أي شخص له أقل اطلاع على مضمون هذا الكلام يعلم أنّ ما ذكر هو كذب ولا أساس له من الصحة؛ لأن السيد دلدار توفي سنة 1235هـ، أي أنه توفى قبل مائتي عام، وعلى هذا فالمفترض أن يكون عمر المؤلف الآن 230 سنة، فهل يعقل هذا؟!

ثم إنه قد نسب إلى الإمام الخميني (رض) بعض الأمور غير الواقعية، من قبيل أنه شاهد حادثة زواج الإمام الخميني زواجاً منقطعاً (متعة) من صبية عمرها ست سنوات، وكان هذا المؤلف موجوداً هناك حين تزوج الإمام بها، حتى أنه سمع صراخها!!!

وهذه المسألة لا يمكن أن يصدقها أي شخص يعرف أخلاق الإمام الخميني، وما هي إلا قضية خيالية نسجها المؤلف من خياله المريض.

ولو كانت هذه القضية صحيحة لطبّل لها شاه إيران في تلك الفترة، وكذلك لاستغلها صدام ذريعة للطعن عليه؛ لأنها تعد نقطة ضعف في شخصية الإمام.

وأيضاً قد ذكر في هذا الكتاب: إذا أنت تدخل منزل الشيعة، وتحل ضيفاً عليهم فإنهم يقدمون زوجاتهم ويجعلونها تحت اختيار الضيف؟!!

أيها الشيخ! ماذا تفعل لو أن أحداً افترى عليك مثل هذا الافتراء؟

كما أنّ المؤلف يقول أيضاً في محل آخر: قال الصادق: إذا طال بك السفر فعليك بنكاح الذكر!!

أيها الشيخ! لو أنّ أحداً افترى على الخلفاء، أو على أحد علمائكم مثل هذه الفرية، فماذا تفعل؟

وبعد أن ذكرت له هذه النماذج لاحظت أنّ الشيخ عبد العزيز قد تأثّر كثيراً، وأظهر أسفه الشديد تجاه هذه المسألة، وقال: إني لم أكن مطلعاً على تفاصيل هذه المسائل، وإلاّ فإني لم أكن لأسمح بتوزيعه في المسجد، واعتذر عن ذلك كثيراً، وطلب مني الحضور في يوم الثلاثاء بعد صلاة الظهر في نفس المكان.

وفي يوم الثلاثاء ذهبت إلى الشيخ ووجدته قد أحضر المسؤول الأول عن دائرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطلب مني أن أنقل وأعرض عليه تلك المسائل، وذكرت له بعضها، وبعد أن سمع بذلك، قال: إني لم أكن مطلعاً على هذه القضايا التي في الكتاب، وقد اطلعت يوم أمس فقط، لهذا أصدرت أمراً بمنع نشر الكتاب وتداوله، ولا يحق لأي شخص توزيعه في المدينة المنورة، وسنقوم بجمع كلّ النسخ المتواجدة في المكتبات.

 وفي الختام ودّعوني بكل احترام، وأنا بدوري شكرتهم على ذلك، وودعتهم.

وفي مساء ذلك اليوم كنت قد غادرت المدينة المنورة متجها إلى مكة المكرمة.

ثالثا: في مكة المكرمة

هل تعتقد الشيعة بأن جبرائيل خان الوحي؟

في ليلة الخميس، في التاسع من شهر رمضان المبارك، في الساعة التاسعة ليلاً كنت منشغلاً بالعبادة خلف مقام إبراهيم×، وبعد الفراغ من بعض ما كنت فيه من العبادة تعرفت على أحد طلاب جامعة أم القرى، الذي قدم نفسه على أنّ اسمه جحوني، ويدرس في المرحلة الرابعة، قسم الشريعة الإسلامية.

ثم تكلمنا بعض الشيء، وعندها قال: بأنّ الإيرانيين يعتقدون بخيانة جبرائيل، حيث بلّغ الرسالة لمحمد’ بدلاً عن علي×؛ ولذا فإنهم بعد صلاتهم يرفعون أيديهم وينزلونها ثلاث مرات ويقولون: خان الأمين.

قلت: هذا الشيء لا أساس له من الصحة، فلو أنّك جئتني بكتاب من كتب الشيعة، أو رواية ولو كانت ضعيفة فيها ما يدل على دعواك، لتركت التشيع وصرت سنياً.

والآن هنا آلاف الإيرانيين في مكة المكرمة، اذهب واجلس إلى جنب أي منهم، واسمع ما يقولون بعد صلاتهم، عندما يرفعون أيديهم وينزلونها.

قال: أنا قمت بذلك، ولكنني لم أستطع أن أسمع ما يقولون.

وفي هذا الحال كان أحد الإيرانيين يجلس في الصف الذي أمامنا، وآخر يجلس إلى جهة اليسار، فانتهزت الفرصة، وسألتهم، قائلاً: عفواً أخي! ما تقولون بعد إتمام صلاتكم عندما ترفعون أيديكم وتنزلونها؟

أجابوني: بأنّهم يقولون ثلاث مرات: الله أكبر.

لقد تركت هذه القضية أثراً عجيباً في نفسية هذا الطالب، فقال: أنا لا ينبغي لي أن أجادل في هذا المكان إلى جانب بيت الله الحرام.

فقلت: هذا ليس جدالاً، فإنك نقلت افتراءً على الشيعة، وقمتُ بإبطاله عملاً، وإنّ قولك هذا كان موجوداً على امتداد تاريخ الإسلام، فهو محض افتراء وكذب على أتباع أهل البيت(علیهم السلام).

 ثم قلت: أنا من أساتذة الحوزة العلمية والجامعة، ولدي مجموعة من الأسئلة أودّ أن أطرحها وأريد أن أسمع الإجابة الصحيحة عنها.

فأجابني: إنّي على استعداد أن أكتب هذه الأسئلة، ثم أطلب من بعض الأساتذة الإجابة عنها، وكذلك أنا مستعد أن أتكلم مع أحد الأساتذة في جامعة أم القرى، فهو متضلع وخبير في المسائل الإسلامية، وبإمكانك أن تطرح عليه كلّ ما تريد من الأسئلة.

قلتُ: أنا جاهز، ولكن بشرط أن لا يتهمني بالشرك مسبقاً.

قال: ما هي نماذج هذه الأسئلة؟

قلتُ: إنّ عمدة ما يُتّهم به الشيعة من قبل أهل السنة، هي قضية أصحاب رسول الله’، وأنا عمدة ما أطرحه عليه أيضاً مرتبط بهذه المسألة.

ومن ذلك ما جاء في صحيح البخاري، وصحيح مسلم، بأنّ رسول الله’ قال: «يرد عليّ الحوض رجال من أصحابي فيحلؤون عنه، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى»([25]).

وفي رواية أخرى: «فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم»([26])، أي: إلا القليل.

وعن سهل بن سعد قال: «قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): ليردن عليَّ أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم... فأقول: إنّهم مني، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك!! فأقول: سحقاً لمن غير بعدي»([27]).

فبادر إلى كتابة ما ذكرته له، وقال: أنا إلى الآن لم أر هذه الروايات، ولم أسمع بها.

قلت: الأهم من هذا أنّ ابن حزم ذكر في كتابه المحلى([28]) أنّ الوليد بن جميع قد روى أنّ أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص أرادوا قتل النبيّ’ وإلقاءه من العقبة في تبوك، وقد ضعّف هذه الأخبار بالوليد بن جميع، ولكن عند مراجعتي لكتب رجال أهل السنة، رأيت أنّ أغلب علمائهم يقولون بتوثيقه.

فقد صرّح بوثاقته العجلي، ووثقه ابن معين([29]) وقال ابن سعد: «كان ثقة وله أحاديث»([30])، وأورده ابن حبّان في الثقات([31])، وقد نقل ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: «الوليد بن جميع ليس به بأس. نا عبد الرحمن، قال: ذكره أبى عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: الوليد ابن جميع ثقة. نا عبد الرحمن، قال: سئل أبي عن الوليد بن جميع، فقال: صالح الحديث. نا عبد الرحمن، قال: سألت أبا زرعة عن الوليد بن جميع، فقال: لا بأس به»([32]).

وقال الذهبي في ميزان الاعتدال: «وثقه ابن معين، والعجلي. وقال أحمد وأبو زرعة: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صالح الحديث»([33]).

وأعجب ما ورد في هذا الباب ما ذكره ابن كثير بأنّ عمر بن الخطّاب (رض) قال لحذيفة: «أقسمت عليك بالله أنا منهم؟ قال: لا، ولا أبرئ بعدك أحداً»([34]).

فكتب هذه المطالب في ورقة وأخذها معه، ولاحظت أنه كتب هذه المطالب بدقة، وقال: أنا سوف أسأل عن ذلك أساتذة الجامعة، وآتيك غداً ليلاً في هذا المكان، ومعي الجواب، وأنا أعلم بأن عمر (رض) من أصحاب رسول الله ‌الأوفياء، وعقلي يحكم بكذب هذه القضية.

فقلت: إنّها ليست مسألة حكم العقل أو عدمه، وإنما أريد أن أستفهم عما ذكره ابن حزم حول هذه القضية وردّه لها من جهة السند، مع أنّ علماء السنة قد وثقوا من نقلها، فما هو جواب علماء أهل السنة في هذه المسألة؟

وفي أثناء الحديث، قلت له: إنّ المسألة الأخرى المهمة بالنسبة لي: هي أنّ بعض علماء السنة نقلوا جملة من القضايا ونسبوها إلى الشيعة مع أنّها مزاعم كاذبة.

فعلى سبيل المثال: يقول ابن تيمية: الشيعة مثل اليهود، ويقولون بدل (السلام عليك) سام عليك، يعني: الموت لك.

ويقول أيضاً: إنّ الشيعة مثل اليهود، لأنّهم يعتبرون التصرف في أموال الناس مباحاً.

وكذلك يعتبرون خيانة الناس جائزة، وأمثال هذه الأمور.

فقال: بما أنّ ابن تيمية رجل موثوق، فإنّه إما أن يكون قد نقل له ذلك، أو أنّه قد رآه في مكان ما.

قلت: بعض علماء السنّة لا يعتبرون ابن تيمية ثقة، وذكروا في حقّه كثيراً من العبارات القاسية، مثل الحصني الدمشقي، وهو من علماء السنة شافعي المذهب، حيث قال في حق ابن تيمية: «حتى ظهر في آخر الزمان مبتدع من زنادقة حرّان، لبّس على أشباه الرجال، ومن شابههم من سيئي الأذهان، وزخرف لهم من القول غروراً، كما صنع إمامه الشيطان، فصدّهم بتمويهه عن سبيل أهل الإيمان، وأغواهم عن الصراط المستقيم إلى ثنيات الطريق ومدرجة النيران، فهم برزيّته في ظلمة الخطأ يعمهون، وعلى منوال بدعته يهرعون»([35]).

فأجاب: بأنه لا يعد كلام الحصني الدمشقي دليلاً، ولابد أن نرى علماء الرجال ماذا يقولون فيه.

قلت: إنّ علماء أهل السنة، يشيدون بالحصني الدمشقي، كالشوكاني، حيث يقول فيه: «وحضر جنازته عالم لا يحصيهم إلاّ الله، مع بعد المسافة وعدم علم أكثر الناس بوفاته، وازدحموا على حمله للتبرّك به، وختم عند قبره ختمات كثيرة، وصلّى عليه أمم ممن فاتته الصلاة على قبره، ورويت له منامات صالحة في حياته وبعد موته»([36]).

وفي البدر الطالع للشوكاني، قال: «السيد أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن بن حريز العلوي الحسيني الحصني... وأخذ العلم عن جماعة من أهل عصره وبرع، وقصده الطلبة وصنف التصانيف»([37]).

وقال عمر رضا كحالة: «الحصني الدمشقي الشافعي، المعروف بالحصني (تقي الدين) فقيه، محدّث، ولد في الحصن، وتوفّي بدمشق في جمادى الآخرة»([38]).

وقال الزركلي: «تقي الدين الحصني (752ـ 829 ه‍ = 1351ـ 1426م) أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن بن حريز بن معلى الحسيني الحصني، تقي الدين: فقيه ورع من أهل دمشق. ووفاته بها... له تصانيف كثيرة، منها (كفاية الاخبار) شرح به الغاية في فقه الشافعية، و(دفع شبه من شبّه وتمرّد)»([39]).

وقد فرح عندما سمع باسم الزركلي، وقال: كم جميل عندي بأن لك معرفة بكتاب الزركلي، وأنّك قد استفدت منه، فهو كتاب جيد.

قلت: هناك من ذمّ ابن تيمية، وهم غير الحصني الدمشقي، من قبيل: ابن حجر، والذهبي.

وفي هذا الوقت كان قد اقترب وقت السحور، فودع بعضنا بعضاً، وذهبنا على أمل اللقاء بأحد علماء أهل السنة الكبار في مكة المكرمة.

وبعد ليلتين، التقيت بالأخ جحوني الخبري في جوار بيت الله الحرام، وقال: إني التقيت بالشيخ محمد بن جميل بن زينو ـ وهو من كبار الأساتذة في مكة المكرمة يدرّس في دار الحديث إلى جانب البيت الحرام ـ وقد تذاكرنا ما دار بيننا فيما يتعلق بأسئلتكم، وأخذت منه موعداً للالتقاء به لكي يجيب عليها.

ومن ثم ذهبت معه إلى مكتب الاتصالات الكائن في باب عمر بن عبد العزيز، حيث تعرفنا على شخص يدعى (محمداً) أحد خريجي جامعة أم القرى وعضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بيت الله، وقد أهدى لي عدداً من كتب الشيخ محمد بن جميل بن زينو التي كان قد بعثها الشيخ، وقال: طالع هذه الكتب، وسوف نلتقي بكم في الليلة القادمة بعد الانتهاء من صلاة التراويح، لنذهب عند الشيخ محمد بن جميل بن زينو.

اللقاء بالشيخ محمد بن جميل بن زينو

في ليلة الأربعاء المصادف الخامس عشر من شهر رمضان، وبعد الانتهاء من صلاة التراويح ذهبنا إلى مكتب الاتصالات ومنه انطلقنا مع الشيخ محمد، وثلاثة من الطلاب المتخرجين من جامعة أم القرى في سيارته إلى بيت الشيخ محمد بن جميل بن زينو، الواقع في شارع العزيزية.

وبعد أن وصلنا وجدنا عنده عدداً من علماء اليمن، وهم يسألون الشيخ عن مسائل عدّة، وهو يجيب عن أسئلتهم، وهم يكتبون ما يجيب بعناية.

في البداية استقبلنا بكل حرارة، وقد أهدى لي أحد تأليفاته، وقال: رأيت في يوم من الأيام في مكة أحد علماء إيران، وقد جمع إلى جانبه عدّة من الأفراد وهو يتحدث إليهم. وقد أعطاني بعض أشعاره، وكانت أشعاراً جميلة جداً، وقد ذكرت هذه الأشعار في نهاية كتابي هذا الذي بين يديك.

فطلب مني الشيخ أن أقرأ هذه الأشعار المذكورة في كتابه، وفعلاً قرأت جميع تلك الأبيات التي كانت بحدود صفحتين، وقد سألني عن بعض الأبيات فقمت بتوضيحها له، فكان مسروراً بذلك.

ثم قال لي الشيخ: لماذا يسموننا بالوهابية مع أنّ القاعدة تقتضي أن يسمونا محمدية؛ لأننا من أتباع محمد بن عبد الوهاب؟

قلت: لعله بلحاظ أنّ (وهّاب) هو اسم من أسماء الله تعالى.

فسره ذلك، وربّت على كتفي وقال: بارك الله.

ثم سألني: لماذا تقدم المفعول به على الفعل في جملة (إياك نعبد)؟

قلت: لأنّ تقديم المفعول به على الفعل من أساليب الحصر.

ورأيته قد سُرّ بالإجابة على ذلك أيضاً.

قلت: يا شيخ، اسمح لي بأن أطرح بعض الأسئلة عليك وأرجو ألاّ تتهمني بالشرك والزندقة بسبب ذلك.

فتبسم الشيخ وقال: لماذا نتهمك بالشرك؟!

قلت: لأنّي قد حاورت الكثير من إخواننا أهل السنة، فحينما يعجزون عن الإجابة يتهمون الشخص بالشرك والزندقة، أو يوجهون له عبارات مهينة، ومن الأمثلة على ذلك ما حصل لي في سفري الأخير إلى المسجد النبوي الشريف.

ثم شرعت بحكاية قصة الشخصين اللذين كان قد دار بيني وبينهما حوار ونقاش حول بعض المسائل الخلافية في المسجد النبوي.

فقال لي: إنّ تصرفهما ليس صحيحاً وهو بعيد عن أخلاق المسلمين.

وبعدها قال: سل عما بدا لك فإني سوف أجيبك عنه.

توسل الصحابة بقبر النبي محمد’

قلت: كان أحد كتبك التي أرسلتها إليَّ مع أحد طلبتكم يتضمن بحثاً عن التوسل، وقد أثبتَّ فيه عدم جوازه اعتماداً على رواية واحدة فقط، ولم تذكر الروايات الأخرى المرتبطة بالموضوع، وهذا ليس بحثاً موضوعياً، وبعيد عن المنهج الصحيح للبحث.

فقال: أي رواية تقصد؟

قلت: رواية عمر بن الخطاب، التي نقلتها عن صحيح البخاري: «عن أنس (رض): أنّ عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنّا كنا نتوسل إليك بنبيّنا (صلّى الله عليه وسلّم) فتسقينا، وإنّا نتوسل إليك بعم نبيّنا فاسقنا»([40]).

مع أنّ عبارة (كنا نتوسل بنبيّنا) مطلقة، شاملة لحياته وبعد مماته، ولا توجد قرينة تقيد ذلك الإطلاق بخصوص حياة النبيّ’.

بالإضافة إلى أنّه لا يمكن أن نفترض أنّ عملاً كان جائزاً في حياته، ولكنه غير جائز وشرك بعد مماته’.

قال الشيخ محمد بن جميل بن زينو: لم يثبت لدينا في مورد بأن الصحابة قد توسلوا بقبر النبي بعد رحلته صلى الله عليه وسلم.

قلت: كيف لا؟! وتوجد رواية قد وردت في الكثير من كتبكم تثبت بأن أحد الصحابة كان يتوسل بقبر النبيّ‌’.

وهنا قال أحد الحاضرين معترضاً: إنّ القول (يا رسول الله) شرك.

قلت: قد جاء في هذه الرواية قول: يا رسول الله، فقرأتها لهم، فقلت: روى البيهقي وابن أبي شيبة بسنده إلى الأعمش، عن ابن صالح، قال: «أصاب الناس قحط في زمن عمر (رض) فجاء رجل إلى قبر النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، فقال: يا رسول الله هلك الناس، استسق لأمّتك، فأتاه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في المنام، فقال: ائت عمر فأقرأه مني السلام، وأخبره أنّهم مسقون، وقل له: عليك الكيس! عليك الكيس! قال: فأتى الرجل عمر، فبكى عمر (رض)، وقال: يا ربّ ما آلو إلاّ ما عجزت عنه»([41]).

قال الشيخ: هذه الرواية غير صحيحة.

قلت: لقد صحّح هذه الرواية ابن حجر في فتح الباري وابن كثير في البداية والنهاية.

قال ابن حجر: «روى ابن أبي شيبة، بإسناد صحيح»([42])، وقال ابن كثير عن رواية البيهقي: «هذا إسناد صحيح»([43]).

فأمر بجلب كتاب فتح الباري والبداية والنهاية، ولكن للأسف لم يكن عنوان الصفحة التي ذكرتها متطابقاً مع الطبعة التي عنده؛ لاختلاف الطبعات.

فقلت له: إنّ طبعة هذين الكتابين تختلف عن الطبعة التي نقلت عنها المصدر، ولكن غداً مساءً سوف أثبت لكم ذلك، أو آتيكم بجهاز الحاسوب لتروا بأمّ أعينكم المطلب الذي ذكرته لكم.

قال الشيخ: حسناً نحن بانتظاركم في الجلسة القادمة.

اشتراك بعض الصحابة في محاولة اغتيال رسول الله’

قلت: يا شيخ! ينقل ابن حزم الأندلسي في كتابه المحلى بأنّ أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص أرادوا قتل النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)، وإلقاءه من العقبة في تبوك، ولكنه ادّعى بأنّ هذه الأخبار من موضوعات وليد بن جميع، وهو هالك([44]).

والحال أنّ كبار علماء الرجال قد وثقوه، من قبيل العجلي([45])، وابن معين([46])، وابن سعد([47]).

قال الذهبي في ميزان الاعتدال: «وثقه ابن معين، والعجلي. وقال أحمد وأبو زرعة: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صالح الحديث»([48]).

وأورده ابن حبان في الثقات([49]).

وأعجب ما ورد في هذا الباب هو ما ذكره ابن كثير: «بأنّ عمر بن الخطاب، قال لحذيفة: أقسمت عليك بالله أنا منهم؟ قال: لا، ولا أبرئ بعدك أحداً»([50]).

فأجاب قائلاً: لحد الآن لم أرَ ولم أسمع مثل هذا المطلب، وأمر بجلب كتاب المحلّى، ولكن بذلوا الجهد في البحث عن الكتاب فلم يعثروا عليه.

نقد كتاب (لله ثم للتاريخ)

ونحن في هذه الحالة تناول الشيخ كتاباً بعنوان (لله ثم للتاريخ) وقرأ منه فقرة تتعلق بالسيد الخميني&.

فقلت: يا شيخ، إني لأعجب منكم ـ وأنتم بهذه المكانة العلمية ـ كيف تستندون إلى كتاب مؤلفه موهوم، ولا يتضمن إلا أكاذيب وافتراءات محضة؟!

 فقال: وكيف ذلك؟

قلت: أولاً: أنّ مؤلفه الذي يعرف بالسيد حسين الموسوي، لم يكن شخصية حقيقية واقعية، بل هو شخص مفتعل لا وجود له في الواقع، ولم يعرف علماء النجف طالباً أو عالماً شيعياً بهذا الاسم في النجف الأشرف أبداً.

وثانياً: أنّ نفس هذا المؤلف الوهمي، على فرض وجوده، قد قال في الكتاب المنسوب إليه في صفحة (104): «في زيارتي للهند، التقيت السيّد دلدار علي، فأهداني نسخة من كتابه أساس الأصول...».

 وقد ذكر في كتابه أنه التقى مرات عديدة بالإمام الخميني وغيره من كبار العلماء: كالسيد الخوئي، والسيد السيستاني، و.... في النجف الأشرف.

ثم خاطبت الجالسين قائلاً: أيها الإخوة الأعزاء! إني قد طالعت كتب المعاجم لعلماء الشيعة والسنة فوجدت أنهم ذكروا أنّ السيد دلدار النقوي توفي في سنة (1235هـ) وإليكم بعض النماذج:

 قال المحقق الطهراني: «أساس الأصول في الرد على الفرائد الاسترآبادية، للعلامة دلدار علي بن محمد معين نقوي النصير آبادي اللكنهوي المجاز من آية الله بحر العلوم المتوفى سنة (1235هـ)»([51]).

وقال السيد إعجاز حسين: «أساس الأصول في أصول الفقه، لمولانا السيد دلدار علي بن السيد محمد معين النصيرآبادي أعلى الله ذكره في أعلى عليين المتوفى سنة خمسة وثلاثين ومائتين بعد الألف، نقض فيه على صاحب الفوائد المدنيّة فيما أورده على الأصوليين»([52]).

قال إسماعيل باشا البغدادي في هدية العارفين: «النصر آبادي، السيد دلدار علي بن السيد معين الدين النصرآبادي الشيعي المجتهد في لكنهو توفي سنة (1235هـ)، خمس وثلاثين ومائتين بعد الألف، له أساس الأصول»([53]).

قال خير الدين الزركلي في الأعلام: «دلدار علي (1166 ـ 1235هـ ـ1753 ـ 1820م) دلدار علي بن محمد معين النقوي الهندي: مجتهد إماميّ، من نسل جعفر التواب أخي الحسن العسكري... من كتبه عماد الإسلام في علم الكلام، خمس مجلدات، وآخر لم يطبع، وأساس الأصول»([54]).

ثم قلت: أخبرني كيف يمكن لشخص قد التقى بالسيد دلدار قبل (210) سنة أن يلتقي بمراجع النجف الأشرف قبل عشر سنوات؟!

ثالثاً: أنّ الكاتب قد أورد بعض الروايات ونسبها إلى الصدوق في كتابه (من لا يحضره الفقيه)، وهذه الروايات ليس أنها غير موجودة في هذا الكتاب فحسب، بل لا وجود لها في كتبنا الأربعة ولا في بحار الأنوار.

فقال بعض الحاضرين: كيف يمكن لنا أن نتصور أنّ المؤلف يذكر رواية من مصدر ثم لا يكون لها وجود فيه؟!

فأجبته: إن كانت هذه الروايات التي استند إليها موجودة في كتاب (من لا يحضره الفقيه)، فأنا على استعداد أن أترك التشيع وأكون وهابياً.

فأوجد كلامي هذا إرباكاً وتلاوماً في المجلس، بحيث اعترض بعض الطلبة على الشيخ قائلاً: نحن طلبنا منك أن لا تستشهد بهذه الكتب في الجلسة، فإنّه يذهب بماء وجوهنا، ويوقعنا في الخجل والإحراج.

ابن تيمية يفتري على الشيعة

قلت: ذكر ابن تيمية مطالب تتعلق بالشيعة كلها كذب محض، ولا توجد مثل هذه المطالب في كتب الشيعة ولم يعتقد بها أحد من علمائهم.

قال: ما هي تلك المطالب التي ذكرها؟

وفي هذه الأثناء كنت قد كتبت بعض تلك المطالب من كتاب منهاج السنة في ورقة صغيرة وأريته إياها، وكانت تلك المطالب بالنحو التالي:

«الرافضة لم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة، ولكن مقتاً لأهل الإسلام وبغياً عليهم.

وقالت اليهود: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال، وينزل سيف من السماء، وقالت الرافضة: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينادي منادٍ من السماء.

واليهود يؤخرون الصلاة إلى اشتباك النجوم، وكذلك الرافضة يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم، واليهود تزول عن القبلة شيئاً، وكذلك الرافضة.

واليهود تنود في الصلاة وكذلك الرافضة.

واليهود تسدل أثوابها في الصلاة وكذلك الرافضة.

واليهود لا يرون على النساء عدّة وكذلك الرافضة.

واليهود حرّفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرّفوا القرآن.

واليهود قالوا افترض الله علينا خمسين صلاة، وكذلك الرافضة.

واليهود لا يخلصون السلام على المؤمنين إنّما يقولون سام عليكم، والسام الموت، وكذلك الرافضة.

اليهود لا يأكلون الجري والمرماهي والذناب، وكذلك الرافضة.

واليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.

واليهود يستحلون أموال الناس كلهم وكذلك الرافضة، وقد أخبرنا الله عنهم بذلك في القرآن إنّهم (قالوا ليس علينا في الأميين سبيل)، وكذلك الرافضة.

واليهود تسجد على قرونها في الصلاة وكذلك الرافضة.

واليهود لا تسجد حتى تخفق برؤوسها مراراً شبه الركوع، وكذلك الرافضة.

واليهود تبغض جبريل ويقولون: هو عدونا من الملائكة، وكذلك الرافضة يقولون: غلط جبريل بالوحي على محمد (صلى الله عليه وسلم).

 وكذلك الرافضة وافقوا النصارى في خصلة النصارى: ليس لنسائهم صداق إنّما يتمتعون بهن تمتعاً، وكذلك الرافضة يتزوجون بالمتعة ويستحلون المتعة»([55]).

ثم قلت: هل رأيتم أحداً من بين مئات الآلاف من الشيعة الإيرانيين الحجاج قد انحرف عن الكعبة أثناء صلاته؟

أو أنهم قد قالوا في أثناء سلامهم: سام عليكم؟

وهل يستطع أحد أن يثبت أنه وجد في كتاب من كتب الشيعة نفي العدة عن النساء أو أنّ عالماً من علماء الشيعة لا يعتقد بعدة الطلاق.

قال الشيخ: في أي كتاب قد ورد ذكر هذه المطالب عند ابن تيمية؟

قلت: في كتاب منهاج السنة، المجلد الأول في صفحة (23ـ 27).

وهنا أظهر تعجبه من ذلك.

فقلت له: وقال ابن تيمية أيضاً: «لو كانت الشيعة من البهائم لكانت حُمُراً ولو كانت من الطير لكانوا رخَماً»([56]).

فلو أنّ شخصاً قد نسب إليك مثل هذه الافتراءات فماذا يكون ردّ فعلك؟

واللطيف في الأمر أنّ مثل هذه الأمور قد نقلها ابن تيمية عن الشعبي عن شخص اسمه (عبد الرحمن بن مالك بن مغول) الذي قد ضعفه علماء الرجال بشدة([57]):

قال أحمد بن حنبل: «خرقنا حديثه منذ دهر من الدهر»([58]).

وجاء في كتاب (الجرح والتعديل): «كذاب، وابنه أبو بهز السقر بن عبد الرحمن أكذب منه»([59])، وفي موضع آخر: «نا عبد الرحمن قال: قرئ على العباس بن محمد الدوري، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الرحمن بن مالك بن مغول قد رأيته، وليس هو بثقة. نا عبد الرحمن قال: سمعت أبي يقول: عبد الرحمن بن مالك بن مغول متروك الحديث»([60]).

وقال الخطيب البغدادي: «من أكذب الناس»([61]).

ونقل عن محمد بن عمار الموصلي قوله: «كان عبد الرحمن بن مالك بن مغول كذّاباً أفّاكاً، لا يشك فيه أحد»([62]).

قال الشيخ: أنا لم أر مطالب ابن تيمية هذه لحد الآن، ولكني شخصياً قد كتبت بعض المسائل حول الشيعة في بعض مؤلفاتي.

في هذه الأثناء نهض وأخرج من بين تأليفاته كتاباً، وفيه بعض ما يتعلق بالشيعة في صفحتين وقرأها.

بعد ذلك قال: هل رأيت كتاب الحكومة الإسلامية للإمام الخميني؟

قلت: نعم.

قال: إنّ الإمام الخميني يقول: إنّ مقام الأئمة هو أعلى من مقام الأنبياء والملائكة، فماذا تقول أنت؟

قلت: أنا لست من مقلدي الإمام الخميني، لكني من أهل الاجتهاد وأصحاب النظر، ولا بد أن ألحظ أدلة الإمام الخميني، فهل أنّ أدلته وما استند إليه صحيحة أم لا؟ فإذا كانت صحيحة فعقيدتي نفس عقيدة الإمام الخميني وإلاّ إذا لم تكن الأدلة صحيحة فلا أعتقد بمضمونها.

هل أن إضافة (حي على خير العمل) في الأذان بدعة؟

في هذا الوقت كان حاضراً معنا عالم من علماء اليمن، قال: يوجد في بلادنا بعض الشيعة الذين يقولون في أذانهم «حي على خير العمل».

قال الشيخ: ما هذه الخرافات التي يعتقد بها الشيعة؟ كيف يسمحون لأنفسهم بمثل هذه البدع؟

قلت: أولاً: أنّ هذه الفقرة موجودة في كتب أهل السنة، وقد كانت في صدر الإسلام من ضمن فقرات الأذان، لكن عمر (رض) قد نهى عنها.

 يقول القوشجي، وهو من علماء الكلام الكبار عند أهل السنة: «إنه (أي عمر بن الخطاب) خطب الناس، وقال: أيّها الناس، ثلاث كنّ على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، أنا أنهى عنهنّ، وأحرّمهنّ، وأعاقب عليهنّ، وهي: متعة النساء، ومتعة الحج، وحي على خير العمل»([63]).

ونقل الشوكاني عن كتاب الأحكام ليحيى بن الحسين بن القاسم المتوفى سنة 298: «وقد صحّ لنا أنّ حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يؤذن بها، ولم تطرح إلاّ في زمن عمر، وهكذا قال الحسن بن يحيى: روي ذلك عنه في جامع آل محمد، وبما أخرج البيهقي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أنّه كان يؤذّن بحي على خير العمل أحياناً»([64]).

وقال ابن حزم أيضاً: «وقد صحّ عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف: أنّهم كانوا يقولون في أذانهم: حيّ على خير العمل»([65]).

وكذلك نقل عدد من الصحابة والتابعين أنّ فقرة «حي على خير العمل» من ضمن الأذان، منهم:

1ـ عبد الله بن عمر([66]).

2ـ علي بن الحسين×([67]).

3ـ أبو اُمامة بن سهل بن حنيف([68]).

4ـ بلال مؤذن الرسول’([69]).

5ـ أبو محذورة مؤذن رسول الله’([70]).

6ـ زيد بن أرقم([71]).

وورد من طرقنا عن:

7ـ علي بن أبي طالب×([72]).

8ـ محمد الباقر×([73]).

9ـ جعفر الصادق×([74]).

وثانياً: ما معنى فقرة: «الصلاة خير من النوم» التي نسمعها في أذانكم؟ فكل شخص ـ حتى الأطفال ـ يعلمون أنّ الصلاة هي خير وأفضل من النوم.

وثالثاً: لو نظرنا إلى فقرة «حي على خير العمل» لوجدناها متناسبة مع ما قبلها من الفقرات «حي على الصلاة»، «حي على الفلاح»، أما فقرة «الصلاة خير من النوم» فلا نشعر بأي انسجام بينها وبين الفقرات التي قبلها.

فقال: نحن نذكر فقرة الصلاة خير من النوم في صلاة الصبح فقط.

في هذا الوقت، وفي حدود الساعة الثانية بعد منتصف الليل، انتهى اللقاء.

ثم ذكر الشيخ للطلاب الذين كانوا حاضرين معه في اللقاء بعض الأمور التي لم ألتفت إلى مراده منها.

 ثم ودّعتهم وخرجت على أمل اللقاء وإكمال الموضوع في الليلة القادمة.

مرافقة بعض الطلبة الجامعيين إلى محل سكناهم

ذهبت مع جمع من طلبة جامعة أم القرى إلى محل سكناهم واستراحتهم، وقد لاقيت منهم احتراماً كبيراً, وكانوا قد هيأوا لنا وجبة من الطعام للسحور، فتناولناها معاً.

والظريف في هذا اللقاء أنّ أحد الطلاب قال: أنتم معشر الشيعة تقولون: «يا علي» وهذا شرك!

فقلت: إذا كان هذا الشخص الذي يقول: «يا علي» معتقداً أنّ علياً سيعينه مستقلاً عن الله سبحانه وتعالى، فهذا عين الشرك، ولكن إذا كان يعتقد بأن علياً× سيعينه بإذن من الله سبحانه وتعالى، فلا ضير في ذلك، كما هو الحال في عيسى× حيث يقول القرآن: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ}ـ آل عمران: 49 ـ فإذا كان علي× بإذن الله يشفي المرضى ويحل مشاكل الناس فما هو الإشكال في ذلك؟

فتعجب السائل من هذا الجواب وعجز عن الرد.

واعترض عليه طالب آخر من الحضور، قائلاً: ألم يُطلب منكم أنّه غير الطالب (جابر) لا يحق لأحد أن يجيبه؟

فقال مستخفاً بالسائل: هل لك القدرة الآن على دفع إجابته!!؟ فأجبه إن استطعت، أجبه!

قلت: لماذا تستخف بالسائل؟ هو سأل وأنا أجبته، فما المشكلة في ذلك؟

وبعد تناول وجبة السحور أوصلوني بالسيارة إلى محلّ إقامتي.


   

 






حوارات ومكاتبات
مع الدكتور الغامدي

 


تمهيد

نظراً لما قام به الدكتور الغامدي من حذف جملة من الحوارات التي دارت بيننا واختزال بعضها في كتابه (حوار هادئ)، مع أهمية تلك الحوارات ودورها في رسم معالم الحقيقة، سوف أستعرض للقارئ الكريم ـ في هذا الكتاب ـ جميع ما جرى بيننا من الحوارات حتى التي أغفل ذكرها الدكتور في كتابه، كما سأضع فيه المكاتبات التي حصلت بيننا بكل تفاصيلها.


 

حوار مع الدكتور أحمد الغامدي

الأستاذ في الدراسات العليا بجامعة أم القرى

في الليلة السادسة عشرة من شهر رمضان المبارك لسنة 1423 هـ، بعد صلاة المغرب، وبمعية عدد من طلاب جامعة أم القرى، ذهبنا نحو بيت الدكتور أحمد بن سعد حمدان الغامدي، أحد أساتذة جامعة أم القرى الكبار، وقد استقبلنا بحفاوة وحرارة.

فتوجّه نحوي سائلاً: ماذا تدرِّسون في إيران؟

قلت: أدرِّس علم الرجال والحديث والفرق الإسلاميّة.

فقال: كتب رجال الشيعة مثل: رجال النجاشي والكشّي وغيرهما هي من ضعاف الكتب، فلم يذكر أي جرح أو تعديل للرواة فيها.

فقلت له: هل قرأت رجال النجاشي؟

قال: لا! ولكنّي قرأت مجمع الرجال للقهبائي، ولم أجد فيه أيّ جرح أو تعديل للرواة، ولم يذكر فيه مشايخ الرواة ولا تلاميذهم.

قلت: بل العكس هو الصحيح، فإنّ مجمع رجال القهبائي يضم كتاب رجال النجاشي وفهرست الشيخ الطوسي، وقد ذكرا فيه الجرح والتعديل لأغلب الرواة.

ويمكن لك أيضاً الرجوع إلى كتاب الرجال للسيّد الخوئي، الذي ذكر فيه أقوال كلّ الرجاليّين المتقدّمين الذين تعرّضوا إلى جرح وتعديل الرواة، وهكذا قد ذكر مشايخ كلّ راوٍ تحت عنوان (روى عن...) كما ذكر تلاميذه تحت عنوان (روى عنه...)، مضافاً إلى ذكر مواضع رواياته في الكتب الأربعة للشيعة (الكافي، الفقيه، التهذيب، والاستبصار) مشيراً إلى موارد اختلاف الكتب والنسخ، بحيث لا يوجد عند أهل السنّة كتاب رجاليّ بهذا الشكل.

فقال: إنّني لم أسمع بهذا الكتاب ولم أره.

تهجم الدكتور على الشيعة

وبعد ذلك بدأ بالكلام حول الشيعة، وأذكر خلاصة كلامه:

حيث قال: أرسل الباري تعالى الأنبياء والرسل لهداية البشر، وأرسل رسوله محمداً’ ليكمل الدين ويختم به.

وقد أرسل هذا الدين الكامل بواسطة الرسول العربي’ للعرب، ولو كانت أمّة خيراً منهم لأرسل الرسول محمداً’ إليهم....

وهذا الجيل الذي ربّاهم اللّه، من أفضل الأجيال، ولوكان جيل أفضل من هذا الجيل لأرسل الرسول إليهم.

وأنزل القرآن عربيّاً ليكون معجزة؛ لأنّ اللغة العربية أكمل اللغات وأفضلها، ولو كانت لغة أفضل من هذه اللغة لنزّل القرآن بتلك اللغة.

وقد أبلغ ما احتاجت إليه الأمّة لتكاملها خلال 23 سنة، ولم يقصّر في شيء، وقد شخّصت الأمة وظيفتها الشرعيّة، وانتخبت أبا بكر، وبايعه جميع المسلمين على ذلك، وكذلك علي× قد بايعه بعد ستّة أشهر، واستطرد قائلاً: ما قال عليٌ بأنّهم غصبوا حقي!

والزهراء÷ في مسألة الإرث طلبت من أبي بكر أمراً، ولكنّه، وبناءً على قول الرسول’: «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث» لم ينفذ طلبها، وقد ماتت وهي غاضبة عليه.

وتزعم الشيعة أنّ الرسول الأكرم’ قد اختار عليّاً× للخلافة نيابة عنه، لكن الصحابة خالفوا ذلك، وهل يمكن للصحابة أن يخالفوا ذلك؟!

ومعنى هذا الكلام: أنّ جميع الأصحاب قد أخطأوا إلا قليلاً منهم جداً، وهذا القليل هم من كانوا على الحق ولم يخطأوا بحسب ظن الشيعة!

ونزول آية: {بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ} في حقّ عليً× من موهومات الشيعة، وليس لدينا رواية واحدة تؤيّد هذا المدّعى، وأنّ الرسول’ قد اختار علياً× للخلافة....

وتقول الشيعة بالتقيّة، حتى قالوا: «من لا تقيّة له لا دين له»....

وقد نقل في الكافي أنّ أبا حنيفة قد دخل على الإمام الصادق في يوم ما في أمر، وأقسم الإمام كذباً أمام أبي حنيفة، لكنّنا معاشر السنة، وإن كنّا لا نعترف به كإمام لكنّه موثّق وصادق عندنا.

وبعقيدتي أنّ 90 % من روايات الكافي، والتي نقلت عن الإمام الصادق×، هي كذب محض لا غير.

وتعتقد الشيعة أنّ القرآن ناقص، ويفسّرونه تفسيراً باطنيّاً، وأنّ كلّ ما نزل في القرآن الكريم من فضائل ومدائح هو في حقّ علي×، وكلّ نقص ومذمّة نزلت في حق أعدائه.

ويفسّرون البقرة بعائشة، مع أن آية: {الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} تدلّ على طيبة كلّ أزواج النبيّ’، ويستحيل أن تكون زوجته خبيثة.

وتدّعي الشيعة أنّ عليّاً قد عيّن أحد عشر نفراً من بعده للخلافة، وكلّهم من أولاده.

وقد رأيت في أحد كتب الشيعة أنّ زوجة الإمام الحسن العسكري لم تحمل، وقد فتّش بيته من قبل السلطة ولم يجدوا أطفالاً فيه، وقد قسمت التركة وأمواله بين الورثة.

فمتى سيظهر الإمام المهدي؟ هل سيكون ظهوره عند جبل رضوى؟ أم من السرداب؟

وأنتم تقولون: إنّ الظهور يجب أن تسبقه مقدّمات وتمهيد، وأنّ الدولة الإسلاميّة في إيران هي مقدمة وتمهيد لظهوره، فلماذا لا يظهر؟

اعتراضي على الدكتور أحمد الغامدي

وبعد أن أتم كلامه قلت له: لديّ عدّة اعتراضات على كلامكم، وأودّ أن أبيّنها لكم قبل الدخول بالموضوع.

فقال: تفضل.

فقلت: قلتم إنّ العرب هم أفضل قوميّة في العالم، ولكنّ القرآن الكريم يقول: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ}([75]).

فقال: ما هو المراد من الآية؟

قلت: تقول الآية: إنّ العرب قوم معاندون، ولو اُنزل على غيرهم لما آمنوا به، فما رأيك في ذلك؟

فقال: عليّ أن أرجع إلى التفاسير، وانتفض قائماً ليجلب تفسير ابن كثير وبدأ بالقراءة، فقال: ورد في هذا التفسير أنّ القرآن لونزّل على غير العرب ـ وبما أنّهم لا يعرفون العربيّة ـ لم يكونوا ليعرفوا معاني الآيات ويفهموها.

قلت: فلِمَ نزّل بالعربيّة، وقد آمن به غير العرب، كما هو المعمول به حاليّاً من ترجمة الكلمات العربيّة وتفسيرها إلى غير العربيّة، فبالإمكان أن تترجم باقي اللغات إلى العربية أيضاً.

فلم يحر جواباً، وقال: لنبدأ ببحث آخر، فهذا البحث لا فائدة فيه.

عجز الدكتور عن الإجابة عن آية التبليغ

قلت: أنتم ذكرتم أنّ آية التبليغ ونزولها في حقّ عليّ×، هي من موهومات الشيعة! والحقّ أنّ كثيراً من علماء السنّة قد صرّحوا بنزولها في حقه×، منهم ابن جرير الطبري في كتاب الإمامة.

قال: لايوجد للطبري كتاب باسم الإمامة، وهذه أيضاً من ألاعيب الشيعة، إذ ينسبون بعض الكتب لبعض الأفراد كذباً وزوراً.

قلت: إن كثيراً من علمائكم ذكروا بأن للطبري كتاباً باسم الإمامة أو الولاية([76]).

ثمّ أخرجت له من جيبي ورقة، وقرأت فيها: قد نقل هذا الحديث كثير من علماء أهل السنّة مثل: السيوطي في الدر المنثور([77])، والشوكاني في فتح القدير([78])، والحسكاني في شواهد التنزيل([79])، والفخر الرازي في التفسير الكبير([80])، والنيسابوري في أسباب النزول([81])، والعيني في عمدة القاري([82])، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة([83]).

فأجاب الدكتور أحمد الغامدي: ذكر أحدهم ذلك والبقية نقلوا عنه.

ومن ثمّ قام من فوره وأتى بفتح القدير، وأتى بالآية المختلف فيها، وأخذ يقرأ حتى وصل إلى عبارة: «أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر، عن أبي سعيد الخدري، قال: نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ} على رسول اللّه يوم غدير خم، في علي بن أبي طالبK. وأخرج ابن مردويه، عن ابن مسعود، قال: كنّا نقرأ على عهد رسول اللّه: (ياأيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك أنّ عليّاً مولى المؤمنين)».

ولما قرأ هذه العبارة تأمّل قليلاً، وقال بعدها: لِمَ تركتم كلّ موارد شأن النزول وتمسّكتم بهذه فقط؟!

قلت: أنتم تفضّلتم وقلتم: إنّ هذه من موهومات الشيعة، فأردت أن أثبت لكم العكس، وأنّها حقيقة لا وهم فيها.

فقال: عليّ الاطلاع على سند هذه الرواية، فابن مردويه فيه بعض الكلام.

فقلت: الرجاء أن تعلمني بالأمر إن توصّلتم إلى نتيجة في هذا الصدد.

وقد تألم كثيراً مما حصل، والتفت إليّ قائلاً: يوجد في كتب الشيعة أمور ذكرت تحت عنوان التقية، وقد نسبت للإمام الصادق×كذباً وزوراً، وهو منزّه وأجلّ من ذلك.

فقلت: يا جناب الدكتور، مع احترامي الشديد لكم، ولكنّي لا أقبل الاتّهامات من دون دليل وتوثيق، وأرجو أن تدعموا أقوالكم بالدليل القاطع؟

فقام متوجّهاً نحو مكتبته، وأتى ببعض الأوراق المصورة، وبدأ يقرأ الرواية التي وردت فيها التقية، وقد نقلت من الكافي:

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن بكار بن بكر، عن موسى بن أشيم، قال: «كنت عند أبي عبد اللّه× فسأله رجل عن آية من كتاب اللّه عز وجل، فأخبره بها ثمّ دخل عليه داخل سأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر الأوّل، فدخلني من ذلك ما شاء اللّه حتى كأن قلبي يُشرّح بالسكاكين.

فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في واو وشبهه وجئت إلى هذا، يخطئ هذا الخطأ كلّه، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية، فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي، فسكنت نفسي، فعلمت أنّ ذلك منه تقية.

قال: ثمّ التفت إليّ، فقال لي: يا بن أشيم، إنّ اللّه عز وجل فوّض إلى سليمان بن داود، فقال: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}([84]).

وفوّض إلى نبيّه، فقال: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}، فما فوّض إلى رسول اللّه فقد فوّضه إلينا»([85]).

فقلت: وقع في سند الرواية موسى بن أشيم، وهو راو ضعيف.

وأخرجت ما ورد عنه في كتب الرجال عند الشيعة عن طريق الحاسوب بسرعة، فقرأ بنفسه ما ورد في رجال ابن داود: «غال خبيث»([86]).

وكذلك ما ورد في معجم رجال السيّد الخوئي، حيث قال: «إنّ ابن أشيم كان خطّابياً».

ونحن الشيعة نرى أنّ الخطّابية ليسوا بمسلمين؛ فضلاً عن كونهم من الشيعة.

وعندها رفع يديه مسلّماً ومذعناً، وهي أعلى درجات الشهامة والفضيلة، فقال: قبول! قبول!

ثم استطرد قائلاً: يوجد في الكافي مطلب آخر عن التقية، وأتى بأوراق مصوّرة أخرى عن رواية موجودة في الكافي، ولكن لم يذكر فيها رقم الصفحة ورقم الحديث، فاستطعت إخراجها عن طريق الحاسوب، وفيها:

>علي، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن أبي جعفر الصائغ، عن محمد بن مسلم، قال: دخلت على أبي عبد اللّه× وعنده أبو حنيفة، فقلت له: جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة، فقال لي: يا بن مسلم هاتها فإنّ العالم بها جالس (وأومأ إلى أبي حنيفة)، قال: فقلت: رأيت كأنّي أدخل داري وإذا أهلي خرجت عليّ فكسرت جوزاً كثيراً ونثرته عليّ، فتعجّبت من هذه الرؤيا، فقال أبو حنيفة: أنت رجل تخاصم وتجادل لئاماً في مواريث أهلك، فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها إن شاء اللّه.

فقال أبو عبد اللّه×: أصبت واللّه يا أبا حنيفة.

قال: ثمّ خرج أبو حنيفة من عنده، فقلت: جعلت فداك إنّي كرهت تعبير هذا الناصب.

فقال: يا بن مسلم، لايسؤك اللّه، فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم، وليس التعبير كما عبّره.

قال: فقلت له: جعلت فداك فقولك: أصبت وتحلف عليه، وهو مخطئ؟

قال: نعم، حلفت عليه أنّه أصاب الخطأ.

قال: فقلت له: فما تأويلها؟

قال: يا بن مسلم، إنّك تتمتّع بامرأة فتعلم بها أهلك فتمزّق عليك ثياباً جدداً; فإنّ القشر كسوة اللب.

قال ابن مسلم: فواللّه ما كان بين تعبيره وتصحيح الرؤيا إلاّ صبيحة الجمعة، فلمّا كان غداة الجمعة أنا جالس بالباب إذ مرّت بي جارية فأعجبتني فأمرت غلامي فردّها، ثمّ أدخلها داري فتمتعت بها، فأحست بي وبها أهلي، فدخلت علينا البيت، فبادرت الجارية نحو الباب، وبقيت أنا، فمزّقت عليّ ثياباً جدداً كنت ألبسها في الأعياد»([87]).

فقلت: في بداية السند: علي بن إبراهيم وأبيه، وفي آخره: محمد بن مسلم وهم ثقات، ولكن في وسط السند يوجد: الحسن بن علي وأبو جعفر الصائغ وهما ضعيفان.

وقد ورد في جامع الرواة: «أبو جعفر، ضعيف جداً، قيل: إنّه غال لا يلتفت إليه»([88]).

وقال السيّد الخوئي عن الحسن بن علي: «الحسن هذا مشترك بين جماعة، والتمييز إنّما بالراوي والمروي عنه»([89]).

فسلّم وأذعن للحقيقة، ورفع يديه قائلاً: قبول! قبول!([90]).

التقية شعار الشيعة

قال: مسألة التقية من المسائل الأساسيّة عند الشيعة.

قلت: من محاسن الصدف، أنّني اليوم قد اقتنيت برنامجاً من سوق مكّة المكرمة، فيه فتاوى ابن تيمية، وفي إحداها: من دخل إلى مسجد، تقام الصلاة فيه بإمامة إمام ظالم، فلو لم يصلّ خلفه لم يأمن على نفسه الضرر، فيجب عندئذٍ الاقتداء به، ثمّ إعادة الصلاة([91]).

قلت: وفي الحقيقة إنّ هذا هو عين ما تعتقده الشيعة في التقيّة، وإذا لم يوجد مورد للخوف على النفس والمال فلا تقية حينئذٍ.

وقد رآني هؤلاء الإخوة من الطلاب في هذه الليلة كيف أني أقمت الصلاة خلف الإمام في المسجد، لكني لم أصلّ التراويح؛ لأنّها ليست من عقائدنا، وانشغلت بقراءة القرآن الكريم بدلاً عنها، ثمّ وافيناكم إلى بيتكم الكريم، فسأل الدكتور الطلاب عن ذلك فأجابوه بنعم، فأبدى تعجبه واستغرابه.

الشبهة في ولادة المهدي ×

قلت: ذكرتم أنّكم رأيتم في كتب الشيعة بأنّ الإمام الحسن العسكري× لم تكن زوجته حاملاً، فالرجاء اذكر لنا اسم الكتاب والمؤلف؟

فتأمّل قليلاً، وقال: الظاهر أنّ اسمه كان موسى.

قلت: موسى الموسوي واسم الكتاب (الشيعة والتصحيح)؟!

قال: بالضبط هو ذلك الكتاب.

قلت: هو ليس من الشيعة ولا من السنة، وهو شخص معروف بالفسق والفجور وشربه للخمرة, وهو مشهور في إيران بذلك، ولا أهمية ولا صحّة لكلامه أساساً.

فقال أحد الطلبة: وكيف يكون ذلك وبأيّ دليل؟

قلت: الصحف والجرائد في عهد الشاه مملوءة بأدلّة فجوره وفسقه، ويعرفه أكثر الطلبة والعلماء هناك.

ثمّ استطردت قائلاً: إنّ أكثر وأغلبية علماء الأنساب شهدوا بميلاد الإمام المهدي×، مثل النسابة الشهير أبو نصر سهل بن عبد اللّه، من أعلام القرن الرابع، حيث يقول: «ولد علي بن محمد النقي×، جعفراً وهو الذي تسمّيه الإماميّة جعفر الكذّاب، وإنّما تسمّيه الإماميّة بذلك؛ لادعائه ميراث أخيه الحسن، دون ابنه القائم الحجة×، لا طعن في نسبه»([92]). وهذا يدل على أن للإمام العسكري× ولداً باسم الحجة، ولا شك في نسبه، وادعاء جعفر الكذاب عدم وجود ولد له ـ لأخذ ميراثه ـ باطل([93]).


  لماذا بايع الإمام علي× بعد ستة أشهر؟

قلت: لماذا بايع الإمام علي× أبا بكر بعد ستّة شهور؟

فقال: لم يتخلّف علي× إلاّ أنّه كان يعتقد أنّ له حقّاً.

قلت: ألم يكن ذلك الحق هو حق الخلافة؟

قال: لا، بل كان يعتقد أنّ له رأياً.

قلت: فما معنى كلّ تلك الاحتجاجات والمناشدات التي صدرت من علي× حول حق الخلافة؟

قال: لا دليل لها ولا أساس لها من الصحّة.

قلت: هل تبقى على رأيك في عدم وجود رواية صحيحة كتبت حول حق علي× في الخلافة؟

قال: نعم.

فقلت: أحب أن أكتب عين عبارتكم بالضبط.

قال: اكتب: لا توجد رواية صحيحة تثبت أنّ عليّاً هو الخليفة بعد النبيّ’.

قلت: لاتوجد لدينا فرصة الآن، وإلا لأخرجت لكم الكثير من الروايات الصحيحة في هذا المجال (في خلافة علي×)، ولكنّي أقدّم لكم كتاب المراجعات هذا لشرف الدين، ففيه ما طلبتم.

وفيه: بعد ما نزلت الآية: {وأنْذِر عَشِيرَتَكَ الأقرَبينَ} جمع الرسول’ أربعين من رؤساء قريش وقال: «إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع»([94]).

فقد صرّح بصحّته جمع من العلماء كابن جرير الطبري فيما نقله المتقي في كنز العمال: 13 / 128 ح 36408، والهيثمي في مجمع الزوائد: 8 / 302، وأبي جعفرالإسكافي كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 13 / 243، والحاكم في مستدرك الصحيحين: 3 / 133 والذهبي في تلخيص المستدرك، ـ في حديث طويل ـ والشهاب الخفاجي في شرحه على الشفا للقاضي عياض، نسيم الرياض: 3 / 35، ووردت الرواية في كتاب المختارة للضياء المقدسي، الذي التزم فيه بأن لا يروي في كتابه هذا إلاّ الروايات الصحيحة المعتبرة، كما صرّح بذلك جمع كعبد اللّه بن الصديق المغربي في ردّ اعتبار الجامع الصغير: 42، وقال ابن حجر: «ابن تيمية يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوى من أحاديث المستدرك» فتح الباري: 7 / 211.

وعشرات من الروايات التي ذكرت في كتاب المراجعات التي تدلّ على إمامة وخلافة علي بن أبي طالب×.

فقال: سأقرأ الكتاب.

تهمة تكفير المسلمين

فقال حينذاك: أنتم تقطعون بنجاسة غير الشيعي!

قلت: أين سمعت هذا المدعى، وفي أي من الكتب قد رأيته؟

قال: الشيعة تقول: إن الإمامة من أصول الدين، فكيف لمنكر أصلاً من أصول الدين يكون مسلماً.

قلت: ترى الشيعة أنّ أصول الدين هي: التوحيد والنبوة والمعاد. أمّا العدل والإمامة فهي من أصول المذهب، كما صرّح بذلك الإمام الخميني& بقوله: «فالإمامة من أصول المذهب لا الدين»([95])، هذا أولاً.

وثانياً: لم يفت أيّ من العلماء من الشيعة لا قديماً ولاحديثاً بنجاسة أو كفر أهل السنة وخروجهم عن الإسلام.

قال: أريد أدلّة من علماء الشيعة في هذا الصدد.

قلت: من جميل ومحاسن الصدف يوجد عندي في حاسوبي المحمول أكثر من ألفي عنوان وكتاب لفقهاء الشيعة، ومن تلك الكتب: العروة الوثقى، وقد علّق على هذا الكتاب العشرات من فقهائهم، فلن تجد فيه تكفيراً لأهل السنة ألبتة.

أضف إلى ذلك؛ أنّ الشيعة يتزوجون من أهل السنّة والسنّة يتزوجون من الشيعة، وأعرف الكثير من الإخوة في إيران قد أعطوا بناتهم للسنّة وهكذا العكس، وكلامكم هذا لا يدل إلاّ على عدم الاطلاع على الحقائق وبما يجري على أرض الواقع.

وفوق هذا كلّه؛ ألم آكل في بيتكم الطعام وأشرب القهوة و...

وقد تأثّر من كلامي هذا ولم يحر جواباً.

مؤامرة اغتيال النبي

وفي هذه الأثناء قام أحد الطلبة قائلاً:

سل الدكتور أحمد الغامدي سؤالك الذي سألته البارحة للشيخ محمد بن جميل بن زينو، كي يجيب عليه بجوابه الكافي.

فقلت: أورد ابن حزم في كتابه المحلى: «أن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص (رضي الله عنهم) أرادوا قتل النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وإلقاءه من العقبة في تبوك».

ثمّ يضعف هذه الأخبار لأنها من طريق الوليد بن جُميع، وهو هالك([96])، والحال أنّ أرباب الرجال من أهل السنة قد وثّقوه([97]).

فقال: إنّ ابن حزم ليس بثقة ولا اعتبار بنقله.

قلت: إنّه يروي وينقل.

فقال: على أيّة حال فلا عبرة بروايته.

قلت: لقد وثّقه أغلب علماء السنة ويعتبرون كلامه.

فهذا الذهبي إمام الجرح والتعديل عندكم قد وثّقه، قائلاً: «ابن حزم، الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف... ورزق ذكاءً مفرطاً، وذهناً سيّالاً وكتباً نفيسة كثيرة... فإنّه رأس في علوم الإسلام، متبحّر في النقل، عديم النظير...»([98]).

وشهد له بالصدق والأمانة والديانة والحشمة والسؤدد([99]).

وقال الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام: «وكان أحد المجتهدين، ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم»، قال الذهبي بعد نقله هذا: «لقد صدق الشيخ عز الدين...»([100]).

وقريب من هذا عن السيوطي في طبقات الحفاظ([101]).

قال الزركلي: «ابن حزم: عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمّة الإسلام، كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم: (الحزميّة)»([102]).

وبعد هذا لم يكن من جواب للدكتور أحمد الغامدي إلا أنه قال: هو ليس من أهل المذاهب الأربعة وهو ظاهريّ المذهب، ولا عبرة بكلامه.

إصرار الدكتور على التواصل

وفي هذه الأثناء قاربت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، وانتهى اللقاء، وأصرّ الدكتور على التواصل، وقال: اكتب لي أسئلتك، وسأجيب عنها بالفاكس على عنوانكم.

وأخيراً ودعنا الدكتور بحرارة، وقال: إن البيت بيتكم، زورونا عندما تنزلون مكة المكرمة.

وبعد عودتي للفندق كتبت عدة أسئلة وأرسلتها بيد الأخ جابر ـ وهو أحد تلامذة الدكتور أحمد الغامدي ـ ليسلّمها إليه.

وإليكم نصّ الرسالة:

نص الرسالة المرسلة إلى الغامدي

(مع تعديل في التركيب اللفظي والإملائي لبعض المفردات والعبارات)

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل المحقّق الأستاذ سماحة الدكتور أحمد بن سعد حمدان

السلام عليكم

أقدّم شكري الوافر إلى سماحتكم، كما أقدّم ثنائي العطر؛ لما شاهدت من أخلاقكم الحسنة وكرمكم الجميل.

ولقد استفدت من جنابكم كثيراً وأرجو أن يستمرّ هذا اللقاء ولا يكون هذا آخر العهد منكم لنا.

وفي الختام أحبّ أن أقدّم لسماحتكم بعض الأسئلة، راجياً أن أجد عندكم أجوبة مستدلّة ومبرهنة تقنع النفس بها.

فأسأل: ماذا يقول سماحة الأستاذ فيما رواه البخاري وغيره بأنّ عدة من الأصحاب يدخلون النار يوم القيامة، ويقول رسول اللّه’: «يا ربّ أصحابي! أصحابي! فيقال: ما تدري ما أحدثوا بعدك، فإنّهم ارتدّوا بعدك على أعقابهم».

ألم يكن في مضمون هذه الروايات مخالفة لوثاقة الأصحاب؟

وماذا تقول فيما ورد من سبّ الأصحاب بعضهم بعضاً؟ هل يوجب الفسق في السابّ أم لا؟

أو أن الاجتهاد والخطأ والوصول إلى أجر واحد، يختصّ بالأصحاب فقط، أو نقول بأنه يعمّ غيرهم من الفقهاء وأصحاب الفتيا؟

وماذا تقول فيما جرى على بعض الأصحاب من الحدّ، فهل يكشف ذلك عن فسقهم أم لا؟

وماذا تقول فيمن أمر بقتل عثمان من الأصحاب أو اشترك في قتله؟ هل تحكم فيهم بأنّهم اجتهدوا وأخطأوا ولهم أجر واحد أم لا؟

ثم إنه قد ورد في الروايات المتعدّدة بأنّ النبيّ’ قال: «فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني»، وورد أيضاً: «بأنّ فاطمة هجرت أو غضبت على أبي بكر ولم تكلّمه حتّى ماتت».

وكما صرّحتم في كلامكم بأنّ فاطمة ماتت وهي غاضبة على أبي بكر.

فهل هذا لا يتعارض مع ما دلّ على حرمة إيذاء الرسول’؟!

ثم إنه قد ورد في الروايات الكثيرة بأنّ النبيّ قال عند موته: «ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً» ومنعه عمر وقال: «إنّ النبيّ قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب اللّه»، بحيث تأذى رسول اللّه وقال: «قوموا عنّي». فهل يكون عمر أعلم من النبيّ بمصالح الأمّة؟ وهل أن رسول اللّه لم يكن يعلم أن كتاب الله لا يكفي للناس؟ ألا يعد هذا منافياً لقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى}([103]).

وسمعت من سماحتكم بأنّ قوله تعالى: {وَالطَّيباتُ لِلطَّيِّبِينَ}([104]) يدلّ على أنّ عائشة أمّ المؤمنين، كانت طيّبة؛ لكون النبيّ من الطيّبين.

فماذا يقول سماحة الأستاذ في توجيه هذه الآية، وما في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَتَ نُوح وامْرَأَتَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}([105])؟ فهل النبيّ نوح لم يكن طيّباً وكذلك لوط؟

وقد أشرتم في مطاوي كلامكم بأنكم تعتقدون أنّ تسعين بالمائة مما في الكافي مما هو منقول عن الصادق كذب، فكيف يمكن التوفيق بين كلامكم هذا مع ما قاله الذهبي: «فلو ردّ حديث هؤلاء (الرواة الشيعة) لذهب جملة من الآثار النبويّة وهذه مفسدة بيّنة»([106]).

فيا حبذا لو أوضحتم كلامكم هذا وأجبتم عنه بأدلّة مقنعة، فنكون لكم من الشاكرين.       

أبو مهدي محمد الحسيني القزويني / 17 رمضان المبارك 1423هـ


رسالة الدكتور أحمد بن سعد حمدان الغامدي

من مكة المكرمة ـ عبر الفاكس ـ وجوابه عن الأسئلة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

حديث البخاري في دخول عدة من الأصحاب النار

يحتاج الجواب على ذلك إلى توطئة وهي تتعلق ببيان فضل الأصحاب:

أولاً: قد ثبت بالأدلة القاطعة من القرآن الكريم والسنة النبوية فضل الأصحاب وتزكيتهم من ربّ العالمين ومن نبيّه سيّد المرسلين’، ومن ذلك ما يلي:

 أ ـ من القرآن الكريم

1ـ قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}([107]).

أثنى عزّ وجلّ على جميع المهاجرين وجميع الأنصار بدون قيد؛ لأنّ (أل) للعموم فيما دخلت عليه، وجميع الذين اتّبعوهم بإحسان، فالمتّبعون قيّدهم بالإحسان، وهذا أصل، فلا يخرج أحد من المهاجرين والأنصار إلاّ بدليل قطعيّ، والآية في غاية الوضوح.

ثمّ أثنى عزّ وجلّ على الذين اتّبعوهم بإحسان، والذين اتبعوهم هم أهل السنّة وليسوا الشيعة; لأنّ الشيعة ما بين مكفّر لهم وذامّ لهم ـ أعني الشيعة الإماميّة المتأخّرين بدون استثناء.

2ـ وقال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}([108]).

ذكر عزّ وجلّ أنّه ربّاهم ورعاهم، كما يرعى النبتة التي تخرج من الأرض حتّى نضجت واكتملت، وأنّ ذلك سيكون سبباً لغيظ الكفار، فمن كرههم أو غاضهم لحقه الوعيد.

3ـ وقال تعالى: {إنّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}. إلى أن قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُم مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ...}([109]).

حكم عزّ وجلّ للمهاجرين الذين جاهدوا في سبيله ولإخوانهم الأنصار بأنّهم مؤمنون حقّاً ووعدهم مغفرة ورزقاً كريماً.

أليس هذا ثناء من اللّه عزّ وجلّ على المهاجرين والأنصار، وتأكيد إيمانهم بما لا يدع مجالاً للشكّ فيهم؟ فمن شكّ فيهم فقد كذب اللّه عزّ وجلّ، ولعلّ اللّه سبحانه وتعالى عالم الغيب أراد أن يرد على كلّ من سيأتي بعد فيطعن فيهم.

4ـ وقال تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنكُم مَنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}([110]).

هذه الآية الكريمة تمدح الذين آمنوا من قبل الفتح، وأنفقوا في سبيل اللّه، وقاتلوا لإعلاء كلمة اللّه عزّ وجلّ، وأنّ من لحقهم بعد ذلك لا يدرك فضلهم، وهذه شهادة عظيمة من اللّه عزّ وجلّ.

5ـ وقال تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}([111]).

أرأيت هذا التقسيم العجيب لطوائف المؤمنين..

مهاجرون.

أنصار.

متّبعون يحبّونهم ويدعون لهم ولا يكرهونهم.

أين مكان الإماميّة هنا؟؟

وأين مكان أهل السنّة هنا؟؟

هذه بعض الآيات التي تثني على جيل الصحابة، الذين جاهدوا لرفع راية الإسلام، وما تراه في العالم الإسلامي من خير فهو بسببهم.

ثمّ جاءت أجيال أهل السنّة لتكمل السيرة، فنقلت الدين، وفتحت الأرض، وعلّمت الناس دينهم، فأين الأرض التي فتحها أهل التشيع؟

إنّ معتقد أهل التشيّع يلزم منه أنّ الدين لم يطبق; لأنّ الصحابة بعد موت النبيّ’ خانوه ولم ينفذوا أمره، وجاء أئمّة أهل التشيّع بعد عليّKولم يتمكّنوا من إبلاغ الدين; لأنّهم لم يمكّنوا، إذن الدين الحق لم يظهر، وإنّما عملت به الشيعة في الخفاء وهذا يخالف القرآن الكريم. قال اللّه تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}([112]).

ألم يتحقّق هذا الوعد، فاستخلف اللّه عزّ وجلّ الأمّة الإسلاميّة ومكّن لهم الدين، وأمن الناس في عهود الحكومات الإسلاميّة؟!

ب ـ ومن السنّة

1ـ عن أبي سعيد الخدريK قال: «قال رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم): لا تسبّوا أصحابي، فلو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه»([113]).

وهذا قاله’ لخالد، عندما سبّ عبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن من السابقين وخالد ممّن أسلم بعد.

2ـ وعن عبد الرحمن بن عمر رضي اللّه عنهما([114])، عن النبيّ’ قال: «خير الناس قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم...»([115]).

وفضائل الصحابة بأسمائهم في الصحيحين وغيرها كثيرة، فراجعها إن شئت.

وأنت تعلم أنّ المحقّقين من أهل السنّة يتثبتون في الرواية ويدقّقون في الرواة، وخاصّة البخاري ومسلماً فلا يوردون إلاّ ما صحّ عندهم.

بعد هذه المقدمة ننظر في الرواية التي وردت في الحديث السابق:

 هذا الحديث رواه جماعة من الصحابة منهم عبد اللّه بن عباس، وأبو هريرة، وأنس، وأسماء بنت أبي بكر، وكلّها في صحيح البخاري، وله ألفاظ:

ففي رواية عبد اللّه بن عباس: «أنّه سيجاء برجال من أمّتي...».

وفي رواية لأبي هريرة: «ألا ليذادن رجال عن حوضي...».

هنا عدة وقفات

أولاً: هذه الروايات رواها الصحابة أنفسهم (رضي اللّه عنهم)، وهذه لأمانتهم وصدق إيمانهم ولو كانوا قد ارتدّوا ما رووها.

ثانياً: المعنى: إمّا أنّه يراد به الصحابة أنفسهم جميعهم، وهذا مردود للآيات السابقة والأحاديث الصحيحة في فضلهم جميعاً وفي فضائل أفرادهم.

وإمّا أن يراد به بعضهم؛ وهذا يحتاج إلى دليل قطعيّ، وهذا غير موجود.

وإمّا أن يراد به بعض أفراد الأمّة وسمّاهم بأصحابه؛ لأنّ كلّ أمّته أصحابه; لمشاركته في دينه وفي الجنّة، أي يصاحبونه فيها، فعندما يقدم هؤلاء على حوضه، وعليهم علامة المسلمين بآثار الوضوء ويمنعون عن الحوض فيقول: أصحابي... وفي بعضها لا يقول أصحابي، وإنّما يقول: ألا هلمّ، وفي بعضها بالتصغير: أصيحابي، فالذي يظهر أنّ هذا هو المراد، وهو الذي نعتقده.

حديث فاطـمة: إنما فاطـمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها

سبب هذا الحديث، كما هو معروف، أنّ عليّاًK أراد أن يتزوّج ابنة أبي جهل.

وهنا وقفات:

1ـ إنّ علياً× هو الذي ورد فيه الحديث، فهل فعله هذا كان كفراً، حاشاهK وإنّما أراد أمراً مباحاً في الشرع، وهو التعدّد في الزواج، ولم يكن يعلم أنّ لابنة رسول اللّه’ خصوصيّة خاصّة فخطب عليها.

وفعله هذا كشف ثلاثة أمور:

أ ـ أن يكون كفراً، وهذا لم يقل به أحد، ولم يرد أنّه أسلم من جديد.

ب ـ وإمّا أن يكون معصية فتاب منها، فقبلت توبته، فمحيت معصيته.

ج ـ أو يكون اجتهاداً خاطئاً، ومغفوراً له اجتهاده.

2ـ هذا الفعل من عليK يدلّ أنّه غير معصوم.

3ـ إنّ أبا بكرK لم يفعل فعلاً مباحاً له أن يفعله وأن لا يفعله، وإنّما فعل فعلاً واجباً روى فيه حديثاً عن نبيّه’، وهو لشدّة حبّه لرسول اللّه’، وخوفه من ربّه ما كان ليعصيه، وقد سمعه يقول: «لا نورّث ما تركناه صدقة».

4ـ هذا الحديث رواه أبو بكر وعمر بن الخطّاب وقد أشهد عليه عمر من حضره من الصحابة منهم عثمان وعلي والعباس وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبي وقّاص فأقرّوا به، كما في الصحيحين: أخرجه البخاري في الفرائض/ باب قول النبيّ’: «لا نورث< وفي الجهاد والمغازي. ورواه مسلم في: الجهاد/ باب حكم الفيء.

وقد سلّمها عمر لعلي والعباس ليلياها، فاختلفا.

5ـ إنّ علياً× بعد أن تولّى الخلافة لم يغيّر شيئاً ممّا كان في عهد الشيخين، فلم يقسّم ميراثاً ولم يعط الحسن والحسين شيئاً منه؛ ممّا يدلّ على أنّه قد تحقّق عنده قول أبي بكرK.

6ـ وفاطمة (رضي اللّه عنها) طالبت بميراثها ظنّاً منها أنها ترث كما يرث بقيّة الناس، فلمّا أخبرت بالحديث لا نظنّ بها (رضي اللّه عنها) أنّها استمرت على مطالبتها; لأنّها ما كانت لتخالف أباها (عليه الصلاة والسلام)، ولو خالفت لكان اتّباع أمر أبيها ـ وهو المشرِّع ـ أولى من اتّباع قولها.

7ـ هب أنّ أبا بكر اجتهد فأخطأ ـ وهذا فرض ممتنع، لوجود النصّ، لكن هب ذلك ـ فليس أقلّ من فعل عليK، وما أجبتم عن عليKكان الجواب به عن أبي بكرK.

قال الله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.

وهنا عدة وقفات، منها:

1ـ الآية نزلت لتبرئة عائشة (رضي اللّه عنها) ممّا رميت به، وأخبر تعالى أنّ الخبيثات للخبيثين و... الخ، ليدلّ على أنّه عزّ وجلّ ما كان ليدع امرأة خبيثة زوجة لرسول اللّه أطيب الطيبين.

والمراد هنا بالخبيث هو: (الزنا)، أمّا زوجتا نوح ولوط (عليهما السلام) فقد كانتا كافرتين، والزواج من الكافرة في شريعتهم جائز، أمّا في شريعتنا فلا يجوز إلاّ من الكتابيّة المحصنة (أي: غير زانية).

وأمّا الزواج من الزانية فلا يجوز في شريعتنا ولو كانت مسلمة; لما يؤدّي إليه من مفاسد واختلاط الأنساب ونحو ذلك، كما قال تعالى: {الزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.

فالفرق إذن واضح.

2ـ الآية برأت عائشة (رضي اللّه عنها) ووعدتها بمغفرة ورزق كريم، فدلّ هذا على أنّها تموت على الإيمان; لأنّ حكم اللّه عزّ وجلّ لا يتغيّر.

حديث ابن عباس (رضي الله عنهما)

وهذا فيه عدّة أمور، منها:

1ـ إرادة النبيّ’ أن يكتب كتاباً لئلا يختلف الصحابة (رضي اللّه عنهم)، ولم يذكر القضّية التي أراد’ أن يكتبها، ولو كانت أمراً واجباً من واجبات الدين لما ترك كتابتها للغطهم، بل يخرجهم ويستدعي من يكتب، خاصّة وقد عاش بعد ذلك أربعة أيّام; لأنّ هذا كان يوم الخميس، كما في لفظ آخر للبخاري: «يوم الخميس وما يوم الخميس»([116])، وتوفّي يوم الاثنين.

2ـ إنّ الموجودين اختلفوا وليس هذا خاصّة بعمرK.

3ـ إنّ عمرK قد شهد له النبيّ’: «إنّه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدّثون وإنّه إن كان في أمّتي هذه منهم فإنّه عمر بن الخطّاب»([117]).

وقوله: «والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجّاً إلاّ سلك فجّاً غير فجّك»([118]).

وروى البخاري ومسلم من فضائله ستّة عشر حديثاً في أصحّ الكتب، ومنها عن محمّد بن الحنفيةK قال: «قلت لأبي: أيّ الناس خير بعد رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم)؟ قال: أبو بكر، قلت: ثمّ من؟ قال: ثمّ عمر، وخشيت أن يقول: عثمان، قلت: ثمّ أنت؟ قال: ما أنا إلاّ رجل من المسلمين»([119]).

وروى ابن عباسK قال: «وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلّون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلاّ رجل أخذ منكبي فإذا عليّ بن أبي طالب، فترحّم على عمر وقال: ما خلّفت أحداً أحبّ إليّ أن ألقى اللّه بمثل عمله منك، وأيم اللّه، إن كنت لأظنّ أن يجعلك اللّه مع صاحبيك، وحسبت أنّي كنت كثيراً أسمع النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر»([120]).

هذه بعض شهادات الصحابة من آل بيت رسول اللّه’.

4ـ إنّ النبيّ’ كان يأخذ أحياناً بقول عمر وينزل القرآن بموافقتهK، كما في اتخاذ مقام إبراهيم مصلّى، والحجاب، وغيرهما.

فلعلّه هنا مال النبيّ’ إلى قولهK، ولعلّ عمرK قال ذلك لمّا رأى ما به من الوجع فكان رأفة به’ أو نحو ذلك، ولا يتصوّر أنّه أراد إيذاءه’ وهو ممّن شهد له القرآن; لأنّه من المهاجرين ومن السابقين الأوّلين وفضائله في السنّة كما تقدم.

هذه هي أهم ما سألت عنه..

وأما البقيّة فهي قضايا اجتهادية.

نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم

المتأمّل للعقيدتين يستنتج ما يلي:

1ـ يفهم من عقيدة أهل السنة أنّ النبيّ’ بعث إلى الناس عامّة، وأنّه يجب أن ينقل أتباعه سنّته إلى من لم يعرفها.

والشيعة يفهم من عقيدتهم أنّ النبيّ’ بعث إلى عليّK، وأنّ اللّه عزّ وجلّ قد أمر وأعاد في الوصيّة لعلي، وأنّ الأمر بالإبلاغ أي إبلاغ الوصيّة، فلا يجوز أخذ العلم إلاّ منهK، إذن كلّ الدين المبلّغ من غيره ليس ديناً.

2ـ من عقيدة أهل السنة أنّ فهم الدين ممكن لكلّ إنسان، وأنّ بإمكان الإنسان أن يكون عالماً ويتحمّل الأداء.

وأمّا أهل الشيعة فتشترط وجود معصوم يرجع إليه، وهذا يعني أنّه لابدّ أن يكون في كلّ بقعة معصوم ليرجع إليه، إذ كيف يستطيع من بالمشرق أو بالمغرب أن يعمل فيما يجد من مسائل؟!

فإذا جاز له الاجتهاد فما الحاجة للمعصوم؟

3ـ أهل السنّة يعظمون الصحابة الذين هم نقلة الدين والمجاهدون في سبيله، الذين فتحوا الأرض شرقاً وغرباً وحفظوا القرآن والسنّة وبلغوها للعالم.

وأما أهل التشيّع فهم يطعنون في الصحابة، ويلتمسون أخطاءهم، ويتجاهلون فضلهم وبلاءهم، ويقيّدون عمومات القرآن بناءً على ما رسخ في أذهانهم من معتقدات.

4ـ يظهر من معتقدات أهل السنّة أنّ الدين قد ظهر وعمل به الناس وفتحت عليه البلدان. وأمّا أهل التشيّع فإنّ الدين لم يظهر ولم يعمل به.

5ـ أهل السنّة يفهم من معتقدهم أنّهم يجلّون عليّاًK ويعتقدون أنّه كان شجاعاً في ذات اللّه عزّ وجلّ، ولا يمكن أن يكون وصيّاً ويسكت طيلة حياته بعد موت النبيّ’ وهي قرابة خمس وعشرين سنة.

ولو تكلّم في شيء من ذلك لرواه رواة أهل السنّة كما رأينا طرفاً من رواياتهم، فهم يروون كلّما رأوه أو سمعوه، وقد ترد روايات لكنّها لا تصحّ، ونحن لا ننكر أنّ كتب أهل السنّة قد وردت فيها روايات؛ ربما لأنّ الرواية ـ كما هو معروف ـ قد تعرّضت لكثير من الكذب.

وأمّا أهل التشيّع فإنّهم زعموا أنّهم يجلّون عليّاًK، وزعموا أنّه لم يظهر أنّه وصي رسول اللّه’ خوفاً على نفسه، وهذا من أقبح التصورّات، وإن كانوا قد أوردوا أخباراً لا يخفى عدم صحّتها على المحقّقين.

6ـ إنّ أهل السنّة يعتقدون أن ّ الإمامة أمر اصطلاحي شوريّ، للأمّة أن تختار من تراه أهلاً لذلك، ليحكمها بالقرآن والسنّة، ولا حرج في الاختلاف في مجالات الفهم.

وأمّا أهل التشيّع فإنّه يفهم من عقيدتهم أنّه يجب على اللّه أن ينصّب إماماً، وأنّ هذا الإمام هو عليK مع أنّه لم يرد في القرآن ولا في السنّة، أيّ لفظ في ذكر الإمامة أو الوصاية، وإنّما هي عمومات قابلة للتأويل على أوجه.

وقضيّة الإمامة قضيّة كبيرة؛ فلو كانت مطلباً دينيّاً محدّداً لنزلت آيات بلفظها، ولجاءت أحاديث بلفظها، سواء عمل الناس بها أو لم يعملوا، ثمّ لأبقى اللّه عزّ وجلّ نسل الأئمّة إلى قيام الساعة.

فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد صرّح بأقلّ من ذلك في قضيّة زيد وزوجته وتردّد النبيّ’ في مصارحة زيد بذلك.

فأيّ القضيتين أهمّ يا ترى؟!

7ـ والذي عمله الشيعة بعد انقطاع النسل هو الذي عمله أهل السنّة بعد موت النبيّ’، مع أنّ أهل التشيّع حاولوا المغالطة، فبقوا مدّة بدون تجمّع ثمّ ابتدعوا (ولاية الفقيه)، ألا قالوا بها بعد موت النبيّ’ وأنهوا معاناتهم إلى اليوم؟!

8ـ يعترف أهل السنّة بأنّه قد حدث كذب على رسول اللّه’ من بعض الرواة من بعد الصحابة (رضي اللّه عنهم); لأنّ الصحابة كلّهم عدول، ولم يجرب عليهم تعمد الكذب، وعدم اعتقاد عدالتهم هدم للدين.

وأمّا أهل التشيّع فلا يرون ذلك; بل يصفون كثيراً من الصحابة بالكذب وهذا يشكّك في كامل الدين، إذ لا دين حقّ يمكن أن نتعبد اللّه به من رواة كفرة كذّابين.

وهذا هو الذي شكّك في مقاصد الشيعة؛ إذ موقفهم من الصحابة يهدم كامل الدين، ويطعن في ربّ العالمين وفي نبيّه سيّد المرسلين.

9ـ يعترف أهل السنّة بأنّ أحاديث كثيرة وآثاراً كثيرة قد ظهر لهم بطلانها، أدخلها قوم أرادوا هدم الدين، أو جهلة لينصروا الدين وقد كشفها أهل العلم.

وإذا كان قد وضع في كتب السنّة ألف حديث مثلاً، فقد وضع في كتب التشيّع اثنا عشر ألفاً; لأنّ أكثر الوضع على المعصوم عند أهل السنّة ولا معصوم إلاّ رسول اللّه’، وأمّا أهل التشيّع فعندهم اثنا عشر معصوماً; فكم يا ترى سيكون عدد الموضوعات؟ والمطلّع على كتب الطائفتين يتّضح له صدق ذلك.

10ـ إنّ أهل السنّة يفهم من عقيدتهم أنّهم لا يقولون بعصمة أحد بعد رسول اللّه’ ولا أبي بكر وعمر، وإن كانوا يرون أنّ اجتهادهم إذا لم يخالف نصّاً فإنّه مشروع.

وأمّا أهل التشيّع فإنّهم يقولون بعصمة أئمّتهم، وإذا رأوا أحدهم يخالف قواعد معتقدهم زعموا أن ذلك (تقيّة)؛ يا لها من جرأة!!

والحسن يتخلّى عن الإمامة، وهو معصوم، ويتخلّى عن ركن من أركان الإيمان؛ حفاظاً على حياته، كما زعموا.

أيليق بإنسان من بيت النبوّة يعتقد أنّه وصيّ من اللّه عزّ وجلّ وهي مرتبة نبويّة لو صحّت، ثمّ يتنازل حفاظاً على حياته، ونحن نرى التاريخ مملوءاً بمن ثبت على دينه حتّى قتل في سبيل اللّه، وهم ليسوا بأنبياء ولا بأوصياء معصومين!!

فهذا الخميني ثبت على عقيدته وأوذي وأخرج ثمّ رجع منتصراً، إذن الخميني خير من وصي رسول اللّه’.

11ـ منهج أهل السنّة في قبول الروايات منهج حازم، فإنّهم قد دوّنوا تراجم جميع الرواة وحكموا عليهم من خلال مرويّاتهم، فما قبله ميزان الجرح والتعديل قبلوه، وما خالفه ردّوه، وهذه قاعدة من خالفها أعادوه إليها.

ولا يوجد لدى أهل التشييع مثل ذلك. وبإمكانك أن تأخذ عدداً من أوّل أيّ كتاب من كتب التراجم لدى أهل السنّة، وعدداً مماثلاً من كتب التراجم عند الشيعة وقارن بين المعلومات المدوّنة عندهما...

وأنت (محدّث) وابحث: (متجرّداً).

وفيما يلي مقارنة:

أ ـ تهذيب الكمال عند أهل السنّة.

أحمد بن إبراهيم الموصلي.. كنيتة.. بلده.

 أسماء شيوخه: أورد أكثر من عشرين راوياً.

 أسماء تلاميذه كذلك.

 ثمّ درجته.

 وهكذا كلّ راو تقريباً إلاّ النادر.

ب ـ أما في كتاب مجمع الرجال عند الشيعة.

أوّل راوٍ فيه:

آدم بن إسحاق بن آدم، له كتاب، أخبرنا به عدّة من أصحابنا، عن...

 فلا شيوخ ولا تلاميذ ولا درجة.

والثاني: (آدم بن إسحاق) كذلك، وفيه أنّه ثقة، ولم يذكر شيوخه.

وفي الحقيقة؛ من يطلّع على المنهجين بعين الإنصاف يرى البون شاسعاً، واللّه الموفّق.

نصوص من كتب الخميني([121])

1ـ لو كانت مسألة الإمامة قد تمّ تثبيتها في القرآن، فإنّ أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة كانوا يتّخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشوّهة، ويحذفون تلك الآيات من صفحاته ويسقطون القرآن من أنظار العالمين إلى الأبد... كشف الأسرار: ص131.

2ـ وواضح أنّ النبيّ لو كان بلّغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر به اللّه وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كلّ هذه الاختلافات... كشف الأسرار: ص155([122]).

3ـ لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم لكنّهم لم ينجحوا حتّى النبيّ محمّد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشريّة وتنفيذ العدالة وتربية البشر لم ينجح في ذلك. نهج خميني: ص46([123]).

4ـ إنّ النبيّ أحجم عن التطرق إلى الإمامة في القرآن لخشيته أن يصاب القرآن من بعده بالتحريف، أو أن تشتدّ الخلافات بين المسلمين فيؤثر ذلك على الإسلام. كشف الأسرار: ص149.

أرأيت يا أخ([124]) محمّد، كيف تنتهي العقيدة الشيعيّة؟ اتّهام الصحابة بإخفاء آيات... وهل يستطيع بشر أن يخفي شيئاً من كتاب تعهّد الخالق عزّ وجلّ بحفظه، أليس هذا طعناً في الخالق؟!

ثمّ أرأيت أنّه انتقل من اتّهام الصحابة إلى اتّهام سيّد البشر’ بأنّه لم يبلغ كما أمره به ربّه... وهل يبقى بعد هذا إيمان برسول اللّه’، الذي يزعم الخميني أنّه لم ينفذ أمر خالقه؟!

 ثمّ أرأيت الحكم (برسوب) محمّد’ وجميع الأنبياء في ميزان الخميني؟!

هذه ثمرات العقائد الباطلة يحدّد أصحابها مقصداً معيّناً، ثمّ يحاكمون الخالق عزّ وجلّ والرسول’ إليه.

ولو تتبّعت كلام الخميني لما وجدته يعظّم اللّه عزّ وجلّ فهو يذكره سبحانه بدون تعظيم (اللّه) في أكثر صفحات كشف الأسرار([125]).

ولا يعظّم رسوله’ (محمّداً)، كما هو مبيّن في هذه النصوص.

اللّهمّ إنّي أستغفرك يا ربّ من هذه النصوص، وأعتذر إلى رسولك’ عظيم الدنيا وسيّد البشر وخليل الرحمن من نقل هذه النصوص، وأعتذر إلى سادات المؤمنين الخلفاء الراشدين من كتابة هذه النصوص.

واللّه الهادي إلى سواء السبيل



نص الرسالة التي أرسلتها إلى الدكتور أحمد بن سعد حمدان

والتي ضمّنتُها ردوداً لشبهاته التي أثارها في رسالته السابقة

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي في الله الدكتور أحمد بن سعد حمدان الغامدي المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكرك على ما كتبت وأرسلت إليّ (عبر الفاكس) من جواب على أسئلتي بخصوص الصحابة وغير ذلك وأعتذر عن تأخير الإجابة؛ لكثرة انشغالي بالتدريس والتحقيق، بحيث لا يبقى لي في كلّ أسبوع إلاّ القليل جداً من ساعات الفراغ، وقد صرفت ذلك القليل أيضاً بمراجعة رسالتك الممتعة والتدقيق فيها.

ولمّا أحسستُ برغبتك في تحليل ما كتبتَ، فآثرت أن أستجيب لرغبتك، مستخيراً الله تعالى في ذلك، ولكنّ القيام بتحليل جميع ما في رسالتك الكريمة يحتاج إلى كتاب مستقلّ، لذا سوف نركِّز على بعض ما جاء فيها وما يعدّ من أهمّ المسائل.

ولكن أودّ ـ قبل أن أبيّن لكم بعض ملاحظاتي ـ أن ألفت نظركم إلى بعض النكات الهامّة التي توضح جليّة الحال.


أولاً: الإنصاف في الكلام المتعلق بالخلاف

1ـ قلت لكم حين زيارتي لشخصكم النبيل وفي بيتكم الكريم: بأنّي أدرّس طلاّب العلوم الدينيّة في الحوزة العلميّة والجامعة زهاء عشرين سنة، وكثيراً ما يكون طلاّبي في الجامعة من غير الإيرانيين، وقد يصادف في بعض الفصول الدراسيّة أن يكون كلّ طلاّبي من إخواننا أهل السنّة، وكثيراً ما تطرح في قاعة التدريس مسائل ترتبط بالخلاف الواقع بين السنّة والشيعة، والشبهات المطروحة بينهما، فيرغب كلّ من طلاّب الطائفتين أن يستمع لما يقتنع به.

2ـ ولمّا كان أساس تدريسي يدور حول علوم الرجال والحديث والفرق الإسلاميّة؛ فقد جمعت كلّ ما يتعلّق به من كتب الشيعة والسنّة، بحيث يبلغ عدد ما في مكتبتي الخاصّة زهاء ثمانية آلاف كتاب، ما يقارب ثلاثة آلاف منها يختصّ بكتب أهل السنّة من الفقه والأصول والرجال والكلام وغيرها.

وممّا يؤسف له جدّاً أنّنا لم نجد في المكتبات الخاصّة أو العامّة لإخواننا السنّة شيئاً يعبأ به من كتب الإماميّة. والغريب أنّ بعضهم يتقوّل على الإماميّة وينقل عنهم ما لا أثر له في كتبهم، كما قلت ذلك في لقائي مع سماحة الشيخ جميل بن محمد بن زينو حين قرأ عليّ بعضاً مما في كتاب (للّه ثمّ للتاريخ): بأنّ مؤلّف الكتاب قد نقل روايات كثيرة عن كتاب (من لا يحضره الفقيه) في بعض الصفحات، مع أنها لا توجد لا في هذا الكتاب ولا في غيره من الكتب الحديثيّة للشيعة.

3ـ كثيراً ما اتّفق لي بعد أن سألت بعض علماء أهل السنّة في إيران وخارجها عن بعض الشبهات العقائديّة وغيرها ـ مع الأسف الشديد ـ أني كنت أواجه بدل الجواب الصحيح المقنع، بالافتراء والتّهم والسباب([126])، مع العلم بأنّ هذا منهج من لا دليل له، ولعلّكم أوّل من شاهدته في حياتي مترفعاً عن ذلك الأسلوب القبيح.

4ـ وقد ذكرت في كتابي الذي بعثته إليكم بأنّي ألتمس أجوبة مستدلّة تقنع النفس بها، ولمّا أجلت النظر فيما بعثته لي، لم أعثر فيه على ضالّتي المنشودة؛ وذلك أنّ الاستدلال على موضوع خاصّ بالكتاب والسنّة إنّما يتمّ فيما إذا تم سرد الآيات والروايات المتعلّقة به قاطبةً، لا أن ننتقي ما يفيدنا في البحث ونغضّ الطرف عمّا يضرّنا; لأنّ فيه مجانفة لروح التحقيق العلمي.

وهكذا يلزم للمحقق فيما إذا كان ينقل كلاماً عن رجل أو فرقة، أن يذكر مصدر كلامه؛ حتى يمكن للآخرين ملاحظة المصدر ثمّ القضاء والتمييز بين الحق والباطل.

والمشهود في كتابكم في قضيّة الصحابة والسيّدة عائشة هو ذكر الآيات والروايات التي تدلّ على المدح مع التأويل والتفسير بما يخالف السياق، كما سنشير إليه، من دون ذكر ما ورد في الذمّ، ليتمكن المخاطب من المقارنة بينهما فيحكم بينهما ليصل إلى النتائج المفيدة.

أيّها الأخ العزيز، قد ذكرتم في رسالتكم هذه تحت عنوان: (نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم) بعض ما يرتبط بعقائد الإمامية من دون ذكر قائله أو مأخذه، كقولكم «والشيعة يفهم من عقيدتهم كذا وكذا»([127]).

إنّي أؤكّد لكم بأنّي لم أسمع إلى الآن هذه المطالب من أحد من علماء الشيعة، وما قرأتها في كتاب من الكتب المعتبرة عندهم. وأقول لكم بحقّ، لو طُرحت مثل هذه الكلمات في الحوزات العلميّة أو في الجامعة، فلا يقبلها أحد من الطلابّ; إلاّ مع الدليل، وإلاّ سيتّهمون قائلها بالكذب والافتراء، ولا يجيزون له أن يحضر الدرس لا في الحوزة العلميّة ولا في الجامعة.

إنّ من يتصف بالأمانة ـ كما وجدت جنابك على هذا ـ لابد أن يذكر من هو قائل هذا القول من الشيعة، فهل المراد مما يسمّونهم الشيعة الغلاة كالخطابيّة والغرابيّة والعلباويّة والمخمسّة والبزيعيّة وأشباههم من الفرق الهالكة المنقرضة، هم الشيعة الإماميّة؟ ألا يعدّ هذا من الظلم الفاحش؟ فالشيعة الإمامية ـ كما هو معروف عنهم ـ لا يعدّون هؤلاء من الفرق الإسلاميّة، فضلاً عن عدّهم من الشيعة الإمامية.

وقد حكم فقهاء الإماميّة في كتبهم الفقهيّة بضلالة الغلاة([128])، وأفتوا بأنّهم خارجون عن الإسلام وإن انتحلوه([129]).

ففي جواهر الكلام([130]): لا كلام في نجاستهم وكفرهم، ثمّ نقل عن عدّة من الفقهاء الإجماع على ذلك([131])، وحكموا بنجاستهم([132])، ونجاسة ذبيحتهم([133])، ونجاسة سؤرهم([134])، وعدم جواز تغسيل موتاهم والصلاة عليهم([135]) وعدم جواز التزوّج بهم([136])، وأنّهم لا يرثون المسلمين([137]).

وقالوا أيضاً بعدم جواز الرواية عنهم; بل سقوط رواية من روى عنهم([138])، وعدم اعتبار توثيقهم([139]).

يا أخي الكريم، بعد هذا، هل من الإنصاف حمل عقائد بعض الفرق الباطلة البائدة على مطلق الشيعة؟ بحيث يتوهّم الجاهل بأنّه مذهب الجميع؟ وهل يجيز لنا الشرع أن نرمي الصالح بحجر الطالح، ونأخذ البريء بذنب المسيء؟

وأقسم باللّه، أنّ ما رأيت في سماحتكم من الإنصاف والكمال قد جعلني أقول بكلّ ثقة: بأنّكم لو أخذتم رأي الإماميّة من كتبهم المدونّة طيلة أربعة عشر قرناً، لكان رأيكم فيهم غير هذا الذي قرأته في أجوبتكم.

فأرجو من جنابكم أن تأخذ في الفقه، كتاب جواهر الكلام للشيخ محمد النجفي، أو منتهى المطلب للعلامة الحلّي، من الإماميّة، وتأخذ كتاب المغني لابن قدامة أو المبسوط للسرخسي أو مواهب الجليل للرعيني أو تلخيص الحبير لابن حجر وفتح العزيز للرافعي، من أهل السنّة، وتقارن بين المجموعتين ثمّ تقضي بما هو الصحيح عندكم.

وهكذا تأخذ كتاب معجم رجال الحديث، من رجال الشيعة، وتهذيب الكمال أو سير أعلام النبلاء، من أهل السنّة، ثمّ تقارن بينهما. وكتابي المحاضرات ومصباح الأصول للسيّد الخوئي، في أصول الفقه للشيعة، وكتاب الأحكام للآمدي أو المحصول للرازي أو المستصفى للغزالي أو الفصول للجصّاص، في أصول الفقه لأهل السنّة، ثمّ تقارن بينهما.

فلا يصحّ الاعتماد في نقل بعض الدواهي ونسبتها إلى الشيعة؛ استناداً إلى من تقدّم من مخالفيهم، من دون الرجوع في معرفة أقوال الإماميّة إلى علمائهم وأخذ مذهبهم في الأصول والفروع من مؤلّفاتهم.

ومن الغرائب أنّ أحمد أمين المصري كتب في كتابه فجر الإسلام «والحق أن التشيّع كان مأوى يلجأ إليه كلّ من أراد هدم الإسلام»([140])، وبعد انتشار كتابه، سافر إلى بغداد والنجف، فاعترض عليه أحد علماء الشيعة وعاتبه على تلك الهفوات، وكان أقصى ما عنده من الاعتذار هو عدم الاطّلاع وقلّة المصادر؟!([141]).

وهذا ابن حزم الظاهري يقول: «ومن الإماميّة من يجيز نكاح تسع نسوة»([142]) فإذا يقرأ الطالب هذا عن ابن حزم ثمّ يرجع إلى كتب الإمامية الفقهيّة فإنه يجد إجماعهم قاطبة نصّاً وفتوى على حرمة الزواج فوق الأربعة، وأنّ ذلك الحكم من ضروريّات مذهبهم، فيستغرب من عدم ورع ابن حزم.

بل لمن يحقق ويبحث يجد الأمر بالعكس من ذلك، حيث ذهب جماعة من أئمّة أهل السنة إلى جواز التزوّج بالتسع، مستدلّين بالآية الكريمة، فقد قال فخر الدين الزيلعي الحنفي ما نصّه: «وقال القاسم ابن إبراهيم: يجوز التزوّج بالتسع، لأنّ اللّه تعالى أباح نكاح ثنتين بقوله (مثنى)، ثمّ عطف عليه (ثلاث ورباع) بالواو وهي للجمع، فيكون المجموع تسعاً، ومثله عن النخعي وابن أبي ليلى»([143]).

ومنهم من قال بجواز التزوّج بأيّ عدد شاء، بل ذهب جماعة منهم إلى جواز التزوّج بأيّ عدد أريد، فقد قال نظام الدين الأعرج المفسّر النيسابوري في تفسير الآية المذكورة: «ذهب جماعة إلى أنّه يجوز التزوّج بأيّ عدد أريد، لأنّ قوله: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاء} إطلاق في جميع الأعداد»([144]).

وهكذا حين يقرأ الطالب السنّي الذي يعيش وسط ملايين من الشيعة، قول الجبهان([145]) بأنّ الشيعة تعتقد بأنّ نكاح الأمّ هو من البرّ بالوالدين، وأنّه عندهم من أعظم القربات([146])، فيعلم يقيناً بأنّه ليس في هذا المؤلّف أثر من الديانة والتقوى.

أيّها الأخ العزيز، هل يسمح أمثال جنابكم، إذا قرأنا ما نسب إلى الخطابيّة والحدثيّة (وهما فرقتان من أهل السنّة المعتزلة) من أنّهم يذهبون إلى إثبات حكم من الأحكام الإلهيّة في المسيح موافقة للنصارى وإلى التناسخ([147]) و...الخ، ثمّ نقول: إنّ ذلك إذن هو معتقد جميع أهل السنّة؟!

وهل من الإنصاف أنّ من قرأ عن أبي حنيفة، أنّه يقول: «لا يجب الحدّ بوطء من استأجر امرأة ليزني بها»([148]) ثمّ ينسب ذلك إلى جميع أهل السنّة؟

وقد روى الخطيب بإسناده عن أبي بكر بن عيّاش، أنّه قال لحفيد أبي حنيفة: «كم من فرج حرام أباحه جدّك»؟([149]).

ونقل ابن حبّان عن هدبة بن عبد الوهاب أنه كان يقول:

فكم من فرج محصنة عفيفة

 

أحلّ حرامها بأبي حنيفة([150])

وهنا ألفِتُ نظركم السامي إلى آراء بعض علماء الأزهر الشريف حول الشيعة الإماميّة التي صدرت بعد قراءة كتبهم:

يقول الأستاذ عبد الهادي مسعود الأبياري([151]) في تقديمه كتاب المتعة وأثرها في الإصلاح الاجتماعي لمؤلفه توفيق الفكيكي: >وليس من شك في أن المذهب الشيعي ـ وهو فرع من أهم فروع المذاهب الإسلامية العامة ـ والذي يدين به أكثر من مائة مليون مسلم في أنحاء الهند وباكستان والعراق وإيران...

ولقد تابعت كثيراً من كتب الشيعة، وتابعت مختلف الآراء التي قيل بأنها تختلف عما يتجه إليه أهل السنة، فوجدته خلافاً على شكليات لا أصل لها من جوهر الأمور»([152]).

ويقول الدكتور أبو الوفاء التفتازاني([153]): «وقع كثير من الباحثين ـ سواء في الشرق أو الغرب، قديماً وحديثاً ـ في أحكام كثيرة خاطئة عن الشيعة، لا تستند إلى أدلة، أو شواهد نقلية جديرة بالثقة. وتداول بعض الناس هذه الأحكام فيما بينهم دون أن يسائلوا أنفسهم عن صحتها أو خطئها.

وممّا لا شكّ فيه أنّ أيّ باحث يتصدّى للبحث عن تاريخ الشيعة أو عقائدهم أو فقههم لابدّ له من الاعتماد أولاً وقبل كلّ شي على تراث الشيعة أنفسهم في هذه المجالات... وكان من بين العوامل التي أدت إلى عدم إنصاف الشيعة أيضاً أن الاستعمار الغربي أراد في عصرنا هذا أن يوسع هوة الخلاف بين السنة والشيعة، وبذلك تصاب الأمة الإسلامية بداء الفرقة والانقسام، فأوحى إلى بعض المستشرقين من رجاله بتوخّي هذا الفن باسم البحث الأكاديمي الحر. ومما يؤسف له أشد الأسف أن بعض الباحثين من المسلمين في العصر الحاضر تابع أولئك المستشرقين في آرائهم دون أن يتفطن إلى حقيقة مراميهم».

 إلى أن قال: «إنّ مدى الخلاف الموجود بين السنّة والشيعة ليس فيما يبدو لنا بأبعد ممّا هو موجود مثلاً بين مذهبي الإمام مالك وأتباعه من أهل الحديث والإمام أبي حنيفة وأتباعه من أهل الرأي والقياس»([154]).

ثانياً: غرابة الموضوع بحاجة إلى دليل ساطـع

إذا كان المدّعى أمراً غريباً على العقول، فإثباته يحتاج إلى دليل ساطع مقنع، مثلاً إذا ادّعى القائل بأنّه كان في جانب البحر عدد كثير يتجاوز الآلاف من الناس، وتمكّن أحدهم من السير على وجه الماء دون الآخرين، فهذا أمر ممكن، ولكنّه من الغرابة بمكان، لا يحصل الإيمان به إلاّ بدليل قويّ، وما أشبه هذا المثال بنظريّة عدالة الصحابة; فإنّ كلّ من رأى النبيّ’ ساعة أو يوماً أو أسبوعاً أو شهراً صار عادلاً، فهو وإن كان أمراً ممكناً غير محال، ولكنّه من الغرابة بمكان، إذ لم يتّفق ذلك لأحد من الأنبياء والمصلحين، ومن المعلوم أنّ عدد الصحابة يتجاوز مائة ألف([155]) وإن كان عدد من سجلّت أسماؤهم أقلّ من عشرة آلاف([156])، فالقول بعدالتهم من أوّلهم إلى آخرهم وأنّهم رجال مثاليّون، من أغرب الغرائب الممكنة التي لا تثبت إلاّ بدليل قويّ يقطع جميع الشبهات حول عدالتهم.

ثالثاً: الصحبة ونفي البعد الإعجازي

إنّ الصحابة اختلفت مقدار صحبتهم للنبي’، فبعضهم صحب النبيّ’ من أوّل ساعة من ساعات البعثة إلى آخر لحظة من لحظات حياته، وبعضهم أسلم بعد البعثة وقبل الهجرة، وكثير منهم أسلموا بعد الهجرة، وبعضهم أدركوا من الصحبة سنة أو شهراً أو أيّاماً أو ساعات.

فهل يصحّ أن يقال: إنّ صحبة ساعات أو أيّام، قلعت ما في نفوسهم من جذور غير صالحة، وملكات رديئة، وكوّنت منهم شخصيّات ممتازة تجعلهم أعلى وأجلّ من أن يقعوا في إطار الجرح والتعديل؟

إنّ تأثير الصحبة عند من يعتقد بعدالة الصحابة كلّهم أشبه شيء بمادّة كيمياويّة تستعمل في تحويل عنصر كالنحاس إلى عنصر آخر كالذهب، فكأنّ الصحبة قلبت كلّ مصاحب ولو في مدّة ساعات، إلى إنسان مثاليّ يتحلّى بالعدالة، وهذا ممّا لا يقبله البرهان والعقل السليم؛ لأنّ الرسول الأعظم’ لم يقم بتربية الناس وتعليمهم عن طريق الإعجاز، قال تعالى: {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن في الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}([157]) و:{قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}([158])، بل قام بإرشاد الناس ودعوتهم إلى الحق مستعيناً بالأساليب المتعارفة، كتلاوة القرآن الكريم وبعث رسله ودعاة دينه إلى الأقطار، ونحو ذلك، والدعوة القائمة على هذا الأساس يختلف أثرها في النفوس حسب اختلاف استعدادها وقابليّاتها، فلا يصحّ لنا أن نزن الجميع بكيل واحد.

القرآن يمدح صنفا من الأصحاب ويذم بعضا آخر منهم

فلهذا نرى أن القرآن يقسّم الأصحاب إلى أصناف يمدح صنفاً منهم كما يذمّ الصنف الآخر، أمّا الممدوحون فهم كما ذكرتم: السابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار، والمبايعون تحت الشجرة وأصحاب الفتح و...

فالناظر المتجرّد عن كلّ رأي مسبق والبريء قلبه من كلّ مرض، يجد في نفسه تكريماً لهؤلاء الصحابة، غير أنّ الرأي الحاسم في عامّة الصحابة يستوجب النظر إلى كلّ الآيات القرآنيّة الواردة في حقّهم. حيث إنّ في القرآن الحكيم آيات، تدلّ بوضوح على وجود مجموعات من الصحابة تضادّ الأصناف السابقة في الخلقيّات والملكات والسلوك والعمل، كالمنافقين الذين جرّعوا رسول اللّه’ الغصص طيلة مدّة حياته.

فلو كان المنافقون جماعة قليلة غير مؤثّرة، لما رأيت هذه العناية البالغة في القرآن الكريم، وهناك ثلّة من المحقّقين كتبوا حول النفاق والمنافقين رسائل وكتباً، وقد قام بعضهم بإحصاء ما يرجع إليهم، فبلغ مقداراً يقرب من عشر القرآن الكريم([159])، وهذا يدلّ على كثرة أصحاب النفاق وتأثيرهم يوم ذاك في المجتمع الإسلامي.

وسنشير إلى بعض ما ورد فيهم، وفي غيرهم ممن ورد ذمهم في القرآن الحكيم:

الآيات الواردة في المنافقين

أ: الآيات الواردة في حقّ المنافقين بحيث تعرب بوضوح عن وجود جماعة من المنافقين المعروفين بالنفاق بين الصحابة آنذاك، وكان لهم شأن ودور في المجتمع الإسلامي، بحيث نزلت في حقّهم سورة مستقلّة.

ب: الآيات الدالّة على وجود المنافقين المحتفّين حول المدينة، ومن أهل المدينة أيضاً جماعة مردوا على النفاق، وكان النبيّ الأعظم لا يعرف بعضهم، قال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّـنَ الاَْعْرَابِ مُنَـافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}([160]).

قال ابن كثير: «يخبر تعالى رسوله (صلوات اللّه وسلامه) عليه أن في أحياء العرب ممّن حول المدينة هم منافقون وفي أهل المدينة أيضاً منافقون {مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ} أي: مرنوا واستمرّوا عليه»([161]).

لقد بذل القرآن الكريم عناية خاصّة بعصبة المنافقين، وأعرب عن نواياهم وندّد بهم في السور المتعدّدة، الدالّة على أنّ المنافقين كانوا جماعة هائلة في المجتمع الإسلامي، بين معروف عرف بسمة النفاق وغير معروف بذلك، مقنّع بقناع التظاهر بالإيمان والحبّ للنبيّ’، بحيث كان كلّ من حول النبيّ’ يخاف على نفسه أن تنزل فيه آية تفضحه بمرأى المسلمين ومسمعهم.

كما قال ابن الجوزي في زاد المسير: «قال عمر بن الخطابK: ما فرغ من تنزيل براءة حتّى ظننّا أن لن يبقى منّا أحد إلاّ ينزل فيه شيء»([162]).

وقال السيوطي: «وأخرج أبو عوانة وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس (رضي اللّه عنهما) أنّ عمر (رض) قيل له: سورة التوبة، قال: هي إلى العذاب أقرب! ما أقلعت عن الناس حتّى ما كادت تدع منهم أحداً»([163]).

عدة وقفات وأسئلة

ولنا هنا عدة وقفات:

أ: أين ذهب هؤلاء المنافقون بعد رسول اللّه’ وقد جرّعوه الغصص مدّة حياته؟

ب: كيف انقطع الكلام فيهم بمجرّد انقطاع الوحي ولحوق النبيّ’ بالرفيق الأعلى؟

ج: هل كانت حياته سبباً في نفاق المنافقين؟! وموته سبباً في إيمانهم وعدالتهم وصيرورتهم أفضل الخلق بعد الأنبياء؟!

د: كيف انقلبت حقائقهم بعد وفاته’ فأصبحوا ـ بعد ذلك النفاق ـ بمثابة من الفضل، لا يقدح فيها شيء على رغم ما ارتكبوه من الجرائم والعظائم؟

هـ: ما الدليل على هذه الدعاوى، من كتاب، أو سنّة، أو عقل، أو إجماع، أو قياس؟

و: هل انقطع أمر النفاق وانقرض المنافقون؟! أو صلح بالهم ببركة خلفاء الرسول؟! أو استمرّ أمرهم بأشدّ ممّا كان في عصر رسول اللّه’ وتبدلّ السرّ بالجهر!!! كما في صحيح البخاري عن حذيفة بن اليمان، قال: «إنّ المنافقين اليوم شرّ منهم على عهد النبيّ، كانوا يومئذٍ يسرّون، واليوم يجهرون».

أو تبدّل نفاقهم بالكفر كما في المصدر نفسه عن حذيفة، بأنّه قال: «إنّما كان النفاق على عهد النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)، فأمّا اليوم فإنّما هو الكفر بعد الإيمان»([164]).

ز: وبعد ذلك كلّه؛ ماذا تقول بما ورد بأنّ عمر بن الخطاب لم يكن يصلّي على أحد مات، إلاّ بعد شهادة حذيفة بأنّه لم يكن من المنافقين؟!!

كما قال ابن كثير: «وذكر لنا أن عمر بن الخطابKكان إذا مات رجل ممّن يرى أنه منهم، نظر إلى حذيفة فإن صلّى عليه وإلاّ تركه»([165]).

وكيف نجيب الطالب إذا استفسر عن مدلول ما ورد من أنّ أمر النفاق وعدم تغلغل الوعي الإيماني في نفوس الصحابة بلغ إلى درجة يشكّ الخليفة عمر بن الخطاب في أنّه منهم أم لا؟

كما ذكر ذلك ابن كثير والطبري: «وذكر لنا أنّ عمر قال لحذيفة: أنشدك اللّه أمنهم أنا؟ قال: لا، ولا أومن منها أحداً بعدك»([166]).

ح: هل نقبل بأن يقال: إنّ المنافقين كانوا معروفين فلا نخلطهم بالصحابة؟ ثمّ كيف نبرّر ونؤّول ما ورد في صحيح البخاري عن عمر بن الخطّاب، حين قام وقال: «يا رسول اللّه دعني أضرب عنق هذا المنافق. [أراد عبد اللّه بن اُبيّ]، فقال النبيّ: دعه لا يتحدّث الناس أنّ محمداً يقتل أصحابه»([167]).

وهكذا في قضيّة (ذو الخويصرة) فأجاب رسول اللّه’: «معاذ اللّه أن يتحدّث الناس أنّي أقتل أصحابي، إنّ هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية»([168]).

وفي قصّة حاطب، قال: «دعني أضرب عنق هذا المنافق؟»([169]).

وهاهنا وقفة أخرى: كيف يطلق عمر على صاحب رسول اللّه بأنّه منافق ويطلب ضرب عنقه، وهو جائز لا طعن فيه!! ولكن من قال فيه بأنّه صحابيّ غير عادل، فيحكم عليه بالزندقة؟!!!

ط: وإذا كان الأصحاب كلّهم عدول بلا استثناء، فما معنى الحدود الشرعيّة التي أقامها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي× بحق الزناة والسرّاق وشاربي الخمر من الصحابة؟

ي: ما هو المراد من الاجتهاد والتأويل الذي يبرّر لصاحبه ما يرتكب من المخالفات للكتاب أو السنّة؟ كما في قضيّة خالد بن الوليد في قتل مالك بن نويرة، وأبي الغادية في قتل عمّار و...؟

وهل يصحّ تبرير عمل الصحابة تحت ظلّ الاجتهاد في كلّ ما صدر عنهم من مخالفة الأحكام القطعيّة؟ وأنّهم مرخصون في ارتكاب كلّ حرام وترك كلّ واجب، حتّى في الخروج على إمام زمانهم، وإزهاق أرواح كثيرة، وسفك دماء غزيرة، ولم يعدّ ذلك ذنباً لهم; بل إنّهم مثابون ولهم أجر في جميع ذلك أيضاً؟!! لأنّهم كلّ ما فعلوه إنما كان بالاجتهاد، والعمل به واجب، ولا تفسيق بواجب([170]).

وهل هذا الاجتهاد يختصّ ببعضهم أو يعمّهم ويشمل من يأتي من بعدهم، اقتداءً بسيرتهم وعملاً بقول النبيّ’: «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم».

الآيات النازلة في مرضى القلوب

ج: الآيات القرآنيّة الواردة في حقّ مرضى القلوب، الذين يتلون المنافقين في الروحيّات والملكات، قال سبحانه بحقّهم: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَـافِقُونَ وَالَّذِينَ في قُلُوبِهِم مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً}([171]).

فكيف يمكن أن يوصف الذين ينسبون خلف الوعد إلى اللّه سبحانه وإلى الرسول’ بالتقوى والعدالة؟

الآيات النازلة في المشككين وذوي الفتنة

د: الآيات الواردة في ذوي التشكيك والإثارة للفتنة والسمّاعين لهم، قال تعالى فيهم: {إِنَّمَا يَسْتَـأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَْخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ في رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ *وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَـاعِدِينَ *لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيم بِالظَّـالمِينَ}([172]).

الذين يؤذون النبي

هـ: الآيات النازلة في الذين يؤذون رسول اللّه’، ويستحقّون بذلك عذاباً أليماً: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النبيّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْر لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}([173]).

فهل يحكم العقل السليم بعدالة من أوعده اللّه بالعذاب ولعنه، حيث قال تعالى: {إنّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا والاَْخِرَةِ وأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً}([174]).

الذين يظنون بالله الظنون الكاذبة

و: الآيات التي تدلّ على أنّ جمعاً من الصحابة كانوا يظنّون باللّه الظنون الكاذبة، ظنّ الجاهليّة من أهل الشرك باللّه، شكّاً في أمر اللّه، وتكذيباً لنبيّه’، وظنّاً منهم أنّ اللّه خاذل نبيّه، ومُعْلّ([175]) عليه أهل الكفر([176]). وقد عرّفهم الحق سبحانه بقوله: {وَطَـائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَـاهِلِيَّةِ}([177]).

فهل يمكن أن يعدّ الذين هم أهل الشكّ والريب في اللّه عزّ وجل([178]) من العدول الثقات؟

فحصيلة ما يلاحظ في هذه الآيات أنّ في الأصحاب عدولاً وثقات من غير شكّ ولاريب، ومنهم أيضاً غير عدول وضعاف.

رابعاً: مقام الصحابة ليس بأفضل من أزواج النبي

 إنّ التشرّف بصحبة النبيّ’ لم يكن أكثر امتيازاً وتأثيراً من التشرف بالزواج من النبيّ’، وقد قال سبحانه في شأن أزواجه: {يَا نسَآءَ النبيّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة مُبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً}([179]).

وصحبة الصحابة لم تكن بأكثر ولا أقوى من صحبة امرأة نوح وامرأة لوط فما أغنت الصحبة عنهما من اللّه شيئاً، قال سبحانه: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوح وَامْرَأَةَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}([180]).

ونقرأ لك يا أخي ما ورد عن أكابر علماء السنّة في تفسير هذه الآية الشريفة:

قال ابن الجوزي: «قوله عزّ وجلّ {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} أي: فلم يدفعا عنهما من عذاب اللّه شيئاً، وهذه الآية تقطع طمع من ركب المعصية ورجا أن ينفعه صلاح غيره، ثمّ أخبر أنّ معصية الغير لا تضرّ المطيع، بقوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ} وهي آسية بنت مزاحم (رضي اللّه عنها)، وقال يحيى بن سلام: ضرب اللّه المثل الأوّل يحذر به عائشة وحفصة (رضي اللّه عنهما)، ثمّ ضرب لهما هذا المثل يرغبهما في التمسّك بالطاعة وكانت آسية قد آمنت بموسى»([181]).

وقال الطبري بعد نقله الآية الشريفة: «لم يغن صلاح هذين عن هاتين شيئاً، وامرأة فرعون لم يضرّها كفر فرعون. ثمّ روى عن بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوح وَامْرَأَةَ لُوط...} الآية، هاتان زوجتا نبي اللّه لمّا عصتا ربّهما، لم يغن أزواجهما عنهما من اللّه شيئاً»([182]).

وقريب منه عن القرطبي في تفسيره([183]).

وقال ابن قيّم الجوزية: «ثمّ في هذه الأمثال من الأسرار البديعة ما يناسب سياق السورة، فإنّها سيقت في ذكر أزواج النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) والتحذير من تظاهرهنّ عليه، وأنهنّ إن لم يطعن اللّه ورسوله (صلّى الله عليه وسلّم) ويردن الدار الآخرة، لم ينفعهنّ اتصالهنّ برسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم)، كما لم ينفع امرأة نوح ولوط اتّصالهما بهما، ولهذا ضرب لهما في هذه السورة مثل اتّصال النكاح دون القرابة.

قال يحيى بن سلام: ضرب اللّه المثل الأوّل يحذّر عائشة وحفصة، ثمّ ضرب لهما المثل الثاني يحرضهما على التمسّك بالطاعة»([184]).

وأوضح منه ما أورده الشوكاني بقوله: «وما أحسن من قال: فإن ذكر امرأتي النبيّين بعد ذكر قصّتهما ومظاهرتهما على رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يرشد أتمّ إرشاد ويلوح أبلغ تلويح إلى أنّ المراد تخويفهما مع سائر أمّهات المؤمنين وبيان أنّهما وإن كانتا تحت عصمة خير خلق اللّه وخاتم رسله; فإنّ ذلك لا يغني عنهما من اللّه شيئاً...»([185]).

خامساً: أقوال علماء أهل السنة في عدالة الصحابة

وقد كتبت في رسالتك الكريمة: «والذين اتّبعوهم هم أهل السنّة وليسوا الشيعة، لأنّ الشيعة ما بين مكفّر لهم وذامّ لهم ـ أعني الشيعة الإماميّة المتأخّرين­ بدون استثناء».

أقول: أيّها الأخ العزيز، لقد كنت عزيزاً عندي كثيراً؛ لما شاهدت منك من الإنصاف الجميل والأخلاق الحسنة، ولكن لا ينقضي تعجّبي من صدور هذه العبارة من مثل جنابكم، بحيث كلمّا قرأتها ازدادت حيرتي وتعجبي!! كيف خفي عليك كلام القوم من السنّة والشيعة في عدالة الصحابة([186]).

فلئن حكم ابن حزم بأنّ الصحابة كلّهم من أهل الجنّة قطعاً([187])، وقال ابن الأثير: «كلّهم عدول لا يتطرّق إليهم الجرح»([188])، وادّعى بعضهم الإجماع على ذلك، كما صرّح ابن حجر العسقلاني بقوله: «اتّفق أهل السنّة على أنّ الجميع عدول»([189]). وقال ابن عبد البر: ثبتت عدالة جميعهم: >لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة»([190]).

فقد ذهب غيرهم كابن الحاجب إلى عدم وقوع الإجماع على ذلك; بل إن القول بعدالة الجميع هو قول الأكثر لا الجميع، كما صرّح بقوله: «الأكثر على عدالة الصحابة، وقيل: كغيرهم، وقيل: إلى حين الفتن، فلا يقبل الداخلون، لأنّ الفاسق غير معيّن، وقالت المعتزلة: عدول إلاّ من قاتل عليّاً»([191]).

وكذا في جمع الجوامع وشرحه، حيث قال: «والأكثر على عدالة الصحابة لا يبحث عنها في رواية ولا شهادة»([192])، ثمّ نقل الأقوال الأخرى.

كما ذهب بعض الأعلام كالتفتازاني، بأنّ بعض الأصحاب قد حاد عن طريق الحقّ، وبلغ حدّ الظلم والفسق([193])، وسوف يأتي نصّ كلامه آنفاً.

وهذا أبو حامد الغزالي (المتوفّى 505)، بعد أن قال: «إنّ عدالتهم معلومة بتعديل اللّه عزّ وجل إيّاهم وثنائه عليهم في كتابه، فهو معتقدنا فيهم» قد نقل اختلاف العلماء في حكم الصحابة بقوله: «وقد زعم قوم أنّ حالهم كحال غيرهم في لزوم البحث، وقال قوم: حالهم العدالة في بداية الأمر إلى ظهور الحرب والخصومات، ثمّ تغيّر الحال وسفكت الدماء، فلابدّ من البحث، وقال جماهير المعتزلة: عائشة وطلحة والزبير وجميع أهل العراق والشام فسّاق بقتال الإمام الحق.

وقال قوم من سلف القدريّة: يجب ردّ شهادة عليّ وطلحة والزبير مجتمعين ومفترقين، لأنّ فيهم فاسقاً لا نعرفه بعينه.

وقال قوم: نقبل شهادة كلّ واحد إذا انفرد؛ لأنّه لم يتعيّن فسقه، أمّا إذا كان مع مخالفه فشهدا ردّا; إذ نعلم أنّ أحدهما فاسق، وشكّ بعضهم في فسق عثمان وقتلته...»([194]).

في الصحابة: العدول وغير العدول

قد صرّح جماعة من أكابر علماء أهل السنّة من المتقدّمين والمتأخّرين بأنّ الصحابة غير معصومين، وفيهم العدول وغير العدول، وإليك نصّ كلمات بعضهم:

هذا ابن حزم (المتوفى 456)([195]) يقول: «فمن المحال أن يأمر النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) باتّباع كلّ قائل من الصحابة (رضي اللّه عنهم)، وفيهم من يحلّل الشيء وغيره منهم يحرّمه» إلى أن قال: «وقد كان الصحابة يقولون بآرائهم في عصره (صلّى الله عليه وسلّم) فيبلغه ذلك، فيصوب المصيب ويخطئ المخطئ، فذلك بعد موته (صلّى الله عليه وسلّم) أفشى وأكثر»([196])، ثمّ ذكر موارد متعدّدة ممّا أفتى به الصحابة فأنكره رسول اللّه’([197]).

وقال بعد صفحات: «وأمّا قولهم: إنّ الصحابة (رضي اللّه عنهم) شهدوا الوحي فهم أعلم به، فإنّه يلزمهم على هذا أنّ التابعين شهدوا الصحابة، فهم أعلم بهم، فيجب تقليد التابعين. وهكذا قرناً فقرناً، حتّى يبلغ الأمر إلينا فيجب تقليدنا، وهذه صفة دين النصارى في اتّباعهم أساقفتهم، وليست صفة ديننا، والحمد للّه ربّ العالمين»([198]).

وهذا المازري (المتوفّى530)([199])، يقول في (شرح البرهان): «لسنا نعني بقولنا: الصحابة عدول، كلّ من رآه صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم يوماً ما، أو زاره لمّاً ما، أو اجتمع به لغرض وانصرف عن كثب، وإنّما نعني به الذين لازموه، وعزّروه ونصروه، واتّبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون»([200]). وقال ابن عقيل ـ بعد نقل كلام المازري ـ: «قال السيّد الآلوسي: وإلى نحو هذا ذهب ابن العماد الحنبلي([201]) في شذرات الذهب»([202]).

وقال الذهبي: «ولو فتحنا هذا الباب [الجرح والتعديل] على نفوسنا لدخل فيه عدّة من الصحابة والتابعين والأئمّة، فبعض الصحابة كفّر بعضهم بعضاً بتأويل ما!! واللّه يرضى عن الكلّ ويغفر لهم!! فما هم بمعصومين، وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تليّنهم عندنا»([203]).

ثمّ قال: «وأمّا الصحابة (رضي اللّه عنهم) فبساطهم مطويّ، وإن جرى ما جرى، وإن غلطوا كما غلط غيرهم من الثقات!! فما يكاد يسلم أحد من الغلط ولكنّه غلط نادر لا يضرّ أبداً! إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوا العمل، وبه ندين اللّه تعالى»([204]).

المشاجرات التي بلغت حد الظلم والفسق

وقال سعد الدين التفتازاني([205]) المتوفّى سنة 791 هـ: «أن ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ والمذكور على ألسنة الثقاة يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق وبلغ حد الظلم والفسق، وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد، وطلب الملك والرياسة، والميل إلى اللذات والشهوات؛ إذ ليس كلّ صحابي معصوماً ولا كلّ من لقي النبي (صلّى الله عليه وسلّم) بالخير موسوماً، إلاّ أنّ العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق، وذهبوا إلى أنهم محفوظون عما يوجب التضليل والتفسيق، صوناً لعقائد المسلمين عن الزيغ والضلالة في حق كبار الصحابة، سيما المهاجرين منهم والأنصار، والمبشرين بالثواب في دار القرار»([206]).

أقول: ويؤيّده ما ورد عن أبي بكر خطاباً للمهاجرين: «وجعلتم لي شغلاً مع وجعي جعلت لكم عهداً من بعدي، واخترت لكم خيركم في نفسي، فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له، ورأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية، وستنجدون بيوتكم بسور الحرير ونضائد الديباج وتألمون ضجائع الصوف الأذري»([207]).

وقال ابن خلدون المتوفّى سنة 808 هـ: «إنّ الصحابة كلّهم لم يكونوا أهل فتيا، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم، وإنّما كان ذلك مختصّاً بالحاملين للقرآن، العارفين بناسخه ومنسوخه، ومتشابهه ومحكمه، وسائر دلالته بما تلقّوه من النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)»([208]).

يقول الدكتور طه حسين المتوفى سنة 1393 هـ([209]): «ولا نرى في أصحاب النبيّ ما لم يكونوا يرون في أنفسهم، فهم كانوا يرون أنّهم بشر، فيتعرّضون لما يتعرّض له غيرهم من الخطايا والآثام، وهم تقاذفوا التهم الخطيرة، وكان منهم فريق تراموا بالكفر والفسوق... والذين ناصروا عثمان من أصحاب النبيّ كانوا يرون أنّ خصومهم قد خرجوا على الدين وخالفوا عن أمره، وهم جميعاً من أجل ذلك قد استحلّوا أن يقاتل بعضهم بعضاً، وقاتل بعضهم بعضاً بالفعل يوم الجمل ويوم صفّين... وإذ دفع أصحاب النبيّ أنفسهم إلى هذا الخلاف، وتراموا بالكبائر وقاتل بعضهم بعضاً في سبيل اللّه، فما ينبغي أن يكون رأينا فيهم أحسن من رأيهم في أنفسهم، وما ينبغي أن نذهب مذهب الذين يكذّبون أكثر الأخبار التي نقلت إلينا ما كان بينهم من فتنة واختلاف.

فنحن إن فعلنا ذلك لم نزد عن أن نكذّب التاريخ الإسلامي كلّه، منذ بعث النبيّ، لأنّ الذين رووا أخبار هذه الفتن، هم أنفسهم الذين رووا أخبار الفتح وأخبار المغازي وسيرة النبيّ والخلفاء، فما ينبغي أن نصدّقهم حين يروون ما يروقنا، وأن نكذّبهم حين يروون ما لا يعجبنا، وما ينبغي أن نصدّق بعض التاريخ ونكذّب بعضه الآخر، لا لشيء إلا لأنّ بعضه يرضينا وبعضه يؤذينا»([210]).

الصحابة يلعن بعضهم بعضا

قال الدكتور أحمد أمين المتوفى سنة 1373 هـ([211]): «إنّا رأينا الصحابة أنفسهم ينقد بعضهم بعضاً، بل يلعن بعضهم بعضاً، ولو كانت الصحابة عند نفسها بالمنزلة التي لا يصحّ فيها نقد، ولا لعن، لعلمت ذلك من حال نفسها، لأنّهم أعرف بمحلّهم من عوام أهل دهرنا، وهذا طلحة والزبير وعائشة ومن كان معهم وفي جانبهم، لم يروا أن يمسكوا عن عليّ، وهذا معاوية وعمرو بن العاص لم يقصرا دون ضربه وضرب أصحابه بالسيف، وكالذي روي عن عمر من أنّه طعن في رواية أبي هريرة وشتم خالد بن الوليد وحكم بفسقه... وقلّ أن يكون في الصحابة من سلم من لسانه أو يده، إلى كثير من أمثال ذلك ممّا رواه التاريخ...

وكان التابعون يسلكون بالصحابة هذا المسلك، ويقولون في العصاة منهم هذا القول، وإنّما اتّخذهم العامّة أرباباً بعد ذلك.

والصحابة قوم من الناس، لهم ما للناس وعليهم ما عليهم. من أساء ذممناه، ومن أحسن منهم حمدناه، وليس لهم على غيرهم كبير فضل إلاّ بمشاهدة الرسول ومعاصرته لا غير; بل ربما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم، لأنّهم شاهدوا الأعلام والمعجزات، فمعاصينا أخفّ لأنّنا أعذر»([212]).

قال ابن عقيل المتوفى سنة 1350 هـ([213]): «وأمّا تعديلهم كلّ من سمّوه بذلك الاصطلاح صحابيّاً، وإن فعل ما فعل من الكبائر، ووجوب تأويلها له فغير مسلّم; إذ الصحبة مع الإسلام لا تقتضي العصمة اتّفاقاً حتّى يثبت التعديل ويجب التأويل، على أنّهم اختلفوا في ذلك التعديل اختلافاً كثيراً والجمهور هم القائلون بالعدالة»([214]).

وقال محمد ناصر الدين الألباني المعاصر: «كيف يسوغ لنا أن نتصوّر أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) يجيز لنا أن نقتدي بكلّ رجل من الصحابة، مع أنّ فيهم العالم والمتوسّط في العلم ومن هو دون ذلك، وكان فيهم مثلاً من يرى أنّ البَرد لا يفطر الصائم بأكله»([215]).

وقريب من ذلك عن الشوكاني المتوفى سنة 1255هـ([216])، والشيخ محمود أبو ريّة المتوفى سنة 1370هـ([217])، والشيخ محمد عبده([218]) المتوفى سنة 1323هـ، والسيّد محمد رشيد رضا المتوفى سنة 1354هـ([219])، والرافعي المتوفى سنة 1356هـ([220]).

وهذا بعينه هو رأي الشيعة الإماميّة.

القول بأفضلية بعض التابعين على الصحابة

ذهب بعض العلماء إلى أنّ من يأتي بعد الصحابة قد يكون أفضل منهم، قال القرطبي: «وذهب أبو عمر بن عبد البرّ([221]) [المتوفى 463] إلى أنّه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة أفضل ممّن كان في جملة الصحابة، وإنّ قوله×: (خير الناس قرني) ليس على عمومه، بدليل ما يجمع القرن من الفاضل والمفضول، وقد جمع قرنه جماعة من المنافقين المظهرين للإيمان وأهل الكبائر الذين أقام عليهم أو على بعضهم الحدود...»([222]).

وهكذا نقل النووي عن القاضي عياض، عن ابن عبد البرّ([223])، والمُنَاوي في فيض القدير، والمباركفوري في تحفة الأحوذي، وابن حجر في فتح الباري، وإن تعقّبه([224]).

الصحابة أبصر بحالهم من غيرهم

لا شكّ في أنّ من سبر تاريخ الصحابة بعد رحيل الرسول يجد فيه صفحات مليئة بألوان الصراع والنزاع بينهم، حافلة بتبادل السبّ والشتم; بل تجاوز الأمر بهم إلى التقاتل وسفك الدماء، فكم من بدري وأحديّ انتهكت حرمته، أو أريق دمه بيد صحابيّ آخر، وهذا ممّا لا يختلف فيه اثنان.

فإذا كان الصحابي يعتقد أنّ خصمه الصحابي الآخر منحرف عن الحقّ، ومجانب شريعة الله ورسوله، وأنّه جهنميّ يستحقّ القتل، وهو على هذا الأساس يبيح سلّ السيف عليه وقتله، فكيف يجوز لنا أن نحكم بعدالتهم ونزاهتهم جميعاً، والحال أنّ الصحابة أعرف منّا بنوازع أنفسهم وبنفسيّات أبناء جيلهم؟ وهل سمعت ظئراً أعطف بالطفل من أمِّه؟

قال ابن عقيل: «إن الصحابة أنفسهم لا يدعون لأنفسهم هذه المنزلة التي ادعاها بعض المحدثين لهم من العدالة العامة فيهم، وهم أعرف بأنفسهم وبمن عاصروه وعاشروه من هؤلاء الذين كادوا يتخذون الصحابة أنبياء معصومين، كيف وقد نقل عنهم وشاع وانتشر رد بعض منهم روايات البعض الآخر واتهامه في النقل وعدم قبول ما جاء به إلاّ بعد تثبت شديد وتحر عظيم، (وقد صح) عن علي (كرم الله وجهه) أنه يقول: ما حدثني أحد بحديث عن رسول الله إلا استحلفته، وما استثنى أحداً من المسلمين إلا أبا بكر»([225]).

عدالة جميع الصحابة أبعد من قول الشيعة بعصمة أئمتهم

وقال ابن عقيل أيضاً: «إننا أهل السنة قد أنكرنا على الشيعة دعواهم العصمة للأئمة الاثني عشر(علیهم السلام)، وجاهرناهم بصيحات النكير وسفهنا بذلك أحلامهم ورددنا أدلتهم بما رددنا، أفبعد ذلك يجمل بنا أن ندعي أن مائة وعشرين ألفاً، حاضرهم وباديهم، وعالمهم وجاهلهم، وذكرهم وأنثاهم، كلهم معصومون، أو كما نقول: محفوظون من الكذب والفسق، ونجزم بعدالتهم أجمعين، فنأخذ رواية كلّ فرد منهم قضية مسلمة، نضلل من نازع في صحتها ونفسقه، ونتصامم عن كلّ ما ثبت وصح عندنا، بل وما تواتر من ارتكاب بعضهم ما يخرم العدالة وينافيها، من البغي، والكذب، والقتل بغير حق، وشرب الخمر، وغير ذلك مع الإصرار عليه، لا أدري كيف تحل هذه المعضلة، ولا أعرف تفسير هذه المشكلة»([226]).

الاتهام بالزندقة لمن ينتقص أحدا من الصحابة

ومع هذا كلّه نرى أنّ بعضهم يتّهم من ينتقد الصحابة بالزندقة والخروج من الدين والإلحاد، كما قال السرخسي: «من طعن فيهم فهو ملحد، منابذ للإسلام، دواؤه السيف، إن لم يتب»([227]).

وروى الخطيب البغدادي بإسناده عن أحمد بن محمد بن سليمان التستري، يقول: «سمعت أبا زرعة يقول: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة»([228]).

ثمّ إنّ ابن حجر بعد أن نقل كلام أبي زرعة المتقدم، قال: «والأحاديث الواردة في تفضيل الصحابة كثيرة، من أدلّها على المقصود ما رواه الترمذي وابن حبّان في صحيحه من حديث عبد اللّه بن مغفل، قال: قال رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم): اللّه اللّه في أصحابي، لا تتّخذوهم غرضاً، فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللّه، ومن آذى اللّه فيوشك أن يأخذه»([229]).

أقول: وقد رواه الترمذي في سننه، ثمّ قال: «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه»([230]).

قال الألباني في شرح كتاب السنّة لعمرو بن أبي عاصم الضحّاك بعد نقله الحديث: «إسناده ضعيف; لجهالة عبد اللّه بن عبد الرحمن. ويقال عبد الرحمن بن زياد، وقد تكلّمت عليه وخرجت حديثه في الضعيفة (2901)»([231]).

وقال أيضاً في ضعيف سنن الترمذي: «ضعيف ـ تخريج الطحاوية 471 (673)، الضعيفة 2901 (ضعيف الجامع الصغير وزيادته الفتح الكبير 1160)»([232]), هذا أولاً.

وأمّا ثانياً: فقوله: «فبحبّي أحبّهم» أي: بسبب حبّي إيّاهم أحبّهم، «ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم» أي: بسبب بغضي إيّاهم أبغضهم.

يعني بذلك أنّ من علامات حبّ النبيّ’، هو حبّ كلّ من يحبّه النبيّ’ وبغض من يبغضه، كما قال القاضي عياض في شرح الحديث: «فبالحقيقة من أحبّ شيئاً أحبّ كلّ شئ يحبه، وهذه سيرة السلف حتى في المباحات وشهوات النفس.

 وقد قال أنس حين رأى النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يتتبع الدباء من حوالي القصعة: فما زلت أحبّ الدباء من يومئذ.

 وهذا الحسن بن علي وعبد الله بن عباس وابن جعفر أتوا سلمى وسألوها أن تصنع لهم طعاماً مما كان يعجب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم). وكان ابن عمر يلبس النعال السبتية ويصبغ بالصفرة إذ رأى النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يفعل نحو ذلك.

 ومنها بغض من أبغض الله ورسوله ومعاداة من عاداه ومجانبة من خالف سنته وابتدع في دينه واستثقاله كلّ أمر يخالف شريعته. قال الله تعالى: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الاَْخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}»([233]).

فتدلّ الرواية على وجوب حبّ كلّ صحابيّ يحبّه النبيّ’، وبغض كلّ صحابي يبغضه النبيّ’.

ولا ريب أنّ حبّ جميع الصحابة ولو كان فيهم من يبغضه النبيّ’ أو أغضبه أو لعنه، فليس من حبّ النبيّ’ في شيء، كما ورد عن علي بن أبي طالب×: «أصدقاؤك ثلاثة، وأعداؤك ثلاثة، فأصدقاؤك: صديقك، وصديق صديقك، وعدو عدوك. وأعداؤك: عدوك، وعدو صديقك، وصديق عدوك»([234]).

فقد ظهر بذلك فساد ما ذهب إليه بعض الشارحين، بما يتفق مع هواه، كالمُنَاوي في شرح الحديث بقوله: «(فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم) أي: فبسبب حبّهم إيّاي، أو حبّي إيّاهم، أي: إنّما أحبّهم لحبّهم إيّاي أو لحبّي إيّاهم (ومن أبغضهم فببغضي) أي: فبسبب بغضه إيّاي (أبغضهم) يعني: إنّما أبغضهم لبغضه إيّاي، ومن ثمّ قال المالكيّة: يقتل سابّهم»([235])، وقريب منه ما عن المباركفوري في تحفة الأحوذي([236]).

وأنت ترى كيف فرّق بين قوله’ «فبحبّي أحبّهم» وقوله «فببغضي أبغضهم»، حيث فسّر الأوّل: بأنّ حبّ الأصحاب، إمّا بسبب حبّ هؤلاء الأصحاب رسول اللّه’، أو حبّ رسول اللّه’ إيّاهم، ولم يقل في الثاني: فبغض الأصحاب لبغضهم رسول اللّه’ أو بغض رسول اللّه’ إيّاهم; بل فسّر بما هو معناه: «لا يبغض الأصحاب إلاّ من كان يبغضني»، أي: سبب بغض المبغض للأصحاب هو وجود بغض رسول اللّه’ في قلبه. وهذا في الحقيقة تفسير بما يخالف سياق الحديث من كلّ وجه.

سادسا: آراء الشيعة الإمامية في الصحابة

 أمير المؤمنين وأصحاب رسول الله:

من أراد أن يقف على رأي الشيعة في الصحابة، فعليه بما يقوله إمام المسلمين علي× في حقّهم:

«لقد رأيت أصحاب محمد فما أرى أحداً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً وقد باتوا سجداً وقياماً يراوحون بين جباههم وخدودهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبلّ جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاء الثواب»([237]).

وقال أيضاً: «أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمّار وأين ابن التيهان وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة؟ أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبّروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنّة وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا ووثقوا بالقائد فاتّبعوه...»([238]).

علي بن الحسين والأصحاب

وهذا هو الإمام علي بن الحسين‘ يذكر في بعض أدعيته صحابة النبيّ’ بقوله: «اللهم وأصحاب محمد خاصة، الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه، وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته...»([239]).

قول الشيخ حسين العاملي المتوفى سنة 984 هـ

قال الشيخ عزّ الدين حسين بن عبد الصمد العاملي، والد الشيخ البهائي، من أئمّة الفقه والحديث: «ليس في مذهبنا وجوب سبّهم، وإنّما يسبّهم عوام الناس المتعصّبون، وأمّا علماؤنا فلم يقل أحد بوجوب سبّهم، وهذه كتبهم موجودة.

وأقسمت له أيماناً مغلّظة([240]) بأنّه لو عاش أحد ألف سنة وهو يتديّن بمذهب أهل البيت(علیهم السلام) ويتوّلاهم، ويتبرّأ من أعدائهم، ولم يسبّ الصحابة قطّ، لم يكن مخطئاً، ولا في إيمانه قصور»([241]).

قول السيد علي خان الشيرازي المتوفى 1130 هـ:

قال السيّد علي خان الشيرازي: «حكم الصحابة عندنا في العدالة حكم غيرهم، ولا يتحتم الحكم بالأيمان والعدالة بمجرد الصحبة ولا يحصل بها النجاة من عقاب النار وغضب الجبار إلاّ أنّ يكون مع يقين الإيمان وخلوص الجنان، فمن علمنا عدالته وإيمانه وحفظه وصية رسول الله في أهل بيته، وأنّه مات على ذلك كسلمان وأبي ذر وعمار واليناه وتقربنا إلى الله تعالى بحبه، ومن علمنا أنه انقلب على عقبه وأظهر العداوة لأهل البيت(علیهم السلام) عاديناه لله تعالى، وتبرأنا إلى الله منه، ونسكت عن المجهولة حاله»([242]).

ثمّ قال: «اعلم أن كثيراً من الصحابة رجع إلى أمير المؤمنين×، وظهر له الحق بعد أن عانده، وتزلزل بعضهم في خلافة أبى بكر وبعضهم في خلافته×، وليس إلى استقصائهم جميعاً سبيل، وقد اتفقت نقلة الأخبار على أن أكثر الصحابة كانوا معه× في حروبه. قال المسعودي في مروج الذهب: كان ممن شهد صفين مع علي× من أصحاب بدر سبعة وثمانون رجلاً، منهم سبعة عشر من المهاجرين وسبعون من الأنصار، وشهد معه ممن بايع تحت الشجرة، وهي بيعة الرضوان، من المهاجرين والأنصار ومن سائر الصحابة تسعمائة، وكان جميع من شهد معه من الصحابة الفين وثمانمائة»([243]).

ثمّ اختصّ الباب الأوّل من كتابه، إلى الطبقة الأولى ببني هاشم وساداتهم من الصحابة العليّة، وعدّ منهم أربعة وعشرون رجلاً([244]).

واختصّ الباب الثاني منه بذكر غير بني هاشم من الصحابة المرضيّة والشيعة المرتضويّة (رضوان اللّه عليهم)، وذكر فيه زهاء خمسين رجلاً منهم([245]).

قول السيد محسن الأمين المتوفى 1371هـ

قال السيّد محسن الأمين العاملي: «حكم الصحابة في العدالة حكم غيرهم، ولا يتحتم الحكم بها بمجرد الصحبة، وهي لقاء النبي مؤمناً به ومات على الإسلام، على ما قال ابن حجر في الإصابة: أنه أصح ما وقف عليه في تعريف الصحابي. وإن ذلك ليس كافياً في ثبوت العدالة، بعد الاتفاق على عدم العصمة المانعة من صدور الذنب، فمن علمنا عدالته حكمنا بها وقبلنا روايته ولزمنا له من التعظيم والتوقير بسبب شرف الصحبة ونصرة الإسلام والجهاد في سبيل الله ما هو أهله، ومن علمنا منه خلاف ذلك لم تقبل روايته، أمثال مروان بن الحكم والمغيرة بن شعبة والوليد بن عقبة وبسر بن أرطاة وبعض بني أمية وأعوانهم، ومن جهلنا حاله في العدالة توقفنا في قبول روايته... ومما يمكن أن يذكر في المقام أن النبي توفي ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة على ما حكاه ابن حجر في الإصابة عن أبي زرعة الرازي([246]). وقيل مات عن مائة وأربعة عشر ألف صحابي، ومن الممتنع عادة أن يكون هذا العدد في كثرته وتفرق أهوائه وكون النفوس البشرية مطبوعة على حبّ الشهوات كلهم قد حصلت لهم ملكة التقوى المانعة عن صدور الكبائر والإصرار على الصغائر بمجرد رؤية النبي والإيمان به.

ونحن نعلم أن منهم من أسلم طوعاً ورغبة في الإسلام، ومنهم من أسلم خوفاً وكرهاً، ومنهم المؤلفة قلوبهم، وما كانت هذه الأمة إلا كغيرها من الأمم التي جبلت على حب الشهوات، وخلقت فيها الطبائع القائدة إلى ذلك إن لم يردع رادع والكل من بني آدم، وقد صح عنه إنه قال: (لتسلكن سنن من قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخل أحدهم جحر ضب لدخلتموه).

 ولو منعت رؤية النبي من وقوع الذنب لمنعت من الارتداد الذي حصل من جماعة منهم كعبد الله بن جحش وعبيد الله بن خطل وربيعة بن أمية بن خلف والأشعث بن قيس([247]) وغيرهم.

هذا مع ما شوهد من صدور أمور من بعضهم لا تتفق مع العدالة كالخروج على أئمة العدل، وشقّ عصا المسلمين، وقتل النفوس المحترمة، وسلب الأموال المعصومة، والسبّ والشتم، وحرب المسلمين وغشهم، وإلقاح الفتن والرغبة في الدنيا، والتزاحم على الإمارة والرياسة، وغير ذلك مما كفلت به كتب الآثار والتواريخ وملأ الخافقين»([248]).

قول محمد حسين آل كاشف الغطاء المتوفى 1373هـ

قال محمد حسين آل كاشف الغطاء، وهو من كبار علماء الشيعة: «ولا أقول: إنّ الآخرين من الصحابة وهم الأكثر الذين لم يتسموا بتلك السمة قد خالفوا النبي ولم يأخذوا بإرشاده، كلا ومعاذ الله أن يظن فيهم ذلك، وهم خيرة من على وجه الأرض يومئذ، ولكن لعل تلك الكلمات لم يسمعها كلهم، ومن سمع بعضها لم يلتفت إلى المقصود منها، وصحابة النبي الكرام أسمى من أن تلحق إلى أوج مقامهم بغاث الأوهام»([249]).

إلى أن قال: «لا يذهبن عنك أنه ليس معنى هذا أنا نريد أن ننكر ما لأولئك الخلفاء من الحسنات، وبعض الخدمات للإسلام، التي لا يجحدها إلا مكابر، ولسنا بحمد الله من المكابرين، ولا سبابين ولا شتامين، بل ممن يشكر الحسنة ويغضي عن السيئة، ونقول: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وحسابهم على الله، فإن عفا فبفضله، وإن عاقب فبعدله»([250]).

قول السيد شرف الدين العاملي المتوفى 1377 هـ

قال السيّد عبد الحسين شرف الدين، من أكابر علماء الشيعة بلبنان: «إن من وقف على رأينا في الصحابة علم أنه أوسط الآراء، إذ لم نفرط فيه تفريط الغلاة الذين كفروهم جميعاً، ولا أفرطنا إفراط الجمهور الذين وثقوهم أجمعين، فإنّ الكاملية ومن كان في الغلو على شاكلتهم، قالوا: بكفر الصحابة كافة، وقال أهل السنة: بعدالة كلّ فرد ممن سمع النبي أو رآه من المسلمين مطلقاً، واحتجوا بحديث كلّ من دب أو درج منهم أجمعين أكتعين أبصعين.

أما نحن فإن الصحبة بمجردها وإن كانت عندنا فضيلة جليلة، لكنها ـ بما هي ومن حيث هي ـ غير عاصمة، فالصحابة كغيرهم من الرجال فيهم العدول، وهم عظماؤهم وعلماؤهم، وأولياء هؤلاء، وفيهم البغاة، وفيهم أهل الجرائم من المنافقين، وفيهم مجهول الحال.

فنحن نحتج بعدولهم ونتولاهم في الدنيا والآخرة، أما البغاة على الوصي، وأخي النبي، وسائر أهل الجرائم والعظائم كابن هند، وابن النابغة، وابن الزرقاء وابن عقبة، وابن أرطاة، وأمثالهم فلا كرامة لهم، ولا وزن لحديثهم.

ومجهول الحال نتوقف فيه حتى نتبيّن أمره، هذا رأينا في حملة الحديث من الصحابة وغيرهم، والكتاب والسنة بيننا على هذا الرأي، كما هو مفصل في مظانه من أصول الفقه.

لكن الجمهور بالغوا في تقديس كلّ من يسمونه صحابياً حتى خرجوا عن الاعتدال، فاحتجوا بالغث منهم والسمين، واقتدوا بكل مسلم سمع النبي أو رآه اقتداءً أعمى، وأنكروا على من يخالفهم في هذا الغلو، وخرجوا في الإنكار على كلّ حد من الحدود، وما أشدّ إنكارهم علينا حين يروننا نرد حديث كثير من الصحابة مصرحين بجرحهم أو بكونهم مجهولي الحال عملاً بالواجب الشرعي في تمحيص الحقائق الدينية، والبحث عن الصحيح من الآثار النبوية، وبهذا ظنوا بنا الظنونا، فاتهمونا بما اتهمونا، رجماً بالغيب، وتهافتاً على الجهل، ولو ثابت إليهم أحلامهم، ورجعوا إلى قواعد العلم، لعلموا أنّ أصالة العدالة في الصحابة مما لا دليل عليه، ولو تدبروا القرآن الحكيم لوجدوه مشحوناً بذكر المنافقين منهم، وحسبك من سوره: التوبة، والأحزاب، {وإذا جاءك المنافقون}، ويكفيك من آياته المحكمة: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ}... فليتني أدري أين ذهب المنافقون بعد رسول الله وقد كانوا جرعوه الغصص مدة حياته، حتى دحرجوا الدباب وصدوه عن الكتاب، وقد تعلمون أنه خرج إلى أحد بألف من أصحابه فرجع منهم قبل الوصول ثلاث مئة من المنافقين، وربما بقي معه منافقون لم يرجعوا خوف الشهرة، أو رغبة بالدفاع عن أحساب قومهم، ولو لم يكن في الألف إلا ثلاثمائة منافق، لكفى دليلاً على أن النفاق كان زمن الوحي فاشياً، فكيف ينقطع بمجرد انقطاع الوحي ولحوق النبي بالرفيق الأعلى؟...

وما ضرنا لو صدعنا بحقيقة أولئك المنافقين، فإن الأمة في غنى عنهم بالمؤمنين المستقيمين من الصحابة، وهم أهل السوابق والمناقب، وفيهم الأكثرية الساحقة، ولا سيما علماؤهم وعظماؤهم حملة الآثار النبوية، وسدنة الأحكام الإلهية: {وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّـت تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، وهم في غنى عن مدحة المادحين بمدحة الله تعالى، وثنائه عليهم في الذكر الحكيم، وحسبهم تأييد الدين، ونشر الدعوة إلى الحق المبين.

على أنا نتولى من الصحابة كلّ من اضطر إلى الحياد ـ في ظاهر الحال ـ عن الوصي، أو التجأ إلى مسايرة أهل السلطة بقصد الاحتياط على الدين، والاحتفاظ بشوكة المسلمين، وهم السواد الأعظم من الصحابة (رضي الله تعالى عنهم أجمعين) فإنّ مودة هؤلاء لازمة والدعاء لهم فريضة، {وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولاِِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاِْيمَانِ ولاَ تَجْعَلْ في قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}»([251]).

قول الشهيد محمد باقر الصدر (1402هـ)

قال الشهيد الصدر([252]): «إن الصحابة بوصفهم الطليعة المؤمنة والمستنيرة كانوا أفضل وأوسع بذرة لنشء رسالي، حتى أن تاريخ الإنسان لم يشهد جيلاً عقائدياً أروع وأطهر وأنبل من الجيل الذي أنشأه الرسول القائد»([253]).

ولا أظنّ بأنّ الشيخ ابن تيمية استطاع فيما كتب أن يمتدح الصحابة بأكثر من هذا الذي قاله فيهم الزعيم الشيعي الكبير السيّد الصدر.

قول الشيخ السبحاني (معاصر)

قال سماحة آية اللّه الشيخ جعفر السبحاني، وهو من أكابر علماء وأساتذة الحوزة العلميّة بقم المقدّسة:

«إنه من المستحيل أن يحب الإنسان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفي الوقت نفسه يبغض من ضحى بنفسه ونفيسه في طريق رسالته، والإنسان العاقل لا يمكنه أن يجمع في قلبه حالتين متضادتين، والذي دعا أهل السنة إلى اتهام الشيعة بالسب هو اعتقادهم بعدالة الصحابة كلهم من أولهم إلى آخرهم، والشيعة الاثنا عشرية لا تعترف بذلك، بل إنّ الصحابة والتابعين وغيرهم من تابعي التابعين عندهم في صف واحد، ولا ترى أي ملازمة بين كون الرجل صحابياً رأى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وبين كونه رجلاً مثالياً يكون القدوة والأسوة للمسلمين إلى يوم القيامة. بل تعتقد أن مصير الصحابة كمصير الآخرين فيهم الصالح والتقي والمخلص، وفيهم الطالح والمنافق ويدلّ على ذلك أمور كثيرة...»([254]).

وقال أيضاً: «على أن ما نحن بصدد بحثه ودراسته هنا هو عدالة جميع الصحابة لا سبّ الصحابة، وإن من المؤسف أنه لم يفرق بعض بين المسألتين، وإنما عمد إلى اتهام المخالفين في المسألة الأولى والإيقاع فيهم في غير ما حق.

وفي الخاتمة نؤكد على أن الشيعة الإمامية لا ترى احترام صحبة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مانعاً من مناقشة أفعال بعض صحابته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والحكم عليها، وتعتقد بأن معاشرة النبي لا تكون سببا للمصونية من المعاصي إلى آخر العمر... على أن موقف الشيعة، في هذا المجال ينطلق من الآيات القرآنية، والأحاديث الصحيحة، والتاريخ القطعي، والعقل المحايد الحصيف»([255]).

وبعد إلفات نظركم السامي إلى هذه الأُمور فلنرجع إلى تحليل ومناقشة ما جاء في رسالتكم الكريمة:

نظرة مجردة إلى روايات الحوض

 قلتم: >أولاً: هذه الروايات رواها الصحابة أنفسهم (رضي اللّه عنهم)، وهذا لأمانتهم وصدق إيمانهم، ولو كانوا قد ارتدّوا ما رووها.

ثانياً: المعنى: إمّا أنّه يراد به الصحابة أنفسهم جميعهم، وهذا مردود للآيات السابقة والأحاديث الصحيحة في فضلهم جميعاً وفي فضائل أفرادهم.

وإما أن يراد به بعضهم وهذا يحتاج إلى دليل قطعيّ، وهذا غير موجود.

وإمّا أن يراد به بعض أفراد الأمّة وسمّاهم بأصحابه؛ لأنّ كلّ أمّته أصحابه; لمشاركته في دينه وفي الجنّة، أي يصاحبونه فيها، فعندما يقدم هؤلاء على حوضه، وعليهم علامة المسلمين بآثار الوضوء ويمنعون عن الحوض فيقول: أصحابي... وفي بعضها لا يقول أصحابي، وإنّما يقول: ألا هلمّ، وفي بعضها بالتصغير: أصيحابي، فالذي يظهر أنّ هذا هو المراد وهو الذي نعتقده<.

أحاديث الحوض على ما نقله الشيخان

أقول: قبل أن أجيب عن كلامكم هذا، أذكر أحاديث الحوض على ما نقله البخاري ومسلم في صحيحيهما حتى يعرف القارئ حقيقة ما ورد في الأصحاب، ثمّ نعقّب على ما ذكرت.

إنّ الروايات التي وردت في الصحيحين حول الصحابة في باب الحوض على أقسام:

1ـ ما يدل على إحداث الصحابة بعد الرسول

روى البخاري عن ابن عباس قال: «ألا وإنّه يجاء برجال من أمّتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: ياربّ أصيحابي، فيقال: إنّك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك»([256]).

وفي رواية أخرى: «فأقول: ياربّ أصحابي! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك»([257]).

وهكذا في رواية عن أنس([258])، وأبي سعيد الخُدري([259])، وأبي هريرة([260])، وعن ابن المسيّب([261]).

2ـ ما يدل على ارتدادهم بعد مفارقة النبي

روى البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه’: «يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال، فأقول: أصحابي؟ فيقال: إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم»([262]).

وفي رواية أخرى عن أبي هريرة: «إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القَهْقَرَى»([263]).

3 ـ ما يدل على إبعادهم عن الحوض

روى مسلم بسنده عن أبي هريرة، عن رسول الله’، قال: «وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادنّ رجال عن حوضي، كما يذاد البعير الضالّ، أناديهم: ألا هلمّ، فيقال: إنّهم قد بدّلوا بعدك فأقول: سحقاً سحقاً»([264]).

وفي رواية البخاري: «أنا فرطكم على الحوض ولَيُرْفَعَنَّ معي رجال منكم ثمّ لَيُخْتَلَجُنَّ دوني»([265]).

ورواه مسلم أيضاً عن أمّ سلمة([266]).

وروى البخاري ومسلم عن أنسK، عن النبيّ’ قال: «ليَرِدَنّ عليَّ ناس من أصحابي الحوض، حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني»([267])، ورويا ذلك عن أبي وائل أيضاً([268]).

4 ـ ما يدل على دخولهم النار

روى البخاري عن أبي هريرة، عن النبيّ، قال: «بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلُمّ، فقلت: أين؟ قال: إلى النار واللّه! قلت: وما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القَهْقَرَى»([269]).

5 ـ ما يدل على أنه لا يخلص منهم إلا القليل

روى البخاري بسنده عن أبي هريرة عن النبيّ قال: «...ثمّ إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلُمّ قلت: أين؟ قال: إلى النار واللّه! قلت: ما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يَخْلُص منهم إلاّ مثلَ هَمَل النَّعَم»([270]).

6 ـ ما يدل على دعاء الرسول’ عليهم

أخرج البخاري بسنده عن أبي سعيد الخُدري، عن النبيّ’، قوله: «فأقول: إنّهم منّي فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك؟ فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي»([271]). وروى مسلم قريباً منه عن أبي هريرة([272])، وعن أمّ سلمة([273]).

ما هو المراد من الأصحاب في حديث الحوض؟

اُختلف في المراد من الأصحاب في حديث الحوض، هل المراد منه هو المعنى المصطلح، أي: كلّ من صحب رسول اللّه ورآه، كما عرّفه أبناء أهل السنّة، أو المراد منه هو المعنى اللغوي أي كلّ من تبعه وكان موافقاً له في سلوكه؟

قال القاضي عياض عند تأويله أحاديث الحوض: «فإن أصحابه وإن شاع عرفاً فيمن يلازمه من المهاجرين والأنصار شاع استعماله لغة في كلّ من تبعه مرة»([274]).

ويلاحظ عليه:

 أولاً: أنّ المراد بالردّة في هذه الروايات ليست ردّة الكفر أو الارتداد والخروج عن الإسلام; بل المراد بها تخلّفهم عن إحدى أهمّ الواجبات الدينيّة، كما صرّح ابن الأثير في النهاية بقوله: «وفي حديث القيامة والحوض (فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم) أي: متخلفين عن بعض الواجبات، ولم يرد ردة الكفر»([275]).

ونحن نعتقد أن المراد منها هو ترك وصيّة النبيّ’ في عليّ وأهل بيته، كما أنّ المراد من الأحداث هي الوقائع والبدع التي أحدثت بعد رسول اللّه’، كما سيوافيك ذلك عن براء بن عازب، وأمّ المؤمنين عائشة وأبي سعيد الخدري.

وثانياً: إنّما الكلام في كلمة (الأصحاب) الواردة في لسان النبيّ، لا الواردة في اللغة أو في لسان التابعين بعد مضيّ سنوات، فمراده منها ـ كلمة الأصحاب ـ هم الذين صحبوه ورأوه بلا ريب.

وثالثاً: لو حملنا كلمة الأصحاب الواردة في لسان النبيّ على مطلق من تبع النبيّ’، فلابدّ من حمل هذه اللفظة على هذا المعنى في عامّة الموارد، مثل قوله: «لا تسبّوا أصحابي» و«أصحابي كالنجوم» و.... وهذا ما لا يرتضيه أحد.

ما يدل على أن الصحابة هم الذين صحبوا النبي ورأوه

ورابعاً: ملاحظة متن روايات الحوض وغيرها تثبت بأنّ المراد من الصحابة هم الذين صحبوه ورأوه من دون شكّ في ذلك، وإليك بعض هذه الروايات:

1ـ التصريح في بعض الروايات بكلمة (صحبني ورآني)

ففي مسند أحمد عن أبي بكرة، أنّ رسول اللّه’ قال: «ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني، حتّى إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولنّ ربّ أصحابي! أصحابي! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك؟»([276]).

قال ابن حجر: «ولأحمد والطبراني من حديث أبي بكرة رفعه (ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني) وسنده حسن. وللطبراني من حديث أبي الدرداء نحوه وزاد: (فقلت: يا رسول اللّه ادع أن لا يجعلني منهم، قال: لست منهم). وسنده حسن»([277]).

وفي صحيح مسلم عن عبد العزيز بن صهيب، قال: «حدّثنا أنس بن مالك أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) قال: ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليّ، اختلجوا دوني فلأقولنّ: أي رب! أصيحابي أصيحابي! فليقالنّ لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك»([278]).

وفى تفسير الطبري: «والذي نفس محمد بيده، ليردنّ عليّ الحوض ممّن صحبني أقوام، حتّى إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولنّ: ربّ أصحابي، أصحابي، فليقالنّ: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك»([279]).

2ـ تعبير النبي’ عن المخاطبين بالصحابة وعن الذين يأتون فيما بعد بالإخوان:

 ورد في صحيح مسلم: «عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) أتى المقبرة فقال: السلام عليكم، دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول اللّه؟

قال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد. فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمّتك يا رسول اللّه؟

فقال: أرأيت لو أنّ رجلاً له خيل غرّ محجّلة بين ظهري خيل دهم بهم، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: فإنّهم يأتون غرّاً محجّلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادّن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضالّ أناديهم ألا هلمّ، فيقال: إنّهم قد بدلّوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً»([280]).

وفي رواية عبد الرزاق: «ثمّ يلتفت إلى أصحابه، وفيهم يومئذٍ الأفاضل، فيقول: أنتم خير، أم هؤلاء؟ فيقولون: نرجو أن لا يكونوا خيراً منّا، ـ إلى أن قال: ـ فإنّ هؤلاء قد مضوا، وقد شهدت لهم، وإنّي لا أدري ما تحدثون بعدي»([281]).

وفى تفسير الثعالبي: «ثمّ أقبل على أصحابه فقال: هؤلاء خير منكم، قالوا: يا رسول اللّه! إخواننا، أسلمنا كما أسلموا، وهاجرنا كما هاجروا، وجاهدنا كما جاهدوا، وأتوا على آجالهم فمضوا فيها وبقينا في آجالنا، فما يجعلهم خيراً منّا؟

قال: هؤلاء خرجوا من الدنيا لم يأكلوا من أجورهم شيئاً وخرجوا وأنا الشهيد عليهم، وأنّكم قد أكلتم من أجوركم ولا أدري ما تحدثون من بعدي؟

قال: فلمّا سمعها القوم عقلوها وانتفعوا بها، وقالوا إنّا لمحاسبون بما أصبنا من الدنيا وأنّه لمنتقص به من أجورنا»([282]).

3ـ طلب الأصحاب من النبي’ أن يدعو اللّه أن لا يجعلهم من المطرودين:

ورد في معجم الطبراني، عن أبي الدرداء، قال: «قال رسول الله: لا ألفين ما نوزعت أحداً منكم على الحوض، فأقول: هذا من أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، قال أبو الدرداء: يا نبي الله، ادع الله أن لا يجعلني منهم، قال: لست منهم»([283]).

وروى الهيثمي عن أبي الدرداء، قال: «قال رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم): لألفينّ ما نوزعت أحداً منكم عند الحوض، فأقول: هذا من أصحابي، فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. قال أبو الدرداء: يا رسول اللّه، ادع اللّه أن لا يجعلني منهم، قال: لست منهم. رواه الطبراني في الأوسط والبزار بنحوه ورجالهما ثقات»([284]).

وهكذا استعاذة ابن أبي مليكة باللّه من رجوعه على الأعقاب، كما في صحيح البخاري ومسلم: عن ابن أبي مليكة، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: «قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): إني على الحوض حتى أنظر من يرد عليّ منكم، وسيؤخذ ناس من دوني، فأقول: يا رب مني ومن أمتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم، فكان ابن أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا»([285]).

وفي معجم الطبراني: «فكان ابن أبي مليكة يقول: اللّهمّ إنّا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نغيّر ديننا»([286]).

4ـ بكاء أبي بكر حين سمع حديث الحوض وارتداد الأمة بعد النبي’:

كما في الموطّأ عن مالك، عن أبى النضر مولى عمر بن عبيد اللّه: «أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم، فقال أبو بكر الصديق: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم؟ أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): بلى، ولكن لا أدرى ما تحدثون بعدي، فبكى أبو بكر، ثم بكى، ثم قال: أئنا لكائنون بعدك؟»([287]).

فلو كان المراد من الأصحاب في هذه الأحاديث هم الذين يأتون بعد زمان الصحابة، فما معنى قوله’: >ممّن صاحبني ورآني<؟ بل ما معنى كلام أبي الدرداء واستعاذة ابن أبي مليكة وبكاء أبي بكر؟

5ـ قوله’: >منذ فارقتهم<:

كما في صحيح البخاري: «وإنّ أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم»([288])، وهذا صريح بأنّ المراد من الصحابة هم الذين عاشوا في عصر النبيّ’ وبقوا أحياءً بعد وفاته.

 6ـ قول رسول اللّه في حديث الحوض: >وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم<، وشهادته’ على من مضى من الأصحاب:

في رواية البخاري: «ثمّ يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال فأقول: أصحابي، فيقال: إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم: {وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}»([289]).

وفى مصنّف عبد الرزاق، عن معمّر قال: «وأخبرني من سمع الحسن يقول: قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم) للشهداء يوم أحد: إن هؤلاء قد مضوا، وقد شهدت عليهم، ولم يأكلوا من أجورهم شيئاً، ولكنكم تأكلون من أجوركم، ولا أدري ما تحدثون بعدي»([290]).

وفيه أيضاً عن ابن جريج، قال: «حدثت أن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) كان ينطلق بطوائف من أصحابه إلى دفنى بقيع الفرقد، فيقول: السلام عليكم يا أهل القبور، لو تعلمون مما نجاكم الله مما هو كائن بعدكم، ثم يلتفت إلى أصحابه، وفيهم يومئذٍ الأفاضل، فيقول: أنتم خير أم هؤلاء؟ فيقولون: نرجو أن لا يكونوا خيراً منا، هاجرنا كما هاجروا وجاهدنا كما جاهدوا وأتوا على آجالهم فمضوا فيها وبقينا في آجالنا، فما يجعلهم خيراً منا؟! قال: هؤلاء خرجوا من الدنيا ولم يأكلوا من أجورهم شيئاً، وإنكم تأكلون من أجوركم، فإن هؤلاء قد مضوا، وقد شهدت لهم، وإني لا أدري ما تحدثون بعدي»([291]).

قال الثعالبي في تفسيره: «وروى ابن المبارك في (رقائقه) من طريق الحسن عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) انه خرج في أصحابه إلى بقيع الغرقد، فقال: السلام عليكم يا أهل القبور لو تعلمون ما نجاكم الله منه مما هو كائن بعدكم! ثم أقبل على أصحابه، فقال: هؤلاء خير منكم، قالوا: يا رسول الله، إخواننا، أسلمنا كما أسلموا وهاجرنا كما هاجروا وجاهدنا كما جاهدوا وأتوا على آجالهم فمضوا فيها وبقينا في آجالنا، فما يجعلهم خيراً منا؟! قال: هؤلاء خرجوا من الدنيا لم يأكلوا من أجورهم شيئاً، وخرجوا وأنا الشهيد عليهم، وأنكم قد أكلتم من أجوركم ولا أدرى ما تحدثون من بعدي، قال: فلمّا سمعها القوم عقلوها وانتفعوا بها، وقالوا: إنا لمحاسبون بما أصبنا من الدنيا وإنّه لمنتقص به من أجورنا»([292]).

وفي تاريخ المدينة لابن شبة النميري: «إن هؤلاء مضوا لم يأكلوا من أجورهم شيئاً، وشهدت عليهم، وإنكم قد أكلتم من أجوركم بعدهم، ولا أدري كيف تفعلون بعدي»([293]). وفي موضع آخر قال: «ولا أدري كيف تصنعون بعدي»([294]).

وهذا يدلّ على أنّ الرسول’ لم يكن مطمئنّاً لما ينتهي إليه أمر أصحابه بعده، ولم يكن يعتقد أنّ مجرّد صحبتهم له تدخلهم الجنان وتجعلهم معصومين، أو أنّها تكون أماناً لهم من كلّ حساب وعقاب، عملوا ما عملوا، وفعلوا ما فعلوا، فإنّ ذلك خلاف ما قرّره القرآن الذي يقول: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}([295]).

7ـ انشغال بال رسول اللّه’ وقلقه ممّا يصنع الصحابة:

لقد مرّ قوله’ في قضيّة بكاء أبي بكر: «لكن لا أدري ما تحدثون بعدي؟»([296])، وتقدّم قوله| أيضاً في قضيّة شهداء أحد: «ولا أدري ما تحدثون بعدي»([297])، وفي قضية بقيع الغرقد عن تفسير الثعالبي ومصنف عبد الرزّاق «وإنّي لا أدري ما تحدثون بعدي»([298])، وعن تاريخ المدينة: «لا أدري كيف تفعلون بعدي»([299])، أو «ولا أدري كيف تصنعون بعدي»([300]).

8 ـ ارتداد الصحابة على الأدبار:

ورد في روايات الحوض أيضاً: «إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى»([301]).

وفي قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}([302]).

وكأنّ هذه الأحاديث واردة مورد التفسير لهذه الآية، ومؤكّدة لتحقّق مضمونها بعد وفاته.

9ـ اعتراف بعض الأصحاب بأنهم أحدثوا بعد رسول اللّه’:

أـ اعتراف البراء بن عازب

رواه البخاري عن محمد بن فضيل، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، قال: «لقيت البراء بن عازب رضي اللّه عنهما، فقلت: طوبى لك صحبت النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) وبايعته تحت الشجرة!! فقال: يا ابن أخي إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده»([303]).

والبراء بن عازب من أكابر الصحابة، ومن السابقين الأوّلين الذين بايعوا النبيّ’ تحت الشجرة، يشهد على نفسه وغيره من الصحابة بأنّهم أحدثوا بعد وفاة النبيّ’ كي لا يغترّ بهم الناس، وأوضح بأنّ صحبة النبيّ’ ومبايعته تحت الشجرة والتي سميّت بـبيعة الرضوان لا تمنعان من ضلالة الصحابي بعد النبيّ’.

ب ـ اعتراف أبي سعيد الخدري

روى ابن عدي قال: >ثنا بهلول بن إسحاق، ثنا سعيد بن منصور، ثنا خلف بن خليفة، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا له: هنيئاً لك يا أبا سعيد برؤية رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وصحبته، قال: أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده»([304]).

رواه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق وابن حجر في الإصابة في ترجمة سعد بن مالك بن سنان([305]).

وإنّها أيضاً لشهادة كبرى من صحابيّ كبير، كان على الأقلّ صريحاً مع نفسه ومع الناس.

ج ـ اعتراف عائشة أمّ المؤمنين

وهكذا قد اعترفت عائشة أيضاً قبل موتها بأنّها قد أحدثت بعد رسول اللّه، كما روى الحاكم عن قيس بن أبي حازم، قال: «قالت عائشة (رضي الله عنها)، وكأن تحدث نفسها أن تدفن في بيتها مع رسول اللّهوأبي بكر، فقالت: إنّي أحدثت بعد رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) حدثاً، ادفنوني مع أزواجه، فدفنت بالبقيع. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»([306]).

10ـ النبيّ’ يعرفهم ويعرفونه

روى أبو حازم عن سهل بن سعد قال: «قال النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم): إنّي فرطكم على الحوض من ورد شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثمّ يحال بيني وبينهم، قال أبو حازم: فسمع النعمان بن أبي عيّاش وأنا أحدّثهم بهذا الحديث، فقال: هكذا سمعت سهلاً يقول؟

فقلت: نعم، قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد: (فيقول: إنّهم منّي، فقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي)». أخرجه البخاري ومسلم([307]).

ومعلوم أنّ المراد بقرينة قوله: «وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني» و«سحقاً لمن بدّل بعدي» أصحابه الذين عاصروه وصحبوه وبقوا بعده مدّة ثم مضوا.

وهكذا في مسند أحمد: «حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا أبو عامر، ثنا زهير، عن عبد الله بن محمد، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: سمعت النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يقول على هذا المنبر: ما بال رجال يقولون: إنّ رحم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لا تنفع قومه! بلى والله إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم على الحوض، فإذا جئتم، قال رجل: يا رسول الله، أنا فلان بن فلان، وقال أخوه: أنا فلان بن فلان، قال لهم: أما النسب فقد عرفته ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى»([308]).

ورواه أبو يعلى في مسنده([309])، والمتقي في كنز العمال([310]).

وقال الهيثمي: «رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير عبد اللّه بن محمد بن عقيل، وقد وثق»([311]).

تذييل:

أولاً: هل المراد من المرتدين هم أصحاب الردة؟

يمكن أن يقال: إنّ المراد بالمرتدّين هم أصحاب الردّة الذين قاتلهم الخليفة أبو بكر([312])، وهم معلومون، فلا تصل النوبة إلى الشك والتوقّف عن التمسّك بتلكم العمومات القاضية بعدالتهم.

ولكن هذا الاحتمال بعيد جدّاً; لأنه ينافي ما صرّح به في رواية أبي هريرة التي يقول فيها: «فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم»([313])، وهي أبلغ كناية عن قلّة الناجين منهم، ومعنى ذلك أنّها حكمت على أكثرهم بالارتداد، ومعلوم أنّ هؤلاء المرتدّين الذين حاربهم الخليفة لا يعبرون عن تلك الكثرة.

مع منافاة هذا الاحتمال للحقائق التي بدرت من الصحابة من خوفهم واستعاذتهم وبكائهم وتصريحهم بإحداثهم، وهم ليسوا من جند سجاح ولا من زمرة الأسود العنسي.

وظهر بهذا فساد ما ذهب إليه القاضي عياض بأنّ المراد بهم من ارتدّ من الأعراب الذين أسلموا في أيّامه كأصحاب مسيلمة والأسود وأضرابهم([314]).

ثانياً: لماذا لم يغير رسول الله الجدر وباب الكعبة؟

 أخرج البخاري ومسلم وابن ماجه والترمذي والنسائي وأحمد كلّهم عن عائشة ـ واللفظ للبخاري ـ أنّها قالت: «سألت النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) عن الجُدر، أمن البيت هو؟ قال: نعم، فقلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إنّ قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعاً؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولو لا أنّ قومك حديث عهدهم بالجاهليّة أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه في الأرض»([315]).

وفي لفظ ابن ماجه: «ولو لا أنّ قومك حديث عهد بكفر، مخافة أن تنفر قلوبهم». وعلّق العلاّمة السندي على هذا الحديث في حاشيته على سنن النسائي بقوله: «إنّ الإسلام لم يتمكّن في قلوبهم [يعني الصحابة] فلو هدمت لربما نفروا منه»([316]).

كلام في الآيات التي تثني على طـوائف من الصحابة

وقد مدح اللّه سبحانه وتعالى في كتابه طوائف من الصحابة، ونحن نذكرها على الترتيب الذي جاء في رسالتكم، ثمّ نقوم بالتحليل.

الآية الأولى

قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}([317])، وهذه الآية لا تدلّ على الثناء على جميع المهاجرين والأنصار كما سيتضح، فقد أثنى سبحانه في هذه الآية على طوائف ثلاث:

الأُولى: السابقون الأوّلون من المهاجرين، وهم الذين هاجروا أيّام هجرة النبيّ أو بعدها بقليل، وبما أنّ لفظة (مِنْ) في {مِنَ الْمُهَاجِرِينَ} للتبعيض، فهو يخرج المتأخّرين من المهاجرين. فالآية تثني على السابقين من المهاجرين، لا على عامّة المهاجرين.

وبعبارة أخرى: إنّما يصحّ الاستدلال بشمول الثناء في الآية لجميع المهاجرين والأنصار إذا ثبت بدليل قطعيّ أنّ (من) بيانيّة لا تبعيضيّة، وأيّ دليل قطعيّ على ذلك؟

الثانية: السابقون من الأنصار، وهم الذين سبقوا في نصرة النبيّ بالإنفاق والإيواء، ولا يدخل مطلق الأنصار ولا أبناؤهم وحلفاؤهم، وذلك لأنّ تقدير الآية: والسابقون الأوّلون من الأنصار.

فالآية تثني على السابقين الأوّلين من الأنصار لا على عامّتهم.

وبما أنّ الموضوع هو السبق في الهجرة، والسبق في النصرة، فلا ينطبق العنوانان إلاّ على الذين هاجروا أو نصروا قبل أن يُشيّد بنيان الدين، وتهتّز راياته، وهم على أصناف:

منهم: من آمن بالنبيّ وصبر على الفتنة والبلاء، ومفارقة الديار والأموال بالهجرة إلى الحبشة أو إلى المدينة.

ومنهم: من آمن به’ ونصره وآواه وآوى أصحابه من المهاجرين، واستعدّ للدفاع عن الدين قبل وقوع الوقائع.

وهذا ينطبق على من آمن بالنبي’ قبل الهجرة ثمّ هاجر قبل وقعة بدر، التي منها ابتدأ ظهور الإسلام على الكفر، أو آمن بالنبي وآواه وتهيّأ لنصرته عندما هاجر إلى المدينة.

فالمبدأ هو ظهور أمر النبيّ في الفترة المكيّة، والمنتهى هو قبل ظهور الإسلام وغلبته على أقوى مظاهر الشرك في المنطقة، أعني: غزوة بدر.

وعلى ضوء ذلك يتبيّن المراد من الطائفة الأخيرة، أعني:

الثالثة: الذين اتّبعوا السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار بإحسان، وهذه الطائفة عبارة عمّن أسلم بعد بدر إلى بيعة الرضوان أو إلى فتح مكّة، فلا تشمل الوافدين من العرب في العامّ التاسع الذي يطلق عليه عام الوفود.

وأمّا وجه الثناء على التابعين مع أنّهم ربما لم ينصروا النبيّ الأكرم’ في مغازيه، فلكونهم تضرّروا وكابدوا المصاعب بفقد أقربائهم في المعارك، وربّما لحقهم بعض الأذى، والمراد من التابعين بإحسان هم الذين صلحت سيرتهم وسلوكهم فصاروا بعيدين عن اقتراف الذنوب، ومساوئ الأخلاق، فاتّبعوهم بإحسان.

وأين هذه الآية من تعديل عشرة آلاف صحابيّ سُجّلت أسماؤهم في المعاجم، أو مائة ألف صحابيّ صحبوا النبيّ في مواقف مختلفة، ورأوه وعاشروه؟! هذا هو المفهوم من الآية، حسب القرائن البينة.

فلنعد إلى ما ذكرتموه حول الآية ثمّ نأخذ بالتحليل:

هذا نصّ كلامكم:

«أثنى عز ّوجلّ على جميع المهاجرين وجميع الأنصار بدون قيد; لأنّ (أل) للعموم فيما دخلت عليه، وجميعِ الذين اتّبعوهم بإحسان، فالمتّبعون قيّدهم بالإحسان، وهذا أصل فلا يخرج أحد من المهاجرين والأنصار إلاّ بدليل قطعيّ، والآية في غاية الوضوح.

ثمّ أثنى عزّ وجل على الذين اتّبعوهم بإحسان، والذين اتّبعوهم هم أهل السنّة وليسوا الشيعة; لأنّ الشيعة ما بين مكفرّ لهم وذامّ لهم، أعني الشيعة الإماميّة المتأخّرين بدون استثناء».

1ـ قلتم: «أثنى عز ّوجلّ على جميع المهاجرين وجميع الأنصار، بدون قيد، لأنّ (أل) للعموم فيما دخلت عليه».

يلاحظ عليه: أنّه سبحانه لم يثن على عامّة المهاجرين ولا على عامّة الأنصار; بل على صنف خاصّ منهم، وهم السابقون الأوّلون فحسب، ولو كان المراد الثناء على عامّتهم من دون اعتبار السبق والأوّليّة كان ذكر «السابقون الأوّلون» زائداً مستدركاً.

وكون اللام للعموم لا ينافي ما ذكرناه، لأنّ المراد هو العموم من هذا الصنف لا كلّ المهاجرين والأنصار.

 2ـ قلتم: «وهذا أصل فلا يخرج أحدٌ من المهاجرين والأنصار إلاّ بدليل قطعيّ».

قلت: نعم، هذا أصل، لا في عامّة المهاجرين والأنصار; بل في خصوص السابقين الأوّلين منهم، فلا يعدل عن هذا الأصل إلاّ بدليل قطعيّ، مثلاً إذا دلّ دليل على أنّ صحابيّاً من السابقين والأوّلين عدل عن الحقّ، فيؤخذ بالدليل الثاني، فإذا دلّ الدليل على أنّ حارث بن سويد من الصحابة البدريين قتل المجذر بن زياد المسلم يوم أحد لثأر جاهليّ، يحكم بخروجه من الآية([318])، أو دلّ على أنّ قدامة بن مظعون البدري، شرب الخمر([319])، وهكذا دواليك...

 3 ـ قلتم: «ثم أثنى عز ّوجلّ على الذين اتّبعوهم بإحسان، والذين اتّبعوهم هم أهل السنّة»

يلاحظ عليه: أنّ قوله سبحانه: {والَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بإحسان} فعل ماض يحكي عن تحقّق التبعيّة بإحسان عند نزول الآية، فلابدّ أن يكون التابعون بإحسان من جملة الصحابة، فكيف تفسّرونه بأهل السنّة إلى يوم القيامة، ثمّ تخرجون الشيعة مع أنّ الطائفتين خارجتان عن مفاد الجملة، وإلاّ كان اللازم أن يقول عزّ وجلّ: والذين يتّبعونهم بإحسان.

ويدلّ على ذلك: أنّ الطوائف الثلاث المذكورة في هذه الآية ذكرت في سورة الحشر على ما قدّمناه وقد عبّر سبحانه عن هذه الطائفة الثالثة بالنحو التالي: {والَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا...} فلو كان المراد عامّة المسلمين أو طائفة منهم، كان اللازم أن يقول: والذين يجيئون من بعدهم.

اختلاف المفسرين في معنى السابقين الأولين والتابعين لهم

4 ـ قلتم: «والآية في غاية الوضوح».

قلت: إنّ هذا التعبير من سماحتكم في غاية الغرابة، كيف تصفون الآية بغاية الوضوح وقد اختلف المفسّرون في تعيين المراد من الآية اختلافاً شديداً؟! وسوف نذكره ليتبيّن مدى صحّة قضائكم في معنى الآية بأنّه في غاية الوضوح:

فهذا ابن الجوزي الحنبلي يقول: في تفسير قوله تعالى: {والأوّلون} ستّة أقوال.

«أحدها: أنهم الذين صلّوا إلى القبلتين مع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، قاله أبو موسى الأشعري، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين، وقتادة.

والثاني: أنهم بايعوا رسول الله بيعة الرضوان، وهي الحديبية، قاله الشعبي.

والثالث: أنهم أهل بدر، قاله عطاء بن أبي رباح.

والرابع: أنهم جميع أصحاب رسول الله، حصل لهم السبق بصحبته. قال محمد بن كعب القرظي: إن الله قد غفر لجميع أصحاب النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وأوجب لهم الجنة محسنهم ومسيئهم في قوله [تعالى]: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ}.

والخامس: أنهم السابقون بالموت والشهادة، سبقوا إلى ثواب الله تعالى. ذكره الماوردي.

والسادس: أنهم الذين أسلموا قبل الهجرة، ذكره القاضي أبو يعلى»([320]).

وقريب من هذا ما في جامع البيان لابن جرير الطبري([321]).

وهذا السيوطي، بعد أن نقل عن ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما، بأنّ المراد من السابقين الأوّلين، هم الذين صلّوا القبلتين قال: «أخرج ابن مروديه، عن ابن عباس: {وَالسَّابِقُون الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ}، قال: أبو بكر، وعمر، وعلي، وسلمان، وعمّار بن ياسر»([322]).

كما اختلفوا أيضاً في معنى التابعين: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بإحسان} على أقوال عديدة، كما قال ابن الجوزي: «قوله تعالى: {اتّبعوهم بإحسان} من قال: إنّ السابقين جميع الصحابة جعل هؤلاء تابعيّ الصحابة، وهم الذين لم يصحبوا رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم)، وقد روي عن ابن عباس، أنّه قال: والذين اتّبعوهم بإحسان إلى أن تقوم الساعة، ومن قال: هم المتقدّمون من الصحابة، قال: هؤلاء اتّبعوهم في طريقهم واقتدوا بهم في أفعالهم، ففضل أولئك بالسبق وإن كانت الصحبة حاصلة للكلّ، وقال عطاء: اتّباعهم إيّاهم بإحسان أنّهم يذكرون محاسنهم ويترحّمون عليهم»([323]).

قال ابن جرير والسيوطي أيضاً: «والذين اتّبعوهم بإحسان ممّن بقي من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة»([324]).

وقال الثعالبي:

«وقال الشعبي: من أدرك بيعة الرضوان والذين اتّبعوهم بإحسان، يريد سائر الصحابة ويدخل في هذا اللفظ التابعون وسائر الأمّة لكن بشريطة الإحسان»([325]).

قال الشوكاني: «(الذين اتّبعوهم بإحسان) الذين اتّبعوا السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار وهم المتأخّرون عنهم من الصحابة فمن بعدهم إلى يوم القيامة، وليس المراد بهم التابعين اصطلاحاً.

وقوله: (بإحسان) قيد للتابعين، أي: والذين اتّبعوهم متلبّسين بإحسان في الأفعال، والأقوال، اقتداء منهم بالسابقين الأوّلين»([326]).

باللّه عليك أيّها الأخ العزيز! كيف تكون الآية في غاية الوضوح مع هذا الاختلاف بين العلماء والمفسّرين فيها؟!

وفي الختام نحن لا نصدّق كلّ هذه الأقوال; بل المختار عندنا هو ما ذكرنا سابقاً, والغاية من الاستشهاد هو إثبات أنّ الآية ليست كما تفضّلتم به: كونها في غاية الوضوح!

الآية الثانية

قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ والَّذِينَ معه أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تراهم رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً منَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ في وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ في التوراة ومَثَلُهُمْ في الاِْنجِيلِ كَزَرْع أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَـآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيمَاً}([327]). والآية لا تدل على فضل جميع الصحابة، كما سيتضّح.

5ـ قلتم: «ذكر الله عز ّوجلّ أنّه ربّاهم ورعاهم كما يرعى النبتة التي تخرج من الأرض حتّى نضجت واكتملت، وأنّ ذلك سيكون سبباً لغيظ الكفّار فمن كرههم أو غاضهم لحقه الوعيد<. يلاحظ عليه: أنّ ظاهر كلامكم أنّه سبحانه وتعالى في هذه الآية يصف جميع الصحابة بأنّه ربّاهم ورعاهم، كما يرعى النبتة التي تخرج من الأرض، ولكنّه غير تامّ للوجوه الآتية:

أ ـ هل المراد من قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ مَعَهُ} هو المعيّة الجسمانيّة أو أنّ المراد هو المعيّة الروحيّة، فتنطبق على الذين كانوا معه في صلابة الإيمان والعقيدة والعمل والسيرة؟ وبما أنّه لا قيمة للجسم في المعيّة، تختصّ الآية بالطائفة الثانية، ولم يكن كلّ الصحابة على هذا النمط، بدليل الأصناف العشرة التي قدّمنا عناوينها وذكرنا موضع الآيات وأرقامها.

ب ـ أنّه سبحانه يذكر من سماتهم أنّهم: {رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ} فهل كان الصحابة عامّة موصوفين بهذا الوصف، أو أنّهم قاتل بعضهم بعضاً؟ فكم من بدريّ قُتِل بيد الصحابة، فهذا هو مقتل الخليفة الثالث وحروب الناكثين والقاسطين والمارقين، قتل فيها كثير من الصحابة بيد الصحابة أنفسهم.

ج ـ ومن سماتهم أيضاً: {سِيمَاهُمْ في وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}([328])، فهل كان هذا الوصف متوفّراً في عامّة الصحابة؟

د ـ نحن لو افترضنا وجود هذه السمات في عامّة الصحابة، ولكن ذيل الآية يشهد على أنّ الثناء على قسم منهم بقوله سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ مِنْهُم مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيمَاً}.

فلفظة (من) في قوله: {منهم} للتبعيض، وما يقال من أن (من) بيانية غير صحيح; لأنّها لا تدخل على الضمير مطلقاً في كلام العرب، كما أشار إلى ذلك الدهلوي في التحفة الاثني عشرية، قال: >إن حمل (من) ـ الداخلة على الضمير ـ على البيان مخالف للاستعمال<([329])، وإنّما تدخل على الاسم الظاهر، كما في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الاَوْثَان}([330]).

مضافاً إلى أن من علامات (من) البيانية ـ كما قال الرضي في شرح الكافية ـ: أن يكون قبل (من) أو بعدها مبهم يصلح أن يكون المجرور بـ (من) تفسيراً له([331])، بينما في الآية ما قبل (من) وما بعدها واضح لا إبهام فيه حتى يحتاج إلى بيان، فـ{الذين امنوا وعملوا الصالحات} عبارة واضحة المعنى لا إبهام فيها([332]).

الآية الثالثة

قال تعالى: {إنّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ في سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَواْ وَنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْض... وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ في سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَواْ وَنَصَرُواْ أُوْلَئكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُم مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}([333]).

 أقول: إنّ مفاد الآية قريب ممّا جاء في سورة الحشر التي تقدّمت سابقاً، وهي تصف معشراً من الصحابة وتثني عليهم، لا على جميعهم، وإليك مقاطع من الآية يوضح ما ذكرنا:

أـ {إنّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ في سَبِيلِ اللَّهِ} فالمراد هم السابقون الأوّلون من المهاجرين، لا مطلق من هاجر وجاهد ولو متأخراً; بشهادة ذكر الهجرة في الصنف الثالث([334])، كما سيوافيك، وهذه قرينة على أنّ المراد هم السابقون في الهجرة.

ب ـ {وَالَّذِينَ ءَاوَواْ وَنَصَـرُواْ}، والمراد هم الأنصار الذين آووا، وهذا مختصّ بمن نصر وآوى وقد انقطع الإيواء بترحيل بني النضير عن أراضي يثرب في السنة الرابعة; فإنّ النبيّ’ قسّم أراضيهم بين المهاجرين في تلك السنة، فاستغنوا بذلك عن إيواء الأنصار.

ج ـ {وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ}، والمراد هم الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بعد السابقين الأوّلين، فيشير هذا المقطع من الآية إلى ما ورد في الآية الأولى، أعني قوله: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بإحسان}([335])، وبما أنّ الهجرة قد انقطعت بعد الفتح فالآية لا تثني على الطلقاء، ولا أبناء الطلقاء، ولا الأعراب، ولا الذين آمنوا بعد الفتح، فيتّحد مفاده مع قوله سبحانه: {والَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بإحسان}.

فهذه الآيات الثلاثة تثبت أنّ الصحابة كالتابعين، فيهم العادل وغير العادل، لا أنهم كلّهم عدول، ولا كلّهم فسقة.

6ـ قلتم: «أو ليس هذا ثناء من الله عزّ وجلّ على المهاجرين والأنصار وتأكيد إيمانهم».

نقول: كيف يكون ثناءً على كلّ المهاجرين والأنصار؟! بل هو ثناء على السابقين منهم، والذين اتّبعوهم بإحسان، وعندئذٍ لو دلّ دليل على عدم التبعيّة أو شككنا في كونه تابعاً بإحسان، فالآية لا تكون دليلاً على العدالة في مورد الشك، فإذا كان قيد الموضوع (بالإحسان) مشكوكاً فيه، لا يحكم بالدخول; لأنّ الحكم لا يثبت موضوعه، بل الحكم يكون في رتبة سابقة على الموضوع، نعم لو أحرزت التبعيّة بإحسان لشملته الآية.

الآية الرابعة

قال الله تعالى: {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}([336]).

7 ـ قلتم: >هذه الآية الكريمة تمدح الذين آمنوا قبل الفتح، وأنفقوا في سبيل الله، وقاتلوا لإعلاء كلمة الله عز ّوجلّ، وأنّ من لحقهم بعد ذلك لا يدرك فضلهم، وهذه شهادة عظيمة من الله عز ّوجلّ<.

يلاحظ عليه: إنّ الآية تدلّ على عدم التسوية بين الفريقين، وهذا ممّا لا ريب فيه، كما يدلّ على أنهّ سبحانه وعد الكلّ الحسنى، غير أنّ وعده سبحانه بالحسنى مشروط بحسن خواتيم العمل، فإنّه سبحانه وعد كلّ من عمل صالحاً بالحسنى ولكن بشرط أن يكون باقياً على ما كان عليه.

وقد دلّ الذكر الحكيم على أنّ رجالاً مؤمنين انقلبوا على أعقابهم بعد فترة، يقول سبحانه: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الذي ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}([337]).

فالآية تخبر عن مصير من أوتي الآيات، ولكنّه انسلخ منها، فمن وعده الله سبحانه الحسنى في الآية ليس بأفضل من هذا الرجل الذي بلغ في العلم والعمل مكاناً نال بموجبه آية من آيات الله سبحانه وقد زلّت قدماه في آخر حياته.

وقد عقد البخاري في صحيحه باباً باسم العمل بالخواتيم([338])، فطالعوا ما ورد فيه من الروايات، رزقنا الله سبحانه حسن العاقبة.

الآية الخامسة

قال سبحانه: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}([339])

فهذه الآيات نظير ما تقدّم من الآيات لا تثني على عامّة الصحابة; بل على فريق منهم.

أمّا المهاجرون، فتثني على فقرائهم بشرط أن تتوفر فيهم الصفات التالية:

 أ: {الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَـارِهِمْ وَأَمْوَا لِهِمْ}.

ب: {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ ورِضْوَاناً}.

ج: {وَيَنصُرُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ}.

فمن تمتّع بهذه الصفات الثلاث من المهاجرين فقد أثنى القرآن عليه، وبما أنّ من أبرز صفاتهم كونهم مشرّدين من ديارهم وأموالهم، فيكون المقصود هم الذين هاجروا قبل وقعة بدر.

وأمّا الأنصار فأثنت الآيات على من تمتّع بالصفات التالية:

أ: {والَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ والإيمان مِن قَبْلِهِم} أي: آمنوا بالله ورسوله، فخرج بذلك من اتّهم بالنفاق وكان في الواقع منافقاً.

ب: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ولاَ يَجِدُونَ في صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ}.

ج: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.

وبما أنّ من أبرز صفاتهم هو إيواء المهاجرين والأنصار، وإيثارهم على الأنفس، فيكون المراد من آمنوا بالنبيّ وآووه وآووا المهاجرين، فينطبق على من آمن وآوى قبل غزوة بدر; لانتفاء الإيواء بعدها، خصوصاً بعد إجلاء «بني النضير» بعد معركة «أحد»; حيث خرجوا تاركين قلاعهم وأموالهم وأسلحتهم، فوقعت بأيدي المسلمين.

وأمّا التابعون لهم، أعني: الذين جاءوا بعدهم، فإنّما أثنى على من تمتّع منهم بالصفات التالية:

أ: {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخواننا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإيمان}.

ب: {وَلاَ تَجْعَلْ في قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ}.

فالآيات الواردة في سورة الحشر، تتّحد مضموناً مع ما ورد في سورة التوبة ولا تختلف.

فالاستدلال بهذه الآية على أنّ القرآن أثنى على الصحابة جميعهم من أوّلهم إلى آخرهم ـ الذين ربما جاوز عددهم المائة ألف ـ غفلة عن مفاد الآيات، فأين الدعاء والثناء على لفيف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم المتمتّعين بخصوصيّات معيّنة، من الثناء على الطلقاء والأعراب وأبناء الطلقاء والمتّهمين بالنفاق؟!

8 ـ قلتم: «أرأيت هذا التقسيم العجيب لطوائف المؤمنين:

مهاجرون.

أنصار.

متّبعون، يحبّونهم ويدعون لهم ولا يكرهونهم.

أين مكان الإماميّة هنا؟ وأين مكان أهل السنّة هنا؟<

قولكم: «مهاجرون»، والصحيح: (المهاجرون الأوّلون السابقون); لأنّه سبحانه يصفهم بقوله: {الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَـرِهِمْ} فأين مطلق المهاجرين من هذه الآية؟

قولكم: «أنصار» والصحيح، (السابقون الأوّلون من الأنصار); لأنّه سبحانه يصفهم بقوله: {والَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالاِْيمَانَ مِن قَبْلِهِم} وليس كلّ أنصاريّ آوى المهاجرين، بل انقطع الإيواء بعد إجلاء بني النضير، كما مرّ، فمن آمن من الأنصار من بعده فهو خارج من مدلول الآية.

قولكم: «متّبعون يحبّونهم ويدعون لهم ولا يكرهونهم»، والصحيح: {وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا...}.

الشيعة والسنّة صنوان من أصل واحد

ثمّ إنّكم ذكرتم في ذيل كلامكم هاتين الجملتين:

>أين مكان الإماميّة هنا؟

وأين مكان أهل السنّة هنا؟<

قد عرفتم أنّ الطائفتين غير داخلتين في هذه الآية، فالسؤال ساقط بعد سقوط موضوعه; فإنّ المقابلة بين الطائفتين يعرب عن أنّهما طائفتان متضادّتان لا تشتركان في أصل أو أصول، وأنّهما كمعسكري الشرق والغرب لكلّ (أيديولوجيّة) خاصّة، وليست الشيعة إلاّ نفس المسلمين الأول الذين بقوا على وصيّة الرسول في حقّ أهل بيته، وليس أهل السنّة إلاّ نفس المسلمين الأول، ولكنّهم خالفوا وصيّة الرسول ولم ينفذوا وصيّته في حقّ عليّ وأهل بيته، ولو أغمضنا عن ذلك فالطائفتان صنوان من أصل واحد.

إلى هنا تبيّن مفاد الآيات، وأنّ الإماميّة لا تخالفها قيد شعرة، لا تبغض الصحابي والصحابيّة; ولكن لا تعتقد بعدالة الكلّ وتقول: إنّ وزانهم كوزان التابعين.

الاستدلال بالسنة

9ـ قلتم: عن أبي سعيد الخدري، قال: «قال رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم): لا تسبّوا أصحابي، فلو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه»([340]).

أقول: إنّ الحديث أوضح دليل على أنّ بعض الصحابة يسبّ بعضهم، ولأجل ذلك نهى رسول اللّه’ خالداً لسبّه عبد الرحمن بن عوف، وكلاهما من الصحابة، وهذا أظهر دليل على عدم عدالة الكلّ بوصف الكلّية.

وهذا هو سعد بن عبادة سيّد الخزرج، يخاطب سعد بن معاذ بقوله: «كذبت لعمر اللّه»([341])، وهذا هو أسيد بن حضير، وهو ابن عمّ سعد بن معاذ، يخاطب سعد بن عبادة بقوله: «كذبت لعمر اللّه والله لنقتلنّه فإنّك منافق»([342]).

غير أنّ المهم هو التفريق بين سبّ الصحابة ونقد حياتهم، فأسلوب السبّ والشتم غير أسلوب النقد، فالأول: وليد العصبيّة ونتاج الغيظ والحقد والهوى، وأمّا الثاني: فهو قائم على أسس صحيحة وموازين سليمة، وهو قبلة الطالبين للحقيقة.

10ـ قلتم: عن عبد الله بن عمرK، عن النبيّ’ قال: «خير الناس قرني ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم...»([343]).

أقول: إنّ هذا الحديث مهما صحّ سنده وإن رواه الإمام البخاري يخالف الواقع الملموس من تاريخ الصحابة والتابعين، ونحن نغضّ النظر عن تاريخ الصحابة ونعطف النظر إلى قوله: «ثمّ الذين يلونهم»، فالمراد منهم التابعون، وفيهم الأمويّون، فهل يمكن أن نعدّ عصر الأمويّين خير القرون؟! وقد لوّنوا وجه الأرض بدماء الأبرياء، وقتلوا سبط النبيّ عطشاناً في كربلاء، وذبحوا أولاده وأصحابه وسبوا النساء، وهتكوا حرمة الكعبة.

وهذا هو الحجّاج صنيعة أيديهم اقترف من الجرائم البشعة ما يندى لها جبين الإنسانيّة، ولا أطيل الكلام في ذلك، والتاريخ خير شاهد على كذب هذه الرواية ووضعها من قبل سماسرة الحديث، لتطهير الجهاز الحاكم الأموي ممّا ارتكبه.

ويكفي في ذلك ما علّقه أبو المعالي الجويني على هذا الحديث قائلاً: «وممّا يدل على بطلانه، أنّ القرن الذي جاء من بعده بخمسين سنة، شرّ قرون الدنيا، هو أحد القرون التي ذكرها في النصّ، وكان ذلك القرن هو القرن الذي قتل فيه الحسين، وأوقع بالمدينة، وحوصرت مكّة، ونقضت الكعبة وشربت خلفاؤه والقائمون مقامه والمنتصبون في منصب النبوّة الخمور، وارتكبوا الفجور، كما جرى ليزيد بن معاوية، وليزيد بن عاتكة، وللوليد بن يزيد، وأريقت الدماء الحرام، وقتل المسلمون وسُبي الحريم، واستعبد أبناء المهاجرين والأنصار، ونقش على أيديهم كما ينقش على أيدي الروم، وذلك في خلافة عبد الملك وإمرة الحجاج.

وإذا تأمّلت كتب التواريخ وجدت الخمسين الثانية، شرّاً كلّها، لا خير فيها، ولا في رؤسائها وأمرائها، والناس برؤسائهم وأمرائهم، والقرن خمسون سنة، فكيف يصحّ هذا الخبر»([344]).

نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم

قلتم: عند ذكر: «نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم»: >والشيعة يفهم من عقيدتهم أنّ النبيّبعث إلى عليّK، وأنّ اللّه عزّ وجلّ قد أمر وأعاد في الوصيّة لعلي وأنّ الأمر بالإبلاغ، أي إبلاغ الوصيّة، فلا يجوز أخذ العلم إلاّ منهK، إذن كلّ الدين المبلّغ من غيره ليس ديناً<.

حديث الوصاية يثبت منهج الإمامية

أقول: إنّ كان المراد من قولكم: أنّ الشيعة تعتقد بأنّ رسول اللّه قد بعث إلى عليّ وحده دون غيره، فهو باطل لم يذهب له أحد حتّى العوام من الشيعة.

وإن كان المراد بأنّ عليّاً هو الذي تربّى على يدي رسول اللّه’، وهو ثمرة جهوده ومستودع علومه وتعاليمه، والمتّبع لسننه وآدابه، فكان وصيّه والقائم مقامه من بعده، فهذا هو الحقّ الذي تدلّ عليه الأخبار النبويّة الصحيحة والآثار الثابتة عن الصحابة، فقد وصف فيها بالوصاية والوراثة وإليكم نماذج منها:

روى الطبراني بإسناده عن سلمان، قال: «قلت يا رسول اللّه: إنّ لكلّ نبي وصيّاً فمن وصيّك؟ ـ إلى أن قال: ـ فإنّ وصيّي وموضع سرّي وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني، عليّ بن أبي طالب»([345]).

وروى أحمد بن حنبل عن أنس بن مالك، عن رسول اللّه’، قال: «وصيّي، ووارثي، يقضي ديني، وينجز موعدي، عليّ بن أبي طالب»([346]). روى ابن عساكر عن بريدة، عن النبيّ’: «لكلّ نبيّ وصيّ ووارث، وإنّ عليّاً وصيّي ووارثي»([347]).

روى الطبراني عن الحسن بن علي‘، قال: «خطب الحسن بن علي بن أبي طالب فحمد اللّه وأثنى عليه وذكر أمير المؤمنين عليّاًK خاتم الأوصياء ووصيّ خاتم الأنبياء»([348]).

رواه الهيثمي، وتعقبّه قائلاً: «ورواه أحمد باختصار كثير وإسناد أحمد وبعض طرق البزّار والطبراني في الكبير حسان»([349])، وروى قريباً منه أبو نعيم عن أنس([350]).

وروى الطبراني عن علي بن علي الهلالي، عن أبيه، قول رسول اللّه’ لفاطمة÷: «ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى اللّه وهو بعلك»([351]).

قال الهيثمي: «رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه الهيثم بن حبيب، قال أبو حاتم: منكر الحديث وهو متّهم بهذا الحديث»([352]).

وقال في حديث آخر فيه الهيثم: «وأمّا الهيثم بن حبيب فلم أر من تكلّم فيه غير الذهبي اتّهمه بخبر رواه وقد وثّقه ابن حبان»([353]).

فيقع التعارض بين جرح أبي حاتم ـ وتبعه الذهبي ـ وتوثيق ابن حبان; لأنّ الذهبي قال في أبي حاتم: «وإذا ليّن رجلاً أو قال فيه: لا يحتجّ به، فتوقّف حتّى ترى ما قال غيره فيه، فإن وثّقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم، فإنّه متعنت في الرجال»([354]).

مضافاً إلى أنّ التضعيف الذي لم يذكر له مستند فغير مقبول.

كما قال النووي: «ولا يقبل الجرح إلاّ مفسّراً، وهو أن يذكر السبب الذي به جرح، ولأنّ الناس يختلفون فيما يفسق به الإنسان، ولعلّ من شهد بفسقه شهد على اعتقاده»([355]). وقريب منه عن ابن قدامة([356]).

قال ابن حجر بعد تضعيف الدارقطني يزيد بن أبي مريم: «هذا جرح غير مفسّر، فهو مردود»([357]).

قال الخطيب: «سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد اللّه بن طاهر الطبري يقول: لا يقبل الجرح إلاّ مفسّراً، وليس قول أصحاب الحديث: فلان ضعيف، وفلان ليس بشي، ممّا يوجب جرحه وردّ خبره، وإنّما كان كذلك؛ لأنّ الناس اختلفوا فيما يُفسَّق به، فلابدّ من ذكر سببه لينظر هل هو فسق أم لا؟ قلت: وهذا القول هو الصواب عندنا وإليه ذهب الأئمّة من حفّاظ الحديث ونقّاده مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري وغيرهما»([358]).

حديث الوصاية في كلمات الأصحاب والتابعين

وقد تواتر عن الصحابة واللغويّين، إطلاق الوصيّ على علي بن أبي طالب×، كما مرّ في رواية الطبراني وغيره عن سلمان الفارسي([359])، وهكذا عن أبي أيّوب الأنصاري([360])، وعلي المكّي الهلالي([361]).

وروى الخوارزمي عن علي×، قال لعدّة أرسلهم معاوية إلى علي×: «معاشر الناس أنا أخو رسول اللّه ووصيّه»([362]).

وهكذا في كتابه×إلى أهل مصر([363])، وفي احتجاجه على الخوارج([364])، وفي خطبته بعد انصرافه من صفّين([365]).

وروى الحاكم والهيثمي عن الإمام الحسن×([366])، والطبري وابن الأثير عن الإمام الحسين×([367]).

وروى ابن عساكر عن بريدة بن الحصيب بن عبد اللّه([368])، والخوارزمي عن ابن مردويه عن أمّ سلمة([369])، والكنجي الشافعي وابن الصباغ المالكي عن أبي سعيد الخُدري([370])، وأبي نعيم وغيره عن أنس بن مالك([371])، واليعقوبي عن مالك بن الحارث الأشتر([372])، والخوارزمي عن عمرو بن العاص([373]) والقندوزي عن عمر بن الخطاب([374])، والمسعودي عن ابن عباس([375]).

وهكذا روى الذهبي، وابن حجر، عن جابر بن يزيد الجعفي([376]).

والعجب من المزّي، حيث روى عن سعيد بن منصور، قال: «قال لي ابن عيينة: سمعت من جابر ستيّن حديثاً ما أستحلّ أن أروي عنه شيئاً، يقول: حدّثني وصيّ الأوصياء... أقلّ ما في أمره أن يكون حديثه لا يحتجّ به، إلاّ أن يروي حديثاً يشاركه فيه الثقات»([377]).

أقول: ما هو مراده من مشاركة الثقات إيّاه؟ هل مراده أمثال حريز بن عثمان الحمصي؟ وهو من رجال البخاري والأربعة([378])، الذي يروي المزّي عن أحمد بن حنبل بأنّه ثقة، ثقة، ثقة، وليس بالشام أثبت من حريز، وهكذا نقل وثاقته عن يحيى بن معين والمديني والعجلي([379]).

مع أنّه كان يلعن علي بن أبي طالب× صباحاً ومساءً، كما قال ابن حبّان فيه: «كان يلعن عليّاً بالغداة سبعين مرّة، وبالعشيّ سبعين مرة، فقيل له في ذلك؟ فقال: هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي»([380]).

أو المراد من الثقات هو مثل إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني من أئمة الجرح والتعديل عند أهل السنّة ومن رجال أبي داود، والترمذي والنسائي؟

قال المزّي: «إنّ أحمد بن حنبل يكرمه إكراماً شديداً» وقال النسائي: «ثقة»، وقال الدارقطني: «من الحفّاظ المصنّفين والمخرجين الثقات... وعدّه ابن حبان في الثقات، مع ذكره بأنّه كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على علي وكان فيه انحراف عن علي»([381])، وقال ابن حجر في ترجمة (مصدع أبي يحيى الأعرج): «والجوزجاني مشهور بالنصب والانحراف»([382]).

أو خالد بن عبد اللّه القسري الذي روى عنه البخاري في خلق أفعال العباد وأبي داود([383])، وذكره ابن حبان في الثقات([384]).

قال أبو الفرج: «إنّ خالد القسري أحد ولاة بني أمية طلب من أحدهم أن يكتب له السيرة، فقال الكاتب: فإنّه يمرّ بي الشيء من سيرة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أفأذكره؟ فقال خالد: لا! إلاّ أن تراه في قعر جهنّم!!([385])، قال ابن كثير: قال ابن خلكان: كان متهماً في دينه وقد بنى لأمّه كنيسة في داره»([386]).

أو عمران بن حطّان من رجال البخاري وأبي داود والنسائي... قال العجلي: بصريّ، تابعيّ، ثقة، وقال أبو داود: «ليس في أهل الأهواء أصحّ حديثاً من الخوارج، ثمّ ذكر عمران هذا وغيره... وذكره ابن حبان في الثقات»([387]).

مع أنّ العقيلي صرّح بأنّ عمران بن حطّان كان من الخوارج([388])، وهو المادح لابن ملجم بقوله المشهور:

يا ضـربة من تقي ما أراد بـها

إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضواناً([389])

 

وقال ابن كثير: «وقد امتدح ابن ملجم بعض الخوارج المتأخّرين في زمن التابعين وهو عمران بن حطّان، وكان أحد العباد ممّن يروي عن عائشة، في صحيح البخاري، فقال فيه: يا ضربة من تقي...»([390]).

قال ابن قدامة بعد نقل شعر عمران بن حطّان في مدح قاتل علي بن أبي طالب: «وقد عرف من مذهب الخوارج تكفير كثير من الصحابة ومن بعدهم، واستحلال دمائهم وأموالهم واعتقاد التقرب بقتلهم إلى ربّهم»([391]).

هؤلاء قسم من ثقات أهل السنّة، ورواة الصحاح الستّة، وكم لهم من نظير!!!

وقفات وأسئلة

وهنا لنا عدة وقفات:

يا أخي العزيز! قد كان ببالي عدّة أسئلة، كلّما سألت إخواننا أهل السنّة فلم يجيبوني بما تقنع به نفسي، وأتفحّص عمّن يجيبني متجرّداً عن العصبيّة ومستنداً إلى الأدلّة فأقول:

1 ـ كيف يوثق من سب عليا×؟!

كيف يمكن توثيق من لعن علي بن أبي طالب× والرواية عنه في الصحاح، التي هي المناط في سنّة الرسول’، والمدار في استنباط الأحكام؟

فأين ذهب قول رسول اللّه’: «من سبّ عليّاً فقد سبّني».

وكيف خفي عنهم ما ورد عن أمّ سلمة، قولها لعبد اللّه الجدلي: «أيسبّ رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) فيكم؟ قلت: معاذ اللّه!! أو سبحان اللّه!! أو كلمة نحوها! قالت: سمعت رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: من سبّ عليّاً فقد سبّني»([392])، رواه الحاكم، قائلاً: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»([393])، ورواه الهيثمي وتعقبّه: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي عبد اللّه الجدلي وهو ثقة»([394]).

وما رواه الطبراني عنها، قالت: «أيسبّ رسول اللّه فيكم على رؤوس الناس؟ فقلت: سبحان اللّه! وأنّى يسبّ رسول اللّه؟ فقالت: أليس يسبّ علي بن أبي طالب ومن يحبّه، فأشهد أنّ رسول اللّه كان يحبّه»([395]).

قال الهيثمي: «رواه الطبراني في الثلاثة وأبو يعلى ورجال الطبراني رجال الصحيح غير أبي عبد اللّه وهو ثقة. وروى الطبراني بعده بإسناد رجاله ثقات إلى أمّ سلمة عن النبيّ قال مثله»([396]).

وما ذكره ابن عبد ربّه عن أمّ سلمة زوج النبيّ’ في رسالتها إلى معاوية: «إنّكم تلعنون اللّه ورسوله على منابركم، وذلك أنّكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبّه، وأنا أشهد أنّ اللّه أحبّه ورسوله. فلم يلتفت إلى كلامها»([397]).

وبعد ذلك كلّه فانظر ما قيمة كلام ابن كثير، قائلاً: «أسانيدها كلّها ضعيفة لا يحتج بها؟»([398])، فهل هذا إلاّ جرح غير مفسّر مردود، ويا ليته كان يعيّن مَن من الرواة كان ضعيفاً فصارت الرواية به ضعيفة!

ولكنّه قد نقل بعد ذلك ما رواه مسلم عن زرّ بن حبيش، قال: «سمعت عليّاً يقول: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّه لعهد النبيّ إليّ أنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق، ثمّ قال: وهذا الذي أوردناه هو الصحيح من ذلك واللّه أعلم»([399]).

2 ـ كيف حُكِم بقتل من سب أبا بكر ووثق من سب عليا×؟!

ما الفرق بين علي بن أبي طالب وأبي بكر وعمر؟ حيث إنّهم وثّقوا من سبّ عليّاً×!! ولكن حكموا بكفر كلّ من سبّ أبا بكر وعمر، وأفتوا بقتلهم; كما عن الفاريابي: «من شتم أبا بكر فهو كافر، لا أصلّي عليه، قيل له: فكيف تصنع به وهو يقول: لا إله إلا اللّه؟ قال: لا تمسّوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتّى تواروه في حفرته»([400]).

3 ـ هل خرج علي بن أبي طـالب× عن الصحابة؟

هل أنّ علي بن أبي طالب لم يكن من الصحابة ولذلك لم تشمله فتوى أبي زرعة: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب محمد فاعلم أنه زنديق»([401])؟ وقول السرخسي: «من طعن فيهم فهو ملحد، منابذ للإسلام، دواؤه السيف، إن لم يتب»([402]).

أو أنهم أفتوا بذلك لتكون وسيلة لقتل الشيعة فقط؟ كما قال ابن الأثير في حوادث (سنة 407 هـ): وفي هذه السنة قتلت الشيعة في جميع بلاد أفريقيا وذكر أن السبب في ذلك كونهم رافضة يسبون أبا بكر وعمر([403]).

فأصبح غير الشيعة حرٌّ في سبّ علي بن أبي طالب× وشتمه ولعنه في أعقاب الصلوات في الجمعة والجماعات، وعلى صهوات المنابر في شرق الأرض وغربها، حتّى في مهبط وحي اللّه، كما قال الحموي: «لُعن علي بن أبي طالب على منابر الشرق والغرب... منابر الحرمين مكّة والمدينة»([404]).

قال الزمخشري: >وأنّ بني أمية لعنوا علياً على منابرهم سبعين سنة، فما زاده الله إلاّ رفعة ونبلاً<([405])، وقال الحافظ السيوطي: «إنّه كان في أيّام بني أمية أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها علي بن أبي طالب بما سنّه لهم معاوية من ذلك»([406]).

وهل سمع معاوية عن النبيّ’ حديثاً في فضل سبّ علي بن أبي طالب×، بحيث كان يقول لسعد: «ما منعك أن تسبّ أبا التراب؟»([407]).

هذا في صحيح مسلم; ولكن فيما رواه ابن عساكر وابن كثير: «قال سعد لمعاوية: أدخلتني دارك وأقعدتني على سريرك ثم وقعت فيه تشتمه»([408]).

وفي كلام ابن أبي شيبة: «فأتاه سعد فذكروا عليّاً فنال منه معاوية فغضب سعد»([409]).

4 ـ كيف صار قاتل عثمان ملعونا وقاتل علي× متأولاً؟

ما الفرق بين الذين قتلوا عثمان والذي قتل علي بن أبي طالب×، حيث صار قتلة عثمان عند ابن حزم: «هم فسّاق، ملعونون، محاربون، سافكون دماً حراماً عمداً»([410]) وعند ابن تيمية: «قوم خوارج مفسدون في الأرض، لم يقتله إلاّ طائفة قليلة باغية ظالمة، وأمّا الساعون في قتله فكلّهم مخطئون، بل ظالمون باغون معتدون»([411]) وعند ابن كثير: أجلاف أخلاط من الناس، لا شكّ أنّهم من جملة المفسدين في الأرض، بغاة خارجون على الإمام، جهلة، متعنتون، خونة، ظلمة، مفترون([412]).

ولكن قاتل علي بن أبي طالب كان مجتهداً متأوّلاً، كما صرّح ابن حزم بقوله: «ولا خلاف بين أحد من الأمّة في أنّ عبد الرحمن ابن ملجم، لم يقتل عليّاًK إلاّ متأوّلاً مجتهداً مقدراً أنّه على صواب، وفي ذلك يقول عمران بن حطان شاعر الصفرية:

يا ضربة من تقي ما أراد بها

 

إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضواناً

إنّي لأذكره حيناً فأحسبه

 

أوفى البريّة عند اللّه ميزاناً([413])

وهكذا في كتاب الأمّ للشافعي ومختصر المزني والمجموع للنووي ومغني المحتاج والجوهر النقي([414]).

حتى بلغ الأمر إلى ما صار قوام حكومتهم بسبّ علي بن أبي طالب× كما روى ابن عساكر عن علي بن الحسين، قال: «قال مروان بن الحكم: ما كان في القوم أحد أدفع عن صاحبنا من صاحبكم يعني علياً عن عثمان، قال: قلت: فما لكم تسبونه على المنبر، قال: لا يستقيم الأمر إلا بذلك»([415]).

وقال البلاذري: «قال مروان لعلي بن الحسين: ما كان أحد أكفّ عن صاحبنا من صاحبكم. قال: فلِمَ تشتمونه على المنابر؟!! قال: لا يستقيم لنا هذا إلا بهذا!!»([416]).

فأين ذهب قول الرسول’ «سِباب المسلم فسوق»([417])، أو يحكمون بعدم إسلامه أو خروجه عن الإسلام! نستجير باللّه من شرور أنفسنا.

علي بن أبي طالب أعلم الصحابة

أمّا قولكم: >فلا يجوز أخذ العلم إلاّ منهK، إذن كلّ الدين المبلّغ من غيره ليس ديناً<.

فنقول: أولاً: هذا نصّ كلام النبيّ’ بأنّ عليّاً باب علمه فمن أراده فليأت منه، كما روى الطبراني بإسناده عن ابن عباس، قال: «قال رسول اللّه: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه»([418])، وذكره الحاكم بعدّة طرق وصحّحه([419])، وهكذا ذكره المتقي في كنز العمال مع القول بصحّته([420]).

وهكذا قوله’ لعلي: «أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي».

رواه الحاكم عن أنس بن مالك، ثمّ عقّبه: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»([421]).

ونزول قوله تعالى: {وتعيها أذن واعية} فيه، كما ذكره الطبري والسيوطي والقرطبي وغيرهم([422]).

وروى ابن عساكر عن أمير المؤمنين علي×: «نشدتكم باللّه، أفيكم أحد دعا رسول اللّه له في العلم، وأن تكون أذنه الواعية مثل ما دعا لي؟ قالوا: اللهم لا»([423]).

وثانياً: روى البخاري عن عمرK، قال: «أقرؤنا أبيّ وأقضانا عليّ»([424])،

 ولا شكّ بأنّ كونه أقضى الناس يدلّ على أوسعيّة علمه.

وقال ابن عباس: «لقد أعطي علي تسعة أعشار العلم وايم اللّه لقد شاركهم في العشر العاشر»([425]).

وقال ابن عباس: «أعطي علي تسعة أعشار العلم، وواللّه لقد شاركهم في العشر الباقي»([426]).

وعن ابن عباس أيضاً: «إذا ثبت لنا الشيء عن علي لم نعدل عنه إلى غيره»([427]).

وثالثاً: لم يجرؤ أحد من الصحابة أن يقول: سلوني، غير علي بن أبي طالب× كما روى الحاكم عن عامر بن واثلة، قال: «سمعت علياًK قام فقال: سلوني قبل أن تفقدوني ولن تسألوا بعدي مثلي... هذا حديث صحيح، عال»([428]).

وقال سعيد بن المسيب: «لم يكن أحد من الصحابة يقول: سلوني إلاّ عليّ بن أبي طالب»([429]).

ورابعاً: كان عمر يتعوذّ باللّه من معضلة ليس فيها أبو الحسن([430]).

وقال: «لولا علي لهلك عمر»([431]).

وخامساً: قال النووي: «وسؤال كبار الصحابة له ورجوعهم إلى فتاويه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات، مشهور»([432]).

رجوع الأصحاب إلى علي× وعدم رجوعه إليهم

سادساً: ما ذكروا من جهل الأصحاب وكبارهم بالأحكام ورجوعهم إلى غيرهم، وعدم رجوع علي إلى أحد من القوم، كما قال ابن حزم: «ووجدناهم [الصحابة] رضي الله عنهم يقرون ويعترفون بأنهم لم يبلغهم كثير من السنن، وهكذا الحديث المشهور عن أبي هريرة: أنّ إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواني من الأنصار كان يشغلهم القيام على أموالهم، وهكذا قال البراء: حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا أحمد بن عون، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن المثنى العنزي، ثنا أبو أحمد الزبيري وسفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب، قال: أما كلّ ما نحدثكموه سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن حدثنا أصحابنا وكانت تشغلنا رعية الإبل.

وهذا أبو بكر رضي الله عنه لم يعرف فرض ميراث الجدة، وعرفه محمد بن مسلمة، والمغيرة بن شعبة، وقد سأل أبو بكرK عائشة في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا عمر رضي الله عنه يقول في حديث الاستئذان: أخفي عليَّ هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألهاني الصفق في الأسواق. وقد جهل أيضاً أمر إملاص المرأة وعرفه غيره...

وسأل عمر أبا واقد الليثي عما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتي الفطر والأضحى. وهذا وقد صلاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أعواماً كثيرة، ولم يدر ما يصنع بالمجوس»([433]).

ومع الغضّ عن جميع ذلك، فلا شكّ عند أهل العلم المنصفين بأنّ علي بن أبي طالب× تربّى في حجر النبيّ ’, وعاش تحت كنفه, وظلّ معه إلى أن انتقل إلى ربّه، ولو كان عليّ قد حفظ كلّ يوم عن النبيّ حديثاً واحداً، لبلغ ما حفظه أكثر من اثني عشر ألف حديث.

قال أبو رية: «أوّل من أسلم وتربّى في حجر النبيّ وعاش تحت كنفه قبل البعثة واشتدّ ساعده في حضنه وظلّ معه إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، لم يفارقه، لا في سفر ولا في حضر، وهو ابن عمّه وزوج ابنته فاطمة الزهراء÷... ولو كان عليK قد حفظ كلّ يوم عن النبيّ، وهو الفطن اللبيب الذكيّ الحافظ، ربيب النبيّ، حديثاً واحداً وقد قضى معه رشيداً أكثر من ثلث قرن، لبلغ ما كان يجب أن يرويه أكثر من اثني عشر ألف حديث... قد أسندوا له ـ كما روى السيوطي ـ 586 حديثاً، وقال ابن حزم: لم يصحّ منها إلاّ خمسون حديثاً، ولم يرو البخاري ومسلم منها إلاّ نحواً من عشرين حديثاً»([434]).

ومع الأسف الشديد لم يرو البخاري عن علي بن أبي طالب× إلاّ تسعة وعشرين حديثاً([435]) وروى عن أبي هريرة أربعمائة وستة وأربعين حديثاً([436]).

لم تكن خلافة أبي بكر شورى بين المسلمين وإجماعا عندهم

قلتم: >إنّ أهل السنّة يعتقدون أن ّ الإمامة أمر اصطلاحيّ شوريّ، للأمّة أن تختار من تراه أهلا لذلك، ليحكمها بالقرآن والسنّة ولا حرج في الاختلاف في مجالات الفهم<.

أقول: أولاً: هذا مخالف لما جاء من كبار علماء أهل السنّة كالماوردي الشافعي المتوفى سنة 450هـ، وأبي يعلى الفراء الحنبلي المتوفى سنة 458هـ: «فقالت طائفة: لا تنعقد (أي الإمامة) إلاّ بجمهور أهل العقد والحلّ من كلّ بلد، ليكون الرضا به عامّاً، والتسليم لإمامته إجماعاً، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكرK على الخلافة باختيار من حضرها، ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها»([437]).

وقال القرطبي المتوفى سنة 671هـ: «فإن عقدها واحد من أهل الحلّ والعقد فذلك ثابت، ويلزم الغير فعله، خلافاً لبعض الناس حيث قال: لا ينعقد إلاّ بجماعة من أهل الحلّ والعقد، ودليلنا: أنّ عمر (رض) عقد البيعة لأبي بكر»([438]).

وقال إمام الحرمين المتوفى سنة 478هـ، شيخ الغزالي: «اعلموا أنّه لا يشترط في عقد الإمامة الإجماع; بل تنعقد الإمامة وإن لم تجمع الأمّة على عقدها، والدليل عليه أنّ الإمامة لمّا عقدت لأبي بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمين، ولم يتأنَّ لانتشار الأخبار إلى من نأى من الصحابة في الأقطار، ولم ينكر منكر، ولم يحمله على التريّث حامل.

فإذا لم يشترط الإجماع في عقد الإمامة، لم يثبت عدد معدود ولا حدّ محدود، فالوجه الحكم بأنّ الإمامة تنعقد بعقد واحد من أهل الحلّ والعقد»([439]).

وقال عضد الدين الإيجي المتوفى سنة 756: «وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة، فاعلم أنّ ذلك لا يفتقر إلى الإجماع، إذ لم يقم عليه دليل من العقل أو السمع، بل الواحد والاثنان من أهل الحلّ والعقد كاف، لعلمنا أنّ الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا بذلك، كعقد عمر لأبي بكر، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان، ولم يشترطوا اجتماع مَن في المدينة فضلاً عن اجتماع الأمّة. هذا ولم ينكر عليهم أحد، وعليه انطوت الأعصار إلى وقتنا هذا»([440]).

وقال ابن العربي المالكي المتوفى سنة 543: «لا يلزم في عقد البيعة للإمام أن تكون من جميع الأنام بل يكفي لعقد ذلك اثنان أو واحد»([441]).

هل هؤلاء الأعلام ليسوا من أهل السنّة؟! {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ}.

لماذا لم تفوض خلافة عمر بن الخطاب إلى الأمة؟

وثانياً: لو كانت الإمامة أمراً شوروياً للأمّة وتختار من تراه أهلاً، لماذا لم يعمل بذلك أبو بكر، ولم يفوّض الأمر ـ بعد خلافته ـ إلى الأمّة; بل عيّن عمر بن الخطاب، مع ما ورد من اعتراض الصحابة عليه، كما روى ابن أبي شيبة: «أنّ أبا بكر حين حضره الموت أرسل إلى عمر يستخلفه، فقال الناس: تستخلف علينا فظّاً غليظاً، ولو قد ولينا كان أفظّ وأغلظ، فما تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر؟ قال أبو بكر: أبربّي تخوّفونني؟ أقول: اللهمّ استخلفت عليهم خير خلقك، ثمّ أرسل إلى عمر فقال: إنّي موصيك بوصية...»([442]).

وهكذا قال الإمام محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي المتوفى 763: «لمّا استخلف أبو بكر عمر رضي اللّه عنهما، قال لمعيقيب الدوسي: ما يقول الناس في استخلاف عمر؟ قال: كرهه قوم ورضيه قوم آخرون. قال: الذين كرهوه أكثر أم الذين رضوه؟ قال: بل الذين كرهوه...»([443]).

فمع علمه بأنّ أكثر الناس غير راضين به، كيف فرضه عليهم، ولم يمنحهم الحريّة في انتخاب من شاؤوا لرئاسة الحكم، وكان الأجدر به أن يستجيب لعواطف الأكثريّة الساحقة من المسلمين فلا يولّي عليهم أحداً إلاّ بعد أخذ رضاهم واتفاق الكلمة عليه، أو يستشير أهل الحل والعقد عملاً بقاعدة الشورى.

ولماذا حصرها عمر في ستّة، وجعل شروطاً بحيث ينتهي الأمر إلى عثمان لا غيره؟ وهل يطلق على هذا شورى الأمّة؟!

أم المؤمنين ترفض الشورى في الإمامة

وثالثاً: قولكم: «بأنّ أهل السنّة يعتقدون أن ّ الإمامة أمر اصطلاحيّ شوري للأمّة» مخالف لما روى مسلم وغيره عن حفصة بأنّها قالت لابن عمر: «أعلمت أنّ أباك غير مستخلِف؟! قال: قلت: ما كان ليفعل. قالت: إنّه فاعل، قال: فحلفت أنّي أكلّمه في ذلك، فسكتّ حتّى غدوت ولم أكلّمه، قال: فكنت كأنّما أحمل بيميني جبلاً حتّى رجعت، فدخلت عليه، فسألني عن حال النّاس وأنا أخبره، قال: ثمّ قلت له: إنّي سمعت النّاس يقولون مقالةً فآليت أن أقولها لك، زعموا أنّك غير مستخلِف وإنّه لو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثمّ جاءك وتركها رأيت أن قد ضيّع، فرعاية النّاس أشدّ»([444]).

وهكذا قول عائشة أمّ المؤمنين لابن عمر: «يا بنيّ! أبلغ عمر سلامي وقل له: لا تدع أمّة محمد بلا راع، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملاً، فإنّي أخشى عليهم الفتنة، فأتى عبد اللّه فأعلمه»([445]).

السنة تنفي الشورى في الإمامة

ورابعاً: إذا كانت الإمامة شورى عند أهل السنّة، فماذا تقولون فيما ذكره ابن حبّان وابن كثير وغيرهما بأنّ النبيّ أيضاً ليس له نصيب في تعيين الإمامة؛ بل هي بيد اللّه فقط؟

نقرأ معاً ما ذكر في هذه القضيّة:

«ثمّ أتى [أي النبيّ’] بني عامر بن صعصعة في منازلهم فدعاهم إلى اللّه، فقال قائل منهم: إن اتّبعناك وصدّقناك فنصرك اللّه، ثمّ أظهرك اللّه على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ فقال رسول اللّه’: الأمر إلى اللّه يضعه حيث يشاء. فقالوا: أتهدف نحورنا للعرب دونك فإذا ظهرت كان الأمر في غيرنا؟ لا حاجة لنا في هذا من أمرك»([446]).

ما يدل على وصاية علي بن أبي طالب×

وقولكم: «وأمّا أهل التشيّع فإنّه يفهم من عقيدتهم أنّه يجب على اللّه أن ينصب إماماً وأنّ هذا الإمام هو عليKمع أنّه لم يرد في القرآن، ولا في السنّة أيّ لفظ في ذكر الإمامة أو الوصاية وإنّما هي عمومات قابلة للتأويل على أوجه».

فنقول: أمّا ورود قضيّة إمامة علي بن أبي طالب في السنّة، فمن راجع حديث «الدار يوم الإنذار» وحديث «المنزلة» وحديث «الغدير» وحديث «الثقلين» وحديث «السفينة» وحديث «وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي» وحديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» وحديث «المؤاخاة» وحديث «تبليغ سورة براءة» وحديث «سدّ الأبواب» وحديث «باب حطّة» و«حديث الراية» وغيرها عشرات، بل مئات النصوص في ذلك، يتيقن بنصّ النبيّ على إمامة علي بن أبي طالب×.

حديث الدار يثبت خلافة علي×

وقد صُرّح في بعض تلك الأحاديث على كونه الخليفة من بعده، كحديث الدار الذي قال فيه علي×: «فأخذ برقبتي ثمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا!، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع»([447]).

هل هذا من العمومات القابلة للتأويل؟ لو كان كذلك لماذا لم تؤولها قريش؟ بل استفادوا منها النص في الخلافة، فطعنوا على أبي طالب.

نعم، هذا قابل للتحريف، كما فعله محمد حسنين هيكل في كتابه حياة محمد، حيث ذكر الحديث في كتابه (حياة محمد) ص 104 من الطبعة الأولى سنة 1354 هـ ولكنّه في الطبعة الثانية (ص139) وما بعدها من الطبعات قد مسخ الحديث المذكور وحرّف منه كلمة «ووصيّي وخليفتي».

وجاء الحديث أيضاً بتمامه في الجريدة السياسيّة المصريّة لمحمد حسنين هيكل، ملحق عدد 2751، بتاريخ 12 ذي القعدة 1350 هـ ص5. وملحق عدد 2785 ص6.

كما أنّه ذكر ابن أثير الجزري في أسد الغابة: 4/25 طبعة الوهبيّة بمصر، بأنّ قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} نزل في علي×حين بات على فراش رسول اللّه. ولكن في تصوير هذه الطبعة (بالأوفست) في المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض الشيخ ـ نسختها موجودة في مكتبتي ـ ابدلت بخط اليد لا بالآلة الطابعة من «بات على فراشه» إلى «بال على فراشه»!!!! إهانةً لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب×، فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون! ممّا تصنع يد العداوة والعناد والنصب.

تصحيح سند حديث الدار

لقد صرّح بصحّة سند حديث الدار جمع من العلماء كابن جرير الطبري فيما نقله المتقي في كنز العمال: 13/128 ر 36408، والهيثمي في مجمع الزوائد: 8/302، وأبي جعفر الإسكافي كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 13/243، والحاكم في مستدرك الصحيحين: 3/132 والذهبي في تلخيص المستدرك، ـ في حديث طويل ـ والشهاب الخفاجي في شرحه على الشفا للقاضي عياض، نسيم الرياض: 3/35، وورود الرواية في كتاب المختارة للضياء المقدسي الذي التزم فيه بأن لا يروي في كتابه هذا إلاّ الروايات الصحيحة المعتبرة، كما صرّح بذلك جمع، كعبد اللّه بن الصديق المغربي في ردّ اعتبار الجامع الصغير: 42، وقال ابن حجر: «ابن تيمية يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوى من أحاديث المستدرك»([448]).

حديث الولاية وخلافة علي×

وهكذا حديث الولاية الذي صرّح بصحّته الحاكم عندما ذكر قضيّة جيش اليمن وقصّة الشكوى على عليّ وقول رسول اللّه’: «إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي». قال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»([449]).

وهل هذا من العمومات القابلة للتأويل؟ فما الفرق بين هذه الكلمة في لسان النبيّ’ وبين هذه في لسان عمر بن الخطاب (رض)، حيث قال: «فلمّا توفّي رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) قال أبو بكر: أنا وليّ رسول اللّه، فجئتما... فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً... ثمّ توفّي أبو بكر فقلت: أنا وليّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ووليّ أبي بكر، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً»([450]).

وهكذا في كلام أبي بكر في كتابته لخلافة عمر في مرضه، قائلاً: «إني قد ولّيت عليكم عمر»([451]). وفى كلام عمر بن خطاب أيضاً: «لو أدركت سالم مولى أبي حذيفة لولّيته واستخلفته»([452]).

حديث الثقلين والإنقاذ من الضلالة

وهكذا حديث الثقلين: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي» الذي ورد في صحيح مسلم وصرّح بصحته الحاكم والذهبي وابن كثير في التفسير والسيرة والبغوي في المصابيح والألباني في الصحيح وغيرهم([453]).

وجعل رسول اللّه’ أهل بيته عدلاً للقرآن والتمسك بهم منقذاً عن الضلالة; كما قال المُنَاوي: «قوله: أولاً (إنّي تارك فيكم) تلويح بل تصريح بأنّهما كتوأمين خلّفهما ووصّى أمّته بحسن معاملتهما وإيثار حقّهما على أنفسهم والاستمساك بهما في الدين»([454]).

 وقال التفتازاني بعد نقل حديث صحيح مسلم: «ألا ترى أنّه عليه الصلاة والسلام قرنهم بكتاب اللّه تعالى في كون التمسك بهما منقذاً من الضلالة، ولا معنى للتمسك بالكتاب إلاّ الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا في العترة»([455]).

قال الدكتور عصام العماد([456]): «إنّنا نعتقد أنّ مذهب الاثني عشرية يطير بجناحين، أحدهما: حديث الثقلين، والجناح الآخر: حديث الاثني عشر. وما لم تدرك الوهابيّة هذين الحديثين، لا يمكن لها أن تفهم حقائق وخصائص المذهب الاثني عشري»([457]).

فلا شكّ في أنّ المراد بأهل البيت(علیهم السلام) هم الذين نزلت فيهم آية التطهير وهم علي وفاطمة والحسن والحسين، فلا يشمل غيرهم من بني هاشم، كما لا يشمل نساء النبيّ’ لما صرّح بذلك في صحيح مسلم([458]).

كما نقله الترمذي وغيره عن أمّ سلمة، أنّ النبيّ’ جلل على الحسن والحسين وعلى وفاطمة كساء، ثمّ قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامّتي; أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول اللّه؟ قال: إنّك على خير. هذا حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب»([459]). ورواه الحاكم قائلاً: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه»([460]). وقال بعد نقل رواية أخرى بعد ذلك: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»([461]).

وهكذا رواه أحمد والطبراني والسيوطي عن أمّ سلمة أنّها قالت: «فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، وقال: إنّك على خير»([462]).

فمن يقول بدخولهنّ فيهم فقد أراد أن يجذب الكساء من يد النبيّ’ فيدخل نساءه تحته.

حديث «علي مع الحق والحق مع علي»

وهكذا حديث «عليّ مع الحق والحق مع علي». رواه الهيثمي عن أبي سعيد الخدري، قائلاً: «ورجاله ثقات»([463]) وروى أيضاً عن سعد بن أبي وقاص وأم سلمة ثمّ قال: «رواه البزّار، وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح»([464])، وروى الخطيب عن أبي ثابت مولى أبي ذر([465]) وروى أبو جعفر الإسكافي عن عمّار بن ياسر([466])، وروى ابن كثير عن أبي سعيد وأم سلمة([467]).

وروى الحاكم عن علي× قال: «قال رسول اللّه: رحم اللّه عليّاً، اللهمّ أدر الحق معه حيث دار»، ثمّ قال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»([468]).

وقال الإمام الفخر الرازي: «من اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى؛ والدليل عليه قوله×: اللهم أدر الحق مع عليّ حيث دار»([469]).

روى الحاكم عن أمّ سلمة، قالت: «سمعت رسول اللّه يقول: علي مع القرآن والقرآن معه، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض». ثمّ قال: «هذا حديث صحيح الإسناد وأبو سعيد التيمي هو عقيصاء ثقة مأمون ولم يخرجاه»([470]).

وأرجو من سماحتكم أن تنظر بعين الإنصاف إلى كلام ابن تيميّة حول هذه الرواية; حيث قال ردّاً على العلاّمة: «عليّ مع الحقّ والحق معه يدور حيث دار، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، من أعظم الكلام كذباً وجهلاً; فإنّ هذا الحديث لم يروه أحد عن النبيّ لا بإسناد صحيح ولا ضعيف»([471]).

فتعرف بعد ما ذكرناه قيمة كلام ابن تيمية; إلاّ أن يقال بأنّ علي بن أبي طالب× وعائشة وأمّ سلمة وسعد بن أبي وقّاص، لم يكونوا من الصحابة والهيثمي والحاكم وابن كثير والخطيب والرازي، ليسوا من العلماء.

مقارنة منهج أهل السنة في قبول الروايات مع منهج الشيعة

 قلتم: >منهج أهل السنّة في قبول الروايات منهج حازم فإنّهم قد دوّنوا تراجم جميع الرواة وحكموا عليهم من خلال مرويّاتهم، فما قبله ميزان الجرح والتعديل قبلوه، وما خالفه ردّوه، وهذه قاعدة من خالفها أعادوه إليها. ولا يوجد لدى أهل التشييع مثل ذلك.

وبإمكانك أن تأخذ عدداً من أوّل أيّ كتاب من كتب التراجم لدى أهل السنّة وعدداً مماثلاً من كتب التراجم عند الشيعة وقارن بين المعلومات المدوّنة عندهما... < ثمّ أخذتم بمقارنة كتاب تهذيب الكمال مع كتاب مجمع الرجال.

 أقول: إنّ الكتب المؤلّفة في علم الرجال عند الفريقين مختلفة ومتنوعة، بعضها مختصرة يختصّ بذكر الراوي ووثاقته أو ضعفه فقط، من دون ذكر مشايخه وتلاميذه ومؤلّفاته وتاريخ ولادته ووفاته، كالتاريخ الكبير للبخاري المتوفّى سنة 256 هـ، حيث اكتفى في كثير من التراجم بذكر الرجل فقط كما في ترجمة:

1ـ إبراهيم بن إسحاق، سمع الحسن قوله، سمع منه الوليد بن أبي الوليد.

2ـ إبراهيم بن إسحاق عن طلحة بن كيسان روى عنه علي بن أبي بكر.

3ـ إبراهيم أبو إسحاق عن ابن جريح سمع منه وكيع، معروف الحديث.

ومنها: كتاب (تاريخ الثقات) للعجلي المتوفى سنة 261 هـ.

ومنها: كتاب (تاريخ أسماء الثقات) لابن شاهين المتوفى سنة 385 هـ.

ومنها: كتاب (الضعفاء والمتروكين) لابن الجوزي المتوفى سنة 597 هـ. وغير ذلك من الكتب.

كما أنّ بعض الكتب المؤلفّة في علم الرجال مفصّلة، كتاريخ بغداد للخطيب المتوفى سنة 463 هـ، وتهذيب الكمال للمزّي المتوفى سنة 742 هـ وسير أعلام النبلاء، للذهبي المتوفى سنة 748 هـ وغيرها.

أمّا الكتب الرجاليّة عند الشيعة؛ فهي أيضاً فيها ما هو مختصر كرجال البرقي المتوفى سنة 274 هـ، ورجال ابن داود المتوفى سنة 707 هـ، وخلاصة الأقوال للعلاّمة الحلّي المتوفى سنة 726هـ.

وبعضها متوسّط كرجال الشيخ الطوسي المتوفى سنة 460 هـ، المتضمّن لكلّ من روى عن الأئمّة المعصومين(علیهم السلام) وكتاب الفهرست له، ورجال النجاشي المتوفى سنة 450 هـ، المختصّين بذكر كلّ من له كتاب، ورجال الكشّي المتوفّى بعد سنة 300هـ، المختصّ بذكر الروايات الواردة في حقّ الراوي مدحاً وذمّاً، ومنهج المقال للاسترابادى المتوفى سنة 1028هـ، ونقد الرجال للتفرشي 1044هـ.

ومفصّل كجامع الرواة للأردبيلي المتوفّى 1100هـ، وتنقيح المقال للمامقاني المتوفّى سنة 1351هـ، وأعيان الشيعة للسيّد الأمين المتوفّى سنة 1371هـ، ومعجم رجال الحديث للسيّد الخوئي المتوفّى سنة 1414هـ.

أيّها الأخ العزيز، من أراد المقارنة بين كتابين فلابدّ أن تكون بين كتابين في مستوى واحد، والمقايسة بين كتاب مختصر ومفصّل في فنّ واحد، بعيد عن الإنصاف.

فعلى هذا إذا أردتم المقارنة، فخذ كتاب تهذيب الكمال وكتاب معجم رجال الحديث فقايس بينهما؛ وسوف يتبيّن لكم أنّ في معجم الرجال مميّزات لا توجد لا في تهذيب الكمال ولا في غيره من الكتب الرجاليّة لأهل السنّة.

ولا بأس أن نشير إلى بعض مختصّات هذا الكتاب:

1ـ ذكر في بداية الكتاب مقدمّة في الفوائد الرجاليّة التي لا غنى للباحث عنها.

2ـ قد نقل في ترجمة كلّ رجل، نصّ كلمات الرجاليّين القدامى كالنجاشي والكشّي والطوسي والعلاّمة وابن داود والبرقي بحيث يستغني الباحث عن مراجعة هذه الكتب.

3ـ تصدّى لذكر ما يستدلّ به على وثاقة الراوي أو ضعفه بنمط علميّ دقيق بعد نقل كلّ ما ذكر من الأدلّة والقرائن والمناقشة فيهما.

وإن لم يرد في حقّ راو توثيق ولا تضعيف، سكت عنه، وعنى بهذا أنّه مجهول الحال.

4ـ ذكر في الرواة المشتركين بين الثقة وغيره كلّ ما يحصل به التمييز: من الراوي والمرويّ عنه، وقرائن الزمان، ودراسة الأسانيد وملاحظتها.

5ـ ذكر ما كان للراوي من الأسماء والعناوين المتعدّدة الواقعة في الكتب الروائيّة والرجاليّة تحت رقم مستقلّ مع الإشارة عند كلّ اسم أو عنوان إلى أنّه متّحد مع الاسم أو العنوان الآخر أو محتمل الاتّحاد مع آخر.

كما قال في أحمد بن محمد بن خالد بأنّه متّحد مع:

* أحمد بن محمد بن خالد البرقي

* أحمد بن أبي عبد اللّه.

* أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي

* ابن البرقي.

* البرقي([472]).

6ـ ذكر عند ترجمة كلّ راو شيوخه وتلاميذه كافّة، مضافاً إلى عدد وروده في أسانيد الروايات، كما قال في أحمد بن محمد بن خالد: «وقع بعنوان أحمد بن محمد بن خالد في أسناد جملة من الروايات تبلغ زهاء ثمانمائة وثلاثين مورداً:

فقد روى عن أبي إسحاق الخفّاف، وأبي البختري، وأبي الجوزاء و... وروى عنه سعد بن عبد اللّه، وسهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم و...»([473]).

كذا قال في ذكر هذا الراوي بعنوان أحمد بن أبي عبد اللّه: «وقع بهذا العنوان في أسناد كثير من الروايات تبلغ ستّمائة رواية: روى عن أبي الحسن الرضا×، وأبي أيّوب المديني و... وروى عنه أبو علي الأشعري، وأحمد بن إدريس و...»([474]).

7ـ ذكر في آخر كلّ مجلّد تحت عنوان: (تفصيل طبقات الرواة)، عنوان كلّ راو كثير الرواية، مع تعيين مواضع رواياته في الكتب الأربعة، (من الجزء ورقم الحديث أو الكتاب والباب) وذكر جميع من روى عنه هذا الراوي وجميع من يروي عنه; بحيث يحصل به التمييز الكامل بين المشتركات غالباً.

8ـ أشار إلى اختلاف النسخ والكتب في أسامي الرواة وعناوينهم وما وقع فيها من التصحيف والتحريف وأثبت الصحيح منها استناداً إلى أدلّة مقنعة.

أخوك  د. الحسيني القزويني

1/ شعبان المعظم/ 1424هـ


لقاء آخر مع الدكتور أحمد بن سعد حمدان الغامدي

في اليوم السابع من شهر رمضان سنة 1425هـ جاءني الدكتور حمدان إلى محل إقامتي واصطحبني إلى بيته، وقبل الإفطار جرى بيني وبينه كلام حول بعض المسائل نشير إليها باختصار:

قال: متى دُوّنت الكتب الرجاليّة للشيعة؟

قلت: كتاب رجال البرقي أقدم كتاب رجالي للشيعة قد ألّف قبل سنة 270 هـ، وهو مطبوع، ويليه كتاب رجال الكشّي الذي ألّف حوالي سنة300هـ، وكتاب رجال النجاشي المتوفى450 هـ، ورجال الشيخ الطوسي المتوفى سنة460 هـ وألّفه قبل كتاب رجال النجاشي.

هذه هي الكتب المطبوعة والموجودة بين أيدينا، وأما الكتب المؤلّفة في زمن الأئمّة(علیهم السلام) أو التي لم تصل إلينا فهي كثيرة جدّاً، فمثلاً: عبيد اللّه بن أبي رافع من التابعين، وكان كاتباً لأمير المؤمنين× له كتاب: (من شهد معه الجمل وصفّين والنهروان من الصحابة).

ثمّ قال: إن اثنين من طلابي في جامعة أمّ القرى يريدان كتابة رسالة الدكتوراه حول (مصادر التلقي عند الشيعة) وأن الشيعه من أين يأخذون الدين؟

وهما يرغبان بالرجوع إلى المصادر الأصليّة للشيعة، فأيّ الكتب ترشدون إليها حتى نوصيهم بمراجعتها؟

فقلت: أما الكتب الروائيّة للشيعة فهي الكتب الأربعة (الكافي، من         لا يحضره الفقيه، التهذيب، الاستبصار) وكتاب وسائل الشيعة الذي يعد كتاباً أساسياً يرجع إليه فقهاء الشيعة في الأبحاث الفقهية، لدقته في التبويب الفقهي واستقصائه للروايات.

وأما الكتب الكلاميّة والعقائدية فمنها تأليفات الشيخ الصدوق في هذا المجال نظير كتاب التوحيد، وتأليفات السيّد المرتضى علم الهدى، والشيخ المفيد وغيرهم.

وبالنسبة إلى الكتب الرجاليّة فمنها كتاب معجم رجال الحديث للسيّد الخوئي، وقاموس الرجال للتستري، وتنقيح المقال للمامقاني، بالإضافة إلى ما ذكرته لك من الكتب.

حوار حول التوسل([475])

بعد تناول طعام الإفطار جرى بيني وبينه حوار حول التوسل بالنبي’ والصالحين.

حيث قال الدكتور أحمد الغامدي: باب اللّه مفتوح للجميع فلا نحتاج إلى الواسطة، كما قال اللّه تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}.

ثمّ قال: فإذا قال الملك بأنّ بابي مفتوح لمن أرادني فلايحتاج أن نتوسّل إلى رئيس مكتبه أو إلى أحد من الضباط لمقابلته، بل يعد ذلك التوسل من الحماقات.

فأجبته: بأنّ هذا الكلام غير صحيح، بل الكتاب والسنّة يثبتان خلاف ذلك، حيث نرى أنّ إخوة يوسف طلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم بقولهم: {يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}، فأجابهم: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ}([476])، ولم يقل لهم إنّ باب اللّه مفتوح فاستغفروا اللّه ليغفر لكم.

وهكذا قال اللّه عزّ وجلّ في حقّ النبيّ المكرم’: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً}([477]).

فقال الدكتور: إنّ هذه الآية نزلت في حقّ المنافقين.

قلت: هل أن باب اللّه المفتوح، مغلق على المنافقين وكتب عليه: ممنوع دخول المنافقين.

ثم قال: إنّ هذا مختصّ بمن يأتي إلى رسول اللّهويطلب منه أن يستغفر له، بقرينة قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ} ولا يشمل الغائب، ولا الذين يتوسلون به بعد وفاته; لأنّه بعد وفاته لايقدر على شيء.

قلت: إنّ كلامكم هذا مخالف لقولكم: بأنّ باب اللّه تعالى مفتوح ولا يحتاج أحد أن يتوسّل بالنبي أو غيره للوصول إليه.

مضافاً إلى أنّ جميع المسلمين يقولون في صلاتهم: «السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه ورحمة»، والنبى’ بإذن اللّه وقدرته تعالى يسمع سلام المصلين ويجيبهم.

فاللّه الذي أعطاه هذه القدرة قادر على أن يعطيه القدرة ليسمع استغاثة الناس من بعيد ليستغفر اللّه لهم.

فأجاب: عندنا روايات بأنّ النبيّ’ قال: «ما من أحد يسلم عليّ إلاّ ردّ اللّه عزّ وجل إليّ روحي حتى أرد عليه السلام»([478]).

فقلت: يا دكتور، ألا تشعر بأنّ في هذا القول إهانة للنبي’؛ لأنّه في كلّ يوم يصلّي ملايين المسلمين ويسلّمون على النبي’ في صلاتهم، وعلى قولكم هذا فإن الله تعالى سوف يرّد إليه روحه في كلّ آن ملايين المرات ثمّ يرجعها إلى مكانها.

فقال: عندنا رواية عن النبيّ’ يقول فيها: «إنّ للّه ملائكة سيّاحين يبلّغون عن أمّتي السلام»([479]).

قلت: يا دكتور! إنّ الملائكة السياحين الذين يأخذون سلام الناس ويبلغونه النبيّ’ ويردّون جوابه للمسلمين، غير عاجزين عن تبليغ توسل المتوسلين إلى النبيّ’.

مضافاً إلى وجود روايات في كتبكم تدل على توسل الأصحاب بقبر النبيّ’، وهي تدلّ على مشروعيّة التوسل، مثل هذه الرواية: «أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب، فجاء رجل إلى قبر النبي، فقال: يا رسول الله، استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتاه رسول الله في المنام فقال: ائت عمر فأقرئه السلام وأخبره أنكم مسقون وقل له: عليك الكيس الكيس، فأتى الرجل عمر فأخبره فبكى عمر، ثم قال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه»([480]).

فأجاب: لا يمكن تصحيح العقيدة بهذه الروايات الضعيفة.

قلت: لقد اعترف ابن حجر في فتح الباري بصحّة الرواية، قائلاً: «وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح»([481])، وقال ابن كثير في تاريخه بعد نقل الحديث: «وهذا إسناد صحيح»([482]).

فقال: أنا لا أقبل تصحيح ابن حجر وابن كثير وعندي دليل على ضعف الرواية.

قلت: ماهو دليلك على ضعف الرواية؟

فلمّا بلغ الأمر إلى هذا، قال الدكتور: لقد قرب وقت صلاة العشاء، فلنقم لنتوضأ ونتهيّأ للصلاة.

وفي هذه الأثناء ودّعتهم وعدتُ إلى الفندق.

وبعد مضيّ عدة ليال التقيته وأعطيته كرّاسة فيها أقوال علماء أهل السنّة على مشروعيّة التوسل بالنبي|، وهذه هي الرسالة مع بعض التعديلات.

أقوال فقهاء أهل السنة في التوسل

جاء في كتاب الموسوعة الكويتيّة([483]): >اختلف العلماء في مشروعية التوسل بالنبي بعد وفاته كقول القائل: اللهم إنّي أسألك بنبيك أو بجاه نبيك أو بحق نبيك، فذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية ومتأخرو الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة) إلى جواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبيّ أو بعد وفاته<([484]).

قال القسطلاني (ت 923): «وقد روي أن مالكاً لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي: يا أبا عبد الله أأستقبل رسول الله وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم× إلى الله عز وجل يوم القيامة<([485]).

وقال الزرقاني في شرحه على المواهب, حول قصة مالك مع أبي جعفر العباسي: >فإنّ الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه (فضائل مالك) بإسناد لا بأس به([486])، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه([487])<([488]).

وقال النووي (ت676) في بيان آداب زيارة قبر النبيّ’: «ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى ومن أحسن ما يقول ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له قال: كنت جالساً عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} وقد جئتك مستغفراً من ذنبي، مستشفعاً بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه

 

وطاب من طيبهن القاع والأكم

نـفسي الفداء لقبر أنت ساكنه

 

فيه العفاف وفيه الجود والكرم»([489])

ونقل المُناوي عن العز بن عبد السلام، قال: «ينبغي كون هذا مقصوراً على النبي؛ لأنه سيد ولد آدم وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء؛ لأنهم ليسوا في درجته وأن يكون مما خص به تنبيها على علو رتبته وسمو مرتبته»، وكذلك نقل عن السبكي (ت756): «ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثله»([490]).

وفي إعانة الطالبين للدمياطي البكري (ت1310): «وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي»([491]).

وأما الحنابلة، فقد قال ابن قدامة (ت620) في المغني بعد أن نقل قصة العتبي مع الأعرابي: «ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمنى...» إلى أن قال: «ثمّ تأتي القبر فتقول:... وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعاً بك إلى ربي...»([492]). ومثله في الشرح الكبير([493]).

وأما الحنفية فقد صرح متأخروهم أيضاً بجواز التوسل بالنبي’، قال كمال الدين المعروف بابن الهمام (ت861) في فتح القدير: «ثم يقول في موقفه: السلام عليك يا رسول الله... ويسأل الله تعالى حاجته متوسلاً إلى الله بحضرة نبيه عليه الصلاة والسلام»([494]).

وقال صاحب الاختيار فيما يقال عند زيارة النبيّ’: «جئناك من بلاد شاسعة... والاستشفاع بك إلى ربنا... ثم يقول: مستشفعين بنبيك إليك»([495]).

ومثله في مراقي الفلاح([496]) والطحطاوي([497]) على الدر المختار والفتاوى الهندية([498]).

ونص هؤلاء عند زيارة قبر النبيّ’: «اللهم... وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك إليك».

وقال الشوكاني: «ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين»([499]).

أدلة القائلين بالتوسل

وقد استدلوا لما ذهبوا إليه بما يأتي:

أ ـ قوله تعالى: {وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ}([500]).

ب ـ حديث الأعمى، الذي جاء فيه: «اللهم إنّي أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة...» فقد توجّه الأعمى في دعائه بالنبي’ أي بذاته([501]).

ج ـ قوله’ في الدعاء لفاطمة بنت أسد: «اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين»([502]).

د ـ توسل آدم بنبينا محمد (عليهما الصلاة والسلام): روى البيهقي في دلائل النبوة، والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب، قال: «قال رسول الله: لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله تعالى: يا آدم كيف عرفت محمّداً ولم أخلقه؟ قال: يا رب، إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحبّ خلقك إليك. فقال الله تعالى: صدقت يا آدم، إنه لأحبّ الخلق إليّ، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك»([503]).

هـ ـ حديث الرجل الذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفان (رض): روى الطبراني والبيهقي أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان (رض) في زمن خلافته، فكان لا يلتفت ولا ينظر إليه في حاجته، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف، فقال له: «ائت الميضأة([504]) فتوضأ ثم ائت المسجد فصلّ فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) نبي الرحمة، يا محمد! إني أتوجه بك إلى ربك ربي عز وجل، فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح إليّ حتى أروح معك، فانطلق الرجل، فصنع ما قال له عثمان، ثم أتى باب عثمان، فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان، فأجلسه معه على الطنفسة، وقال: حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فأتنا، ثم إنّ الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف، فقال له جزاك الله خيراً، ما كان ينظر في حاجتي، ولا يلتفت إليَّ حتى كلمته فيّ، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكا عليه ذهاب بصره...»([505]) إلى آخر حديث الأعمى([506]).

قال المباركفوري: «قال الشيخ عبد الغني في إنجاح الحاجة: ذكر شيخنا عابد السندي في رسالته: والحديث ـ حديث الأعمى ـ يدل على جواز التوسل والاستشفاع بذاته المكرم في حياته، وأما بعد مماته فقد روى الطبراني في الكبير عن عثمان بن حنيف أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان...»([507]).

وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين: «وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله إلى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو اللّه سبحانه وتعالى، وأنّه المعطي والمانع، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن»([508])..

أخوك في اللّه

أبو مهدي القزويني

14 رمضان المبارك 1425هـ


 








حوار جديد مع الغامدي

 (جرى هذا الحوار بعد صدور الطبعة الأولى والثانية من كتابه حوار هادئ، وقبل نشر الرد عليه في كتابنا قصة الحوار الهادئ)


لما كان كتاب (قصة الحوار) في طريقه إلى الطبع، وفقني الله تعالى بفضله ولطفه أن أتشرف بزيارة بيت اللّه الحرام لأداء حجّ التمتع في سنة (1427هـ)، وبعد إتمام مناسك الحج، اتصلت بفضيلة الدكتور الغامدي، فرحّب بي ودعاني لزيارته، فلبّيت دعوته وذهبت إلى بيته في ليلة السبت المصادف 17 من ذي الحجة، وقد كان معي صديقي العزيز الدكتور زماني ممثل السيد القائد في بعثة حجاج أهل السنة في إيران، وكذلك فضيلة الشيخ المُبلّغي مساعد سماحة آية اللّه التسخيري في المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية.

ولمّا وصلنا إلى بيت الدكتور الغامدي وجدنا عنده الدكتور مجيد معارف والدكتور عادل الأديب، وهما من الأساتذة الكبار في جامعة طهران.

وقد استقبلنا الدكتور الغامدي بحفاوة بالغة ـ كعادته ـ ثم دار بعد ذلك حوار بيني وبينه حول مسائل، نشير إليها مع مراعاة الاختصار وكذلك مع التغيير الطفيف، وقد أضفنا إلى هذا الحوار بعض البحوث الاستطرادية لأجل بيان موضوع الحوار بصورة أجلى، وقد نوهنا في محل البحث إلى هذه الإضافات الزائدة على الحوار:

دعوى اعتقاد الشيعة نجاسة أهل السنة

قال الدكتور الغامدي: إنّ الشيعة تعتقد بنجاسة أهل السنّة، ويشهد لذلك نصوص من السيّد الخوئي والسيّد الخميني.

قلت: لقد تكرر منك هذا الاتهام أخي الدكتور، فلقد ذكرته لي في السنة الماضية، وقد أجبتك في حينها بأن هذا الكلام ليس صحيحاً وأنّ علماء الشيعة يعتقدون بطهارة أهل السنّة؛ ولذلك تجدهم أفتوا بجواز تزويجهم والتزوّج منهم، وكذا أفتوا بحلّية ذبائحهم، وحتى قال السيّد الخميني: بأنّ الإمامة من أصول المذهب([509])، فمن لا يعتقد بها من غير مذهب الشيعة لا يكون كافراً فلا يعدّ نجساً.

 ولا تجد عالماً من علماء الشيعة الإمامية من القرن الثاني إلى القرن الخامس عشر قد أفتى بنجاسة أهل السنّة، نعم، يفتي فقهاء الشيعة بنجاسة النواصب الذين يحملون العداء لأهل البيت(علیهم السلام)، ويجاهرون به، لا نجاسة المسلمين من أهل السنّة.

فقال: من هو المراد من المخالف في كتبكم الفقهيّة؟

قلت: إنّا نعبّر في كتبنا الفقهيّة عن أهل السنة والجماعة تارة بالمخالف وأخرى بالعامّة وثالثة بأهل السنّة، ولكن هؤلاء غير النواصب الذين نعتقد بأنّهم كفار ونجس ومخلّدون في النار; كما أنّ علماء أهل السنّة أيضاً يقولون ويعتقدون بهذا; لأنّ النواصب هم من يبغضون ويسبّون أهل البيت(علیهم السلام)([510]).

قال الدكتور الغامدي: قال آية اللّه العظمى الخوئي: وما يمكن أن يستدلّ به على نجاسة المخالفين وجوه ثلاثة:

الأول: ما ورد في الروايات الكثيرة البالغة حدّ الاستفاضة من أن المخالف لهم(علیهم السلام) كافر.

وقال آية اللّه العظمى الخميني: فقد تمسك لنجاستهم بأمور: منها روايات مستفيضة دلّت على كفرهم، موثّقة الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر×، قال: «إنّ اللّه تعالى نصب عليّاً علماً بينه وبين خلقه...

قلت: وا عجبي يا دكتور!! فإن هذه العبارة التي نقلتها عن السيّد الخميني هي عبارة لصاحب كتاب الحدائق، قد نقلها السيد الخميني ثمّ ردها ورفضها بقوة.

فنقلت له العبارة التي سبقت عبارة السيد الخميني والتي لم يذكرها الغامدي، من حاسوبي الذي كنت أحمله معي، فقرأت عليه، قال السيد الخميني: «لكن اغترّ بعض من اختلت طريقته ببعض ظواهر الأخبار وكلمات الأصحاب من غير غور إلى مغزاها، فحكم بنجاستهم وكفرهم، وأطال في التشنيع على المحقق القائل بطهارتهم بما لا ينبغي له وله، غافلاً عن أنّه حفظ أشياء هو غافل عنها.

فقد تمسك لنجاستهم [أي صاحب الحدائق] بأمور: منها روايات مستفيضة دلت على كفرهم، كموثّقة الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إن الله تعالى نصّب علياً علماً بينه وبين خلقه»([511]).

فمراد السيّد الخميني من قوله: «لكن اغترّ بعض من اختلت طريقته» هو صاحب الحدائق وهو من علماء الأخباريين.

ثمّ قلت: فردّ عليه السيد الخميني قائلاً: «ولا دليل عليها سوى توهم إطلاق معاقد إجماعات نجاسة الكفّار، وهو وهمٌ ظاهر؛ ضرورة أنّ المراد من الكفّار فيها مقابل المسلمين، الأعم من العامّة والخاصّة؛ ولهذا ترى إلحاقهم بعض المنتحلين إلى الإسلام كالخوارج والغلاة بالكفّار، فلو كان مطلق المخالف نجساً عندهم، فلا معنى لذلك، بل يمكن دعوى الإجماع أو الضرورة بعدم نجاستهم»([512]).

وهكذا الحال مع كلام السيّد الخوئي الذي ذكرتموه، قال السيد الخوئي: «وما يمكن أن يستدل به على نجاسة المخالفين وجوه ثلاثة: الأول: ما ورد في الروايات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة من أنّ المخالف لهم (علیهم السلام) كافر».

فكلام السيّد الخوئي هذا قد نقله عن الآخرين ثمّ بدأ برده، قائلاً: «والأخبار الواردة بهذا المضمون وإن كانت من الكثرة بمكان، إلاّ أنّه لا دلالة لها على نجاسة المخالفين... من أنّ المناط في الإسلام وحقن الدماء والتوارث وجواز النكاح إنّما هو شهادة أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّداً رسوله، وهي التي عليها أكثر الناس. وعليه فلا يعتبر في الإسلام غير الشهادتين، فلا مناص معه عن الحكم بإسلام أهل الخلاف... مضافاً إلى السيرة القطعيّة الجارية على طهارة أهل الخلاف؛ حيث إنّ المتشرّعين في زمان الأئمّة(علیهم السلام) وكذلك الأئمّة بأنفسهم كانوا يشترون منهم اللحم ويرون حلية ذبائحهم ويباشرونهم. وبالجملة، كانوا يعاملون معهم معاملة الطهارة والإسلام من غير أن يرد عنه ردع».

وقال في آخر كلامه: «وأمّا الولاية بمعنى الخلافة فهي ليست بضروريّة بوجه، وإنّما هي مسألة نظريّة وقد فسّروها بمعنى الحبّ والولاء ولو تقليداً لآبائهم وعلمائهم، وإنكارهم للولاية بمعنى الخلافة مستند إلى الشبهة كما عرفت. وقد أسلفنا أنّ إنكار الضروري إنّما يستتبع الكفر والنجاسة فيما إذا كان مستلزماً لتكذيب النبي كما إذا كان عالماً بأنّ ما ينكره ممّا ثبت من الدين بالضرورة، وهذا لم يتحقّق في حق أهل الخلاف لعدم ثبوت الخلافة عندهم بالضرورة لأهل البيت(علیهم السلام). نعم الولاية ـ بمعنى الخلافة ـ من ضروريات المذهب لا من ضروريات الدين»([513]).

قلت: يا دكتور! فهل عرفت الآن بأنّ هذه العبارات التي نقلتها لنا عن السيّد الخوئي والخميني هي عبارات مقتطعة من كلامهما، وهذا التقطيع يعتبر قبيحاً ولا يليق بالمحققين.

 ونستطيع القول إن أغلب كتّاب وعلماء الوهابيّة يتبعون هذا الأسلوب من التقطيع، فالدكتور القفاري مثلاً في كتابه أصول مذهب الشيعة، نراه ينقل كلاماً لعلماء الشيعة كالشيخ المفيد وغيره مقطّعاً، فينقل عبارة من وسط كلامهم من دون أن ينقل أوّل الكلام وآخره مما يرتبط به، ثمّ يبدأ بالهجوم عليهم.

أو نراه كذلك ينقل خبراً منقطعاً أو مرسلاً لمحدثي الشيعة كالكليني، فينقل عن كتابه الكافي رواية ضعيفة، ثمّ يهجم عليه.

دعوى أن كتاب الكافي مليء بالموضوعات

قال الدكتور الغامدي: كتاب الكافي مملوء بالموضوعات.

قلت: يا دكتور، لو قسنا كتاب البخاري إلى الكافي من حيث الروايات الضعيفة والإسرائيليات لوجدناها في البخاري أكثر بأضعاف مضاعفة([514]) عمّا ادعي وجوده في الكافي، فالروايات الضعيفة في الكافي نسبتها إلى الروايات الضعيفة والإسرائيليات في كتاب البخاري نسبة العُشر.

قال الدكتور: في كتاب الكافي يوجد ستة عشر ألف رواية، فكم رواية صحيحة فيه؟

قلت: على ما ذكره المحقق البحراني: خمسة آلاف رواية صحيحة فيه([515]).

قال الدكتور: الباقي: أي تسعة آلاف حديث، كيف هو حالها؟

قلت: هذه الروايات فيها ما هو من قسم الموثق والحسن والمرسل والمرفوع([516]) والضعيف، وإنّ الروايات الضعيفة غير الروايات الموضوعة والمكذوبة; لأنّ الروايات الضعيفة يقوّي بعضها بعضاً، فيثبت مضمونها، كما هو الحال عند علمائكم، فهم يعتقدون بهذه القاعدة الرجاليّة.

وهذا بخلاف الروايات الموضوعة حيث لا يثبت شيء منها ولو كانت ألف رواية.

قال الدكتور: كم رواية موضوعة في الكافي؟

قلت: أقل من مائة رواية وفق القواعد الرجاليّة عند الشيعة.

وهنا تحدث فضيلة الشيخ مبلغي الذي كان بصحبتي، فقال: قد ورد عن الأئمّة(علیهم السلام): هاهنا أشخاص يكذبون عليهم([517]).

قلت: وفي رواية عن الصادق× أنه قال: «إنّ المغيرة بن سعيد دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي»([518]).

وقال أبو الحسن الرضا×: «ولعن يونس بن ظبيان ألف لعنة يتبعها ألف لعنة»([519]).

دعوى أن الإمام الصادق× قد لعن زرارة

قال الدكتور: هكذا أيضاً لُعن زرارة.

قلت: أمّا بالنسبة إلى زرارة، قال الصادق×: «رحم اللّه زرارة بن أعين, لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي»([520]).

نعم روي عنه أنه قال: «... لعن اللّه زرارة...»([521]).

ولكن مع غض النظر عن ضعف السند([522])، فهذه الروايات يمكن لنا تفسيرها بأنّ الإمام الصادق× لم يكن جاداً في لعن زرارة، بل أراد من لعنه ـ ظاهراً ـ أن يوحي للسلطة آنذاك بعدم وجود علاقة ودّية بينه وبين زرارة؛ حفاظاً على زرارة من القتل أو الاعتقال بتهمة صلته وارتباطه بالإمام.

ويؤيد ذلك ما رواه الكشّي عن الإمام الصادق× بأنه قال لولد زرارة، عبد اللّه: «اقرأ منّي على والدك السلام، وقل له إنّي إنّما أعيبك؛ دفاعاً منّي عنك، فإنّ الناس والعدوّ يسارعون إلى كلّ من قرّبناه وحمدنا مكانه؛ لإدخال الأذى فيمن نحبّه ونقرّبه»([523]).

قال: هذا إمام معصوم كيف يكذب ويقول: لعن اللّه زرارة؟

قلت: يا دكتور! وهل هذا عجيب؟! فهذا إبراهيم× وهو نبي، يقول: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ}([524]).

وهذا يوسف× يتهم أخاه بأنّه سرق، كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ في رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَـارِقُونَ}([525]).

قال: هذا مما يقبل التأويل بأن نقول إنه يقصد التورية، أمّا اللعن فهو يكون لأهل جهنم ولا يمكننا تأويله.

قلت: هذا إبراهيم يقول: {فَلَمَّا رَءَا الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا ربِّي هذا أَكْبَرُ}([526]). وقال أيضاً: {إني سَقِيمٌ}([527]).

فهل يمكننا هنا التأويل أيضاً؟

قال الدكتور: الشيعة تعتقد أن الأئمّة فوق الأنبياء.

قلت: إنّا نعتقد بأنّ الأئمّة فوق الأنبياء من حيث الأفضليّة لا في النبوّة. ونستند بذلك إلى دليل وهو إنّ الرسول’ جعل علياً× مثل نفسه في آية المباهلة([528]) بقوله: {وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ} وهذا يدّل على كون علي مساوياً لرسول اللّه’ في جميع الجهات إلاّ جهة النبوة، فمحمد (صلوات الله عليه وعلى آله) خاتم النبيّين ولا نبي بعده، وخرجت تلك الجهة بالدليل، وتبقى بقيّة كمالات رسول اللّه موجودة في علي بمقتضى عموم الآية.

فكما أنّ الرسول أفضل من جميع الخلائق حتى من الأنبياء وحتى من الملائكة، فيكون علي× أيضاً له هذه المزيّة؛ لأنّ مساوي الأكمل أكمل أيضاً.

وهذا المعنى نجده أيضاً في تصريح النبي’ في حديث المنزلة، فقال: «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي»([529]).

قال الدكتور: فعليّ عندكم أفضل من النبي صلى اللّه عليه وسلّم.

قلت: بالنسبة لخصوص النبي| لم يكن أفضل منه، كيف ذلك وعلي× نفسه يصرح في روايات متعدّدة بنفي أفضليته على النبي، فيقول: «أنا عبد من عبيد محمّد»([530]).

كون علي أول من أسلم لا دليل عليه

قال الدكتور: لو سأل سائل هل كان عليّ (رضي اللّه عنه) مسلماً؟

قال الشيخ المبلغي: هو أوّل من أسلم.

قال الدكتور: مَن روى أنّه كان أوّل من أسلم؟

قال الشيخ المبلغي: هل أنت شاك في كون علي مسلماً؟

قال الدكتور: لست بشاكّ ولكن نسألكم، من روى بأنّه كان أوّل من أسلم؟

قال الشيخ المبلغي: كلّ من الشيعة والسنّة قد رووا بأنّه كان أوّل من أسلم.

قال الدكتور: الصحابة هم من رووا إسلامه، وأتحدّى أن تأتوا برواية من غير الصحابة تثبت أنّه مسلم.

 ومادام أنتم لم تزّكوا الصحابة فلن تستطيعوا إثبات إسلام علي أصلاً.

قلت: هناك روايات متعددّة صدرت عن طريق أهل البيت(علیهم السلام)، عن آبائهم، عن علي× وعن النبي’ تثبت بأنّ عليّاً هو أوّل من أسلم.

قال: كلّ هذه الروايات تنتهي إلى علي×، فهي شهادة على نفسه، فلا تقبل هذه التزكية.

قلت: هناك قاعدة رجاليّة يؤمن بها الجميع ومفادها: إذا ثبتت وثاقة الراوي بأدلة خاصة ثمّ نقل لنا هذا الراوي رواية في مدح نفسه وتزكيتها فتقبل منه، نعم إذا لم تكن وثاقة الراوي ثابتة وانحصر طريق ثبوتها بما قاله في تزكية نفسه فعندئذٍ لا تقبل منه تلك التزكية.

قال: إنّ علي بن أبي طالب قد أسلم، وشهد الصحابة بإسلامه وأنتم الشيعة لا تقدرون إثبات إسلامه من غير طريق الصحابة.

قلت: لو قلنا بأنّ الصحابة نقلوا إسلام عليّ، ثمّ ماذا؟

قال الدكتور الغامدي: إنّكم تنفون عدالتهم.

قلت: أين قلنا ذلك؟ ومتى نفينا عدالة كلّ الصحابة؟ هذا افتراء على الشيعة; بل نحن نعتقد بأنّ الصحابة فيهم العدول وغير العدول؛ لذا نقبل روايات عدولهم ونرفض روايات فسّاقهم، كما أنّك قد قلت في رسالتك بأنّ قوله تعالى: {يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا}([531]) يدلّ على فسق الوليد بن عقبة([532]).

قال الدكتور: من هم عدولهم؟

قلت: كلّ من صحب النبي’ وبقي على وصيّته وثبتت متابعته لمنهج النبي’.

قال: أين هذا؟

قلت: هذا موجود في الكتب الرجاليّة والروائيّة للشيعة، فهذا الشيخ الطوسي قد ذكر في رجاله زهاء (500) صحابي وقد وثق عدّة كثيرة منهم([533]).

وذكر العلاّمة الحلّي عدّة كثيرة من الصحابة مصرّحاً بوثاقتهم.

مضافاً إلى أنّ رواية إسلام علي× قد ثبتت بواسطة الأصحاب الذين ثبتت عدالتهم عند الشيعة، كسلمان وأبي ذر والمقداد وغيرهم([534]).

قال الدكتور زماني: إنّ الاختلاف بين الشيعة والسنّة موجود ولا يمكننا إنكاره، ولكن أكثر الشبهات المطروحة من جانب أهل السنّة تنشأ من نقطتين أساسيتين:

الأولى: اقتطاع بعض كلام علماء الشيعة من سياقها العام، ثمّ تحميله على مذهب الشيعة.

الثانية: النقل من كتب ليست معتبرة عندهم والاستناد إلى الروايات الضعيفة عندهم.

وأنا أقترح عليكم: إذا قرأتم كلاماً في كتب أهل السنة ضد الشيعة لا تقبلوه بشكل مطلق ولا ترتبوا عليه الأثر، إلاّ بعد أن تشاهدوا ذلك الكلام في كتب الشيعة، ثمّ بعد ذلك لكم أن تناقشوا وتتكلموا فيما قيل.

قال الشيخ المبلغي: إنّ قول الدكتور الغامدي بأنّ شهادة أحد على نفسه غير مقبولة، هذا مخالف لقوله تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً}.

وإسلام علي بن أبي طالب، قد ثبت إمّا من طريق أهل البيت(علیهم السلام)، فهو عندنا مقبول ثابت، وإمّا من طريق الصحابة، فلا نقول بعدم عدالة ووثاقة جميع الصحابة، بل كثير منهم عندنا عدول وثقات، وهذا أمير المؤمنين× قد مدح الصحابة في نهج البلاغة([535]).

خلافة أبي بكر وبيعة الصحابة له

قال الدكتور الغامدي: لماذا سبعمائة من الصحابة الذين عددتموهم رضوا بخلافة أبي بكر؟

 هؤلاء الأجلاء الشجعان الأبطال المؤمنون لو يعلمون بأنّ عليّاً إمام من ربّ العالمين، فكيف لم يدافعوا عنه؟

قلتُ: مراراً قد ذكرت لك بأنّ كثيراً من الصحابة من المهاجرين والأنصار قد اعترضوا على أبي بكر، وأعلنوا بأنّ الخليفة الشرعي هو علي بن أبي طالب×.

قال: الذي ثبت لنا بأنّ سعد بن عبادة هو الوحيد الذي لم يبايع، حتى علي بن أبي طالب قد بايع أبا بكر.

كثير من الصحابة تخلفوا عن بيعة أبي بكر

  قلتُ: البخاري يروي عن عمر في حديث طويل: «حين توفى الله نبيه (صلّى الله عليه وسلّم) أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة، وخالف عنّا علي والزبير ومن معهما»([536]).

قال اليعقوبي: «فقال العباس: فعلوها، ورب الكعبة، وكان المهاجرون والأنصار لا يشكّون في علي، فلمّا خرجوا من الدار قام الفضل بن العباس، وكان لسان قريش، فقال: يا معشر قريش، إنه ما حقت لكم الخلافة بالتمويه، ونحن أهلها دونكم، وصاحبنا أولى بها منكم»([537]).

قال الدكتور الغامدي: اليعقوبي شيعيّ.

قلت: أولاً: لم يثبت جزماً كونه شيعيّاً، وكتابه مقبول عند الطرفين، حتى لو كان شيعيّاً([538]).

وثانياً: لا يقتصر ذلك على نقل اليعقوبي الذي تنسبه إلى التشيّع، فهناك الكثير من المؤرخين قد نقلوا أيضاً مخالفة الصحابة لأبي بكر، كالزبير بن بكار في الموفقيات، قال: «وكان عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أنّ عليّاً هو صاحب الأمر بعد رسول اللّه»([539]).

وابن الأثير، قال: «وتخلف عن بيعته علي وبنو هاشم والزبير ابن العوام وخالد بن سعيد بن العاص وسعد بن عبادة الأنصاري، ثم إن الجميع بايعوا بعد موت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلاّ سعد بن عبادة فإنه لم يبايع أحداً إلى أن مات، وكانت بيعتهم بعد ستة أشهر على القول الصحيح، وقيل غير ذلك»([540]).

وذكر أيضاً تخلف عامّة بني هاشم([541]).

وقد ذكر الطبري تخلّف عتبة بن أبي لهب وسعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة وطلحة بن عبيد اللّه وخزيمة بن ثابت وفروة بن محمد وخالد بن سعيد بن العاص، وجماعة من بني هاشم([542]).

قال الديار بكري: «وغضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر منهم علي بن أبي طالب والزبير، فدخلا بيت فاطمة ومعهما السلاح»([543]).

وذكر الواقدي أنّ زيد بن أرقم قال ـ عقيب بيعة السقيفة لعبد الرحمن بن عوف ـ: >يا بن عوف! لولا أنّ علي بن أبي طالب وغيره من بني هاشم اشتغلوا بدفن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبحزنهم عليه، فجلسوا في منازلهم، ما طمع فيها من طمع!»([544]).

انتقاد كتاب الدكتور الغامدي (حوار هادئ)

قال الدكتور زماني: أنا اعتقد بأنّ الحوار لو كان هادئاً وعلى مستوى علمي سوف يستفيد منه المجتمع الإسلامي، ولكن لو كان الحوار جدلياً متشنجاً، فإنه لا يزيد المجتمع إلاّ تفرقاً.

وكم أتمنى لو ينشر كتاب حول الحوار الهادئ بلغة علميّة وودّية، بحيث يستفيد المجتمع منه.

وبعد كلام الدكتور زماني شرعت في انتقاد كتاب الدكتور الغامدي (حوار هادئ).

فقلت: إن الكتاب الذي نشر لكم باسم (حوار هادئ) لم يكن متسماً بالهدوء، فعنوانه لا يتطابق مع مضمونه، كما أشار إلى ذلك فضيلة الدكتور عادل العلوي في رسالته إليك حين قال: هذا حوار ساخن ومتعصب وليس هادئاً. فقد استعملتَ في هذا الكتاب الألفاظ الجارحة والموهنة التي لم نكن نتوقع صدورها منك، بل تعرضت إلى ذكر أمور عن الشيعة لم تكن ثابتة وليست صحيحة، وأقل ما توصف: إنّها محض افتراء.

 وسوف نذكر لك بعض هذه الأمور:

لقد كتبت في صفحة 32 من كتابك: «إنّ كتبكم على قسمين: قسم كلّه روايات وآثار، وهذا القسم عندما يطلع عليه السنِّي لا يرى فيه آثاراً علميّة تستحق الاهتمام، فهي أشبه ما تكون بالأساطير».

فهل تعني أن كلّ كتب الشيعة الروائية أساطير؟! وهل هذا يليق بأستاذ جامعي مثلك؟ ماذا لو عبّر رجل شيعي بمثل هذه العبارة عن كتب أهل السنّة، ماذا سوف تكون ردة فعلك؟

وذكرت في صفحة 43: «واللّه يا أبا مهدي، إنَّني عندما قرأت في كتبكم كأنَّني أقرأ في خرافات عقول لا تعرف صفاء الإسلام ونقاءه، وأحمد اللّه عزّ وجل على الهداية وصفاء المعتقد».

أعجب كيف يتكلّم أستاذ جامعي بهذه اللغة وبهذا المنطق؟!

وفي صفحة 113 ذكرتَ: «وأمَّا الخوارج والمعتزلة والشيعة الإماميّة فهم محرومون من هذه الشفاعة لإنكارهم لها».

ولا أدري ما هو المراد من هذه العبارة؟

هذا يشبه قول اليهود والنصارى، حيث يقولون: {وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَـارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ}([545]).

قال الدكتور الغامدي: إنّ الشيعة تنكر الشفاعة يوم القيامة.

قال الدكتور زماني: هل يوجد أحد من الشيعة ينكر الشفاعة؟!

قال الدكتور الغامدي: وهل الشيعة تعتقد بشفاعة النبي’ لأهل الكبائر؟

قلت: يا دكتور! الروايات الموجودة في الكتب الروائية للشيعة فيها الصحيح وكذا فيها الضعيف، فلا يجوز الاعتماد على كلّ رواية من دون تمييز، لذا إذا أردت أن تأخذ حقيقة عقيدة الشيعة، فلابدّ لك من مراجعة الكتب الكلاميّة والعقائدية لكبار علماء الشيعة الذين لهم دور مؤثر في الكيان الشيعي، كالشيخ المفيد والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والعلاّمة الحلّي وصاحب الجواهر والسيّد الخوئي والسيّد الخميني، فعقائد هؤلاء العلماء الكبار هي التي تمثل عقائد الشيعة؛ لأنهم قد ميزوا الروايات وفق منهج دقيق وصحيح.

قال: من قال بالشفاعة لأصحاب الكبائر من الشيعة؟

قلت: جميع علماء الشيعة قالوا بالشفاعة.

قال: أنا اعتقد بأنّ معتقد الشيعة مثل معتقد المعتزلة ينكرون الشفاعة لأصحاب الكبائر.

قلت: هذا أبو الصلاح الحلبي المتوفى سنة 447، يقول: «ويدل على ذلك ما نقله محدّثو الشيعة وأصحاب الحديث، ولم ينازع في صحّته أحد من العلماء من قوله: ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»([546]).

وذكر الشيخ الطوسي المتوفى 460هـ: حديث رسول اللّه’: «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي، وفي خبر آخر: أعددت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»، ثمّ قال: «وهذا خبر تلقّته الأمّة بالقبول، فلا يمكن أن يقال: إنّه خبر واحد، وليس لهم أن يحملوا الخبر على زيادة المنافع لمن تاب»([547]).

وقال الشيخ المفيد، المتوفى 413 في جوابه عن دليل جواز العفو عن مرتكب الكبيرة: «وقوله عليه وآله السلام: ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي. وما أشبه هذين من الأخبار»([548]).

وقال الشيخ الصدوق المتوفى 381هـ: «قال الشيخ (رحمه الله): اعتقادنا في الشفاعة أنها لمن ارتضى الله دينه من أهل الكبائر والصغائر، فأما التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي»([549]).

وقال الطبرسي أيضاً: «تلقته الأمة بالقبول»([550]).

قال الدكتور الغامدي: لا تنظر في الروايات، بل انظر في كلام العلماء، فربّما يذكرون الرواية فيردّونها.

قلت: قد نقلت لك كلام الحلبي، ألم يقل: «ولم ينازع في صحته أحد من العلماء»؟

قال: هل ذكر الحلبي قبل الحديث كلاماً؟

قلت: هذا كلام الحلبي قبل الحديث، قال: «إنّ الشفاعة وجه.... عندها لإجماع الأمة على ثبوتها له ومضى... إلى زمان حدوث المعتزلة على الفتيا بتخصيصها بإسقاط العقاب، فيجب الحكم بكونها حقيقة في ذلك؛ لانعقاد الإجماع في الأزمان السابقة لحدوث هذه الفرقة.

ويدلّ على ذلك ما نقله محدّثو الشيعة وأصحاب الحديث ولم ينازع في صحّته أحد من العلماء من قوله: (ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) وقوله: (لي اللواء الممدود) كذا (والحوض المورود والمقام المحمود)<([551]).

قال الدكتور الغامدي: دعك من هذا!

قلت: ثبتت هذه القضيّة، وأن الشيعة يؤمنون بشفاعة النبي لأهل الكبائر.

قال: أراجع وأصحّح إن شاء اللّه.

 ثم قال: أذكر ـ لو كان عندك ـ شيئاً آخر.

الاعتماد على كتاب لمؤلف موهوم

قلت: قد نقلت مسألة زواج السيّد الخميني من الصغيرة.

قال الدكتور الغامدي: قد نقلت ذلك عن رجل شيعي.

قلت: لو كان هذا الرجل شيعيّاً فأنا أول من يلعنه وأقول: لعنه اللّه بعدد كلّ ذرّات العالم.

أي دكتور، أخي العزيز، قد ذكرت لك مراراً بأنّ مؤلف كتاب «للّه ثمّ للتاريخ» لم يكن مؤلفاً شيعياً، وأنّ هذا الكتاب مليء بالأكاذيب والافتراءات والترّهات، ومؤلفه المزعوم السيّد حسين الموسوي لا يعرفه أحد من علماء الشيعة ولا السنّة، وهناك قرائن كثيرة تشهد بكذبه، فهو يجهل مصطلحات شيعية مشهورة يعرفها حتى أطفالهم، فتراه مثلاً يعبرّ عن الشيوخ بالسادات، والحال أنّ الشيعة لا يعبّرون عن الشيخ بالسيّد، بل يقولون شيخاًّ، فالسيد عندهم يطلق على من كان من أولاد رسول اللّه’.

وكذلك يقول: إنّي درست كتاب الكافي عند السيّد الخوئي؟!

 ولا يخفى على أحد بأنّ كتاب الكافي ليس من الكتب الدراسية؛ ليقوم السيد الخوئي بتدريسه، فهو كتاب روائي لا يحتاج إلى تدريس، ويبدو أن المؤلف الموهوم كان جاهلاً بذلك ولم يكن ملتفتاً لهذه المسألة.

ويقول في صفحة 104 من كتابه: «في زيارتي للهند، التقيت السيّد دلدار علي، فأهداني نسخة من كتابه (أساس الأصول)...».

ثمّ يأتي ويقول في صفحات أخرى من الكتاب: إنّي التقيت بالسيّد الخميني والخوئي والسيستاني.

 والجدير بالملاحظة أنّ السيّد دلدار نقوي قد توفّي سنة 1235.

ومن المعلوم بأنّ من يلتقي السيّد دلدار نقوى، ثم يلتقي السيّد الخوئي، لابدّ أن يعمّر أكثر من 200 سنة([552]).

أقول: يقوى في النفس بأنّ هذا الكتاب من اختراعات الشيخ عثمان الخميس، فكلّ من قرأ واطلع على مؤلفات عثمان الخميس، يحدس أن هذا النمط من التأليف هو قريب جداً من أسلوبه.

قال الدكتور الغامدي: لا، لا، عثمان الخميس لم يظهر إلاّ قريباً، وهذا الكتاب قبل ظهور عثمان الخميس بسنوات، بل اُلّف قبله بعشرين سنة.

قلت: هذا الكتاب قد طبع قبل خمس سنوات في السعوديّة، وبعد مضيّ شهرين من نشره دخل إيران وقرأناه، ولم نسمع له ذكراً قبل هذه السنين.

قال: لو كانت الشيعة تكذّب هذه القصّة، فأنا سوف أحذفها في الطبعات الأخيرة من كتابي.

قلت:يا دكتور! في أوّل مرّة زرتك فيها في بيتك هذا، قد حدثتك بأنّي في الليلة الماضية كنت قد التقيت بالشيخ محمد بن جميل بن زينو، وهو من المشايخ الكبار والأستاذ في دار الحديث في مكة المكرمة، وقد جرى بيني وبينه حوار حول هذا الكتاب([553])، فقلت له: بأنّ هذا الكتاب لم يكن من تأليفات الشيعة، وذكرت له: بأنّه نقل ـ في صفحة 34 ـ روايات عن كتاب من لا يحضره الفقيه في مسألة زواج المتعة([554]).

فقلت للشيخ محمد بن جميل: بأنّ هذه الروايات التي نقلها عن الفقيه، كلّها كذب ولا يوجد مثل هذه الروايات، لا في الفقيه ولا في الوسائل ولا في البحار.

فقال الشيخ: كيف يمكن أن ينقل روايات من كتبكم لم تكن ثابتة عندكم؟!

قلت: لو أثبت أحد من هؤلاء الأخوة الحاضرين في هذه الجلسة([555]) وجود هذه الروايات في الكتب الأربعة للشيعة أو في الوسائل والبحار، أنا أتراجع عن مذهب الشيعة وأكون وهابيّاً.

قال الدكتور الغامدي: في مقابل كون الشخص شيعياً، يقال: سني لا وهابي، فهل يكون مذهب الصحابة مذهباً وهابياً؟!!.

قلت: يا دكتور في أوّل لحظات دخولي إلى بيت الشيخ محمد زينو، كان أوّل شيء سألني عنه هو: لماذا يسمّوننا بالوهابيّة، مع أنّا من أتباع محمد بن عبد الوهّاب، فمن اللائق أن نسمّى بالمحمديّة لا الوهابية؟

قلت: لعله من باب أن الوهاب من أسماء اللّه تعالى، فسُمّيتم بأحد أسماء اللّه، فبدت عليه علامات الارتياح، وقال: بارك اللّه فيك، بارك اللّه، وكان الأخ جابر والأخ محمد ـ وهما من تلاميذكم ـ موجودين في الجلسة.

قال الدكتور: الخلاف إنما هو بين الشيعة والسنّة وليس بين الشيعة والوهابيّة، فالوهّابيّة اعتبرت طائفة قبل مائتي سنة فقط، والخلاف بين الشيعة والسنّة قبل أكثر من ألف سنة.

قال الشيخ المُبلّغى: إنّ أكثر الشبهات التي تثار ضدّ الشيعة هي من قِبَل الوهابيّة.

قال الدكتور: أشدّ الناس على الشيعة هم الأحناف.

قلت: يا دكتور، كنتم قد التقيتم في السنة الماضية خمسين شخصاً من علماء أهل السنّة في إيران، في فندق (الجاد النقا) في مكة المكرمة بمحضر الدكتور زماني، وتسعون بالمائة من هؤلاء العلماء كانوا من الأحناف، وقد قالوا أمامك: نحن نعيش مع الشيعة في إيران بكل محبة وود وأخوّة، وليس بيننا وبين الشيعة اختلاف، وقالوا لك: نحن ندرّس هناك في المدارس والحوزات العلميّة ونقيم صلاة الجمعة والجماعة.

فقلتم لهم: نحن سمعنا بأنّ بين الشيعة والسنّة في إيران اختلافات كثيرة، فهل يسمحون لكم أن تدرّسوا في الجامعات والمدارس وإقامة صلوات الجمعة والجماعات.

وقد أراك بعض هؤلاء العلماء بطاقات تثبت أنهم يدرِّسون في المدارس والجامعات في إيران، وقال لك أحدهم: أنا خطيب الجمعة، وقال آخر: أنا مدرس في الحوزة و... وجنابك قد تعجبت من كلامهم هذا.

تساؤل عن وجود مساجد للسنة في طهران

قال الدكتور: كم عدد سكان طهران؟

قال الشيخ المبلغي: خمسة ملايين.

قال الدكتور: كم فيها من السنّة؟

قلت: حوالي ثلاثمائة.

قال الدكتور: هل لهم مسجد في طهران؟

قلت: كم عدد الشيعة بالمدينة المنورّة؟

قال الدكتور: خمسة آلاف.

قلت: بل أكثر من عشرة آلاف، وهل لهم مسجد في المدينة؟

قال الدكتور: الشيعة لا ترى صحة الصلاة جماعة إلاّ خلف المهدي، فإذا خرج المهدي سنبني لهم مسجداً إن شاء اللّه([556]).

قلت: نحن أيضاً إذا ولد مهدي أهل السنّة نسمح لهم ببناء مسجد بطهران.

قال الدكتور: إنّ الشيعة لا يصلّون صلاة جماعة؛ لأنّهم لا يجيزون الصلاة إلاّ خلف الإمام المعصوم.

قلت: يا دكتور! ما هذه الخرافات الوهّابيّة، فأنت أجلّ شأناً من التفوه بمثل هذه التفاهات.

قال الدكتور: هل عندكم مساجد في طهران؟

قلت: أكثر من ألف مسجد في طهران للشيعة يصلّون فيها.

الدكتور يقدم اعتذاره في الطبعة الثانية من كتابه

قال الدكتور: لقد كتبت في الطبعة الثانية لكتاب حوار هادئ: «وأعتذر للأستاذ أبي مهدي لنشرها، وأعتذر عن العبارات القاسية التي وردت في الرسالة والتي قد حرّرت كثيراً منها في هذه الطبعة (الثانية)، ولعلّي أستدرك ما فات في طبعات أخرى إن شاء اللّه»([557]).

فعليك أن تعطيني ما عندك من الملاحظات على الكتاب، حتى أستدركها في الطبعات الآتية، فليس هناك رجل معصوم غير رسول اللّه’.

قلت: لقد حضرت في بيتكم هذا، في شهر رمضان من السنة الماضية وكان معي فضيلة الشيخ الهادوي وگل زاده، وقلتم لنا: إني أريد طبع ما جرى بيننا من المكاتبات.

فقلت لكم حينها: ليس من الصلاح أن تطبع هذه المراسلات؛ لأنّ ما سميته بالحوار الهادئ لم يكن هادئاً، بل هو حوار متشدّد ومتشنج; كما أنك قد حرّفت كثيراً من كلامي الذي نقلتَه فيها حين نشرتَها.

قال الدكتور الغامدي: كلمة تحريف كلمة كبيرة، بل صعبة.

قلت: ماذا فهمتم من كلمة تحريف؟

قال الدكتور: يعني أني تعمدّت أن أضع لفظاً بدلاً عن لفظك.

قلت: إنّ مرادنا من التحريف هو التغيير بالمعنى العام، وهو إمّا بإضافة شيء أو حذفه أو تغييره.

فإنّك قد حذفت سطراً أو سطرين من الرسالة الأولى التي أرسلتها إليكم، وهذه أصل عبارتي التي أرسلتها إليكم في رسالتي:

«ماذا تقول فيما جرى على بعض الأصحاب من الحدّ؟ هل يوجب ذلك فسقهم أم لا؟ لماذا جرى الحدّ على بعضهم؟ ماذا تقول فيمن أمر بقتل عثمان من الأصحاب أو شرك في قتله؟ هل يحكم فيهم بأنّهم اجتهدوا وأخطأوا ولهم أجر واحد أم لا؟»

بينما الذي ذُكر في كتابك في ص11:

«ماذا تقول فيما جرى على بعض الأصحاب أو شرك في قتله؟ هل يحكم فيهم بأنّهم اجتهدوا وأخطأوا ولهم أجر واحد أم لا؟»

وتلاحظ أنك قد حذفت هذه العبارة الوسطية:

«من الحدّ، هل يوجب ذلك فسقهم أم لا؟ لماذا جرى الحدّ على بعضهم؟ماذا تقول فيمن أمر بقتل عثمان من الأصحاب»

قال الدكتور: أقسم باللّه بأنّي ما تعمّدت حذفها، وما الفائدة في حذفها؟

قلت: إنّك ذكرت في كتابك: «هذه عبارته بنصّها» ولم يكن ما ذكرت نصّ كلامي.

قال: أنا أصلحها إن شاء اللّه.

قلت: كنت قد أرسلت إليكم (فاكساً) وكتبت فيه بعض أشياء ومن جملتها عبارة: «وقد أوجبت رسالتكم الكريمة أن أسبر في الجوامع الروائيّة و... زهاء خمسمائة ساعة» وقد قمتم بنشر هذه العبارة في كتابكم.

وإني شديد العتب عليكم هنا يا دكتور! فإن المطالب التي كتبتها لكم في الرسالة التي بعثتها (بالفاكس) هي مطالب بيني وبينكم ونشرها بهذه الكيفية ليس صحيحاً، ولا يليق صدور ذلك ممن هو مثل جنابكم.

قال: لم أجد في نشرها أي ضرر.

قلت: واضح أن مقصودكم من نشر هذه العبارة بالخصوص هو أن تقول إن فلاناً الأستاذ الجامعي قد بذل خمسمائة ساعة من وقته بينما كتب إليّ خمسين صفحة فقط.

وكلّ من قرأ كتابكم وقرأ هذه العبارة قد اعترض عليّ وعاتبني.

كما إنّي قلتُ: بأنّي أدرّس في بعض الجامعات.

وقد كتبتم بأنّي أدرّس في ثماني جامعات، وكذا وكذا.

يا دكتور، لو تذكر سماحتك حين حضرت في السنة الماضية في جلسة مع عدّة من الدكاترة وأساتذة جامعة طهران، فقلت لنا: ـ وكلامك مسجل وموجود عندي ـ إنّ علماءنا لا يقبلون كلامنا معكم، ومسؤلو الحكومة لا يقبلون منّا ذلك، وإذا علمت الحكومة بأنّي جئتكم لأتكلّم معكم ومع الأساتذة الإيرانيين ربما يتشددون عليّ، ويؤاخذونني.

 فهل يصحّ مني أن أنشر كلامك هذا؟([558]).

ولو نشرت كلامك هذا، أفلا تعترض عليّ بأنّ هذا كلام خاص بيني وبينك فلا يصحّ نشره؟

بغض أهل البيت يعتبر نفاقا

قلت للدكتور الغامدي: إنّك نقلت في كتابك في صفحة 113، روايتين عن الكافي:

الرواية الأولى: روى الكليني عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، أنَّه قال: «فلو أن الرجل من أمتي عبد الله عز وجل عمره أيام الدنيا، ثم لقي الله عز وجل مبغضاً لأهل بيتي وشيعتي، ما فرج الله صدره إلا عن النفاق»([559]).

ثمّ قلتم: رحم اللّه أهل البيت(علیهم السلام) كم لقوا من هؤلاء الكذّابين من الافتراء!!!

فيبدو من كلامك أنك ترفض مضمون هذه الرواية!

يا دكتور! إنّ هذه الرواية مفادها أنّ بغض أهل البيت(علیهم السلام) هو نفاق، ومضمونها مطابق للكتاب; لأنّ أقلّ ما تدلّ آية المودّة عليه([560])، هو أنّ محبّتهم من الإيمان ومن الدين، فمن ينكر محبة أهل البيت فقد أنكر القرآن.

قال الدكتور: هل الرواية صحيحة عندكم؟

قلت: لو كان عندك دليل على ضعف الرواية فاذكره، فنحن أبناء الدليل، ونقبل منك ذلك.

قال الدكتور زماني: برأيي أن مضمون الرواية مقبول عند الدكتور، وهو يعتقد بأنّ حبّ أهل البيت من الإيمان وبغضهم من النفاق; فلم يكن مضمون الحديث كذباً.

أهل البيت يتولون حساب الناس يوم القيامة

أما الرواية الثانية: فمضمونها فيه خلاف بيننا وبينكم.

حيث روى الكليني عن الإمام الكاظم×، أنّه قال: «إلينا إياب هذا الخلق وعلينا حسابهم، فما كان لهم من ذنب بينهم وبين الله عز وجل حتمنا على الله في تركه لنا فأجابنا إلى ذلك، وما كان بينه وبين الناس استوهبناه منهم وأجابوا إلى ذلك، وعوضهم الله عزّ وجل»([561]).

قال الدكتور الغامدي: أنتم تعتقدون بأنّ أهل البيت يحاسبون الناس!

قال الدكتور زماني: إني أرى لو أنك لم تعترض على مضمون الحديث الأول وكان اعتراضك على الحديث الثاني فقط؛ لكان أحسن وأقرب للإنصاف.

قال الدكتور الغامدي: لا شكّ في أن محبّة أهل البيت من الدين، وما من مسلم يكره أهل البيت، ولكنّهم بشر مكلّفون، محاسَبون، معاقَبون.

والقول بأنّهم يتولون حساب البشر، هذا عندنا من الخرافات، فاللّه يحاسب الناس، حتى رسول اللّه’ فهو مثلنا بشر; لأنّ اللّه تعالى يقول: {إنّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ ثُمَّ إنّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم}([562]).

قلت: عندنا أدلّة متعددة على أنّ اللّه تعالى يفوّض حساب الناس إلى الأئمّة(علیهم السلام) يوم القيامة، كما أنّه يفوض توفّي الأنفس للملائكة، يقول تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الاْنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}([563]) ثمّ يقول في آية أخرى: {قُلْ يَتَوَفّاكُم مَلَكُ الْمَوْتِ الذي وُكِّلَ بِكُمْ}([564]).

ولا منافاة بينهما; إذ ملك الموت إنما يتوفّى الأنفس بإذن اللّه تعالى لا مستقلاً عن إرادة الله.

وهكذا بالنسبة لحساب الناس، فإن الله تبارك وتعالى قال: {إنّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم} ومع ذلك يمكن لنا أن نستفيد من السنة النبوية أن الله تعالى قد يفوّض حساب الناس إلى رجل صالح من أهل بيت نبيه’، من الذين جعل مودّتهم من الدين، وهذا ليس غريباً ومستحيلاً وخرافياً.

فنحن نعتقد بأنّ حساب الناس على اللّه تبارك وتعالى، ولكن قد ثبت عندنا بالأدلّة الصحيحة الواردة عن طريق أهل البيت(علیهم السلام) بأنّ اللّه يفوّض حساب الناس إلى الأئمّة، فلا إشكال فيه، إذ عملهم هذا كان بإذن اللّه.

ومن تلك الأدلة التي تثبت هذا المعنى ما ورد عن الصادق×، قال: «إذا كان يوم القيامة وكلنا اللّه بحساب شيعتنا»، وفي رواية أخرى عنه×: «إذا حشر الله الناس في صعيد واحد أجَّل الله أشياعنا أن يناقشهم في الحساب، فنقول: إلهنا هؤلاء شيعتنا، فيقول الله تعالى: قد جعلت أمرهم إليكم وقد شفعتكم فيهم..»([565]).

وما دام الأمر ليس مستحيلاً فلكم أن تسألونا عن أدلّتنا على مدعانا، وإذا أقمنا الدليل عليه، فلكم حينئذٍ المناقشة فيه، وغاية ما يمكن أن يقال لنا: إنّكم اجتهدتم فأخطأتم.

قال الدكتور الغامدي: هذا اجتهاد كبير جدّاً، كيف اجتهدتم بأنّ البشر يحاسب الناس، لا نوح ولا موسى ولا عيسى ولا إبراهيم ولا محمد’ يحاسبون الناس، مع أن الأئمّة يعترفون بأنّهم مخطئون، والسجاد يسأل عن ذنبه كثيراً، كيف يحاسب هؤلاء البشر، فهذا غلوّ.

قلت: يا دكتور، لك أن تناقش في الأدلّة بأسلوب صحيح، فلك أن تطعن في الأدلة لإثبات تلك العقيدة، لكن لا يحق لك أن تقول في عجالة: إنّ هذا من الخرافات، فلو قلت لك: بأنّ تسعين بالمائة من عقائد أهل السنّة خرافات، فهل تقبل منّي ذلك؟ أم تقول بأنّ هذا قول بلا دليل، وتطلب مني الدليل على دعواي؟

قال: إنّ القرآن الكريم واضح الدلالة، يقول إنّ البشر كلّهم محاسبون.

فهل الأئمّة جزء من اللّه، فيقول اللّه: أنا والأئمّة الاثنا عشر كلانا نحاسب الخلق؟!

قال الشيخ المبلغي: هذا كفر، من يقول هذا؟

قلت: يا دكتور! أنا أقول: إنّ الأئمّة يتولون حساب الناس بإذن من اللّه، ماذا تقول؟

قال الدكتور: هل الأئمّة يحاسَبون؟ ومن يحاسبُهم؟

قلت: لا شكّ بأنّ الأئمّة(علیهم السلام) والأنبياء(علیهم السلام) يحاسَبون من قِبَل الله، بمعنى أنّ اللّه تعالى يحاسب الأئمّة، والأئمّة يحاسبون الناس بإذن الله، كما أنّ توفي الأنفس بيد الله تبارك وتعالى، ثمّ ملك الموت يتوفى الأنفس بإذن اللّه وفي الرواية: أنّ وفاة ملك الموت في آخر الأمر بيد اللّه تعالى.

وكما أنّ إحياء الأموات مرتبط باللّه تعالى أصالةً، فهو الذي يحيي وهو الحيّ القيّوم، لكن مع ذلك يقول عيسى×، والذي هو بشر: {وَأُحْيي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ}([566]).

قال الشيخ المبلغي: يمكن أن يقال في تفسير الحساب بأنّ للأئمة(علیهم السلام) مكانة سامية عند اللّه وشفاعة مقبولة، بحيث يصح نسبة حساب الناس لهم بسبب تلك المقبولية وتلك الشفاعة التي لها دخل في الحساب.

قال الدكتور زماني: ويمكن أن يقال: بأنّهم يحاسبون الناس، أي أنّهم ميزان ومعيار لحساب الناس.

ويمكن أن يقال أيضاً: كما قال الدكتور أبو مهدي، بأنّهم يحاسبون الناس حساباً حقيقياً، لكن بإذن وتفويض من اللّه.

وهاهنا سؤال مهم ـ والكلام للدكتور زماني ـ وهو أنه لو اعتقد أحد من الناس بأنّ غير اللّه سيحاسب الناس يوم القيامة، فهل هذا ينسجم مع التوحيد أم لا؟

طبعاً هذا من الشرك بلا شكّ فيما لو اعتقد إنسان بأنّ واحداً من البشر بنفسه ومن دون إذن اللّه هو من سيحاسب الناس.

وأمّا لو اعتقد بأنّ هذه المحاسبة تكون بإذن من اللّه وتفويض منه، سواء كانت هذه العقيدة صواباً أم خطأً، فهذا لا يعد شركاً.

قال الدكتور الغامدي: لا نقول شرك، بل نقول: بأنّ الأئمّة يحاسبون الناس بدل ربّ العالمين هذا شرك.

قلت: يا دكتور، لم ندّع أن الأئمة يحاسبون الناس بدل ربّ العالمين، فمن قال هذا؟ بل كلّ من قال ذلك قصد بأنّهم كانوا في فعل المحاسبة مأذونين من ربّ العالمين.

قال: هذه خرافات، تحتاج إلى الدليل.

قال الدكتور زماني: كلامك هذا جيّد: هذا يحتاج إلى دليل.

فهل سألت إلى الآن عالماً شيعياً، ما هو دليلكم على هذه العقيدة؟

قال: نتكلّم عن النصوص، لا نتكلم عن عقيدة الشيعة.

 قال الدكتور زماني: فثبت بأنّك ما سألت أحداً إلى الآن وما قرأت كتاباً في خصوص هذا الأمر.

 


بحث استطرادي لا يخلو من فائدة

علي× قسيم الجنة والنار

وهذا البحث لم يكن ضمن الحوار لكن نضيفه هنا للفائدة، فنقول: ويمكن أن يستدلّ على إمكان صحة تلك العقيدة بما ورد أنّ علياً قسيم النار والجنّة، كما قال القاضي عياض، في فصل إخباره (صلّى اللّه عليه وآله) عن المغيّبات: «وأخبر بملك بني أمية... وقتل علي، وأنّ أشقاها الذي يخضب هذه من هذه، أي لحيته من رأسه، وأنّه قسيم النّار; يدخل أولياءه الجنّة وأعداءه النار»([567]).

وقال ابن الأثير: «وفي حديث علي (رضي اللّه عنه): أنا قسيم النّار والجنّة»([568])، وذكر الزمخشري في غريب الحديث قريباً مما ذكره ابن الأثير([569]).

وهكذا عن الزبيدي([570]). وابن منظور([571]).

وقال ابن حجر المكي: «أخرج الدارقطني: إنّ عليّاً قال للستّة الذين جعل عمر الأمر شورى بينهم كلاماً طويلاً من جملته: أنشدكم باللّه، هل فيكم أحد قال له رسول اللّه: يا علي، أنت قسيم النّار والجنّة يوم القيامة، غيري؟ قالوا: اللّهمّ لا. ومعناه ما رواه غيره عن عليّ الرضا، أنّه قال له: أنت قسيم الجنّة والنّار، فيوم القيامة تقول للنار: هذا لي وهذا لك»([572]).

قال الكنجي الشافعي: «فإن قيل: هذا سند ضعيف، قلت: قال محمد بن منصور الطوسي: كنّا عند أحمد بن حنبل، فقال له رجل: ما تقول في هذا الحديث الذي يروي أنّ عليّاً قال: أنا قسيم النار؟ فقال أحمد: وما تنكرون من هذا الحديث؟! أليس روينا أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لعلي: لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق؟ قلنا: بلى، قال: فأين المنافق؟ قلنا: في النار، قال: فعلي قسيم النار»([573]).

ورواه أبو يعلى الحنبلي([574]) وغيره بتعابير مختلفة([575]).

ويؤيّد ذلك ما ورد في هذا المضمون في مصادر أهل السنّة، فقد روى الخطيب عن أنس بن مالك، قال: «سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: إنّ على الصراط لعقبة لا يجوزها أحد إلا بجواز من علي بن أبي طالب»([576]).

وروي عن ابن عباس، قال: قلت للنبي (صلّى الله عليه وسلّم): يا رسول الله، للنار جواز؟ قال: نعم، قلت: وما هو؟ قال: حبّ علي بن أبي طالب»([577]).

وقال ابن حجر المكي: «عن أبي بكر بن أبي قحافة، سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز»([578]).

وهكذا ما ورد في تفسير قوله تعالى: {أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ كلّ كَفَّار عَنِيد}([579])، فقد روى الحافظ الحسكاني بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى لمحمد وعلي: أدخلا الجنة من أحبكما، وأدخلا النار من أبغضكما، فيجلس علي على شفير جهنم، فيقول لها: هذا لي وهذا لك! وهو قوله: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كلّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}»([580]).

وروى الكلابي بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة قال الله تبارك وتعالى لي ولعلي: ألقيا في النار من أبغضكما، وأدخلا في الجنة من أحبكما، فذلك قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كلّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}([581]).

وروى قريباً منه القندوزي في ينابيع المودّة([582])، الباب الخامس عشر عن فرائد السمطين([583]).

ومما يؤيّد صحّة حديث «علي قسيم النار والجنة» أنّ مخالفيه وضعوا حديثاً كذباً وهو: أنّ أبا بكر قسيم الجنة والنار، وأرادوا أن يقابلوا به حديثاً معروفاً يحتج به الشيعة. وهذا الوضع علامة من علامات صحة الحديث وثبوته، فلولا صحته لما اضطر البعض إلى وضع حديث في مقابله.

 وكون الحديث المذكور من الموضوعات لا شك فيه:

قال ابن حبان: «أحمد بن الحسن بن القاسم شيخ كوفي كان بمصر يضع الحديث على الثقات... روى عن وكيع بن الجراح، عن سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): إذا كان يوم القيامة نادى مناد من تحت العرش ألا هاتوا أصحاب محمد فيؤتى بأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب قال فيقال لأبي بكر: قف على باب الجنة فأدخل من شئت برحمة الله وادرأ من شئت بعلم الله...» ثم قال ابن حبان: «الحديث موضوع لا أصل له»([584]). انتهى ما أردنا بيانه للفائدة.

عودة إلى الحوار مع الغامدي

بعد أن أثبتنا أن ذلك ليس من الخرافات، كما وصفه الدكتور، وعرفنا أنه من الممكن أن يفوض الله تعالى حساب الناس إلى الأئمة، نعود ونكمل الحوار الذي جرى مع الدكتور الغامدي.

قلت: يا دكتور! لا أدري، هل أخذت هذه الرواية التي استندت عليها من كتاب الدكتور السالوس أو الدكتور القفاري بلا تدقيق في صحتها؟ وأني أعتقد بأنّك لم تقرأ الرواية في كتاب الكافي، لأنّه قد جاء في حاشية هذه الصفحة من كتاب الكافي: «في سنده سهل بن زياد، ضعيف في الحديث، غير معتمد عليه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى شهد عليه بالغلوّ والكذب، وأخرجه من قم إلى الري، وكان يسكنها. نقله العلاّمة في القسم الثاني من الخلاصة عن النجاشي<([585])، وهو القسم المعدّ للضعفاء.

مضافاً إلى أنّ في سند الرواية أيضاً ابن سنان، وهو محمد بن سنان الذي ورد فيه أيضاً تضعيف في الكتب الرجاليّة.

قال النجاشي: «وهو رجل ضعيف جدّاً لا يعوّل عليه، ولا يلتفت إلى ما تفرد به... فقال صفوان: إن هذا ابن سنان، لقد هم أن يطير غير مرة، فقصصناه حتى ثبت معنا. وهذا يدلّ على اضطراب كان وزال... مات محمد بن سنان سنة عشرين ومائتين»([586]).

وقال الشيخ الطوسي: «محمد بن سنان: له كتاب، وقد طعن عليه وضعّف»([587]).

وقال في كتاب الرجال في أصحاب الرضا×: «محمد بن سنان، ضعيف»([588]).

وقال في التهذيب: «محمد بن سنان: مطعون عليه، ضعيف جدّاً، وما يستبد بروايته ولا يشركه فيه غيره، لا يعمل عليه»([589]).

قال الكشّي: «وذكر الفضل في بعض كتبه، أن من الكاذبين المشهورين، ابن سنان، وليس بعبد الله»([590]).

وقال ابن الغضائري: «محمد بن سنان أبو جعفر الهمداني: مولاهم، هذا أصح ما ينسب إليه، ضعيف غال، يضع، لا يلتفت إليه»([591]).

وقال المفيد: «محمد بن سنان وهو مطعون فيه، لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه، وما كان هذا سبيله لا يعمل عليه في الدين»([592]).

قال السيّد الخوئي: «ولولا أن ابن عقدة، والنجاشي، والشيخ، والشيخ المفيد، وابن الغضائري ضعفوه، وأن الفضل بن شاذان عده من الكذابين، لتعين العمل برواياته، ولكن تضعيف هؤلاء الأعلام يصدنا عن الاعتماد عليه، والعمل برواياته»([593]).

فالرواية التي عندنا ليست صحيحة، فكيف لك أن تستدل بها على الشيعة وترتب عليها الأثر؟ ألا يعتبر هذا خطأ في المنهج؟!

قال الدكتور الغامدي: الآن ثبت كلامي، وهو أنّ هؤلاء كذبوا على أئمّة أهل البيت، فنسبوا إليهم حديثاً ما قالوه أصلاً.

قلت: يا دكتور، ليس الأمر كما ذكرت، وهذا ظلم؛ لأنّك ذكرتَ حديثاً واعتمدت عليه دون أن تحقق في سنده، وفرق كبير بين كون الرواية ضعيفة وبين كونها مكذوبة وموضوعة، مع غض النظر عن أن مضمون الرواية ثابت عند الشيعة بغير هذه الرواية.

فلو ذكرنا رواية ضعيفة عن مجمع الزوائد للهيثمي أو عن معجم الطبراني وفي مضمونها معتقد معين ثمّ تهجمنا بسببه على أهل السنّة، فماذا تقولون؟ أيصح هذا من جهة منهجية؟

مضافاً إلى أنّ هذه الرواية التي استندت إليها هي في المجلد الثامن من الكافي المسمّى بالروضة، وهناك خلاف بين علماء الشيعة في كونه للكليني أم لا.

ثمّ قلت: يا دكتور، لو ادّعى أحد بأنّ إنساناً يحيي الموتى وادعى آخر بأنّ إنساناً يحاسب الناس، أيّهما أعظم؟

قال: الأنبياء قد جعل اللّه لهم علامات ومعجزات وأمّا غير الأنبياء فكذِبٌ.

قلتُ: ابن تيميّة يعتقد أنّ عدّة من الأولياء قادرون على إحياء الموتى.

بحث استطرادي آخر

ابن تيمية يعتقد أن غير الأنبياء يحيون الموتى أيضا

هذا البحث خارج عن الحوار أيضاً، وأدرجه هنا للفائدة؛ وهو إثبات أن مسألة إحياء الموتى أو التصرف التكويني في الأشياء هي أمور ليست ممتنعة عقلاً، ولا يختص بها الأنبياء، وقد اعتقد بها حتى مثل ابن تيمية.

قال ابن تيمية: «وقد يكون إحياء الموتى على يد أتباع الأنبياء، كما وقع لطائفة من هذه الأمة ومن أتباع عيسى. فإنّ هؤلاء يقولون: نحن إنّما أحيا اللّه الموتى على أيدينا لاتّباع محمد أو المسيح، فبإيماننا بهم وتصديقنا لهم، أحيا اللّه الموتى على أيدينا»([594]).

وقال أيضاً: «فإنّه لا ريب أنّ اللّه خص الأنبياء بخصائص لا توجد لغيرهم، ولا ريب أنّ من آياتهم ما لا يقدر أن يأتي بها غير الأنبياء، بل النبي الواحد له آيات لم يأت بها غيره من الأنبياء كالعصا واليد لموسى وفرق البحر، فإنّ هذا لم يكن لغير موسى، وكانشقاق القمر والقرآن وتفجير الماء من بين الأصابع وغير ذلك من الآيات التي لم تكن لغير محمد من الأنبياء، وكالناقة التي لصالح فإن تلك الآية لم يكن مثلها لغيره وهو خروج ناقة من الأرض، بخلاف إحياء الموتى فإنّه اشترك فيه كثير من الأنبياء، بل ومن الصالحين»([595]).

وقال أيضاً: «فإنّ أعظم آيات المسيح× إحياء الموتى، وهذه الآية قد شاركه فيها غيره من الأنبياء كإلياس وغيره، وأهل الكتاب عندهم في كتبهم أنّ غير المسيح أحيا اللّه على يديه الموتى»([596]).

رجل من النخع أحيى حماره

قال ابن تيمية: «ورجل من النخع كان له حمار، فمات في الطريق، فقال له أصحابه: هلم نتوزع متاعك على رحالنا، فقال لهم: أمهلونى هنيهة، ثم توضأ فأحسن الوضوء، وصلّى ركعتين، ودعا الله تعالى، فأحيا له حماره فحمل عليه متاعه»([597]).

وصلة بن أشيم أحيى فرسه

وقال أيضاً: «وصلة بن أشيم مات فرسه وهو في الغزو، فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق عليّ منّة، ودعا اللّه عز وجل فأحيا له فرسه، فلمّا وصل إلى بيته، قال: يا بني، خذ سرج الفرس فإنّه عارية وأخذ سرجه، فمات الفرس»([598]).

عودة إلى الحوار مع الغامدي

وبعد هذا نعود لحوارنا مع الدكتور الغامدي:

قلت: يا أخي العزيز، لو اعتقد أحد بأنّ هؤلاء يحيون الموتى من دون إذن اللّه فهذا شرك، ولكن لو اعتقد أنّه يحيي الموتى بإذن من اللّه، كما عن عيسى، فليس هذا شركاً، وهل اللّه عاجز أن يعطي هذه القدرة لواحد من البشر؟

قال الدكتور الغامدي: هذه قضايا غيبيّة لا نصل إليها إلا من طريق الدليل الصريح.

قلت: هناك عبارات كثيرة عن ابن تيميّة أيضاً يصرّح بأنّ أولياء اللّه يعلمون الغيب.

بحث استطرادي أيضا

قول ابن تيمية بأن الصحابة يعلمون الغيب

وهذا أيضاً من البحوث الخارجة عن الحوار، أضعه هنا بين يدي القارئ الكريم للفائدة:

قال ابن تيمية في جواب العلاّمة الحلي: «أمّا الإخبار ببعض الأمور الغائبة فمن هو دون عليّ يخبر بمثل ذلك، فعلي أجلّ قدراً من ذلك، وفي أتباع أبي بكر وعمر وعثمان من يخبر بأضعاف ذلك، وليسوا ممّن يصلح للإمامة ولا هم أفضل أهل زمانهم، ومثل هذا موجود في زماننا وغير زماننا. وحذيفة بن اليمان وأبو هريرة وغيرهما من الصحابة كانوا يحدثون الناس بأضعاف ذلك.

وأبو هريرة يسنده إلى النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وحذيفة تارة يسنده وتارة لا يسنده وإن كان في حكم المسند.

وما أخبر به هو وغيره قد يكون مما سمعه من النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وقد يكون مما كوشف هو به، وعمرL قد أخبر بأنواع من ذلك.

والكتب المصنفة في كرامات الأولياء وأخبارهم مثل ما في كتاب الزهد للإمام أحمد وحلية الأولياء وصفوة الصفوة وكرامات الأولياء لأبي محمد الخلال وابن أبي الدنيا واللالكائي، فيها من الكرامات عن بعض أتباع أبي بكر وعمر، كالعلاء بن الحضرمي نائب أبي بكر وأبي مسلم الخولاني، وبعض أتباعهما وأبي الصهباء وعامر بن عبد قيس وغير هؤلاء»([599]).

الكهان يعلمون الغيب بإخبار الشياطين

وقال أيضاً: «وأمّا إخبار الكهّان ببعض الأمور الغائبة لإخبار الشياطين لهم بذلك وسحر السحرة، بحيث يموت الإنسان من السحر أو يمرض أو يمنع النكاح ونحو ذلك، مما هو بإعانة الشياطين، فهذا أمر موجود في العالم كثير معتاد يعرفه الناس، وليس هذا خرق للعادة، بل هو من العجائب الغريبة التي يختصّ بها بعض الناس...»([600]).

وما دام الكهّان يعلمون الغيب بإخبار الشياطين، فهذا يعني أن للشياطين قدرة على معرفة الغيب، ومن هنا يقال: لماذا لا يكون للملائكة هذه القدرة وهم بدورهم يخبرون الأئمة أو غيرهم من الأولياء؟

المدعون للنبوة يطلعون على المغيبات

وقال ابن تيميّة: «قد ادعى جماعة من الكذّابين النبوة وأتوا بخوارق من جنس خوارق الكهّان والسحرة:... وهذا الأسود العنسي الذي ادعى النبوة باليمن في حياة النبي واستولى على اليمن، وكان معه شيطان سحيق ومحيق، وكان يخبره بأشياء غائبة» إلى أن قال: «وكذلك الحارث الدمشقي ومكحول الحلبي وبابا الرومي لعنة اللّه عليهم، وغير هؤلاء كانت معهم شياطين كما هي مع السحرة والكهّان»([601]).

وقال أيضاً: «وكذلك مسيلمة الكذّاب كان معه من الشياطين من يخبره بالمغيّبات ويعينه على بعض الأمور، وأمثال هؤلاء كثيرون مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان وادعى النبوة، وكانت الشياطين تخرج رجليه من القيد وتمنع السلاح أن ينفذ فيه، وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده، وكان يرى الناس رجالاً وركباناً على خيل في الهواء، ويقول: هي الملائكة، وإنما كانوا جنّاً ولما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه الطاعن بالرمح فلم ينفذ فيه، فقال له عبد الملك: إنك لم تسم اللّه فسمّى الله فطعنه فقتله»([602]).

وقال أيضاً: «ومن استمتاع الإنس بالجن استخدامهم في الإخبار بالأمور الغائبة»([603]).

اطلاع ابن تيمية على المغيبات

إخبار ابن تيمية عن هزيمة جيش التتار

قال ابن القيم الجوزيّة، تلميذ ابن تيميّة: «ولقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية أموراً عجيبة، وما لم أشاهده منها أعظم وأعظم، ووقائع فراسته تستدعي سفراً ضخماً، أخبر أصحابه بدخول التتار الشام سنة تسع وتسعين وستمائة، وأنّ جيوش المسلمين تكسر، وأنّ دمشق لا يكون بها قتل عام ولا سبيّ عام، وأنّ كلب الجيش وحدته في الأموال: وهذا قبل أن يهمّ التتار بالحركة، ثمّ أخبر الناس والأمراء سنة اثنتين وسبعمائة لمّا تحرك التتار وقصدوا الشام: أنّ الدائرة والهزيمة عليهم وأنّ الظفر والنصر للمسلمين، وأقسم على ذلك أكثر من سبعين يميناً، فيقال له: قل إن شاء اللّه، فيقول: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً»([604]).


اطـلاع ابن تيمية على اللوح المحفوظ

قال ابن تيمية أيضاً: «فلما أكثروا عليّ قلت: لا تكثروا، كتب اللّه تعالى في اللوح المحفوظ: إنّهم مهزومون في هذه الكرة، وأنّ النصر لجيوش الإسلام.

قال: أطعمت بعض الأمراء والعسكر حلاوة النصر قبل خروجهم إلى لقاء العدوّ، وكانت فراسته الجزئية في خلال هاتين الواقعتين مثل المطر»([605]).

 ابن تيمية يعرف بواطـن أصحابه

قال ابن القيمّ الجوزيّة: «وقال [ابن تيمية] مرّة: يدخل عليّ أصحابي وغيرهم فأرى في وجوههم وأعينهم أموراً لا أذكرها لهم، فقلت له: أو غيري لو أخبرتهم؟!

فقال: أتريدون أن أكون معرفاً كمعرف الولاة، وقلت له يوماً: لو عاملتنا بذلك لكان أدعى إلى الاستقامة والصلاح! فقال: لا تصبرون معي على ذلك جمعته أو قال: شهراً!»([606]).

إخبار ابن تيمية بأمور باطـنة عن ابن القيم

قال ابن القيم الجوزية بعد ذلك: «وأخبرني غير مرة بأمور باطنة تختص بي ممّا عزمت عليه، ولم ينطق به لساني، وأخبرني ببعض حوادث كبار تجري في المستقبل، ولم يعين أوقاتها وقد رأيت بعضها، وأنا أنتظر بقيتها وما شاهده كبار أصحابه من ذلك أضعاف أضعاف ما شاهدته، واللّه أعلم»([607]).

انتهاء الحوار مع الدكتور الغامدي

وفي آخر الجلسة أعطيت الدكتور نسخة من كتاب (قصّة الحوار الهادئ)، وهي النسخة التي لم تطبع، وقلت له: لو كانت عندك أي ملاحظة أرسلها إليّ حتى أدخلها في الكتاب قبل طباعته، ولكن إلى الآن لم تصلني أي ملاحظة منه.


 






تحليل ونقد شبهات كتاب الحوار الهادئ

§       تمهيد

§       ملاحظات منهجية ومسائل أخرى

§       مقارنة بين كتابي الكافي وصحيح البخاري

§       حوار حول عقيدة التقية والبداء

§       حوار حول الآيات الذامة لبعض الصحابة

§       حوار حول النفاق والمنافقين

 

 


تمهيد

ذكرنا سابقاً بأنّ بداية الحوار كانت في الليلة السادسة عشر من شهر رمضان المبارك عام 1423هـ، حيث ذهبت برفقة عدد من طلاب جامعة أم القرى إلى محل إقامتهم وسكناهم، وبعد أن تناولنا الطعام توجهنا إلى أحد المساجد لأداء صلاة العشاء، فصليت العشاء جماعة ولم أشترك في أداء صلاة التراويح؛ لعدم اعتقادي بمشروعيتها، فانشغلت بقراءة القرآن.

وبعد أن أتموا صلاة التراويح، توجهنا، وكنت أظنّ أننا ذاهبون إلى الشيخ محمد بن جميل بن زينو, لكننا فعلاً ذهبنا إلى بيت الشيخ الدكتور أحمد الغامدي، وهو من الأساتذة البارزين في جامعة أم القرى.

ثم بعد الترحيب تجاذبنا أطراف الحديث حول بعض المسائل الخلافية بين السنة والشيعة، وكان من تلك المسائل مسالة الإمامة والتقية وولادة الإمام المهدي× وبيعة الإمام علي× والتكفير، وغيرها من المسائل التي سنعرضها للقارئ الكريم.

وقد استمر الحوار إلى ساعة متأخرة من الليل، وبعد انتهاء اللقاء أصرّ الدكتور الغامدي على استمرار التواصل بيننا في المستقبل، وطلب مني أن اكتب له أسئلة لكي يجيب عنها عبر (الفاكس) بشكل مكتوب، وبعد أن ودعته ورجعت إلى مقر إقامتي في الفندق كتبت له بعض الأسئلة المختصرة نزولاً عند رغبته في ذلك، واختصت ببعض المسائل التي تدور حول الصحابة.

وعند وصول أسئلتي إليه كتب الدكتور جواباً عنها وأرسلها إلي عبر (الفاكس)، فشكرته على ذلك في رسالة جوابية، لكن لكثرة انشغالاتي بالتدريس والتحقيق لم أتمكن من الرد على أسئلته التي تضمنتها رسالته، وبقيت تلك الأسئلة في حوزتي على أمل أن أجيب عنها حين يتوفر لي الوقت الكافي، وقد حاولت جاهداً أن اقتطع من وقتي لكي أرد عليها، وفاءً للمودة التي حصلت بيننا، ولرفع بعض الإشكالات والالتباسات التي حوتها رسالته التي أرسلها إليّ، فبدأت بالرد على ما أرسله، وحرصت على أن تكون أجوبتي على تساؤلاته موضوعية مدعومة بالأدلة والشواهد، ومتبعاً فيها المنهج العلمي الصحيح في الحوار والمحاججة، وأن يكون أسلوب الرد أسلوباً منسجماً مع آداب المناظرة والحوار.

فكتبت ردّاً هو عبارة عن رسالة مختصرة ـ ذكرناها سابقاًـ وأرسلتها إليه عن طريق بعض الأخوة الذين ذهبوا إلى السعودية.

وبعد مضي مدة معينة، ما يقارب السبعة أشهر، سلّمني الدكتور ردّاً مفصلاً على شكل كراسة كرد على ما أرسلته له، وقد اختزل في ذلك الرد ما دار بيننا فيه من حوار ولقاءات شفوية، وكانت لغة الرد لغة قاسية ولم تكن ودّية على الإطلاق، بخلاف ما لمست من أخلاق سامية يمتاز بها الدكتور.

ثمّ التقيته في بيته في سنة 1426هـ بمعية الأستاذ الهادوي وكلزاده، واعترضت على الدكتور قائلاً: إنّ ما أرسلته إليّ من الردود والحوارات لم تكن هادئة أصلاً، مضافاً إلى أنك قد حرّفت ما جرى بيني وبينك في لقائنا الأول في بيتك، وفسرته بما يفيدك وحذفت ما يضرك.

فقال: اذكر لي مورداً مما ادعيته.

قلت: إنك لما أوردت على اعتقاد الشيعة في مسألة التقية، وأجبتك عن ذلك رفعت يديك قائلاً: قبول! قبول!

ثم رميت ما كان بيدك من أوراق مصورة عن كتاب الكافي.

فخجل الدكتور وكان ذلك بحضور أولاده.

وفي غمرة انشغالاتي في البحوث والتدريس في الجامعة والحوزة، بالإضافة إلى بعض الانشغالات الاجتماعية الأخرى لم أتمكن من تخصيص وقت أجيب فيه على أسئلة الدكتور التي كانت بحاجة إلى وقت يتناسب معها.

وقد ساءني كثيراً حين رأيت هذه الحوارات قد وضعت في أكثر من موقع من مواقع الانترنيت والتي تعدّ من المواقع المتطرفة ضد الشيعة.

 واستغربت أكثر حين رأيت أن تلك الحوارات قد أخذت منحى آخر، وذلك حين صدرت على شكل كتاب باسم (حوار هادئ مع الدكتور القزويني الشيعي الاثني عشري)، وقد وصلتني نسخة من الكتاب، وتصفحتها، فوجدت أن الدكتور قد خالف في كتابه هذا أهم مبادئ الحوار وأسس المناظرة، أهمها:

أولاً: لم يكن الحوار هادئاً

إنّ عنوان الكتاب لا يكشف عن مضمونه، فلم يكن الحوار فيه هادئاً، بل كان مشحوناً في بعض مواضعه بالإثارة والاستفزاز للطرف الآخر.


ثانياً: عدم رعاية الأمانة العلمية

افتقد الكتاب إلى أبسط مقومات البحث العلمي، وهو رعاية الأمانة العلمية في النقل, والتي هي من أوليات أسس الكتابة والحوار, فضلاً عن كون ذلك من أخلاق الإسلام ومبادئه, فقد حذف الكاتب في كتابه المذكور أصل الحوارات التي دارت بيننا، وقام باختزالها؛ مع أن تلك الحوارات كانت من الأهمية بمكان، وقد أظهر الدكتور في كثير منها عجزه وعدم قدرته على الرد.

ثمّ إنه لم ينقل في كتابه (حوار هادئ) رسالتي الأخيرة التي أرسلتها إليه بتمامها أولاً، ثمّ يبدأ بنقدها والردّ عليها، لكنه مع الأسف اختار وانتقى ما شاء، وحذف الكثير مما جاء فيها, ليبدو ما اقتطعه من سياقه العام ضعيفاً في نظر القارئ; وهذا خلاف الأمانة العلميّة، ولايليق بمسلم فضلاً عن أستاذ جامعي.

ثالثاً: تضمن ادعاءات غير مستندة إلى دليل

إن الذي يقرأ كتاب (حوار هادئ) يلاحظ فيه الكثير من الدعاوى الخالية من الأدلة العلمية، نشير فيما يلي إلى بعضها:

1ـ قال في صفحة 77 من كتاب حوار هادىء الطبعة الأولى: «إنّ المطلع على جميع كتب الشيعة بدون استثناء لا يرى إلاَّ التكفير أو التفسيق لهؤلاء العظماء».

2ـ قال أيضاً في صفحة 55: «ولم يبقَ منهم [أي الصحابة] أحد لم يُكفَّر أو يُفسّق إلاَّ أربعة أشخاص».

3ـ قال في صفحة 66: «إنّ ادعاء كفر الصحابة أو فسقهم أو خيانتهم عن بكرة أبيهم ما عدا أربعة أشخاص أشد غرابة من القول بعدالتهم».

4ـ في صفحة 84 قال: «ولمَّا كان معتقد الشيعة أنَّ جميع الصحابة كفروا أو فسقوا إلاَّ أربعة أشخاص أو نحوهم فلم يبقَ إذن إلاَّ ذلك العدد».

5ـ قال في صفحة 145: «كتب الشيعة الروائية لا يكاد يخلو كتاب من كتب الآثار المروية في العقائد أو التفاسير أو الرجال من تضليل الصحابة أو تكفيرهم إلاَّ أربعة أشخاص».

6ـ قال في صفحة 222: «هذا الجزء اليسير [أي الشيعة] اختار تكفير جميع الصحابة أو تضليلهم ما عدا أربعة أشخاص».

أقول: إنّ هذا الكلام على إطلاقه عار عن الصحة، فالشيعة ـ على ما سياتي في بحث نظرية عدالة الصحابة في الأجزاء اللاحقة ـ يعتقدون بعدالة الكثير من الصحابة، نعم في الوقت ذاته يعتقدون بأن هناك جملة منهم لم يكونوا على خط العدالة، وهذا المضمون أيضاً مما يلتزم به الغامدي عملاً في كتابه هذا وإن كان نظرياً يصرح بعدالة جميع الصحابة.

 ومن نماذج التزامه العملي بعدم عدالة الجميع:

أـ قوله في صفحة 74: «ثمّ إنّ الناس الذين لم يتربوا على مائدة النبوة ممَّن أسلم من أهل القرى والبوادي البعيدة اهتز إيمان كثير منهم، وجَهِل كثير منهم فرائض الدين، فحدثت رِدَّة عن دين اللّه عزّ وجل من بعضهم، وامتناع عن دفع الزكاة من البعض الآخر، ولم يبقَ على الدين سوى ثلاث مدن: (المدينة، ومكَّة، والطائف)، وما عداها فقد أعلنوا عصيانهم».

فهل أنّ المرتدّين الذين يعيشون في غير هذه المدن الثلاث من الصحابة أم لا؟!

ب ـ ما نقل في صفحة 75 عن ابن كثير للاستدلال على ما ادّعِي في العبارة الآنفة, وهو قوله: «وقد ارتدَّت العرب إمَّا عامة وإمَّا خاصة، في كلّ قبيلة...ثمَّ إنّ الصدِّيق (رض) أخذ يجهِّز الجيوش لحرب المرتدِّين».

ج ـ قوله في صفحة 244 ـ 245: «وقد حدثت ردة بعد موت النبيّ من كثير من العرب ثمَّ إن اللّه عزّ وجل أقام أبا بكر (رضى الله عنه) لهذه الردة ومعه إخوانه من عظماء الصحابة، فقاتلوا المرتدين حتَّى أعادوهم إلى الدين.

فإن قال الشيعة: إنّ الردة قد وقعت وهي هذه وأقروا بالحقيقة فقد اعترفوا بفضل الصدِّيق (رضى الله عنه).

وإن أنكروا فلا يستحقون المناظرة لأنَّ إنكار البديهيات يسقط أهلية المخالف للحوار».

فهل أن هؤلاء المرتدين، كانوا من الصحابة العدول ثمّ ارتدّوا أم من غيرهم؟

رابعاً: عبارات التنقيص للإمام علي× في الكتاب

قلتم في صفحة 180ـ في معرض الكلام حول حديث الحوض، وقول النبيّ’ بأنّ بعض الصحابة يرتدّون على أعقابهم من بعده ـ: «لو أراد شخص أن يحمل هذا الحديث على عليّ (رضى الله عنه) فقال: إنّ علياً هو المقصود بالحديث ولفظه دال عليه، وأنتم قد أوردتم النص من الصحيحين وفيه: أنَّ النبيّ قال: (إنَّهم منِّي). صحيح البخاري: 7/207، ومسلم: 7/65. وهذا اللفظ يدل على أنَّ المقصود من أهل بيتي لأن لفظة: (منِّي) لا تحتمل غير هذا. وفي رواية أسماء: (فأقول: يارب: منِّي ومن أمَّتي) صحيح البخاري: 7/209، ومسلم: 7/66. وهذا دليل على عليّK وعلى الذين قاتلوا معه فأراقوا الدماء بغير حق!! فهل تستطيع أن ترد على هذه الدعوى بغير الاستدلال بمن اعتقدت أنَّهم ارتدوا؟؟!!».

ألا يكون الاستدلال بهذه العبارة حكماً واضحاً بارتداد علي×؟! فإن اعتقادك بصحة الرواية من جهة، وإيمانك بأن لفظة (منّي) في الحديث لا تحتمل غير أهل البيت(علیهم السلام)، لا معنى له إلا الحكم على أهل البيت وعلى علي× بالخصوص بالارتداد, وهذا هو النصب والعداء بعينه.

من هنا وجدنا من الضروري أن نقوم بالرد على ما كتبه الدكتور الغامدي لنزيل بعض الشبهات التي أثارها، ولنكشف مدى ضعف الأدلة التي ساقها واستشهد بها؛ ولذا سوف نشرع بالتحليل لشبهاته ثم نقدها وفق المعايير العلمية.


 

 

 

 

 



ملاحظات منهجية على كتاب حوار هادئ
ومسائل أخرى


تمهيد

تضمن كتابكم الكثير من الأخطاء المنهجية, وذكرتم فيه أموراً لا واقعية لها؛ لذا كان لا بدّ من بيان بعض الملاحظات المهمة تتعلق بأسلوب الحوار, ومن ثم نتبعُها بأجوبة بعض المسائل المتفرقة التي وردت في الكتاب:

المنهج الخاطئ في الحوار والاحتجاج

قلتم: إن جميع شبهات الشيعة قد أجيب عليها!

ذكرتم في ص34: «إنّ الشبه التي أثارها الشيعة لا تكاد توجد شبهة منها لم يتصدَّ لها علماء السنّة بالبيان، فقد ظهر عشرات المؤلفات، وإن كان أسلوب بعضها فيه شدة؛ لكنها قابلت إفراطاً واعتداءً من المخالف ومجازفات في الدعاوى لم يتمالك معها بعض العلماء أنفسهم أثناء ردودهم عليها، ومن أوسع ما كتب في ذلك كتاب (منهاج السنة)».

الجواب

أولاً: لا أدري كيف تسمّي الاحتجاج بالصحاح من كتبكم شبهاً؟

وليس المهم أن يتصدى علماء السنة للرد، وإنما المهم أن يكونوا قد أجابوا عنها جواباً علمياً صحيحاً منسجماً مع أسس الحوار والموضوعية، مع أننا لم نجد ـ بحسب ما تتبعناه في هذا المجال ـ كتاباً واحداً يتناول الأدلة والبراهين الشيعية بذلك المستوى المذكور.

ثانياً: أن أغلب الكتب المؤلفة في مجال الرد والحوار أو المناظرات ابتعدت عن روح الموضوعية والبحث العلمي، واتسمت بمنهج التشنج والانفعال والتحامل والعداء، مملوءة بعبارات الشتم والسب والتجريح والافتراء وكيل التهم والرمي بالبدعة والإلحاد والتكفير، ولكي يقف القارئ والباحث على هذه الحقيقة يكفيه مطالعة سريعة لعناوين الكتب التي ألّفها علماء المذهب الوهابي ضد الشيعة الإمامية في الفترة الأخيرة، من قبيل كتاب: (الشيعة الروافض طائفة شرك وردة)، و(خيانات الشيعة) و(اذهبوا فأنتم الرافضة)، و(حقيقة الشيعة حتى لا ننخدع)، و(وجاء دور المجوس) إلى غير ذلك من العناوين التي تحمل روح الحقد والعداء، وتفصح عما يكنه القوم من ضغائن أذكى نارها وزاد أوارها ابن تيمية، الذي أسس لمنهج التكفير والعداء، ومنه انطلقت صيحات التكفير وقتل المسلمين وإبادتهم.

ولازال المسلمون يدفعون ضريبة ذلك، وما نراه اليوم من مشاهد القتل على الهوية ليس إلا نتيجة طبيعية لذلك الفكر المنحرف الذي ابتدعه ابن تيمية في الإسلام، ويؤسفنا أنك لم تستطع التحرر عن هذا المنهج المتطرف، حيث طفح كتابكم ـ الذي لم يكن حواراً هادئاً ـ بألفاظ التجريح والتوهين تصريحاً أو تلميحاً، والتي أجهزت على ما كنت أتوسمه فيكم من الاعتدال والموضوعية.

ثالثاً: أنّ ما ذكرناه من منهج ابن تيمية وأتباعه واعترفتم به في ثنايا كلامكم يتنافى مع أسلوب الحوار والمناظرة في مسائل الخلاف الذي صرح به القرآن الكريم، المبني على الإنصاف في تحري الحقائق وروح النصح في مجال الهداية، قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}([608])، وقال عزّ وجل: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}([609])، وهذا المنهج القرآني السوي افتقدته كتبكم التي اختصت بهذا المجال.

رابعاً: وأمّا كتاب منهاج السنّة لابن تيمية، الذي دعوتني إلى قراءته بتأمل، فيجيبك عنه ابن حجر العسقلاني، حيث قال في تقييمه للكتاب: «لكن وجدته كثير التحامل إلى الغاية في ردّ الأحاديث التي يوردها ابن المطهر، وإن كان معظم ذلك من الموضوعات والواهيات، لكنه ردّ في ردّه كثيراً من الأحاديث الجياد التي لم يستحضر حالة التصنيف مظانها؛ لأنه كان لاتساعه في الحفظ يتكل على ما في صدره، والإنسان عامد للنسيان، وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدّته أحياناً إلى تنقيص عليL»([610])، وهذه شهادة صريحة من أحد كبار أعلام السنة في الطعن بكتاب السنة لابن تيمية، وهو يشير إلى أمرين مهمين يكفي أحدهما لإسقاط اعتبار الكتاب:

الأمر الأول: ردّه الكثير من الأحاديث الجياد، وهو دليل على جهله، أو عدم أمانته وعظيم جرأته في ردّ حديث رسول الله’، وشدة تعصبه وتحامله وميله عن الحق.

الأمر الثاني: تنقيص علي بن أبي طالب×، وهو دليل على نصبه وعداوته لعلي×، وحسبك هذا موبقة ومهلكة لصاحبها، حيث صح عن رسول الله أنه قال لعلي×: «لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»([611]).

مضافاً إلى أن الكثير من علماء أهل السنة ومحدثيهم وفقهائهم قد تنبهوا لخطورة منهجه وزيغه عن الإسلام، فوقفوا بإزائه موقفاً قوياً رادعاً فحكموا عليه بأشدّ الأحكام، مما أدى إلى رميه في السجن والتضييق عليه، حتى مات في أثر ذلك.

قلتم: الشيعة تعتمد على مصادر من الدرجة الثالثة

جاء في ص35, قولكم: «فقد اتجهتم إلى كتب التواريخ ومصادر تعتبر من الدرجة الثالثة عند أهل السنة، وتركتم المصادر المعتمدة، وخاصة الصحيحين».

الجواب

أولاً: أنّ ما ادعيتموه من عدم اعتمادنا على الصحيحين جانبتم فيه الحقيقة والإنصاف، فإنّ رسالتنا التي بعثناها إليكم حفلت بالاعتماد على الصحيحين، لاسيما في المباحث الأساسية من مسائل الخلاف، ويكفي القارئ مطالعة سريعة لهذا الجزء من الكتاب، مع الرسالة المرفقة، ليقف على صحة ما ذكرناه وبطلان ما ادعيتموه.

ثانياً: كان من الأنسب لك أن تلتزم في كتابك بما تطالب به الآخرين؛ إذ إننا وجدناك تارة تحتج علينا بما جاء في كتبكم، وهو ما يخالف المنهج الصحيح في الاحتجاج والمناظرة كما هو مسلك أهل التحقيق، وتارة أخرى تتشبث ببعض الروايات الشاذة والضعيفة أو المرسلة الواردة في بعض مصادرنا، كما سيقف القارئ على مواضعها في معرض الإجابة والردّ.

مضافاً إلى ما استشهدت به من أقوال الخصوم والمغرضين أو المجاهيل، وهذا إنما يكشف عن خلل كبير في منهج البحث عندكم، مما يفضي إلى خلل في النتائج.

ثالثاً: أنّ السنّة النبوية المباركة هي أجل وأعظم من أنْ يحويها ويستوعبها كتابا البخاري ومسلم، فإن هناك الكثير من الروايات والأحاديث التي صرح البخاري ومسلم بصحتها لم يدرجوها في كتابيهما، وقد نقل ابن حجر في كتابه التغليق أن البخاري كان يقول: «ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صحّ وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب»([612]).

وقال الحازمي: «فقد ظهر أن قصد البخاري كان وضع مختصر في الحديث وأنه لم يقصد الاستيعاب لا في الرجال ولا في الحديث»([613]).

وأما بالنسبة إلى مسلم فقد صرح بهذه الحقيقة في صحيحه في باب التشهد في الصلاة، من كتاب الصلاة؛ وذلك عندما سأله أبو بكر ابن أخت أبي النظر عن حديث أبي هريرة في هذا الباب، فأجابه قائلاً: «هو عندي صحيح، فقال: لِمَ لم تضعه هاهنا؟ قال: ليس كلّ شيء عندي صحيح وضعته ها هنا، إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه»([614]).

وذكر النووي في شرحه على صحيح مسلم، أن مسلماً قال: «إنما أخرجت هذا الكتاب وقلت: هو صحيح، ولم أقل: إنّ ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب فهو ضعيف، وإنما أخرجت هذا الحديث من الصحيح»([615]).

والتعابير في هذا المجال كثيرة، وكلها صريحة في أن السنة الصحيحة لم يجمع منها في الصحيحين إلا النزر اليسير، وقد جمعت تلك الأحاديث في المجامع الحديثية الأخرى، فالعمدة في قبول رواية أو ردّها هو صحّتها، سواء وجدت في الصحيحين أو في أي كتاب آخر من كتب الأحاديث، كالمسانيد والسنن.

وأما تقسيم الكتب على درجات ومراتب([616])، فهو وإنْ أشار إليه بعض علمائكم، إلاّ أنه لا معنى له بعد أن كان الأساس في الاعتماد على الحديث أو تركه هو صحته أو ضعفه، وقد حاولنا في رسالتنا التي بعثناها إليكم أن نعتمد في أسس المسائل الخلافية على الصحيح والمعتبر من الروايات.

ثم إنه لا أدري كيف تسوغ لنفسك أن تحصر العلم وسنة النبي بالصحيحين، ويضيق صدرك بما تعتقده الشيعة من أنّ النبي اختص علياً× بعلمه، وأن الصحابة كانوا يرجعون إليه فيما أشكل عليهم في مسائل العقيدة والأحكام الشرعية؟!!

رابعاً: أنّنا وإن كنا لا نعتمد بالدرجة الأساس على كتب التاريخ في معرفة الحقيقة، ولكن ليس من الصحيح علمياً إسقاطها من مصادر المعرفة؛ ولذا نجد أن للتاريخ علمه ومناهجه الخاصة، وقد اهتمت به المراكز العلمية منذ القدم، وأسست لدراسته أقساماً وفروعاً في شتى الجامعات والمعاهد، وليس ذلك إلا لدور التأريخ البالغ في رسم بعض معالم الحقيقة.

ولو لم يكن التاريخ وعلمه منتجاً في الوقوف على بعض الحقائق لأصبحت دراسته لغواً وعبثاً، وللزم من ذلك إسقاط جميع كتب التاريخ بما فيها تاريخ الطبري وابن كثير وابن الأثير وابن عساكر وتاريخ الذهبي والعواصم من القواصم وغيرها من كتب التاريخ التي لها مكانتها الخاصة في المذهب السنّي.

خصوصاً وأن الكثير من كتب التاريخ تعتمد على منهج أهل الحديث في نقل الروايات، كذكر أسانيدها وطرقها وتصحيحها في كثير من الأحيان والتعرض لرواتها في النقد أو التوثيق، نظير تاريخ الخطيب البغدادي وتاريخ ابن كثير وغيرها.

أضف إلى ذلك؛ أن بعض الحوادث التاريخية أو جملة من الروايات المذكورة فيها وإن كانت ضعيفة على منهج أهل الحديث إلاّ أنها تصلح كقرينة وشاهد تضم إلى الروايات والقرائن الأخرى، فيقوّي بعضها بعضاً، وتشكل بمجموعها دليلاً يورث الاطمئنان بثبوت حقيقة من الحقائق، لها تأثيرها المباشر على المعارف الدينية بما فيها العقائد.

وهذا هو المنهج الصحيح في التعامل مع كتب المعرفة الدينية لا منهج الإسقاط والإلغاء من الأساس.

قلتم: الشيعة أعرضت عن الأحاديث الصحيحة المادحة للصحابة

جاء في ص35 قولكم: «ثمّ توسعتم في الاستدلال بالأحاديث الضعيفة، وأعرضتم عن الأحاديث الصحيحة التي تثني على أصحاب رسول الله».

الجواب

أولاً: أنّ اتهامك لنا بالاعتماد على الأحاديث الضعيفة جانبت فيه الصواب كثيراً، ونترك الحكم في هذه النقطة إلى القارئ الكريم ليرى مدى بطلان ما ذكرتموه.

ثانياً: أننا لم نجد حديثاً صحيحاً على قواعدكم يثني على جميع الصحابة، ولو كان هناك حديث في هذا المجال فلا بأس بتزويدنا به.

وسيأتي في الجزء الثالث أنّ الأحاديث التي يستدلّ بها على عدالة الصحابة أجمع غير تامّة الدلالة.

قلتم: إبطال الآيات المادحة للصحابة كان وفق اعتقاداتكم

جاء في ص35 قولكم: «ثم أبطلتم دلالات الآيات التي تثني على الصحابة أو قيدتموها لتتفق مع معتقداتكم».

الجواب

إنّني لم أقيّد الآيات المادحة لبعض الصحابة من تلقاء نفسي، وإنما هي مقيدة بنفسها؛ إذ لم نجد ـ كما ذكرنا وسيأتي أيضاً ـ آية واحدة مطلقة تثني على جميع الصحابة، فإن كانت هناك آية مطلقة ومتفق على إطلاقها فنرجو أن تطلعونا عليها.

وأما ما ذكرتموه في كتابكم من آيات زعمتم أنها مطلقة وشاملة لجميع الصحابة، فمضافاً إلى أننا أجبنا عنها في رسالتنا، فسنجيب عنها مفصلاً في كتابنا هذا([617]).

قلتم: أوهمتم القارئ بأن أكثر الصحابة أو كلهم منافقون

ذكرتم في ص35, ما نصّه: «ثمّ أوهمتم القارئ بأن أكثر أصحاب النبي منافقون إن لم يكن جميعهم، ثم أوهمتم القارئ بأنه لا يمكن معرفة المؤمنين من المنافقين على عهد رسول الله... إلى آخر الاستدلالات الانتقائية».

الجواب

أولاً: لماذا يا أخي هذا التجني والافتراء؟!

وأين تلك العبارة التي توهم بأنّ أكثر أصحاب النبي’ منافقون؟!

ونحن، وإن كنا نعتقد أن المنافقين كانوا يشكلون طائفة كبيرة في مجتمع الصحابة، كما دلّت على ذلك الآيات والروايات، على ما ستأتي الإشارة إليه لاحقاً([618])، ولكن لا نعتقد أنّ أكثر أصحاب النبي’ أو جميعهم منافقون ـ كما اتهمتنا ـ فإن هذا لا يؤمن به مسلم منصف، كيف ذلك وفيهم النجباء والأخيار والمجاهدون والشهداء؟!

ثانياً: أنّ مسألة عدم معرفة المنافقين في عهد رسول الله’ سيأتي الحديث عنها لاحقاً، حيث سنذكر في محلّه ـ بحسب مصادركم ـ إنّ الله تعالى لم يطلع نبيه الأكرم’ على جميع المنافقين، وإنما كان يعرف بعضهم([619]).

ثالثاً: وأمّا اتّهامكم لنا بانتهاج أسلوب الانتقاء في الأخذ من مصادركم، يفصح عن عدم معرفتكم بأساليب الاحتجاج والمناظرة في مسائل الخلاف؛ فإنّ مقتضى ذلك أنّ الخصم إذا أراد أن يلزم الطرف المقابل بأحقية ما يعتقد بت أو يبرز مواضع الخطأ والتناقض في عقيدة الخصم، أن يتمسك ويحتج بما يصح عند خصمه، ولا يعد هذا انتقاء.

قلتم: تركتم الصحيح المادح للصحابة وتمسّكتم بالضعيف الموضوع

ذكرتم في ص35ـ 36: بأنّ «الواقف على رسالتكم يرى منهجاً غريباً... فقد تركتم المراجع الأصلية عند أهل السنة والأحاديث التي تثني على عظماء الصحابة وتزكيهم... ثمّ عمدتم إلى أحاديث ضعيفة أو موضوعة تزعم وجود وصية خانها هؤلاء».

ثمّ أوردتم روايات في مدح أبي بكر (رض) كنموذج لذلك.

الجواب

أولاً: ذكرنا لكم أنّ هذا ليس من الانتقاء في شيء، بل هو ما يقتضيه منهج الاحتجاج في المناظرة, ولم نتمسّك بالأحاديث الضعيفة, بل كان استدلالنا قائماً على ما يصحّ عندكم وفق الأسس والقواعد الصحيحة.

ثانياً: ما ذكرتموه من أحاديث في مدح أبي بكر من كتبكم، ليس من الصحيح ـ حسب ما قررناه من المنهج في الاحتجاج ـ أن تحتج بها علينا، لأننا لا نعتقد بصحة هذه الأحاديث؛ لأنها لم ترد من طرقنا.

ثالثاً: أمّا ما أوردته من روايات المدح في بعض كتبنا، فهي عبارة عن روايات ضعيفة جداً وفق القواعد الحديثية والرجالية عندنا، مضافاً إلى خلو الكثير منها عن عبارات المدح.

رابعاً: لا يخفى عليكم أنّ مسألة تدوين الحديث مرّت بمراحل وتقلبات متباينة، فقد منع الحديث والتدوين ما يقارب قرن من الزمان، ثم دون الحديث تحت إشراف ورعاية السلطة الأموية بكل ما تحمله من حقد وعداء لعلي وأبنائه(علیهم السلام) وشيعته، فعمدوا إلى طمس فضائلهم، ونقل الأحاديث التي وردت في حقهم وفضلهم إلى غيرهم من الصحابة، مضافاً إلى الأحاديث التي وضعوها كذباً وزوراً للتغطية على مسألة أحقية علي× في الإمامة والخلافة؛ ولذا عدّ باب الفضائل أول باب طرقه الوضع والدسّ.

قال ابن تيمية في مقام استعراض طوائف الوضاعين: «ومثل الذين كذبوا أحاديث في فضائل الأشخاص والبقاع والأزمنة، وغير ذلك، لظنهم أن موجب ذلك حق أو لغرض آخر»([620]).

فعلى الباحث المتنور أن يقف متأملاً عند هذه الحقيقة، وأن يدرس ويحلل ويستنتج ما مر به تاريخ تدوين الحديث، وما تدخلت به من سياسات مغرضة وحكومات ظالمة.

خامساً: أنّ ما ذكرته من أحاديث الفضائل استخدمتَ فيه أسلوب الانتقاء الذي اتهمتنا به، حيث انتقيت من طرقنا روايات ضعيفة سنداً وغير ظاهرة دلالة، وتركت الروايات الصحيحة الأخرى الواضحة في خلاف ما ذكرته، كما انتقيت أيضاً روايات الفضائل من كتبكم وأعرضت عن الروايات الأخرى التي انتقدت الخليفة أبا بكر (رض) في الكثير من مواقفه، والتي تعارض روايات الفضائل، فكان الأجدر بك أنْ تعالج ذلك التعارض والتناقض، ومن أمثلة روايات الانتقاد:

1ـ ما قاله عمر لعلي× والعباس عندما جاءا يطلبان حقهما في الميراث:

«فقال أبو بكر: قال رسول الله: ما نورث ما تركناه صدقة فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً»([621]).

2ـ ما أخرجه الصنعاني([622]) ـ واللفظ له ـ وابن عساكر([623]) وابن سعد([624]) وابن كثير([625]) وغيرهم ـ واللفظ للأول ـ أن أبا بكر خطب قائلاً: «أما والله ما أنا بخيركم، ولقد كنت لمقامي هذا كارهاً، ولوددت لو أن فيكم من يكفيني، فتظنون أني أعمل فيكم سنة رسول الله إذاً لا أقوم لها، إن رسول الله كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وأني لي شيطاناً يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني، لا أؤثر في أشعاركم ولا أبشاركم, ألا فراعوني!([626]) فإن أستقمت فأعينوني، وإن زغت فقوّموني».

وهذا اعتراف من أبي بكر بأنه لا يتميز عن غيره من الصحابة بما ذكرته من الفضائل، بل هو كسائر الناس، فله شيطان يورده موارد الخطايا والزلل والزيغ.

3ـ ما أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن أبي مليكة في سبب نزول قوله تعالى: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}، حيث قال: «كاد الخيران أن يهلكا، أبو بكر وعمر، لما قدم على النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وفد بني تميم، أشار أحدهما بالأقرع بن حابس التميمي الحنظلي أخي بني مجاشع، وأشار الآخر بغيره، فقال أبو بكر لعمر: إنما أردت خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم»([627]) فنزلت الآية.

4ـ ما أخرجه البخاري أيضاً عن عائشة قالت: «إن فاطمة بنت النبي (صلّى الله عليه وسلّم) أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها ـ إلى أن قالت: فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي (صلّى الله عليه وسلّم) ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر»([628]).

وقد قال رسول الله’ في حق فاطمة: «إنّما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها»([629]).

وقال’ أيضاً: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني»([630])، وقال ابن حجر في فتح الباري حول هذه الرواية: «استدل به السهيلي على أن من سبها فإنه يكفر، وتوجيهه أنها تغضب ممن سبها، وقد سوّى بين غضبها وغضبه، ومن أغضبه يكفر»([631]).

وغير ذلك من الروايات الكثيرة، التي لم ننقلها رعاية للاختصار، وهي تشكل علامات استفهام حول ما يذكر في كتبكم من الفضائل.

وأمّا ما يتعلق بالوصيّة فسيأتي الكلام عنها في الجزء الثالث.

المنهج الخاطئ في فهم العقائد الشيعية

ذكرتم في رسالتكم مقارنات غير منصفة بين عقائد الشيعة والسنّة, ولم تنسبها لقائل, وتساءلنا في رسالتنا لكم عن صاحب هذه الآراء, وهل أنّ مرادكم الشيعة الغالية؟

قلتم ـ وأنتم تنقلون نماذج من العقائد الشيعية ـ: هذا ما يفهم منها

 فقد جاء في كتابك تحت عنوان: «نماذج من عقائد الشيعة الإمامية» في ص45 ما يلي: «لا أظنّ أنّ المعنى غير واضح من كلامي، فإنّي لم أنسب الكلام إلى أحد ولا إلى كتاب من كتبكم، وإنّما قلت لكم: (يفهم من عقيدة الشيعة كذا) ولم أقل: قال فلان، ولعلكم لو رجعتم إلى العبارة لتبين لكم المراد, وأنا أعني بذلك الإمامية, لا الفرق الغالية الأخرى».

الجواب

مع أنكم تكلمتم كثيراً في كتابكم عن صحة المنهج وخطئه إلا أنكم لم تلتزموا بما ذكرتموه، وهذا ما يتجلّى فيما نبينه من النقاط التالية:

أولاً: ترك المصادر الشيعية

 إنّ المعنى المراد من كلامكم، وإن كان واضحاً كما ذكرت، إلا أن المؤسف فيه أنه تضمن الجزاف من التهم والدعاوى من دون أن تستندوا فيها إلى مصدر أو مقال أو كتاب من كتب الشيعة الإمامية، ولا أدري كيف فهمت من عقيدة الشيعة كذا وكذا من دون أن تأخذه من أحد علمائنا أو كتاب من كتبنا؟!

وإنا لنربأ بجنابكم أن تحكم حكماً مسبقاً على طائفة كبيرة من الطوائف الإسلامية من دون الرجوع إلى مصادرها المعتمدة في بيان عقائدها وأحكامها.

ثانياً: الاستنتاجات الشاذة عن المذهب الشيعي في الفكر الوهابي

 لقد صدقتم فيما قلتموه من أنّ فهمكم عن عقيدة الشيعة لم تكن منسوبة إلى كلام أحد من علمائنا ولا إلى كتاب من كتبنا؛ لأن النتائج التي استنتجتموها من عقائد الشيعة لا تمت إلى عقيدتهم بصلة، كقولكم: إنّ النبي’ بعث إلى علي، فإن هذا لا يؤمن به مسلم يتلو قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}([632])، وقولكم هذا ينمّ عن قلّة اطلاعكم على حقيقة الإمامة عند الشيعة وأبعادها، والتي تعني قيادة الإمام المعصوم للأمة في أمور الدين والدنيا، وحفظ مسيرة الرسالة الخاتمة عن التلاعب والتحريف.

ومما استنتجتموه قولكم أيضاً: «إن أهل الشيعة تشترط وجود معصوم يرجع إليه، وهذا يعني لابد أن يكون في كلّ بقعة معصوم ليرجع إليه» إلى آخر كلامكم.

 ونحن نجل شخصكم الكريم عن هذا الاستنتاج الضحل الذي لا يتناسب ومكانتكم العلمية، فإن المسلمين بكافة فرقهم يؤمنون بضرورة وجود النبي’ في زمانه وضرورة عصمته لإبلاغ الشريعة لجميع الأمة ولكل من أراد الإسلام، مع أنه لم يلزم من ذلك القول بضرورة وجود نبي في كلّ بقعة ليرجع إليه؟!

إلى آخر استنتاجاتكم الشاذة التي أجبنا عنها في الرسالة التي أرفقناها مع كتابنا هذا، وستأتي الإجابة عن كثير منها في ثنايا بحوث الكتاب.

قلتم: نحن إنما نستدل من مؤلفات الشيعة

قلتم في ص52: «وها نحن كما ترى لم ولن ننقل عن غير مؤلفات الشيعة».

الجواب

لا يسلم لك هذا الادعاء, فقد امتلأ كتابك بالاستدلالات من كتبكم لا من كتبنا, وأمّا ما يتعلق بكتبنا فنقول ـ وبكلّ أسف ـ أنك لم تعتمد فيها إلاّ على بعض الروايات الضعيفة، وحاولت أن تفهمها بحسب رؤيتك التي لم تكن حيادية تجاه مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية.

قلتم: الشيعة فسرت القرآن بأنه خطاب للأئمة وشيعتهم

ثم إنكم ذكرتم في كتابكم ص46: «إن الشيعة الإمامية فسرت القرآن خطاباً للأئمة وشيعتهم، فما كان من خير وإيمان فهو للشيعة وما كان من كفر وضلال فهو للمخالف، ثم الجنة لهم والنار لأعدائهم».

وذكرت بعد ذلك نماذج من الروايات من كتبنا للتدليل على ما زعمته.

الجواب

إنّ الذي يؤسفنا أنّ ما ذكرته، يا سعادة الدكتور، مجانب لروح البحث والتحقيق العلمي، ويظهر ذلك من ملاحظة ما يلي:

1ـ أنّكم أكدتم وفي أماكن متعددة من كتابكم (حوار هادئ) على أنّ الاستناد إلى الروايات الضعيفة خلل جسيم في المنهج، يؤدّي إلى خلل كبير في النتائج، وقد رفعتم هذا شعاراً وكتبتموه على غلاف الكتاب، ولكن عندما أردتم الاستدلال على ما فهمتهوه عن الشيعة من مصادرهم استندت إلى بعض الروايات الضعيفة أو المرسلة والمقطوعة الأسناد، فالرواية الأولى التي ذكرتها عن جعفر الصادق×: نزل القرآن على أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدوّنا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام. رواية مرسلة عن داود بن فرقد عمّن ذكره، وكذلك الرواية الثالثة التي يقول فيها الإمام الباقر× لمحمد بن مسلم: يا محمد! إذا سمعت الله ذكر أحداً من هذه الأمة بخير فنحن، وإذا سمعت الله ذكر بسوء ممن مضى فعدوّنا. فإنها مقطوعة السند، بل لا سند لها.

وأما الرواية الثانية عن الإمام الصادق×: نزل القرآن أثلاثاً...، فهي ضعيفة السند بعبد الله بن محبوب([633]), وفيها أيضاً سهل بن زياد, وهو مختلف فيه([634]).

ولا أدري كيف تطالبنا بالاستناد إلى الروايات الصحيحة والمعتبرة من كتبكم ولا تلتزم أنت بهذا الأسلوب والمنهج عندما تريد الاستناد إلى كتبنا في الاستدلال على مرادك؟!

2ـ إنّ المضمون الذي جعلتموه غرضاً لإشكالاتكم، وهو أن القرآن الكريم نزل أثلاثاً أو أرباعاً قد جاء أيضاً في كتبكم بعبارات وألفاظ مختلفة.

ومن تلك المضامين:

أ ـ ما ذكره ابن تيمية في الفتاوى عن أبي الفرج بن الجوزي بإسناده عن حسان بن محمد الفقيه يقول: «سألت أبا العباس بن سريج، قلت: ما معنى قول النبي’: (قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن)؟ قال: إن القرآن أنزل على ثلاثة أقسام، فثلث أحكام وثلث وعد ووعيد وثلث أسماء وصفات، وقد جمع في قل هو الله أحد، أحد الأثلاث وهو الصفات»([635]).

ب ـ وفي تفسير القرطبي: «وقيل: إن القرآن أنزل أثلاثاً، ثلثاً منه أحكام، وثلثاً منه وعد ووعيد، وثلثاً منه أسماء وصفات»([636]).

ج ـ ما أخرجه الطبري بسنده عن ابن عباس، أن رسول الله’ قال: «أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به، وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلا الله عز وجل، ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب»([637]).

د ـ ما أخرجه البيهقي في كتابه (شعب الإيمان) بسنده عن أبي هريرة، قال: «قال رسول الله’:... فإن القرآن على خمسة أوجه، حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال»([638]).

هـ ـ ما أخرجه ابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود عن رسول الله’، قال: «....ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال»([639]).

وهذه الروايات وإن كان هناك من يخدش في بعض أسنادها، ولكن أوردناها تماشياً مع ما انتهجته في الاستدلال برواياتنا، وهي كما ترى قد قسّمت القرآن وصنّفته أثلاثاً وأرباعاً وأخماساً وأسباعاً وربما أكثر، ومنها ما خصّ فهمه بالعرب، ومنها ما خصّ فهمه بالله تعالى ولا يعلمه إلا هو، فعطلت قسماً كبيراً منه، ولم يبق منه إلا ما دل على الحلال والحرام، مع أن الروايات التي نقلتها من طرقنا أوسع من ذلك بكثير.

نعم نصّت رواياتنا ـ بالإضافة إلى أيات الحلال والحرام ـ أن قسماً من الآيات نزل في أعداء أهل البيت(علیهم السلام) أو فيهم بالخصوص ومحبيهم، ومن الواضح أن الناس ما بين محب لهم وما بين مبغض وعدو لهم، إذ المبغض لهم يعد منكراً لضرورة من ضرورات الدين الإسلامي، قال تعالى: {قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}.

ثمّ إنّ التوجيه الذي تذكرونه تفسيراً لرواياتكم يصلح جواباً أيضاً لرواياتنا التي قسّمت القرآن أثلاثاً وأرباعاً.

وأما قولكم: «ولا ندري أي التقسيمين هو المعتمد؟ أرباعاً أو أثلاثاً»!!

فإننا أيضاً لا ندري أي التقسيمات في رواياتكم هي المعتمدة؟ أثلاثاً أم أرباعاً أم أخماساً أم أسباعاً!!!

أضف إلى ذلك؛ أن مضامين الروايات التي أوردتها من كتبنا واردة بألفاظها في بعض المصادر السنية، بغض النظر عن ضعفها أو صحتها.

من تلك الروايات ما أخرجه الحاكم الحسكاني([640]) في الشواهد بسنده عن علي× قال: «نزل القرآن أرباعاً، فربع فينا وربع في عدونا وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام، فلنا كرائم القرآن. رواه جماعة عن محمد بن الحسن كما رويت، وجماعة عن زكريا»([641]).

 وقد أخرجه ابن المغازلي الشافعي([642]) في المناقب بالألفاظ ذاتها، والقندوزي الحنفي([643]) في الينابيع([644])، وأخرج الحاكم عن علي× أيضاً، قال: «نزل القرآن أثلاثاً، ثلث فينا وثلث في عدونا، وثلث فرائض وأحكام وسنن»([645]).

3ـ إنّ الروايات التي نقلتها من كتبنا ـ على ضعفها ـ ليس فيها أي دلالة على ما استنتجتموه من أن القرآن نزل في الشيعة وفي أعدائهم وهم أهل السنة، فإن في قولكم هذا مغالطة واضحة؛ لأن الروايات لم تذكر أن القرآن نزل في الشيعة ولا أن أعداءهم هم أهل السنة، وإنما قالت: إن القرآن نزل في الحلال والحرام والسنن والأمثال وفي أهل البيت(علیهم السلام) ومحبيهم، ويدخل في المحبين جميع المسلمين ممن لم يبغض أهل البيت ولم ينصب العداوة لهم، ويدخل في أعداء أهل البيت(علیهم السلام) الكافرون والمنافقون والناصبون العداوة لهم(علیهم السلام)، وقد نزلت في هؤلاء آيات كثيرة جدّاً، كما هو واضح، وأهل البيت(علیهم السلام) يمثلون الخط الصحيح والأصيل في الإسلام، وهم الذين أمر الله تعالى بمودتهم وأمر النبي الأكرم’ بالتمسك بهم في حديث الثقلين وغيره، وجعلهم كسفينة نوح في أمته من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك.

قال الملا علي القاري في المرقاة: «(ألا أنّ مثل أهل بيتي) بفتح الميم والمثلثة، أي: شبههم (فيكم مثل سفينة نوح) أي: في سببية الخلاص من الهلاك إلى النجاة، (من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك) فكذا من التزم محبتهم ومتابعتهم نجا في الدارين، وإلاّ فهلك فيهما»([646]).

ثم إنه لا يوجد تناف بين مدلولي الروايتين؛ وذلك لأن التقسيم الثلاثي وكذا الرباعي الوارد فيهما لا يخلو من التداخل في أقسامه، إذ إن آيات الأحكام تتضمن أيضاً جملة من السنن والأمثال، كما تتضمن كذلك ذكر محبي أهل البيت(علیهم السلام) أو مبغضيهم، والعكس في الأقسام الأخرى أيضاً صحيح، فعندما نعرض الأقسام التي ذكرت في الروايتين على الآيات الكريمة نجدها متداخلة، وإذا لاحظنا هذا التداخل يتضح أن الإمام× عندما يروم أن يذكر تقسيماً من التقسيمات قد يلاحظ أساساً واعتباراً في القسمة فيُغلّب جانباً على آخر من الجوانب المتعددة في الآيات المباركة، ومن هذا المنطلق نجد أن الأقسام قد تكون مختلفة ومتفاوتة من حيث كمية العدد بالنسبة إلى مجموع الآيات، ولكن مع حفظ ماهية وحقيقة وعنوان كلّ قسم من الأقسام المذكورة في الرواية، غاية الأمر إن القسم قد يكون ثلث القرآن من لحاظ خاص، كما قد يكون ربع القرآن أيضاً من لحاظ آخر، وقد يكون أقل من ذلك بلحاظ واعتبار ثالث.

قلتم: أنتم لا تفرقون بين الصحابي والمنافق

جاء في ص30: «أذهلني موقفكم من الصحابة (رض) وعدم التفريق بين الصحابي والمنافق مما كان وسيكون له أسوأ الأثر على دين الأمة».

الجواب

أولاً: لو أمعنت النظر في محتوى رسالتي السابقة إليكم لوجدت أني قد ذكرت فيها أن الشيعة الإمامية وقفوا موقفاً معتدلاً يمليه العقل والمنطق والدين تجاه الصحابة، حيث فرقوا بين الصحابي الذي حسنت صحبته وبقي على العهد الذي قطعه على نفسه مع الله ورسوله والتزم بأوامره ونواهيه ووصاياه بعد وفاته، وبين من نكث وبدَّل وغيَّر من الصحابة الذين كان فيهم الخاطئ والمذنب والشاك والمنافق ومريض القلب ـ كما سيأتي إثبات ذلك بالأدلة من الكتاب والسنةـ شأنهم في ذلك شأن المجاميع البشرية، وإن كنا نؤمن بأن الوجود المبارك للنبي ودعوته الخاتمة كان لها عظيم الأثر في إيجاد مجتمع صالح حمل مبادئ النبوة، ولكن ماذا نفعل لما صدر من بعض الصحابة بعد الرسول من مشاجرات وخلافات أدّت إلى لعن بعضهم بعضاً وقتال بعضهم للآخر.

ثانياً: أنّ مسألة عدم التفريق بين الصحابي والمنافق سيأتي بحثه مفصلاً، وسنذكر فيه أن من الصحابة من هو منافق ومريض القلب، حيث كانوا يشكلون فئة كبيرة وكتلة لها أسوأ الأثر على نفوس الكثير من المسلمين، ولا ربط لذلك بهدم الدين بعد أن أشار القرآن الكريم إلى خطرهم وأبان تأثيرهم السيئ.

قلتم: منهج تعامل الشيعة مع الإسلام يستلزم إلغاء الاسلام

جاء في ص52 ـ 55: «أنّ قول أحمد أمين: «التشيع كان مأوى يلجأ إليه كلّ من أراد هدم الإسلام» يقول بمعناه كثير من العلماء قديماً وحديثاً؛ وذلك لأن منهج تعامل الشيعة مع الإسلام يؤدي إلى إلغاء الإسلام، ويتبين ذلك ببيان موقف الشيعة من رواة الدين ـ الصحابة ـ ومن القرآن ومن السنة النبوية».

ثم أوردتم أسماء بعض علماء الشيعة وزعمتم أنهم يقولون بالتحريف، ونقلتم عبارة اثنين أو ثلاث منهم ودلّستم في نقل العبارة.

الجواب

أولاً: ما يخص مسألة عدالة الصحابة

لابدّ أن تعلم، أخي العزيز، أنّ الشيعة ليس غرضهم وهمهم الطعن في صحابة الرسول’ وعدالتهم؛ بل يؤمنون بأن صحبة النبي’ شرف وفخر عظيم لكل من حظي بها، واهتدى بسيرة النبي’ المباركة وسار على منهاجه واتبع خطاه، كما أنهم متفقون على أنه كان لأصحاب النبي’ دوراً في تقدم الإسلام، وأن الصحابة قد ضحوا في سبيل هذا الدين ونصروه بمواقفهم في الحروب والغزوات وغير ذلك من المخاطر التي توجهت إلى الدين وإلى شخص النبي الأكرم’، واستشهد جمع غفير منهم في سبيل الله تعالى، وقد أنزل الله تعالى آيات في قرآنه الكريم تمدحهم في جملة من المواقف.

ولكن الشيعة الإمامية تناقش في النظرية السنية المفرطة في عدالة الصحابة، حيث آمنت بأن كلّ من صحب رسول الله’ ولو لفترة قصيرة، بل ولو رآه فحسب فإنه عادل لا يكذب ولا يتعمّد الخطأ، ويجب الاقتداء بما قاله أو رواه أو عمله، ويعتبر حجة على من سواه، وهذا ما يخالف القرآن الكريم والسنة النبوية وتاريخ الصحابة، فإنها تثبت أن جملة من الصحابة كانوا يؤذون النبي’ ويعصون الله تبارك وتعالى بالكذب والهمز واللمز والبهتان ويفسّق بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم الآخر، بل ومنهم من ارتدّ عن الدين الإسلامي من قبيل عبد الله بن أبي سرح، ومنهم من تنصّر بعد الهجرة إلى الحبشة من قبيل زوج أم حبيبة، وسيأتي ذكر الآيات الذامّة لبعض الصحابة لاحقاً([647]), كما سيأتي في الجزء الثاني ذكر أسماء عدّة من الصحابة الذين ثبت ارتدادهم([648]).

ثانياً: ما يخص مسألة تحريف القرآن

 يؤسفني أنْ أقول لك أخي العزيز إنك دلّست وجانبت الحقيقة في نسبة القول بالتحريف إلى بعض علمائنا، وذلك للأسباب التالية:

1ـ ما دلّسته في نقلك لبعض عبارات علمائنا، فقد لفّقت القول بتحريف القرآن ونسبته إلى العياشي والقمي والكليني وأبي القاسم الكوفي والنعماني والطبرسي والإربلي والحر العاملي والمجلسي ونعمة الله الجزائري ويوسف البحراني، من دون أن توثّق أقوالهم فيما زعمته من نسبة القول بالتحريف إليهم.

2ـ ما نقلته عن الفضل بن شاذان، من أنه ذكر باباً بعنوان (ذكر ما ذهب من القرآن)، فهو إنما أورده استنكاراً وردّاً للروايات الواردة في كتبكم، والتي هي صريحة في تحريف القرآن، وصريحة أيضاً في ذهاب جزء كبير منه، وكذا أورده للنقض على من يتهم الشيعة بفرية تحريف القرآن، فهل من الإنصاف والموضوعية، أيها الدكتور العزيز، أن تعمد إلى قلب الحقيقة رأساً على عقب؟!

والدليل على ما ذكرناه قولك: «وأورد روايات من كتب السنّة»، وادعيت أنه أساء فهمها، مع أنها صريحة في نقصان وضياع قسم كبير من القرآن.

 من ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه بسنده أن أبا موسى الأشعري بعث إلى قرّاء البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل، فقال لهم فيما قال: «وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها، غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها، غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة»([649]).

وما أخرجه أحمد في مسنده عن زر بن حبيش، قال: «قال لي أبيّ بن كعب: كائن تقرأ سورة الأحزاب أو كائن تعدها؟ قال: قلت له: ثلاثاً وسبعين آية، فقال: قط، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة، ولقد قرأنا فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عليم حكيم»([650])، قال ابن كثير: «ورواه النسائي من وجه آخر عن عاصم وهو ابن أبي النجود، وهذا إسناد حسن»([651]).

وإذا كان الفضل بن شاذان قد أساء فهم هذه الروايات الصريحة في التحريف، فما هو الفهم الصحيح لها يا أستاذنا العزيز؟!

 وهل ستفهمها تبعاً لما فهمه ابن كثير من رواية أحمد المتقدمة، حيث قال: «وهو يقتضي أنه قد كان فيها قرآن ثم نسخ لفظه وحكمه أيضاً»([652])؟!

فهل يعقل أن تنسخ وترفع سورة من القرآن الكريم بحجم سورة البقرة بألفاظها وأحكامها؟!

وهل هذا التعليل العليل إلا فراراً عن الإقرار بما ورد من التحريف في رواياتكم؟!

3ـ ما نقلتموه عن فرات الكوفي في تفسيره عن أبي جعفر(علیهم السلام)، من أنه كان يقرأ هذه الآية «إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل محمد على العالمين» بزيادة لفظ «وآل محمد».

 فإني قد استغربت كثيراً كيف أنكم أدرجتموه وجعلتموه في مصاف القول بالتحريف؟!

مع أنّ هذه إحدى قراءات أهل البيت(علیهم السلام) للآية المباركة، كما أنها أيضاً قراءة ابن مسعود في مصحفه.

أخرج الحاكم الحسكاني بسنده عن شقيق، قال: «قرأت في مصحف عبد الله وهو ابن مسعود: أنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين»([653]).

وهذا باب واسع في بحث القراءات لا يخفى على سعادتكم، وقد أفرد له الباحثون في علوم القرآن وكتب الحديث باباً خاصاً، وقد تضمن زيادة الحرف أو الحرفين والكلمة أو الكلمتين في الآيات المباركة، بل ذكروا أن الزيادة قد تكون جملة بكاملها، وقد عدّوها قسماً من أقسام القراءات المتعددة للقرآن الكريم، وقد وردت تلك الزيادات في القراءة في أصح كتبكم ـ البخاري ومسلم فما دون ـ وإليك بعض النماذج في هذا المجال:

أـ ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي يونس مولى عائشة إنه قال: «أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً، وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى}([654])، فلما بلغتها آذنتها، فأملت علي: (حافظوا على الصلاة والصلوات الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) قالت عائشة: سمعتها من رسول الله»([655]).

ب ـ ما أخرجه البخاري أيضاً بسنده عن ابن عباس (رض) قال: «كانت عكاظ ومجنّة وذو المجازي أسواقاً في الجاهلية، فلما كان الإسلام فكأنهم تأثموا فيه، فنزلت: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج). قرأها ابن عباس»([656])، وقد أخرج البخاري هذه الرواية بأسانيد أخرى عن ابن عيينة.

وقال ابن حجر في فتح الباري: «قال الكرماني: هو كلام الراوي ذكره تفسيراً، وفاته ما زاده المصنف في آخر حديث ابن عيينة في البيوع «قرأها ابن عباس» ورواه ابن أبي عمر في مسنده عن ابن عيينه، وقال في آخره: «وكذلك كان ابن عباس يقرؤها، وروى الطبري بإسناد صحيح عن أيوب عن عكرمة أنه كان يقرؤها كذلك، فهي على هذا من القراءة الشاذة وحكمها عند الأئمة حكم التفسير»([657]).

وفي صحيح ابن خزيمة: «فأنزل الله: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج) فحدثني عبيد بن عمير أنه كان يقرؤها في المصحف... وثنا أحمد بن عبدة أخبرنا حماد بن زيد عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن الزبير يقرؤها: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج)»([658]).

ج ـ قال القرطبي في تفسيره: «وفي بعض المصاحف: (أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها)»([659]).

لقد اتضح من هذا النزر اليسير الذي ذكرناه من الروايات الكثيرة الواردة في تعدد القراءات، أنّ زيادة كلمة أو أكثر ليس بدعاً من القول، بل هو أمر معروف وشائع وقد حفلت به كتبكم الحديثية وكتب التفسير وغيرها، ولو أردنا أن نتماشى مع منهجك في الإشكال وندرج كلّ ما ورد في مجال تعدد القراءة ضمن قسم التحريف لانفتح على الإسلام والمسلمين باب للطعن في كتابهم العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا أظنك ترضى بذلك يا فضيلة الدكتور.

 ثم إنه أقصى ما يقال في الرواية التي نقلتها عن الإمام الباقر× إنها قراءة شاذة وحكمها حكم التفسير، كما أفاد ذلك ابن حجر في عبارته التي نقلناها آنفاً.

ولذا أخرج البخاري في صحيحه تفسيراً للآية المباركة، وهي آية الاصطفاء، عن ابن عباس، قال: «وآل عمران: المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد»([660]).

ولا نتمنى أن تكون، أخي العزيز، قد استثقلت هذه الفضلية والكرامة لآل محمد(علیهم السلام)؛ أو استكثرت أن يكون الله تعالى قد اصطفاهم على سائر خلقه واختصهم بكرامته.

وكان الأحرى بجنابكم الكريم أن تُنقّي كتبكم مما علق بها من خرافات وأساطير، كالذي أورده الثعلبي في تفسيره وغيره، عن الجزائري قال: سمعت مناد ينادي: «إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين واصطفى الحسن البصري على أهل زمانه»([661]).

4ـ وأما ما نقلتموه عن الشيخ المفيد، واقتطاعكم العبارة من سياقها العام، وحذف الكلام الذي يمثل الرأي الأخير للشيخ المفيد والذي يتضمن نفي التحريف بشكل واضح لا لبس فيه، فهو الطامّة الكبرى التي تجهز على روح التحقيق والموضوعية عندكم، وهذا المنهج الالتقاطي والانتقائي المقصود هو الذي دأب عليه في الآونة الأخيرة الباحثون من الوهابيين الذين ينسبون أنفسهم إلى السلف، الأمر الذي أحدث هوة كبيرة بين منهج أتباع أهل البيت(علیهم السلام) وهذا المنهج الدخيل على الفكر الإسلامي.

 ولكي يتضح لك صحة ما قلناه حول منهجك الانتقائي المتعمد، ننقل لك عبارة الشيخ بطولها:

 قال الشيخ المفيد (رحمه الله): «القول في تأليف القرآن وما ذكر قوم من الزيادة فيه والنقصان.

 أقول: إنّ الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد، باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان، فأما القول في التأليف فالموجود يقضي فيه بتقديم المتأخر وتأخير المتقدم، ومن عرف الناسخ والمنسوخ والمكي والمدني لم يرْتَب بما ذكرناه، وأما النقصان فإن العقول لا تحيله ولا تمنع من وقوعه، وقد امتحنت مقالة من ادعاه، وكلّمت عليه المعتزلة وغيرهم طويلاً فلم أظفر منهم بحجة أعتمدها في فساده.

وقد قال جماعة من أهل الإمامة: إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين× من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى، الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمى تأويل القرآن قرآناً، قال الله تعالى: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقرآن مِن قَبْلِ أَن يُقْضـَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}، فسمى تأويل القرآن قرآناً، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف.

وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل والله أسال توفيقه للصواب.

وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه ويجوز صحتها من وجه، فالوجه الذي أقطع على فساده أن يمكن لأحد من الخلق زيادة مقدار سورة فيه على حدّ يلتبس به عند أحد من الفصحاء، وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الإعجاز، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لابد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه، ولست أقطع على كون ذلك، بل أميل إلى عدمه وسلامة القرآن عنه، ومعي بذلك حديث عن الصادق جعفر بن محمد×»([662]).

وهذه العبارة من الشيخ المفيد كما تلاحظ، يا فضيلة الدكتور، واضحة، بل صريحة في بيان رأيه القاطع في إنكار ورفض كلّ ألوان التحريف من الزيادة أو النقصان حتى الكلمة والكلمتين والحرف والحرفين، الذي عجّت به كتبكم، بل أسقطت سوراً بحجم سورة البقرة ونسخت ألفاظها وعطلت أحكامها، كما أشرنا إلى ذلك.

 فإذا كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بحجر!

وأما عبارة الشيخ المفيد التي اقتطعتها من سياقها، وهي: «أن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان»، فقد أوضح مراده منها في عبارته اللاحقة، حيث ذكر أن المراد من الحذف والنقصان الوارد في الروايات إنما هو مما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين×، والنقصان من التأويل والتفسير وليس هو من جملة كلام الله تعالى، وهو قد يسمى قرآناً جرياً مع التعابير اللغوية، كما استعمل الله تعالى ذلك في قوله: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقرآن}.

ولو افترضنا جدلاً بأن هذه الروايات تريد بيان وإثبات الحذف والنقصان في نفس القرآن الكريم، فلا شك أن المراد منه حذف الكلمة أو الكلمتين ـ والذي رفضه الشيخ المفيد أيضاً ـ وهو لا يخرج عن كونه قراءة من القراءات، التي حفلت بها كتبكم.

وفي نهاية المطاف أجد نفسي ملزماً بالتماس العذر لكم، بأنكم وقعتم تحت تأثير المنهج الذي سار عليه من سبقكم، فلعلك أخذت عبارة المفيد من تلك الكتب التي حاولت الطعن على الشيعة والتهجم عليهم، وتركت الرجوع إلى المصدر الأساس في عبارة الشيخ، وهو كتابه أوائل المقالات.

وأما ما نقلتموه عن الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي، فليس هو قوله ورأيه في تفسير الآية المباركة: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاء}([663])، وإنما هو عبارة عن رواية أوردها الطبرسي عن أمير المؤمنين× في مقام الردّ على زنديق جاء مستدلاً بآي من القرآن متشابهة تحتاج إلى التأويل، وهي رواية ضعيفة مرسلة لم يذكر لها الطبرسي سنداً أو طريقاً إلى أمير المؤمنين([664]).

فهل من الإنصاف أن ننسب إلى طائفة كبيرة من الطوائف الإسلامية اعتقادها في قضية في غاية الخطورة كتحريف القرآن، اعتماداً على روايات ضعيفة مرسلة، ولها نظائر في كتب أهل السنة كما أسلفنا؟!!

والشيء نفسه تكرر فيما ذكرتموه عن تفسير البرهان، فمضافاً إلى أننا لم نجده في تفسير البرهان، وإنما هو وارد في تفسير القمي، فهي عبارة عن رواية ضعيفة ومرسلة، مع أنها لم تذكر إلا الاختلاف في القراءة، والتعبير بلفظ التحريف فيها يعني حرف الكلام من حرف إلى حرف آخر، أي من قراءة إلى أخرى، ويمكن أن يكون تفسيراً للآية المباركة وتأويلاً لتنزيلها كما تقدّم عن المفيد، ويلحق بذلك ما أوردته عن الكافي فإنه واضح في التفسير وكتبكم مليئة بمثله.

قلتم: لا يوجد في كتب الشيعة آثار يعتمد عليها

 جاء في ص33: >أنّ كتبكم على قسمين، قسم كله روايات وآثار، وهذا القسم عندما يطلع عليه السني لا يرى فيه آثاراً علمية تستحق الاهتمام فهي أشبه ما تكون بالأساطير... ثانياً: الكتب المتأخرة المصنفة في المسائل المختلف فيها جل ما فيها ـ إن لم يكن كلّ ما فيها ـ أحاديث من كتب السنة... فإذا كان أصحابها أعرضوا عنها واتجهوا إلى كتب أهل السنة للاستدلال على عقائدهم فمن باب أولى أن يعرض عنها أهل السنة<.

الجواب

أولاً: مما يؤسفني حقاً أن يصدر هذا الكلام من أستاذ يربي أجيالاً على أصول البحث والتحقيق واعتماد الموضوعية في تناول عقائد الفرق، خصوصاً وأنك مارست التدريس في قسم حسّاس وخطير وهو قسم العقيدة، ويعدّ كلامكم عند جمهوركم كلاماً صادراً من ذوي الاختصاص، وإذا كان هذا حال أمثالكم ممن يدعي الاعتدال والموضوعية، فكيف بغيركم من المتطفلين على العلم وأهله من المتعصبين والمتحجرين والحاقدين على مذهب أهل البيت(علیهم السلام) من السلفية والوهابية؟!

فهل من الإنصاف والموضوعية أن يقيّم تراث طائفة كبيرة ويحكم عليه بهذه الطريقة السطحية والساذجة، تلك الطائفة العريقة ذات التراث الضخم والمتنوع والغزير باعتراف مخالفيهم؟!

فأين الدليل على ما ذكرتموه، وما هو الشاهد على التقسيم الساذج الذي أوردتموه؟

فهل حقاً أنّ كتب تلك الطائفة الكبيرة تتلخص بأساطير تأباها الفطرة السليمة؟!

ألم تكن المكتبات الإسلامية ملأى بكتبهم في مختلف فروع المعارف الإسلامية في التفسير والحديث والفقه وعلم العقائد والدراية والرجال، بل امتدت إلى التأليف في الفلك والطب والرياضيات والفلسفة، ويكفيك في هذا المجال نظرة موجزة إلى كتب المعاجم كموسوعة الذريعة للطهراني.

نعم، لأجل سياسة العداء ومخطط الإلغاء والاستئصال المبرمج ضد أتباع مذهب أهل البيت(علیهم السلام) وتراثهم خلت المكتبات الوهابية من ذلك التراث، سوى كتب أعدائهم الطاعنين عليهم، حتى تناهى إلى أسماعنا أنّ كتب الشيعة في الجامعات السعودية وضعت في أماكن خاصة لا يسمح بالدخول إليها إلا لأفراد معدودين، وقد كتب عليها (كتب ضلال)!!.

ولعل ذلك هو الذي أوجد لديكم تلك الصورة المشوهة والنظرة المقلوبة عن كتب الشيعة.

ولو كانت كتب الشيعة أساطير ـ كما ذكرت ـ لما أخذت حيزها العلمي والاجتماعي في الأوساط الإسلامية، والذي لا ينكره إلا مكابر.

ثانياً: أنّ الشيعة إنما يستقون عقائدهم وأحكام دينهم من الكتاب الكريم والسنة النبوية المباركة التي تلقوها عن أئمة الهدى من عترة النبي’، الذين يشكلون العدل الثاني للقرآن الكريم بنص حديث الثقلين المتواتر في كتب الشيعة وكذلك السنة أيضاً.

وأما ما يذكره الشيعة في كتب الخلاف عن المجامع السنية، فليس للاستدلال بها على عقائدهم، وإنما للاحتجاج على المخالفين والجدال بالتي هي أحسن، إذ إن الأدعى في الحجة أن تحتج على الخصم لإثبات أحقيتك بما ورد في الكتب المعتبرة لديه، كما أشار إلى ذلك ابن حزم بقوله: «لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا، فهم لا يصدّقونها، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدّقها، وإنّما يجب أن يحتجّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدقّه الذي تقام عليه الحجّة به»([665]).

وهذا أمر طبيعي ومنطقي في كتب الخلاف والاحتجاج، ولذا نرى أنك في كتابك هذا تحتج في كثير من الأحيان بكتاب الكافي والبحار والتهذيب والاستبصار وغيرها من كتب الشيعة، فهل هذا يعني أنك أعرضت عن كتبكم السنية وأثبت عقيدتك من كتبنا؟!

وليس نسبة الصفر بالمائة عند أهل السنة ـ كما تدعي ـ حول صحة عقائد الشيعة إلا عند بعض الذين وقعوا تحت طائلة ذلك المنهج الخاطئ والسياسات المغرضة التي أشرنا إليها.

وأما غير هؤلاء من أهل السنة ممن يمتلك الوعي والنظرة الموضوعية المنفتحة، فنجد فيهم المعتدل الذي أنصف في تقييم تراث هذه الطائفة الكبيرة كالأزهر الشريف وغيره من المراكز العلمية، ومن ذلك فتوى شيخ الأزهر محمود شلتوت بجواز التعبد بالمذهب الجعفري كبقية المذاهب الإسلامية الأخرى، بل وجدنا أن عدداً كبيراً من العلماء والباحثين والمحققين من السنة قد اقتنع بعقائد الشيعة واعتنقها عن قناعة وفهم.

ثم إنّ اعتقاد شخص بكون دين من الأديان يساوي صفراً في المائة لا يغير من الواقع والحقيقة شيئاً، فلو اعتقد غير المسلم بأن نسبة صحة الإسلام عنده تكون صفراً لا يغير الحقيقة القائمة والبراهين القاطعة على صحة الدين الإسلامي، وإثبات المذاهب أو إبطالها لا يكون بمثل هذا.

قلتم: كتاب لله ثم للتاريخ كتابٌ شيعيٌ

 جاء في ص33 حول كتاب (لله ثم للتأريخ): «هذا ليس كتاباً سنياً، بل هو كتاب شيعي».

الجواب

إنّ قولك هذا يدل على أنك لم تطلع على الكتاب، أو أنك اطلعت عليه ولم تتأمل فيه جيداً.

فإن مؤلفه، وإن زعم في بادئ الأمر أنه من الشيعة، ولكنه على فرض وجوده فإنه كاذب في ادعائه؛ لأنه يجهل أوليات المذهب الشيعي([666]).

مضافاً إلى أننا سمعنا أنه كان مدسوساً من قبل بعض الجهات ليؤلف كتاباً للطعن في الشيعة والافتراء عليهم، وقد رجع عن ذلك في الآونة الأخيرة واعتنق المذهب الشيعي.

قلتم: أهل السنة داخل إيران يتعرضون للمضايقات

جاء في ص34: «أما أهل السنّة في داخل إيران فنحن نسمع أنهم يتعرضون للمضايقات، فكيف يستطيعون أن يحاوروا؟!».

الجواب

أولاً: أنّ الشيعة طالما تعرضوا ويتعرضون في الدول العربية للمضايقات الكثيرة، وأوضح مثال على ذلك ما ذاقه الشيعة في العراق ـ مع كونهم الأغلبية ـ على مدى عقود من الزمن من ويلات الظلم والاضطهاد، وكذا ما يقاسية شيعة السعودية والبحرين إلى اليوم.

ثانياً: أنكم قد التقيتم بحضوري وحضور الأخ الفاضل الدكتور زماني وفضيلة الشيخ التوحيدي في مكّة المكرّمة في شهر رجب سنة 1426هـ بعدد من علماء أهل السنّة الإيرانيين، وتحدثتم معهم، وسألتموهم عما يجري على أهل السنّة في إيران، وسمعتم كلامهم حول الحرية التي يتمتع بها أهل السنة في إيران وفي جميع المجالات والحقول، حتى عجبت من كلام أحدهم حين قال لك: إني إمام الجماعة في مسجد كذا، وقال آخر: أنا خطيب الجمعة في مدينة كذا، وقال ثالث: أنا مدرس في مدرسة دينية لأهل السنة، وأخرج من جيبه بطاقة التدريس وعرضها عليكم.

ثمّ قلتم: إنّي سمعت بأن أهل السنّة في إيران يتعرضون للمضايقة، وأنتم تقولون بأننا أحرار في إيران، وأعجب كيف تسمح لكم الحكومة بالحضور في المجامع العلمية وفتح المدارس والتدريس فيها؟!

وأجابك أحدهم بأن الشيعة والسنة يعيشون في إيران متحابين متوادين كالأخوة في بيت واحد.

وانبرى أحدهم قائلاً: إننا نشاهد في كلّ المكتبات الموجودة في إيران أنّ كتب أهل السنة تعرض للبيع، وفي المعارض الدولية التي تقام في إيران نجد أن جميع كتب أهل السنة متوفرة وفي متناول الجميع، ولكنا لما دخلنا السعودية وزرنا مكتبات المدينة المنورة ومكة المكرمة لم نجد كتاباً شيعياً واحداً!! بل وجدنا في هذه المكتبات بعض الكتب التي ألّفت ضد الشيعة، ولما تصفحناها وجدنا فيها كذباً وافتراءً على الشيعة، ونحن نعيش معهم ولم نجد كلّ هذا الكذب والافتراء.

ووقائع هذه الجلسة موثقة عندي ومسجّلة صوتياً.

قلتم: الشيعة فرقة خارجة عند الدين يصعب الحوار معها

 جاء في ص34: «وأما خارج إيران فالنظرة للشيعة الإمامية غير طيبة، لاعتقادهم بأن الشيعة الإمامية فرقة خارجة على الدين، ولهذا يصعب قبول حوارها».

الجواب

أولاً: أنّ ما عرضته من صورة سيئة وقاتمة عن الشيعة الإمامية في أوساط العالم الإسلامي مجانبة للحقيقة، فإن الكثير من الفرق الإسلامية الأخرى تربطها بالشيعة علاقات طيبة، وذلك بسبب النهج الوحدوي الذي يؤكد عليه الشيعة الإمامية، والذي أنتج الجامعات والمعاهد والمؤسسات المشتركة بين الطوائف كدار التقريب بين المذاهب وغيرها.

مضافاً إلى التاريخ المشرّف للشيعة الإمامية في الدفاع عن الإسلام وقضايا المسلمين المصيرية كدورهم في ثورة العشرين، حيث دافعوا عن الحكومة (العثمانية) التي رفعت شعار التسنن واضطهدت الشيعة طيلة أيام وسنوات حكمها، وكدورهم المشرف في مقارعة الصهاينة والتصدي لهم، في الوقت الذي نفضت الحكومات الإسلامية السنية يدها عن مسؤولية الجهاد ضد أعداء الإسلام، بل لاحظنا أن بعض علماء الوهابية وجّهوا سهام فتاواهم إلى المجاهدين من الشيعة في حزب الله لبنان، فوقفوا في ذلك في صف اليهود.

ثانياً: أنّ باب الحوار بين الشيعة والسنة كان ولازال مفتوحاً على مصراعيه, وعلى أعلى المستويات العلمية، كإقامة الندوات والحوارات والمؤتمرات والمكاتبات، ومن نتائج وثمار تلك الحوارات كتاب المراجعات بين شخصيتين كبيرتين من الطائفتين، السيد عبد الحسين شرف الدين والشيخ سليم البشري.

ومن أوضح الأدلة على ذلك ما يجري بيني وبين الكثير من علمائكم، مع وجود الاحترام والتقدير المتبادل فيما بيننا، وما كتابكم هذا إلا وليد هذه الحوارات الطيبة، ولذا أسميته (حوار هادئ)، وإن تضمن الكثير من التجاوزات، التي سنشير إليها لاحقاً.

ثالثاً: إذا كانت هناك نظرة غير طيبة حول الشيعة الإمامية في بعض الأماكن المعروفة، فهي بسبب الأباطيل والافتراءات التي يبثها بعض متعصّبي السلفية من الوهابيين، ممن يريد تفريق الأمة وتمزيق شملها، وإحداث شرخ بين المسلمين، خدمة لأعداء الإسلام من المستعمرين والطامعين.

ثم إنّ النظرة السيئة حول طائفة من الطوائف لا يمنع من إجراء الحوار معها، وهذا القرآن الكريم مملوء بمناظرات الأنبياء مع أصحاب الشرائع الباطلة الناتجة عن تقليد الآباء والأجداد، فالتذرع بذلك لترك الحوار مما لا ينبغي صدوره من باحث متخصص طالب للحقيقة.

قلتم: مذهب الشيعة باب يأوي إليه كلّ زنديق!

جاء في ص55: «أما في السنة: فإن الشيعة إذا جاء حديث يخالف معتقدهم طعنوا فيه، بل طعنوا في الصحابة الذين نقلوا السنة، ولم يبق منهم أحد لم يكفر أو يفسق إلا أربعة أشخاص.. أليس هذا باباً يأوي إليه كلّ زنديق يحارب الإسلام؟!»

الجواب

أولاً: أنّ هذه الدعاوى العائمة والأحكام الجاهزة لا تناسب من يدعي أنه أستاذ جامعي يعتمد الدليل والحجة والبرهان، فكان عليك أن تطلعنا على تلك الأحاديث الصحيحة التي طعنّا فيها وتركناها لأنها مخالفة لمعتقدنا، كما أننا أسلفنا القول في عدم طعننا في الصحابة، وأنه لم يكن غرض الشيعة ذلك، بل إن طعن الشيعة الأساس في نظرية عدالة الصحابة المطلقة التي أفرط السنة في التقعيد لها.

ثانياً: أننا لا نؤسس عقائدنا على ما نستقيه من مصادركم وكتبكم، وإنما لنا طريقنا الصحيح والشرعي إلى الكتاب وسنة رسول الله’، وهم عترة النبي’ من أهل بيته(علیهم السلام)، وذلك للأدلة والروايات الصحيحة والمتضافرة التي تسالمت عليها الأمة الإسلامية، وأشهرها وأصحها حديث الثقلين، الذي أوصى فيه رسول الله’ بالتمسك بالكتاب والعترة من بعده، ونحن قد أخذنا عقائدنا ومعالم ديننا من سنة رسول الله’، ولكن مصدرنا الأساس في ذلك هو ما ورد عن أهل بيت العصمة والطهارة، مضافاً إلى أننا نعتمد الكثير من الروايات التي رواها جملة وافرة من الصحابة مع عدالتهم ووثاقتهم وصحة طرقها وأسانيدها إليهم.

وأما مصادركم التي تدعونا إلى الأخذ والتلقي عنها، وتَسِمُ من يجانبها ويجافيها بالمروق عن الدين ومحاربته، فنحن نؤمن ولأسباب موضوعية وحقائق تاريخية أنها ولدت وتكوّنت في ظروف معينة أفقدتها عنصر الوثوق والاطمئنان بمضامينها وأسانيدها وطرقها، فقد بقيت حبيسة الصدور ومحظورة التدوين حتى ذهب السواد الأعظم من حامليها وحفاظها من الصحابة؛ ولذا كانت عرضة للضياع والتحريف والدس والتبديل والوضع والتغيير، ولم يتم تدوينها إلا بأمر وإشراف من السلطات الأموية التي كانت حاكمة آنذاك، والتي رفعت بغض أهل البيت(علیهم السلام) ومحاربتهم شعاراً وسياسة عامة، وجنّدت جملة من الوضاعين ووعاظ السلاطين لجعل الأحاديث في فضل أعدائهم، وشرّعت سبهم وشتمهم وإقصاءهم وتصفيتهم وتصفية أتباعهم، فكيف تطالبنا أخي الدكتور بأن نأخذ بأحاديث مزعومة نشأت وترعرعت في أحضان سياسات حاولت أن تقصي الوارث الشرعي والمصدر والمنبع الحقيقي لسنة الرسول الأكرم’؟!

ويضاف إلى ذلك؛ أنكم اعتمدتم في مصادركم على أسانيد وطرق تضمنت رجالاً ورواة عرفوا بالنصب والعداء لأهل البيت(علیهم السلام)، كالخوارج وغيرهم، ووصفتموهم بأنهم أصدق لهجة وأكثر تصلّباً وتمسّكاً بالسنة، حتى عدّ عمران بن حطّان([667]) وحريز بن عثمان الشامي([668]) والحصين بن نمير([669]) وأترابهم من رجال الصحيح، ويستبعد في الوقت ذاته مثل الإمام جعفر بن محمد الصادق×، بل يغمز فيه، ويطعن في الراوي ويترك حديثه إذا كان متهماً بالتشيع ومحبة أهل البيت×، حتى عدّ ذلك من ألفاظ الجرح وأسبابه عندكم، وهذا ما يعطينا الحق في أن نعرض عما سطرته كتبكم من أحاديث وروايات على أنها سنة رسول الله’.

ثم إننا لا ندعي أن كلّ ما ورد في كتبكم فهو كذلك، أي باطل ولم يصدر عن رسول الله’، إلا أننا نعتقد أنها فقدت آلية التمييز والتمحيص الصحيحة، بعد أن ابتليت موازينكم من الجرح والتعديل بما ذكرناه.

وليس غرضنا مما بيناه أننا نحمل في سرائرنا حقداً أو ضغينة على الصحابة أو رواة الحديث، وإنما العقيدة الحقّة تملي علينا أن لا نحابي أحداً مهما أحيط بهالات التقديس والتبجيل.

وأما ما نسبتموه إلى الشيعة من أنهم يكفِّرون ويفسِّقون الصحابة إلاّ أربعة، فقد استندتم فيه إلى بعض الروايات الواردة في كتبنا والتي أسأتم فهمها([670]).

قلتم: عند الشيعة فتاوى شاذة وغريبة

جاء في ص56 تحت عنوان (فقهيات شاذة عند الشيعة) في مقام استعراض فتوى أبي حنيفة التي تنصّ على نفي الحد عمن استأجر امرأة ليزني بها:

«وهذه الفتوى الغريبة من أبي حنيفة ليست بأغرب من كثير من الفتاوى الشيعية والتي أطلقها علماء الشيعة قديماً وحديثاً في المتعة وغيرها».

ثم نقلتم من الفتاوى القديمة روايتين في تحليل المالك جاريته للآخرين، واستعرضتم من الفتاوى الحديثة كلاماً غريباً ومستنكراً عن المدعو حسين الموسوي، والذي لا يعدو كونه قصة مفتعلة من شخصية مصطنعة أو مجهولة الحال في الوسط الشيعي، وليس لها أثر ولا عين في المجالات العلمية، وقد تناهى إلى أسماعنا أخيراً أنّ المسمّى بالموسوي كان من الشخصيات السنية المتعصبة والمدسوسة، والتي كان غرضها النيل من مذهب الشيعة وعلمائهم، كما سمعنا أيضاً أنه قد اعترف بفعلته وأعلن توبته وندمه، واهتدى إلى مذهب أهل البيت(علیهم السلام)، وألّف كتاباً في الرد على ما ذكره من أراجيف ضد الشيعة.

ثم إنكم أوردتم تحت العنوان ذاته فتويين عن الإمام الخميني والسيد الخوئي (رحمهما الله) في مسألة فقهية اجتهادية لم تخل منها كتبكم الفقهية والروائية، كما سيتبين من خلال استعراضنا لبعض الفتاوى الشاذة في مذاهبكم.

الجواب

من الواضح أنّكم أوحيتم إلى القارئ أنّ الفتاوى الشاذة في مذهبكم منحصرة بأبي حنيفة، مع أننا أوردنا فتاواه الشاذة على سبيل المثال، وسنذكر بعض النماذج الفقهية الشاذة عن أبي حنيفة وغيره من أئمة وعلماء المذاهب السنية، ولكثرة ما ورد في هذا المجال نقتصر على ذكر بعض تلك الفتاوى ضمن العناوين التالية:

أولاً: الفتاوى الغريبة والشاذة عند أئمة المذاهب السنية

نحاول فيما يلي الإشارة إلى أمثلة في هذا المجال:

1ـ ذهب أحمد بن حنبل إلى أن أقصى مدة الحمل أربع سنين، فلو طلق الرجل امرأته أو مات عنها، فلم تنكح زوجاً آخر، ثم جاءت بولد بعد أربع سنين من الوفاة أو الطلاق، لحقه الولد، وانقضت العدة به([671]).

كما قال أيضاً ابن قدامة في المغني: «ظاهر المذهب إن أقصى مدة الحمل أربع سنين، به قال الشافعي، وهو المشهور عن مالك، وروي عن أحمد أن أقصى مدته سنتان، وروي ذلك عن عائشة، وهو مذهب الثوري وأبي حنيفة... وقد وجد ذلك، فإن الضحاك بن مزاحم وهرم بن حيان، حملت أمّ كلّ واحد منهما به سنتين، وقال الليث: أقصاه ثلاث سنين، حملت مولاة لعمر بن عبد الله ثلاث سنين، وقال عباد بن العوام: خمس سنين، وعن الزهري قال: قد تحمل المرأة ست سنين وسبع سنين، وقال أبو عبيد: ليس لأقصاه وقت يوقف عليه، ولنا أن ما لا نص فيه يرجع فيه إلى الوجود وقد وجد الحمل لأربع سنين، فروى الوليد بن مسلم قال: قلت لمالك بن أنس: حديث جميلة بنت سعد عن عائشة لا تزيد المرأة على السنتين في الحمل، قال مالك: سبحان الله من يقول هذا؟ هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان تحمل أربع سنين قبل أن تلد، وقال الشافعي: بقي محمد بن عجلان في بطن أمه أربع سنين، وقال أحمد: نساء بني عجلان يحملن أربع سنين وامرأة عجلان حملت ثلاث بطون كلّ دفعة أربع سنين، وبقي محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي في بطن أمه أربع سنين، وهكذا إبراهيم بن نجيح العقيلي حكى ذلك أبو الخطاب، وإذا تقرر وجوده وجب أن يحكم به ولا يزاد عليه؛ لأنه ما وجد»([672]).

وفي المحلى لابن حزم: «قالت طائفة: يكون الحمل سبع سنين ولا يكون أكثر، وهو قول الزهري ومالك، واحتج مقلدوه بأن مالكاً ولد لثلاثة أعوام»([673]).

ولا شك في أن أدنى ما يمكن أن يترتب على مثل هذه الآراء والفتاوى الخرافية ـ المخالفة للواقع والوجدان وبديهيات الطب ـ من المفاسد الاجتماعية والحقوقية، أنها تفتح باباً واسعاً لانتشار الزنا وشرعنة البغاء، وذلك بإضفاء الغطاء الشرعي وإعطاء الحماية القانونية لكل مومسة لم تستطع التخلص من لقيطها، من خلال ما تزعمه من نسبة الجنين الذي في بطنها إلى زوجها الذي فارقها أو مات عنها قبل أربع سنين أو أكثر من دون أن يعلم عنها الزوج السابق شيئاً.

كما أن ذلك يوجب اختلاط المياه وضياع الأنساب والمواريث، ويفرغ الحكم بحرمة الزنا من معناه.

2ـ في مذهب أحمد بن حنبل: «إذا ادعى اثنان ولداً فإن لم يكن لأحدهما بينة، أو كان لكل منهما بينة تعارض الأخرى، فهنا يعرض على القافة، فإن ألحقه القافة بأحدهما لحق به، وإن ألحقوه بالاثنين لحق بهما، فيرثانه جميعاً ميراث أب واحد، ويرثهما ميراث ابن»([674]).

وتعقيباً على هذه الفتوى الغريبة نتساءل: هل سوف يُمنح الوليد بطاقتين شخصيتين في كل بطاقة أب معين؟ وما حكم إسلامه قبل البلوغ إذا كان أحد أبويه كافراً والآخر مسلماً؟ وهل يرث إخوته من كلا الأبوين؟ وما إلى ذلك من اللوازم التي يصعب إيجاد حلول لها.

3ـ أفتى مالك بن أنس بطهارة الكلاب والخنازير، وسؤرهما طاهر يتوضأ به ويشرب، وإن ولغا في طعام لم يحرم أكله، وعنده أن الأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب فيه مجرد تعبد([675]).

وأفتى أيضاً بجواز أكل الحشرات، كالديدان والصراصير والخنافس والفئران والجراذين والحرباء والعضاء، والحية حلال إذا ذكيت([676]).

وإنه ليتبادر إلى ذهني عند قراءة مثل هذه الفتاوى أنها تفيد سوّاح المسلمين الذين يرتادون المطاعم الصينية!

 كما أفتى مالك أيضاً بحلية زواج الرجل من بنته التي أولدها من الزنا، ومن أخته وبنت ابنه، وبنت بنته، وبنت أخيه وأخته من الزنا أيضاً، مستدلاً بأنها أجنبية عنه، ولا تنتسب إليه شرعاً، ولا يجري التوارث بينهما، ولا تعتق عليه إذا ملكها، ولا تلزمه نفقتها، فلا يحرم عليه نكاحها كسائر الأجانب([677]).

4ـ أفتى الشافعي بحلية الزواج من بنته من الزنا، ومن أخته وبنت ابنه، وبنت بنته، وبنت أخيه وأخته من الزنا([678]).

وإلى ذلك أشار الزمخشري في أبياته المعروفة، قائلاً:

فإن شافعياً قلت قالوا بأنني

 

أبيح نكاح البنت والبنت تحرم([679])

وأفتى أيضاً بحلية الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها؛ لأن التسمية مستحبة عنده غير واجبة، لا في عمد ولا في سهو، وهذا القول مروي أيضاً عن أحمد بن حنبل([680])، مع أن الله تعالى يقول: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}([681]).

كما أخرج الشافعي في كتابه (الأم) عن قبيصة بن ذؤيب: «أن رجلاً سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية وحرمتهما آية، وأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك، قال: فخرج من عنده فلقي رجلاً من أصحاب النبي «صلى الله عليه وسلم»، فقال: لو كان لي من الأمر شيء، ثم وجدت أحداً فعل ذلك لجعلته نكالاً.

 قال مالك: قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه»([682]).

5ـ وعن أبي حنيفة أن الرجل لو تزوج في المشرق بامرأة في المغرب، ثم مضت ستة أشهر، وأتت بولد، فإنه يلحق به؛ لأنّ الولد إنما يلحقه بالعقد ومضي مدة الحمل، وإن علم أنه لم يحصل منه الوطء، وأفتى بأنه لو تزوج رجلان امرأتين، فغلط بهما عند الدخول، فزفت كلّ واحدة إلى زوج الأخرى، فوطأها وحملت منه، لحق الولد بالزوج لا بالواطئ؛ لأن الولد للفراش([683]).

هذا، وقد عقد ابن أبي شيبة في كتابه (المصنف) باباً لمخالفات أبي حنيفة للأحاديث المروية عن النبي’ أسماه: كتاب الرد على أبي حنيفة، وقال: «هذا ما خالف به أبو حنيفة الأثر الذي جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)». وذكر فيه 125 مورداً، فراجعه([684]).

وروى ابن عبد البر في كتاب الانتقاء عن وكيع بن الجراح قال: «وجدت أبا حنيفة خالف مائتي حديث عن رسول»([685]).

وروى الخطيب البغدادي عن يوسف بن أسباط، أنه قال: «رد أبو حنيفة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أربعمائة حديث أو أكثر»([686]).

ولأجل ما نقلناه من فتاوى أئمة المذاهب السنية، قال الزمخشري في أبياته المعروفة:

إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به

 

 

وأكتمه كتمانه لي أسلم

فإن حنفياً قلت قالوا بأنني

 

 

أبيح الطلا وهو الشراب المحرم

وإن مالكياً قلت قالوا بأنني

 

 

أبيح لهم أكل الكلاب وهم هم

وإن شافعياً قلت قالوا بأنني

 

 

أبيح نكاح البنت والبنت تحرم

وإن حنبلياً قلت قالوا بأنني

 

 

ثقيل حلولي بغيض مجسم

وإن قلت من أهل الحديث وحزبه

 

 

يقولون تيس ليس يدري ويفهم([687])

ثانياً: فتاوى شاذة وعجيبة لجملة من الفقهاء

بالإضافة إلى ما ذكرناه من الشذوذ والغرابة في فتاوى أئمة المذاهب السنية، نجد أن فقهاءهم الآخرين ساروا على المنهج ذاته، ولم تخلُ فتاواهم من الغرائب:

 1ـ أفتى ابن حزم وغيره بأنّ الرجل الكبير البالغ له أن يرتضع من امرأة فيكون ابنها من الرضاعة، فيحل له بعد ذلك ما يحل لابنها من الرضاعة، وهذا الحكم يثبت له وإن كان المرتضع شيخاً([688]).

وهذا هو مذهب عائشة، ففي كتاب الأم للشافعي قال: «فأخذت عائشة بذلك فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال، فكانت تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها يرضعن لها من أحبت أن يدخل عليها من الرجال والنساء، وأبى سائر أزواج النبي (صلّى الله عليه وسلّم) أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس»([689]).

ونحن نترك التعليق والحكم على هذه الطامات والدواهي إلى كلّ مسلم غيور على دينه وعرضه وعلى حرمات المسلمين.

2ـ وأفتى المالكيون بحلية أكل لحوم السباع، ومن ضمنها الكلاب والسنانير.

قال ابن حزم في معرض الرد على من لم يفعل ذلك: «ثم قد شهدوا على أنفسهم بإضاعة المال والمعصية في ذلك، إذ تركوا الكلاب والسنانير تموت على المزابل وفي الدور، ولا يذبحونها فيأكلونها، إذ هي حلال، ولو أن امرءاً فعل هذا بغنمه وبقره لكان عاصياً لله تعالى بإضاعة ماله»([690]).

3ـ وأفتى عطاء ومجاهد ومكحول والأوزاعي والليث وغيرهم، بأنّه لو ذبح النصارى لكنائسهم أو ذبحوا على اسم المسيح أو الصليب، أو أسماء من مضى من أحبارهم ورهبانهم فذبيحتهم لا يحرم الأكل منها([691]).

علماً أنّ الوهابيين في عصرنا الحاضر ـ الذين يدّعون انتسابهم إلى ذلك السلف ـ قد حكموا بكفر وارتداد أتباع مذهب أهل البيت(علیهم السلام)، وحرمة الأكل من ذبائحهم، وإن ذكروا اسم الله عليها([692]).

4ـ وقال ابن عابدين: «قال في الملتقط: الغلام إذا بلغ مبلغ الرجال ولم يكن صبيحاً فحكمه حكم الرجال، وإن كان صبيحاً فحكمه حكم النساء، وهو عورة من فرقه إلى قدمه»([693]).

وعلى طبق هذه الفتوى فلا تستغرب إذا رأيت شاباً وسيماً قد ارتدى ملابس النساء، ولبس الخمار وتقنّع بالنقاب!!

5ـ ما اشتهر عن الشيخ ابن باز تكفيره من قال بكروية الأرض، وأن من قال بأنّ الشمس ثابتة والأرض تدور فهو كافر، ضال، مضل، يستتاب، فإن تاب وإلاّ قتل كافراً، حيث قال: >فمن زعم خلاف ذلك، وقال: إنّ الشمس ثابتة لا جارية فقد كذّب الله...وكلّ من قال هذا القول فقد قال كفراً وضلالاً؛ لأنه تكذيب لله, وتكذيب للقرآن, وتكذيب للرسول,... وكل من كذّب الله سبحانه، أو كذّب كتابه الكريم أو كذّب رسوله الأمين (عليه الصلاة والسلام) فهو كافر ضالّ مضلّ يستتاب, فإن تاب وإلاّ قتل كافراً مرتدّاً، ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين...وكما أنّ هذا القول الباطل مخالف للنصوص, فهو مخالف للمشاهد المحسوس، ومكابرة للمعقول والواقع، فلم يزل الناس مسلمهم وكافرهم يشاهدون الشمس جارية طالعة وغاربة، ويشاهدون الأرض قارّة ثابتة، ويشاهدون كلّ بلد وكلّ جبل في جهته لم يتغيّر من ذلك شيء<، واستدل على ذلك بقوله: «ولو كانت الأرض تدور كما يزعمون لكانت البلدان، والجبال والأشجار والأنهار، والبحار لا قرار لها، ولشاهد الناس البلدان المغربية في المشرق والمشرقية في المغرب، ولتغيرت القبلة على الناس حتى لا يقرّ لها قرار»([694]).

وقد صار ابن باز بأفكاره هذه سخرية العالم وأضحوكة العصر، وقد أحرج المراكز العلمية والأكاديمية؛ بل وحتى السياسية في المملكة.

ثالثاً: فتاوى جنسية شاذة

إنّ فتاوى الجنس الشاذة والغريبة في الكتب السنية كثيرة نقتصر على ذكر نماذج منها:

1ـ أفتى ابن حزم بجواز الاستمناء، ونقل الفتوى بذلك عن الحسن البصري وعمرو بن دينار وزياد بن أبي العلاء ومجاهد، وفي المجموع للنووي: «وأحمد بن حنبل على ورعه يجوزه بأنّه إخراج فضلة من البدن، فجاز عند الحاجة»([695]).

وفي المحلى لابن حزم: «فلو عرضت فرجها شيئاً دون أن تدخله حتى ينزل فيكره هذا ولا إثم فيه، وكذلك الاستمناء للرجال سواء سواء؛ لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، ومس المرأة فرجها كذلك مباح بإجماع الأمة كلِّها»([696]).

وقال ابن القيّم الجوزية: «وإن كانت امرأة لا زوج لها واشتدت غلمتها، فقال بعض أصحابنا يجوز لها اتخاذ الاكرنبج، وهو شيء يعمل من جلود على صورة الذكر، فتستدخله المرأة، أو ما أشبه ذلك من قثاء وقرع صغار».

وقال أيضاً: «وإن قوّر بطيخة أو عجيناً أو أديماً أو نجشاً في صنم إليه فأولج فيه، فعلى ما قدمنا من التفصيل، قلت: وهو أسهل من استمنائه بيده»([697]).

ومن الواضح أنّ إباحة مثل هذه الأمور وتفشيها في المجتمع ـ مع منافاتها للفطرة والعقل والذوق السليم ـ تؤدي في أكثر الأحيان إلى إشاعة الفواحش وإثارة الغرائز، واكتفاء الرجال بالبطيخ والأصنام، والنساء بالقرع والاكرنبج، وعزوف الشباب عن فكرة الزواج وتكوين الأسر الإسلامية الصالحة.

2ـ قال الدسوقي في الحاشية: «فلو دخل الشخص بتمامه في الفرج فلا نص عندنا, وقالت الشافعية: إن بدأ في الدخول بذكره اغتسل وإلاّ فلا، كأنهم رأوه كالتغييب في الهواء»([698]).

قال الشرواني في حواشيه: «لو شق ذكره نصفين فأدخل أحدهما في زوجة، والآخر في زوجة أخرى، وجب عليه الغسل دونهما، ولو أدخل أحدهما في قبلها، والأخرى في دبرها، وجب الغسل»([699]).

رابعاً: تحليل الأمة والاستمتاع بالصغيرة

إنّ ما ذكره الدكتور في كتابه من الفتاوى القديمة والحديثة، والتي جعلها غرضاً للسخرية والاستهزاء، استخفافاً بعقول القرّاء، إنّما هي مسائل فقهية لا تخرج عن إطارها العلمي والاجتهادي العام، مع أنّ لها نظائر كثيرة في كتبكم الفقهية ومجامعكم الروائية، ونشير فيما يلي إلى نموذجين لما ذكر من تحليل الأمة والاستمتاع بالصغيرة في كتب الطائفة السنية:

1ـ تحليل الأمة لغير المالك في كتب السنة

قال ابن حزم في المحلّى تحت عنوان (من أحل فرج أمته لغيره): «قال ابن عباس: إذا أحلت امرأة الرجل، أو ابنته، أو أخته له جاريتها فليصبها وهي لها، فليجعل به بين وركيها، قال ابن جريج: وأخبرني ابن طاوس عن أبيه أنه كان لا يرى به بأساً، وقال: هو حلال فإن ولدت فولدها حرّ، والأمة لامرأته ولا يغرم الزوج شيئاً، قال ابن جريج: وأخبرني إبراهيم بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن زادويه عن طاووس أنه قال: هو أحل من الطعام، فإن ولدت فولدها للذي أحلّت له وهي لسيدها الأول، قال ابن جريج: وأخبرني عطاء بن أبي رباح، قال: كان يفعل، يحل الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه وتحلها المرأة لزوجها، قال عطاء: وما أحب أن يفعل، وما بلغني عن ثبت، قال: وقد بلغني أن الرجل كان يرسل بوليدته إلى ضيفه، قال أبو محمد رحمه الله: فهذا قول وبه يقول سفيان الثوري، وقال مالك وأصحابه: لا حدّ في ذلك أصلاً، ثم اختلف قوله في الحكم في ذلك، فمرة قال: هي لمالكها المبيح ما لم تحمل، فإن حملت قوّمت على الذي أبيحت له، ومرة قال: تقام بأول وطئه على الذي أبيحت له، حملت أو لم تحمل»([700]).

2ـ الاستمتاع بالصغيرة في كتب السنة

قال ابن القيم الجوزية في بدائع الفوائد: «وفي الفصول روى عن أحمد في رجل خاف أن تنشق مثانته من الشبق أو تنشق أنثياه لحبس الماء في زمن رمضان يستخرج الماء، ولم يذكر بأي شيء يستخرجه، قال: وعندي أنه يستخرجه بما لا يفسد صوم غيره، كاستمنائه بيده أو ببدن زوجته أو أمته غير الصائمة، فإن كان له أمة طفلة أو صغيرة استمنى بيدها وكذلك الكافرة ويجوز وطؤها فيما دون الفرج، فإن أراد الوطء في الفرج مع إمكان إخراج الماء بغيره فعندي أنه لا يجوز»([701]).

وجاء في كتاب المغني لابن قدامة: «فأما الصغيرة التي لا يوطأ مثلها فظاهر كلام الخرقي تحريم قُبلتها ومباشرتها لشهوة قبل استبرائها، وهو ظاهر كلام أحمد، وفي أكثر الروايات عنه، قال: تستبرأ وإن كانت في المهد»([702])، وهذا يعني جواز تقبيل الصغيرة ومباشرتها بشهوة بعد استبرائها وإن كانت في المهد، وهذا هو رأي الخرقي وظاهر كلام أحمد.

وجاء أيضاً في أحد مراكز الإفتاء السني، بإشراف د. عبدالله الفقيه تحت عنوان (حدود الاستمتاع بالزوجة الصغيرة):

«السؤال: أهلي زوجوني من الصغر صغيرة، وقد حذروني من الاقتراب منها، ماهو حكم الشرع بالنسبة لي مع زوجتي هذه، وما هي حدود قضائي للشهوة منها وشكراً لكم؟

الفتوى: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كانت هذه الفتاة لا تحتمل الوطء لصغرها، فلا يجوز وطؤها؛ لأنه بذلك يضرها، وقد قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد وصححه الألباني.

وله أن يباشرها، ويضمها ويقبلها، وينزل بين فخذيها، ويجتنب الدبر؛ لأن الوطء فيه حرام، وفاعله ملعون، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 13190 والفتوى رقم 3907، والله أعلم.

 المفتي: مركز الفتوى، بإشراف د.عبدالله الفقيه، تاريخ الفتوى: 6 / شعبان/ 1423 فتوى رقم: 23672»([703]).

قلتم: الشيعة والسنة اتجاهان لا يلتقيان

جاء في ص59: «نحن نحب أن لا يكون بيننا وبين الشيعة خلاف ونتمنى أن ينحصر الخلاف فيما بيننا وبينهم، ليكون مثل ما بين المالكية والأحناف أو أي مذهبين من مذاهب السنة».

ثم قلتم في الصفحة ذاتها: «والمطلع على كتب الشيعة القديمة يرى أن هناك فرقاً كبيراً بين الشيعة وأهل السنة، بل يرى اتجاهين لا يلتقيان أبداً.

وكتب الشيعة الأصول مملوءة بما يقرر عدة عقائد كلّ واحدة كافية لجعل الشيعة مذهباً خارجاً في نظر السنة عن الإسلام».

الجواب

إنّ شعار (أهل السنّة والجماعة) الذي رفعتموه وجعلتموه ذريعة تلمزون به الشيعة وتخرجون أتباع أهل البيت(علیهم السلام) عن ربقة الإسلام، ما هو إلا خدعة كاذبة قد تنطلي على البسطاء من الناس، ممن ليس له نصيب من المعرفة الكافية في مجال البحوث الدينية والعقدية.

تكفير السنة بعضهم بعضا

ولكن الذي يتابع ويطالع كتب الفرق والملل والمذاهب والمجامع الحديثية سرعان ما تنكشف له حقيقة ذلك الشعار المهلهل، ويتبين له واقع التشرذم والتمزق الذي يسود الطوائف السنية، فقد تجاوزت فرق أهل السنة حدّ العدّ والإحصاء، ووقع بينها صراعات مريرة واختلافات واسعة تناولت معظم مسائل الدين والعقيدة بما في ذلك مباحث التوحيد، حتى صار ذلك سبباً ومدعاة للتراشق فيما بينها بعبارات التكفير والتبديع والتضليل، فأصبحت كلّ فرقة تدعي أنها (أهل السنّة والجماعة) وغيرها خارج عن ذلك العنوان، والأمثلة في هذا المجال كثيرة نشير إلى بعضها على سبيل الإشارة والاختصار:

1ـ تكفير غير الأشاعرة من المسلمين

قال أبو إسحاق الشيرازي إمام الشافعية في عصره: «فمن اعتقد غير ما أشرنا إليه من اعتقاد أهل الحق المنتسبين إلى الإمام أبي الحسن الأشعري ـ رضي الله عنه ـ فهو كافر»([704]).

2ـ تكفير غير الحنابلة من المسلمين

أورد الذهبي في التذكرة عن أبي حاتم بن خاموش الحافظ بالري، والذي كان مقدّم أهل السنة فيها، قوله: «فكل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم»([705]).

3ـ تكفير الشافعية للحنابلة

قال ابن عساكر: «إن جماعة من الحشوية والأوباش الرعاع المتوسمين بالحنبلية أظهروا ببغداد من البدع الفضيعة والمخازي الشنيعة ما لم يتسمح به ملحد فضلاً عن موحد»([706]).

4 ـ تكفير أبي حنيفة وأتباعه

عن سفيان الثوري قال: «استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين»([707])، وفي الانتقاء لابن عبد البر: «وقال نعيم عن الفزاري: كنت عند سفيان بن عيينة، فجاء نعي أبي حنيفة، فقال: لعنه الله، كان يهدم الإسلام عروة عروة، وما ولد في الإسلام مولود أشر منه»([708]).

وروى الخطيب البغدادي بإسناده عن الحنيني، قال: «سمعت مالكاً يقول: ما ولد في الإسلام مولود أشأم من أبي حنيفة»([709]).

وروى الخطيب البغدادي بسنده عن أبي بكر السجستاني، أنه قال لأصحابه: «ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه، والشافعي وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والحسن بن صالح وأصحابه، وسفيان الثوري وأصحابه، وأحمد بن حنبل وأصحابه؟ فقالوا له: يا أبا بكر، لا تكون مسألة أصح من هذه، فقال: هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبي حنيفة»([710]).

وفي كتاب (السنة) عن سفيان أنه ذكر أبا حنيفة، فقال: «استتيب أصحابه من الكفر غير مرة»([711]).

وعن شريك كان يقول: «لأن يكون في كلّ حي من الأحياء خمّار خير من أن يكون فيه رجل من أصحاب أبي حنيفة»([712]).

ومسألة تكفير أبي حنيفة وأتباعه وتضليلهم وتبديعهم مما امتلأت بها كتب الرجال والدراية والمجامع الحديثية.

الصراع والقتال بين المذاهب السنية

مضافاً إلى ذلك ما وقع بين تلك الفرق والمذاهب من الصراع والاقتتال واستباحة الأموال والأعراض، وهذا مما امتلأت به الكتب التاريخية أيضاً، نشير فيما يلي إلى نماذج في هذا المجال:

1ـ القتال بين الأحناف والشوافع والحنابلة

 لقد وقع قتال وصراع وحروب بين المذاهب السنية، وفي مراحل متعدّدة من التاريخ، وفي أماكن مختلفة من البلاد الإسلامية، ففي حوادث سنة447هـ، قال ابن الجوزي وغيره: >ووقعت بين الحنابلة والأشاعرة فتنة عظيمة, حتى تأخر الأشاعرة عن الجمعات خوفاً من الحنابلة»([713]).

وفي سنة 470هـ قال ابن كثير وغيره: >وقعت فيه فتنة بين الحنابلة وفقهاء النظامي<([714])، وهم من الشوافع.

ويحدثنا ابن الأثير في تاريخه عن حوادث سنة560هـ، فيقول: >في هذه السنة في صفر وقع بأصفهان فتنة عظيمة بين صدر الدين عبد اللطيف ابن الخجندي([715])، وغيره من أصحاب المذاهب بسبب التعصب للمذاهب، فدام القتال بين الطائفتين ثمانية أيام متتابعة، قتل فيها خلق كثير، واحترق وهدم كثير من الدور والأسواق، ثم افترقوا على أقبح صورة<([716]).

وصوّر لنا ياقوت الحموي ما حلّ بإصفهان من دمار وخراب بسبب هذه الفتن، فقال: >وقد فشا الخراب في هذا الوقت وقبله في نواحيها؛ لكثرة الفتن والتعصب بين الشافعية والحنفية والحروب المتصلة بين الحزبين، فكلمّا ظهرت طائفة نهبت محلة الأخرى وأحرقتها وخربتها، لا يأخذهم في ذلك إلاًّ ولا ذمة<([717]). وقال في موضع آخر: >وقعت العصبية بين الحنفية والشافعية ووقعت بينهم حروب كان الظفر في جميعها للشافعية. هذا مع قلة عدد الشافعية إلاّ أنّ الله نصرهم عليهم<([718]).

 2ـ ضرب الشافعي المذهب حتى الموت

قال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 323 هـ في بغداد: «وفيها عظم أمر الحنابلة، وقويت شوكتهم... وكانوا إذا مرّ بهم شافعي المذهب أغروا به العميان، فيضربونه بعصيهم حتى يكاد يموت»([719]).

3 ـ أخذ الجزية من الشافعية

ذكر ابن كثير في ترجمة محمد بن موسى بن عبد اللّه الحنفي، فقال: «ولي قضاء دمشق، وكان غالياً في مذهب أبي حنيفة، وكان يقول: لو كانت لي الولاية لأخذت من أصحاب الشافعي الجزية، وكان مبغضاً لأصحاب مالك أيضاً»([720]).

4 ـ أخذ الجزية من الحنابلة

 وذكر الذهبي في العبر أن الفقيه الشافعي أبا حامد محمد بن محمد البروي الطوسي صاحب التعليقة المشهورة في الخلاف كان بارعاً في معرفة مذهب الأشعري، قدم بغداد وشغب على الحنابلة، وأثار الفتنة، وقيل: إن البروي قال: لو كان لي أمر لوضعت على الحنابلة الجزية([721]).

وقد كان للسلطات والحكومات المتعاقبة دور كبير في تأجيج تلك الفتن وتغذيتها، فإن كان الحاكم يتبنى فكراً أو عقيدة أو مذهباً لنيل بعض المكاسب السياسية، نجد أن ذلك الفكر أو المذهب ينتشر وتكون له سطوة وهيمنة على بقية الفرق الأخرى، فيستعمل شتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة في توسيع رقعة مذهبه بين عامة الناس.

ولذا قال ابن تيمية بشأن السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي الذي سار على منوال القادر العباسي، حيث دعا إلى المذهب الحنبلي وقمع الفرق والمذاهب السنية الأخرى: «وزاد إليه بأن أمر بلعنة أهل البدع على المنابر، فلعنت الجهمية والرافضة والحرورية والمعتزلة والقدرية، ولعنت أيضاً الأشعرية، حتى جرى بسبب ذلك نزاع وفتنة بين الشافعية والحنفية وغيرهم، قوم يقولون: هم من أهل البدع فيلعنون، وقوم يقولون: ليسوا من أهل البدع فلا يلعنون»([722]).

وهذا يعني أن للحكومة والسلطة دوراً فاعلاً في نشر المذهب الحنبلي، أو غيره من المذاهب الأربعة، مما يفسر اندثار الكثير من الفرق السنية وانحصارها بالمذاهب المعروفة.

ومن مجمل ما ذكرناه تبين أن جعل أهل السنة في خندق الإسلام في قبال الشيعة من الدعاوى التي تفتقد لأدنى درجة من درجات الصدق والإنصاف.

قلتم: كتب الشيعة مملوءة بما يستلزم خروجهم عن الإسلام

جاء في ص59: >وكتب الشيعة الأصول مملوءة بما يقرر عدة عقائد، كلّ واحدة منها كافية لجعل الشيعة مذهباً خارجاً في نظر السنة عن الإسلام<، ثم زعمتم أن كتبنا بعد أن قررت إمامة علي× نصت على كفر الصحابة بتركها, كما أوردت عدّة من الروايات المفسرة لبعض آيات القرآن بالولاية.

الجواب

 أولاً: هذا فهم خاطـئ للعقيدة الشيعية

إنّ الكثير من الإشكالات والشبهات التي أثرتموها وأثارها بعض المدافعين عن الفرقة الوهابية، ناشئة من القصور والجهل بمخطط البناء الفكري والمنظومة العقدية لأصول المذهب الشيعي الإمامي الاثني عشري، فنراكم تستغربون بعض الأمور وتستوحشونها، بل وتسخرون وتستهزئون بها، للجهل بأنها مبتنية ومرتكزة على أسس وقواعد محكمة معتمدة على الأدلة الواضحة، فتؤخذ مبتورة ومجتزأة عن محيطها وسياقها العام، فعندما تطبق على تلك الفكرة المقطوعة من محلّها وفق الموازين التي أسسها الوهابيون لأنفسهم تبدو غريبة وهجينة، وهذا ما وقعتم فيه في كثير من مباحث كتابكم (حوار هادئ)، ومن أهم تلك المباحث هو: معتقد الإمامة، تلك العقيدة الأصيلة في الإسلام، والتي تستند على ركائز رصينة لا يمكن فهمها واستيعابها خارج إطارها الصحيح.

فإنّ الإمامة عند الشيعة سفارة إلهية وامتداد طبيعي للنبوة والرسالة الخاتمة، فهي السبيل الذي يتكفل بحفظ الشريعة وتجسيد مبادئها، وهي قيادة معصومة للأمة توصلهم إلى طريق الحق والعدل الذي بعثت من أجله الأنبياء والرسل، مستندين في ذلك كله إلى أدلة عقلية ونقلية مستقاة من الكتاب والسنة النبوية المباركة، فمن الطبيعي أن تأخذ هذه العقيدة بذلك الحجم وتلك الخطورة دوراً واسعاً في مبادئ الرسالة الخاتمة، وتكون ركيزة من ركائز الإيمان، ويفقد منكرها درجة من درجاته، وهذا ما يقابله درجة من درجات الكفر والإنكار أيضاً.

ثانياً: الشيعة لا يكفرون مسلما

لقد أجمع المسلمون بما فيهم الشيعة الإمامية على أنه لا يحكم بكفر أحد إلا إذا أنكر أحد أصول الإسلام الرئيسية كالتوحيد والنبوة والمعاد، أو أنكر ضرورياً من ضروريات الإسلام فيما إذا استلزم ذلك تكذيب النبي’ وإنكار رسالته، نعم شذّ بعض السلفيين عن هذا المنهج فكفّروا المسلمين؛ لتوسلهم بالأنبياء والأولياء وزيارة قبورهم الشريفة أو غير ذلك مما لا يعد من أصول الإسلام أو من ضرورياته.

وأمّا الإمامة؛ فهي عند الشيعة الإمامية من أصول الإيمان وأركان المذهب، فإنكارها وعدم الإيمان بها لا يخرج الشخص عن الإسلام، ولا عن الإيمان الذي يرادف المعنى المراد من الإسلام، كما في قوله تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً}([723])، وإنما يخرج الشخص بإنكاره عقيدة الإمامة عن الإيمان الذي يوازي مرتبة ومقام الطاعة والتسليم والانقياد إلى أئمة الدين وقادته الإلهيين، كما في قوله تعالى في حق المسلمين من الصحابة: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}([724])، كما خاطب الله تعالى المؤمنين على لسان نبيه الأكرم’ قائلاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ}([725])، فهذه الآية الكريمة تطالب المؤمنين بدرجة خاصة من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيل الله تعالى، وهي درجة الطاعة والانقياد والتسليم.

فالذي ينكر ويعرض عن هذه الدرجة القرآنية من الإيمان، وإن بقي على إسلامه والإيمان الموازي له في المعنى يكون كافراً بتلك الدرجة من الإيمان، فإن الكفر قد يطلق في القرآن والسنة النبوية الشريفة على الإنكار والجحود القلبي لبعض الحقائق الدينية أو المبادئ والفروع التفصيلية، بما يشمل إتيان الذنوب وترك الواجبات ونكران النعم، وإن لم يكن كافراً بحسب الاصطلاح والحكم الفقهي، وذلك كما في قوله تعالى: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إنّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}([726])، وكقوله تعالى أيضاً: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}([727])، وكذا ما حكاه الله تعالى عن قول سليمان×: {هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ}([728])، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس، قال: «قال النبي: أريت النار, فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن بالعشير ويكفرن الإحسان»([729]).

 وكما جاء في صحيح مسلم: «أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم»([730])، وهذا هو المعنى المراد من الكفر في الروايات الشريفة التي أوردتموها في كتابكم عن كتاب الكافي، فإن جاحد الولاية والإمامة والخلافة ومقام الطاعة لله والرسول وأولي الأمر فاقد لرتبة الإيمان وكافر بتلك الدرجة، وإن كان مسلماً من المسلمين بحسب الاصطلاح الشرعي والفقهي.

ثالثا: روايات التفسير والتأويل للقرآن الكريم

إنّ ما أوردتموه من الروايات التي جاءت بصدد تفسير وتأويل بعض الآيات القرآنية بمقام الإمامة والولاية، والتي ضاق بها صدرك، فهي ترمي إلى بيان بعض المعاني العميقة للقرآن الكريم والذي هو تأويل القرآن وباطنه، فإنّ للقرآن ظاهراً وباطناً إلى سبعة بطون أو أكثر، وذلك لما صح عن رسول الله أنه قال: «أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن»([731])، فمن الحقائق المهمة على صعيد المعارف القرآنية هي أن كلّ آية من الآيات تتضمن معاني متعددة أعمق وأدق وأشمل بحسب المصاديق والتطبيقات من المعنى الظاهر والمتيسر لعامة الناس، وهذا التعدد والتدرج في المعاني القرآنية يتناسب مع اختلاف العقول وتدرج الأفهام، ولذا نجد أن العلماء والمفسرين يستنبطون من الآيات القرآنية في مجال العقائد والأحكام ما لا يدركه القارئ العادي.

وقد نص على هذه الظاهرة القرآنية جملة من مفسري وأعلام الطائفة السنية:

قال المُنَاوي في شرحه لما أورده السيوطي في الجامع الصغير: «أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل حرف منها ظهر وبطن، فظهره ما ظهر تأويله وعرف معناه، وبطنه ما خفي تفسيره وأشكل فحواه»([732]).

وقال ابن تيمية: «فإن الباطن إذا لم يخالف الظاهر لم يعلم بطلانه من جهة مخالفته للظاهر المعلوم، فإن علم أنه حق قبل، وإن علم أنه باطل ردّ»([733]).

فالباطن والتأويل الذي ينسجم مع المعنى الظاهر ولا يعارضه، من المداليل القرآنية التي أقرها العلماء والمفسرون، وعقيدتنا في الروايات التي أوردتموها عن كتاب (الكافي) أنها جاءت للإشارة إلى تأويل القرآن وباطنه الذي لا يتقاطع مع ظاهره، والدليل على ذلك: أنك لو رجعت إلى تفسير تلك الآيات المذكورة في ضمن الروايات المؤولة لها في مجامع تفاسيرنا المشهورة لوجدت لها معاني أخر تعبر عن المعنى الظاهر بما قد يتوافق مع جملة من تفاسيركم.

رابعاً: تكفير منكر الخلافة

 إنّ الشيعة الإمامية بعد أن اعتقدوا بأن الإمامة من أصول مذهبهم وأركان الإيمان عندهم فلا ضير أن يعتقدوا بأن من أنكرها سينطبق عليه الكفر المقابل لدرجة من درجات الإيمان، مع أنهم اعتقدوا أيضاً بأن المنكر للإمامة لا يخرج عن دائرة الإسلام، ولكنّ نرى في المقابل أن بعض علماء أهل السنة قد خالفوا إجماع المسلمين في عدم تكفير من تشهد الشهادتين ولم ينكر إحدى ضروريات الإسلام؛ فراحوا يكفرون كل من أنكر خلافة أبي بكر (رض) وعمر (رض) أو ردّ بعض فضائلهم أو فضائل بعض الصحابة، فرموه بالكفر والزندقة وأخرجوه من ربقة الإسلام, مع أنّ منكر خلافتهم أو الراد لبعض فضائلهم, كان متبعاً للدليل في ذلك.

والشواهد على ذلك كثيرة:

 

منها: ما في البحر الرائق عن ابن نجيم المصري، قال: «والرافضي إن فضّل علياً على غيره فهو مبتدع، وإن أنكر خلافة الصديق فهو كافر»([734]).

وفي الصواعق: «فمذهب أبي حنيفة أن من أنكر خلافة الصديق أو عمر فهو كافر»([735]).

ومنها: تكفير من قال بخلق القرآن، وهو ما اشتهرت به الحنابلة، فقد حكم أحمد بن حنبل بكفر عدد من علماء المسلمين ورواتهم بسبب قولهم بأن القرآن مخلوق.

قال أحمد بن حنبل: «ومن زعم أنّ ألفاظنا به وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله فهو جهمي، ومن لم يكفّر هؤلاء القوم فهو مثلهم»([736]).

وقال أيضاً: «من قال: القرآن مخلوق فهو كافر، ومن شكّ في كفره فهو كافر»([737]).

وهذا ما يوجب تكفير جملة من فرق الطائفة السنية، ومنهم الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية، وأغلبهم أحناف في الفروع، وفي مقدمة مَن نالهم التكفير هو إمام الحنفية أبو حنيفة النعمان، حيث اتّهمه رؤساء الحنابلة بالكفر.

ومنها: تكفير من لم يعتقد برؤية الله تعالى البصرية يوم القيامة، قال ابن تيمية: «والذي عليه جمهور السلف أن من جحد رؤية الله في الدار الآخرة فهو كافر»([738])، ويقصد من الرؤية في الدار الآخرة الرؤية البصرية، مع أن هذا يلزم منه تكفير عائشة التي أنكرت مطلق الرؤية كما في البخاري([739])، وكذا تكفير قتادة ومجاهد والسدي([740]) وغيرهم ممن أنكر الرؤية البصرية يوم القيامة.

قلتم: الاختلاف في روايات الشيعة يدل على بطلان مذهبهم

ذكرتم في ص62: أنّ هناك تناقضاً كبيراً في تراث وروايات المذهب الشيعي، واستشهدتم على ذلك بعبارة الشيخ الطوسي في كتابه التهذيب حول اختلاف الأحاديث والروايات، واعتبرتم ذلك دليلاً على بطلان المذهب.

الجواب

إنّ مسألة اختلاف الأحاديث وتضاد جملة من الروايات، اقتضتها الطبيعة البشرية غير المعصومة عن الخطأ والغفلة والنسيان، مضافاً إلى ما رافق عملية نقل الأحاديث وجمعها من ظروف سياسية، وأغراض نفسية واجتماعية، أملتها الأدوار الموضوعية التي واجهها الحديث عبر تأريخه الطويل، من صعوبة التدوين ومحدودية الانتشار، مما يجعله عرضة للضياع والاختلاف والتباين، وهذا ما نراه منتشراً بوضوح في مجامعكم الحديثية والروائية، وقد أدى ذلك الاختلاف في الأحاديث والروايات الواردة من طرقكم إلى استحداث علوم خاصة في هذا المجال كعلم الرجال والحديث والجرح والتعديل وعلوم مختلف الحديث ومشكل الآثار، حتى ألف الشافعي كتاباً في اختلاف الأحاديث، وقد اختصت بعض الكتب والتأليفات في استعراض الأحاديث المختلفة والمتباينة والمتعارضة، وقد أفرد علماء الأصول أبواباً موسّعة اختصت بمباحث تعارض الروايات واختلافها، وقد بدأ الاختلاف في الحديث عندكم بعد وفاة النبي الأكرم’ واستمر إلى يومنا الحاضر.

قال الشاطبي في الاعتصام: «إن الخلاف من زمن الصحابة إلى الآن واقع في المسائل الاجتهادية، وأول ما وقع الخلاف في زمان الخلفاء الراشدين المهديين، ثم في سائر الصحابة، ثم التابعين ولم يُعب أحد ذلك منهم، وبالصحابة اقتدى من بعدهم في توسيع الخلاف»([741]).

وفي الانتقاء لابن عبد البر عن سعيد الإيلي، قال: «سمعت ابن وهب وذكر اختلاف الأحاديث والروايات، فقال: لولا أن لقيت مالكاً لضللت»([742]).

وأما ما نقلته عن الشيخ الطوسي في التهذيب إنما كان بصدد بيان السبب الداعي لتأليف الكتاب، ويتمثل في ضرورة تهذيب وترتيب وبيان الخاص والعام والناسخ والمنسوخ من الروايات، وهو ما يبحثه علماء الأصول؛ نظراً لوجود الكثير من الروايات المتعارضة والمختلفة التي تحتاج إلى دراسة وتمحيص، فلذلك قام الشيخ الطوسي وغيره من العلماء بهذا الجهد، فأشار إلى ذلك الاختلاف في مقدمة كتابه، ولو كان مجرد الاختلاف والتعارض في الروايات دليلاً على تناقض المذهب وبطلانه لكانت المذاهب السنية أولى بالتناقض والبطلان.

هذا كلّه مع ملاحظة أن كتاب التهذيب للشيخ الطوسي كتاب فقهي مختص بفروع الدين وأحكامه، والتي عادة ما يكثر فيها الاختلاف بين العام والخاص والناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد، وليس كلام الشيخ في روايات وأحاديث أصول الدين، كي يقال أن تناقضها واختلافها دليل وشاهد على بطلان المذهب.

قلتم: القول بكفر الصحابة أغرب من القول بعدالتهم

جاء في ص66: «إن ادعاء كفر الصحابة أو فسقهم أو خيانتهم عن بكرة أبيهم ما عدا أربعة أشخاص أشد غرابة من القول بعدالتهم».

الجواب

أولاً: ذكرنا سابقاً أن الشيعة الإمامية يؤمنون بإسلام كلّ من تشهد الشهادتين، ولا يحكمون بكفر الصحابة، وهذه كتبهم الفقهية والحديثية شاهدة على ذلك، فجميع الصحابة مسلمون إلا من أعلن كفره وارتداده بإنكاره التوحيد أو النبوة، وأما بعض الروايات الواردة في كتبنا والتي قد توهم منها ارتداد جميع الصحابة إلا أربعة فهي روايات ضعيفة سنداً، ولا يمكن الاعتماد عليها في الاستدلال في مجال العقيدة.

مضافاً إلى أن لفظ الارتداد الوارد في بعضها لا يراد منه الارتداد الفقهي الاصطلاحي وهو الكفر والخروج عن الدين الإسلامي، وإنما معناه الرجوع عن رتبة من مراتب الإيمان، وهو مقام الطاعة والولاية والانقياد إلى رسول الله’ في مسألة الإمامة والوصية.

ثانياً: إنكم اعترفتم في كتابكم بارتداد الصحابة إلا طائفة قليلة منهم ـ كما أشرنا سابقاً ـ حيث قلتم في ص74: «فحدثت ردّة عن دين الله عز وجل من بعضهم، وامتناع عن دفع الزكاة من البعض الآخر، ولم يبق على الدين سوى ثلاث مدن (المدينة ومكة والطائف) وما عداها فقد أعلنوا عصيانهم»، ثم ذكرت قول ابن كثير: «وقد ارتدت العرب إما عامة وإما خاصة»، وقد ورد هذا المضمون في كتبكم المعتبرة بألسنة مختلفة، فمنها ما حكمت بارتداد عشرات القبائل والبلدان في مختلف أطراف الدولة الإسلامية، والتي احتضنت أعداداً هائلة من الصحابة، وقد كان معنى الارتداد في تلك الروايات هو الكفر والخروج عن الدين، بدليل ما وقع من قتالهم واستباحة أموالهم وسبي نسائهم وأطفالهم.

ثالثاً: إن نقاشنا في مسألة عدالة الصحابة المطلقة وإثبات صدور جملة من المخالفات الشرعية والعقيدية من بعضهم، لا يتجاوز ما ذكرتموه في الكثير من عبائركم، فمن ذلك قولكم في ص73: «فإن الإنسان بدخوله إلى الإسلام، لا يعني أنه أصبح ملكاً لا يصدر منها أخطاء ولا يقع منه هفوات، فالصحابة بشر لهم رغبات ولهم أخطاء وليسوا معصومين».

وقولكم في ص83 في مقام بيان ما ذكره عمر (رض) من أنهم كانوا يظنون أن لن يبقى منهم أحد إلا وينزل فيه شيء من القرآن بعد نزول سورة براءة: «وإنما المراد أننا جميعاً أصحاب ذنوب وخطايا».

فإن مثل هذه التعابير وغيرها مما ورد في كتابكم لا يختلف كثيراً عما تراه الشيعة في مسألة عدالة الصحابة.

قلتم: عدم القول بعدالة الصحابة يعني فشل النبي في التربية

ذكرتم في ص75ـ 76 نبذة عن مراحل الدعوة وتأثيرها الإيجابي على جيل الصحابة، ثم خلصتم إلى أن المدرسة الربانية بإشراف محمد’ قد نجحت في تربية الأصحاب والتاريخ يشهد، وأوحيتم إلى القارئ بعد ذلك أن الشيعة الإمامية يؤمنون بإخفاق النبي’ في تربية أصحابه.

الجواب

أولاً: لا نظن أن هناك مسلماً يؤمن بالله ورسوله يتوهم أن الرسالة الخاتمة بقيادة النبي الأكرم’ وإشرافه لم تستطع أن تربي جيلاً من حملة الإسلام ومبلّغيه؛ بل استطاعت تلك الحقبة التي قارنت البعثة النبوية المباركة أن تصنع مجتمعاً إسلامياً، يحمل معالم الرسالة وطابعها العام، مبتعداً عن الأعراف الجاهلية التي كانت تسود البيئة السابقة على الإسلام.

ثانياً: أنّ كثيراً من الأنبياء استمرت دعوتهم عقوداً من الزمن ولم يؤمن برسالتهم ويتبع نهجهم إلا النزر اليسير من قومهم، كما هو الحال مع نوح وموسى وعيسى ولوط وأيوب وصالح ويونس(علیهم السلام)، ولا يعني ذلك أن نحكم عليهم بالفشل، لأن وظيفة الأنبياء(علیهم السلام) هي التبليغ وإيصال التعاليم الإلهية، وأما الهداية فهي من الله تعالى، قال عزّ وجلّ: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء}([743]).

ثالثاً: أنّ تلك المسيرة الإسلامية بطابعها العام لا تعني أنها أصبحت معصومة ومثاليّة خالية عن كلّ أشكال الأخطاء والتجاوزات، بحيث نضطر إلى تأويل واختلاق المبررات, والسكوت عما وقع بين الصحابة من اختلافات وفتن، ونجمع بين المتناقضات ونساوي بين القاتل والمقتول والظالم والمظلوم، فإن المجتمع يمكن أن يكون صالحاً وإسلامياً في إطاره العام، ومع ذلك يشتمل على الكثير من الأفراد الذين تصدر منهم المخالفات والإخفاقات العقدية والكبائر من الذنوب، ولكن يبقى هؤلاء الأفراد تحت لواء وراية الإسلام ويتكوّن منهم ومن غيرهم من المسلمين الهيكل العام للدولة الإسلامية التي حكمت آنذاك.

والذي يشهد على التفاوت الكبير بين أفراد المجتمع الإسلامي في عهد النبي الأكرم’، هو وقوع الكثير من الانتكاسات والمخالفات للنبي’ من بعض الصحابة، كالفرار في معركة أحد([744]) ويوم حنين([745])، واعتراض الأصحاب على الرسول’ في الحديبية([746]) والعصيان في ترك إنفاذ جيش أسامة([747])، والاعتراض على تدوين الكتاب في رزية الخميس المعروفة([748])، وعصيانهم واعتراضهم عليه في حجة الوداع([749]).

وجملة من تلك المخالفات وقعت في أخريات حياة النبي’، في وقت من المفترض أن يكون الإسلام قد أخذ موقعه الحقيقي في قلوب المسلمين، وبعد أن ملأت أسماعهم الآيات القرآنية من قبيل قوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ}([750]) وقوله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}([751])، والأدهى والأمرّ من كلّ ذلك أن تصدر هذه المخالفات من قِبَل الرعيل الأول من الصحابة.

فهذه المعطيات والوقائع التاريخية بمجملها هي التي رسمت أسس وأبعاد عقيدة الشيعة الإمامية في مسألة الصحابة وعدالتهم، وهذا هو الذي يرفع غرابة ما نعتقده في الصحابة، ويصلح أن يكون دليلاً ساطعاً في هذا المجال وكافياً في تقييم المجتمع الإسلامي في زمن البعثة المباركة وبعد وفاة النبي’.

وعليه؛ فإن مخالفات الصحابة للنبي’ في بداية البعثة وأواخرها، وعصيانهم له في أهم المواقف وأخطرها، كلّ ذلك يجعل مجال المخالفة في مسألة الولاية والإمامة والخلافة بعد وفاته مفتوحاً على مصراعيه، ومع ذلك؛ فإن الشيعة لا يحكمون بكفر من ينكر مسألة الإمامة، بل يبقى مسلماً له دوره في بناء المجتمع الإسلامي، وإن كان عاصياً في مسألة الإمامة، وفاقداً لدرجة مهمة من درجات الإيمان.

قلتم: إنّ القائل بردّة أو خيانة الصحابة قلبه مريض

جاء في ص77: «إن القائل بردّة هؤلاء [الصحابة] وخيانتهم ومدّعي ذلك صاحب قلب مريض، نسأل الله له الشفاء».

الجواب

إنّكم قد اعترفتم في كتابكم هذا وفي مواطن مختلفة بردّة الكثير من الصحابة بعد وفاة النبي الأكرم’، ممن أشرقت عليهم أنوار النبوة ونالتهم بركة صحبة النبي كما ذكرت، وقد نقلت مصادر أهل السنة ارتداد عدد من الصحابة، كعلقمة بن علاثة، وربيعة بن أميّة الجمحي الذي شهد مع النبي’ حجة الوداع وحدّث عنه، ثم ارتد في خلافة عمر (رض) ولحق بالروم، وغير ذلك من الصحابة الذين تنبأ النبي’ بارتدادهم بعد رحيله، حيث قال: «وإن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم»([752]).

 وسنذكر في البحوث اللاحقة عدداً من الصحابة الذين ارتدوا فراجع([753]).

وقولكم: مدعي ذلك صاحب قلب مريض؛ فإننا نترفع عن الرد بنفس الأسلوب؛ لأن قلوبنا تحمل في طياتها السماحة والإخلاص لكل إنسان.

قلتم: هل يقرّ الشيعة بعدالة من طالت صحبته؟

أوردتم في ص77 قولي: «فهل يصح أن يقال: إن صحبة ساعات أو أيام قلعت ما في نفوسهم؟» وذلك في مقام التساؤل حول تفاوت زمن الصحبة للنبي، ثم قلتم: «هل يعني أن الشيعة يقرّون بأن الذين صحبوه من أول أمرهقد قلعت ما في نفوسهم من جذور غير صالحة؟» وذكرتم بعد ذلك بعضاً من الصحابة الذين أسلموا في بدايات البعثة المباركة، وتساءلتم هل تهذبت نفوسهم عندكم أم لا؟

الجواب

أولاً: أنّك حاولت الالتفاف على الجواب مرة أخرى، حيث لم تذكر المبرر الواقعي والعلمي للحكم بعدالة من لم يثبت من صحبته إلاّ أيام قليلة أو ساعات، ومشاطرته في مبدأ العدالة مع من أسلم في أوائل البعثة.

ثانياً: أننا لا نعني بقولنا: «فهل يصح أن يقال: إن صحبة ساعات أو أيام قلعت ما في نفوسهم» أن من أسلم في أول البعثة قد انقلع كلّ ما في نفوسهم من جذور غير صالحة وملكات رديئة مما لا ينجو منها أحد إلا من عصم الله تعالى، وإنما طول الصحبة قد تخلق له أجواءً وأرضية خصبة مهيأة لنمو بذور الخير والصلاح, لا أنه يكون إنساناً صالحاً في مجمل أبعاد حياته بالضرورة.

ففي الحديث عن النبي الأكرم’، قال: «مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقيّة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ»([754]).

ويشهد على ذلك الحوادث والفتن والاختلافات والمهاترات والتجاوزات التي وقعت من الصحابة، والنبي’ بين أظهرهم وعلى مرأى ومسمع منه.

ومن أمثلة ذلك ما جاء في البخاري عن ابن أبي مليكة، قال: «كاد الخيران أن يهلكا، أبو بكر وعمر»([755])، وذلك عندما تشاجرا وارتفعت أصواتهما عند النبي’.

وفي صحيح البخاري أيضاً، عن جابر بن عبد الله، قال: «كنا في غزاة.. فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار! وقال المهاجري: يا للمهاجرين! فسمع ذلك رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فقال: ما بال دعوى جاهلية! فقالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: دعوها فإنها منتنة»([756]).

وهذه الأمثلة تكشف وتدلّل بوضوح على أن رواسب الجاهلية لم تزل عالقة في قاع مجتمع الصحابة، ولم تقتلع ما في نفوسهم من جذور الملكات الرديئة.

ثالثاً: أنّ ما زعمتموه من أنّ الشيعة الاثني عشرية، وبدون استثناء، لا يرى في كتبهم إلا التكفير أو التفسيق للصحابة، مجازفة وإلقاء للكلام على عواهنه، ولا يصدر من مثقف إسلامي فضلاً عن متخصص في مجال الفكر والعقيدة الإسلامية، إذ لا يوجد في كتبنا ما يدل على دعواك إلا بعض الروايات الضعيفة.

رابعاً: أنّ الصحابة الذين ذكرتهم في حديثك لا شك في أننا نعتقد بإسلامهم وسابقتهم في الإسلام إلا أن هذا لا يعني عصمتهم عن الزلل والانحراف، ولا يثبت حرمة التعرض لهم، ونقدهم واستعراض الأخطاء التي ارتكبوها في حياتهم والتي أثّرت سلباً على المسيرة الإسلامية، ومن أهم ما نعتقده من تلك الانحرافات هو إنكارهم لإمامة علي× وخلافته، التي أوصاهم بها النبي’ قبل وفاته.

خصوصاً وأن بعض الصحابة الذين أشرت إليهم في كتابك قد خرج على إمام زمانه الذي عقدت له البيعة العامة من قبل المسلمين، وبعضهم الآخر قتله من أسلم قديماً من الصحابة، فأيّهم الذي أشرقت أنوار النبوة على قلبه؟!

ولكن مع ذلك كلّه نؤكد إسلام الصحابة إلا من أعلن ارتداده بإنكار الشهادتين.

قلتم: ما حكم من جحد الامامة عند الشيعة؟

جاء في ص77: «قال الطوسي الإمامي: ودفع الإمامة وجحدها كدفع النبوة وجحدها سواء. والصحابة الأوائل لم يعرفوا الإمامة، فضلاً عن أن يقال إنهم دفعوه عنها والشيعة يعتقدون أنهم دفعوه عنها، فما حكمهم إذن؟».

الجواب

إنّ مراد الشيخ الطوسي من دفع الإمامة هو إنكارها، بدليل عطف الجحود في كلامه على دفع الإمامة وهو من عطف التفسير والبيان، وهذا ما تعتقده الشيعة عموماً، إذ إننا نعتقد بأن كلّ من عرف الإمامة وثبتت عنده بنصّ شرعي قاطع من قرآن أو سنة نبوية مباركة، ثم يجحدها وينكرها يكون كمنكر النبوة وجاحدها في الكفر والخروج عن الدين، وأما من لم يثبت له ذلك ولم يعرف الإمامة، كما ادعيت ذلك للصحابة، فإنه يبقى على إسلامه وإن أنكر مسألة الإمامة والخلافة.

قلتم: القرآن مدح جميع الصحابة

جاء في ص78: «أن القرآن لم يقسم الأصحاب المؤمنين من المهاجرين والأنصار، وإنما مدحهم جميعاً وأثنى عليهم».

الجواب

سيأتي في آخر هذا الجزء بيان عدّة من الآيات القرآنية التي ذمت ووبخت جملة من الصحابة من غير المنافقين, كما سنورد الآيات المتعلّقة بالمنافقين, وسيتّضح أنّهم معدودون من الصحابة حسب تعريف أهل السنّة للصحابي, كما سيأتي التطرق مفصّلاً إلى الآيات الواردة في عدالة الصحابة في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

قلتم: الخلاف مع الشيعة في عظماء الصحابة

ذكرتم في الإجابة على ما أوردناه من غرابة مسألة الإيمان بعدالة جميع الصحابة مع عدم التناسب والانسجام بينها وبين الدليل الذي أقيم عليها في ص66: أنّ «الخلاف بيننا وبينكم ليس في عدالة جميع الصحابة، وإنما خلافنا معكم في عظماء الصحابة وأفاضلهم من المهاجرين والأنصار وخاصة الخلفاء الراشدين، أبو بكر وعمر وعثمان وإخوانهم».

ثم انتهيتم إلى أن محققي علماء أهل السنة يعتقدون بـعدالة كل صحابي، وأردفتم ذلك بأن من ترك دينه السابق ودخل في الإسلام ورضي به ديناً، ذلك الدين الذي يحرِّم الكذب والفواحش؛ فالأصل المسلّم في ذلك أنه متبع له، لأنه قد أعلن التزامه به حتى يثبت خلافه..

الجواب

أولاً: أنّ كلامكم هذا يعد التفافاً وهروباً من الجواب، فكان من الحري بكم أن تقدموا تفسيراً واضحاً ودليلاً ساطعاً على ما أثرناه من الاستغراب حول الإيمان بعدالة كلّ من أسلم وصحب النبي| بعد إسلامه، كما عليه محققيكم، حسب ما اعترفتم به بعد أسطر من الصفحة ذاتها.

ثانياً: الظاهر من تصرفات علمائكم أن الإيمان بعدالة جميع الصحابة بمفهومها العريض إنما طرحت في الوسط السني واتخذت عقيدة يكفّر كلّ من يحاول النقاش فيها، جاءت لتبرير وتصحيح الأقوال والمواقف المتناقضة والمتضاربة التي وقعت في الصدر الأول للإسلام وبعد وفاة النبي الأكرم’، والتغطية على جملة من الحوادث التي ما زالت تأنّ من وطأتها الأمة الإسلامية، كالصراع الذي وقع بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة وتجاوزات خالد بن الوليد([757]) ومخازي معاوية بن أبي سفيان وما نتج عنها من الفتن والحروب التي طحنت كبار الصحابة، إلى غير ذلك من الوقائع.

ثالثاً: لو أن من ترك دينه السابق وأعلن الدخول في الإسلام كان الأصل فيه أنّه متبع له ملتزم بتعاليمه حتى يثبت خلافه، فلماذا لا نطبق هذا الأصل بحق من أسلم بعد النبي’ تاركاً لدينه السابق وحسن إسلامه؟

ولماذا نحتاج في توثيقه وإثبات عدالته إلى شهادة علماء الرجال ومن له تخصص في هذا المجال؟ مع أنه قد لا يقل شأناً عن ذلك الذي أسلم في حياة الرسول’ وخصوصاً إذا كان في السنة التي توفي فيها النبي’.

رابعاً: أنتم قد صرحتم الآن بأن الأصل في الصحابي أنه متبع لدين الإسلام وضوابطه حتى يثبت خلاف ذلك؛ والحال أنه قد ثبت خلاف ذلك في الكثير من الصحابة؛ فبعضهم سرق، وبعضهم زنا، وبعضهم شرب الخمر، وبعضهم قتل الأبرياء بغير حق، وبعضهم خرج على خليفة زمانه فتسبب بقتل الآلاف من المسلمين من الصحابة والتابعين، وهكذا.. فهل تخرج هؤلاء من دائرة الصحابة العدول؟!!


 

 

 

 

 

 

مقارنة بين
كتابي الكافي وصحيح البخاري

 

 

 


تمهيد

أجريتم في ص48 وما بعدها مقارنة بين كتاب (صحيح البخاري) وكتاب (الكافي)، وخلصتم من خلالها ليس إلى تفضيل البخاري على الكافي فحسب، بل إلى الطعن في الكافي وزعمتم أنّه تضمن أكاذيب وخرافات.

وفي الحقيقة أنّ ما ذكرتموه من مقارنة وموازنة بين الكتابين افتقرت في كثير من جوانبها إلى الحيادية والتحرر عن الإسقاطات والمسبّقات الفكرية، مما حدى بكم إلى إغفال المؤاخذات البيّنة والإخفاقات الواضحة التي تضمنها كتاب البخاري، مع تسليط الضوء على ما ادّعي أنها من محاسن الكتاب، كما أغفلتم أيضاً ما يتمتع به كتاب الكافي من نقاط مشرقة ومضيئة، وركزتم الكلام عنه فيما استوحشتموه من روايات صادرة عن أهل بيت العصمة والطهارة(علیهم السلام).

ولكي تكون المقارنة متوازنة نكمل ما أغفلتموه في مقارنتكم، ليتسنى للقارئ الحكم بصورة أدق على واقع المقارنة بين الكتابين.

وما نراه صحيحاً في الموازنة والمقارنة الحقيقية هو أن نقارن أولاً بين شخصية مؤلفي الكتابين، ثم ننتقل بعد ذلك إلى المقارنة بين كتابيهما؛ لأن محتوى الكتاب إنما يعكس مكانة المؤلف العلمية ومستواه الفكري وقدرته في معرفة الرجال وتضلّعه في الحديث وغير ذلك من الجوانب المعرفية.


مقارنة موجزة بين الشخصية العلمية للكليني والبخاري

1ـ الشخصية العلمية للكليني

لقد اتفقت كلمة الشيعة وعلمائهم من الرجاليين وغيرهم على جلالة قدر ثقة الإسلام الكليني وعلو مقامه ومنزلته وتمتّعه بأعلى درجات الوثاقة والحفظ والإتقان والضبط والفقاهة، وأنه كان متميزاً على أقرانه من العلماء، متضلّعاً في الحديث وأنقدهم له وأعرفهم به.

قال النجاشي في رجاله في ترجمة الكليني: «شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم»([758]).

وقال السيد رضي الدين بن طاووس: «الشيخ المتفق على ثقته وأمانته محمد بن يعقوب الكليني»([759]).

وقال أيضاً: «محمد بن يعقوب أبلغ فيما يرويه وأصدق في الدراية»([760]).

وقال الشيخ الجليل حسين البهائي: «شيخ عصره ووجه العلماء والنبلاء، كان أوثق الناس في الحديث وأنقدهم له وأعرفهم به»([761]).

وقال الشيخ محمد تقي المجلسي الأول: «والحق أنه لم يكن مثله فيما رأينا من علمائنا»([762]).

إلى غير ذلك من عبارات المدح والإطراء والتوثيق التي أجمع على ذكرها علماء الشيعة.

ثم إنه لم يقتصر مدحه وبيان منزلته وعلو مقامه على علمائنا فحسب، وإنما نص على تلك المنزلة العظيمة جملة من أعلام الطائفة السنية.

من ذلك ما ورد عن ابن الأثير الجزري في معرض شرحه لما جاء عن رسول الله’، أنه قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كلّ مائة سنة من يجدد لها دينها»([763])، فإنه بعد أن استعرض العلماء والفقهاء الذين ينطبق عليهم ما جاء في الحديث من الوصف وأنهم يجددون للأمة دينها، قال: «وأما من كان على رأس المائة الثالثة... وأبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي من الإمامية»([764]).

وقال أيضاً: «محمد بن يعقوب: هو أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي، الفقيه، الإمام على مذهب أهل البيت، عالم في مذهبهم، كبير وفاضل عندهم، مشهور، له ذكر فيمن كان على رأس المائة الثالثة»([765]).

وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: «محمد بن يعقوب أبو جعفر الكليني الرازي، شيخ فاضل شهير، من رؤوس الشيعة وفقهائهم»([766]).

وقال أيضاً في سير أعلام النبلاء: «الكليني شيخ الشيعة وعالم الإمامية صاحب التصانيف، أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي الكليني»([767]).

وقال ابن حجر في اللسان: «محمد بن يعقوب بن إسحاق، أبو جعفر الكليني ـ بضم الكاف وإمالة اللام ثم ياء ونون ـ الرازي، سكن بغداد وحدث بها عن محمد بن أحمد بن عبد الجبار وعلي بن إبراهيم بن هاشم وغيرهما، وكان من فقهاء الشيعة والمصنفين على مذهبهم»([768]).

وقال ابن عساكر: «محمد بن يعقوب... من شيوخ الرافضة قدم دمشق وحدث ببعلبك عن أبي الحسين محمد بن علي الجعفري السمرقندي..»([769]).

وقال الزبيدي في تاج العروس: «أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني من فقهاء الشيعة ورؤوس فضلائهم في أيام المقتدر»([770]).

ومن مجموع هذه الكلمات يتبين أن الكليني كان عظيم الشأن واسع الشهرة، طبقت شهرته الآفاق، وقد شهد على ذلك المؤالف والمخالف، لا يجد الباحث فيه مغمزاً أو طعناً في وثاقته وعلمه وعلو مقامه وفضله ورياسته وفقاهته، فهو من كبار الفقهاء والمحدثين والمجددين في عصره، صاحب التصانيف المعروفة والمشهورة.

 2ـ الشخصية العلمية للبخاري

وأما شخصية البخاري، فإنا نجد أن كثيراً من علمائكم ومحدثيكم والرجاليين من أهل التحقيق على مذهبكم طعنوا فيه وغمزوا من قناته في مجمل جوانب وأطراف شخصيته العلمية، كاعتقاده وفقاهته ومعرفته بالحديث وغير ذلك.

ونشير فيما يلي إلى بعض تلك الجوانب:

أ ـ الطعن في عقيدته

من المسائل التي طعن بها أهل السنة على عقيدة البخاري رأيه في مسألة خلق القرآن، الذي خالف فيه المذهب العام للسنة، وهو القول بقدم القرآن الكريم، وهو ما يعدّ من ضروريات مذهبهم ويكفرون كلّ من يخالفه.

فقد رماه شيخه الذهلي بأنه مبتدع واتهمه في دينه وعقيدته، قال التهانوي: «فهذا إمام المحدثين البخاري (ره) لم يسلم من الرمي بالبدعة أيضاً، فقد رماه الذهلي في مسألة القرآن بالقول بالخلق»([771]).

وقال ابن أبي حاتم: «سمع منه أبي وأبو زرعة، ثم تركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى النيسابوري الذهلي، أنه أظهر عندهم أن لفظه بالقرآن مخلوق»([772]).

وقال ابن حجر: «قال أبو حامد ابن الشرقي: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق ومن زعم لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع ولا يجالس ولا يكلم، ومن ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مذهبه، وقال الحاكم: ولما وقع بين البخاري وبين الذهلي في مسألة اللفظ انقطع الناس عن البخاري إلا مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة، قال الذهلي: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا»([773]).

ولأجل ذلك كله امتنع جملة من رواة الحديث عن الرواية عنه كما تقدم، وقال الذهبي في الميزان في ترجمة علي المديني شيخ البخاري: «علي بن عبد اللّه بن جعفر بن الحسن الحافظ، أحد الأعلام الأثبات، وحافظ العصر، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء فبئس ما صنع... وكذا امتنع مسلم عن الرواية عنه في صحيحه لهذا المعنى، كما امتنع أبو زرعة وأبو حاتم من الرواية عن تلميذه محمد([774]) لأجل مسألة اللفظ»([775]).

وهناك مؤاخذات كثيرة في عقيدة البخاري، وجوانب في شخصيته من جهات أخرى ستتضح عند مقارنة كتابه مع الكافي.

ب ـ وهنه في الحديث والرجال

إنّ البخاري الذي يعدّه جملة من المتأخرين من أئمة الحديث والنقاد في الرجال، حتى قيل: إن من أخرج عنه البخاري في الصحيح فقد جاز القنطرة، سجلت عليه مؤاخذات كثيرة وسقطات كبيرة في هذا المجال، ذكرها جماعة من أرباب النظر والتحقيق، نشير فيما يلي إلى جانب منها:

أولاً: تدليس البخاري

إن تدليس البخاري من الأمور الواضحة والمشهورة، حتى عدّه ابن حجر في طبقات المدلّسين، قال ابن حجر: «محمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري الإمام، وصفه بذلك أبو عبد الله بن مندة في كلام له، فقال فيه: أخرج البخاري، قال: فلان، وقال: أخبرنا فلان، وهو تدليس»([776]).

وأدرجه سبط بن العجمي في كتابه (أسماء المدلسين)([777]).

ومن أمثلة تدليس البخاري هو تدليسه في شيخه محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري، الذي كان من أكثر المشنعين عليه كما تقدم، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء عند ترجمته للذهلي: «روى عنه خلائق، منهم:... ومحمد بن إسماعيل البخاري ويدلّسه كثيراً، لا يقول محمد بن يحيى، بل يقول محمد فقط، أو محمد بن خالد، أو محمد بن عبد الله وينسبه إلى الجد، ويعمي اسمه، لمكان الواقع بينهما، غفر الله لهما»([778])، وقال ابن حجر في ترجمته للذهلي أيضاً: «وعنه البخاري ويدلسه»([779])، وبنفس البيان ما نص عليه المباركفوري في تحفة الأحوذي([780])، وقال الذهبي أيضاً في ترجمة عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني المصري: «وقد روى عنه البخاري في الصحيح على الصحيح، ولكنه يدلسه، فيقول: حدثنا عبد الله لا ينسبه وهو هو»([781]).

إذن، اتضح من ذلك أن تدليس البخاري من قسم تدليس الشيوخ، وهو من أنواع التدليس المذمومة التي أوجبت جرح الكثير من الرواة وتضعيفهم عند الرجاليين.

قال ابن حجر: «وأما تدليس الشيوخ فهو أن يصف شيخه بما لم يشتهر به من اسم أو لقب أو كنية أو نسبة؛ إيهاماً للتكثير غالباً، وقد يفعل ذلك لضعف شيخه، وهو خيانة ممن تعمده، كما إذا وقع ذلك في تدليس الإسناد والله المستعان»([782]).

 وأخرج الخطيب البغدادي في الكفاية بسنده عن الشافعي، قال: «قال شعبة بن الحجاج: التدليس أخو الكذب<

وبسنده عن غندر, قال: >سمعت شعبة يقول: التدليس في الحديث أشد من الزنا، ولأن أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس<

وبسنده عن المعافى, قال: >سمعت شعبة يقول: لأن أزني أحب إلي من أن أدلس»، ونقل الخطيب البغدادي عبارات أخرى عن غير شعبة في التدليس كـقول بعضهم: «خرّب الله بيوت المدلّسين، ما هم عندي إلا كذابون»، و«التدليس كذب»([783]).

ثانيا: ضعفه في الرجال

لقد استدرك جملة من العلماء على أحكام البخاري وتصحيحه وتضعيفه في الرجال، وقاموا بإحصاء أوهامه وأخطائه وعدم معرفته بالرجال واعتماده الضعاف وتخريجه لرجال في الصحيح ضعفهم في تاريخه، وألّفوا في هذا المجال كتباً، من قبيل: (بيان خطأ البخاري) لابن أبي حاتم الرازي، و(موضع الأوهام) للخطيب وغيرها, مما يدل على أن البخاري لا خبرة له في الرجال، ونذكر فيما يلي جملة من تلك الأقوال والشواهد:

قال الذهبي: «والبخاري ليس بالخبير برجال الشام، وهذه من أوهامه»([784]).

وقال ابن رجب الحنبلي: «وقد ذكر البخاري في تاريخه: إن يحيى بن أبي المطاع سمع من العرباض اعتماداً على هذه الرواية، إلا أن حفاظ أهل الشام أنكروا ذلك, وقالوا: يحيى بن المطاع لم يسمع من العرباض ولم يلقه، وهذه الرواية غلط، وممن ذكر ذلك زرعة الدمشقي، وحكاه عنه دحيم، وهؤلاء أعرف بشيوخهم من غيرهم، والبخاري (ره) يقع له في تاريخه أوهام في أخبار أهل الشام»([785]).

وقد أخرج في صحيحه عن جماعة كبيرة من الرجال الذين ثبت ضعفهم في الكتب الرجالية لأهل التحقيق في هذا المجال، وقد أحصى ابن حجر في مقدمته أكثر من ثلاثمائة راوٍ ضعفهم الرجاليون([786]).

وقال الخطيب في الكفاية: «فإن البخاري قد احتج بجماعة سبق من غيره الطعن فيهم والجرح لهم كعكرمة مولى بن عباس في التابعين، وكإسماعيل بن أبي أويس، وعاصم بن علي، وعمرو بن مرزوق في المتأخرين»([787]).

ومنهم على سبيل المثال مروان بن الحكم، فقد أخرج له 23 حديثاً في مختلف أبواب الفقه، وقال عنه الذهبي: «وله أعمال موبقة نسأل الله السلامة، رمى طلحة بسهم وفعل وفعل»([788]).

وقال بدر العيني: «في الصحيح جماعة جرحهم بعض المتقدمين»([789]).

نعم؛ حاول ابن حجر جاهداً أن يدافع عن أولئك الضعفاء، ولكنه تعسف في الإجابة وابتعد عن روح التحقيق والإنصاف، وذلك واضح بأدنى تأمّل, فإنّ البخاري قد احتج بجماعة ضعفهم بنفسه وأوردهم في الضعفاء.

قال الذهبي في ترجمة صالح بن عائذ: «وكان من المرجئة، قاله البخاري وأورده في الضعفاء لإرجائه، والعجب من البخاري يغمزه وقد احتج به»([790]).

وقال أيضاً في ترجمة محمد الكوفي: «ومع كون البخاري حدّث عنه في صحيحه ذكره في الضعفاء»([791]).

ومقسم بن بجرة روى له البخاري في صحيحه في كتاب المغازي وتفسير القرآن، قال أبو زرعة العراقي: «ذكره البخاري في الضعفاء وأخرج له في الصحيح، وضعفه ابن حزم»([792])، وقال الذهبي: «والعجب أن البخاري أخرج له في صحيحه وذكره في كتاب الضعفاء»([793]).

والشواهد في هذا المجال كثيرة جداً يجدها الباحث عند تتبعه لكتب البخاري.

ثالثا: نقله الحديث بالمعنى

اشتهر لدى الباحثين أن البخاري يعتمد في الحديث على النقل بالمعنى ويتحرز عن اللفظ، ولذلك قالوا: إنه لا يكتب الحديث عند السماع من الشيخ.

قال ابن حجر في مقدمته: «قال محمد بن الأزهر السجستاني: كنت في مجلس سليمان بن حرب، والبخاري معنا يسمع ولا يكتب، فقيل لبعضهم: ما له لا يكتب؟ فقال: يرجع إلى بخارى ويكتب من حفظه»([794]).

وأخرج الخطيب البغدادي بسنده عن أحيد بن أبي جعفر والي بخارى، قال: «قال محمد بن إسماعيل يوماً: ربَّ حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، وربَّ حديث سمعته بالشام كتبته بمصر، قال: فقلت: يا أبا عبد الله بكماله؟ قال: فسكت»([795]).

وجاء في تدريب الراوي عن ابن حجر في صدد ردّه لكلام أبي علي النيسابوري شيخ الحاكم الذي يقول: ما تحت أديم السماء كتاب أصحّ من كتاب مسلم، فقال ابن حجر: «والذي يظهر لي من كلام أبي علي أنه قدم صحيح مسلم لمعنى آخر غير ما يرجع إلى ما نحن بصدده من الشرائط المطلوبة في الصحّة، بل لأن مسلماً صنف كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرز في الألفاظ ويتحرى في السياق، [بخلاف البخاري، فربما كتب الحديث من حفظه ولم يميز ألفاظ رواته، ولهذا ربما يعرض له الشك، وقد صحّ عنه أنه قال: ربّ حديث سمعته بالبصرة فكتبته بالشام]([796])، ولم يتصد مسلم لما تصدّى له البخاري من استنباط الأحكام...»([797]).

وقال في النكت: >إنّ البخاري كان يرى جواز الرواية بالمعنى وتقطيع الحديث من غير تنصيص على اختصاره, بخلاف مسلم، والسبب في ذلك أمران: أحدهما أنّ البخاري صنّف كتابه في طول رحلته، فقد روينا عنه أنه قال: ربّ حديث سمعته بالشام فكتبته بمصر، وربّ حديث سمعته بالبصرة فكتبته بخراسان. فكان لأجل هذا ربما كتب الحديث من حفظه، فلا يسوق ألفاظه برمّتها، بل يتصرّف فيه ويسوقه بمعناه<([798]).

ثم إنه لا يخفى ما للنقل بالمعنى من آفات خطيرة على إيصال مضمون الحديث بصورة كاملة وبأمانة تامة ونزيهة، ويعتبر النقل بالمعنى ظاهرة غير سليمة ولا صحيحه عند نقاد الحديث، ولذا حاولوا أن يقننوا هذه الظاهرة ضمن ضوابط خاصة، كالقدرة الفائقة على الحفظ والإتقان والضبط وعدم الشك وإن طال الزمن وبعدت المسافات، وهذا ما افتقده البخاري بشهادة ما ذكرناه من أقوال العلماء فيه، فربما أخذ الحديث من البصرة وكتبه بالشام وهذه المسافة الشاسعة، مع ما تتطلبه من مدة زمنية طويلة لقطعها مع أهوال السفر ومتاعبه، مما يؤثر على ذاكرة الراوي وإن كان معروفاً بالإتقان والحفظ؛ لأن الإنسان مهما كان لا يخرج عن طبيعته الإنسانية، خصوصاً مع ملاحظة كثرة الروايات وتداخلها وتشعبها.

ومن منطلق ما ذكرناه يتضح السبب في جملة من المشاكل الآتية التي توفر عليها كتاب البخاري كالمكررات والمدرجات السندية والمتنية والزيادة أو النقيصة في كثير من الأحاديث بالمقارنة مع نظائرها في المصادر الحديثية المعتبرة الأخرى، وكذا إخراج الحديث في صحيحه تاماً بإسناد واحد بلفظين، أو ذكر الحديث في غير بابه وعقد الباب في غير كتابه، إلى غير ذلك من المشاكل التي تضمنها صحيح البخاري بسبب نقله بالمعنى.

وهذا على خلاف ما اشتهر عند الشيعة وغيرهم عن الكليني في الكافي من ضبطه وإتقانه، فمع أن عدد أحاديثه يبلغ أو يناهز الستة عشر ألف حديث، في أكثر من ألفي باب، وهو أضعاف ما في صحيح البخاري، فلا ترى فيه حديثاً مذكوراً في غير بابه، أو أنه عقد باباً في غير كتابه، وقلّما يوجد فيه باب غفل عن ترجمته، ولا ترى فيه خبراً من أصل واحد بسند واحد بلفظين.

وإنك إذا تتبعت كلمات العلماء وكتبهم لا تعثر على من ينسب إلى الكليني تصرفه في لفظ الحديث أو نقله بالمعنى أو أنه رواه من حفظه.

رابعا: ضعفه في الفقه وفتاواه العجيبة

ومما يكشف عن ضعف الشخصية العلمية للبخاري هو ضعفه في المسائل الفقهية، وقد نقلت عنه في هذا المجال فتاوى عجيبة خالفت إجماع الفقهاء والمشهور بينهم، مما أوجب الرد عليه من قبل العلماء وردعه عن ارتكاب تلك المخالفات، التي تكشف عن قصر نظره وباعه في هذا المجال.

 والشواهد على ذلك كثيرة ننقل منها ما يتناسب مع هذا المختصر:

1ـ إثباته الحرمة بالرضاع من لبن البهائم

قال السرخسي في المبسوط: «ولو أن صبيين شربا من لبن شاة أو بقرة لم تثبت به حرمة الرضاع؛ لأن الرضاع معتبر بالنسب، وكما لا يتحقق النسب بين آدمي وبين البهائم فكذلك لا تثبت الرضاع بشرب لبن البهائم، وكان محمد بن إسماعيل البخاري صاحب التاريخ (رض) يقول: تثبت الحرمة، وهذه المسألة كانت سبب إخراجه من بخارى، فإنه قدم بخارى في زمن أبي حفص الكبير (ره) وجعل يفتي فنهاه أبو حفص، وقال: لست بأهل له، فلم ينته حتى سئل عن هذه المسألة فأفتى بالحرمة فاجتمع الناس وأخرجوه»([799]).

وقد صرّح البعض بضعفه في الفقه:

قال قاضي القضاة الإسكندري: «وبلغني عن الإمام أبي الوليد الباجي أنه كان يقول: يسلّم للبخاري في علم الحديث ولا يسلّم له في علم الفقه، ويعلل ذلك بأن أدلته عن تراجمه متقاطعة، ويحمل الأمر على أن ذلك لقصور في فكرته وتجاوز عن حدّ فطرته، وربما يجدون الترجمة ومعها حديث يتكلف في مطابقته لها جدّاً ويجدون حديثاً في غيرها هو بالمطابقة أولى وأجدى، فيحملون الأمر على أنه كان يضع الترجمة ويفكر في حديث يطابقها فلا يعن له ذكر الجلي فيعدل إلى الخفي، إلى غير ذلك من التقادير التي فرضوها في التراجم التي انتقدوها فاعترضوها»([800]).

2ـ عدم إيجابه الغسل بالجماع

فقد أخرج البخاري في صحيحه في باب «غسل ما يصيب من فرج المرأة» رواية عن عثمان بن عفان، ينكر فيها وجوب الغسل مع الجماع وعدم الإمناء، وفتواه على ذلك، بينما الإجماع على خلاف ذلك، قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: «اعلم أنّ الأمّة مجتمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع وإن لم يكن معه إنزال وعلى وجوبه بالإنزال»([801])، وقال ابن حجر: «واستشكل ابن عربي كلام البخاري، فقال: إيجاب الغسل أطبقت عليه الصحابة ومن بعدهم، وما خالف فيه إلاّ داود ولا عبرة بخلافه، وإنما الأمر الصعب مخالفة البخاري وحكمه بأنّ الغسل مستحب»([802]).

المقارنة بين كتابي الكافي وصحيح البخاري

بعد أن انتهينا من استعراض مقارنة موجزة سلَّطنا فيها الضوء على الشخصية العلمية لكلّ من الكليني والبخاري، ننتقل إلى تسليط الضوء على بعض الجوانب العلمية لكتابي الكافي وصحيح البخاري والتي أغفلها الدكتور في مقارنته المختصرة.

1ـ وقفة مع كتاب الكافي

لقد وقف علماء الشيعة وفقهاؤهم من كتاب الكافي موقفاً يتسم بالعقلانية والاعتدال والابتعاد عن جانبي الإفراط والتفريط فابتعدوا عن التقديس والإسراف في المغالاة، فتعاملوا مع الكتاب بحدود كونه روايات وأحاديث وآراء اجتهد الكليني في جمعها وتلقيها عن الرواة والمشايخ وتبويبها وتصحيحها بمقدار وسعه وقدرته البشرية في هذا المجال، فأدخلوه ضمن الآليات العلمية في قبول الحديث أو ردّه وتصحيحه أو تضعيفه، فحفظوا له حسناته وأشادوا بها وأكبروا فيه الدقة والأمانة وروح التحقيق العالية، ولم يمنعهم ذلك من تخطئته في بعض الموارد التي للاجتهاد فيها مجال واسع، وهذا ما يكشف عن حيوية المذهب الشيعي وتحرره وقدرته الكبيرة على كثرة العطاء والقابلية على الدوام والاستمرار.

ونشير فيما يلي إلى بعض الجوانب الوضَّاءة التي تضمنها كتاب الكافي:

أ ـ اهتمام الكتاب بمسائل العقيدة

جعل الكليني كتابه الكافي مؤلفاً من قسمين أساسيين هما: أصول الدين وفروعه، مما يكشف عن نظرته الشمولية لمنظومة الشريعة الإسلامية، وقد أعطى مساحة واسعة للفكر والعقيدة وأفرد للأصول كتبه وأبوابه الخاصة، ثم عالج الكليني كثيراً من الأمور والمسائل الكلامية ذات العلاقة الوطيدة بالعقيدة الإسلامية، وذلك عبر رواياته المتضافرة في أصول الكافي، وهو لم يترك الروايات التي أخرجها في هذا المجال خالية عن التعليق والتعقيب، فكشف عن قدرة عالية في بيان آرائه الكلامية في مواطن متعددة من كتابه، كالأحاديث الواردة في صفات الذات وصفات الفعل، معقباً عليها بكلامه تحت عنوان: (جملة القول ما في صفات الذات وصفات الفعل) مبيناً الفرق بينهما باعتبار أن صفات الذات هي عين الذات الإلهية المقدسة، ولمّا كانت ذاته تعالى مما لا ضد لها فاستحال أن يوصف الله عز وجل بضدها كالعلم والقدرة والحياة والعزة والحكمة والحلم والعدل، مع إمكان اتصافه تعالى بأضداد صفات الفعل كالرضا وضده السخط، والحب وضده البغض، وهكذا في صفات الفعل الأخرى.

وحيث إنّ كلّ باحث لا بدّ أن يؤسس لنظريته في المعرفة ويؤصل ويقعّد المبادئ التي ينطلق منها ويستند إليها في بنائه الفكري والمعرفي، ليقف على أرضية صلبة في معرفة التوحيد وباقي الأصول الأخرى، فلذا نجد أنّ الكليني قدّم في مبحث أصول الكافي كتاب العقل والجهل, وكتاب العلم، ثم انطلق من الرؤية التي قدّم بيانها وأسس بنيانها إلى المسائل العميقة والشريفة في علوم التوحيد من خلال عقد باب خاص في أحاديث توحيد الله تعالى أسماه بـ (كتاب التوحيد)، ثمّ أعقبه بما تقوم به على الناس الحجّة لله تعالى, وهم الأنبياء والرسل والأوصياء، فبين من خلال الأحاديث عن أهل البيت(علیهم السلام) معالم النبوات وشرائع الرسل ومناهج الأوصياء(علیهم السلام)، ثم انتقل إلى بيان مبادئ الإيمان والإسلام والحدود التي تخرج الإنسان عن الدين أو تدخله فيه مع بيان صفات المؤمنين والمسلمين واختلافها عن صفات الفاسقين والمنافقين والكافرين، ثمّ ذكر بعد ذلك فضل القرآن وثواب قراءته وحمله وتعلّمه وختمه وشفاعة القرآن لأهله.

وختم أصوله بما يوطد عرى العلاقات الاجتماعية بين المؤمنين ويشيع ثقافة التعايش بين المسلمين، حيث أفرد لذلك كتاباً أسماه بـ (كتاب العشرة).

وهذا كلّه يدلّ على سعة الأفق الفكري للكليني والتسلسل العقلاني والمنطقي لأصول الدين في فكر الكليني.

ب ـ متانة أسانيد الكافي

لقد سلك الكليني في الكافي (أصولاً وفروعاً) في أسانيد الأحاديث وطرقها ورجالها مسلكاً يكشف عن قابلية نادرة واطلاع واسع وعلم غزير في تتبع روايات أهل البيت(علیهم السلام)، والالتزام التام في ذكر سلسلة السند كاملة في رواياته إلا ما ندر منها.

ومن منهجه في هذا المجال هو التتبع والتحري عن أكثر من طريق واحد للرواية، ولم يكتف بنقل الرواية عن طريق واحد، فإذا ما توافر للكليني طريقان ذكرهما معاً، وذلك بعطف الثاني على الأوّل مع الإشارة إليهما بعبارة (جميعاً)، بل قد يتعدى إلى ذكر ثلاث طرق للرواية الواحدة.

ومن منهجه كذلك أن يروي عن أكثر من راو واحد في كلّ طبقة من طبقات السند، وأكثر ما يكون هذا التعدد في طبقة شيوخه أو الطبقة التي تروي عن الإمام من أهل البيت(علیهم السلام)، وفي هذا دليل على كثرة سماعه من الشيوخ ومصاحبته لهم، ولهذا المنهج فوائده الجمة، منها تلافي ضعف الرواية الناشئ من السند لأسباب مختلفة، كضعف أحد رواتها, أو وجود عبارات مجهولة في السند، مثل (عمّن حدثه) أو وجود مجهول لم تذكره كتب الرجال أو غير ذلك من أسباب التضعيف.

ولكلّ ما ذكرناه شواهده وأمثلته، أعرضنا عن ذكرها رعاية لجانب الاختصار.

كما أنّ للكليني دراية واسعة بأسماء الرجال وبلدانهم وألقابهم وكناهم، وتظهر هذه المعرفة جلية فيما ذكره عن رجال سنده في أحاديث الأصول والفروع من الكافي، حيث لا يقتصر فيها على أسمائهم، بل يضيف لهذه الأسماء ما تعرف به من كنية أو نسب أو لقب، كالنسبة إلى مدينة أو صنعة أو حرفة أو غير ذلك، كقوله: «عن الهيثم أبي روح صاحب الخان»([803])، وأمثلة ذلك كثيرة أيضاً.

وكل من تتبع أسانيد الكافي في نقل الحديث وروايته تظهر له أمانة الكليني في نقل الحديث وروايته، وذلك بالتزامه بألفاظ الحديث وألفاظ مشايخ السند واحداً عن آخر ونقلها كما هي، ولذا قال المحدث النوري في مستدركه في حديثه عن الكافي: «ويمتاز عمّا سواه من كتب الحديث بقرب عهده إلى الأصول المعول عليها والمأخوذ عنها, وما فيه من دقة الضبط وجودة الترتيب وحسن التبويب وإيجاز العناوين، فلا ترى فيه حديثاً ذُكر في غير بابه، كما أنّه لم ينقل الحديث بالمعنى أصلاً، ولم يتصرف فيه، كما حدث للبخاري مرات ومرات.

ومع جلالة قدره وعلو شأنه بين الأصحاب، لم يقل أحد بوجوب الاعتقاد بكل ما فيه ولم يسمّ صحيحاً كما سمّي البخاري ومسلم»([804]).

ج ـ الاهتمام الكبير بالقرآن في أحاديث الكافي

تمتاز متون أحاديث الكافي باحتوائها على كثير من الآيات القرآنية الكريمة بنحو وافر جدّاً، وقد تضمنت تلك الآيات جانباً من الاستدلال والتفسير والتركيز على أسباب النزول، وهذا ما ينفع في تطبيق الآيات القرآنية وتفعيلها في جانب الأحكام والعقيدة.

د ـ تعقيب الأحاديث بالآراء والاجتهادات

لقد تضمنت روايات الكافي آراءً واجتهادات كثيرة، هي غالباً ما تكون للكليني نفسه أو أحد الرواة المشهورين من أصحاب الأئمة، كابن أبي عمير وزرارة بن أعين والفضل بن شاذان ومعاوية بن عمار ويونس بن عبد الرحمن وأترابهم، وقد تأتي هذه التعقيبات ـ المستفادة من وحي الآيات والروايات ـ توضيحاً لمرامي النص وأهدافه، أو بياناً للموقف تجاه الروايات التي قد يظهر منها التعارض في بعض متونها وبيان وجوه الجمع فيما بينها أو غير ذلك.

وقد أبدى الكليني براعة فائقة في تعقيباته على المتون، والتي جاءت تذييلاً لما قد يعتري بعض النصوص من الغموض والتعقيد على الفهم العام، وذلك باتباع منهج الشرح والإيضاح، أو دفع إيهام التعارض في المرويات ورأيه واجتهاده في ذلك، وأمثلة هذا المنهج في الكافي واضحة لمن طالع الكتاب([805]).

هـ ـ أبواب الفروع وقوة الفقاهة

تضمن الكافي بالإضافة إلى ما ذكرناه في تبويب الأصول أبواباً مفصلة في بيان الفروع من الأحكام الشرعية، وقد احتلت القسم الأكبر من الكتاب، حيث وزعها الكليني على ستة وعشرين كتاباً، تبدأ بكتاب الطهارة وتنتهي بكتاب الإيمان والنذور والكفارات، ثم قسم الكليني هذه الكتب إلى عدد كبير من الأبواب بلغ مجموعها التقريبي ألفاً وسبعمائة وستة وسبعين باباً، وقد روى في هذه الكتب بأبوابها (عشرة آلاف وتسعمائة وأحد عشر حديثاً) وهي مع الأصول ستة عشر ألفاً ومائة وتسع وتسعون حديثاً.

ولا يخفى أن هذا التبويب والترتيب لتلك المجموعة الكبيرة من الأحاديث جاء نتيجة لنظرة الكليني الفقهية الثاقبة باعتباره فقيهاً مجدداً في عصره، واستطاع بمهارته الفقهية أن يوفر بكثرة الأبواب الجهد لمن أراد الاطلاع على الأحكام الشرعية من خلال أحاديث الرسول الأكرم وأهل بيته(علیهم السلام) بسهولة ويسر، وذلك باستنباطه عناوين الأبواب من مضامين أحاديثها والأحكام الواردة فيها.

2ـ وقفة مع كتاب البخاري

انتهج أعلام الطائفة السنية في الأعم الأغلب منهجاً اتسم بالغلو والإفراط في تعاملهم مع كتاب البخاري، فأوصدوا بذلك آفاق الموضوعية والبحث العلمي والتحرر الفكري وجمّدوا حركة العلم وأوقفوا سفينته على أعتاب كتاب البخاري، مما اضطرهم إلى الولوج في سبل التأويل والترقيع والتمحلات والتوجيهات الباردة البعيدة عن المنطق والتي يمجها الذوق والعقل السليم، وتكفيك نظرة إجمالية لشروح البخاري لتخرج بتلك الفكرة وذلك الانطباع.

وفيما يلي لمحة عن مغالاة بعض أعلام السنة في كتاب البخاري:

أـ قال السيوطي في شرحه لعبارة النووي في التقريب: «(وذكر الشيخ) يعني ابن الصلاح (إن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحته والعلم القطعي حاصل فيه)»([806])، وقد أفرط أبو الصلاح فشط بعيداً وذهب إلى عصمة البخاري عن الخطأ وأنه يفيد القطع والعلم اليقيني النظري، فإنه بعد أن ذكر ما نقلناه عنه، ذكر القول المخالف قائلاً: «خلافا لقول من نفى ذلك محتجاً بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن والظن قد يخطئ، وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قوياً، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولاً هو الصحيح؛ لأنّ ظنّ من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ»([807]).

وهكذا ترى، يا فضيلة الدكتور، كيف أنكم بعد أن سلبتم العصمة المطلقة من الخطأ وغيره عن أصفياء وأولياء مرتبطين بالسماء وهم الأنبياء والرسل، نحلتم هذه الصفة إلى أناس عاديين وأعطيتموهم شعاراً عريضاً ووصفاً براقاً أسميتموه بـ (الأمة) لكي يكون له وقعاً في نفوس البسطاء من عموم المسلمين، وعندما نأتي للتعرف على مفهوم الأمة لا نجده يتجاوز فئات وأفراد وصفتموهم بأهل العلم أو أهل الحل والعقد، ثم سوّقتم هذا المبدأ وأخذ ينتشر انتشار النار في الهشيم في مجمل متبنياتكم الفكرية والعقدية، وأصبح حلاً للكثير من المعضلات التي تواجهكم، ومن ذلك ما أوردناه عن ابن الصلاح، حيث بنى على عصمة كتاب البخاري لعصمة الأمة التي تلقته بالقبول.

بـ وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم: «وقد قال إمام الحرمين: لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبيلما ألزمته الطلاق ولا حنّثته، لإجماع علماء المسلمين على صحتهما»([808]).

وفي عقيدتي أن الحنث حاصل لا محالة، وأن إمام الحرمين سيغير فتواه لو اطلع على ما نقلناه وما سنذكره من مخالفات وهفوات واضحة وفاضحة عن البخاري وصحيحه.

ج ـ وعن أبي زيد المروزي، قال: «كنت نائماً بين الركن والمقام فرأيت النبي في المنام، فقال لي: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي، فقلت: يا رسول الله، وما كتابك؟ قال: جامع محمد بن إسماعيل»([809]).

ولا أدري كيف يطلب رسول الله’ من المروزي أن يترك كتاب الشافعي ويشتغل بصحيح البخاري، مع أنه قد اتفق لبعض أولياء الله تعالى ـ كما يزعم ـ: «أنه رأى ربه في المنام، فقال: يا رب، بأي المذاهب أشتغل؟ فقال له: مذهب الشافعي»([810])، فهل يعقل أن رسول الله’ يخالف أوامر ربه تبارك وتعالى؟!!

د ـ وقد ورد في مقدمة فتح الباري لابن حجر: «إن صحيح البخاري ما قرئ في شدة إلا فرجت، ولا ركب به في مركب فغرق»([811]).

وكيف لنا أن نصدق بهكذا كرامات، مع أن كثيراً ممن نعرفهم ـ بحسب علمناـ من السنة والشيعة غرقت بهم السفن والمراكب وكانوا يحملون كتاب الله عز وجل، فهل أنّ كتاب البخاري أصحّ وأشرف وأعظم كرامة من كتاب الله تعالى؟!!

وسيتضح مما سنورده من مقتطفات حول هفوات وعثرات البخاري أن تلك الأقوال والرؤى مخالفة لواقع الكتاب، وقيمته العلمية.

مؤاخذات على كتاب البخاري

أولاً: الجامع الصحيح لم يكتمل في حياة البخاري

من المعروف أنّ النسخة الرائجة والمتداولة بين الناس هي النسخة التي كانت على رواية محمد بن يوسف الفربري، والراوي عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المستملي، والمستملي هذا يقول: «استنسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفربري، فرأيت فيه أشياء لم تتم وأشياء مبيضة، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئاً، ومنها أحاديث لم يترجم لها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض، قال أبو الوليد الباجي: ومما يدل على صحة هذا القول أن رواية أبي إسحاق المستملي ورواية أبي محمد السرخسي ورواية أبي الهيثم الكشمهيني ورواية أبي زيد المروزي مختلفة بالتقديم والتأخير، مع أنهم انتسخوا من أصل واحد، وإنما ذلك بحسب ما قدر كلّ واحد منهم فيما كان في طرّه أو رقعة مضافة أنه من موضع ما فأضافه إليه، ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث»([812]).

وهذا يعني أن كتاب الصحيح لم يكتمل في حياة مؤلفه وإنما أكمله الآخرون من النسّاخ وغيرهم، وهذا ما يلقي بظلاله على حجية الكتاب والشك في نسبة بعضه إلى مؤلفه، مما يفقده اعتباره ومكانته المزعومة، ولا أقل من إعمال الاجتهاد والتحقيق في تمحيص مطالبه دون التسليم والقطع بما فيه لتلقّي الناس له بالقبول.

ثانياً: العقائد الفاسدة في صحيح البخاري

1ـ عقيدة التجسيم

إنّ الذي يطالع كتاب التوحيد في البخاري ـ والذي جعله آخر الكتب ـ يجده مليئاً وحافلاً بالروايات الصريحة في التجسيم وإثبات الصورة والساق وغير ذلك لله تعالى، وهذا يعني فيما يعنيه محدودية الذات الإلهية والنقص والاحتياج وغير ذلك من الأمور التي تنافي التوحيد الإسلامي الأصيل، ذلك الأمر الذي تصدى لإبطاله ـ وتنزيه الباري تعالى عن الاتصاف به ـ كلّ علماء الإمامية وكثير من علماء الطائفة السنية([813]).

وفيما يلي بعض النصوص الصريحة في التجسيم من روايات البخاري:

أـ قوله: «فيأتي الله فيقول: أنا ربكم؟ فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم؟ فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه»([814]).

فإن هذه الرواية صريحة في إثبات الصورة لله تعالى وتلوّنها بألوان مختلفة.

وفي لفظ آخر: «فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق فيكشف عن ساقه، فيسجد له كلّ مؤمن»([815]).

ب ـ «يقال لجهنم هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد؟ فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها، فتقول: قط قط».

وفي لفظ آخر: «فأما النار فلا تمتلئ، حتى يضع رجله، فتقول: قط قط قط، فهنا تمتلئ»([816])، ولا أدري كيف ذلك؟ فهل تبقى رجل الرب خالدة في النار كي تبقى ممتلئة ـ والعياذ بالله ـ أم يخرجها منها؟!

ج ـ «يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كلّ مؤمن ومؤمنة»([817]).

وقال ابن الجوزي في تعليقه على روايات القدم والساق: «قلت: وذكر الساق مع القدم تشبيه محض»([818]).

د ـ قوله: «ثم علا به [يعني الرسول] فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار رب العزة فتدلّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى»([819]).

قال ابن حجر في معرض تعليقه على هذا المقطع من الحديث: «قال الخطابي: ليس في هذا الكتاب ـ يعني صحيح البخاري ـ حديث أشنع ظاهراً ولا أشنع مذاقاً من هذا الفصل، فإنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر، وتمييز مكان كلّ واحد منهما، هذا إلى ما في التدلّي من التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق إلى أسفل»([820]).

ثم ذكر البخاري في تتمة الحديث ذاته قائلاً: «فعلا به إلى الجبار، فقال وهو مكانه: يا رب، خفف عنّا»([821]).

قال ابن الجوزي بعد أن فهم التشبيه من مضمون الرواية: «فإن قيل: فقد أخرج في الصحيحين عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أنه ذكر المعراج، فقال فيه: فعلا الجبار... الحديث.

فالجواب: أن أبا سليمان الخطابي قال: هذه لفظة تفرد بها شريك ولم يذكرها غيره وهو كثير التفرد بمناكير الألفاظ»([822]).

هـ ـ وفيما يرويه عن النبي’: «فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه... ثم أعود فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجداً... ثم أعود ثالثة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجداً»([823]).

قال ابن حجر في الفتح: «قال الخطابي: هذا يوهم المكان، والله منزّه عن ذلك»([824])، ثم حاول بعد ذلك أن يؤول الحديث بما لا تحتمله عبارته.

2ـ الحط من مقام النبوة

لا يخفى ما للنبوة من مقام شامخ ومنزلة عظيمة تمثل الحجة الإلهية على الأرض، وقد اصطفى الله تعالى لها أشخاصاً كرمهم وفضلهم وعصمهم وجعلهم قدوة وأسوة للناس، وقد نزههم الله تعالى في قرآنه الكريم عن كلّ ما يشينهم وكل ما يحط من منزلتهم، قال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ}([825])، وقد فضل الله تعالى نبيه الأكرم محمد على جميع الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِنَ الشَّاهِدِينَ}([826])، فإن الله تعالى قد اشترط في هذه الآية إعطاء النبوة والحكم لسائر الأنبياء بالإيمان بالنبي ونصرته وشدد عليهم في ذلك، ولا شك أن المنصور هو القائد، والناصر هو المقود والتابع، فنبينا أفضل وأكرم الأنبياء(علیهم السلام)، وهذا ثابت باتفاق المسلمين، وهو ما نص عليه نبينا الأكرم في الروايات المستفيضة من طرق الفريقين.

ولكن البخاري في صحيحه أساء إلى ذلك الصرح الشامخ بإدخال الروايات الإسرائيلية، والتي تنسب إلى الأنبياء الكذب والذنب وكلّ ما يحط من مقاماتهم السامية، نشير فيما يلي إلى أمثلة موجزة في هذا المجال:

أـ ما أخرجه عن أبي هريرة، قال: «لم يكذب إبراهيم× إلا ثلاث كذبات، ثنتين منهن في ذات الله عز وجل، قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وسئل عن سارة: فقال: أختي»([827]).

وهذه الرواية لا تنسجم مع عقيدة المسلم في الأنبياء؛ لأن الكذب من الكبائر ولا يجوز نسبته إليهم باتفاق المسلمين.

قال الفخر الرازي في تفسيره في مقام تعليقه على الرواية: «لا يحكم بنسبة الكذب إليهم إلا زنديق»([828]).

وقال أيضاً في تفسيره لقوله تعالى على لسان إبراهيم×: {إِنِّي سَقِيمٌ}: «قال بعضهم: ذلك القول عن إبراهيم× كذبة، ورووا فيها حديثاً عن النبي، أنه قال: ما كذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات.

قلت لبعضهم: هذا الحديث لا ينبغي أن يقبل؛ لأن نسبة الكذب إلى إبراهيم لا تجوز، فقال ذلك الرجل: فكيف يحكم بكذب الرواة العدول؟ فقلت: لمّا وقع التعارض بين نسبة الكذب إلى الراوي وبين نسبته إلى الخليل× كان من المعلوم بالضرورة أن نسبته إلى الراوي أولى»([829]).

ب ـ ما أخرجه عن أبي هريرة أيضاً: «أنّ موسى×: خلا يوماً وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وأن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله»([830]).

وأخرج البخاري في صحيحه أيضاً عن أبي هريرة، قال: «أرسل ملك الموت إلى موسى (عليهما السلام)، فلمّا جاءه صكّه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: فرد الله إليه عينه»([831]).

ج ـ ما أخرجه عن عائشة في أكثر من موضع، أنها قالت: «سمع النبي (صلّى الله عليه وسلّم) رجلاً يقرأ في المسجد، فقال: رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا وكذا»([832]).

وهذا ما يثير شكوكاً حول صيانة القرآن وحفظه من التحريف.

دـ ما أخرجه عن سالم عن عبد الله: «إن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): لقي زيد بن عمر بن نفيل بأسفل بلدح وذلك قبل أن ينزل على رسول الله الوحي، فقدّم إليه رسول الله سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منها، ثم قال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم»([833]).

هـ ـ ما أخرجه عن حذيفة، قال: «أتى النبي (صلّى الله عليه وسلّم) سباطة قوم فبال قائماً، ثم دعا بماء، فجئته بماء فتوضأ»([834]).

وفي لفظ آخر: «رأيتني أنا والنبي (صلّى الله عليه وسلّم) نتماشى، فأتى سباطة قوم خلف حائط، فقام كما يقوم أحدكم فبال، فانتبذت منه، فأشار إلي فجئته فقمت عند عقبه حتى فرغ»([835]) حتى صار هذا الاعتقاد الأعمى بصحة كلّ حديث أورده البخاري ومسلم في صحيحيهما سنة يستن بها بعض الجهلة والحمقى، فقد نقل السيوطي عن القاضي حسين، قوله: >وصار هذا [البول قياماً] عادة لأهل هراة, يبولون قياماً في كلّ سنة مرة إحياءً لتلك السنّة»([836]).

 ونحن نخاطب وجدانك يا فضيلة الدكتور؛ هل تقدمون على مثل هذا الفعل، الذي يتنافى مع أبسط الأخلاق والآداب، وهو ما نستنكره من البسطاء من عامة الناس، فكيف بمن عظّم الله تعالى خلقه وبعثه بمكارم الأخلاق؟!!

وـ ما أخرجه عن عائشة: «أنّ أبا بكر دخل عليها والنبي عندها يوم فطر أو أضحى، وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث، فقال أبو بكر: مزمار الشيطان ـ مرتين ـ؟ فقال النبي: دعهما يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وإن عيدنا هذا اليوم»([837]).

وفي لفظ آخر: «أنّ أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان والنبي متغش بثوبه، فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي عن وجهه، فقال: دعهما يا أبا بكر، فإنّها أيام عيد، وتلك الأيام أيام منى»([838]).

وقد حفل كتاب البخاري بهذه الروايات التي تتضمن عزف الجواري والقيان وغنائهن وضربهن بالدفوف في بيت رسول الله’ والرسول جالس يستمع إلى ذلك، وأن رسول الله كان يحمل عائشة لترى غناء الأحباش ولهوهم ولعبهم، وأن أبا بكر (رض) وعمر (رض) كانا يستنكران ذلك بينما لم يستنكره النبي’، إلى غير ذلك من الصور المشينة والمسيئة إلى شخص النبي الأكرم’، والتي لو أراد أحد فناني الرسم أن يجسدها ويرسم رسول الله جالساً في مجلس للطرب واللهو وتحف بها القيان والجواري وهن يضربن ويرقصن، فما عساك أن ترى رد فعل الشارع الإسلامي الذي انتفض واستنكر بعض الرسومات الكاريكاتورية والتي لا تصل في الشناعة والإساءة إلى ما وصلت إليه هذه الصور التي نقلناها, وغيرها من التي لم ننقلها من كتاب البخاري، ومع ذلك تعتقدون بصحتها ولا تجيزون الطعن فيها.

فهل هذه من أنوار النبوة التي تتجلى في هذا الكتاب، كما ادعيتم يا سعادة الدكتور؟!!

3ـ الإسرائيليات في كتاب البخاري

منها: تفضيل أنبياء بني إسرائيل وغيرهم على النبي الأكرم’:

أـ أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة في حديث طويل، قال: «لا تخيروني على موسى»([839]).

ب ـ عن أبي هريرة، قال: «بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئاً كرهه، فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فقام فلطم وجهه، فقال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر والنبي بين أظهرنا؟ إلى أن قال: فغضب النبي حتى رؤي في وجهه ثم قال: لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه ينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه الأخرى فأكون أول من بعث فإذا موسى أخذ بالعرش فلا أدري أحوسب لصعقته يوم الطور أم بعث قبلي؟ ولا أقول: إن أحداً أفضل من يونس بن متى»([840]).

مع أن الطوائف الإسلامية مجمعة على أفضلية نبينا الأكرم’ على سائر الأنبياء، والروايات في ذلك مستفيضة، منها ما أورده البخاري نفسه في صحيحه، حيث أخرج في رواية طويلة عن أبي هريرة، قال’: «أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الناس في صعيد واحد..» ثم بين رسول الله’ أفضليته على سائر الأنبياء وأن له الشفاعة العظمى والمقام المحمود الذي يفوق مقامات الأنبياء(علیهم السلام)([841])، وهذا ما يعد من تناقضات البخاري في كتابه، فكيف يجمع على صحة جميع مروياته؟!

ومنها: خرافات اليهود

وهو ما أخرجه البخاري عن عبد الله، قال: «جاء حبر من اليهود، فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يهزهن، ثم يقول: أنا الملك! أنا الملك!

فلقد رأيت النبي يضحك حتى بدت نواجذه تعجباً وتصديقاً لقوله»([842])، وقد أورد البخاري هذه الرواية فيما يزيد على خمسة موارد.

4 ـ مكررات البخاري

لقد اشتهر عن البخاري أنه قال: «أحفظ مائة ألف حديث صحيح»، مع أن ما رواه في صحيحه سبعة آلاف ونيف حديثاً وما يقرب من نصفها مكرر، والتكرار كما هو معلوم إذا لم تكن له فائدة فإنه يوجب الاستهجان والقبح، فقد كرر البخاري على سبيل المثال حديثاً واحداً، أكثر من عشرين مرة([843]).

قال النووي: «وجملة ما في البخاري سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثاً بالمكررة، وبحذف المكررة أربعة آلاف»([844]).

5ـ تجنبه الرواية عن أهل البيت(علیهم السلام)

في الوقت الذي يأمر الرسول الأكرم’ بالتمسك بأهل بيته والأخذ عنهم وعدم التخلف عن ركبهم، نجد أن البخاري تحاشى في كتابه الرواية عنهم، ولا سيما الإمام الصادق× الذي بزّ الأقران علماً وفقهاً وحديثاً عن الرسول’، حتى قال تلميذه أبو حنيفة: «ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمد»([845])، مع أن البخاري لم يحتج به في صحيحه.

والإعراض عن الرواية عن أهل البيت(علیهم السلام) معروف في كتبكم ومجامعكم الحديثية، حتى قال شيخ إسلامكم: «ولم يرو عن علي إلا خمسمائة وستة وثمانون حديثاً مسندة يصح منها نحو خمسين حديثاً، وقد عاش بعد رسول الله أزيد من ثلاثين سنة، فكثر لقاء الناس إياه وحاجتهم إلى ما عنده»([846]) وقد تابع في عبارته هذه ما ذكره ابن حزم في كتابه الملل والأهواء([847])، ومن أراد الإطلاع على هذه الحقيقة أكثر يكفيه مراجعة بسيطة لكتاب منهاج السنة لابن تيمية، حيث حشاه بتوجيه الإهانات لأهل البيت(علیهم السلام) والإزراء بهم وإنكار فضائلهم ودورهم العلمي في الأمة، الذي شهد به الداني والقاصي.

6ـ الروايات المنكرة والمخالفة للإجماع

أـ ما أخرجه في مسألة الإسراء والمعراج، حيث ذكر أنه وقع قبل الوحي والبعثة النبوية، قال: «عن شريك بن عبد الله، أنه قال: سمعت ابن مالك يقول: ليلة أسري برسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام»([848]).

قال ابن حجر: «وقوله: قبل أن يوحى إليه أنكرها الخطابي وابن حزم وعبد الحق والقاضي عياض والنووي، وعبارة النووي: وقع في رواية شريك ـ يعني هذه ـ أوهام أنكرها العلماء أحدها قوله: (قبل أن يوحى إليه) وهو غلط لم يوافق عليه، وأجمع العلماء على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل أن يوحى إليه؟ انتهى»([849]).

ب ـ إنكاره التربيع في التفضيل الذي أجمع عليه أعلام السنة، وذلك ما أورده في باب مناقب عثمان عن ابن عمر، قال: «كنا في زمن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لا نفاضل بينهم»([850]).

قال ابن حجر في تعليقه على الحديث: «وقد طعن فيه ابن عبد البر واستند إلى ما حكاه عن هارون بن إسحاق، قال: سمعت ابن معين يقول: من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعرف لعلي سابقته فهو صاحب سنة، قال: فذكرت له من يقول أبو بكر وعمر وعثمان ويسكتون، فتكلم فيهم بكلام غليظ»، ثم قال ابن حجر: «ولا شك في أن من اقتصر على ذلك ولم يعرف لعلي بن أبي طالب فضله فهو مذموم، وادّعى ابن عبد البر أيضاً أنّ هذا الحديث خلاف قول أهل السنة: إنّ علياً أفضل الناس بعد الثلاثة، فإنهم أجمعوا على أن علياً أفضل الخلق بعد الثلاثة، ودلّ هذا الإجماع على أنّ حديث ابن عمر غلط، وإن كان السند إليه صحيحاً»([851]).

وفي طبقات الحنابلة لأبي يعلى وسير أعلام النبلاء للذهبي، أنّ علي بن الجعد، قال بعد أن ذكروا حديث ابن عمر في مجلسه: «انظروا إلى هذا الصبي، هو لم يحسن أن يطلق امرأته، يقول: كنا نفاضل؟!»([852]).

ج ـ ما أخرجه عن أنس، قال: «قيل للنبيّ لو أتيت عبد الله بن اُبي، فركب حماراً، فانطلق المسلمون يمشون معه ـ وهي أرض سبخة ـ فلما أتاه النبي، فقال: إليك عني، والله قد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله أطيب ريحاً منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه، فشتما، فغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب بالجريد والنعال والأيدي، فبلغنا أنها أنزلت: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}»([853])، قال ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري: «يستحيل أن تكون الآية نزلت في قصة عبد الله بن أبي وفي قتال أصحابه مع النبي؛ لأن أصحاب عبد الله بن أبي ليسوا بمؤمنين، وقد تعصبوا له بعد الإسلام في قصة الإفك... فدل أن الآية لم تنزل في قصة عبد الله بن أبي، وإنها نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حق، فاقتتلوا بالعصي والنعال. هذا قول سعيد بن جبير والحسن وقتادة»([854]).

والروايات في هذا المجال كثيرة تركناها رعاية للاختصار.

7ـ روايته عن الجهمية والخوارج مع حكمه بكفرهم

من التناقضات التي وقعت من البخاري في صحيحه أنّه أخرج عن الجهمية والخوارج والنواصب واحتجّ بهم في كتابه الصحيح كبشر بن السرى البصري وعمران بن حطان وحريز بن عمران وغيرهم، ولذا قال الذهبي: «فإنه [أي البخاري] يتجنب الرافضة كثيراً، وكأنه يخاف من تدينهم بالتقيّة، ولا نراه يتجنب القدرية ولا الخوارج ولا الجهمية»([855])، مع أن البخاري كفرهم ومنع الصلاة خلفهم والرواية عنهم، حيث يقول: «ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى»([856])، وقال أيضاً: «نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس فما رأيت قوماً أضل في كفرهم من الجهمية، وإني لأستجهل من لا يكفرهم»([857]).

وقد علّق على هذا الكلام محقق كتاب سير أعلام النبلاء، قائلاً: «وهو من الغلو والإفراط الذي لا يوافقه عليه جمهور العلماء سلفاً وخلفاً، وكيف يحكم بكفرهم ثم يروي عنهم؟! ويخرج أحاديثهم في صحيحه الذي انتقاه وشرط فيه الصحة»([858]).

نكتفي بهذا القدر مما احتواه كتاب البخاري من إشكالات وتناقضات سجلها عليه علماء أهل السنة، وقد تركنا في هذا المجال أموراً كثيرة لم نشر إليها، كالإدراج في أسانيد ومتون الروايات ونقص بعضها الآخر ومسقطاتها، والتقسيم غير الممنهج في الكتاب، فلا تجد في الكتب الواردة في الصحيح أي تنظيم أو تنسيق منطقي، كجعله كتاب التوحيد آخر الكتب، وأما الأبواب فإنك تراه عقد في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة باباً أسماه (باب رجم الحبلى)، وباباً آخر في (رجم المحصن)، وباباً ثالثاً في (الرجم بالمصلى)، وباباً آخر في (الرجم في البلاط)، وكل ذلك أجنبي عن الكتاب المذكور كما هو واضح، كما أنه عقد باباً في كتاب المظالم والغصب أسماه (باب ما جاء في السقائف وجلس النبي’ وأصحابه في سقيفة بني ساعدة) وأورد تحته كلام عمر (رض) فيما جرى في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبي’، وعقد في كتاب الطلاق باباً في نكاح المشركات، وفي كتاب الجهاد باباً في صفة الحور العين، على أنه قد أكثر في الكتاب باب قول الله كذا، باب قول النبي كذا، وكأن الكتاب لم يتم بعد، كما ذكرنا.

علماً أن البعض قد شكك في نسبة الكتاب إلى البخاري وأنه مسروق من كتاب العلل لشيخه ابن المديني، كما نقل ذلك ابن حجر في تهذيب التهذيب([859])، وإن حاول ابن حجر أن يضعّف القصة، ولكنها موجودة على كلّ حال.


 

 

 

 

 

 

حوار حول
عقيدة التقية والبداء

 

 


تمهيد

من المؤسف جداً ما نراه عندكم من أسلوب السخرية والتهكم بالآخرين من دون الاعتماد على أي مصدر علمي؛ انطلاقاً من موقفك المسبق من الشيعة من دون معرفة أي شيء عن عقائدهم أو كتبهم, لذا نجدك استهجنت عقيدة التقية والبداء عند الشيعة, واعتبرتهما عقائد طارئة عندهم لسدّ خللٍ ما؛ لذا سنجيب عمّا ذكرتموه حول هذا الموضوع الحسّاس بنوع من التفصيل.

قلتم: عقيدتا التقية والبداء نتاج تناقض المذهب الشيعي

جاء في ص63: «يبدو أن هذا الحال الذي عليه المذهب من التناقضات هو سبب استحداث عقيدتي التقيّة والبداء على الله عز وجل».

الجواب

1ـ عقيدة التقية

أولاً: أنّ تنافي الروايات وتعارضها لا تكاد تجد طائفة من الطوائف الإسلامية تخلو منه أو تتنزه عنه خصوصاً الطائفة السنية، كما أشرنا.

فلو كان ذلك سبباً ومنشأً لاستحداث مبدأ التقيّة؛ لكانت الطائفة السنية أقرب إلى التقيّة من غيرها.

ثانياً: أن التقيّة من الأحكام العقلائية الفطرية، فكل إنسان عاقل يدرك بفطرته أنّ عليه حفظ حياته وكل ما يتعلق به من مال أو عرض، وقد كانت هذه الفطرة ولازالت سلاح المستضعفين والمظلومين لمواجهة الجبابرة والطغاة، وقد أكد الشرع الإسلامي هذه الفطرة الإنسانية من خلال الآيات والروايات؛ لأن الدين الإسلامي لم يأت للتعدي على مقتضيات الفطرة أو الوقوف أمام العقل ومدركاته، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}([860])، ولذا نجد أنّ الآيات والروايات متضافرة في التأكيد على مشروعية التقيّة وضرورتها في المجتمع الإسلامي، نشير فيما يلي إلى نماذج على سبيل المثال:

التقية في الآيات القرآنية

1ـ قوله تعالى: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}([861]).

فقد شدد الله تعالى في هذه الآية المباركة وفي غيرها على النهي عن تولي الكافرين وأنه على حدّ الكفر والشرك بالله، ولكن مع ذلك استثنى من هذا الأمر الخطير حالات التقيّة والخوف، فللمؤمنين أنْ يوالوا الكافرين ظاهراً بقدر ما يندفع به خوف الضرر، فالآية صريحة في مشروعية التقيّة، كما نص على ذلك جملة من المفسرين:

قال ابن كثير في تفسير الآية: «أي: من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته، كما قال البخاري عن أبي الدرداء، أنّه قال: إنا لنكشّر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم»([862]).

وقال ابن حجر: «ومعنى الآية: لا يتخذ المؤمن الكافر ولياً في الباطن ولا في الظاهر إلا للتقيّة في الظاهر، ويجوز أن يواليه إذا خافه، ويعاديه باطناً»([863]).

2ـ قوله تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}([864]).

إنّ الآية الكريمة صريحة في جواز إظهار كلمة الكفر كرهاً؛ مجاراة للكافرين، وأن من نطق بكلمة الكفر مكرهاً وقاية لنفسه من الهلاك وقلبه مطمئن بالإيمان ـ لا شارحاً بالكفر صدراً ـ لا يعد كافراً، بل هو معذور عند الله تعالى.

مع ملاحظة أن هذه الآية مكية نزلت قبل الهجرة باتفاق العلماء والمفسرين، مما يعني أن تشريع التقيّة كان في الصدر الأول للإسلام ولم يكن من مستحدثات الشيعة، وما ذلك إلا لانسجام تلك العقيدة مع مرونة وسماحة الدين الإسلامي الحنيف.

وهذه الآية المباركة نزلت في عمار بن ياسر حين عذّبه المشركون لأجل أنْ يتلفظ بكلمة الكفر، فوافقهم على ذلك تقيّة، وجاء معتذراً إلى النبي’ فهدأه وطمأنه وأجاز له أن يعود لمثلها إن تعرضوا له ثانية([865]).

وقد حمل المحدثون والمفسرون الآية الكريمة على مبحث التقيّة، وقد أدرج البخاري هذه الآية مع الآية السابقة في باب واحد، وذكر فيه جواز التقيّة في حال الإكراه، كما أخرج أحاديث في هذا المجال([866]).

التقية في الأحاديث النبوية

1ـ أخرج البخاري عن عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته بأنّ رجلاً استأذن للدخول إلى منزل النبي’، فقال: «ائذنوا له فبئس ابن العشيرة، أو بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، فقلت: يا رسول الله، قلت ما قلت ثم ألنت له في القول؟! فقال: أي عائشة، إن شر الناس منزلة عند الله من تركه الناس أو ودعه اتقاء فحشه»([867]).

ولا يخفى دلالة هذا الحديث على جواز التقيّة والمداراة مع عموم الناس حتّى من قبل النبي’، إذ ليس فيها إخلال في الوصول إلى الحق، ولا تأثير على تبليغ أحكام الشريعة الإسلامية والدعوة إلى الله تعالى؛ لأنّه لا تقيّة فيما يتعلّق بأصل الدين والوحي الذي لا يُعلم إلا بتبليغ النبيّ’، إذ إن التقيّة في هذا المجال توجب الإغراء بالقبيح ولا يمكن صدوره عن المعصوم.

2ـ أخرج الحاكم في المستدرك عن أبي ذر، قال: «قال لي رسول الله: يا أبا ذر، كيف أنت إذا كنت في حثالة، وشبك بين أصابعه، قلت: يا رسول الله، ما تأمرني، قال: اصبر اصبر اصبر، خالقوا الناس بأخلاقهم وخالفوهم في أعمالهم».

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»([868]).

ولا ريب أن التخلق بأخلاق حثالة الناس ظاهراً ومخالفتهم في الخفاء عبارة أخرى عن التقيّة وجوهرها.

 أقوال الصحابة والتابعين في التقية

1ـ أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، قال: «حفظت عن رسول الله وعاءين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم»([869])، فإن هذه حقيقة التقيّة وواقعها عند الشيعة عبر عنها أبو هريرة بألفاظ أخرى.

2ـ ما أخرجه البخاري أيضاً في صحيحه عن أبي الدرداء، قال: «إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم»([870])، وقد حمل شرّاح الحديث المكاشرة على المداراة مع الناس في القول والفعل([871]).

3ـ وفي المصنف لابن أبي شيبة الكوفي بسند لا بأس به عن النزال بن سبرة، قال: «دخل ابن مسعود وحذيفة على عثمان، فقال عثمان لحذيفة: بلغني أنك قلت كذا وكذا؟ قال: لا والله ما قلته، فلما خرج، قال له عبد الله: مالك؟ فلم تقوله ما سمعتك تقول؟ قال: إني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله»([872]).

وذكر السرخسي في المبسوط «جعل حذيفة يحلف لعثمان على أشياء بالله ما قالها، وقد سمعناه يقولها، فقلنا له: يا أبا عبد الله، سمعناك تحلف لعثمان على أشياء ما قلتها وقد سمعناك قلتها؟ فقال: إني اشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله»([873]).

4ـ ما أخرجه الطبري في تفسيره لقوله تعالى: {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} عن ابن عباس، قال: «فالتقيّة باللسان: من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن ذلك لا يضرّه، إنما التقيّة باللسان»([874]).

5ـ ما أخرجه ابن حبان بسنده عن مكحول، قال: «ذلّ من لا تقيّة له»([875]).

6ـ وفي صحيح البخاري: «وقال الحسن: التقيّة إلى يوم القيامة»([876]).

التقية في أقوال العلماء

1ـ جاء في كتاب فلك النجاة لعلي محمد فتح الدين الحنفي، عن نجم الدين الطوفي الحنبلي في شرحه للأربعين النواوية، قوله: «اعلم أنّ النزاع الطويل بينهم في التقية استدلالاً وجواباً ذاهب هدراً، فإنّ محل الخلاف إنما هو مبايعة علي لأبي بكر، وأما التقيّة في غير ذلك فلا مبالاة بإثباتها وجوازها، وإنما يكره عامة الناس لفظها؛ لكونها من مستندات الشيعة، وإلاّ فالعالم مجبول على استعمالها، وبعضهم يسميها مداراة، وبعضهم مصانعة، وبعضهم عقلاً معيشياً، ودلّ عليها دليل الشرع»([877]).

2ـ قال الفخر الرازي في تفسيره لآية التقيّة المتقدمة، وبعد أن ذكر أحكاماً كثيرة حولها: «الحكم الخامس: التقيّة جائزة لصون النفس، وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز؛ لقوله: حرمة مال المسلم كحرمة دمه، ولقوله: من قتل دون ماله فهو شهيد؛ ولأن الحاجة إلى المال شديدة»([878]).

3ـ قال الزمخشري في تفسيره لآية التقيّة: «رخص لهم في موالاتهم إذا خافوهم، والمراد بتلك الموالاة مخالقة ومعاشرة ظاهرة، والقلب مطمئن بالعداوة والبغضاء، وانتظار زوال المانع من قشر العصا، كقول عيسى صلوات الله عليه: كن وسطاً وامش جانباً»([879]).

4ـ قال القرطبي: «أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل إنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تبين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر، هذا قول مالك والكوفيين والشافعي»([880]).

5ـ وقال جمال الدين القاسمي الشامي في محاسن التأويل: «ومن هذه الآية [{إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً}] استنبط الأئمة مشروعية التقيّة عند الخوف، وقد نقل الإجماعَ على جوازها عند ذلك الإمامُ مرتضى اليمانيّ في كتابه (إيثار الحق على الخلق)»([881]).

التقية في سيرة علماء المسلمين

إنّ سيرة علماء المسلمين حافلة باستخدام التقيّة في مواطن الخطر، والخوف على النفس والمال والعرض، من دون اختصاص بالتقيّة مع الكافرين، بل فيما بين المسلمين أنفسهم أيضاً، كالتقيّة من الحكام وسلاطين الجور والظلمة وولاتهم، وأمثلة ذلك كثيرة، فمضافاً إلى ما تقدم من تقيّة عمار بن ياسر وأبي هريرة، وحذيفة بن اليمان مع عثمان، نشير إلى جملة من الشواهد في هذا المجال:

1ـ تقيّة رجاء بن حيوة مع الوليد بن عبد الملك، وهو ما أخرجه القرطبي وغيره عن إدريس ابن يحيى، قال: «كان الوليد بن عبد الملك يأمر جواسيس يتجسسون الخلق ويأتونه بالأخبار... فجلس رجل منهم في حلقة رجاء بن حيوة فسمع بعضهم يقع في الوليد، فرفع ذلك إليه.

فقال: يا رجاء أُذكر بالسوء في مجلسك ولم تُغيّر؟!

فقال: ما كان ذلك يا أمير المؤمنين.

فقال له الوليد: قل الله الذي لا إله إلا هو.

قال: الله الذي لا إله إلاّ هو.

فأمر الوليد بالجاسوس فضربه سبعين سوطاً، فكان يلقى رجاء فيقول: يا رجاء، بك يستسقى المطر، وسبعين سوطاً في ظهري!!

فيقول رجاء: سبعون سوطاً في ظهرك، خير لك من أن يقتل رجل مسلم»([882]).

2ـ تقيّة واصل بن عطاء مع الخوارج، حيث ذكر ابن الجوزي وغيره عنه أنه خرج يريد سفراً في رهط، فاعترضهم جيش من الخوارج، فقال واصل: «لا ينطقنّ أحد ودعوني معهم، فقصدهم واصل، فلما قربوا بدأ الخوارج ليوقعوا، فقال: كيف تستحلّون هذا وما تدرون من نحن، ولا لأي شيء جئنا؟ فقالوا: نعم، من أنتم؟ قال: قوم من المشركين جئناكم لنسمع كلام الله، قال: فكفّوا عنهم، وبدأ رجل منهم يقرأ القرآن، فلما أمسك، قال واصل: قد سمعت كلام الله، فأبلغنا مأمننا حتى ننظر فيه وكيف ندخل في الدين، فقال: هذا واجب، سيروا، قال: فسرنا والخوارج ـ والله ـ معنا يحموننا فراسخ، حتى قربنا إلى بلد لا سلطان لهم عليه، فانصرفوا»([883]).

3ـ تقيّة أبي حنيفة مع ابن أبي ليلى في محنة خلق القرآن،، حيث أخرج الخطيب البغدادي وغيره عن جابر، قال: «بعث ابن أبي ليلى إلى أبي حنيفة، فسأله عن القرآن.

فقال: مخلوق.

فقال: تتوب، وإلاّ أقدمت عليك!

قال: فتابعه.

فقال: القرآن كلام الله.

فقال: فدار به في الخلق يخبرهم أنه قد تاب من قوله: القرآن مخلوق.

فقال أبي: فقلت لأبي حنيفة: كيف صرت إلى هذا وتابعته؟

قال: يا بني، خفت أن يُقدم عليّ فأعطيته التقيّة»([884]).

4ـ تقيّة سعدويه سعيد بن سليمان حول محنة خلق القرآن أيضاً، حيث قال الذهبي عند ترجمته لسعدويه: «وأما أحمد بن حنبل، فكان يغض منه ولا يرى الكتابة عنه، لكونه أجاب في المحنة تقيّة»، إلى أن قال: «قيل لسعدويه بعدما انصرف من المحنة: ما فعلتم؟ قال: كفرنا ورجعنا»([885]).

5ـ تقيّة أبي نصر التمّار، حيث أجاب في محنة خلق القرآن تقيّة أيضاً، فقال الذهبي في حقه: «أجاب تقيّة وخوفاً من النكال وهو ثقة بحاله، ولله الحمد»([886]).

6ـ تقيّة إبراهيم بن المنذر بن عبد الله في تلك المحنة، حيث قال السبكي في حقّه: «كان حصل عند الإمام أحمد منه شيء؛ لأنه قيل: خلط في مسألة القرآن كأنه مجمج في الجواب، قلت: وأرى ذلك منه تقيّة وخوفاً»([887]).

7ـ تقيّة يحيى بن معين، فقد ذكر الذهبي عن الحافظ أبي زرعة الرازي قوله: «كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمّار، ولا عن يحيى بن معين ولا عن أحد ممن امتحن فأجاب»، ثم يُعلّق الذهبي على ذلك قائلاً: «قلت: هذا أمر ضيق ولا حرج على من أجاب في المحنة، بل ولا على من أكره على صريح الكفر عملاً بالآية، وهذا هو الحق، وكان يحيى (رحمه الله) من أئمة السنة، فخاف من سطوة الدولة وأجاب تقيّة»([888]).

8ـ تقيّة إسماعيل بن حمّاد في محنة القرآن، قال ابن حجر في لسان الميزان: «قال يوسف في المرآة: وكان إسماعيل بن حمّاد ثقة، صدوقاً لم يغمزه سوى الخطيب فذكر المقالة في القرآن، قال السبط: إنما قاله تقيّة كغيره»([889]).

9ـ تقيّة الجمّ الغفير من العلماء وعامة الناس في محنة خلق القرآن, وتقدم بعض شواهدها, ومن هنا قال الذهبي في تلك المحنة: «من أجاب تقيّة فلا بأس عليه»([890]).

تقيّة المسلمين في فتنة الأسود العنسي

ومن تلك المواقف التي مارس المسلمون فيها التقّة أيضاً كانت أيّام فتنة الأسود العنسي الذي ادّعى النبوّة، وتغلّب على اليمن وقتل ملكها شهر بن باذان, وتزوج امرأته، وخاف المسلمون من بطشه فعاملوه بالتقية، قال ابن كثير وغيره في تلك الفتنة: «واستوثقت اليمن بكاملها للأسود العنسي، وجعل أمره يستطير استطارة الشرارة... واشتد ملكه واستغلظ أمره، وارتد خلق من أهل اليمن, وعامله المسلمون الذين هناك بالتقيّة»([891]).

تقية كثير من العلماء في بعض الأحكام الشرعية

ذكر القرطبي في تفسيره ثلاث مسائل في بيان قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} وقال في المسألة الثالثة: «قال ابن العربي: ولامتنان البارئ سبحانه وتعظيم المنّة في التين وأنه مقتات مدّخر, فلذلك قلنا بوجوب الزكاة فيه، وإنما فرّ كثير من العلماء من التصريح بوجوب الزكاة فيه تقيّة جور الولاة؛ فإنهم يتحاملون في الأموال الزكاتية فيأخذونها مغرماً»([892]).

تقية علماء السنة من الشيعة

لقد استخدم العديد من علماء السنة مبدأ التقيّة مع الشيعة عندما قويت شوكتهم في بعض الأزمنة، مما يعني أنّ الشيعة كانت لهم مبرراتهم الموضوعية والواقعية في اتخاذهم عقيدة التقيّة شعاراً ودثاراً، فقد كان من المفروض أن تقع اللائمة والذم على الظلمة والطغاة الذين ما فتئوا على مرّ التاريخ يحاربون الشيعة بشتى الوسائل ويقتلونهم تحت كلّ حجر ومدر، وقد صودرت حرياتهم في الرأي والعقيدة من قبل الأمويين والعباسيين والعثمانيين وغيرهم، حتى أصبح التشيع ومودة أهل البيت(علیهم السلام) ذنباً لا يغتفر.

ولكن المؤسف أنّ الأقلام توجهت بالنقد واللائمة نحو الشيعة, الذين استخدموا التقيّة وتسلّحوا بها كسلاح مشروع، شرّعه القرآن والسنة النبوية إلى مثل الظروف الصعبة والحرجة التي مرّ بها التشيع عبر التاريخ، في حين عذروا أهل السنة فيما لو مارسوا التقيّة.

ومن نماذج تقيّة علماء أهل السنة من الشيعة:

1ـ ذكر الذهبي أن تشيع علي بن موسى بن الحسين ابن السمسار الدمشقي كان على سبيل التقيّة, حيث قال في هذا المجال: «ولعل تشيعه كان تقيّة لا سجية, فإنه من بيت الحديث، ولكن غلت الشام في زمانه بالرفض، بل ومصر والمغرب بالدولة العبيدية, بل والعراق وبعض العجم بالدولة البويهية، واشتدّ البلاء دهراً، وشمخت الغلاة بأنفها، وتواخى الرفض والاعتزال حينئذ»([893]).

2ـ وقال ابن حجر في لسان الميزان: «إن علي بن عيسى الرماني أظهر التشيع حذراً وتقيّة», ثم ذكر قول ابن النديم: «إن مصنفات علي بن عيسى الرماني التي صنفها في التشيع لم يكن يقول بها وإنما صنفها تقيّة؛ لأجل انتشار مذهب التشيع في ذلك الوقت، وذكر له مع البُسري الرفّاء حكاية مشهورة في ذلك»([894]).

وقد كان على الدكتور أن يتهم ابن حجر الذي حمل بعض مصنفات علي بن عيسى الرماني على التقيّة، بأنه اتخذ ذلك ذريعة لحل التناقض في الأحاديث والروايات والتخلص من التراث السني الذي ينسجم مع مبادئ الشيعة الإمامية.

هذه إطلالة سريعة على مبحث التقيّة في العقيدة والتراث السني، يتضح من خلالها أصالة هذا المبدأ القرآني والروائي، وأنه موضع اتفاق المسلمين قديماً وحديثاً، وليس هو من مختصات الشيعة ومستحدثاتهم، كما ادعى سعادة الدكتور، فما الطعن في هذه العقيدة إلا تجنٍ على الحقائق الموضوعية والأدلة الناصعة.

2ـ عقيدة البداء

إنّ دعواكم أن الشيعة اخترعت واستحدثت عقيدة البداء لمعالجة التناقض بين جملة من الأخبار، لا يمت إلى الحقيقة بصلة؛ لأنكم حملتم البداء على معناه الباطل، والذي يعني الظهور بعد الخفاء المستلزم للجهل والنقص، مع أن البداء بهذا المعنى مستحيل على الله تعالى، لا تقول به الإمامية، بل تقول باستحالته وبكفر من يقول به، وبلزوم التبري منه.

مفهوم البداء عند الشيعة

والبداء الذي تؤمن به الشيعة تبعاً للآيات والروايات هو معناه الاصطلاحي الذي يعني إظهار ما خفي على الناس من مصالح التشريع وملاكات الأحكام وأسس التدبير الكوني، وليس المقصود بالبداء معناه اللغوي الذي هو ظهور ما خفي على الله تعالى وأنه بدا له من الأمر ما لم يكن بادياً؛ وذلك لأن جميع الأمور في العوالم كلها ظاهرة ومعلومة لله تعالى ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وإلى ذلك أشار تبارك وتعالى بقوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}([895])، فالله سبحانه قد يظهر أمراً ويكتبه في لوح المحو والإثبات بعد أن كان مكنوناً في أمّ الكتاب، ومعنى ذلك أنه تعالى قد يظهر شيئاً على لسان نبيه الأكرم’ لمصلحة تقتضي ذلك بعد أن كان خافياً على عموم الناس، أو كان المتوقع خلافه.

البداء في روايات أهل البيت(علیهم السلام)

والمعنى الذي ذكرناه للبداء هو ما صرحت به روايات أهل البيت(علیهم السلام)، فهي بعد أن أنكرت المعنى الباطل للبداء وهو الذي يقتضي الجهل والنقص، أثبتت البداء بمعناه القرآني الذي يعني الإبداء وإظهار ما كان يجهله الناس.

قال أبو عبد الله الصادق×: «ما بدا لله في شيء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له»([896])، وقال× أيضاً: «إن الله لم يبد له من جهل»([897])، كما قال×: «من زعم أن الله يبدو له في شيء اليوم لم يعلمه أمس فابرؤوا منه»([898])، وقال الشيخ الصدوق في تعليقه على هذه الرواية: «وإنما البداء الذي ينسب إلى الإمامية القول به هو ظهور أمره»([899]).

البداء في أقوال علماء الشيعة

وقد قرر هذا المعنى للبداء جميع علمائنا، فلا تجد أحداً منهم يفسر البداء بالمعنى الباطل الذي اتهم به الشيعة، قال الشيخ الطوسي: «والوجه في هذه الأخبار [أي أخبار البداء] ما قدمنا ذكره من تغيير المصلحة فيه واقتضائها تأخير الأمر إلى وقت آخر على ما بيّناه، دون ظهور الأمر له تعالى، فإنا لا نقول به ولا نجوزه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً»([900]).

وقال المازندراني شارح كتاب (الكافي) عند استعراضه لروايات البداء: «فهو سبحانه كان في الأزل عالماً بأنه يمحو ذلك الشيء في وقت معين لمصلحة معينة عند انقطاع ذلك الوقت وانقضاء تلك المصلحة، ويثبت هذا الشيء في وقته عند تجدد مصالحه، ومن زعم خلاف ذلك واعتقد بأنه بدا له في شيء اليوم مثلاً، ولم يعلم به قبله، فهو كافر بالله العظيم ونحن منه براء»([901]).

ومن الواضح لأهل العلم والتحقيق أن وجهة نظر أي دين أو مذهب إنما تؤخذ من أقوال علمائه، وليس من الصحيح والمنطقي أن تقتطع رواية من موضوعها العام، ثم تفسّرها تفسيراً باطلاً لا ينسجم مع ما يعتقد به أتباع ذلك الدين أو المذهب.

البداء في الكتب السنية

ثم إنه قد ورد لفظ البداء في جملة من الروايات الصحيحة الواردة في الكثير من الكتب الحديثية للطائفة السنية.

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول: «إن ثلاثة في بني إسرائيل، أبرص وأقرع وأعمى بدا لله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكاً، فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟...»([902]).

وقد حمل شرّاح البخاري لفظ البداء على نفس المعنى الذي تقدم التصريح به عن علماء الشيعة.

قال ابن حجر: «قوله: (بدا لله) بتخفيف الدال المهملة بغير همز، أي سبق في علم الله فأراد إظهاره، وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافياً؛ لأن ذلك محال في حق الله تعالى»([903])، وبنفس المضمون ما ذكره العيني في عمدة القاري([904]).

وفي تفسير ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ} قال: «فإن بدا لله أن يقبضه قبض الروح، فمات، أو اُخر أجله رد النفس إلى مكانها من جوفه»([905]).

وروى الهيثمي في مجمع الزوائد حول طلوع الشمس من مغربها عن عبد الله بن عمرو: «أنها [الشمس] كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فأذن لها في الرجوع حتى إذا بدا لله أن تطلع من مغربها فعلت كما كانت تفعل أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فلم يرد عليها شيء، ثم تستأذن في الرجوع فلا يرد عليها شيء...»([906]).

قال الهيثمي: «رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح»([907]).

فإن التعبير الوارد في هذه الروايات يتطابق مع ما ورد في مروياتنا، وتقدم تفسير العلماء له بالإبداء وإظهار ما كان خافياً على عموم الناس، وليس المراد منه ظهور ما خفي على الله تعالى، الذي أحاله وأبطله أئمة أهل البيت(علیهم السلام) وعلماء السنة والشيعة.

آثار البداء على العقيدة

ثم إنّ من الواضح أن البداء بالمعنى المقبول والوارد في صريح الروايات يبين قدرة الله تعالى المطلقة على التصرف في الكون كيف يشاء، وأن قلم التكوين ولوح الخلق والتغيير لم يجف، وهذا على خلاف ما آمنت به اليهود من تقييد قدرة الله تعالى وقطع صلته عن مخلوقاته، حيث قالوا: إن يد الله عز وجل مغلولة، كما حكى القرآن ذلك عنهم في قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء}([908])، ومن هذا المنطلق نفهم السبب في تأكيد أئمة أهل البيت(علیهم السلام) على عقيدة البداء، حيث جاء رداً على فكرة اليهود، وإبطالاً لكل فكرة تجعل قدرة الله ومشيئته سبحانه محدودة بحد معين، وإثبات سعة القدرة في عوالم الخلق والتكوين.

وأمّا ما أوردتموه من روايات في مدح بريد العجلي وزرارة وذمهما في روايات أخرى، ثم تساءلتم أي المضمونين حق وأيهما تقية، فجوابه واضح؛ لأن ما ورد من روايات المدح هي الحق وقد بنى عليها علماء الرجال عندنا لصحة أسانيدها وقوة مضامينها، وأما روايات الذم فهي روايات ضعيفة، موهونة، ساقطة، من حيث المتن والسند.

قال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث عند تعليقه على مثل روايات الذم: «لا يكاد ينقضي تعجبي كيف يذكر الكشي والشيخ هذه الروايات التافهة، الساقطة، غير المناسبة لمقام زرارة وجلالته والمقطوع فسادها»، ثم أثبت بعد ذلك ضعف طرق تلك الروايات وجهالة رواتها([909]).

وأمّا الروايات التي نقلتموها في مسألة البداء فهي ضعيفة جداً، ولا يناسب الاستدلال بها من قِبَل أستاذ ودكتور يعتمد الروايات والمصادر المعتبرة في مقام الرد والمناظرة.


 

 

 



 

 

حوار حول
 الآيات الذامة لبعض الصحابة


تمهيد

من الواضح المسلّم أنّه بملاحظة آيات القرآن الكريم يتبيّن أنّ هناك عدّة من الآيات وردت في ذمّ عددٍ من الصحابة, كما أنّه بملاحظة القرآن أيضاً وكذا الأحاديث والتاريخ يتبيّن أنّ هناك عدداً من المنافقين كانوا بين الصحابة قد رأوا النبي’ ورآهم, لكنّهم غير معروفين آنذاك, فهم معدودن من الصحابة بحسب الظاهر.

لكن من المؤسف أنّ نراك في هذا الحوار تخالف أوضح المسلمات وتناقش حتّى في البدهيات؛ لذا سنبيّن كلماتك فيما يخصّ الموضوع, ونتعقبها بالجواب.

قلتم: لا يوجد في القرآن ذم للصحابة ولا لنساء النبي

ذكرتم في ص44: بأنّ >الصحابة (رض) قد مدحهم الله عز وجل ولم يذمهم وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن لم يرد فيهن ذم, نعم، وردت آيات عتاب لا تنقص من مكانتهم التي ثبتت في عشرات الآيات المادحة...».

الجواب

يقع الجواب على الشبهة المذكورة ضمن العناوين التالية:

أولاً: الآيات الذامة لبعض الصحابة

 إنّ قولكم: «فإن الصحابة «رض» قد مدحهم الله عز وجل» ليس دقيقاً؛ لأن الآيات الواردة في مدح الصحابة مجملة، والمدح فيها مشروط باستمرارهم على الإيمان والطاعة والاتّباع للرسول الأكرم’، وسيأتي تفصيل الكلام في هذه النقطة لاحقاً([910]).

وأما قولك: «بأن الله تعالى لم يذم الصحابة» فهو خلاف التحقيق والتتبع؛ إذ إن الآيات المباركة التي تعرضت لذم بعض الصحابة كثيرة مع تنوع واختلاف ألفاظ الذم والتقريع، ونشير فيما يلي إلى بعض تلك الآيات تاركين التفصيل إلى الكتب التي اختصت بهذا المجال([911]):

1ـ قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فإن أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْـرَانُ الْمُبِينُ}([912])، فإن هذه الآية المباركة نزلت في بعض من أسلم ورأى رسول الله’.

ذكر ابن كثير في تفسيره عن ابن أبي حاتم، بسنده عن ابن عباس قال: «كان ناس من الأعراب يأتون النبيفيسلمون، فإذا رجعوا إلى بلادهم فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، قالوا: إن ديننا هذا لصالح تمسكوا به، وإن وجدوا عام جدوبة وعام ولاد سوء وعام قحط قالوا: ما في ديننا هذا خير، فأنزل الله على نبيه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فإن أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ}»([913])، وقد أخرج هذه الحادثة البخاري أيضاً في صحيحه بألفاظ أخرى([914]).

ومن الواضح أن أولئك الأعراب هم من الصحابة؛ لكونهم مشمولين بتعريف البخاري وأحمد والنووي وابن حجر وغيرهم؛ وذلك لأنهم كانوا يأتون إلى النبي’ ويرونه ويسلمون ويهتدون على يديه، وهذا القدر كافٍ في احتساب الشخص من صحابة رسول الله’ بحسب تعريف هؤلاء الأعلام.

قال البخاري في صحيحه: «ومن صحب النبي (صلّى الله عليه وسلّم) أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه»([915]).

وقال أحمد بن حنبل: «كلّ من صحبه سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعة ورآه فهو من أصحابه له الصحبة»([916]).

وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم: «فأما الصحابي فكل مسلم رأى رسول الله ولو لحظة، هذا هو الصحيح في حده، وهو مذهب أحمد بن حنبل وأبي عبد الله البخاري في صحيحه والمحدثين كافة»([917]).

ولا شك في أنّ الآية المباركة واضحة في أشد أنواع الذم والتقريع والتوبيخ على عبادتهم السطحية ومعرفتهم الساذجة بالإسلام، بل الآية صريحة في ارتداد أولئك الصحابة من الأعراب والحكم عليهم بالخسران المبين في الدنيا والآخرة.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}([918])، ولا يخفى أنّ المقت هو أشدّ البغض والغضب والبعد عن رحمة الله تعالى، كما هو صريح كلمات اللغويين([919]) والمفسرين([920])، وهل هناك تعبير أدل على الذم والتوبيخ من التعبير بألفاظ البغض والغضب والطرد عن الرحمة الإلهية؟!

والآية المباركة ـ كما هو صريح كلمات المفسرين وغيرهم ـ قد نزلت في بعض الصحابة الذين كانوا يقولون ما لا يفعلون، ولاشك أن هذه صفة ذميمة من صفات المنافقين.

قال الطبري في تفسيره: «واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية، فقال بعضهم: أنزلت توبيخاً من الله لقوم من المؤمنين تمنوا معرفة أفضل الأعمال فعرفهم الله إياه، فلما عرفوا، فعوتبوا بهذه الآية... وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في توبيخ قوم من أصحاب رسول اللهكان أحدهم يفتخر بفعل من أفعال الخير التي لم يفعلها، فيقول: فعلت كذا، وكذا، فعذلهم الله على افتخارهم بما لم يفعلوا كذباً»([921])، وهذا البيان الذي ذكره الطبري، من أنّ الآية دالة على توبيخ الصحابة وأنه عتاب وعذل من الله تعالى، دال بوضوح على أن العتاب قد يتضمن التوبيخ، بل أشد أنواع الذم كما هو واضح من معنى المقت الذي أشرنا إليه.

وقال ابن كثير في هذا المجال: «عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لوددنا أن الله عز وجلّ دلّنا على أحبّ الأعمال إليه فنعمل به، فأخبر الله نبيه أن أحبّ الأعمال: إيمان به لا شك فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به، فلمّا نزل الجهاد كره ذلك ناس من المؤمنين وشقّ عليهم أمره، فقال الله سبحانه وتعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ}» وهذا اختيار ابن جرير»([922]).

وقال مقاتل بن حيان: «قال المؤمنون: لو نعلم أحبّ الأعمال إلى الله لعملنا به، فدلّهم الله على أحب الأعمال إليه، فقال: {إنّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً} فبيّن لهم، فابتلوا يوم أحد بذلك، فولّوا عن النبيمدبرين، فأنزل الله في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ}»([923]).

واختار ابن جرير في تفسيره أن الآية نزلت في المؤمنين دون المنافقين، معللاً ذلك بقوله: «لأن الله جل ثناؤه خاطب بها المؤمنين، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ولو كانت نزلت في المنافقين لم يسموا ولم يوصفوا بالإيمان»([924]).

3ـ قوله تعالى: {إِذْ جَاؤُوكُم مِن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً}([925]).

قال القرطبي في تفسيره للآية وبيان سبب نزولها: «وذلك أن طعمة بن أبيرق ومعتب بن قشير وجماعة نحو من سبعين رجلاً قالوا يوم الخندق: كيف يعدنا كنوز كسرى وقيصر ولا يستطيع أحدنا أن يتبرّز؟»([926]).

وقد عدّ أصحاب التراجم طعمة بن أبيرق الأنصاري من الصحابة([927]) وذكروا أن معتب بن قشير ممن شهد بدراً وأحداً، وأدرجوه في عداد الصحابة أيضاً([928]).

فإن كان أولئك الصحابة من المنافقين، فذمهم وتقريعهم في القرآن لا يحتاج إلى بيان، فقد ذمهم الله في مواضع عديدة من كتابه العزيز، بل أنزل الله تعالى سورة كاملة في ذمهم وسمّيت باسمهم، وإن كانوا من الذين في قلوبهم مرض، فقد قال الله تعالى في حقهم: {وَإذا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إلى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ}([929])، ولا نجد أصرح في الذم من هذا البيان الوارد في الآية المباركة.

4 ـ قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إنّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً}([930]).

فهل يعد هذا البيان في الآية مجرد عتاب خال من كلّ أشكال القدح والذم والتأنيب؟

وقال البغوي في تفسيره للآية: «نزلت في رجل من أصحاب النبيقال: لئن قبض رسول اللهلأنكحن عائشة، قال مقاتل بن سليمان: هو طلحة بن عبيد الله، فأخبره الله عز وجل أن ذلك محرّم، وقال: {إنّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً} أي: ذنباً عظيماً»([931]).

وقال الآلوسي في تفسيره للآية: «{أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} أي: تفعلوا في حياته فعلاً يكرهه ويتأذى به.... {وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً} من بعد وفاته أو فراقه، وهو كالتخصيص بعد التعميم، فإن نكاح زوجة الرجل بعد فراقه إياها من أعظم الأذى»([932]).

إذن, كان بعض الصحابة ممّن كانت له صحبة طويلة وهجرة وجهاد كطلحة وغيره يؤذون النبي’ بأقوالهم وأفعالهم، ممّا أدّى إلى نزول قرآن وآياتٍ مباركة توبخهم على ذلك، وقد ذمّت آيات قرآنية أخرى الذين يؤذون النبي’ ولعنتهم وتوعدتهم بالعذاب المهين، قال تعالى: {إنّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً}([933]).

هذه بعض الآيات المباركة التي ذمّت ووبخت جملة من الصحابة، وهناك آيات كثيرة أخرى ذكرنا بعضها في الرسالة التي بعثناها إليك وهي مرفقة في هذا الكتاب([934])، كما أنّ هناك آيات وافرة في هذا المجال سنذكرها في الأجوبة اللاحقة، مضافاً إلى ما نزل بحق المنافقين الذين سنبين أنهم من الصحابة أيضاً، وآيات ذم المنافقين لا تخفى على سعادتكم.

 ويضاف إلى ذلك كلّه جملة من الروايات المتضافرة والأحداث التاريخية الحافلة بتجاوزات بعض الصحابة وإيذائهم للنبي’، وما بدر من ذمّ وتقريع شديدين من قبله لهم، فإنّ إنكار ذلك لا يخلو عن مكابرة وتعنت.

ثانياً: الآيات الذامة لبعض نساء النبي

إنّ قولكم: «وأمهات المؤمنين (رض) لم يرد فيهن ذم» لا يفترض أن يصدر من أُستاذ فاضل مثلكم، درس ودرّس العلوم الإسلامية فترة طويلة من الزمن في الجامعات الدينية والأكاديمية، لأنه لا يخفى على فضيلتكم أن هناك آيات مباركة عديدة، صريحة الدلالة في ذم وتوبيخ وتهديد بعض نساء النبي بأشد عبارات الذم وأغلظها، ونشير فيما يلي إلى بعض تلك الآيات على سبيل الاختصار:

1ـ قوله تعالى: {إِن تَتُوبَا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فإن اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنكُنَّ}([935]).

إنّ هاتين الآيتين نزلتا في عائشة وحفصة باتفاق المفسرين والمحدثين، وذكروا أنهما قد آذتا النبي’ وتعاونتا على معصيته وإغضابه، فاعتزلهن مدة من الزمن، فأنزل الله تعالى هذه الآيات المباركة تطالبهن بالتوبة من فعلتهن، وفي غير هذا الحال فقد توعدهن الله تعالى وهددهن بالتظاهر عليهن وتطليق النبي’ لهن، وهذا البيان في الآيات المباركة بالإضافة إلى تضمنه الذم والتقريع والوعيد لهما، فإن ما ذكره المفسرون في سبب نزول الآيات صريح في إيذاء حفصة وعائشة للنبي’ ومعصيتهما له، وقد قال تعالى: {إنّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً}.

قال السمرقندي في تفسيره: «{وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْه} يعني: تعاونا على أذاه ومعصيته، فيكون مثلكما كمثل امرأة نوح وامرأة لوط، تعملان عملاً تؤذيان بذلك رسول الله»([936]).

وقال القرطبي في تفسيره: «{وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْه} أي: تتظاهرا وتتعاونا على النبيبالمعصية والإيذاء»([937]).

وأخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عمر بن الخطاب (رض)، قال: «فدخلت على عائشة، فقلت: يا بنت أبي بكر، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله’؟ فقالت: مالي ومالك يا بن الخطاب، عليك بعيبتك، قال: فدخلت على حفصة بنت عمر، فقلت لها: يا حفصة، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله، والله لقد علمت أن رسول اللهلا يحبك، ولولا أنا لطلقك»([938]).

2ـ قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاء مِن نِسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون}([939]).

قال القرطبي في تفسيره لقوله تعالى: {وَلا نِسَاء مِن نِسَاء}: «قال المفسرون: نزلت في امرأتين من أزواج النبي سخرتا من أم سلمة، وذلك أنها ربطت خصريها بسبيبة وهي ثوب أبيض، ومثلها السب، وسدلت طرفيها خلفها فكانت تجرها، فقالت عائشة لحفصة: انظري ما تجر خلفها كأنه لسان كلب، فهذه كانت سخريتهما.

وقال أنس وابن زيد: نزلت في نساء النبي عيرن أم سلمة بالقصر، وقيل: نزلت في عائشة أشارت بيدها إلى أم سلمة، يا نبي الله إنها لقصيرة، وقال عكرمة عن ابن عباس: إن صفية بنت حيي بن أخطب أتت رسول الله، فقالت: يا رسول الله، إن النساء يعيرنني ويقلن لي: يا يهودية بنت يهوديين، فقال رسول الله: هلا قلت: إن أبي هارون وإن عمي موسى وإن زوجي محمد»([940]).

والآية المباركة كما هو واضح تضمنت جملة من ألفاظ الذم والتهكم والنهي والتهديد والتوعّد بسوء العاقبة، حيث عبرت بلفظ: {بئس} الذي هو من أساليب الذم في اللغة العربية، ونهت الذين نعتتهم بالإيمان عما بدر منهم من السخرية واللمز والتنابز بالألقاب وأسماء الفسوق وأمرتهم بالتوبة، وتوعدتهم أن يكونوا مع الظالمين إن لم يكفّوا عن فعلهم الشنيع.

ولا نجد أسلوباً أشدّ من هذه الأساليب في بيان ذم الشخص وتوبيخه، ولو أنكرنا دلالة هذه التعابير على الذم والتوبيخ فإنّه لا يثبت لنا ذم لفاسق أو منافق أو كافر في القرآن الكريم؛ لأن الآيات التي وردت في ذمهم وتقريعهم لا تتجاوز هذه الألفاظ الواردة في هذه الآيات المباركة في حق نساء النبي وبعض الصحابة.

قال الفخر الرازي في تفسيره: «{وَمَن لَمْ يَتُبْ} أمرهم بالتوبة عما مضى وإظهار الندم عليها مبالغة في التحذير وتشديداً في الزجر»([941]).

وقال البيضاوي في تفسيره أيضاً: «{فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} بوضع العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب»([942]).

وقال الشوكاني في تفسيره: «{وَمَن لَمْ يَتُبْ} عمّا نهى الله عنه {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} لارتكابهم ما نهى الله عنه وامتناعهم عن التوبة، فظلموا من لقّبوه، وظلمهم أنفسهم بما لزمهم من الإثم»([943]).

وهناك آيات أخرى تصرح بعصيان بعض نساء النبيّ وإيذائهن لرسول الله’ وذم الله عز وجل لهن([944]).

 وقد أكد هذا المعنى الكثير من الروايات المتضافرة التي تنص على إيذاء عائشة لرسول الله’ في مواطن كثيرة، فلطالما آذته في التجاوز على من يحب من نسائه حسداً منها، فقد كانت تذم خديجة÷ وتتهجم عليها بألفاظ قاسية وهي لم ترها، كلّ ذلك حسداً منها لما تراه من منزلة ومحبة خاصة لخديجة في قلب النبي الأكرم’، وكان ذلك يؤذي رسول الله’ ويغضبه، وهذا ما أخرجه المحدثون في كتبهم بأسانيد جيدة.

فقد أخرج أحمد في مسنده بسند صحيح عن عائشة، قالت: «ذكر رسول اللهيوماً خديجة فأطنب في الثناء عليها، فأدركني ما يدرك النساء من الغيرة، فقلت: لقد أعقبك الله يا رسول الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، قالت: فتغير وجه رسول الله تغيراً لم أره تغير عند شيء قط إلا عند نزول الوحي وعند المخيلة([945]) حتى يعلم رحمة أو عذاب»([946]).

وفي لفظ آخر: «فتمعّر([947]) وجهه تمعراً ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي أو عند المخيلة حتى ينظر أرحمة أم عذاب»([948])، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك أيضاً، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» وتعقبه الذهبي قائلاً: «على شرط مسلم»([949])، وقال الهيثمي: «رواه أحمد وإسناده حسن»([950])، وقال ابن كثير في تعليقه على سند الحديث: «وهذا إسناد جيد»([951]).

فهذه الآيات الشريفة وغيرها والأحاديث النبوية الصحيحة تبين لنا مدى المعاناة التي كان يكابدها النبي’ والأذى الذي كان يتحمله من المقربين إليه في منزله، والذي يعدّ من أعظم الأذى عليه، بل هو يعدّ أيضاً ترجمة حية للحديث النبوي الشريف المعروف: «ما أوذي أحد ما أوذيت في الله»([952]).

ثالثاً: العتاب المتضمن للذم والتوبيخ

لقد استغربت كثيراً من قولكم: >نعم، وردت آيات عتاب لا تنقص من مكانتهم التي ثبتت في عشرات الآيات المادحة، وتسمية ذلك ذماً من أعجب الكلام، فليس كلّ عتاب في القرآن يكون ذماً<.

فإنه مما تقدم اتضح أن الآيات المباركة استعملت أشد ألفاظ الذم والتوبيخ والتهديد في حق جملة من الصحابة وبعض نساء النبي’، وذلك كالحكم على بعضهم بالارتداد والخسران المبين والمقت والغضب والطرد عن رحمة الله تعالى واللعن في الدنيا والآخرة، وغير ذلك مما تقدم من ألفاظ الذم والتقريع، التي لا يمكن حملها على مجرد العتاب واللوم، بل إن حمل تلك الألفاظ الشديدة على العتب والملامة الخفيفة تحكّم وبلا دليل.

ويضاف إلى ذلك؛ ما ذكرناه من أن العتاب قد يتضمن في كثير من الأحيان الذم والتوبيخ، ويفهم ذلك من خلال عدد من القرائن مثل كون الكلام مشتملاً على ألفاظ الذم، أو كون المتكلم في مقام الذم بحسب الظرف الزماني والمكاني الذي صدر فيه العتاب، وقد ذكرتم في تقرير هذه الحقيقة: «فليس كلّ عتاب في القرآن يكون ذمّاً» مما يعني أن بعض العتاب قد يكون ذماً أيضاً، وهو ما أثبتناه في الآيات السابقة في حق بعض الصحابة ونساء النبي’، وصرح به القرطبي أيضاً فيما تقدم من كلامه.

قلتم: قد عاتب الله نبينا محمداً ولم يكن ذلك ذماً

ذكرتم في ص45: أنّ «الله قد عاتب من هو أفضل من الصحابة ومن أمهات المؤمنين وما كان ذلك ذماً؛ فقد عاتب نبينا محمداً في عدة مواطن ولم يكن ذلك ذماً. عاتبه في الأعمى، وعاتبه في الأسرى، وعاتبه في موضوع مولاه زيد، وعاتبه في تحريم ما أحل سبحانه، ولم يكن ذلك ذماً، أو منقصاً من مكانته صلوات الله وسلامه عليه».

الجواب

لكي يتّضح الجواب على ما ذكرتموه, لا بدّ من بيان الأمور التالية:

أولاً: التباين بين عتاب النبي وعتاب غيره

 لو افترضنا جدلاً أن الله تعالى عاتب نبيه الأكرم، فإن عتابه يختلف تماماً عن ألفاظ الذم والتوبيخ التي خاطب الله تعالى بها بعض الصحابة، فإن خطاب الله تعالى لنبيه الأكرم بلفظ: {عَفَا اللَّهُ عَنكَ} وأمّا خطابه لبعض الصحابة فقد جاء بألفاظ: {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِـرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ} وأمثالها من ألفاظ الذم أو ما يُسمّى بالعتاب المتضمن للتقريع والتوبيخ، وهذا ما لم يتضمنه خطاب الله تعالى مع نبيه الأكرم إذا افترضنا أنّه من ألفاظ العتاب.

ثانيا: لا يوجد عتاب للنبي في القرآن الكريم

 نحن نعتقد أنّ الموارد التي ذكرتها في حق النبي الأكرم خالية عن كلّ أشكال العتاب واللوم في حقه، وإنّما العتاب فيها متوجه إلى مخاطبين آخرين كالصحابة وغيرهم، ومن هذه الموارد:

1ـ آيات العتاب على الأعمى

أما بالنسبة إلى مسألة الأعمى في قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الأَعْمَى}([953])، فإن مذهب أهل البيت(علیهم السلام) في تفسير هذه الآية مبني على أن المخاطب بالآيات المباركة شخص آخر كان حاضراً في المجلس، والشواهد على ذلك من نفس الآيات المباركة كثيرة جداً:

منها: أنّ الصفات المذكورة في الآيتين الكريمتين تضمّنت بعض الصفات الأخلاقية الذميمة، التي لا يمكن أن يكون النبي هو المعني بها؛ لأن العبوس والصدّ عن الفقراء مع الإقبال على الأغنياء ـ كما هو صريح الآيات اللاحقة في السورة المباركة ـ ليست من صفات النبي ولا تشبه أخلاقه الكريمة وتحننه وعطفه وسماحته مع أصحابه.

ومنها: أنّ الله تعالى قد أشاد بخلق النبي’ وعظمه، إذ قال قبل نزول سورة عبس: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، فهذه الآية نزلت في بداية البعثة المباركة، فكيف يعقل أن يعظم الله خُلُقه في أول بعثته بإطلاق القول في ذلك، ثم يعود ثانية فيعاتبه عتاباً شديداً على سوء بعض أعماله وصفاته الخلقية ويذمه على ذلك؟!

ومنها: ما ورد أيضاً في قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}([954])، وهذه الآية بقرينة ورودها في سياق إنذار العشيرة تكون نازلة في أوائل الدعوة الإسلامية، وكذلك قال تعالى في آية أخرى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}([955])، وقد نزلت هذه الآية في بداية الدعوة العلنية للإسلام، وعليه فكيف يتصور أنه’ خالف تلك الأوامر الإلهية بالعبوس في وجوه المؤمنين والإعراض عنهم والإقبال على المشركين، الذي يتنافى مع خفض الجناح للمؤمنين والإعراض عن المشركين، وقد أُمر’ بهما؟!

مضافاً إلى أنّ الإعراض عن الفقراء وتقطيب الوجه في استقبالهم مع الإقبال على الأغنياء من المشركين قبيح لدى العقل والعقلاء ومناف لكرائم الخلق الإنساني، ولا نحتاج لبيان وجوب التجنب عنه إلى نهي صريح في القرآن الكريم، فكيف يخالف النبي الأكرم’ ويرتكب أمراً واضح القبح والذم عند العقل والعقلاء.

فالصفات الذميمة التي سطرتها الآيات العشر الأول من سورة (عبس)، إنّما هي من فعل شخص ثالث كان جالساً بحضرة النبي’، وقد خاطبه الله تعالى بالذم والعتاب الشديد، تارة بتوجيه الخطاب إليه مباشرة عن طريق ضمير الغائب، وأخرى بتوجيه الخطاب إليه عن طريق مخاطبة النبي’؛ لتشديد الإنكار عليه ولبيان أنّه لا يستحق أنْ يخاطبه الله تعالى مباشرة، وإن كان الخطاب في سياق الذم.

وقد نصّ على هذه الحقيقة بعض المفسرين وغيرهم من أعلام الطائفة السنية([956]).

2ـ آيات العتاب على الأسرى

وأمّا مسألة الأسرى في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}([957])، فالعتاب فيها أيضاً غير متوجه إلى النبيّ الأكرم’، وإنّما هو متوجه إلى بعض صحابة النبي الأكرم’؛ وذلك لأن ظاهر الآية المباركة هو العتاب على أخذ الأسرى لا على أخذ الفدية منهم، حيث جاء التعبير فيها بـ {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} ولا توجد أي دلالة فيها على أخذ الفدية، كي يعود العتاب على النبي’، وبقرينة ضمير الجمع في قوله: {تُرِيدُونَ} يظهر من الآية المباركة أنّها وردت في مقام تنبيه المسلمين على نقطة مهمة في الحرب، وهي أنّ عليهم أن لا يفكروا ولا ينشغلوا بأخذ الأسرى قبل اندحار العدو بالكامل، حيث كان بعض المقاتلين من المسلمين يسعى للحصول على أكبر عدد ممكن من الأسرى، لكي يأخذ منهم مبلغاً أوفر من المال بإزاء الإفراج عنهم، وهذا ما يشغل المسلمين عن القتال ويفسح المجال أمام العدو لجمع قواه ومعاودة القتال، كما وقع ذلك في غزوة أحد.

ومن هنا ألقت الآية باللوم على الذين خالفوا الأمر، قائلة: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} بمعنى أن الاهتمام بالجانب المادي والغفلة عن الهدف النهائي وهو الانتصار على العدو، من المخاطر السيئة التي لابد أن يتنزه عنها المسلمون.

وقد أكّد هذه الحقيقة جملة من علماء الطائفة السنية([958]).

3ـ آيات العتاب في طـلاق زيد لزوجته

وأما قضية زيد ومسألة زواجه وطلاقه في قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ}([959])، فهي خالية من العتاب واللوم أيضاً؛ لأنّ هذه الآية المباركة تتعرض لمعالجة ظاهرة اجتماعية غير مشروعة في الإسلام كان يمارسها الناس في الجاهلية، وجروا عليها بعد البعثة أيضاً، وهي تحريم نكاح أزواج الأدعياء، وكان زيد بن حارثة دعيّ رسول الله’ وربيبه، وكانت زوجته زينب بنت جحش، فأوحى الله تعالى إلى نبيه الأكرم’ أن زيد بن حارثة سيأتيه طالباً طلاق زوجته، وأمره عز وجل أن يتزوجها بعد فراق زيد لها؛ ليكون ذلك ناسخاً لسنة من سنن الجاهلية في التحريم، فلما حضر زيد مخاصماً زوجته وعازماً على طلاقها، أشفق الرسول’ عليه وأمره بالإمساك عليها وإبقائها زوجة له، ووعظه وذكّره، لاسيما وأنه كان المتصرف والقائم على تدبير أموره، خصوصاً وأن النبي’ كان يعلم أن المرجفين من المنافقين سيسيئون له بالقول, ويقذفونه بحبّه لزينب بنت جحش, ويتّهمونه بأنّ التطليق كان بتدبيره، مضافاً إلى أنّ الناس كانت ترى أنّ الربيب كالابن الصلبي فيشنعون على من ينكح زوجة الربيب بعد تطليقه لها؛ ولذا قال النبي’ لزيد: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ}، ولم يكن النبي’ مأموراً بترك إبداء الموعظة لزيد، وكذا لم يكن مأموراً بإبداء ما أخبره الله تعالى به، من أن زينب ستكون من أزواجه، فلم تتضمن الآية أي عتاب أو استنكار على فعل خالف فيه نبي الإسلام أمراً من الأوامر الإلهية، وإنما تضمنت الآية نسخاً لسنّة جاهلية وإخباراً عن وقوعها مع حفظ الله تعالى وعصمته لنبيه الأكرم ودينه الخاتم من كيد المنافقين.

وهذا ما أكده جملة من المفسرين، ففي تفسير القرطبي: «فإن قيل: كيف يأمره بالتمسك بها وقد علم أن الفراق لابد منه، وهذا تناقض؟

قلنا: بل هو صحيح للمقاصد الصحيحة لإقامة الحجة ومعرفة العاقبة، ألا ترى أن الله تعالى يأمر العبد بالإيمان وقد علم أنه لا يؤمن، فليس في مخالفة متعلق الأمر لمتعلق العلم ما يمنع من الأمر به عقلاً وحكماً، وهذا من نفيس العلم، فتيقّنوه وتقبّلوه»([960]).

والمفسرون وغيرهم الذين نفوا وجود العتاب في هذه الآية كثيرون يمكن مراجعة أقوالهم([961])، والبحث في هذه الآية المباركة طويل وعميق موكول إلى محلّه.

4ـ آيات العتاب في تحريم الأزواج

وأمّا تحريم ما أحل الله سبحانه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}([962])، فالعتاب فيها أيضاً متوجه إلى بعض نساء النبي’، والتحريم الذي تضمنته الآية ليس تحريماً شرعياً، بل هو قسَمٌ من قبل الرسول الكريم’، ومن المعروف أن القسم على ترك بعض المباحات ليس فيه ما يوجب العتاب، وقوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ} لم تأت كتوبيخ وعتاب للنبي’، وإنّما هي نوع من الإشفاق والعطف، كقوله تعالى: {طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}([963]) وليس في ذلك عتاب، بل عطف وإشفاق، والعفو والغفران الوارد في آخر الآية المباركة إنما هو لمن يتوب من زوجات الرسول بقرينة الآية اللاحقة وهي قوله تعالى: {إِن تَتُوبَا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}([964])، هذا هو نظر أهل البيت(علیهم السلام) في تفسير هذه الآية المباركة.

 وعندئذٍ لا يصح الاستشهاد والتنظير بهذه الآيات التي زعمت أنها وردت في عتاب النبي’؛ فقد اتضح أنها لا دلالة فيها على ذلك، على عكس ما ورد في الآيات التي عاتبت الصحابة؛ فإنها صريحة في أصل العتاب والذم، خصوصاً بملاحظة جملة من الروايات التي دلت على ذمهم صراحة، كروايات الحوض المصرحة بدخول أكثرهم النار.


 

 

 

 

 

 


حوار
حول النفاق والمنافقين


تمهيد

فيما يخصّ وجود المنافقين في المجتمع الإسلامي, فقد بدأتم من ص79 باستعراض مسألة النفاق في مجتمع الصحابة والإجابة على ما جاء في رسالتنا، التي أثبتّنا لكم فيها تفشي ظاهرة النفاق في وسط الصحابة زمن النبي’, وها نحن نذكر كلماتكم ونتعقبها بالجواب.

قلتم: لا يوجد منافق من المهاجرين

جاء في ص80: «لا يعرف [النفاق] أصلاً في أحد من المهاجرين؛ لأن المهاجر أصلاً خرج من أرضه وماله باختياره فكيف ينافق؟», وبعبارة أخرى, فإنّكم تنفون وجود ظاهرة النفاق في مكّة المكرمة.

الجواب

يمكن لنا إثبات وجود ظاهرة النفاق في المجتمع الإسلامي في ذلك الوقت بالخصوص بالأدلة التالية:

أولاً: الآيات القرآنية

إنّ هناك آيات كريمة تثبت أنّ النفاق كان موجوداً في مكة المكرمة قبل هجرة النبي’ إلى المدينة:

1ـ قوله تعالى في سورة المدثر: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً}([965]). ومن الثابت لدى جميع العلماء والمفسرين أن سورة المدثر من السور المكية، لا سيما هذه الآية التي هي مورد البحث، ومن الواضح أيضاً أن المرض المذكور في الآية المباركة هو مرض النفاق كما نص على ذلك المفسرون.

 قال ابن كثير في تفسيره للآية: «{وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ} أي: من المنافقين {وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً} أي: يقولون ما الحكمة في ذكر هذا ها هنا؟»([966]).

وقال الشوكاني: «المراد بـ {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ} هم المنافقون»([967]).

والآية المباركة تقسم الناس في ذلك الوقت إلى أربعة طوائف، هم أهل الكتاب والمؤمنون والكافرون والذين في قلوبهم مرض، وهم المنافقون، والآية تتحدث أيضاً عن مثل قرآني ضربه الله تعالى حول عدة أصحاب النار من الملائكة، وقد انقسمت حياله تلك الطوائف الأربعة انقساماً حقيقياً خارجياً بين من استيقن وزادته إيماناً وبين من ارتاب ودخله الشك والتردد والاستغراب من المنافقين والكافرين، فالمنافقون أخفوا ذلك وأعلنه الكافرون.

إذن، فالآية المباركة تنص على وجود طائفة من المنافقين في مكة المكرمة أعلنوا إسلامهم وأخفوا شكهم وريبهم في الدين لأسباب ودواع سنذكرها لاحقاً.

وأمام هذه الصورة الواضحة، التي عرضتها الآية حول المنافقين في مكة، حار المفسرون من أعلام الطائفة السنية في تفسيرها، فجاءت كلماتهم وتفسيراتهم لهذه الحقيقة مرتبكة ومضطربة ومشوشة، وبعيدة كلّ البعد عن مقصود الآية، فمنهم من حمل مراد الآية على ما سيقع من النفاق في المدينة من دون أن يبرز قرينة على ذلك من الآية([968])، ومنهم من ركب متن الشطط جاعلاً المراد بمرضى القلوب هم الكافرون أنفسهم([969])، مع أن الآية عدت الذين في قلوبهم مرض قسماً آخر في قبال الكافرين، كما فهمه أكثر المفسرين، ومنهم من حمل المراد من مرض القلب على الاضطراب وضعف الإيمان([970])، إلى غير ذلك من التمحلات التي كان القصد منها الفرار وعدم الإذعان بوجود النفاق في مكة.

2ـ قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِن رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}([971])، وهذه أيضاً من الآيات المكية التي نزلت في بعض المنافقين بمكة.

قال الواحدي النيسابوري في أسباب النزول: «وقال الضحاك: نزلت في أناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون، فإذا أوذوا رجعوا إلى الشرك»([972]).

وبنفس المضمون ما ذكره القرطبي في تفسيره([973]).

وهذا يكشف عن وجود النفاق بين المسلمين في مكة، رغم الظروف الصعبة والمخاطر المحدقة بهم وسطوة قريش في ذلك الحين، مما يتعارض مع إنكارك المطلق لمسألة النفاق في مكة.

3ـ قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}([974]).

أجمع المفسرون على أن هذه الآية المباركة نزلت في قوم أسلموا بمكة، ولم يستحكم الإيمان في نفوسهم، وقد خرجوا مع المشركين يوم بدر، وأظهروا النفاق عندما رأوا قلة المسلمين.

قال مقاتل في تفسيره: «نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة والوليد بن الوليد بن المغيرة وقيس بن الوليد بن المغيرة والوليد بن عتبة بن ربيعة والعلاء بن أمية بن خلف الجمحي وعمرو بن أمية بن سفيان بن أمية، كان هؤلاء المسلمون بمكة، ثم أقاموا بمكة مع المشركين فلم يهاجروا إلى المدينة، فلما خرج كفار مكة إلى قتال بدر، خرج هؤلاء النفر معهم، فلما عاينوا قلة المؤمنين شكوا في دينهم وارتابوا، فقالوا: (غر هؤلاء دينهم) يعنون أصحاب محمد»([975]).

وقال ابن عباس: «نزلت الآية في الذين أسلموا بمكة وتخلفوا عن الهجرة فأخرجهم أهل مكة إلى بدر كرهاً، فلما رأوا قلة المؤمنين ارتابوا ونافقوا، وقالوا لأهل مكة: (غرّ هؤلاء دينُهم)»([976]).

وقال الثعلبي: «نزلت في ناس من أهل مكة دخلوا في الإسلام ولم يهاجروا، منهم قيس بن الفاكه بن المغيرة وقيس بن الوليد بن المغيرة وأنهم أظهروا الإيمان وأسروا النفاق، فلما كان يوم بدر خرجوا مع المشركين إلى حرب المسلمين، فلمّا التقى الناس ورأوا قلة المؤمنين قالوا: (غر هؤلاء دينهم)»([977]).

إلى غير ذلك من الآيات القرآنية الأخرى التي تفيد أن النفاق لم يقتصر على المدينة، وإنما كان له وجود في مكة قبل الهجرة. مضافاً إلى ذلك ما أثبتته كتب الحديث والتاريخ من وجود هذه الظاهرة فيها أيضاً.

ثانيا: الطبيعة البشرية

 إنّ مجرّد إنكارك لوجود النفاق في مكة ـ مع وجوده كما تبيّن ـ لا يمكن أن تعتمده دليلاً ومستنداً في نفي طروّ النفاق على بعض المسلمين من المهاجرين في المدينة بعد الهجرة، إذ من الممكن أن تعتري الإنسان حالة من الشك والريبة والتردد نتيجة القصور في بعض مدركاته وعدم قدرته على استيعاب بعض الحقائق الدينية، فيرجع عن دينه ولكنه يكتم ذلك حفاظاً على بعض المصالح المهمّة بنظره، كالخوف من شماتة أعدائه، أو حفاظاً على بعض علاقاته القبلية، أو للعصبية والحمية، والشاهد الواضح على ذلك الردة التي وقعت بعد الهجرة من قبل جملة من مسلمي مكة، أمثال عبيد الله بن جحش الأسدي، حيث تنصر في الحبشة بعد هجرته إليها([978])، وربيعة بن أمية بن خلف الجمحي الذي لحق في خلافة عمر (رض) بالروم وتنصّر بسبب شيء أغضبه([979])، وغيرهم، وإذا كان الصحابي من المهاجرين معرضاً للكفر والارتداد فتعرضه للنفاق بطريق أولى، خصوصاً وأنّ الكفر والارتداد لا يختلف في منطقكم عن حقيقة النفاق.

أسباب ودواعي النفاق في مكة

بعد أن اتضح وجود النفاق في مكة بصريح الآيات وكتب التفسير والحديث، قد يتردد البعض في هذه الحقيقة بتوهم أن المهاجرين، وهم من أهل مكة، قد خرجوا من أرضهم وتركوا أموالهم باختيارهم فكيف ينافقون؟ وهذا التوهم الفاسد هو مجرد استبعاد بعيد الصلة عن شخصية الإنسان وواقعه، وهو يُنبئ عن قصور في النظر تجاه الطبيعة البشرية التي تتجاذبها الكثير من الميول النفسية والظروف الاجتماعية والبيئية والقبلية، حيث إنها قد تؤثر على تفكير الإنسان وطموحاته وأهدافه التي قد يرسمها لنفسه ضمن حركة أو حزب أو دين معين، وإن كان قد يتعرض للظلم والاضطهاد في منطلق مسيرته، ونحاول فيما يلي أن نشير إلى بعض تلك الأسباب والدوافع على سبيل الاختصار:

1ـ أنّنا كثيراً ما نجد في المجتمعات فئات من الناس مستعدة لقبول أية دعوة إذا كانت ذات شعارات طيبة تنسجم مع أحلامهم وآمالهم وتطلّعاتهم إلى تحقيق رغباتهم وما تصبوا إليه نفوسهم، فيناصرونها رغم أنهم في ظل أعتى القوى وأشدها طغياناً، فيعرضون أنفسهم للأخطار والمشاق والمصاعب وإن خسروا أرضهم وأموالهم، كلّ ذلك رجاء أن يوفقوا يوماً لتحقيق أهدافهم التي يحلمون بها من الجاه والسلطان وحب الشهرة والحصول على الثروات الطائلة، مع أنهم ربما لا يؤمنون بتلك الدعوة إلا بمقدار إيمانهم بضرورة الحصول على تلك الأهداف، ولذا نجدهم يتراجعون عن تلك المبادئ إذا تعرضت حياتهم للخطر وأيقنوا بعدم نيل تلك المآرب، نظير ما تقدم من قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}([980])، خصوصاً وأنها نزلت ـ كما تقدم ـ في من أسلم في مكة المكرمة، وكذا ما تقدم في قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ}([981])، قال الواحدي بعد بيان نزولها في المنافقين: «وقالوا: نكون مع أكثر الفئتين، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا: غر هؤلاء دينهم»([982]).

مضافاً إلى أن جزيرة العرب استعلمت من اليهود ظهور نبي في هذا الزمان والمكان سيفتح حصون كسرى وقيصر وستدين له العرب والعجم، لا سيما وأنهم رأوا ولمسوا صدقه ووقوع بعض ما أخبر به، ومن الأمثلة التي تدل على رسوخ ذلك المبدأ في الأذهان ما حصل في معركة الخندق التي كانت سبباً في نزول قوله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً}([983])، قال القرطبي في تفسيره: «أي: باطلاً من القول: وذلك أن طعمة بن أبيرق ومعتب بن قريش وجماعة نحو من سبعين رجلاً قالوا يوم الخندق: كيف يعدنا كنوز كسرى وقيصر ولا يستطيع أحدنا أن يتبرَّز»([984]).

ونحن إذ نذكر هذه الأمور لا نبتغي التشكيك في نوايا المسلمين وخصوصاً السابقين منهم، الذين بذلوا الغالي والنفيس وقدموا أرواحهم وكل ما يملكون بصدق وإخلاص في سبيل الإسلام وإعلاء كلمته، وإنما أردنا بذلك أن نثبت لك خطأ ما جزمت به من عدم وجود أي مظهر من مظاهر النفاق بين مسلمي مكة ومهاجريهم.

2ـ ما أشرنا إليه آنفاً من أن إنكار وجود النفاق في مكة لا يستلزم تنزيه المهاجرين كافة عن ابتلاء بعضهم بمرض الشك والنفاق والريبة، مع كثرة المحن والفتن والظروف القاهرة والعصيبة التي كانت تعصف بالمجتمع الإسلامي آنذاك، من الخوف والجوع والنقص في الأموال والأنفس والثمرات، مضافاً إلى الحروب والمعارك التي خاضها المسلمون، كالتزلزل والشك في الدين الذي حصل في معركة أحد، حتى قال بعضهم: «فلنأخذ لنا أمنة من أبي سفيان»([985]).

وقد أحدثت هذه المعركة هزة عنيفة زلزلت إيمان وثبات الصحابة إلا قليلاً منهم، حتى عاتبهم الله تعالى ووبخهم، قال عزّ وجل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً}([986]).

ومن جميع ما ذكرنا يتبين أن النفاق لم ينحصر بالأنصار من الأصحاب، بل شمل بعض المهاجرين أيضاً، سواء في مكة قبل الهجرة أم في المدينة بعدها.

 قلتم: النبي وأصحابه كانوا يعرفون المنافقين

ذكرتم في ص80: «القرآن الكريم تولّى كشف المنافقين بذكر أعمالهم ومواقفهم حتى لكأن النبيوأصحابه يرونهم، بل ويعرفونهم».

 ثم أوردتم بعد ذلك مجموعة من الآيات التي زعمتم أنها دالة على أن النبي’ كان يعرفهم، وأن الله تعالى هددهم إذا لم ينتهوا عن النفاق فسوف يغري رسول الله’ بهم إما بإخراجهم أو قتلهم، وحيث لم يغره بذلك فدلّ على انتهائهم.

الجواب

أولاً: أنّ ما زعمته من أن القرآن كشف المنافقين وأن النبي’ وأصحابه كانوا يعرفونهم، يتنافى مع ما ذكره كبار المفسرين في قوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}([987]).

قال السمعاني: «هذا دليل على أن الرسول لم يعلم جميع المنافقين»([988]).

وقال ابن كثير في تفسير الآية: «وقوله: {لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} لا ينافي قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}؛ لأن هذا من باب التوسم فيهم بصفات يعرفون بها، لا أنه يعرف جميع من عنده من أهل النفاق والريب على التعيين، وقد كان يعلم أنّ في بعض من يخالفه من أهل المدينة نفاقاً»([989]).

وفي كلام ابن كثير هذا جواب على ما أوردتموه في آيات قرآنية استظهرتم منها أن النبي’ وبعض أصحابه كانوا يعلمون بالمنافقين كلهم، وهذا الاستظهار ليس في محله، إذ غاية ما تفيده الآيات المذكورة أن النبي’ كان يعلم رؤوس المنافقين فقط وذلك عن طريق صفاتهم وسيماهم.

ولذا قال ابن كثير في موضع آخر: «قول من قال: كان عليه الصلاة والسلام يعلم أعيان بعض المنافقين إنما مستنده حديث حذيفة بن اليمان في تسمية أولئك الأربعة عشر منافقاً في غزوة تبوك... فأطلع على ذلك حذيفة ـ إلى أن قال: فأما غير هؤلاء، فقد قال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} الآية، وقال تعالى: {لَئِن لَمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً}([990])، ففيها دليل على أنه لم يغر بهم، ولم يدرك على أعيانهم، وإنما كان تذكر له صفاتهم فيتوسمها في بعضهم، كما قال تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}([991]).

وهناك روايات معتبرة وردت في مصادر أهل السنة تصرح بأن النبي’ لم يكن يعرف بعض المنافقين([992]).

ثانياً: لو افترضنا أنّ النبي’ كان مطلعاً على المنافقين كلهم بأعيانهم وأشخاصهم، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن النبي’ أطلع أصحابه على جميع المنافقين، فلربما كانت هناك مصلحة وحكمة تقتضي إخفاء أسمائهم وأشخاصهم، كأن تكون المصلحة هي الحفاظ على وحدة النظام الإسلامي وتجنب حصول الفتن في مجتمع المسلمين، والله ورسوله أعلم بملاكات الأحكام ومصالح الشريعة.

ولعل من الشواهد على عدم اطلاع ومعرفة الصحابة بالمنافقين أنهم كانوا يسألون حذيفة عنهم ويستعلمون ذلك من تركه للصلاة عليهم، مع أن حذيفة لم يطلعه النبي’ إلا على أربعة عشر منافقاً، كما تقدم عن ابن كثير.

قلتم: المنافقون ليسوا من الصحابة

ذكرتم فيما يتعلق بالمنافقين في ص81: «المنافقون ليسوا من الصحابة ولكنّهم معهم» ثمّ قلتم في ص82: «والقرآن الكريم في كلّ آياته يبيّن أنّ المنافقين ليسوا بمؤمنين، أي: ليسوا ممّن يوصفون بالصحبة، فإنّ الصحبة الإيمانيّة لا يوصف بها إلا المؤمن».

الجواب

يقع الجواب على كلامكم هذا في عدّة نقاط:

النقطة الأولى: أنّ تعريف علماء أهل السنّة للصحابي ليس تعريفاً قيميّاً مبنياً على (ما ينبغي وما لا ينبغي)([993])، فلم يؤكّد على تحقق عناصر مثل التقوى والإيمان والزهد وغير ذلك في شخصية الصحابي، بل ركّز على أمرين فقط وهما: الإسلام والرؤية, وهذان الأمران ثابتان حتى في حق المنافقين الذين أظهروا الإسلام ورأوا رسول الله’. نعم، من انكشف حاله وثبت كونه من المنافقين يخرج عن الصحبة حسب تعريفكم باعتبار اشتراطكم موته على الإيمان, أمّا من لم ينكشف أمره فهو بحسب الظاهر آمن بالنبي’ ومات على الإيمان, فهم ليسوا مع الصحابة فقط كما قلتم؛ بل هم معدودون منهم.

وبهذا اعترف الإمام النووي حيث قال: «وكان (صلّى الله عليه وسلّم) يتألّف الناس ويصبر على جفاء الأعراب والمنافقين وغيرهم؛ لتقوى شوكة المسلمين وتتم دعوة الإسلام ويتمكّن الإيمان من قلوب المؤلّفة ويرغّب غيرهم في الإسلام، وكان يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك، ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى ولإظهارهم الإسلام، وقد أمر بالحُكم بالظاهر، والله يتولّى السرائر؛ ولأنّهم كانوا معدودين في أصحابه (صلّى الله عليه وسلّم) ويجاهدون معه؛ إمّا حميّة وإمّا لطلب دنيا أو عصبيّة لمن معه من عشائرهم»([994]).

كما أنّ ابن حزم الأندلسي لم يبتعد عن ذلك، فقد اعترف هو أيضاً بأنّ مثل عبد الله بن اُبي وغيره من المنافقين يعدّون من الصحابة([995])، وسنوافيك بنصّ كلامه لاحقاً إن شاء الله تعالى([996]).

النقطة الثانية: أنّ الآيات القرآنية التي ذكرتها في كلامك ناظرة إلى الواقع ونفس الأمر, فقد بيّنتْ أنهم ليسوا بمؤمنين واقعاً وإنّما هم متظاهرون بذلك, ولكن معرفة واقع الكثير منهم غير متيسّرة, فيكون الكثير منهم داخلاً في الصحابة حسب تعريفكم, وعندئذٍ كيف يمكنكم من خلال هذا الكمّ الهائل من الذين أسلموا ورأوا النبيّ’ أن تتمكّنوا من معرفة من آمن به واقعاً ومن أسلم ظاهراً منهم ولمّا يدخل الإيمان قلبه؟

النقطة الثالثة: من الثابت أنّ هناك بعضاً من الصحابة في زمان النبي’ كان يخشى على نفسه من النفاق, قال ابن أبي مليكة: «أدركت ثلاثين من أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) كلّهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول إنّه على إيمان جبريل»([997]).

وورد عن الجعد أبي عثمان أنه قال: «قلت لأبي رجاء العطاردي: هل أدركت ممن أدركت من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يخشون النفاق؟ وكان قد أدرك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، قال: نعم؛ إنّي أدركت منهم بفضل الله صدراً حسناً، نعم شديداً، نعم شديداً»([998]).

وعن عكرمة، قال: «قال عمر رضي الله عنه: ما فرغ من تنزيل براءة حتّى ظنّنا أنّه لم يبق منّا أحد إلا سينزل فيه وكانت تسمّى الفاضحة»([999]).

فإنّ خشية بعض الصحابة من أن يكونوا في ضمن دائرة المنافقين تكشف عن أنّ المنافقين كانوا ممن يعدّون من الصحابة وقتذاك, وأنّ المنافق قبل أن يتبيّن حاله كان صحابيّاً, وحيث إنّ مجتمع المنافقين لم يُكشف بأسره , فلا ريب في دخولهم في الصحابة حسب تعريفكم, فالقول بعدالة الصحابة أجمع يستلزم القول بعدالة مجموعة كبيرة من المنافقين!!

النقطة الرابعة: أنّ قولك هذا لا ينسجم مع ما ورد عن النبي’ حيث أطلق على المنافقين لفظ الصحابة، وقد نقلت لكم جملة من تلك الإطلاقات والاستعمالات فيما سبق، كقوله’ في أحد المنافقين: «معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي»([1000])، وكقوله’: «في أصحابي اثنا عشر منافقاً»([1001])، وقال’ أيضاً: «إنّ في أصحابي منافقين»([1002]).

والخلاصة؛ أن المنافق مالم يتضح حاله كان معدوداً من الصحابة، فلا بد أن يكون عادلاً وفق تعريفكم للصحابي، وفيه يتبين أن الحكم بعدالة الصحابي لمجرد الصحبة، ومن دون النظر إلى سيرته وتاريخ حياته، يوجب الحكم بعدالة عدد من المنافقين غير المعروفين.

قلتم: المنافقون كانوا مجموعة قليلة

قلتَ في ص82 في معرض ردّك على كلامي: «إن المنافقين كانوا جماعة هائلة في المجتمع الإسلامي».

قلتم: >لا يُسلَّم هذا الادّعاء فإنه لو كانوا جماعة هائلة لواجهوا المسلمين ولكنّهم كانوا قليلين مغمورين مقهورين<.

الجواب

أولاً: أنّ ما نقلته من كلامي ورتبت عليه الأثر، كان بنحو مقتطع، فانّي قد ذكرت قبل هذا الكلام: أنّ هناك آيات واردة في حقّ جماعة في المنافقين معروفين بالنفاق بين الصحابة آنذاك، وكان لهم شأن ودور في المجتمع الإسلامي، ثم ذكرتُ ثانياً أنّ هناك آياتٍ دلّت على وجود المنافقين المجتمعين حول المدينة.

ثمّ قلتُ: إنّ القرآن بذل عناية خاصّة في عصبة المنافقين وأعرب عن نواياهم وندّد بهم في سورٍ متعددة، وهذه السور تدلّ على أنّ المنافقين كانوا جماعة هائلة في المجتمع الإسلامي.

وذكرتُ بأن بعض العلماء من قبيل إبراهيم علي سالم قام بإحصاء ما يرجع إليهم من الآيات، فبلغ مقداراً يقرب من عشر القرآن الكريم.

 فكنت بصدد استنتاج الدلالة من القرآن الكريم، ولم أكن أقصد من جماعة هائلة؛ المعنى العددي، بل كنت أقصد نفس ما أنت قد أشرت إليه في كلامك من أنّ المنافقين كانت لهم آثار سيئة بما يعادل جيشاً جراراً يواجه المسلمين.

ثانياً: قولك إنّ المنافقين كانوا قليلين مغمورين مقهورين, ليس تامّاً؛ فلم يكن عدد المنافقين بهذا المستوى من القلّة، بل كانوا جماعة معتدّاً بها؛ إذ إنّ من ينزل فيه هذا العدد من الآيات القرآنية لا يمكن أن يكون جماعة قليلة ليس لها تأثير يذكر, وقولكم: مقهورين، يشعر بانعدام هيمنتهم وأثرهم في المجتمع الإسلامي، وهذا غريب؛ إذ كيف يكونون مقهورين لا حول لهم ولا قوة مع كثرة حديث القرآن عنهم؟!

إنّ كثرة الحديث عن المنافقين ليست خافية على من يقرأ كتاب الله العظيم، فهناك الكثير من الآيات التي يفهم منها عظم خطرهم وقوة تأثيرهم.

قال النسفي عند تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ}([1003]): «افتتح سبحانه وتعالى بذكر الذين أخلصوا دينهم لله وواطأت فيه قلوبهم ألسنتهم، ثم ثنّى بالكافرين قلوباً وألسنة، ثم ثلّث بالمنافقين الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم وهم أخبث الكفرة، لأنهم خلطوا بالكفر استهزاءً وخداعاً؛ ولذا أنزل فيهم {إنّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} وقال مجاهد: أربع آيات من أول السورة في نعت المؤمنين وآيتان في ذكر الكافرين وثلاث عشرة آية في المنافقين نعى عليهم فيها نكرهم وخبثهم وسفههم واستجهلهم واستهزأ بهم وتهكم بفعلهم وسجل بطغيانهم عمّههم ودعاهم صمّاً بكماً عمياً، وضرب لهم الأمثال الشنيعة وقصّة المنافقين عن آخرها معطوفة على قصّة الذين كفروا كما تعطف الجملة على الجملة»([1004])، هذا فضلاً عن سورة المنافقين التي نزلت في خصوصهم, وغيرها من الآيات العديدة التي تناولتهم, فكيف لا يكون لهم تأثير مع كلّ ذلك؟!

ثالثاً: كان عدد المنافقين في معركة أحد ثلث عدد المسلمين تقريباً, وقد كان عدد جيش المسلمين في تلك الغزوة ألفاً، وأثناء مسير المسلمين تخلّف ثلاثمائة مقاتل من الجيش بقيادة عبد الله بن أبي زعيم المنافقين، أي ما يقرب من ثلث عدد المقاتلين!! وهو عدد كبير لا يستهان به.

وكون عددهم ثلث عدد المسلمين في معركة أحد هو المشهور في كثير من المصادر:

فقد روى البخاري عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِت (رضى الله عنه): قال: «رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وسلّم) مِنْ أُحُد، وَكَانَ النَّاسُ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ فَرِيقٌ يَقُولُ اقْتُلْهُمْ. وَفَرِيقٌ يَقُولُ: لاَ، فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}، وَقَالَ: إِنَّهَا طَيْبَةُ تَنْفِي الْخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ»([1005]).

وعلق العيني: «قوله: (رجع ناس) أراد به عبد الله بن اُبي بن سلول ومن معه، فإنه رجع بثلث الناس»([1006]).

وقال أيضاً نقلاً عن ابن إسحاق: «إنّ عبد الله بن اُبي بن سلول رجع يومئذ بثلث الجيش، ورجع بثلاثمائة وبقي النبي (صلّى الله عليه وسلّم) في سبعمائة»([1007]).

 وقال ابن كثير: «فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) والمسلمون فسلكوا على البدائع وهم ألف رجل والمشركون ثلاثة آلاف، فمضى رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) حتى نزل بأحد ورجع عنه عبد الله بن اُبي بن سلول في ثلاثمائة فبقي رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في سبعمائة. قال البيهقي: هذا هو المشهور عند أهل المغازي»([1008]).

 وإذا افترضنا أن أثر الواحد منهم يعدل جيشاً جراراً يواجه المسلمين، فما بالك بثلاثمائة رجل! على أنّ هذا العدد هم من كانوا مع الجيش ثم تخلفوا، ناهيك عن المنافقين الذين لم يلتحقوا أساساً، والذين أسلموا لاحقاً تحت وطأة السيف، خصوصاً الآلاف المؤلفة في يوم الفتح.

 وهذا عمر يصرّح بوجود كثرة من المنافقين في يوم وفاة رسول الله’ فيقول: «والله ما مات رسول الله حتّى يقطع أيدي أناس من المنافقين كثير وأرجلهم»([1009]).

ويبقى السؤال المهم وهو: لماذا لم نسمع لهؤلاء المنافقين من أثر بعد وفاة رسول الله’, فأين ذهبوا؟ وهل هم من الصحابة أم لا؟ فإنّ رسول الله’ ارتحل ولم يكشفهم للملأ.

وكيفما كان؛ فإن وجود عدد لا بأس به من المنافقين في أوساط الصحابة([1010]) وأنّ لهم تأثيراً كبيراً على المسلمين أمر لا يمكن إنكاره.

وبالطبع، فإنّ كلّ من لم يكشف حاله من هؤلاء ـ بحسب اعتقادكم ـ فهو صحابي يجب احترامه وتقديسه وقبول روايته!


النفاق والتظاهر بحب النبي

قلتم: لا يوجد منافق متظاهر بحبّ النبي

ذكرتم في ص82 تحت رقم (24) في معرض ردك على كلامي: «بين معروف عُرف بسمة النفاق وغير معروف بذلك مقنّع بقناع التظاهر بالإيمان والحبّ للنبيّ».

بما حاصله أن: >هذه دعوى ينقصها الدليل، فأين من المنافقين من زعم أنّه يحب النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وفي أي كتاب وجدت ذلك؟<

الجواب

هذا الكلام منك غريب جداً؛ فكأنّك تفرض استحالة أن يتظاهر المنافق بحبّ النبيّ’! مع أنّ هذا من بدهيات النفاق، بل؛ أليس النفاق إلا هذا، فمن الطبيعي جداً أن يتظاهر المنافق بحبّ النبيّ والإيمان بالرسالة الإسلاميّة, حتّى لا يظهر عليه أنّه منافق, وقد لا تجد منافقاً ينفكّ عن ذلك, وإلا فسينكشف أمره ويُفتضح أمام الملأ, وهذا لا يحتاج إلى دليل وشاهد يدلّ عليه يا فضيلة الدكتور!

ثم كيف تطالبني بكشف المنافقين الذين زعموا حبّ النبي’ والدعوى أنّهم غير مكشوفين، وأنهم مختلطون بالصحابة ومعدودون منهم, أفلستم تعدون جميع من شاهد النبيّ’ من العدول الذين يجب اتّباعهم, أفهل كان هؤلاء يتظاهرون بكره النبي’ أم بحبّه؟!!


الصحابة وخشيتهم من النفاق

قلتم: كلامك يوحي بأنّ كلّ الصحابة منافقون

في ص82 تحت رقم (25) عند ردك على قولي: >بحيث كان كلّ من حول النبي يخاف على نفسه أن تنزل فيه آية تفضحه بمرأى من المسلمين ومسمعهم<.

قلتم: >عجباً لهذا الخيال! إن هذا الكلام يوحي بأنهم جميعاً منافقون متسترون..<ثم أضفت - بعد أن ذكرت عدم نزول قرآن يكشفهم جميعاً-: >فهل يعني ذلك إقرار النفاق أو تغريرًا بالنبي بإبقاء المنافقين حوله يخدعونه بالإيمان<.

وأضفت: >أن هذا خداع للأمة؛ لأنها تأخذ دينها عن ناس تحسبهم مؤمنين وهم منافقون...».

الجواب

 أولاً: لم يكن كلامي يوحي بأنّ الجميع منافقون بالفعل حتى ترتّب عليه الأثر، بل ما أردتُ توضيحه هو أن هناك فئة غير قليلة من المنافقين كانت تعيش في المجتمع الإسلامي، وكان هناك أشخاص يعيشون حالة الخوف من أن تكون أفعالهم وأعمالهم تنتهي إلى فئة المنافقين فكانوا يترقبون أن تنزل فيهم آية تعلمهم بذلك، وهذا لا يدلّ على أن الخائف هو منافق بالفعل كما أردت تصوير ذلك.

ثانياً: هذا ليس من خيالنا، بل هو من رواياتكم وأخباركم التي صورت كيف أنّ الصحابة كانوا يخشون أن تنزل فيهم آية تفضحهم، وقد تقدم منّا ذكر بعض الأخبار في ذلك, وندعم قولنا هنا بخبرآخر نقل عن ابن أبي مليكة, حيث قال: «أدركت ثلاثين ومائة وفي رواية خمسين ومائة من أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) كلهم يخافون النفاق»([1011]).

ثالثاً: لا يوجد تغرير بالنبيّ’, فالنبي وظيفته التبليغ والإرشاد إلى دين الله الحق كغيره من الأنبياء الذين سبقوه, فلا يضره وجود من لم يهتد ولم يستنر قلبه بنور الإيمان, قال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ}([1012])، وقال سبحانه: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}([1013])، فكل نفس بما عملت رهينة, على أنّ النبيّ’ يعلم بوجود بعض المنافقين بين أصحابه وأطلعه الله على جماعة منهم بأعيانهم وترك الباقين، فأين التغرير؟ وما هي لوازم ذلك؟

رابعاً: لا يوجد أي تغرير بالأمة أيضاً، كما فرضت, فإن الله ورسوله أوضحوا الطريق السليم المنجي للأمة من الضلال, وتركوها على المحجّة البيضاء, فقد نصّ النبيّ’ على علي× وأهل البيت من بعده وأوضح أنّ خلفاءه اثنا عشر خليفة([1014]), وصرّح أنّ التمسّك بهم مع القرآن منج من الضلال([1015]), ووصفهم بسفينة نوح, من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى([1016])، فأين التغرير في ذلك؟

على أنّ وجود المنافقين بين الصحابة قد يكون تغريراً فيما لو افترضنا أن التمسك بهم ـ أي الصحابة ـ صحيح في ذاته مع وجود طريق أهل البيت(علیهم السلام)، لكن هذا الكلام مبتن على عقيدة غير صحيحة, فلو بحثتم مسألة الإمامة بحثاً موضوعياً بعيداً عن الميولات المذهبية لزالت كثير من هذه الإشكالات، ولرأيتم أنّ وجود المنافقين لا يمكن أن يؤثر على حركة الرسالة, ولعرفتم جيداً أنّ القول بعدالة جميع الصحابة هو الذي يؤدي في فحواه إلى التغرير بالأمة؛ علاوة على أنه ضرب من الخيال العجيب!!

قلتم: كلام الخليفة عمر لا يدل على وجود منافقين

نقلتم في ص83 قولنا فيما نسب إلى عمر أنّه قال: «ما فرغ من تنزيل براءة حتى ظننا أن لن يبقى منا أحد إلاّ ينزل فيه شيء».

ثم قلتم تعقيباً عليه: «إنّ ذلك ليس معناه أنّهم منافقون وإنّما أراد أنّنا جميعاً أصحاب ذنوب وخطايا».

الجواب

نحن لم نقصد أنّ الجميع منافقون بلا شك، ونحن نفرّق بين الخوف من الوقوع في النفاق وبين الوقوع في النفاق، فليس كلّ من خاف النفاق فقد وقع فيه، فلا يدلّ الكلام أن الجميع منافقون بمجرد إبداء الخوف، أمّا كلامك: إنّما أراد بذلك أصحاب الذنوب؛ فهذا الكلام ليس صحيحاً، كيف ذلك وسورة براءة نزلت بخصوص كشف النفاق, وبراءة من المنافقين بالخصوص؟! ثم إنه ليس من ديدن القرآن أن ينزل في خصوص كشف أصحاب الذنوب والخطايا أمام الآخرين وفضحهم، فانّه الستّار والغفّار لذنوب عباده، فما قلته بعيد للغاية.

مضافاً إلى أنّه لا ينسجم مع الأخبار المصرّحة بخشية الصحابة من نفس النفاق, كخبر ابن أبي مليكة وخبر أبي رجاء العطاردي اللذين تقدما سابقاً.

 إذ لو حملنا معنى النفاق على الذنوب والخطايا فلا معنى لقول ابن أبي مليكة كما مرّ: «أدركت ثلاثين ومائة من أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) كلّهم يخاف النفاق على نفسه»([1017]). وفي رواية «خمسين ومائة»([1018]).

فهذا يستلزم أن يكون بقية الصحابة ممن لا يمكن أن يرتكبوا المعاصي بحيث لا يحتمل أن يعصوا الله تعالى، وهذا قول بعصمة الصحابة وهو ما لا تعتقده، ولا معنى لسؤال الجعد أبي عثمان لأبي رجاء العطاردي عمّن أدركه من الصحابة ممّن يخشون النفاق, فلو كان المقصود هو الذنوب والخطايا لما صدر هكذا سؤال، ولكان الجواب أيضاً أن جميع الصحابة كانوا يخشون النفاق لأنّهم معرضون للخطأ وليس لأحد منهم القول إنّه لا يخشى الذنب والخطأ.

 فهذه الأخبار تفسّر أنّ النفاق هو النفاق المعروف، وهو الاعتقاد بالشيء وإظهار ما يخالفه لا خصوص الذنوب والخطايا، ولذلك ندّد به القرآن وجعل له أولوية خاصّة في الكثير من آياته.

 ولما قدّمناه أشار ابن حجر في فتح الباري بعد أن أورد رواية ابن أبي مليكة وبعض روايات النفاق, حيث قال: «والخوف من الله وإن كان مطلوباً محموداً لكن سياق الباب في أمر آخر والله أعلم»([1019]).

قلتم: لماذا ينافق الخليفة عمر؟

قولكم في ص83: >ثم لماذا ينافق عمر وهو الذي آمن باختياره وهاجر باختياره، وقد تحمل في سبيل ذلك أنواع الأذى... الخ<.

الجواب

أولاً: إن كنت تقصد أننا ذكرنا أن عمر من زمرة المنافقين، فأنت هنا تقوّلنا ما لم نقله! وهذا لا يتناسب مع الحوار الموضوعي.

ثانياً: أنت ترسم لنا قاعدة كلية مفادها أنّ كلّ من آمن باختياره وهاجر باختياره وتحمل الأذى في الإسلام فمن الممتنع عقلاً أن يكون منافقاً.

وهذه القاعدة ليست صحيحة، وليست تامة، وهي منتقضة بعدة شواهد، وقد تكلّمنا عنها سابقاً([1020]).

ثالثاً: هل يمكنك الالتزام بأن جميع من أسلم وآمن باختياره لا يطرأ عليه النفاق, ويكون لازم كلامك أن جميع من ارتدّ من الصحابة وكذا جميع من ثبت نفاقه, إنما لم يؤمنوا من الأساس, ولم يكن هذا النفاق أو الارتداد حالة طارئة عليهم, هل تستطيع الالتزام بهكذا حكم, وهل يمكنك ترتيب الآثار عليه, فهذا الصحابي أبو الدرداء يتعوذ من النفاق في آخر صلاته بل يكثر منه، فلما سئل: >ما لكَ يا أبا الدرداء([1021]) أنت والنفاق؟< قال للسائل: >دعنا عنك، دعنا عنك، فوالله إنّ الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فيخلع منه»([1022]). وكذلك هو القائل: «والذي نفسي بيده ما الإيمان إلا كالقميص تقمصه مرة وتضعه أخرى»([1023])، وهذا التابعي الحسن البصري حينما سئل: «هل تخاف النفاق؟ قال: وما يؤمنني وقد خاف عمر بن الخطاب»([1024]).

وهذا التابعي معاوية بن قرة يقول: «أن لا يكون فيّ نفاق أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها. كان عمر رضي الله عنه يخشاه، وآمنه أنا؟»([1025]).

 فهذه الآثار تدلك على أنّ النفاق أمر ممكن الحصول وغير مستثنى منه مهاجري أو أنصاري, أو من أسلم طوعاً أو كرهاً, فإن النفس البشرية غير المعصومة تكون بطبيعتها معرضة للنفاق والعصيان والارتداد وما شابه ذلك.

قلتم: المنافقون إمّا تركوا نفاقهم أو ماتوا أو دخلوا الإسلام

ذكرتم في ص 84 في معرض ردّك على سؤالي: >أين ذهب هؤلاء المنافقون؟<

فقلتم: إنهم إما تابوا أو ماتوا أو دخلوا الإسلام واستفدت من الآية القرآنية {لئن لم ينته المنافقون...} بأن الله هدّدهم إن لم ينتهوا أن يغري بهم رسول الله أو أن يقتلوا, وحيث إن الإغراء والتقتيل لم يقع، دلّ ذلك على أنهم تابوا أو هلكوا أو ذلّوا، خصوصاً بعد ما مات زعيمهم حيث لم يبق لهم مطمع في الظفر والنصر.

 وتساءلتم: هل يوجد دليل على وجود هؤلاء المنافقين بعد وفاة النبي’؟ ثم ذكرت رواية من صحيح مسلم مستدلاً بها على أنّ عدد المنافقين كان اثني عشر منافقاً.

ثم تكلّمتم بعد ذلك في ثماني صفحات حاولت فيها تقليل حجم المنافقين واندثارهم في آواخر حياة النبيّ’ بحيث لم يبق أحد منهم بعده, وبيّنت عدة وجوه واستبعادات لوجودهم, مكرّراً بعض الأدلة وبعض التساؤلات.

الجواب

 تركز بحثكم في أمرين هما:

الأول: إثبات قلّة المنافقين في زمن النبيّ’, والأمر الثاني: انقراضهم جميعاً بعد موت النبي’.

 لذا نحن سنجيب عن كلامكم برمته في عدة نقاط تجنباً للتكرار في الجواب بتكرر الإشكالات من قبلكم, وسنذكر بعض كلماتكم عند الجواب إذا ألجأتنا الحاجة إلى ذلك, فنقول:

أولاً: تقدّم منّا في بحوث سابقة أن المنافقين كانوا جماعة ليست بالقليلة في المجتمع الإسلامي، وهذا مفاد آيات قرآنية كثيرة, والتي لو تدبرنا في معانيها لوجدنا أنها كما تشير إلى كثرة شرورهم وشدة تأثيرهم في ذلك المجتمع، هي كذلك تقرر في الوقت نفسه أن عدد أولئك المنافقين ليس بالعدد الهيّن، فتلك الآثار الكثيرة تنسجم مع كون المنافقين كانوا يمثلون عدداً معتداً به، فإنّ هناك أدلّة قرآنيّة لها ظهور واضح في الكثرة العددية من قبيل آية {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أهل الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}([1026]).

فإنّ هذه الآية تشير بوضوح إلى أنّ هناك كثرة عددية للمنافقين على مستوى قبائل كانت تسكن حول المدينة قد تلبّسوا بالنفاق، وهذا مفهوم من لحن الآية المباركة، وفي الوقت ذاته هناك في المدينة منافقون مردوا على النفاق.

 فلا يمكن أن ندعي أنّ الآية تشير فقط إلى الآثار السيئة لأعداد قليلة جداً منهم، فهو يخالف الفهم العرفي، وهناك آيات كثيرة تعبر عن الكثرة أيضاً من قبيل:

{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِن بَعْضٍ}([1027]) فهذا يدل على أن هناك رجالاً ونساءً اشتركوا في النفاق ولم يقتصر الأمر على الرجال.

وهناك آيات قرنتهم بالكفار كقوله تعالى: {وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا}([1028] وقال عزّ وجل:{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْـرِكِينَ وَالْمُشْـرِكَاتِ}([1029])، وقال سبحانه: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}([1030]).

وغير ذلك من الآيات التي يستفاد منها أن المنافقين مضافاً إلى تأثيرهم الوخيم على المجتمع الإسلامي, كذلك كانوا عدداً لا يستهان به.

نعم، من تأثر بعقيدة أن كلّ من صحب النبيّ’ أو رآه ولو ساعة فهو عادل وقلبه مملوء بالإيمان؛ فهذا ـ بحسب ذلك الاعتقاد ـ لا يتطرق إليه النفاق طرفة عين أبداً، فهو بلا شك سوف يسعى ـ تمشياً مع اعتقاده وقناعاته ـ إلى رفض حتى الأدلة الواضحة وتأويلها وفق تلك المبتنيات القبليّة السابقة.

وإلاّ فإنّ وجود عدد كثير من المنافقين أمر في غاية الوضوح, فهذا الخليفة عمر بن الخطاب يؤكد هذه الحقيقة حينما رفض فكرة موت النبيّ’, قائلاً: «والله ما مات رسول الله ولا يموت حتّى يقطع أيدي أناس من المنافقين كثير»([1031]).

 وقد تقدم أيضاً أنّه في معركة أحد قد تخلّف ثلاثمائة رجل من المنافقين بقيادة عبد الله بن اُبي بن سلول, مما يعني أن ثلاثمائة ممن صحب النبيّ’ قد كانوا منافقين في عهده أثناء غزوة أحد([1032])وهو عدد ليس بالقليل, بل كان ثلث عدد الجيش آنذاك.

فهؤلاء المنافقون برغم أن عددهم كان كبيراً لكننا لا ندّعي أن عددهم قد تجاوز عدد صحابة النبي’، كما حاولت أن تنسب لنا ذلك.

ثم لا يخفى أن من طبيعة النفاق أن يتميز بالستر والخفاء والكتمان، فلا يمكن لأحد أن يدعي بأن عدد المنافقين كان قليلاً جداً بنحو الجزم؛ ضرورة عدم وجود طريق معتبر نتمكن فيه من معرفة عددهم مع طبيعة الكتمان تلك.

كما أنّه لا بدّ من الإشارة إلى أنكم قد غفلتم عن أمر نراه أساسياً في مسألة تحديد عدد المنافقين، وهو أنّ كلّ الروايات التي حدّدت عددهم كان في الواقع تحديد من خلال اطّلاع النبيّ’ عليهم بواسطة الله تعالى وتعريفه لهم، وإلاّ فإنّ القول بمعرفة كلّ عددهم غير ممكن، لأنّ الله تعالى قد أشار في القرآن إلى أنّ النبيّ’ لا يعلم كلّ المنافقين، فقد قال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أهل الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابٍ عَظِيمٍ}([1033]) فهناك إذن مجموعة من المنافقين اختص واستأثر الله تعالى بعلمهم ولم يطلع النبيّ’ على أشخاصهم.

أمّا مسألة عدم وجود أسماء للمنافقين في كتب السير والتاريخ، كما ذكرت في ص87, فهذا عليك وليس لك؛ لأنّه يدلّ على عدم قدرتكم على تمييز الصحابة من المنافقين، لأنّ عدم ذكرهم لا يدلّ على عدم وجودهم, فقد يكون ذلك لعدم معرفتهم, كما أسلفنا، فإنّ الوضع الطبيعي للمنافق أن يكون مستوراً غير مكشوف, فلم يعرف منهم إلا الذين بينهم الله لنبيه بأعيانهم أو بأوصافهم، وبهذا يكون عدد كبير ممّن تصفونهم بالصحبة والعدالة وتعدّونهم أمناء على دينكم وهم من هؤلاء المنافقين الذين ثبت وجودهم بالقطع واليقين في زمن النبيّ’.

ثانياً: زعمتم أن المنافقين إما ماتوا أو تابوا أو دخلوا الإسلام، وهذا الكلام مجرد دعوى لا دليل عليها، بل الدليل على خلافها, وما استفدتموه من الآية القرآنية([1034]) غير تام؛ بل غريب جداً, فإن سكوتهم في ذلك الوقت وعدم بثهم للإشاعات والأكاذيب, يكفي في عدم الإغراء والتقتيل, ولا يستلزم ذلك خروجهم من النفاق إلى دائرة الإيمان أو أنهم هلكوا وماتوا.

 على أنّ فهمك للآية مخالف لما فهمه مفسرو أهل السنّة الذين بينوا المراد منها, فإنّ الآية من الأساس غير نازلة في جميع المنافقين, بل في مجموعة خاصة منهم: فعن قتادة: «أن ناساً من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم فنزلت: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم»([1035]).

وفي تفسير ابن أبي حاتم: «قوله: لنغرينك بهم أي: لنحملنك عليهم، ولنحرشنك بهم، فلما أوعدهم الله بهذه الآية كتموا ذلك وأسروه»([1036]).

وفي أحكام القرآن: «قال أبو بكر: في هذه الآية دلالة على أن الإرجاف بالمؤمنين والإشاعة بما يغمهم ويؤذيهم يستحق به التعزير والنفي إذا أصر عليه ولم ينته عنه, وكان قوم من المنافقين وآخرون ممن لا بصيرة لهم في الدين ـ وهم الذين في قلوبهم مرض وهو ضعف اليقين ـ يرجفون باجتماع الكفار والمشركين وتعاضدهم ومسيرهم إلى المؤمنين فيعظمون شأن الكفار بذلك عندهم ويخوفونهم، فأنزل الله تعالى فيهم، وأخبر تعالى باستحقاقهم النفي والقتل إذا لم ينتهوا عن ذلك»([1037]).

فإنّ ما ذكرتموه يخالف أقوال هؤلاء المفسرين, الذين أكّدوا على أنّ الآية نزلت في مجموعة من المنافقين الذين كتموا النفاق وأسرّوه بعد أن هدّدهم الله سبحانه.

أما ما ذكرتم ـ تأييداً لرأيكم ـ من أنّهم ذلّوا وهلكوا بعد موت زعيمهم عبد الله بن اُبي، حيث لم يبق لهم مطمع في الظفر والنصر. فنقول: إنه من الغريب جداً أن يكون التعاطي مع المسائل بهذا النوع من البساطة والسطحية، فمن المعلوم أن دواعي النفاق لا تنحصر بما ذكرتم، فلم يكن الداعي الوحيد للنفاق هو الرجوع إلى الزعامة في الجاهلية، فقد يكون الداعي الحصول على مكاسب دنيوية بما سيؤول إليه الإسلام مستقبلاً، خصوصاً وأنهم لاحظوا ما حقّقه الإسلام من انتصارات، وأن الدين الإسلامي أصبح من الصعب قهره، لذا قد يخفي الشخص تلك القناعات الباطنية ويظهر خلافها لأجل تلك الأغراض.

ثالثاً: أنّ الدليل قائم على وجود المنافقين بعد وفاة النبيّ’ بلسان بعض الصحابة, فهذا الخليفة عمر يقرّ بوجودهم في سياق حديث إنكاره لوفاة النبي’، حين قال: «والله ما مات رسول الله حتّى يقطع أيدي أناس من المنافقين كثير وأرجلهم»([1038]).

وفي رواية أخرى، لا بأس بسندها، أخرجها أحمد في مسنده, فيها أنّ المغيرة قال لعمر: مات رسول الله، فقال عمر: «كذبت، بل أنت رجل تحوسك فتنة، إنّ رسول الله لا يموت حتّى يفني الله المنافقين»([1039]).

قال الهيثمي: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح»([1040]).

وقال شعيب الارنؤوط: «إسناده حسن»([1041]).

ويؤكد صحة مضمون الرواية قول أم المؤمنين عائشة وهي تشير إلى كلام عمر هذا بقولها: «لقد خوّف عمر الناس، وإن فيهم لنفاقاً»([1042]).

ولذا يعتقد بعض كبار العلماء كالإمام الشافعي بوجود المنافقين بعد وفاة النبيّ’, قال في كتابه الأم: «وقد عاشرهم حذيفة فعرفهم بأعيانهم، ثمّ عاشرهم مع أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) وهم يصلّون عليهم، وكان عمر (رضي الله عنه) إذا وضعت جنازة فرأى حذيفة فإن أشار إليه أن اجلس وإن قام معه صلّى عليها عمر..»([1043]).

رابعاً: أنّ الإيمان بوجود المنافقين في زمن النبيّ’ وعدم وجود دليل واضح على أنّهم انقرضوا وماتوا، يستلزم كونهم موجودين بعد وفاته’، فإن الأصل استمرار حياة الإنسان الذي علمنا بحياته، ما لم نعلم بموته وهلاكه، اللهمّ إلا إذا قلنا إنهم ارتفعوا إلى السماء فجأة, أو خسفت بهم الأرض من دون شعور أحد!

ثم إنّ هذا العدد من المنافقين الذي بلغ حداً أقلق الرسول الأكرم’ وتتابعت الآيات في ذمّه وتوبيخه والتشديد عليه, كيف يمكن القول أنه قد اختفى ومات وهلك أو أسلم ولم يشعر المسلمون به ولم يسجله التاريخ؟ فإنّ وجود هكذا حادثة بهذه الأهميةـ وهي انتهاء وجود المنافقين ـ كيف مرّت على نبيّ الإسلام مروراً عابراً, فلا خطبة ولا تبيين ولا إشارة منه ولا من القرآن, فإن هذا ممّا يرفضه العقل, ولا يمكن قبوله بأيّ شكل من الأشكال.

خامساً: وعلى هذا يتبين لك أنّ روايات حذيفة التي مفادها «أن المنافقين اليوم شرّ منهم على عهد النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون»([1044])، و«إنّما كان النفاق على عهد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فأمّا اليوم فإنّما هو الكفر بعد الإيمان»([1045]) تعم بلفظها المنافقين الذين كانوا على عهد النبيّ’, فقد ازدادوا شرّاً وخبثاً بعد وفاته’ وصاروا يجهرون بنفاقهم، بل صاروا يعلنون كفرهم, وهذا ينسجم مع الوضع السياسي والاجتماعي في كلّ عصر, فانّه عند غياب القائد تقوى شوكة المعارضة وتزداد تحركاتهم, فهذا هو الوضع الطبيعي لكلّ مجتمع من المجتمعات البشرية.

أمّا كونهم اختفوا تماماً وهلكوا، ثم ظهرت بعد وفاة النبيّ’ جماعة أخرى غيرهم صاروا أشدّ من أولئك، فهذا الذي يثير الغرابة ويحتاج إلى دليل ساطع وقوي, على أنّنا هنا لا ننكر ظهور منافقين جدد, فإن النفاق مستمر إلى يوم القيامة, ولكن ننكر كون جمع المنافقين في زمن النبيّ قد اختفوا بهلاك وتوبة وإسلام و...إلخ.

سادساً: أمّا قولك: >بأنّه لم يسمع للمنافقين خبرٌ عند حدوث الردّة، فلو كانوا موجودين لاستغلّوا تلك الحادثة<.

وهنا في الجواب نقول:

 لماذا تفترض أنّ المنافقين لم يكونوا جزءاً من أهل الردّة؟ فليس هناك دليل ينفي صفة النفاق عنهم.

 فمن الراجح أنّ أهل الردّة أنفسهم ـ لو استثنينا مانعي الزكاة ــ كانوا منافقين قد أخفوا إيمانهم، ثم بعد وفاة النبي’ بفترة قد أظهروا كفرهم، فلم يثبت لنا أن جميع من ارتد كان ممن ثبت الإيمان في قلبه ثم ارتد عن ذلك، بل من المناسب جداً ـ إذا لاحظنا الفترة الزمنية بين وفاة النبي’ وحدوث الردّة ـ أن يكون الكثير منهم ممن كان لا يؤمن بالإسلام إلا ظاهراً ويخفي في قلبه الكفر والنفاق، وهذا يعني أن المنافقين قد كان لهم وجود بعد وفاة النبي’ ولم يندثروا برمتهم كما زعمت.

أما لماذا لم تستغل الحادثة من قبل منافقي أهل المدينة ـ كما هو الظاهر من كلامك ـ فهذا جوابه يكمن في أنّ الردّة كانت قد وقعت خارج المدينة، وقد تمكّن المسلمون آنذاك من السيطرة على أصحابها في وقت قصير, فلم يبق مجال لمن بقي من المنافقين أن يظهروا وجودهم ويتحركوا.

سابعاً: ذكرتم نقلاً عن رواية في صحيح مسلم أنّه كان في أصحاب النبيّ’ اثنا عشر منافقاً([1046])، وهذا هو حقيقة عددهم حتى أواخر أمرهم..

 فنقول: مع غض النظر عن أنّ هذا العدد الذي قد يراد به خصوص من حاولوا اغتيال النبي’ ـ كما سوف يأتي لاحقاً ـ فإنّه لا يمكن الالتزام بأنّ هذا العدد هو عدد المنافقين الواقعي والحقيقي, بل حقيقة الأمر أنّ هذا العدد هو ما أطلع الله نبيه عليه، وهذا المعنى هو المفهوم من ظاهر الرواية، فإنّ الرواية ليست بصدد حصر المنافقين، فإنّ المنافقين كانوا على ثلاثة أصناف, منهم من عرفهم النبيّ’ بأشخاصهم وأعيانهم بإخبار من الله سبحانه وتعالى وهم المقصودون بهذا الحديث, ومنهم من عرفهم بسيماهم وصفاتهم, ومنهم من لا يعرفهم النبيّ’, وقد تقدّم بعض الكلام عن ذلك, فكل الروايات التي حددت عددهم فهي في الواقع تشير إلى تحديدهم من خلال اطّلاع النبي عليهم بواسطة الله تعالى، وتعريفه لهم، وإلا فإنّ القول بمعرفة عددهم غير ممكن، لأنّ الله تعالى حصر ذلك به فقط، كما أشار في قوله سبحانه: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أهل الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابٍ عَظِيمٍ}([1047])، فهناك إذن مجموعة من المنافقين اختص واستأثر الله بعلمهم ولم يطلع النبيّ’ على أشخاصهم، وهذا إخفاء من الله ربما تكون له حكمة عنده تعالى لم ندركها، فيكون حصر المنافقين بعدد قليل جداً اعتماداً على ما ذكر وحددّ في لسان الروايات هو في الحقيقة تحديد للأشخاص الذين عرفهم النبي’ فقط.

 ويؤيّد ما ذكرناه أنّ النبيّ’ قد ذكر في حادثة أخرى ستّة وثلاثين من المنافقين, ففي تفسير ابن كثير عن أبي مسعود، قال: «خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) خطبة فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال:إنّ منكم منافقين فمن سمّيت فليقم، ثم قال: قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان, حتّى سمّى ستة وثلاثين رجلاً، ثم قال: إن فيكم أو منكم منافقين فاتقوا الله»([1048])، وأخرجه أحمد في مسنده، وقال حمزة أحمد الزيّن: «إسناده صحيح»([1049]).

فعدد المنافقين هنا ستّة وثلاثين رجلاً, بل في آخر الخبر أنّ النبيّ’ أشار إلى وجود منافقين غيرهم في الصحابة, فبعد هذا هل يمكن الاقتصار على اثني عشر فقط؟

 على أنّ هناك أخباراً تدلّ على أنّ اثني عشر صحابياً هم حرب لله تعالى ولرسوله’، وهم من أصحاب العقبة الذين حاولوا اغتيال النبيّ’, ففي صحيح مسلم عن أبي الطفيل, قال: «كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس، فقال أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة؟ قال: فقال له القوم: أخبره إذ سألك، قال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم، فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد بالله أن اثنى عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ولا علمنا بما أراد القوم...»([1050]).

فلا يبعد حينئذٍ أن يكون تطبيق الاثني عشر منافقاً في رواية مسلم على هؤلاء الاثني عشر الذين حاولوا اغتيال النبي’، فهم حرب لله ولرسوله ويوم يقوم الأشهاد, وقد أشار إلى ذلك ابن كثير في تفسيره، فراجع([1051]).

 فتكون الرواية ناظرة إلى حادثة معينة وليست بصدد حصر عدد المنافقين في ذلك الوقت.

 كما دلّت بعض الأخبار أيضاً على أنّ هناك اثني عشر كانوا يضمرون سوءاً للنبيّ’, فأطلعه الله عليهم, ففي تفسير الفخر الرازي: «قال أبو بكر الأصم: إن قوماً من المنافقين اصطلحوا على كيد في حق الرسول (صلّى الله عليه وسلّم)، ثم دخلوا عليه لأجل ذلك الغرض فأتاه جبريل× فأخبره به، فقال (صلّى الله عليه وسلّم): إنّ قوماً دخلوا يريدون أمراً لا ينالونه، فليقوموا وليستغفروا الله حتّى أستغفر لهم، فلم يقوموا، فقال: ألا تقومون؟ فلم يفعلوا، فقال (صلّى الله عليه وسلّم): قم يا فلان، قم يا فلان، حتّى عدّ اثنى عشر رجلاً منهم، فقاموا وقالوا: كنّا عزمنا على ما قلت، ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا أنفسنا فاستغفر لنا، فقال: الآن اخرجوا، أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار: وكان الله أقرب إلى الإجابة، اخرجوا عني»([1052]).

 فقد يكون المراد بالاثني عشر الذين أشار لهم النبيّ في رواية مسلم التي مرَّ ذكرها, هم هؤلاء الذين أضمروا له السوء.

فلو لم يكونوا هم، فهؤلاء حتماً مجموعة أخرى من المنافقين غيرهم, فلا يمكن الوقوف على أنّ عددهم اثنا عشر.

وهذا خالد بن الوليد يبيّن وجود عدد غير قليل من المنافقين في زمن النبي’, فقد جاء أحدهم لرسول الله’ وقال له: «يا رسول الله، اتق الله! قال: ويلك، أوَلست أحق أهل الأرض أن يتقي الله، قال: ثم ولّى الرجل، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه، قال: لا, لعلّه أن يكون يصلّي، فقال خالد: وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه! قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم»([1053]).

 فهذه الرواية صريحة بوجود كثير ممن يقول بلسانه ما ليس في قلبه, وصريحة بأن النبي’ كان يتعامل معهم بحسب ظاهرهم دون واقعهم.

 فوجود عدد معتد به من المنافقين في أوساط الصحابة ممّا لا يمكن إنكاره, وكونهم انتهوا وهلكوا في زمن النبيّ’ ولم يبق منهم أحد منهم بعده ممّا لا يمكن قبوله والتصديق به.

ثامناً: استدلالكم بما رواه البخاري عن حذيفة([1054]) بأنّ من تبقّى منهم أربعة فقط، يتنافى مع ما تقدم من رواية مسلم التي ذكرت اثني عشر منافقاً، والتي ادعيتم أنّ هذا هو عددهم في أواخر أمرهم، كما في ص87, مضافاً إلى أنّ حذيفة ـ مع خبرته التي ذكرتموها ـ لا يمكن أن تكون إحاطته بعددهم الحقيقي أكثر من إحاطة النبي’ حتى يعلم جميع المنافقين، عندئذٍ لا مناص من أن هذا العدد ناظر إلى من أطلعهم النبيّ’ لحذيفة ولا يمثل عدد المنافقين الواقعي.

 قال البيهقي بعد أن ذكر الرواية: «أظنّه أراد من المنافقين الذين سمّاهم له رسول ربّ العالمين (صلّى الله عليه وسلّم)»([1055]), وقال العيني: «إنّ حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه)، كان صاحب سرّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في شأن المنافقين، وكان يعرفهم ولا يعرفهم غيره بعد رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) من البشر، وكان النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) أسرّ إليه بأسماء عدّة من المنافقين وأهل الكفر الذين نزلت فيهم الآية، ولم يسرّ إليه بأسماء جميعهم»([1056]).

تاسعاً: قولكم ص88: «إنّ الله لم يهلكهم في حياة النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ لأنه سيتولّى فضح مخططاتهم بنفسه عز وجل، ولبيان أحكام من سيأتي في المستقبل ممن هو على شاكلتهم في المجتمع المسلم...».

أقول:كأنكم تريدون بهذا الكلام دفع إشكال حاصله: أنّ الله تعالى لماذا لم يهلك المنافقين في حياة النبي’ ويكفي المسلمين شرهم، مادام أنه تعالى كان في علمه أنه سيهلكهم حتماً بعد وفاة النبي’ مباشرة؟ فأجبتم: أنّ سبب عدم إهلاكهم هو أنّ الله تعالى سيتصدّى لهم بنفسه ويفضح مخططاتهم، ولبيان أحكام من سيأتي على شاكلتهم.

وهذا الكلام يحتمل وجهين([1057]):

الأول: أنه سيتصدّى لهم بنفسه ويفضح مخططاتهم وذلك في حياة النبي’.

والاحتمال الثاني: أنّه سوف يتصدى لهم بعد وفاته’ ويفضح مخططاتهم بنفسه.

والجواب: بناء على الاحتمال الأول، نقول: هذا مجرّد تخرّص ورجم بالغيب, فكيف يمكن إثبات ذلك وأنّ الله أراد أن يتولى فضحهم بنفسه؟ ثم كيف يمكن لنا أن نعلم بمن هو على شاكلتهم مستقبلاً حتى نحكم عليه؟ فالمنافق أو شبيهه ليس من السهل كشف أمره!!

وقد ذكرنا أنّ الله تعالى طبقاً لمصالح استأثر بعلمها، قد اطلع نبيه’ على أعيان منهم بأنفسهم وعلى أشخاص بسيماهم وأوصافهم وقد بقي الآخرون مجهولون للجميع، ومن الممكن أنهم قد استمروا بنفاقهم مدة طويلة بعد وفاة النبي’، ولا يمكنك الجزم بهلاكهم لأنه فرع العلم بأشخاصهم.

ثم إنّ نفس قولك: إنّ الله لم يهلكهم في زمن النبي’، لأنه تعالى قد خطط لفضحهم بنفسه، يقتضي أنّ هؤلاء الذين استحقوا هذا التخطيط الإلهي لفضح مخططاتهم وتصييرهم عبرة لمن أتى بعدهم، لا يمكن أن يكونوا في زمن النبي’ فئة قليلة, بل كانوا جماعة كبيرة تنسجم مع ذلك التخطيط الإلهي، عندئذٍ لا يعقل أن يكون هذا العدد قد هلك بتمامه بسحر ساحر بعد وفاة النبي’, ولم يتبق منهم إلا عدد الأصابع؟

أمّا بناء على الاحتمال الثاني: نقول أيضاً: قولك إنّ الله لم يهلكهم في زمن النبي’... الخ، يلزم منه أنه قد بقي بعد وفاة النبي’جماعة لا بأس بها من المنافقين, إذ لو كانوا لا يتجاوزون أصابع اليد فماذا عساهم أن يفعلوا أمام مجتمع إسلامي كبير, ولماذا يستحقون كلّ هذا التخطيط الإلهي، بحيث يتركهم بعد وفاة النبيّ’ ثم يقوم بفضح مخططاتهم ويصيّرهم عبرة لمن أتى بعدهم؟!

عاشراً: قلتم: «وهل كانوا يخفون على أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ إنّ الصحابة (رضي الله عنهم) كانوا من أذكى الناس وأعظمهم نباهة، ولم يكونوا مغفلين تخفى عليهم مثل هذه الشخصيات الخبيثة».

الجواب: تكرر منا القول بأن الخليفة عمر كان يعتقد بوجود كثير من المنافقين([1058]) قد بقوا إلى حين وفاة رسول الله,’, وتكرر منا كثيراً ـ وطبقا للآية القرآنية ـ إنّ النبي’ لم يكن بنفسه يعرف المنافقين إلا من خلال ما عرّفه الوحي، فهذا حال النبي’ فما بالك بالصحابة؟

ثم إنّ مجرد الصحبة لا تحقق للإنسان طفرة في مستوى الذكاء والنباهة وصفاء القلب، فليس كلّ صحابي ـ ما دام صحابياًـ يمتلك من الذكاء والنباهة يفوق من لم يتشرف بالصحبة، فهذا النشاط الذهني والذكاء ينشأ عادة من عدة عوامل تكوينية لا ربط لها بالصحبة، فهي لا تصيّر من لم يتسم بالذكاء عبقرياً بحيث يعلم بأمور لا يعلمها الرسول إلا عن طريق الوحي، وقد تقدم ما ينفع في المقام فلا نعيد([1059]).

إلى هنا نكون قد أجبنا عن أهم النقاط في كلامكم, وبقي بعض الأمور لا بأس أن نعلّق عليها أيضاً:

قلتم: سورة براءة لا تدل على أن جميع الصحابة منافقون

حاولتم تضعيف ما ورد عن الخليفة عمر في شأن سورة التوبة، حيث قال: «هي إلى العذاب أقرب! ما أقلعت عن الناس حتّى ما كادت تدع منهم أحداً»([1060]). وقال أيضاً: «ما فرغ من تنزيل براءة حتّى ظننّا أن لن يبقى منّا أحد إلاّ ينزل فيه شي»([1061]).

 ثم تساءلتم: «هل المراد أنَّ جميع من حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم منافق؟!! إذن على الأمّة السلام».

ثم قلتم: «قد يُراد بالناس: (المنافقون)، أي أنَّها كشفت عنهم حتَّى لم يبقَ منهم أحد... فأين في السورة إشارة إلى أحد ممَّن حول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الصحابة المشهورين؟».

الجواب

أولاً: هذا الخبر صحيح لغيره، فمضمون الرواية يكاد يكون معروفاً مشهوراً, ولم يقتصر نقل مضمونه على الخليفة عمر, فقد روي ذلك أيضاً عن ابن عباس, أخرجه القاسم بن سلاّم (أبو عبيد) عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير، قال: «قلت لابن عباس: سورة التوبة, قال: تلك الفاضحة، ما زالت تنزل: ومنهم, ومنهم، حتّى خشينا أن لا تدع أحداً»([1062]).

 وهذه الرواية صحيحة السند:

 فالقاسم بن عبيد كما قال الذهبي: كان ثقة علامة([1063]) وقال عنه ابن حجر: ثقة فاضل([1064]). وبقية رجال السند كلّهم ثقات من رجال مسلم والبخاري, والرواية أخرجها مسلم والبخاري من الطريق المذكور، وسيأتي الكلام عن ذلك([1065]).

وأخرج الرواية باللفظ أعلاه أبو عمرو الدايني بسنده إلى القاسم بن سلاّم عن الطريق المذكور([1066]).

وأخرجها ابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه, عن ابن عباس بلفظ يقرب من لفظ أبي عبيد, حيث أخرجوا عن ابن عباس إنّه قال في هذه السورة: «هي الفاضحة ما زالت تنزل: ومنهم, حتى ظننا أنه لا يبقى منا أحد إلا ذكر فيها»([1067]).

وقال النحاس: «قال سعيد بن جبير: سألت ابن عباس عن سورة براءة، فقال: تلك الفاضحة، ما زال ينزل: ومنهم، ومنهم، حتّى خفنا ألاّ تدع أحداً»([1068]).

وقال القرطبي: «قال سعيد بن جبير: سألت ابن عباس (رضي الله عنه) عن سورة براءة فقال: تلك الفاضحة ما زال ينزل: ومنهم، ومنهم، حتى خفنا ألا تدع أحداً»([1069]).

وقال السمعاني: «وروي عن ابن عباس أنه سئل عن هذه السورة، فقال: هي الفاضحة, ما زال ينزل قوله تعالى: ومنهم، ومنهم، حتّى ظنّنا أنّه لا يترك منّا أحداً»([1070]).

فلفظ ابن عباس إذن متقارب جداً مع لفظ عمر، وهو يدل على أنّ الصحابة كانوا يخشون نزول شيء فيهم.

 فسورة براءة إذن كانت تخيف المجتمع آنذاك باعتراف الخليفة عمر وابن عباس وقد شملت الكثير منهم, وهذا لا يعني أنها نزلت في جميع من هم حول النبي’، فنحن لم نقل هذا.

 ثم إن حمل كلمة الناس في رواية الخليفة عمر على خصوص المنافقين هو خلاف ظاهر الحديث، ولا قرينة تدلّ عليه, فالمراد من الناس، بحسب المعنى اللغوي، هم الجميع لا خصوص المنافقين، وهذا واضح لا يحتاج إلى تأمّل.

غير أنّ الأيدي الأمينة حاولت التلاعب بألفاظ الرواية أعلاه لتجعلها غير شاملة للصحابة ـ ولعل ذلك تقرباً إلى الله تعالى!!!ـ فقد أخرجها مسلم والبخاري بنفس السند أعلاه بتغيير طفيف أخلّ بمعنى الرواية.

 أمّا لفظ مسلم فهو: «قال: بل هي الفاضحة، ما زالت تنزل: ومنهم، ومنهم، حتّى ظنّوا أن لا يبقى منّا أحد إلا ذكر فيها»([1071])، ونلاحظ هنا عبارة «حتى ظننا» انقلبت إلى «حتّى ظنّوا» في محاولة لإرجاع الضمير إلى خصوص المنافقين بدلاً من الصحابة, لكنها محاولة غير موفقة، خصوصاً أنّ تكملة الرواية في صحيح مسلم تقول: «حتّى ظنّوا أن لا يبقى منّا» بلفظ (منّا) والمتكلم هو ابن عباس, فيكون المراد به الصحابة الموجودين آنذاك؛ إذ لو كان المقصود هو خصوص المنافقين لعبّر بضمير «منهم».

أمّا لفظ البخاري فقد أحكم الأمر فيه, حيث ورد فيه: «ما زالت تنزل ومنهم ومنهم حتّى ظنّوا أنها لم تبق أحداً منهم إلاّ ذكر فيها»([1072])، فحينئذٍ يكون الكلام عن المنافقين، وغير ناظر إلى الصحابة.

إلا أنّ هذا الكلام لا يمكن المساعدة عليه لأمور منها:

1 ـ أن السيوطي نقل الرواية في كتابه الإتقان عن البخاري، وجاء فيه: «أخرج البخاري عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: سورة التوبة، قال: التوبة: بل هي الفاضحة، ما زالت تنزل: ومنهم، ومنهم... حتى ظننا ألاّ يبقى أحد منّا إلاّ ذكر فيها»([1073]).

فالرواية هنا مطابقة للنقول السابقة، ومطابقة لكلام الخليفة عمر أيضاً، وظاهرة في أن الصحابة كانوا يخشون أن تنزل فيهم بعض الآيات, ويظهر منه أنّ نسخة البخاري التي كانت عند السيوطي لم تحرّف فيها الرواية وإنما وقع التحريف بعد ذلك.

2 ـ إنّ سورة براءة إمّا أن تكون قد فضحت جميع المنافقين أو فضحت بعضهم, وعلى الاحتمال الأول لا معنى لأن يظن المنافقون أن لا يبقى منهم أحد إلا ذكر فيها, فهي قد فضحتهم جميعاً وانتهى الأمر.

 وعلى الاحتمال الثاني؛ أي أنّها فضحت بعضهم وتركت البعض الآخر مستوراً مجهولاً، عندئذ يقال: كيف عرف الصحابي ابن عباس أنّ ذلك البعض كان يخشى أن تنزل فيه آيات تفضحه؟! فهو لا يعرف المنافقين, فكيف استطاع أن يتكلم بلسانهم وهو لا يعرفهم وليس منهم؟ نعم، ابن عباس صحابي وعلم ما حصل للصحابة من تخوف وخشية، فلسانه عندئذٍ يكون لسان أولئك الصحابة الذين كانوا يعيشون حال الوجل والخوف من نزول بعض الآيات فيهم.

فما ورد عن عمر إذن خبر مفاده صحيح يؤيده ويعضده خبر ابن عباس, ومن خلالهما نكتشف أن المنافقين كانوا مجموعة كبيرة، وأن الكثير ممّن كان بين الصحابة يتخوّف أن تنزل فيه آية تفضحه.

قلتم: حديث عمر في الصلاة على المنافقين ضعيف

نقلتم في ص91 ـ 92 كلامنا الذي يؤكد وجود عدد كبير من المنافقين في حياة النبي’ حيث قلنا: «ماذا نقول بما ورد بأن عمر بن الخطاب لم يكن يُصلِّي على أحدٍ مات إلا بعد شهادة حُذيفة بأنَّه لم يكن من المنافقين؟».

ثم حاولتم تضعيف الحديث، فقلتم: «إن هذا أورده ابن كثير بصيغة التضعيف، فقال: «وذكر لنا» وهذه الصيغة تدلّ على تضعيف الأثر فلا حجة فيه... وإنْ صحَّ يدل على أنَّ حُذَيفة يعرف المنافقين، وبهذا فلا يستطيع مُنافق أن يقول في الدين شيئاً؛ لأنَّه مكشوف».

 ثم اتهمتمونا بالتناقض، فقلتم: «ثم إن هذا منكم تناقُض، ففي السابق تؤكدون أنَّ المنافقين كانوا يستترون، واليوم ـ أي في عهد حُذَيفة ـ يجهرون».

الجواب

1ـ إنّ الخبر أعلاه صحيح, وإنّما اقتصرنا على لفظ ابن كثير؛ توخياً للاختصار, باعتبار إنّ الخبر قد أرسله العلماء إرسال المسلمات، وحتّى ابن كثير قد أورده في موضع سابق بصيغة الجزم, حيث قال: «وكان عمر بن الخطّاب لا يصلّي على جنازة من جهل حاله حتّى يصلّى عليها حذيفة بن اليمان؛ لأنّه كان يعلم أعيان المنافقين قد أخبره بهم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)؛ ولهذا كان يقال له: صاحب السرّ الذي لا يعلمه غيره، أي من الصحابة»([1074]).

وقال الشافعي: «وكان عمر (رضي الله عنه) إذا وضعت جنازة فرأى حذيفة فإن أشار إليه أن اجلس وإن قام معه صلّى عليها عمر»([1075]).

وقال ابن عبد البر: «وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأله عن المنافقين، وهو معروف في الصحابة بصاحب سر رسول الله, وكان عمر ينظر إليه عند موت من مات منهم، فإنّ لم يشهد جنازته حذيفة لم يشهدها عمر»([1076]).

والخبر أخرجه البيهقي بسنده إلى عروة بن الزبير، قال: «كان عمر بن الخطّاب (رضي الله عنه) في خلافته إذا مات رجل يظنّ أنّه من أولئك الرهط([1077]) أخذ بيد حذيفة...»([1078]).

2ـ إنّ حذيفةـ كما مرّـ ليس له إحاطة وعلم بجميع المنافقين, بل يعلم بعضهم، أي خصوص من أعلمه رسول الله’ بهم, فبقيّة المنافقين ما انفكوا عن تسترهم، وكان بإمكانهم الدسّ والتزوير بمنأى عن حذيفة وغيره.

 ثمّ هب أن ما ذهبتم إليه صحيح، وأن حذيفة يعلم جميع المنافقين, فهذا لا يلزم منه إسكات المنافقين والحدّ من حركتهم بحيث لا يستطيعون أن يقولوا في الدين شيئاً، وقد ذكرتم أنّ تأثير الواحد منهم قد يعدل جيشاً جراراً، وأنى ذلك والرسول’ بنفسه لم يستطع فعل هذا؟ اللهم إلاّ أن نقول: إنه كانت لحذيفة سلطة تكتم أنفاس الجميع بحيث لا يمكنهم عمل أيّ شيء مادام حذيفة موجوداً، وكلّ ما يقال أو يُنقل كان يصل إليه، وقد كان ملازماً للمنافقين أينما حلّوا وارتحلوا!!

3 ـ لم نفهم سبب التناقض الذي ادعيتموه في كلامنا! فنحن ـ كما سبق ـ لم نقل إنّ حذيفة يعلم جميع المنافقين, بل يعلم البعض منهم, فالمنافقون في زمن رسول الله’ كانوا مستترين بلا شك, باستثناء من تمّ فضحهم, بل حتّى هؤلاء من لم يعرف اسمه منهم فأنتم توردونه في الصحابة؛ لأنّه ينطبق عليه تعريفكم للصحابي.

ثم بعد وفاة رسول الله’ لم ينزل وحياً على حذيفة يبيّن فيه أسماء من لم يكن يعلمهم حذيفة في زمن النبي’, فكلّ ما يعرفه هم الرهط الذين أعلمه بهم رسول الله’، وكذا يعلم بمن تظاهر وصار يعمل جهاراً نهاراً.

 ولم يصرّح حذيفة بأن كلّ من كان يعرفهم قد انكشف وبان أمرهم, فقد يكون من انكشف هو البعض منهم أما غيرهم فلم يكن حذيفة على اطلاع به, وقد قدّمنا في النقطة السابقة أنّ الخليفة عمر لم يكن يصلّي على الميت إلا بعد أن يشهد له حذيفة أنه ليس من المنافقين, وهذا يكشف على أن المتظاهرين ومن انكشف أمرهم غير ذلك الرهط, أو لا أقل ليس كلّ ذلك الرهط.

 وحينئذٍ يرتفع التناقض الذي توهمتموه، ففي الوقت الذي يأتي الخليفة عمر ويسأل حذيفة عن المنافقين لأنهم كانوا مستترين, كذلك يوجد منافقون متجاهرون متظاهرون وهم إمّا بعض من أولئك الذين يعرفهم حذيفة أو من غيرهم.

 ومن المحتمل أن يكون حذيفة في كلامه الآنف الذكر قد أشار إلى أمر آخر، فلم يكن ناظراً إلى الأفراد والأشخاص بأعيانهم, بل هو ناظر إلى النفاق كظاهرة بدأت تنخر جسد المجتمع الإسلامي، بحيث لم تبق ظاهرة مستترة كسابق عهدها، بل صارت طافية على السطح، فارتدّ البعض وكشّر البعض عن أنيابه وهكذا, وهذا ليس فيه أي دلالة على أنّ من كان يعرفهم حذيفة صاروا معروفين حتّى يلزم من كلامنا التناقض.

قلتم: لو كان عمر منافقاً فكيف يسأل حذيفة أمام الناس؟

ذكرتم في صفحة92 أنّ الخبر الدال على أنّ عمر كان يسأل حذيفة عن نفسه هل هو من المنافقين أم لا: فقد ورد أنه قال لحُذَيفة: «أنشدك الله! أمنهم أنا؟ قال: لا، ولا أومن منها أحداً بعدك» هو خبر ضعيف، حيث قلتم: «هذا القول كسابقه أورده ابن كثير بصيغة التمريض، وهذا إشارة إلى عدم صحته عنده، ثمَّ لم يذكر له سنداً أو يعزُه إلى كتاب مسند ليعرف سنده ويحكم عليه»

ثمّ تساءلتم أنّه لو كان عمر منافقاً أكان يسأل حذيفة أمام الناس عن نفسه, ألا يخشى أن يفضحه لو كان كذلك... الخ.

الجواب

 إنّ هذا الخبر صحيح أيضاً، لا كما زعمتم، فقد صرّح الحافظ ابن حجر بصحته, ولا أخال أن مثلك لا يعرف ذلك, قال ابن حجر في الردّ على الفسوي حين ضعّف قول عمر المذكور لوجود زيد بن وهب فيه, الموثق من قبل ابن معين وابن خراش وابن سعد وجمهور الأئمة: «وشذّ يعقوب بن سفيان الفسوي، فقال: في حديثه([1079]) خلل كثير، ثم ساق من روايته قول عمر في حديثه: يا حذيفة، بالله أنا من المنافقين؟ قال الفسوي: وهذا محال، قلت: هذا تعنت زائد وما بمثل هذا تضعّف الأثبات ولا تُردّ الأحاديث الصحيحة، فهذا صدر من عمر عند غلبة الخوف وعدم أمن المكر، فلا يلتفت إلى هذه الوساوس الفاسدة في تضعيف الثقات، والله أعلم»([1080]).

وقال الذهبي بعد أن ذكر مجموعة من الروايات التي ضعّفها الفسوي لوجود زيد بن وهب, ومنها خبر حذيفة المتقدّم: «فهذا الذي استنكره الفسوي من حديثه ما سُبق إليه، ولو فتحنا هذه الوساوس علينا لرددنا كثير من السنن الثابتة بالوهم الفاسد»([1081]).

فالخبر إذن صحيح ولا يُلتفت إلى تضعيفه.

وأمّا قولك: إن ابن كثير لم يذكر له سنداً أو يعزُه إلى كتاب مسند ليعرف سنده ويحكم عليه! فهو يكشف أنك، برغم معرفتك بكتب التراث، قد فاتك أن الخبر المذكور أخرجه ابن أبي شيبة مسنداً في مصنَّفه([1082]).

أمّا لماذا قام عمر بسؤال حذيفة؟ فهذا السؤال مما ينبغي أن يوجّه إلى الخليفة عمر نفسه؛ فكيف يخشى النفاق مع أنّه من العشرة المبشرين بالجنة! بحسب ما ورد في رواياتكم؟ بل ممّن وافقه الله تعالى في كثير من الآراء! أفهل تتناسب خشية النفاق مع من يتّسم بهذه السمات والصفات؟!! أم أن ذلك يكشف عن أن تلك المرويات في الفضائل من الموضوعات؟

 أمّا قولكم: «إن حساسية الإيمان في قلب الفاروق تجعله يخشى أن يخفى عليه شيء في نفسه يعلمه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) عنه وهو لا يعلمه، فسأل ليطمئن رضي الله عنه!! ولكن أحاسيس القلوب الحية تخفى على القلوب الميتة!»

فنقول: زعمك أن ذلك كان تواضعاً من الخليفة الثاني وحساسية إيمانه، لا ينسجم مع ما ادّعي له من فضائل مثل كونه من العشرة المبشرين بالجنة، أو أنّ الإرادة الإلهية تتوافق مع إرادته ومواقفه وتخالف آراء ومواقف حتى رسول الله’ في بعض الأحيان، كما أنه مناقض لقوله تعالى: {بل الإنسان على نفسه بصيرة}([1083]).

أمّا وصفك لنا بالقلوب الميتة، فنقول لك: نحن تعلمنا من أهل البيت(علیهم السلام) كمال الأدب، وأن نرد الإساءة بالإحسان لا بالشتم والسباب والكلام القبيح.

قلتم: المنافقون كانوا مميزين عن الصحابة

ذكرتم في ص92: >بأنّ المنافقين كانوا معروفين ومميزين عن الصحابة<.

الجواب

 هذا الكلام غير صحيح، وقد تقدم مراراً أنّ المنافقين غير معروفين، وهم ضمن مجتمع الصحابة، ومعدودون منهم حسب الظاهر, وأوضحنا مراراً أنّه حتّى النبيّ’ لم يكن يعرفهم جميعاً باستثناء من أطلعه الله تعالى عليهم, والنبيّ’ قد أطلع حذيفة على مجموعة منهم.

قلتم: ليس المنافقون من الصحابة، ورواية الخليفة عمر لا تدل على ذلك

ذكرتم في ص93ـ 94 تعليقاً على كلامنا: أن النبي’ قد وصف المنافقين بأنهم من أصحابه، حيث قلنا: كيف نبُرِّر ونُؤوِّل ما ورد في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب حين قام وقال: «يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): دعه! لا يتحدَّث الناس أنَّ محمداً يقتل أصحابه؟».

 وقد أجبتم عن كلامنا هذا بأن الرواية لها عدة دلالات، فهي تدل:

1ـ على غيرة الصحابة واستعدادهم لقتل المنافقين.

2ـ على قرب عمر من النبي’ ووقوفه معه جندياً ينفذ أوامره.

3ـ على نفي النفاق عن الخليفة عمر؛ لأنه لو كان منافقاً لصرّح النبيّ’ بذلك.

4 ـ على أنّ الصحبة التي أرادها النبي’ هي الصحبة اللغوية لا الصحبة الإيمانية.

الجواب

نقول: لقد خرجت عن موضوع النقاش وتطرقت لأمور أجنبية عن صلب الموضوع، وهي محاولة خطابية للالتفاف على الموضوع سعياً للتقليل من أهميته، فكلامنا متعلق بلفظ الصحبة لا عن فضائل الخليفة عمر، ومع هذا سوف نجيب عمّا فهمتموه من دلالة الحديث، لكن نبدأ بما هو محل النزاع، وهو مسالة الصحبة وشمولها للمنافقين، فنقول:

إنّ النبيّ’ قد أطلق لفظ الصحبة على جميع من عاصره، سواء أكان منافقاً أم مؤمناً، عاصياً أم متقيّاً, وقد تقدّم انّه قال: في أصحابي اثنا عشر منافقاً, وأطلقها على الصحابة الذي يدخلون النار في أحاديث الحوض وغيرها، وها هنا في حديث البخاري نجده يطلق الصحبة على عبد الله بن اُبي المعروف بنفاقه، وهكذا فإنّ الصحبة مفهوم عرفي واضح البيان والدلالة ولا يحتاج إلى كثير مؤونة في فهمه, لذا استخدمه النبيّ’ بهذا المعنى العرفي في مواضعه المختلفة.

 ولم نجد أنّ النبي’ قد صرّح يوماً ما بأنّ هناك صحبة إيمانية تختلف عن الصحبة اللغوية أو العرفية, ولم نر أحداً من الصحابة حاول التفريق في الصحبة، وكذا لم نجد التابعين من فرّق في ذلك أيضاً.

وقد يكون القول بالتفريق بدعة محدثة منكم لم نسمع بها من قبل!!

عندئذٍ كلّ من عاصر النبيّ’ هو صحابي بلا فرق بين كونه مؤمناً متقياً أو منافقاً مستتراً أو فاسقاً ظالماً جائراً مصيره النار, وكلامنا هذا يتفق مع مضمون الروايات النبوية التي ورد فيها لفظ الصحابة.

 أمّا كلامكم بالتفريق فهو ينقصه الدليل العلمي, بل هو نتاج الخطأ الذي وقعتم فيه بسبب إيمانكم بعدالة جميع الصحابة، وهذا هو الذي اضطركم إلى التأويل والتفريق مع أنّ الموضوع في غاية الوضوح.

فهذا الإمام ابن حزم يعترف أن عبد الله بن اُبي وغيره من المنافقين هم من الصحابة، قال في المحلى: «وأمّا حديث ابن مسعود، فإن القائل: أن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لم يعدل، ولا أراد وجه الله تعالى فيما عمل، فهو كافر معلن بلا شك، وكذلك القائل في حديث جابر إذ استأذن عمر في قتله، إذ قال: اعدل يا رسول الله! فنهى رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) عمر عن ذلك وأخبر بأنه لا يقتل أصحابه، وكذلك أيضاً في استئذان عمر في قتل عبد الله بن اُبي، أنّ هؤلاء صاروا بإظهارهم الإسلام بعد أن قالوا ما قالوا حرمت دماؤهم، وصاروا بذلك من جملة أصحابه×».

ثمّ قال: «إنه لا خلاف بين أحد من الأمة في أنه لا يحل لمسلم أن يسمى كافراً معلناً بأنه صاحب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، ولا أنه من أصحاب النبي×، وهو× قد أثنى على أصحابه، فصحّ أنهم أظهروا الإسلام فحرمت بذلك دماؤهم في ظاهر الأمر وباطنهم إلى الله تعالى في صدق أو كذب، فإن كانوا صادقين في توبتهم فهم أصحابه حقاً عند الناس ظاهرهم وعند الله تعالى باطنهم وظاهرهم، فهم الذين أخبر رسول الله صلى اله عليه وسلم أنهم لو انفق أحدنا مثل أحد ذهباً ما بلغ نصيف مدّ أحدهم، وإن كانوا كاذبين فهم في الظاهر مسلمون وعند الله تعالى كفار»([1084]).

فابن حزم إذن لا يفرق في لفظ الصحبة بين الإيمانية واللغوية أو العرفية, بل يراها ـ بما لها من مفهوم عرفي ـ واضحة. وقد نقلنا سابقاً كلاماً للنووي يبين فيه أن المنافقين كانوا معدودين من الصحابة([1085]).

هذا ما يتعلق بموضوعنا؛ أمّا أن الرواية هل تثبت فضيلة لعمر أو لا؟

 فأولاً: سواء أثبتت فضيلة أو لم تثبت لم تغيّر من قناعتنا شيئاً يذكر, فكتبكم مملوءة بفضائل الخليفة عمر وهي ليست بحجّة علينا، كما هو واضح.

وثانياً: أنّ الخليفة عمر معروف بخشونته وتسرّعه بين يدي رسول الله’، حتّى أنه صرّح بذلك حينما مسك النبي’ من تلابيبه حين أراد النبيّ’ الصلاة على عبد الله بن أبي, وأقسم أمام النبيّ’ بأن الله لم يأمره بذلك!!.([1086]) ثم قال بعد ذلك: «فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)»([1087]).

 كما أنّ عمر قد تسرع في يوم الحديبية، وكانت كلمات الشك في النبوة ظاهرة منه, حيث ورد في صحيح البخاري أنه جاء إلى النبي’ فقال: «ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: ففيم نعطى الدنية في ديننا ونرجع ولمّا يحكم الله بيننا، فقال: يا بن الخطاب، إنّى رسول الله ولن يضيعني الله أبداً، فرجع متغيظاً، فلم يصبر حتى جاء أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟، قال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ولن يضيعه الله أبداً، فنزلت سورة الفتح»([1088]).

وقد اعترف الخليفة عمر بشكه بل تكذيبه النبي’، كما ينقل ذلك ابن حبان في صحيحه: «فقال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم.

 فقلت: ألست رسول الله حقاً؟

 قال: بلى.

 قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟

 قال: بلى.

 قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذن؟

قال: إني رسول الله ولست أعصي ربي وهو ناصري.

قلت: أوليس كنت تحدثنا أنّا سنأتي البيت فنطوف به؟

 قال: بلى، فخبرتك أنك تأتيه العام؟

 قال [عمر]: لا.

 قال [النبي]: فإنك تأتيه فتطوف به.

 قال: فأتيت أبا بكر الصديق (رضوان الله عليه)، فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقاً؟

 قال: بلى، قلت: أو لسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل، إنه رسول الله، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه([1089]) حتى تموت، فوالله إنه على حق.

قلت: أو ليس كان يحدثنا أنّا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، قال: فأخبرك أنا نأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه وتطوف به، قال عمر بن الخطاب (رضوان الله عليه): فعملت في ذلك أعمالاً، يعني في نقض الصحيفة»([1090]).

وهكذا الكثير من مواقف الخليفة عمر بحاجة إلى توقف وتعمق وفهم بعيداً عن روح التعصب.

قلتم: النبي لم يعاتب الخليفة عمر لعلمه بحسن قصده

في معرض ردّكم على قولنا: «كيف يُطلِق عمر على صحابي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنَّه منافق، ويطلب ضرب عنقه وهو جايز لا طعن فيه، ولكن من قال فيه: بأنَّه صحابي غير عادل، يحكم عليه بالزندقة؟»

أجبتم ـ والانفعال ظاهر في كلامكم ـ وبدأتم بذكر أمور كثيرة تصدّرها ذكر مجموعة فضائل للخليفة عمر في رواياتكم, وذكرتم فتحه للبلاد الإسلامية, وتهجمتم علينا بما لا يليق كعادتكم، فقلت: «عمر هو الذي فتح العالم، ونشر الإسلام، وأدخل آباءك وأجدادك في الإسلام، فحقه عليك أولاً عظيم، وينبغي أن تستحضر هذا المعنى وأنت تذكره»

ثم قلت: «عمر (رضي الله عنه) أطلق هذا الاسم في حضرة سيد البشر نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يعاتبه؛ لعلمه بحُسن قصده وهو يصف صحابياً آخر...وقد حكم على الصحابي بحسب الظاهر، ولم يكن يعلم مكانة أهل بدر».

ثم ختمتم كلامكم بأن الخليفة عمر لم يمتلأ قلبه غيظاً على عظماء الأمة كما هو حال غيره ـ ومقصودكم نحن ـ هذا مجمل ما ذكرتموه في (ص94 ـ 96).

الجواب

 أولاً: كعادتك خرجت عن صلب الموضوع، واستغرقت في ذكر فضائل الخليفة عمر اعتماداً منك على ما ورد في كتبكم من روايات لا نجزم بصحة الكثير منها، لكن في المقابل تغافلت عن روايات في كتبكم أيضاً ظاهرها خلاف تلك الفضائل التي نقلتها لنا؛ فلم تذكر مثلاً أنّ الخليفة عمر قال عن النبيّ’ أنّه ليهجر أو غلب عليه الوجع([1091])، ولم تذكر أنّه شكّ في النبوة يوم الحديبية([1092]), وأنه كان يتجسس على البيوت ويتسوّر الجدران([1093])، وأنه تجاسر على رسول الله وأمسكه من تلابيبه([1094]), وأنه حينما رجع من خيبر أخذ يُجبّن أصحابه ويجبّنونه([1095]) وأنه كان يجهل بدهيات أمور الدين كالتيمم([1096]) والكلالة([1097]), فكتبكم كما ذكرَت الفضائل التي ابتدأتنا بها قد ذكرت هذه الأمور أيضاً.

ثانياً: أنّ عدم معاتبة النبي’ للخليفة عمر؛ لعدم اعتقاد النبي’ بعدالة كلّ صحابي من أصحابه، بل كان يرى فيهم السيء والفاسق والمنافق والمنحرف, وقد أراد أن يعطي درساً للأمة بأن الصحابي ليس مقدساً إلى درجة تمنع من جواز انتقاده والتكلّم ضدّه.

على أن عدم عتاب النبيّ’ لا يدلّ دائماً على صحّة الفعل وحسن القصد كما ذكرتم, فالنبيّ’ مثلاً لم يعاتب عمر يوم الحديبية مع شكّه, ولم يعاتبه يوم الصلاة على عبد الله ابن أبي مع أن الخليفة عمر قد اعترف بشدة جرأته على رسول الله’, فهذه شواهد تؤكّد أنّ عدم العتاب لا يقتضي دائماً صحّة الفعل.

ثالثاً: أنّ الاشتراك في معركة بدر يعدّ في حد ذاته فضيلة كبيرة ومنقبة عظيمة لكن لا يسوغ لصاحبها أن يفعل ما يشاء, فإن الخليفة عمر بنفسه قام بحدّ قدامة بن مظعون؛ لشربه الخمر، وكان ممن نال فضيلة المشاركة في معركة بدر، بل كان من السابقين الأولين وهاجر الهجرتين, فكيف أوّلتم فعل الخليفة عمر ها هنا في قضية الصحابي حاطب بن أبي بلتعة الذي أرسل كتاباً إلى أناس من المشركين يفشي فيه سرّ رسول الله’ في القصة المعروفة([1098])، أوّلتموه بأن عمر كان يجهل فضل أهل بدر، فأراد قتل حاطب متهماً إياه بالنفاق، وقد كشف له النبي’ فضل ذلك, ثمّ كيف نسي بعد ذلك فضل أهل بدر وقام بحدّ الصحابي قدامة لشربه الخمر متأولاً؟!([1099])

أم أنّ منقبة الاشتراك في معركة بدر لا تسقط عقوبة شارب الخمر لكنّها تسقط عقوبة إفشاء سرّ رسول الله’ ونقله إلى الكفار!! فأيّهما أعظم: كشف سرّ رسول الله أمام الكفار والمنافقين أم شرب الخمر؟!

 ثم إن الرسول’ بنفسه قد حدّ النعيمان وهو من أهل بدر, فلماذا إذن وقفت بدر حائلاً هنا في اقتراف معصية إفشاء السرّ ولم تقف حائلاً هناك في شرب الخمر؟!

 فالتعليل إذن بأن عمر كان لايعرف فضيلة أهل بدر، وكان فعله سبباً لإظهار هذه الفضيلة ليس بصحيح.

وعندئذٍ يبقى التساؤل: لماذا يصح للخليفة عمر أن يطعن في الصحابة ويرميهم بالنفاق ويطلب قتلهم ولا شيء عليه, بينما من يقدح بعدالة بعض الصحابة يتهم بالزندقة؟ لماذا لا تجعلوننا نستنّ بسيرة خليفة المسلمين عمر ونقتفي أثره!!

رابعاً: زعمتم أننا ممن يمتلئ قلبه حقداً وغيضاً على عظماء الأمة، وهو كلام نراه يخلو من المعايير العلمية، ويحمل الازدواجية في التعامل مع عظماء الأمة, فمن الذي يمتلئ قلبه حقداً على عظماء الأمة؟ هل نحن أم أنتم؟ أفليس الحسين× من عظماء الأمة، وهو سيد شباب أهل الجنّة, ألا يعتبر تقديس قاتله ووصفه بأمير المؤمنين والترضّي عنه حقداً وغلاً على عظماء الأمة؟

أليس تقديس معاوية الذي كان يسبّ ويأمر بسبّ وشتم علي بن أبي طالب× على المنابر سنين عديدة, أليس هذا حقداً على عظماء الأمة؟

 أليس تعظيم وتقديس ابن تيمية الذي ما انفك ينال وينتقص من علي× في منهاج سنته يعدّ حقداً وغلاً على عظماء الأمة؟!

 ثم لماذا حين يصدر البغض والطعن من عمر تجاه صحابي من الصحابة يفسر بقصد سليم وحسن نية، بينما لو صدر من غيره يفسر بالانحراف والزندقة؟

 أفهل عندكم علم بما في قلوب الناس؟ فهلاّ اقتديتم برسول الله’ حين عاتب أسامة على قتله من تشهد الشهادتين.

خامساً: قولكم: إنّ الخليفة عمر قد أدخل آبائي وأجدادي في الإسلام، مثل هذا الانفعال ما كان ينبغي صدوره منك، وليسمح لي القارئ في أن أجيب على هذا التهجم، فأقول:

أنا الذي من حقه القول: إنّ جدّي رسول الله’ قد أدخل آباءك وأجدادك، بل أدخل الخليفة عمر وغيره في الإسلام بعد أن كانوا على شفا حفرة من النار فأنقذهم، مذقة الشارب ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام([1100])، وقد كانوا يشربون الطرق، ويقتاتون القد([1101])، أذلة خاشعين، يخافون أن يتخطفهم الناس من حولهم، فأنقذهم الله بجدي رسوله’ بعد اللتيا والتي.

فكُلّي فخر بانتمائي إلى رسول الله’ وأن أكون من ذرِّيته، فعليك احترام رسول الله’ حين يعزوك الدليل وتأخذك العصبية.

سادساً: أنّ الكلام عن منقبة الاشتراك في الفتوحات الإسلامية ليس صحيحاً على إطلاقه, فإن مثل الحجّاج ـ سفاك الدماء الظالم المتجبر ـ أيضاً قد فتح بعض البلدان؛ طمعاً وحبّا في المال والتسلّط!!

كما أن كثيراً من الفتوح قد وقعت فيها مظالم عديدة، وتمّ فيها التجاوز على حدود الله, فلا يؤجرأصحابها على كلّ ذلك، فالأجر مترتب على الإخلاص في العمل وسلامة القصد, وأنّى لنا إحراز ذلك وكانت حسيكة النفاق منتشرة، والصحابة على خوف ووجل من أن تنزل فيهم آية تفضحهم, وكرسي السلطة والخلافة صار محلاً للنزاع والنبيّ’ لم يوضع في قبره بعد! فكيف بعد مضي الزمان وتصريح الصحابة بأنهم ضيّعوا كلّ شيء حتّى الصلاة, فالأمر مخيف وفي غاية الخطورة, نسأل الله السلامة.

وبهذا ينتهي الجزء الأول من جوابنا ونقدنا لشبهات الغامدي على كتابه (الحوار الهادئ)، وسيليه الجزء الثاني والثالث، نستكمل فيهما ما تبقى من تحليل ونقد على الكتاب المذكور بمشيئة الله وتوفيقه، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.


مصادر الكتاب

1.      القرآن الكريم.

2.   الآسنوي الشافعي، جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن، نهاية السول في شرح منهاج الأصول للقاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي، الناشر: عالم الكتب.

3.   آقا بزرك الطهراني، محمد محسن بن علي، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، الناشر: دار الأضواء ـ بيروت، ط3، 1403هـ.

4.   الآلوسي البغدادي، أبو الفضل شهاب الدين محمود، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

5.   الأبطحي، محمد علي الموحد، تاريخ آل زرارة، مطبعة رباني، 1399هـ.

6.   ابن الأبّار القضاعي، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر، درر السمط في خبر السبط، تحقيق: د. عزّ الدين عمر موسى، الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت، ط1ـ 1407هـ.

7.   ابن أبي الحديد المعتزلي، عزّ الدين، أبو حامد بن هبة الله بن محمد، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.

8.   ابن أبي شيبة الكوفي، أبو بكر عبد الله بن محمد، المصنّف في الأحاديث والآثار، تحقيق وتعليق: سعيد اللحام، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1409هـ.

9.   ابن أبي عاصم الضحاك، أبو بكر عمرو الشيباني، كتاب السنّة ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة بقلم: محمد ناصر الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت، ط3، 1993م.

10.       ابن أبي يعلى الفراء، أبو الحسين، محمد بن محمد، طبقات الحنابلة، تحقيق: محمد حامد الفقي، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

11.       ابن الأثير الجزري، عزّ الدين أبو الحسن علي بن محمد، اُسد الغابة في معرفة الصحابة، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

12.       ابن الأثير الجزري، عزّ الدين أبو الحسن علي بن محمد، الكامل في التاريخ، الناشر: دار صادر ـ دار بيروت، طبعة عام 1386هـ.

13.       ابن الأثير الجزري، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد، تتمة جامع الأصول في أحاديث الرسول|ـ قسم التراجم، حققه وخرّج أحاديثه وعلّق عليه: بشير محمد عيون، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

14.       ابن الأثير الجزري، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد، جامع الأصول في أحاديث الرسول|، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، الناشر: مكتبة الحلواني، طبعة عام 1389هـ

15.       ابن الأثير الجزري، مجد الدين أبو السعادات، المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق: محمود محمد الطناحي، الناشر: مؤسسة إسماعيليان ـ قم، ط4، 1364هـ ش.

16.       ابن إسحاق، أبو بكر محمد، سيرة ابن إسحاق، الناشر: معهد الدراسات والأبحاث.

17.       ابن أعثم الكوفي، أبو محمد أحمد، كتاب الفتوح، تحقيق: علي شيري، الناشر: دار الأضواء، ط1، 1411هـ.

18.       ابن أنس، أبو عبد الله مالك، الموطأ، تصحيح وتعليق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، طبعة عام 1406هـ.

19.       ابن باز، عبد العزيز، الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس والقمر وسكون الأرض، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ـ الرياض، ط2، 1402هـ.

20.       ابن بطال، أبو الحسن علي بن خلف، شرح صحيح البخاري (شرح ابن بطال)، تحقيق: أبي تميم ياسر بن إبراهيم، الناشر: مكتبة الرشد ـ السعودية، ط2، 1423هـ.

21.       ابن البطريق، شمس الدين، يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي، خصائص الوحي المبين، تحقيق: الشيخ مالك المحمودي، الناشر: دار القرآن الكريم، ط1، 1417هـ.

22.       ابن البطريق، شمس الدين، يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي، العمدة، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، طبعة عام 1407هـ.

23.       ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، تحقيق: محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، الناشر: مطبعة الحكومة ـ مكة المكرمة، ط1ـ 1392هـ.

24.       ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح، تحقيق: د. علي حسن ناصر‏, د. عبد العزيز إبراهيم العسكر, د. حمدان محمد، الناشر: دار العاصمة ـ الرياض، ط1، 1414هـ.

25.       ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، درء تعارض العقل والنقل، تحقيق: محمد رشاد سالم، الناشر: دار الكنوز الأدبية ـ الرياض، طبعة عام 1391هـ.

26.       ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، رأس الحسين، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

27.       ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، الصارم المسلول على شاتم الرسول، تحقيق: محمد عبد الله عمر الحلواني, محمد كبير أحمد شودري، الناشر: دار ابن حزم ـ بيروت، ط1، 1417هـ.

28.       ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض، 1402هـ.

29.       ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي، الناشر: مكتبة ابن تيمية، ط2.

30.       ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، منهاج السنة النبوية، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، الناشر: مؤسسة قرطبة، ط1ـ 1406هـ.

31.       ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، النبوات، الناشر: المطبعة السلفية ـ القاهرة، طبعة عام 1386هـ.

32.       ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، الأذكياء، الناشر: مكتبة الغزالي.

33.       ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، دفع شبه التشبيه بأكفّ التنزيه، تحقيق: حسن السقاف، الناشر: دار الإمام النووي ـ الأردن، ط3، 1413هـ.

34.       ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، زاد المسير، تحقيق: محمد عبد الرحمن عبد الله، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1407هـ.

35.       ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، الناشر: دار صادر ـ بيروت، ط1، 1358هـ

36.       ابن الحاج، أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المالكي، المدخل، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1401هـ.

37.       ابن حبّان، التميمي البستي، محمد، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط2، 1414هـ.

38.       ابن حبان، التميمي البستي، محمد، كتاب الثقات، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية ـ الهند، ط1، 1993م.

39.       ابن حبان، التميمي البستي، محمد، كتاب المجروحين، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، الناشر: دار الباز ـ مكة المكرمة.

40.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1415هـ.

41.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، تغليق التعليق، تحقيق: سعيد عبد الرحمن موسى القزقي، الناشر: المكتب الإسلامي، دار عمار ـ بيروت، ط1، 1405هـ.

42.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، تقريب التهذيب، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط2، 1415هـ.

43.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، تهذيب التهذيب، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1404هـ.

44.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، مراقبة: محمد عبد المعيد ضان، الناشر: مجلس دائرة المعارف العثمانية ـ حيدر آباد، الهند، ط2، 1392هـ.

45.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، طبقات المدلسين، تحقيق: عاصم بن عبد الله القريوني، الناشر: مكتبة المنار، ط1.

46.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط2.

47.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، لسان الميزان، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت، ط2.

48.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، النكت على كتاب ابن الصلاح، تحقيق: د. ربيع هادي عمير، الناشر: دار الراية ـ الرياض، ط3، 1415هـ.

49.       ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، هدي الساري مقدمة فتح الباري، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1، 1408هـ.

50.       ابن حجر الهيتمي، أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن علي، الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي وكامل محمد الخراط، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط1، 1997م.

51.       ابن حزم الظاهري، أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد، الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق: أحمد شاكر، الناشر: زكريا علي يوسف، طبع: مطبعة العاصمة ـ القاهرة

52.       ابن حزم الظاهري، أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد، الفصل في الملل والأهواء والنحل، الناشر: مكتبة الخانجي ـ القاهرة.

53.       ابن حزم الظاهري، أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد، المحلّى، الناشر: دار الفكر.

54.       ابن حنبل الشيباني، أبو عبد الله أحمد، أصول السنة، الناشر: دار المنار ـ السعودية.

55.       ابن حنبل الشيباني، أبو عبد الله أحمد، العقيدة، تحقيق: عبد العزيز عزّ الدين السيروان، الناشر: دار قتيبة ـ دمشق، ط1، 1408هـ.

56.       ابن حنبل الشيباني، أبو عبد الله أحمد، فضائل الصحابة، تحقيق: د. وصي الله محمد عباس، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط1ـ 1403هـ.

57.       ابن حنبل الشيباني، أبو عبد الله أحمد، مسند أحمد بن حنبل، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

58.       ابن حنبل الشيباني، أبو عبد الله أحمد، مسند أحمد بن حنبل، تحقيق شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة قرطبة ـ القاهرة.

59.       ابن حنبل الشيباني، أبو عبد الله أحمد، مسند أحمد بن حنبل، تحقيق: حمزة أحمد الزين وأحمد محمد شاكر، الناشر: دار الحديث ـ القاهرة،

60.       ابن حنبل الشيباني، عبد الله بن أحمد، السنة، تحقيق: د. محمد سعيد سالم القحطاني، الناشر: دار ابن القيم ـ الدمام، ط1، 1406هـ

61.       ابن حيان، عبد الله بن محمد بن جعفر، طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها، تحقيق: عبد الغفور عبد الحق البلوشي، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط2، 1412هـ.

62.       ابن خزيمة، أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، أبو بكر السلمي النيسابوري، صحيح ابن خزيمة، تحقيق وتعليق وتخريج وتقديم: د. محمد مصطفى الأعظمي، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت، ط2، 1412هـ.

63.       ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد الحضرمي، تاريخ ابن خلدون (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر)، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

64.       ابن خلّكان، أبو العباس، شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، الناشر: دار الثقافة.

65.       ابن داود الحلّي، تقي الدين الحسن بن علي، كتاب الرجال (رجال ابن داود)، تحقيق وتقديم: السيد محمد صادق آل بحر العلوم، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف، طبعة عام 1392هـ.

66.       ابن رجب الحنبلي، أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد، جامع العلوم والحكم، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط1، 1408هـ.

67.       ابن سعد، أبو عبد الله، محمد بن سعد بن منيع، الطبقات الكبرى، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

68.       ابن سلام، القاسم, فضائل القرآن ومعالمه وآدابه، تحقيق: أحمد الخياطي الناشر: وزارة الأوقاف ـ المغرب، طبعة عام 1415هـ.

69.       ابن شبة النميري، أبو زيد، تاريخ المدينة، تحقيق: فهيم محمد شلتوت، الناشر: دار الفكر، طبعة عام 1410هـ.

70.       ابن الصباغ المالكي، علي بن محمد بن أحمد، الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة، تحقيق: سامي الغريري، الناشر: دار الحديث ـ قم، ط1، 1422هـ.

71.       ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن، علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح)، تعليق وشرح وتخريج: أبي عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1416هـ.

72.       ابن طاووس، رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد، فرج المهموم، الناشر: مؤسسة الرضي ـ قم، طبعة عام 1363 هـ ش.

73.       ابن طاووس، رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد، كشف المحجة لثمرة المهجة، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف، طبعة عام 1370هـ.

74.       ابن عابدين، محمد أمين، حاشية ردّ المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، إشراف: مكتب البحوث والدراسات، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1415هـ.

75.       ابن عبد البرّ النمري، يوسف بن عبد الله بن محمد، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، الناشر: دار الجيل ـ بيروت، ط1،1412هـ.

76.       ابن عبد البرّ النمري، يوسف بن عبد الله بن محمد، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

77.       ابن عبد البرّ النمري، يوسف بن عبد الله بن محمد، تجريد التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، الناشر: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المغرب، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي,‏ محمد عبد الكبير البكري، طبعة عام 1387هـ.

78.       ابن عبد ربه الأندلسي، أحمد بن محمد، العقد الفريد، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط3، 1420هـ.

79.       ابن عدي الجرجاني، عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد، الكامل في ضعفاء الرجال، قراءة وتدقيق: يحيى مختار غزاوي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط3، 1409هـ.

80.       ابن العربي المالكي، أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت

81.       ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: علي شيري، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1415هـ.

82.       ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط3، 1404هـ.

83.       ابن عطية الأندلسي، أبو محمد عبد الحق بن غالب، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1413هـ.

84.       ابن علان، محمد الصديقي الشافعي الأشعري المكي، الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

85.       ابن العماد العكري الحنبلي، عبد الحي بن أحمد بن محمد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، محمود الأرناؤوط، الناشر: دار ابن كثير ـ دمشق، ط1، 1406هـ.

86.       ابن عنبة، جمال الدين أحمد بن علي، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، تصحيح: محمد حسن آل الطالقاني، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف، ط2، 1380هـ.

87.       ابن الغضائري، أحمد بن الحسين، الرجال لابن الغضائري، تحقيق: السيد محمد رضا الجلالي، الناشر: دار الحديث، ط1، 1422هـ.

88.       ابن قتيبة الدينوري، أبو محمد عبد الله بن مسلم، الإمامة والسياسة، تحقيق: علي الشيري، الناشر: انتشارات الشريف الرضي ـ قم، ط1، 1413هـ.

89.       ابن قتيبة الدينوري، أبو محمد عبد الله بن مسلم، تأويل مختلف الحديث، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

90.       ابن قدامة المقدسي، عبد الرحمن بن محمد بن أحمد، الشرح الكبير، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

91.       ابن قدامة المقدسي، عبد الله بن أحمد، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

92.       ابن قيم الجوزية، شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب، الأمثال في القرآن، الناشر: مكتبة الصحابة ـ طنطا، ط1، 1406هـ.

93.       ابن قيم الجوزية، شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب، بدائع الفوائد، الناشر: مكتبة الباز ـ مكة المكرمة.

94.       ابن كثير الدمشقي، أبو الفداء، إسماعيل، البداية والنهاية، تحقيق وتدقيق وتعليق: علي شيري، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1، 1408هـ.

95.       ابن كثير الدمشقي، أبو الفداء، إسماعيل، تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم)، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، طبعة عام 1412هـ.

96.       ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

97.       ابن مردويه، أحمد بن موسى، مناقب علي بن أبي طالب×، جمعه ورتبه وقدم له: عبد الرزاق محمد حسين حرز الدين، الناشر: دار الحديث، ط2، 1424هـ.

98.       ابن المغازلي، الموفق بن أحمد بن محمد المكي، مناقب أمير المؤمنين×، تحقيق وتعليق: محمد باقر، البهبودي، الناشر: دار الأضواء ـ بيروت، طبعة عام 1424هـ.

99.       ابن منظور، أبو الفضل، جمال الدين بن مكرم، لسان العرب، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

100. ابن نجيم الحنفي، زين الدين، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ضبطه وخرج آياته وأحاديثه: الشيخ زكريا عميرات، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1418هـ.

101. ابن هشام الأنصاري، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق وشرح: د. عبد اللطيف محمد الخطيب، ط1، 1421هـ

102. ابن همام الحنفي، كمال الدين محمد بن عبد الواحد، شرح فتح القدير على الهداية شرح بداية المبتدي لبرهان الدين المرغيناني، علّق عليه وخرّج آياته وأحاديثه: الشيخ عبد الرزاق غالب المهدي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1424هـ.

103. أبو الحسن، علي بن سليمان، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل للمرداوي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، تحقيق: محمد حامد الفقي، ط2، 1406هـ.

104. أبو الصلاح الحلبي، تقي الدين بن نجم، الكافي في الفقه، تحقيق: رضا اُستادي، الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي× العامة ـ أصفهان.

105. أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، تفسير البحر المحيط، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1422هـ.

106. أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، سنن أبي داود، تحقيق وتعليق: سعيد محمد اللحام، الناشر: دار الفكر، ط1، 1410هـ.

107. أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود سليمان بن الأشعث السجستاني في معرفة الرجال وجرحهم وتعديلهم، الناشر: مكتبة دار الاستقامة ـ السعودية، مؤسسة الريان ـ بيروت.

108. أبو رية، محمود، أضواء على السنّة المحمديّة، الناشر: نشر البطحاء، الطبعة الخامسة مزيدة ومنقحة.

109. أبو رية، محمود، شيخ المضيرة أبو هريرة، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

110. أبو زرعة العراقي، أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين، البيان والتوضيح لمن اُخرج له في الصحيح ومُسّ بضرب من التجريح، تحقيق: كمال يوسف الحوت، الناشر: دار الجنان ـ بيروت، ط1، 1410هـ.

111. أبو عمرو الداني, عثمان بن سعيد الأموي، البيان في عدّ آي القرآن، تحقيق: غانم قدوري الحمد، الناشر: مركز المخطوطات والتراث ـ الكويت، ط1، 1414هـ.

112. أبو نعيم الأصفهاني، أحمد بن عبد الله، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط4، 1405هـ.

113. أبو يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى، مسند أبي يعلى، تحقيق: حسين سليم أسد، الناشر: دار المأمون للتراث.

114. الأردبيلي الغروي، محمد بن علي، جامع الرواة، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم، طبعة عام 1403هـ.

115. الاسترآبادي، رضي الدين، شرح الرضي على الكافية، تصحيح وتعليق: يوسف حسن عمر، الناشر: جامعة قاريونس بنغازي، طبعة عام 1398هـ.

116. الإسكافي، أبو جعفر محمد بن عبد الله المعتزلي، المعيار والموازنة، تحقيق: محمد باقر المحمودي، ط1، 1402هـ.

117. الإسكندري، ناصر الدين، المتواري على تراجم أبواب البخاري، الناشر: مكتبة المعلا ـ الكويت.

118. الأصبهاني، أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد، الأغاني، تحقيق: علي مهنا وسمير جابر، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

119. الألباني، محمد ناصر الدين، أحكام الجنائز، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.

120. الألباني، محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض، ط1، 1412هـ.

121. الألباني، محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض، ط1، 1412هـ.

122. الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح الجامع الصغير وزيادته، الناشر: المكتب الإسلامي، ط3، 1408هـ.

123. الألباني، محمد ناصر الدين، ضعيف سنن الترمذي، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.

124. أمين، أحمد، ضحى الإسلام، الناشر: مكتبة النهضة المصرية ـ القاهرة، ط7.

125. أمين، أحمد، فجر الإسلام، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط3، 2009م.

126. الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، الناشر: دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت.

127. الأميني، عبد الحسين أحمد، الغدير في الكتاب والسنة والأدب، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط4، 1977م.

128. الإيجي، عضد الدين عبد الرحمن الشافعي، المواقف في علم الكلام، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، الناشر: دار الجيل، ط1، 1417هـ.

129. الباقلاني، أبو بكر محمد بن الطيب، تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، تحقيق: الشيخ عماد الدين أحمد حيدر ـ مركز الخدمات والأبحاث الثقافية، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية ـ بيروت، ط3، 1414هـ.

130. البحراني، يوسف بن أحمد، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، تحقيق وتعليق وإشراف: محمد تقي الإيرواني، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

131. البحراني، يوسف بن أحمد، لؤلؤة البحرين في الإجازات وتراجم رجال الحديث، تحقيق وتعليق: محمد صادق بحر العلوم، الناشر: مكتبة فخراوي ـ المنامة، البحرين، ط1، 1429هـ.

132. البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، خلق أفعال العباد، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

133. البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، صحيح البخاري (الجامع المسند الصحيح)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، 1401هـ. وترقيم الأحاديث على نسخة: بيت الأفكار الدولية، اعتنى به: أبو صهيب الكرمي، طبعة عام 1419هـ.

134. البروجردي، حسين الطباطبائي، جامع أحاديث الشيعة، المطبعة العلمية ـ قم، طبعة عام 1399هـ.

135. البغدادي، إسماعيل باشا، هدية العارفين، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

136. البغوي الفرّاء، ركن الدين الحسين بن مسعود، تفسير البغوي (معالم التنزيل)، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

137. البغوي الفرّاء، ركن الدين الحسين بن مسعود، مصابيح السنة، تحقيق: د. يوسف عبد الرحمن المرعشلي، محمد سليم إبراهيم سماره وجمال حمدي الذهبي، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط1، 1407هـ.

138. البكري الدمياطي، أبو بكر بن السيد محمد شطا، حاشية إعانة الطالبين على حلّ ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين لزين الدين بن عبد العزيز المليباري الفناني، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1418هـ.

139. البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، تحقيق: د. سهيل زكار، ود. رياض زركلي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1417هـ.

140. البهائي، حسين بن عبد الصمد، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار، تحقيق: السيد عبد اللطيف الكوهكمري، الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية، ط1، 1401هـ.

141. البيضاوي، ناصر الدين عبد الله الشيرازي، تفسير البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

142. البيهقي أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي، السنن الكبرى، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

143. البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي، دلائل النبوّة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، وثق أصوله وخرج حديثه وعلّق عليه: د. عبد المعطي قلعجي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، دار الريان للتراث، ط1، 1408هـ.

144. البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي، شعب الإيمان، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1410هـ.

145. الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة، سنن الترمذي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

146. التفتازاني، سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله، شرح المقاصد في علم الكلام، الناشر: دار المعارف النعمانية ـ باكستان، ط1، 1401هـ.

147. التهانوي، ظفر أحمد العثماني، قواعد في علوم الحديث، الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية ـ الرياض، ط5، 1404هـ.

148. الثعالبي، أبو زيد المالكي عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف، تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القرآن)، تحقيق: الشيخ محمد عوض، والشيخ عادل عبد الموجود، ود. عبد الفتاح أبو سنة، الناشر: دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت، ط1، 1418هـ.

149. الثعلبي، أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري، تفسير الثعلبي (الكشف والبيان)، تحقيق: أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق: الأستاذ نظير الساعدي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1، 1422هـ.

150. الجبهان، إبراهيم السليمان، تبديد الظلام وتنبيه النيام إلى خطر التشيّع على المسلمين والإسلام، الناشر: دار المجمع العلمي ـ جدة، طبعة عام 1399هـ.

151. الجصاص، أبو بكر أحمد بن علي الرازي، أحكام القرآن، تخريج: عبد السلام شاهين، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1415هـ.

152. الجواهري، محمد حسن النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، تحقيق وتعليق: الشيخ عباس القوچاني، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ط2، 1365 هـ ش.

153. الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت، ط4، 1407هـ.

154. الجويني الخراساني، إبراهيم بن محمد بن المؤيد، فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم(علیهم السلام)، حققه وعلّق عليه: الشيخ محمد باقر المحمودي، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت، ط1، 1428 هـ.

155. الجويني، أمام الحرمين، عبد الملك بن عبد الله، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، حققه وعلق عليه وقدّم له وفهرسه: د. محمد يوسف موسى، علي عبد المنعم عبد الحميد، الناشر: مكتبة الخانجي ـ القاهرة، طبعة عام 1369هـ.

156. الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين وبذيله التلخيص للحافظ الذهبي، إشراف: د. يوسف عبد الرحمن المرعشلي، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

157. الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، معرفة علوم الحديث، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة، تصحيح: السيد معظم حسين، الناشر: دار الآفاق الحديث ـ بيروت، ط4، 1400هـ.

158. الحرّ العاملي، الشيخ محمد بن الحسن، ِتفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث ـ قم، ط2، 1414هـ.

159. الحسكاني، عبد الله بن أحمد، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، تحقيق: الشيخ محمد باقر المحمودي، الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ إيران، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، ط1، 1411هـ.

160. حسين، طه، الفتنة الكبرى (عثمان)، الناشر: دار المعارف ـ مصر.

161. الحصني الدمشقي، أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن تقي الدين، دفع الشبه عن الرسول| والرسالة، تحقيق: جماعة من العلماء، الناشر: دار إحياء الكتاب العربي ـ القاهرة، ط2، 1418هـ.

162. الحموي الرومي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله البغدادي، معجم البلدان، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، طبعة عام 1399هـ.

163. الحيدري، محمد ويس الأويسي الحسيني، الدرر البهية في الأنساب الحيدرية والأويسية، الناشر: أحمد عزّ الدين ـ حلب.

164. الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ بغداد، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1417هـ.

165. الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الكفاية في علم الرواية، تحقيق: أحمد عمر هاشم، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط1، 1405هـ.

166. الخطيب التبريزي، ولي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله، الإكمال في أسماء الرجال، تعليق: أبي أسد الله بن الحافظ محمد عبد الله الأنصاري، الناشر: مؤسسة أهل البيت(علیهم السلام).

167. الخطيب، د. محمد عجاج، السنة قبل التدوين، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1383هـ.

168. الخميني، روح الله الموسوي، كتاب الطهارة، طبعة مصورة عن نسخة الآداب في النجف الأشرف، 1389هـ.

169. الخوارزمي الحنفي، الموفق بن أحمد، مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×، تحقيق: الشيخ مالك المحمودي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، ط2، 1414هـ.

170. الخوئي، أبو القاسم بن علي أكبر الموسوي، كتاب الطهارة، الناشر: دار الهادي للمطبوعات ـ قم، ط3ـ 1410هـ.

171. الخوئي، أبو القاسم بن علي أكبر الموسوي، معجم رجال الحديث، ط5ـ 1413هـ.

172. الداني، أبو عمرو عثمان بن سعيد المقرئ، السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها، تحقيق: د. رضاء الله بن محمد إدريس المباركفوري، الناشر: دار العاصمة ـ الرياض، ط1ـ 1416هـ.

173. الدسوقي، شمس الدين محمد عرفه، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الناشر: دار إحياء الكتب العربية ـ عيسى البابي الحلبي وشركاه.

174. الدهلوي، عبدالعزيز غلام حكيم، مختصر التحفة الاثني عشرية، تحقيق: محب الدين الخطيب، الناشر: المكتبة السلفية ـ القاهرة.

175. الدياربكري، حسين بن محمد بن الحسن، تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس، الناشر: مؤسسة شعبان ـ بيروت.

176. الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط1، 1407هـ.

177. الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، تذكرة الحفاظ، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

178. الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردّهم، تحقيق: محمد إبراهيم الموصلي، الناشر: دار البشائر الإسلامية ـ بيروت، ط1، 1412هـ.

179. الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، إشراف وتخريج: شعيب الأرنؤوط، تحقيق: حسين الأسد، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط9، 1413هـ.

180. الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، العبر في خبر من غبر، تحقيق: د. صلاح الدين المنجد، الناشر: مطبعة حكومة الكويت ـ الكويت، ط2 ـ 1984.

181. الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، تحقيق: محمد عوامة، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة، ط1، 1413هـ.

182. الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، المختصر المحتاج إليه من تاريخ الحافظ ابن الدبيثي، تحقيق: دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1417هـ.

183. الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال، تحقيق: علي محمد البجاوي، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط1، 1382هـ.

184. الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الشافعي الطبرستاني، التفسير الكبير، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1421هـ.

185. الرازي، أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم، تفسير القرآن (تفسير ابن أبي حاتم)، تحقيق: أسعد محمد الطيب، الناشر: المكتبة العصرية.

186. الرازي، أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1، 1371 هـ.

187. الرازي، فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين، المحصول في علم أصول الفقه، تحقيق: دكتور طه جابر فياض العلواني، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط2ـ 1412هـ..

188. الرازي، فخر الدين محمد بن عمر، الشجرة المباركة في أنساب الطالبية، تحقيق: السيد مهدي الرجائي؛ الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم المقدسة، ط1، 1409هـ.

189. الرافعي، محمد صادق، إعجاز القرآن وبلاغته النبوية، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط8، 1425هـ.

190. الرضوي، السيد مرتضى بن السيد محمد، مع رجال الفكر في القاهرة، الناشر: الإرشاد للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لندن، ط4، 1418هـ.

191. الزبيدي، محب الدين أبو فيض السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي الحنفي، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: علي شيري، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1414هـ

192. الزرعي، محمد بن أبي بكر أيوب، أبو عبد الله، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تحقيق: محمد حامد الفقي، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط2، 1393هـ.

193. الزرقاني المالكي، محمد بن عبد الباقي، شرح العلاّمة الزرقاني على المواهب اللدنيّة بالمنح المحمدية للعلاّمة القسطلاني، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1417هـ.

194. الزركشي، أبو عبد الله، محمد بن بهادر بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، ط1، 1376م.

195. الزركلي، خير الدين، الأعلام، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت، ط5، 1980م.

196. الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، عباس ومحمد محمود الحلبي وشركاهم ـ خلفاء.

197. الزمخشري، أبو القاسم، جار الله محمود بن عمر الخوارزمي، الفايق في غريب الحديث، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبي الفضل إبراهيم، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط2.

198. الزمخشري، محمد بن عمر، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق: عبد الأمير مهنا، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت، ط1، 1412هـ

199. الزيعلي الحنفي، فخر الدين عثمان بن علي، تبيين الحقائق، الناشر: دار الكتب الإسلامي ـ لقاهرة ـ 1313هـ

200. زين العابدين، علي بن الحسين‘، الصحيفة السجادية الكاملة، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

201. السبحاني، جعفر، رسائل ومقالات، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق×ـ قم.

202. السبحاني، جعفر، العقيدة الإسلاميّة على ضوء مدرسة أهل البيت(علیهم السلام)، ترجمة: محمد هادي، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق× ـ قم، ط1، 1419هـ.

203. السبزواري، الملا هادي، شرح الأسماء الحسنى، الناشر: مكتبة بصيرتي ـ قم.

204. السبزواري، محمد باقر، ذخيرة المعاد، الناشر: مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث.

205. سبط ابن العجمي، أبو الوفا إبراهيم بن محمد بن خليل، التبيين لأسماء المدلسين، تحقيق: يحيى شفيق، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1406هـ.

206. السبكي، أبو نصر تاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، الناشر: عالم الكتب ـ بيروت، ط1، 1419هـ.

207. السبكي، أبو نصر تاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي، طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي، د.عبد الفتاح محمد الحلو، الناشر: هجر للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 1413هـ.

208. السرخسي، أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهيل، اُصول السرخسي، تحقيق: أبو الوفاء الأفغاني، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1414هـ.

209. السرخسي، أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهيل، المبسوط، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، طبعة عام 1406هـ.

210. سركيس، يوسف اليان، معجم المطبوعات العربية والمعربة، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم.

211. السمرقندي، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد، تفسير السمرقندي (بحر العلوم)، تحقيق: د.محمود مطرجي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

212. السمعاني، أبو المظفّر منصور بن محمد، تفسير السمعاني (تفسير القرآن)، تحقيق: ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم، الناشر: دار الوطن ـ الرياض، ط1، 1418 هـ.

213. السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور، الأنساب، تقديم وتعليق: عبد الله عمر البارودي، الناشر: دار الجنان ـ بيروت، ط1، 1408هـ.

214. السندي، نور الدين بن عبد الهادي أبو الحسن، حاشية السندي على سنن النسائي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية ـ حلب، ط2، 1406هـ.

215. السويدي، أبو الفوز محمد أمين البغدادي، سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

216. السيوطي, أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق: سعيد المندوب، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1ـ 1416هـ.

217. السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

218. السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، الناشر: المكتبة العصرية ـ لبنان.

219. السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، تاريخ الخلفاء، تحقيق: محمد محيي الدين، الناشر: مطبعة السعادة ـ مصر، ط1، 1371هـ.

220. السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ـ الرياض.

221. السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الجامع الصغير، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1401هـ.

222. السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، طبقات الحفاظ، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1403هـ.

223. الشاطبي الغرناطي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى، الاعتصام، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

224. الشافعي، محمد بن إدريس، كتاب الأمّ، الناشر: دار الفكر، ط2، 1403هـ.

225. الشربيني، شمس الدين محمد بن الخطيب، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

226. شرف الدين الموسوي، عبد الحسين بن الشريف يوسف بن الشريف جواد، أجوبة مسائل جار اللّه، مطبعة العرفان ـ صيدا، ط2، 1373هـ.

227. الشرنبلالي الحنفي، حسن بن عمّار بن علي، مراقي الفلاح بإمداد الفتاح شرح نور الإيضاح ونجاة الأرواح وبهامشه متن نور الإيضاح مع تقريرات من حاشية العلاّمة الطحطاوي، علّق عليه وشرح ألفاظه وخرّج أحاديثه: أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط2، 1424هـ.

228. الشرواني والعبادي، عبد الحميد، أحمد بن قاسم، حواشي الشرواني والعبادي على تحفة المحتاج بشرح المنهاج، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

229. الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي البغدادي، نهج البلاغة، شرح الشيخ محمد عبده، الناشر: دار الذخائر ـ قم، ط1، 1412هـ.

230. الشريف المرتضى، علم الهدى علي بن الحسين الموسوي البغدادي المرتضى، رسائل الشريف المرتضى، الناشر: دار القرآن الكريم ـ قم، تقديم: السيد أحمد الحسيني، إعداد: السيد مهدي الرجائي، طبعة عام 1405هـ.

231. الشهرستاني، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل، تحقيق: محمد سيد كيلاني، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

232. الشهيد الأول، محمد بن مكي العاملي، البيان، الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية ـ قم.

233. الشهيد الأول، محمد بن مكي العاملي، الدروس الشرعية في فقه الإمامية، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، ط1، 1414هـ.

234. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي العاملي، روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان، الناشر: مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث ـ قم.

235. الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، تحقيق: أبي حفص سامي بن العربي الأثري، الناشر: دار الفضيلة ـ الرياض، ط1، 1421هـ.

236. الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

237. الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين، الناشر: دار القلم ـ بيروت، ط1ـ 1984م.

238. الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، الناشر: عالم الكتب ـ بيروت.

239. الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الاخبار، الناشر: دار الجيل ـ بيروت، طبعة عام 1973م.

240. الشيرازي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف، شرح اللمع، حققه وقدّم له ووضع فهارسه: عبد المجيد تركي، الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت، ط1، 1408هـ.

241. الصدر، محمد باقر، بحث حول الولاية، الناشر: دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت، ط2، 1399هـ.

242. الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الاعتقادات في دين الإمامية، تحقيق: عصام عبد السيد، الناشر: دار المفيد ـ بيروت، ط2، 1414هـ.

243. الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، كتاب التوحيد، تصحيح وتعليق: السيد هاشم الحسيني الطهراني، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

244. الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، كمال الدين وتمام النعمة، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، طبعة عام 1405هـ..

245. الصفّار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد(علیهم السلام)، تصحيح وتعليق وتقديم: الحاج ميرزا حسن كوچه باغي، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ طهران، طبعة عام 1404هـ.

246. الصنعاني، عبد الرزاق بن همام، تفسير القرآن (تفسير الصنعاني)، تحقيق: د. مصطفى مسلم محمد، الناشر: مكتبة الرشد ـ الرياض، ط1، 1410هـ.

247. الصنعاني، عبد الرزاق بن همام، المصنف، تحقيق وتخريج وتعليق: حبيب الرحمن الأعظمي، الناشر: المجلس العلمي.

248. الصنعاني، محمد بن اسماعيل الأمير، سبل السلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام، مراجعة وتعليق: الشيخ محمد عبد العزيز الخولي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط4، 1379هـ.

249. الطباطبائي، علي بن محمد بن علي، رياض المسائل، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، 1419هـ.

250. الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد، المعجم الأوسط، تحقيق: قسم التحقيق بدار الحرمين، الناشر: دار الحرمين ـ القاهرة، طبعة عام 1415هـ.

251. الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد، المعجم الصغير، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

252. الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، تحقيق وتخريج: حمدي عبد المجيد السلفي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط2.

253. الطبراني، أبو القاسم، سليمان بن أحمد، مسند الشاميين، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط2، 1417هـ.

254. الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، تحقيق وتعليق: لجنة من العلماء والمحققين الأخصائيين، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت، ط1، 1415هـ.

255. الطبرسي، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب، الاحتجاج، تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان، الناشر: دار النعمان ـ النجف الأشرف، طبعة عام 1386هـ.

256. الطبري، محبّ الدين أحمد بن عبد الله بن محمد، أبو جعفر، الرياض النضرة في مناقب العشرة، تحقيق: عيسى عبد الله محمد مانع الحميري، الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت، ط1، 1996م.

257. الطبري، محبّ الدين أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، الناشر: مكتبة القدسي ـ القاهرة، طبعة عام 1356هـ.

258. الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك)، تحقيق ومراجعة وتصحيح وضبط: نخبة من العلماء الأجلاء، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

259. الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)، تقديم: الشيخ خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1415هـ.

260. الطحطاوي الحنفي، أحمد بن محمد بن إسماعيل، حاشية العلاّمة الطحطاوي على الدر المختار شرح تنوير الأبصار في مذهب الإمام أبي حنيفة، طبع مصر، 1282هـ.

261. الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، تصحيح وتعليق: مير داماد الاسترابادي، الناشر: مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث ـ قم، طبعة عام 1404هـ.

262. الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن، الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد، الناشر: مكتبة جامع چهلستون ـ طهران، طبعة عام 1400هـ.

263. الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن، الأمالي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية ـ مؤسسة البعثة، الناشر: دار الثقافة ـ قم، ط1، 1414هـ.

264. الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة للشيخ المفيد، تحقيق وتعليق: السيد حسن الموسوي الخرسان، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ط4، 1365هـ ش.

265. الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن، رجال الطوسي، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، ط1ـ 1415هـ.

266. الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن، الفهرست، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة، ط1، 1417هـ.

267. الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن، كتاب الغيبة, تحقيق: الشيخ عبد الله الطهراني ـ أحمد الناصح، الناشر: مؤسسة المعارف ـ قم، ط1، 1411هـ.

268. العاملي، محمد بن علي، مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام، تحقيق: مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث ـ مشهد، الناشر: مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث ـ قم، ط1،1410هـ.

269. العجلي، أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح، معرفة الثقات، الناشر: مكتبة الدار ـ المدينة المنورة، ط1، 1405هـ.

270. العصفري، خليفة بن خياط بن أبي هبيرة، تاريخ خليفة ابن خياط، تحقيق: د. سهيل زكار، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

271. العقيلي، أبو جعفر محمد بن عمرو المكي، كتاب الضعفاء الكبير، تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط2، 1418هـ.

272. العلاّمة الحلّي، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي، قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، ط1، 1413هـ.

273. العلاّمة الحلّي، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي، منتهى المطلب في تحقيق المذهب، تحقيق: قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلامية، الناشر: مجمع البحوث الإسلامية ـ إيران، ط1، 1412هـ.

274. العلوي، محمد بن عقيل بن عبد الله، النصائح الكافية لمن يتولى معاوية، الناشر: دار الثقافة ـ قم.

275. العماد، عصام علي يحيى، المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهابيين، الناشر: مؤسسة الفكر الإسلامي ـ هولندا، مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية، ط1، 1422هـ.

276. العيني، بدر الدين أبو محمد، محمد بن أحمد الحنفي، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

277. الغامدي، أحمد بن سعد حمدان، حوار هادئ مع الدكتور القزويني الشيعي الاثني عشري، الناشر: المؤلف ـ الدمام، طبعة عام 1426هـ، وطبعة عام 1427هـ.

278. الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد، إحياء علوم الدين، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

279. الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد، المستصفى من علم الأصول، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، تصحيح: محمد عبد السلام عبد الشافي، طبعة عام 1417هـ.

280. غفاري، علي أكبر، دراسات في علم الدراية ( تلخيص مقباس الهداية للعلامة المامقاني)، الناشر: جامعة الإمام الصادق× ـ طهران، ط1، 1369هـ ش.

281. الفاضل الهندي، بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني، كشف اللثام عن قواعد الأحكام، تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، طبعة عام 1416هـ.

282. فتح الدين الحنفي، علي محمد، فلك النجاة في الأمامة والصلاة، تحقيق: تحقيق وتقديم: الشيخ ملا أصغر علي محمد جعفر، الناشر: مؤسسة دار الإسلام، ط2، 1418هـ.

283. فخر المحققين، أبو طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر، إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد، تعليق: السيد حسين الموسوي الكرماني، الشيخ علي پناه الاشتهاردي، الشيخ عبد الرحيم البروجردي، المطبعة العلمية ـ قم، ط1، 1387هـ.

284. الفرّاء الحنبلي، أبو يعلى، محمد بن الحسن، الأحكام السلطانيّة، صححه وعلّق عليه: محمد حامد الفقي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1421هـ.

285. الفريابي, جعفر بن محمد، صفة المنافق، الناشر: دار الخلفاء للكتاب الإسلامي ـ الكويت.

286. الفكيكي، توفيق، المُتْعَة وأثرها في الإصلاح الاجتماعي، تقديم الأستاذ عبد الهادي مسعود الأبياري، مطبوعات النجاح بالقاهرة. ملتزم الطبع والنشر: السيد مرتضى الرضوي عضو رابطة الأدب الحديث بالقاهرة.

287. الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

288. القاري، ملاّ علي بن سلطان محمد، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، تحقيق: جمال عيتاني، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1422هـ.

289. القاسمي الشامي، محمد جمال الدين، محاسن التأويل (تفسير القاسمي)، خرّج آياته وأحاديثه وعلّق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، ط1، 1376هـ.

290. القاضي عياض، أبو الفضل عياض بن موسى، الشفا بتعريف حقوق المصطفى|، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1409هـ.

291. القاضي النعمان، أبو حنيفة بن محمد بن منصور المغربي، دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام عن أهل بيت رسول الله عليه وعليهم أفضل السلام، تحقيق: آصف بن علي أصغر فيضي، الناشر: دار المعارف ـ القاهرة، طبعة عام 1383هـ.

292. القاضي النعمان، أبو حنيفة بن محمد بن منصور المغربي، شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم، ط2، 1414هـ.

293. القرطبي الأنصاري، أبو عبد الله محمد بن أحمد، تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، تصحيح: أحمد عبد العليم البردوني، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

294. القزويني، محمد الحسيني، قصة الحوار الهادئ، الناشر: مؤسسة ولي العصر للدراسات الإسلامية ـ قم، ط1، 1427هـ.

295. القسطلاني، أحمد بن محمد، المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، شرحه وعلّق عليه: مأمون بن محيي الدين الجنان، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1416هـ.

296. القندوزي الحنفي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة لذوي القربى، تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني، الناشر: دار الاُسوة، ط1، 1416هـ.

297. القوشجي، علي بن محمد، شرح التجريد، الناشر: منشورات الرضي، بيدار عزيزي ـ إيران.

298. كاشف الغطاء، محمد الحسين، أصل الشيعة وأصولها مقارنة مع المذاهب الأربعة، تحقيق: علاء آل جعفر، الناشر: مؤسسة الإمام علي×، ط1، 1415هـ.

299. كحالة، عمر رضا، معجم المؤلّفين تراجم مصنفي الكتب العربية، الناشر: مكتبة المثنى ـ بيروت، ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

300. كحالة، عمر رضا، أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

301. كسروي، أحمد، حول الإسلام ( در بيرامون اسلام)، الناشر: مكتبة بايدار، 1334هـ..

302. الكلابي، أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن، مناقب علي بن أبي طالب×، تحقيق وتعليق: محمد باقر البهبودي، المطبوع في ذيل مناقب علي بن أبي طالب× لابن المغازلي، الناشر: المكتبة الإسلامية ـ طهران، ط1، 1394هـ.

303. الكليني البغدادي، أبو جعفر محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران. وطبعة دار التعارف ـ بيروت.

304. الكنتوري النيسابوري، السيد إعجاز حسين، كشف الحجب والأستار، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم، ط2، 1409هـ.

305. الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، البيان في أخبار صاحب الزمان، تحقيق: الشيخ مهدي محمد الفتلاوي، الناشر: دار المحجة البيضاء ـ دار الرسول الأكرم، ط1، 1421هـ.

306. الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب×، تحقيق وتصحيح وتعليق: محمد هادي الأميني، الناشر: دار إحياء تراث أهل البيت(علیهم السلام)، ط3، 1404هـ

307. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش، الناشر: مكتبة المعارف بالرياض.

308. اللكنوي، عبد العلي بن نظام الدين محمد السهالوي الأنصاري، فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت، ضبطه وصحّحه: عبد الله محمود محمد عمر، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1423هـ.

309. المارديني، علاء الدين بن علي بن عثمان، الجوهر النقي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

310. المازندراني، محمد صالح، شرح اُصول الكافي مع تعليقات: الميرزا أبي الحسن الشعراني، ضبط وتصحيح: السيد علي عاشور، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1، 1421هـ.

311. المالكي، حسن بن فرحان، الصحبة والصحابة بين الإطلاق اللغوي والتخصيص الشرعي، الناشر: مركز الدراسات التاريخية ـ عمّان، الأردن، ط2، 1425هـ.

312. الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد، الأحكام السلطانيّة والولايات الدينية، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، طبعة عام1405هـ

313. المباركفوري، أبو العلاء محمد عبد الرحمن، تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1401هـ.

314. مبيّض، محمد سعيد، موسوعة حياة الصحابة من كتب التراث، الناشر: مكتبة الغزالي ـ سوريا، ط1ـ 1421هـ.

315. المتقي الهندي، علاء الدين علي بن حسام الدين، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، تحقيق: بكري حياني، تصحيح وفهرسة: الشيخ صفوة السقا، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، طبعة عام 1409هـ.

316. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط3 ـ 1403هـ.

317. المحقق الحلّي، أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، مع تعليقات: السيد صادق الشيرازي، الناشر: انتشارات استقلال ـ طهران، ط2، 1409هـ.

318. المحقق الحلّي، أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن، المعتبر في شرح المختصر، تحقيق وتصحيح: عدة من الأفاضل، إشراف: ناصر مكارم شيرازي، الناشر: مؤسسة سيد الشهداء× ـ قم، طبعة عام 1364هـ ش.

319. المدني، السيد علي خان، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم، الناشر: مكتبة بصيرتي ـ قم، طبعة عام 1397هـ.

320. المرادي، الحسن بن قاسم، الجني الداني في حروف المعاني، تحقيق: د. فخر الدين قباوة والأستاذ محمد نديم فاضل، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1413هـ.

321. المزني، أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى، مختصر المزني في فروع الشافعية، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

322. المزي، أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: د. بشار عواد معروف، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط4ـ 1413هـ.

323. المسعودي، علي بن الحسين بن علي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط1، 1426هـ.

324. المفيد، العكبري البغدادي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، الناشر: دار المفيد ـ بيروت، ط2، 1414هـ.

325. المفيد، العكبري البغدادي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، الأمالي، الناشر: دار المفيد ـ بيروت، ط2، 1414هـ.

326. المفيد، العكبري البغدادي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، أوائل المقالات، تحقيق: الشيخ إبراهيم الأنصاري، الناشر: دار المفيد ـ بيروت، ط2، 1414هـ.

327. المفيد، العكبري البغدادي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، جوابات أهل الموصل، تحقيق: الشيخ مهدي نجف، الناشر: دار المفيد ـ بيروت، ط2، 1414هـ.

328. المفيد، العكبري البغدادي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، المسائل السرويّة، تحقيق: صائب عبد الحميد، الناشر: دار المفيد ـ بيروت، ط2ـ 1414هـ.

329. المفيد، العكبري البغدادي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، النكت في مقدمات الأصول، تحقيق: السيد محمد رضا الحسيني الجلالي، الناشر: دار المفيد ـ بيروت، ط2، 1414هـ.

330. مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل، تحقيق: أحمد فريد، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1424هـ.

331. مقاتل بن عطية، المناظرات، إعداد وتعليق: صالح الورداني، الناشر: الغدير ـ بيروت، ط1، 1419هـ.

332. المقدسي، عبد الله محمد بن مفلح، الآداب الشرعية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط / عمر القيام، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط2، 1417هـ.

333. المناوي، محمد عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، تصحيح: أحمد عبد السلام، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1، 1415هـ.

334. الموسوعة الفقهية الكويتية: صادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ـ الكويت، الناشر: دار ذات السلاسل ـ الكويت، ط2، 1408هـ.

335. الموسوي، حسين، للّه ثمّ للتاريخ، خال من البيانات.[ الكتاب لمؤلف موهوم].

336. الموصلي الحنفي، عبد الله بن محمود بن مودود، الاختيار لتعليل المختار، تحقيق: عبد اللطيف محمد عبد الرحمن، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط2، 1426هـ.

337. الميرزا النوري، حسين بن الميرزا محمد تقي، مستدرك الوسائل، الناشر: مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث ـ بيروت.

338. الميلاني، علي الحسيني، نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار، الناشر: المؤلف، ط1، 1414هـ.

339. النجاشي، أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد، رجال النجاشي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

340. النحاس، أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل، معاني القرآن، الناشر: جامعة أم القرى ـ السعودية.

341. الندوي، تقي الدين المظاهري، الإمام البخاري، الناشر: دار العلم ـ دمشق، ط3، 1408هـ.

342. النراقي، أحمد بن محمد مهدي النراقي، مستند الشيعة في أحكام الشريعة، الناشر: مؤسسة آل البيت(علیهم السلام) لإحياء التراث ـ قم.

343. النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي، خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×، تحقيق: محمد هادي الأميني، الناشر: مكتبة نينوى الحديثة ـ طهران.

344. النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي، السنن الكبرى، تحقيق: د. عبد الغفار سليمان البنداري , سيد كسروي حسن، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1411هـ.

345. النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي، سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي، الناشر: دار المعرفةـ بيروت.

346. النسفي, أبو البركات عبد الله ابن أحمد بن محمود، تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل)، الناشر: دار النفائس ـ بيروت.

347. نظام وجماعة من علماء الهند، الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1411هـ.

348. النووي، أبو زكريا محيي الدين، تهذيب الأسماء واللغات، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1996م.

349. النووي، أبو زكريا محيي الدين، شرح صحيح مسلم (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، طبعة عام 1407هـ.

350. النووي، أبو زكريا محيي الدين، المجموع (شرح المهذب)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

351. النيسابوري، أبو الحسين مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم (الجامع الصحيح)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. وترقيم الأحاديث نسخة دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1421هـ، اعتنى به: صدقي جميل العطار.

352. النيسابوري، نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي، تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان، تحقيق: الشيخ زكريا عميران، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ط1ـ 1416هـ

353. الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، طبعة عام 1408هـ.

354. الواحدي النيسابوري، أبو الحسن علي بن أحمد، أسباب نزول الآيات، الناشر: مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع ـ القاهرة، طبعة عام 1388هـ.

355. الواحدي النيسابوري، أبو الحسن علي بن أحمد، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (تفسير الواحدي)، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، الناشر: دار القلم, الدار الشامية، ط1، 1415هـ.

356. الواقدي، أبو عبد الله، محمد بن عمر بن واقد، كتاب المغازي، تحقيق: محمد عبد القادر أحمد عطا، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1424هـ.

357. الواقدي، أبو عبد الله، محمد بن عمر بن واقد، كتاب الردة، تحقيق: د. يحيى الجبوري، الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت، ط1، 1410هـ.

358. النمازي, الشيخ علي, مستدركات علم رجال الحديث, الناشر: مطبعة حيدري ـ طهران, ط1, 1415هـ.

359. اليافعي، عبد الله بن أسعد، مرآة الجنان وعبرة اليقظان، الناشر: دار الكتاب الإسلامي ـ القاهرة، طبعة عام 1413هـ.

360. اليزدي، محمد كاظم الطباطبائي، العروة الوثقى، مع تعاليق عدّة من الفقهاء المعاصرين، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

361. يعقوب، أحمد حسين، نظرية عدالة الصحابة، الناشر: مؤسسة الفجر ـ لندن.

362. اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب، تاريخ اليعقوبي، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

المواقع الإلكترونية

http://islamweb.net/pls/iweb/Fatwa.SearchFatByNo?FatwaId=23672thelang=A


محتويات الكتاب

شكر وتقدير

مقدمة المؤلف

تمهيد

آداب المناظرة

أهم الأسس الأخلاقية

أهم الأسس المنهجية في المناظرة

تجاربي في الحوار والمناظرة

أولا: في إيران

لقاء مع أحد علماء أهل السنة في خراسان

مع طلبة من المذهب الشافعي

ثانيا: في المدينة المنورة

(لقاء مع الشيخ عبد العزيز، وكيل الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي)

الاتهام بالشرك في المسجد النبوي

لقاء مع أحد خريجي الجامعة الإسلامية

روايات الشيعة في كتب أهل السنة

تهمة سب الصحابة

اعتراضي على ما ينشر ويوزع من كتب ضد الشيعة

ثالثا: في مكة المكرمة

هل تعتقد الشيعة بأن جبرائيل خان الوحي؟

اللقاء بالشيخ محمد بن جميل بن زينو

توسل الصحابة بقبر النبي محمد’

اشتراك بعض الصحابة في محاولة اغتيال رسول الله’

نقد كتاب (لله ثم للتاريخ)

ابن تيمية يفتري على الشيعة

هل أن إضافة (حي على خير العمل) في الأذان بدعة؟

مرافقة بعض الطلبة الجامعيين إلى محل سكناهم

حوارات ومكاتبات  مع الدكتور الغامدي

تمهيد

حوار مع الدكتور أحمد الغامدي

تهجم الدكتور على الشيعة

اعتراضي على الدكتور أحمد الغامدي

عجز الدكتور عن الإجابة عن آية التبليغ

التقية شعار الشيعة

الشبهة في ولادة المهدي ×

لماذا بايع الإمام علي× بعد ستة أشهر؟

تهمة تكفير المسلمين

مؤامرة اغتيال النبي’

إصرار الدكتور على التواصل

نص الرسالة المرسلة إلى الغامدي

رسالة الدكتور أحمد بن سعد حمدان الغامدي

حديث البخاري في دخول عدة من الأصحاب النار

أ ـ من القرآن الكريم

ب ـ ومن السنّة

هنا عدة وقفات

حديث فاطـمة: إنما فاطـمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها

وهنا عدة وقفات، منها:

حديث ابن عباس (رضي الله عنهما)

نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم

نصوص من كتب الخميني()

نص الرسالة التي أرسلتها إلى الدكتور أحمد بن سعد حمدان

أولاً: الإنصاف في الكلام المتعلق بالخلاف

ثانياً: غرابة الموضوع بحاجة إلى دليل ساطـع

ثالثاً: الصحبة ونفي البعد الإعجازي

القرآن يمدح صنفا من الأصحاب ويذم بعضا آخر منهم

الآيات الواردة في المنافقين

عدة وقفات وأسئلة

الآيات النازلة في مرضى القلوب

الآيات النازلة في المشككين وذوي الفتنة

الذين يؤذون النبي’

الذين يظنون بالله الظنون الكاذبة

رابعاً: مقام الصحابة ليس بأفضل من أزواج النبي’

خامساً: أقوال علماء أهل السنة في عدالة الصحابة

في الصحابة: العدول وغير العدول

المشاجرات التي بلغت حد الظلم والفسق

الصحابة يلعن بعضهم بعضا

القول بأفضلية بعض التابعين على الصحابة

الصحابة أبصر بحالهم من غيرهم

عدالة جميع الصحابة أبعد من قول الشيعة بعصمة أئمتهم

الاتهام بالزندقة لمن ينتقص أحدا من الصحابة

سادسا: آراء الشيعة الإمامية في الصحابة

أمير المؤمنين وأصحاب رسول الله’:

علي بن الحسين ‘ والأصحاب

قول الشيخ حسين العاملي المتوفى سنة 984 هـ

قول السيد علي خان الشيرازي المتوفى 1130 هـ:

قول السيد محسن الأمين المتوفى 1371هـ

قول محمد حسين آل كاشف الغطاء المتوفى 1373هـ

قول السيد شرف الدين العاملي المتوفى 1377 هـ

قول الشهيد محمد باقر الصدر (1402هـ)

قول الشيخ السبحاني (معاصر)

نظرة مجردة إلى روايات الحوض

أحاديث الحوض على ما نقله الشيخان

1ـ ما يدل على إحداث الصحابة بعد الرسول’

2ـ ما يدل على ارتدادهم بعد مفارقة النبي’

3 ـ ما يدل على إبعادهم عن الحوض

4 ـ ما يدل على دخولهم النار

5 ـ ما يدل على أنه لا يخلص منهم إلا القليل

6 ـ ما يدل على دعاء الرسول’ عليهم

ما هو المراد من الأصحاب في حديث الحوض؟

ما يدل على أن الصحابة هم الذين صحبوا النبي’ ورأوه

تذييل:

أولاً: هل المراد من المرتدين هم أصحاب الردة؟

ثانياً: لماذا لم يغير رسول الله الجدر وباب الكعبة؟

كلام في الآيات التي تثني على طـوائف من الصحابة

الآية الأولى

اختلاف المفسرين في معنى السابقين الأولين والتابعين لهم

الآية الثانية

الآية الثالثة

الآية الرابعة

الآية الخامسة

الشيعة والسنّة صنوان من أصل واحد

الاستدلال بالسنة

نظرات في اتجاهات أهل السنة والشيعة ومناهجهم

حديث الوصاية يثبت منهج الإمامية

حديث الوصاية في كلمات الأصحاب والتابعين

وقفات وأسئلة

1 ـ كيف يوثق من سب عليا×؟!

2 ـ كيف حُكِم بقتل من سب أبا بكر ووثق من سب عليا×؟!

3 ـ هل خرج علي بن أبي طـالب× عن الصحابة؟

4 ـ كيف صار قاتل عثمان ملعونا وقاتل علي× متأولاً؟

علي بن أبي طالب أعلم الصحابة

رجوع الأصحاب إلى علي× وعدم رجوعه إليهم

لم تكن خلافة أبي بكر شورى بين المسلمين وإجماعا عندهم

لماذا لم تفوض خلافة عمر بن الخطاب إلى الأمة؟

أم المؤمنين ترفض الشورى في الإمامة

السنة تنفي الشورى في الإمامة

ما يدل على وصاية علي بن أبي طالب×

حديث الدار يثبت خلافة علي×

تصحيح سند حديث الدار

حديث الولاية وخلافة علي×

حديث الثقلين والإنقاذ من الضلالة

حديث «علي مع الحق والحق مع علي»

مقارنة منهج أهل السنة في قبول الروايات مع منهج الشيعة

لقاء آخر مع الدكتور أحمد بن سعد حمدان الغامدي

حوار حول التوسل()

أقوال فقهاء أهل السنة في التوسل

أدلة القائلين بالتوسل

       حوار جديد مع الغامدي

دعوى اعتقاد الشيعة نجاسة أهل السنة

دعوى أن كتاب الكافي مليء بالموضوعات

دعوى أن الإمام الصادق× قد لعن زرارة

كون علي أول من أسلم لا دليل عليه

خلافة أبي بكر وبيعة الصحابة له

كثير من الصحابة تخلفوا عن بيعة أبي بكر

انتقاد كتاب الدكتور الغامدي (حوار هادئ)

الاعتماد على كتاب لمؤلف موهوم

تساؤل عن وجود مساجد للسنة في طهران

الدكتور يقدم اعتذاره في الطبعة الثانية من كتابه

بغض أهل البيت يعتبر نفاقا

أهل البيت يتولون حساب الناس يوم القيامة

علي× قسيم الجنة والنار

عودة إلى الحوار مع الغامدي

ابن تيمية يعتقد أن غير الأنبياء يحيون الموتى أيضا

رجل من النخع أحيى حماره

وصلة بن أشيم أحيى فرسه

عودة إلى الحوار مع الغامدي

قول ابن تيمية بأن الصحابة يعلمون الغيب

الكهان يعلمون الغيب بإخبار الشياطين

المدعون للنبوة يطلعون على المغيبات

اطلاع ابن تيمية على المغيبات

إخبار ابن تيمية عن هزيمة جيش التتار

اطـلاع ابن تيمية على اللوح المحفوظ

ابن تيمية يعرف بواطـن أصحابه

إخبار ابن تيمية بأمور باطـنة عن ابن القيم

انتهاء الحوار مع الدكتور الغامدي

     تحليل ونقد شبهات كتاب الحوار الهادئ

تمهيد

  ملاحظات منهجية على كتاب حوار هادئ ومسائل أخرى

تمهيد

المنهج الخاطئ في الحوار والاحتجاج

قلتم: إن جميع شبهات الشيعة قد أجيب عليها!

الجواب

قلتم: الشيعة تعتمد على مصادر من الدرجة الثالثة

الجواب

قلتم: الشيعة أعرضت عن الأحاديث الصحيحة المادحة للصحابة

الجواب

قلتم: إبطال الآيات المادحة للصحابة كان وفق اعتقاداتكم

الجواب

قلتم: أوهمتم القارئ بأن أكثر الصحابة أو كلهم منافقون

الجواب

قلتم: تركتم الصحيح المادح للصحابة وتمسّكتم بالضعيف الموضوع

الجواب

المنهج الخاطئ في فهم العقائد الشيعية

قلتم ـ وأنتم تنقلون نماذج من العقائد الشيعية ـ: هذا ما يفهم منها

الجواب

أولاً: ترك المصادر الشيعية

ثانياً: الاستنتاجات الشاذة عن المذهب الشيعي في الفكر الوهابي

قلتم: نحن إنما نستدل من مؤلفات الشيعة

الجواب

قلتم: الشيعة فسرت القرآن بأنه خطاب للأئمة وشيعتهم

الجواب

قلتم: أنتم لا تفرقون بين الصحابي والمنافق

الجواب

قلتم: منهج تعامل الشيعة مع الإسلام يستلزم إلغاء الاسلام

الجواب

أولاً: ما يخص مسألة عدالة الصحابة

ثانياً: ما يخص مسألة تحريف القرآن

قلتم: لا يوجد في كتب الشيعة آثار يعتمد عليها

الجواب

قلتم: كتاب لله ثم للتاريخ كتابٌ شيعيٌ

الجواب

قلتم: أهل السنة داخل إيران يتعرضون للمضايقات

الجواب

قلتم: الشيعة فرقة خارجة عند الدين يصعب الحوار معها

الجواب

قلتم: مذهب الشيعة باب يأوي إليه كلّ زنديق!

الجواب

قلتم: عند الشيعة فتاوى شاذة وغريبة

الجواب

أولاً: الفتاوى الغريبة والشاذة عند أئمة المذاهب السنية

ثانياً: فتاوى شاذة وعجيبة لجملة من الفقهاء

ثالثاً: فتاوى جنسية شاذة

رابعاً: تحليل الأمة والاستمتاع بالصغيرة

1ـ تحليل الأمة لغير المالك في كتب السنة

2ـ الاستمتاع بالصغيرة في كتب السنة

قلتم: الشيعة والسنة اتجاهان لا يلتقيان

الجواب

تكفير السنة بعضهم بعضا

1ـ تكفير غير الأشاعرة من المسلمين

2ـ تكفير غير الحنابلة من المسلمين

3ـ تكفير الشافعية للحنابلة

4 ـ تكفير أبي حنيفة وأتباعه

الصراع والقتال بين المذاهب السنية

1ـ القتال بين الأحناف والشوافع والحنابلة

2ـ ضرب الشافعي المذهب حتى الموت

3 ـ أخذ الجزية من الشافعية

4 ـ أخذ الجزية من الحنابلة

قلتم: كتب الشيعة مملوءة بما يستلزم خروجهم عن الإسلام

الجواب

أولاً: هذا فهم خاطـئ للعقيدة الشيعية

ثانياً: الشيعة لا يكفرون مسلما

ثالثا: روايات التفسير والتأويل للقرآن الكريم

رابعاً: تكفير منكر الخلافة

قلتم: الاختلاف في روايات الشيعة يدل على بطلان مذهبهم

الجواب

قلتم: القول بكفر الصحابة أغرب من القول بعدالتهم

الجواب

قلتم: عدم القول بعدالة الصحابة يعني فشل النبي في التربية

الجواب

قلتم: إنّ القائل بردّة أو خيانة الصحابة قلبه مريض

الجواب

قلتم: هل يقرّ الشيعة بعدالة من طالت صحبته؟

الجواب

قلتم: ما حكم من جحد الامامة عند الشيعة؟

الجواب

قلتم: القرآن مدح جميع الصحابة

الجواب

قلتم: الخلاف مع الشيعة في عظماء الصحابة

الجواب

مقارنة بين  كتابي الكافي وصحيح البخاري

تمهيد

مقارنة موجزة بين الشخصية العلمية للكليني والبخاري

1ـ الشخصية العلمية للكليني

2ـ الشخصية العلمية للبخاري

أ ـ الطعن في عقيدته

ب ـ وهنه في الحديث والرجال

أولاً: تدليس البخاري

ثانيا: ضعفه في الرجال

ثالثا: نقله الحديث بالمعنى

رابعا: ضعفه في الفقه وفتاواه العجيبة

1ـ إثباته الحرمة بالرضاع من لبن البهائم

2ـ عدم إيجابه الغسل بالجماع

المقارنة بين كتابي الكافي وصحيح البخاري

1ـ وقفة مع كتاب الكافي

أ ـ اهتمام الكتاب بمسائل العقيدة

ب ـ متانة أسانيد الكافي

ج ـ الاهتمام الكبير بالقرآن في أحاديث الكافي

د ـ تعقيب الأحاديث بالآراء والاجتهادات

هـ ـ أبواب الفروع وقوة الفقاهة

2ـ وقفة مع كتاب البخاري

مؤاخذات على كتاب البخاري

أولاً: الجامع الصحيح لم يكتمل في حياة البخاري

ثانياً: العقائد الفاسدة في صحيح البخاري

1ـ عقيدة التجسيم

2ـ الحط من مقام النبوة

3ـ الإسرائيليات في كتاب البخاري

4 ـ مكررات البخاري

5ـ تجنبه الرواية عن أهل البيت(علیهم السلام)

6ـ الروايات المنكرة والمخالفة للإجماع

7ـ روايته عن الجهمية والخوارج مع حكمه بكفرهم

حوار حول  عقيدة التقية والبداء

تمهيد

قلتم: عقيدتا التقية والبداء نتاج تناقض المذهب الشيعي

الجواب

1ـ عقيدة التقية

التقية في الآيات القرآنية

التقية في الأحاديث النبوية

أقوال الصحابة والتابعين في التقية

التقية في أقوال العلماء

التقية في سيرة علماء المسلمين

تقيّة المسلمين في فتنة الأسود العنسي

تقية كثير من العلماء في بعض الأحكام الشرعية

تقية علماء السنة من الشيعة

2ـ عقيدة البداء

مفهوم البداء عند الشيعة

البداء في روايات أهل البيت(علیهم السلام)

البداء في أقوال علماء الشيعة

البداء في الكتب السنية

آثار البداء على العقيدة

حوار حول  الآيات الذامة لبعض الصحابة

تمهيد

قلتم: لا يوجد في القرآن ذم للصحابة ولا لنساء النبي’

الجواب

أولاً: الآيات الذامة لبعض الصحابة

ثانياً: الآيات الذامة لبعض نساء النبي’

ثالثاً: العتاب المتضمن للذم والتوبيخ

قلتم: قد عاتب الله نبينا محمداً ولم يكن ذلك ذماً

الجواب

أولاً: التباين بين عتاب النبي’ وعتاب غيره

ثانيا: لا يوجد عتاب للنبي’ في القرآن الكريم

1ـ آيات العتاب على الأعمى

2ـ آيات العتاب على الأسرى

3ـ آيات العتاب في طـلاق زيد لزوجته

4ـ آيات العتاب في تحريم الأزواج

حوار  حول النفاق والمنافقين

تمهيد

قلتم: لا يوجد منافق من المهاجرين

الجواب

أولاً: الآيات القرآنية

ثانيا: الطبيعة البشرية

أسباب ودواعي النفاق في مكة

قلتم: النبي وأصحابه كانوا يعرفون المنافقين

الجواب

قلتم: المنافقون ليسوا من الصحابة

الجواب

قلتم: المنافقون كانوا مجموعة قليلة

الجواب

النفاق والتظاهر بحب النبي’

قلتم: لا يوجد منافق متظاهر بحبّ النبي ’

الجواب

الصحابة وخشيتهم من النفاق

قلتم: كلامك يوحي بأنّ كلّ الصحابة منافقون

الجواب

قلتم: كلام الخليفة عمر لا يدل على وجود منافقين

الجواب

قلتم: لماذا ينافق الخليفة عمر؟

الجواب

قلتم: المنافقون إمّا تركوا نفاقهم أو ماتوا أو دخلوا الإسلام

الجواب

قلتم: سورة براءة لا تدل على أن جميع الصحابة منافقون

الجواب

قلتم: حديث عمر في الصلاة على المنافقين ضعيف

الجواب

قلتم: لو كان عمر منافقاً فكيف يسأل حذيفة أمام الناس؟

الجواب

قلتم: المنافقون كانوا مميزين عن الصحابة

الجواب

قلتم: ليس المنافقون من الصحابة، ورواية الخليفة عمر لا تدل على ذلك

الجواب

قلتم: النبي لم يعاتب الخليفة عمر لعلمه بحسن قصده

الجواب

مصادر الكتاب

محتويات الكتاب

 



([1]) الزمر: 17ـ 18.

([2]) النحل: 125.

([3]) المجلسي، بحار الأنوار: ج82 ص319، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت. ابن الأبّار، درر السمط في خبر السبط: ص75، الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت. الملا هادي السبزواري، شرح الأسماء الحسنى: ج1 ص69، الناشر: مكتبة بصيرتي ـ قم.

([4]) ابن حزم، الفصل في الأهواء والملل والنحل: ج4 ص78، الناشر: مكتبة الخانجي ـ القاهرة.

([5]) هي إحدى المدارس العلمية في قم المقدسة، أسسها أحد المراجع الكبار وقد سميت باسمه، ولازالت تدرِّس العلوم الدينية حتى مرحلة الماجستير والدكتوراه، وقد تخرج منها الكثير من الطلبة.

([6]) يوسف: 97.

([7]) آل عمران: 169.

([8]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج2 ص527، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([9]) غافر: 45ـ 46.

([10]) النور: 26.

([11]) التحريم: 10.

([12]) ابن الجوزي، زاد المسير: ج8 ص56، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([13]) الطبري، جامع البيان: ج28 ص218، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([14]) المصدر نفسه: ج28 ص217.

([15]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج18 ص201، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([16]) ابن قيم الجوزية، الأمثال في القرآن: ص57، الناشر: مكتبة الصحابة ـ طنطا.

([17]) الشوكاني، فتح القدير: ج5 ص256، الناشر: عالم الكتب.

([18]) البحراني، لؤلؤة البحرين: ص376، الناشر: مكتبة فخراوي ـ المنامة، البحرين.

([19]) الكليني، الكافي: ج1 ص53، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران. المفيد، الإرشاد: ج2 ص186ـ 187، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([20]) الصفار، بصائر الدرجات: ص319ـ 320، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ طهران.

([21]) المفيد، الأمالي: ص42، الناشر: دار المفيد ـ بيروت. المجلسي، بحار الأنوار: ج2 ص148، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت.

([22]) المجلسي، بحار الأنوار: ج2 ص172ـ178.

([23]) البروجردي، جامع أحاديث الشيعة: ج1ص126، الناشر: المطبعة العلمية ـ قم.

([24]) انظر: الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1 ص5، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج1 ص59، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. ابن حجر، لسان الميزان: ج1 ص9، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([25]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص208 ح6586، كتاب الرقاق، باب الحوض، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([26]) المصدر نفسه: ج7 ص208ـ 209 ح6587.

([27]) المصدر نفسه: ج7 ص208 ح6583. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص66 ح5862، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([28]) ابن حزم، المحلى: ج11 ص224، الناشر: دار الفكر.

([29]) العجلي، معرفة الثقات: ج2 ص342، رقم 1773، الناشر: مكتبة الدار ـ المدينة المنورة. ابن حجر، تهذيب التهذيب: ج11 ص122، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([30]) نقل قوله ابن حجر في تهذيب التهذيب: ج11ص 122، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([31]) ابن حبان، كتاب الثقات: ج5 ص492، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية.

([32]) ابن أبي حاتم الرازي، الجرح والتعديل: ج9 ص8، رقم 34، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([33]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج4 ص337، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([34]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج5 ص25، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([35]) تقي الدين الحصني الدمشقي، دفع الشبه عن الرسول: ص168، الناشر: دار إحياء الكتاب العربي ـ القاهرة.

([36]) المصدر السابق: ص8.

([37]) الشوكاني، البدر الطالع: ج1 ص166، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([38]) عمر رضا كحالة، معجم المؤلفين: ج3 ص74، الناشر: مكتبة المثنى ـ بيروت، ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([39]) خير الدين الزركلي، الأعلام: ج2 ص69، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([40]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص209 ح3710، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([41]) ابن أبي شيبة، المصنف: ج7 ص482ـ 483، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. البيهقي، دلائل النبوة: ج7 ص47، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([42]) ابن حجر، فتح الباري: ج2 ص412، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([43]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج7 ص105، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([44]) ابن حزم، المحلى: ج11 ص224، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([45]) العجلي، معرفة الثقات: ج2 ص342، الناشر: مكتبة الدار ـ المدينة المنورة.

([46]) ابن حجر، تهذيب التهذيب: ج11 ص122، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([47]) المصدر نفسه.

([48]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج4 ص337، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([49]) ابن حبان، الثقات: ج5 ص492، الناشر: الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية ـ الهند.

([50]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج5 ص25، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([51]) آقا بزرك الطهراني، الذريعة: ج2 ص4، الناشر: دار الأضواء ـ بيروت.

([52]) السيد إعجاز حسين، كشف الحجب والأستار: ص41، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم.

([53]) إسماعيل باشا البغدادي، هدية العارفين: ج1 ص772، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([54]) الزركلي، الأعلام: ج2 ص340، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([55]) ابن تيمية، منهاج السنة: ج1 ص23 ـ 27، الناشر: مؤسسة قرطبة.

([56]) المصدر نفسه: ج1 ص28.

([57]) وسواء كان السند صحيحاً أم لا، فإن قول الشعبي في ذمّ الشيعة لا يعتدّ به، كونه معروف المواقف تجاههم، بل تجاه علي بن أبي طالب×، فالرجل أموي الهوى، من مبغضي الشيعة ومن مبغضي علي×، بالإضافة إلى ذلك؛ فإن الأثر المنقول عنه غير ثابت بملاحظة الأمور التالية:

1ـ إن الأثر منقول في الطبقات لابن سعد وفي تاريخ ابن عساكر، وفي طريقهما للأثر أبو معاوية الضرير، وهو زاد بن لؤلؤ، كما صرح بذلك ابن عساكر، وهو مجهول العين. ابن سعد، الطبقات: ج6 ص248، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج25 ص373، الناشر: دار الفكر ـ بيروت

2ـ هناك اضطراب واضح في السند في طرقه الأخرى، فتارة يُروى عن عبد الرحمن بن مالك عن أبيه، وتارة بإسقاط عبد الرحمن، ومن المعروف أن عبد الرحمن بن مالك كذاب، كما ذكرنا في المتن.

3ـ متن الأثر مضطرب، ففي بعض المتون جاء مختصراً، وفي بعضها جاء مع تفصيلات أخرى، والأقرب أن القصة مفتعلة، خصوصاً إذا لحظنا أن في بعض منها قد جاء لفظة الرافضة، مع أن الشعبي توفى قبل ظهور هذا الاصطلاح، كما صرح بذلك ابن تيمية في منهاج السنة: ج10 ص34.

([58]) الرازي، الجرح والتعديل: ج5 ص286، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. العقيلي، الضعفاء: ج2 ص345، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([59]) الرازي، الجرح والتعديل: ج4 ص310، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([60]) المصدر السابق: ج5 ص286.

([61]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج9 ص341، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([62]) المصدر نفسه: ج10 ص236.

([63]) انظر: القوشجي، شرح التجريد: أواخر مبحث الإمامة: ص374. الناشر: منشورات الرضا، بيدار عزيزي، طبعة حجرية. ونقل الرواية أيضاً التفتازاني، شرح المقاصد في علم الكلام: ج2 ص294، الناشر: دار المعارف النعمانية.

([64]) الشوكاني، نيل الأوطار: ج2 ص19، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

([65]) ابن حزم، المحلى: ج3 ص160، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([66]) البيهقي، السنن الكبرى: ج1 ص424، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن أبي شيبة، المصنف: ج1 ص244، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([67]) ابن أبي شيبة، المصنف: ج1 ص244، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([68]) ابن حزم، الإحكام: ص561، الناشر: زكريا علي يوسف.

([69]) البيهقي، السنن الكبرى: ج1 ص424 و425، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. المتقي الهندي، كنز العمال: ج8 ص342، ح23174 وص345، ح23188، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([70]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1 ص139، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([71]) نيل الأوطار: ج2 ص19، عن الأحكام لمحب الدين الطبري، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

([72]) الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج5 ص518، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

([73]) المصدر نفسه: ج5 ص414ـ 415.

([74]) المصدر نفسه: ج5 ص415.

([75]) الشعراء: 198ـ 199.

([76]) يقول ابن كثير: «رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلّدين ضخمين» البداية والنهاية: ج11 ص167، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

وقال أيضاً: «وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ، فجمع في مجلّدين أورد فيهما طرقه وألفاظه». البداية والنهاية: ج5 ص227.

وحكى الذهبي في ترجمته للطبري عن الفرغاني أنّه قال: «... ولما بلغه أنّ ابن أبي داود تكلّم في حديث غدير خم، عمل كتاب الفضائل، وتكلّم على تصحيح الحديث».

ثم قال الذهبي: «قلت: رأيت مجلّداً من طرق هذا الحديث لابن جرير فاندهشت له ولكثرة تلك الطرق» تذكرة الحفاظ: ج2 ص713، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

وقال ابن البطريق: «وقد ذكر محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ خبر يوم الغدير وطرقه من خمسة وسبعين طريقاً، وأفرد له كتابا سماه: كتاب الولاية» العمدة: ص111ـ 112، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

وقال ابن حجر في ترجمة أمير المؤمنين×، عند كلامه عن حديث الغدير: «وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلّف فيه أضعاف من ذكر [أي ابن عقدة] وصحّحه». تهذيب التهذيب: ج7 ص297، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([77]) السيوطي، الدر المنثور: ج2 ص298، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([78]) الشوكاني، فتح القدير: ج2 ص60، الناشر: عالم الكتب.

([79]) الحسكاني، شواهد التنزيل: ج1 ص249، الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ إيران.

([80]) الرازي، التفسير الكبير: ج12 ص42، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([81]) الواحدي النيسابوري، أسباب النزول: ص135، الناشر: مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع ـ القاهرة.

([82]) العيني، عمدة القاري: ج18 ص206، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([83]) ابن الصباغ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ج1 ص245، الناشر: دار الحديث.

([84]) سورة ص: 39.

([85]) الكليني، الكافي: ج1 ص265ـ 266، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([86]) ابن داود، رجال ابن داود: ص281 رقم 523، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

([87]) الكليني، الكافي: ج8 ص292ـ 293، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([88]) الأردبيلي، جامع الرواة: ج2 ص92، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ـ قم.

([89]) الخوئي، معجم رجال الحديث: ج6 ص15.

([90]) لقد استشعرت من كلامه هذا الإنصاف والموضوعية، مما دفعني لمواصلة الحوار معه.

([91]) قال السرخسي في المبسوط عن النزال بن سبرة، قال: «جعل حذيفة يحلف لعثمان على أشياء باللّه ما قالها، وقد سمعناه يقولها، فقلنا له: يا أبا عبد اللّه، سمعناك تحلف لعثمان على أشياء ما قلتها وقد سمعناك قلتها، فقال: إني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كلّه».

وعقّب السرخسي قائلاً: «وإن حذيفة من كبار الصحابة وكان بينه وبين عثمان بعض المداراة، فكان يستعمل معاريض الكلام فيما يخبره به» المبسوط: ج30 ص214، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن النزال بن سبرة، قال: «دخل ابن مسعود وحذيفة على عثمان، فقال عثمان لحذيفة: بلغني أنك تقول كذا وكذا؟ قال: لا واللّه ما قلته، فلما خرج قال له عبد اللّه: ما لك فَلِمَ تقوله ما سمعتك تقول؟ قال: إني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كلّه» المصنف: ج7 ص643، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([92]) أبو نصر البخاري، سر السلسلة العلوية: ص 41، الناشر: انتشارات الشريف الرضي.

([93]) يقول الفخر الرازي: «أما الحسن العسكري الإمام×، فله ابنان وبنتان، أمّا الابنان فأحدهما صاحب الزمان والثاني موسى، درج في حياة أبيه...» الشجرة المباركة في أنساب الطالبية: ص78ـ 79، الناشر: مكتبة آية العظمى المرعشي النجفي ـ قم.

وأورد السويدي في سبائك الذهب: «محمد المهدي وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة، حسن الوجه والشعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة...» سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: ص346، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

وقال النسابة المعاصر محمد ويس الحيدري السوري: «فالحسن العسكري أعقب محمد المهدي صاحب السرداب». محمد ويس، الدرر البهية في الأنساب الحيدرية والأويسية: ص73، الناشر: أحمد عزّ الدين ويس ـ حلب.

وهكذا قال النسّابة المشهور ابن عنبة، أحمد بن علي الحسيني في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: ص199، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

وشهد جمع كثير من علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهدي×، كما صرّح ابن الأثير الجزري بقوله: «وفيها [ سنة ستين ومائتين] توفّي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو أبو محمّد العلوي العسكري، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر على مذهب الإماميّة، وهو والد محمّد الذي يعتقدونه المنتظر». الكامل في التاريخ: ج7 ص274، آخر حوادث سنة 260هـ، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

وقال ابن خلّكان: «أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمّة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية المعروف بالحجّة... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين». وفيات الأعيان: ج4 ص176، الناشر: دار الثقافة.

وقال الذهبي: «وفيها [أي: وفي سنة 265هـ] توفي محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني، أبو القاسم، الذي تلقبه الرافضة الخلف الحجة، وتلقبه بالمهدي، وبالمنتظر، وتلقبه بصاحب الزمان، وهو خاتمة الاثني عشر». العبر في خبر من غبر: ج2 ص37. واعترف بولادة الإمام الثاني عشر أيضاً عند ذكر وفاة أبيه الحسن العسكري في سنة (260) حيث قال: «وهو والد المنتظر محمّد...». العبر في خبر من غبر: ج2 ص26 الناشر: مطبعة حكومة الكويت ـ الكويت.

وقال في تاريخ الإسلام: «وأمّا ابنه محمّد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجّة فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة ست وخمسين». الذهبي، تاريخ الإسلام: ج19 ص113، حوادث ووفيات 251ـ 260هـ، الناشر: دار الكتاب العربي.

وقال في سير أعلام النبلاء: «المنتظر الشريف أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري...» سير أعلام النبلاء: ج13 ص119، الترجمة رقم (60)، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

وقال خير الدين الزركلي: «محمد بن الحسن العسكري الخالص بن عليّ الهادي أبو القاسم، آخر الأئمّة الاثني عشر عند الإمامية... ولد في سامراء ومات أبوه وله من العمر خمس سنين... وقيل في تاريخ مولده: ليلة نصف شعبان سنة 255، وفي تاريخ غيبته، سنة 265 هـ». الأعلام: ج6 ص80، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

وبهذا يتبين أن مقولة كون الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري غير مولود لا أساس لها من الصحة.

([94]) الطبري، تاريخ الطبري: ج2 ص63، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([95]) السيد الخميني، كتاب الطهارة: ج3 ص323، الناشر: مطبعة الآداب ـ النجف الأشرف.

([96]) ابن حزم، المحلى: ج11 ص224، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([97]) مرّ توثيقه في ص37ـ38، وكذلك في ص46.

([98]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج18 ص184ـ 186، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([99]) انظر: الذهبي، العبر في خبر من غبر: ج3 ص241، الناشر: مطبعة حكومة الكويت ـ الكويت.

([100]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج18 ص193.

([101]) انظر: السيوطي، طبقات الحفاظ: ص435، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([102]) الزركلي، الأعلام: ج4 ص254، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([103]) النجم: 3ـ 4.

([104]) النور: 26.

([105]) التحريم: 10.

([106]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1 ص5، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج1 ص59، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([107]) التوبة: 100.

([108]) الفتح: 29.

([109]) الأنفال: 72 ـ 75.

([110]) الحديد: 10.

([111]) الحشر: 8 ـ 10.

([112]) النور: 55.

([113]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص195 ح3673، باب مناقب المهاجرين وفضلهم، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص188 ح6383، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([114]) كذا في الرسالة التي بعثها إليّ عبر ( الفاكس)، ثم أبدل العبارة في كتابه المطبوع بما نصه: >وعن عبد الله بن مسعود عن النبي|< والصحيح ما أثبته في كتابه. انظر: حوار هادئ: ص15.

([115]) البخاري، صحيح البخاري: ج3 ص151 ح6429، كتاب الرقاق، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. مسلم النيسابوري: ج7 ص184 ح6364، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([116]) البخاري، صحيح البخاري: ج5 ص137 ح4431، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([117]) المصدر نفسه: ج4 ص149 ح3469.

([118]) المصدر نفسه: ج4 ص96 ح3294. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص115ح6096، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([119]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص195 ح3671.

([120]) المصدر نفسه: ج4 ص199 ح3685. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص111ـ 112 ح2389.

([121]) ما نسبه الغامدي من نصوص للسيد الخميني قد نقله من كتاب (كشف الأسرار للسيد الخميني) لكن ليس من أصله الفارسي بل من النسخة المترجمة، وهي نسخة فيها الكثير من التحريف، أو من كتب ليست هي من تأليف السيد الخميني من قبيل كتاب (نهج الخميني في ميزان الفكر الإسلامي) وهو من تأليف مجموعة من مؤلفي أهل السنة وفيه الكثير من أخطاء الترجمة.

([122]) لقد حصل تلاعب وتحريف في كلام السيد الخميني أثناء ترجمة كلامه من الفارسية إلى العربية في بعض النسخ، ونحن ننقل لكم النص الفارسي الأصلي في كتابه (كشف الأسرار) وترجمته ليتبين الحق، فنصّ العبارة في لغة الكتاب الأصلية وهي الفارسية، هو: >و پر روشن وواضح است که اگر أمر إمامت بآنطور که خدا دستور داده بود وبيغمبر تبليغ کرده ودو کوشش در بارۀ آن کرده بود جريان پيدا کرده بود اينهمه اختلافات در مملکت إسلامي وجنگها وخونريزي ها اتفاق نمي افتاد واين همه اختلافات در دين خدا از اصول گرفته تا فروع پيدا نمى شد<. روح الله الخميني، كشف اسرار: ص135، النسخة الفارسية. وترجمته: «والواضح أنّ أمر الإمامة لو تمّ كما أراد الله وكما بلّغه النبي’ وسعى إليه, لم تكن لتقع جميع هذه الاختلافات في بلاد الإسلام، ولم تكن لتقع كلّ هذه الحروب وسفك الدماء، ولم تكن لتحصل كلّ هذه الخلافات في أصول الدين وفروعه» روح الله الخميني، كشف الأسرار: ص138، النسخة المترجمة الصحيحة. وقد أجبنا عن ذلك في الجزء الثاني: ص500ـ502, فراجع.

([123]) هنا ترى عزيزي القارئ كيف اعتمد الدكتور على كتاب وضع خصيصاً للنيل من السيد الخميني بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، لينسب له أقوالاً خطيرة، ليس لها من الصحّة نصيب, وهذا في الحقيقة ليس من ديدن المحققين المنصفين.

([124]) أبدلها في كتابه المطبوع بـ (يا أستاذ)! ولعله رأى أني لم أعد أخاً له في الدين! انظر: حوار هادئ: ص26.

([125]) يقول هذا الكلام وهو لم يطّلع على أصل كتاب كشف الأسرار، بل اعتمد على نسخة مترجمة محرَّفة، كما رأيت عزيزي القارئ!!

([126]) كما وقع ذلك في ليلة من ليالي شهر رجب سنة 1424 بعد صلاة العشاء، في بيت اللّه الحرام، حين التقيت مع الشيخ صالح فوزان الفوزان ـ الذي يعدّ من كبار العلماء ومن أعضاء لجنة الإفتاء ـ وقلت له: إنّي أريد أن أتشرّف بخدمتكم وأسأل جنابكم عن بعض ما يرتبط بالخلاف بين السنّة والشيعة، حتّى أستفيد من كلامكم. قال لي: أنت شيعي أم سنّي؟ قلت: أنا مسلم وشيعيّ، قال: إذا تبت عن معتقد الشيعة فسوف ألتقي بك، قلت: لو كان عندك دليل على بطلان مذهب الشيعة أتّبعك وإلاّ فلا! قال: ليس عندي دليل، ليس عندي دليل، ثمّ ذهب بسرعة.

([127]) سنذكر بعض الملاحظات على هذا القول في آخر الرسالة.

([128]) المفيد، المسائل السرويّة: ص37، الناشر: دار المفيد ـ بيروت. السيد المرتضى، الرسائل: ج1 ص157، الناشر: دار القرآن الكريم ـ قم.

([129]) المحقّق الحلي، المعتبر: ج1 ص98، الناشر: مؤسسة سيد الشهداء× ـ قم. العلاّمة الحلّي، منتهى المطلب: ج1 ص152، الناشر: مجمع البحوث الإسلامية ـ إيران. فخر المحققين، إيضاح الفوائد: ج1 ص26، المطبعة: المطبعة العلمية ـ قم. الشهيد الأول، الدروس: ج2 ص272، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم. الشهيد الثاني، روض الجنان: ص157، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم. الفاضل الهندي، كشف اللثام: ج7 ص84، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم. الحدائق الناضرة، المحقق البحراني (المتوفّى 1186): ج5 ص176، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم. الطباطبائي، رياض المسائل: (ط.ج) ج9 ص321، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

([130]) يعدّ من الكتب الفقهيّة المعتبرة عند الإمامية، بحيث تدور المباحث الفقهيّة في الحوزات العلميّة للشيعة على رحى هذا الكتاب.

([131]) الشيخ الجواهري، جواهر الكلام: ج6 ص50ـ 51، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([132]) شرائع الإسلام، المحقق الحلّي: ج1 ص12، الناشر: انتشارات استقلال ـ طهران. العروة الوثقى، السيّد اليزدي، مع تعاليق عدّة من الفقهاء المعاصرين: ج1 ص145. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم. (مسألة2): >لا إشكال في نجاسة الغلاة والخوارج والنواصب<.

([133]) قواعد الأحكام، العلامة الحلّي: ج3 ص318، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم. فخر المحققين، إيضاح الفوائد: ج4 ص127، الناشر: المطبعة العلمية ـ قم.

([134]) العلامة الحلي، منتهى المطلب: (ط.ق) ج1 ص25، طبعة حجرية. الشهيد الثاني، روض الجنان: ص157، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

([135])الشهيد الأوّل، البيان: ص24 وص28، الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية ـ قم. مستند الشيعة، المحقق النراقي: ج6 ص270، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

([136]) الفاضل الهندي، كشف اللثام: ج7 ص84، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

([137]) الشيخ الجواهري، جواهر الكلام: ج39 ص32، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([138]) السيّد محمد العاملي، مدارك الأحكام: ج5 ص382، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث - قم.

([139]) المحقق السبزواري، ذخيرة المعاد: ج2 ص217، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث.

([140]) أحمد أمين، فجر الإسلام: ص262، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([141]) كاشف الغطاء، أصل الشيعة وأصولها: ص140، الناشر: مؤسسة الإمام علي×.

([142]) ابن حزم، الفصل في الأهواء والملل والنحل: ج4 ص139، الناشر: مكتبة الخانجي ـ القاهرة.

([143]) فخر الدين الزيعلي، تبيين الحقائق: ج2 ص112، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ القاهرة.

([144]) نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري، تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان: ج2 ص347، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([145]) قد وقع سهو في المصدر في الطبعة الأولى، فقد نسبنا فيه القول إلى الدكتور عبد الله محمّد غريب في كتابه (وجاء دور المجوس), والصحيح ما أثبتناه.

([146]) الجبهان، تبديد الظلام وتنبيه النيام: ص222، الناشر: دار المجمع العلمي ـ جدة.

([147]) الشهرستاني، الملل والنحل: ج1 ص60، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([148]) ابن نجيم المصري، البحر الرائق: ج5 ص30، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ابن قدامه، المغني: ج10 ص194، الناشر: دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع ـ بيروت. مستدلاً: بأنّ ملكه لمنفعتها شبهة دارئة للحدّ.

([149]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج13 ص410، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([150]) ابن حبان، المجروحين: ج3 ص72، تحقيق: محمود إبراهيم زايد. الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج13 ص410، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([151]) هو معاون إدارة الثقافة والإرشاد الإسلامي القومي ومدير المكتبات العامّة بدار الكتب المصريّة.

([152]) مقدمة كتاب المُتْعَة وأثرها في الإصلاح الاجتماعي لمؤلفه توفيق الفكيكي: ص9، تقديم الأستاذ عبد الهادي مسعود الأبياري، الناشر: مطبوعات النجاح ـ القاهرة.

([153]) هو أستاذ الفلسفة الإسلاميّة بجامعة القاهرة.

([154]) الأستاذ السيّد مرتضى الرضوي، مع رجال الفكر في القاهرة: ج1 ص221ـ 222، الناشر: الإرشاد للطباعة والنشر ـ بيروت.

([155]) كما قال أبو زرعة: «قبض رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة ممّن روى عنه وسمع منه»، نقله السيوطي في (تدريب الراوي) إلى أن قال: «وروى الساجي في المناقب بسند جيّد عن الرافعي قال: قبض رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) والمسلمون ستّون ألفاً، ثلاثون ألفاً في المدينة وثلاثون ألفاً في قبائل العرب وغير ذلك، ومع هذا فجميع من صنّف في الصحابة لم يبلغ مجموع ما في تصانيفهم عشرة آلاف، مع كونهم يذكرون من توفّي في حياته ومن عاصره أو أدركه صغيراً». السيوطي، تدريب الراوي: ج2 ص220ـ 221، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ـ الرياض.

([156]) كما صرّح محمد سعيد مبيّض في كتابه (موسوعة حياة الصحابة) بقوله: >تكون موسوعتنا قد ضمّت أكبر عدد ممكن من الصحابة; لأنّ بعض المؤلّفين يذكر أسماء لا يعتبرها الآخرون من أصحابه، فجمعنا ما سجّل في كافّة هذه المراجع فبلغ عددهم (9333) تسعة آلاف وثلاثمائة وثلاث وثلاثون صحابيّاً<، موسوعة حياة الصحابة: ج1 ص6، الناشر: مكتبة الغزالي ـ سوريا.

([157]) يونس: 99.

([158]) الأنعام: 149.

([159]) انظر على سبيل المثال: كتاب النفاق والمنافقون، إبراهيم علي سالم المصري.

([160]) التوبة: 101.

([161]) ابن كثير، تفسير ابن كثير: ج2 ص398، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([162]) ابن الجوزي، زاد المسير: ج3 ص316، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([163]) السيوطي، الدر المنثور: ج3 ص208، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([164]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص100 ح7114، كتاب الفتن، باب (إذا قال عند قوم شيئاً ثم خرج فقال بخلافه)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([165]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج2 ص399، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([166]) المصدر نفسه: ج2 ص399. الطبري، جامع البيان: ج11 ص16، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([167]) البخاري، صحيح البخاري: ج6 ص66 ح4905 تفسير سورة المنافقين، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج8 ص19، باب نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الترمذي، سنن الترمذي: ج5 ص90، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج3 ص393، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([168]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج3 ص109ـ 110 ح2338، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([169]) أبو يعلى، مسند أبي يعلى: ج1 ص321، الناشر: دار المأمون للتراث. محمد بن إسماعيل الكحلاني، سبل السلام: ج4 ص188، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ـ مصر. ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون: ج2 ق2 ص42، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([170]) عبد العلي اللكنوي، فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت: ج2 ص192 و196، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. عبد الرحيم الآسنوي، نهاية السول في شرح منهاج الأصول لناصر الدين عبد الله البيضاوي: ج3 ص 176 ـ 177، الناشر: عالم الكتب. د. محمد عجاج الخطيب، السنة قبل التدوين: ص404 ـ 405، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([171]) الأحزاب: 12.

([172]) التوبة: 45ـ 47.

([173]) التوبة: 61.

([174]) الأحزاب: 57.

([175]) من الإعلاء.

([176]) الطبري، جامع البيان: ج4 ص189، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([177]) آل عمران: 154.

([178]) اُنظر: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج1 ص427، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([179]) الأحزاب: 30.

([180]) التحريم: 10.

([181]) ابن الجوزي، زاد المسير: ج8 ص56، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([182]) الطبري، جامع البيان: ج82 ص217ـ 218، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([183]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج81 ص201، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([184]) ابن قيم الجوزية، الأمثال في القرآن: ص57، الناشر: مكتبة الصحابة ـ طنطا.

([185]) الشوكاني، فتح القدير: ج5 ص256، الناشر: عالم الكتب.

([186]) فلم يكن جميع أهل السنة قد قالوا بعدالة جميع الصحابة، ولم يخل الأمر من ذم بعضهم عندهم.

([187]) نقل قوله ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج1 ص163، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([188]) ابن الأثير، اُسد الغابة في معرفة الصحابة: ج1 ص3، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([189]) ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج1 ص131.

([190]) ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج1 ص19، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

([191]) انظر: السبكي، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب: ج2 ص399ـ 400، الناشر: عالم الكتب ـ بيروت.

([192]) محمد بن عقيل، النصائح الكافية: ص116، الناشر: دار الثقافة ـ قم.

([193]) التفتازاني، شرح المقاصد في علم الكلام: ج2 ص306، الناشر: دار المعارف النعمانية.

([194]) الغزالي، المستصفى: ص130، الباب الثالث في الجرح والتعديل، الفصل الرابع في عدالة الصحابة، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([195]) قد مرّ توثيقه وثناء العلماء عليه في ص80ـ 81 من هذا الجزء فراجع.

([196]) ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، بتحقيق أحمد شاكر: ج6 ص811، مطبعة العاصمة ـ القاهرة.

([197]) المصدر نفسه: ج6 ص811 فما بعدها.

([198]) المصدر السابق: ج6 ص816.

([199]) قال الذهبي: «وكان أحد الأذكياء الموصوفين، والأئمة المتبحّرين... وكان بصيراً بعلم الحديث». سير أعلام النبلاء: ج20 ص105، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

قال الزركلي: «محدّث، من فقهاء المالكيّة... له (المعلم بفوائد مسلم) في الحديث، وهو ما علّق به على صحيح مسلم، حين قراءته عليه سنة 499هـ، وقيّده تلاميذه». الأعلام: ج6 ص277، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت. قال عمر رضا كحالة: «يعرف بالإمام، محدّث، حافظ، فقيه، أصولي، متكلّم، أديب». معجم المؤلفين: ج11 ص32، الناشر: مكتبة المثنى ـ بيروت.

([200]) نقل قوله ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج1 ص163، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. محمد ابن عقيل، النصائح الكافية: ص135، الناشر: دار الثقافة ـ قم.

([201]) قال خير الدين الزركلي: «عبد الحيّ بن أحمد بن محمد بن العماد العكري الحنبلي، أبو الفلاح: مؤرّخ، فقيه، عالم بالأدب... له شذرات الذهب في أخبار من ذهب...». الأعلام: ج3 ص290، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت. وهكذا في معجم المؤلّفين لعمر كحالة: ج5 ص107، الناشر: مكتبة المثنى ـ بيروت، ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([202]) محمد بن عقيل، النصائح الكافية: ص168، الناشر: دار الثقافة ـ قم.

([203]) الذهبي، الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم: ج1 ص23، الناشر: دار البشائر الإسلامية ـ بيروت.

([204]) المصدر نفسه: ج1 ص24.

([205]) قال السيوطي: «تقدّم في الفنون واشتهر بذلك، وطار صيته وانتفع الناس بتصانيفه... وانتهت إليه معرفة العلوم بالمشرق، مات بسمرقند سنة إحدى وتسعين وسبعمائة». بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: ج2 ص285، الناشر: المكتبة العصرية ـ لبنان. العسقلاني، الدرر الكامنة: ج6 ص112، الناشر: مجلس دائرة المعارف العثمانية ـ حيدر آباد/ الهند. ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب: ج6 ص319ـ 320، الناشر: دار ابن كثير ـ دمشق. الشوكاني، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع: ج2 ص303، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

قال إليان سركيس: «كان من محاسن الزمان، لم تر العيون مثله في الأعلام والأعيان، وهو الأستاذ على الإطلاق، والمشار إليه بالاتّفاق. اشتهرت تصانيفه في الأرض، وأتت بالطول والعرض... وقد انتهت إليه رئاسة الحنفيّة بزمانه». معجم المطبوعات العربية: ج1 ص635، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم.

([206]) التفتازاني، شرح المقاصد: ج2 ص307، الناشر: دار المعارف النعمانية.

([207]) الطبراني، المعجم الكبير: ج1 ص62، الناشر: دار إحياء التراث العربي. الطبري، تاريخ الطبري: ج2 ص619، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج30 ص418، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن الأثير، أسد الغابة: ج4 ص70، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. الذهبي، ميزان الاعتدال: ج3 ص109، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. لسان الميزان: ج4 ص188ـ 189، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

([208]) ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون: ج1 ص446، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([209]) قال الزركلي فيه: «من كبار المحاضرين، جدّد مناهج، وأحدث ضجّة في عالم الأدب العربي». الأعلام: ج3 ص231، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([210]) طه حسين، الفتنة الكبرى (عثمان): ص171 ـ 172، الناشر: دار المعارف ـ مصر.

([211]) قال الزركلي فيه: «عالم بالأدب، غزير الاطلاع على التاريخ، من كبار الكتاب... وكان من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق ومجمع اللغة بالقاهرة والمجمع العلمي العراقي ببغداد. ومنحته جامعة القاهرة (سنة 1948) لقب (دكتور) فخري. وهو من أكثر كتاب مصر تصنيفاً وإفاضة. ومن أعماله إشرافه على (لجنة التأليف والترجمة والنشر) مدة ثلاثين سنة. وكان رئيساً لها. وبلغت مقالاته في المجلات والصحف، ولا سيما مجلتي (الرسالة) و(الثقافة) عشرة مجلدات، جمعها في كتابه (فيض الخاطر ـ ط) ستة أجزاء، ومن تآليفه المطبوعات: (فجر الإسلام) و(ضحى الإسلام) و(ظهر الإسلام) و(يوم الإسلام) و(النقد الأدبي) جزآن و(زعماء الإصلاح في العصر الحديث)». الأعلام: ج1 ص101، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت. وانظر أيضاً: عمر كحالة، معجم المؤلفين: ج1 ص168، الناشر: مكتبة المثنى ـ بيروت، ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([212]) أحمد أمين، ضحى الإسلام: ج3 ص75، الناشر: مكتبة النهضة المصرية ـ القاهرة.

([213]) قال الزركلي: «ابن عقيل (1279ـ 1350هـ ـ 1863ـ 1931م) محمد بن عقيل بن عبد الله بن عمر، من آل يحيى، العلوي الحسيني الحضرمي، رحّالة، من بيت علم بحضرموت». الأعلام: ج6 ص269، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

قال عمر رضا كحّالة: «محمد بن عقيل بن عبد اللّه بن عمر العلوي الصادقي الحسيني الحضرمي، فاضل، مشارك في بعض العلوم. ولد ببلدة مسيلة آل شيخ قرب تريم من بلاد حضرموت ليومين بقيا من شعبان، ورحل إلى سنغافورة واشتغل بالتجارة، وترأّس فيها المجلس الإسلامي الاستشاري، وأسّس فيها جمعيّة إسلاميّة ومجلّة وجريدة عربيّتين ومدرسة عربيّة دينيّة... من مؤلّفاته: النصائح الكافية لمن تولّى معاوية، تقوية الإيمان، فصل الحاكم في النزاع والتخاصم فيما بين بني أميّة وبني هاشم، العتب الجميل على علماء الجرح والتعديل، وثمرات المطالعة». معجم المؤلفين: ج10 ص296ـ 297، الناشر: مكتبة المثنى ـ بيروت، ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([214]) محمد بن عقيل، النصائح الكافية: ص166، الناشر: دار الثقافة ـ قم.

([215]) الألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: ج1 ص149، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.

([216]) الشوكاني، إرشاد الفحول: ج2 ص 995، الناشر: دار الفضيلة ـ الرياض. قال الزركلي: «محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني: فقيه مجتهد من كبار علماء اليمن، من أهل صنعاء. ولد بهجرة شوكان (من بلاد خولان، باليمن) ونشأ بصنعاء. وولي قضاءها سنة 1229 ومات حاكما بها. وكان يرى تحريم التقليد. له 114 مؤلفا، منها (نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار ـ ط) ثماني مجلدات، و(البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ـ ط) مجلدان... (فتح القدير ـ ط) في التفسير، خمسة مجلدات، و(إرشاد الفحول ـ ط) في أصول الفقه، و(السيل الجرار ـ ط) جزآن...». الأعلام: ج6 ص298، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([217]) محمود أبو رية، أضواء على السنّة المحمديّة: ص353، الناشر: نشر البطحاء.

([218]) قال الزركلي: «الشيخ محمد عبده بن حسن خير اللّه مفتى الديار المصريّة، ومن كبار رجال الإصلاح والتجديد في الإسلام... له (تفسير القرآن الكريم)... و(شرح نهج البلاغة)». الأعلام: ج6 ص252، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

قال عمر رضا كحّالة: «فقيه، مفسّر، متكلم، حكيم، أديب، كاتب، صحافي، سياسي». معجم المؤلفين: ج10 ص272، الناشر: مكتبة المثنى ـ بيروت، ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([219]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار: ج10 ص375.

قال الزركلي: «صاحب مجلّة المنار، وأحد رجال الإصلاح الإسلامي، من الكتّاب، العلماء بالحديث والأدب والتاريخ والتفسير... رحل إلى مصر سنة 1315، فلازم الشيخ محمد عبده وتتلمذ له... وأصبح مرجع الفتيا في التأليف، بين الشرعة والأوضاع العصريّة الجديدة...». الأعلام: ج6 ص126، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([220]) الرافعي، إعجاز القرآن: ص33- 43، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

هو مصطفى صادق الرافعي، قال الزركلي: «عالم بالأدب، شاعر، من كبار الكتّاب، أصله من طرابلس الشام». الأعلام: ج7 ص235. وقال عمر رضا كحالة بأنّه: «انتخب عضواً بالمجمع العلمي العربي بدمشق». معجم المؤلّفين: ج12 ص256، الناشر: مكتبة المثنى ـ بيروت، ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([221]) قال الذهبي: «ابن عبد البر، الإمام العلامة، حافظ المغرب، شيخ الإسلام، أبو عمر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري، الأندلسي، القرطبي، المالكي، صاحب التصانيف الفائقة... وأدرك الكبار، وطال عمره، وعلا سنده، وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنف، ووثق وضعف، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان». سير أعلام النبلاء: ج18 ص153ـ 154، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

قال الزركلي: «ابن عبد البر... من كبار حفاظ الحديث، مؤرّخ، أديب، بحّاثة. يقال له: حافظ المغرب...». الأعلام: ج8 ص240، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([222]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج4 ص171، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([223]) النووي، شرح صحيح مسلم: ج3 ص138، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([224]) المُنَاوي، فيض القدير: ج4 ص369، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، وانظر: المباركفوري، تحفة الأحوذي: ج8 ص337، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري: ج7 ص6، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([225]) محمد بن عقيل، النصائح الكافية: ص172، الناشر: دار الثقافة ـ قم.

([226]) محمد بن عقيل، النصائح الكافية: ص174ـ 175، الناشر: دار الثقافة ـ قم.

([227]) السرخسي، أصول السرخسي: ج2 ص134، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([228]) الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية: ص67، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([229]) ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج1 ص163، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([230]) الترمذي، سنن الترمذي: ج5 ص358، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([231]) ابن أبي عاصم، كتاب السنّة: ص 465، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.

([232]) الألباني، ضعيف سنن الترمذي: ص518، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.

([233]) القاضي عياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج2 ص27، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([234]) ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج19 ص200، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. القندوزي، ينابيع المودّة: ج2 ص247، الناشر: دار الأسوة. الذهبي، المختصر من تاريخ ابن الدبيثي: ص124 بقوله: فذكر حديثاً، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([235]) المُنَاوي، فيض القدير، شرح الجامع الصغير: ج2 ص124، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([236]) المباركفوري، تحفة الأحوذي: ج10 ص247، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([237]) نهج البلاغة: ج1 ص189ـ 190، شرح الشيخ محمد عبده، الناشر: دار الذخائر ـ قم.

([238]) المصدر السابق: ج2 ص109.

([239]) الصحيفة السجادية الكاملة: ص40ـ 41، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

([240]) كان ذلك في مناظراته مع أحد علماء حلب في سوريا.

([241]) مقاتل بن عطية، المناظرات: ص77، الناشر: مؤسسة الغدير للدراسات والنشر ـ بيروت.

([242]) السيد علي خان المدني، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة: ص11، الناشر: مكتبة بصيرتي ـ قم.

([243]) المصدر السابق: ص39.

([244]) المصدر نفسه: ص41ـ 195.

([245]) المصدر نفسه: ص197ـ 452.

([246]) انظر: ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج1 ص154، الناشر: دار الكتب العلميّة ـ بيروت.

([247]) الثلاثة الأوّلون ارتدّوا وماتوا على الردّة، والأشعث ارتدّ فأتي به إلى الخليفة أبي بكر أسيراً فعاد إلى الإسلام وزوجّه أخته، وكانت عوراء، فأولدها محمداً أحد قتلة الحسين×.

([248]) محسن الأمين، أعيان الشيعة: ج1 ص113ـ 114، الناشر: دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت.

([249]) كاشف الغطاء، أصل الشيعة وأصولها: ص187ـ 188، الناشر: مؤسسة الإمام علي×.

([250]) المصدر السابق: ص209.

([251]) شرف الدين العاملي، أجوبة مسائل جار اللّه: ص14ـ 19، مطبعة العرفان ـ صيدا.

([252]) السيد محمد باقر الصدر: مجتهد ومرجع شيعيّ شهير; له مؤلّفات عديدة منها: (اقتصادنا) و(فلسفتنا) و(البنك اللاربوي) وقد جمعت مؤلّفاته في 15 مجلّداً، عاش مجاهداً داعياً إلى الإصلاح وإلى إزاحة الأنظمة المستبدة والملحدة، وإقامة النظام الإسلامي، قتل شهيداً في السجن ببغداد سنة 1980، وله من العمر 47 سنة.

([253]) محمد باقر الصدر، بحث حول الولاية: ص74ـ 75، الناشر: دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت.

([254]) جعفر السبحاني، رسائل ومقالات: ص154ـ 155، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق× ـ قم.

([255]) جعفر السبحاني، العقيدة الإسلاميّة: ص298، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق×.

([256]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص195 ح4625، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([257]) المصدر نفسه: ج7 ص206 ح6576. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص68 ح5872، الناشر: دار الفكر ـ بيروت

([258]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص207 ح6582. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص170ـ 171 ح5890.

([259]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص207 ح6584.

([260]) المصدر نفسه: ج7 ص208 ح6585.

([261]) المصدر نفسه: ح6586.

([262]) المصدر نفسه: ج4 ص142ـ 143 ح3447، وج4 ص110 ح3349، وج5 ص192 ح4626. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج8 ص157 ح7095.

([263]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص208 ح6585.

([264]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج1 ص150 ح472.

([265]) المصدر نفسه: ج7 ص68 ح5872. البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص206 ح6576.

([266]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص67 ح5868.

([267]) المصدر نفسه: ج7 ص70ـ 71 ح5890. البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص207 ح6582.

([268]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص87 ح7049. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص68 ح5872.

([269]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص209 ح6587.

([270]) المصدر نفسه. ج7 ص208ـ 209 ح6587.

([271]) المصدر نفسه: ج7 ص208 ح6584. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص66 ح5862.

([272]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج1 ص150 ح472.

([273]) المصدر نفسه: ج7 ص67 ح5868.

([274]) نقل قوله المباركفوري في تحفة الأحوذي: ج9 ص6، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([275]) ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج2 ص214 مادّة (ردد). وهكذا في لسان العرب.

([276]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج5 ص48، حديث أبي بكرة نفيع بن الحرث، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن أبي شيبة، المصنّف: ج7 ص415، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج36 ص8، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. المتقي الهندي، كنز العمال: ج13 ص239 ح36714، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([277]) ابن حجر، فتح الباري: ج11 ص333، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([278]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص70ـ 71 ح5890. النووي، شرح صحيح مسلم: ج15 ص64، الناشر دار الكتاب العربي بيروت.

([279]) الطبري، جامع البيان: ج4 ص55، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([280]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج1 ص150ـ 151 ح472. الألباني، أحكام الجنائز: ص190، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت. حيث قال: «أخرجه مسلم: ج1 ص150 ـ 151؛ مالك: ج1 ص49 ـ 50؛ النسائي: ج1 ص35؛ ابن ماجة: ج2 ص580؛ البيهقي: ج4 ص78؛ أحمد: ج2 ص300، 408».

([281]) عبد الرزاق الصنعاني، المصنّف: ج3 ص575 ح6720، الناشر: المجلس العلمي.

([282]) الثعالبي، تفسير الثعالبي: ج5 ص221، الناشر: دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([283]) الطبراني، المعجم الأوسط: ج1 ص125، الناشر: دار الحرمين. الطبراني، مسند الشاميين: ج2 ص317، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج47 ص117، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن كثير، البداية والنهاية: ج6 ص231، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([284]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص367، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، وفي ج10 ص365، رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح عن أبي عبد اللّه الأشعري وهو ثقة.

([285]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص209 ح6593. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص66 ح5866.

([286]) الطبراني، المعجم الكبير: ج24 ص94، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

([287]) الإمام مالك، كتاب الموطأ: ج2 ص461ـ 462، ح32، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج15 ص38، الناشر: دار إحياء الكتب العربية. الواقدي، المغازي: ج1 ص265، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([288]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص142ـ 143 ح3447، وص240 ح4740. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج8 ص157 ح7095.

([289]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص142ـ 143 ح3447.

([290]) عبد الرزاق الصنعاني، المصنف: ج3 ص541، ح6634، وج5 ص273ح 9581، الناشر: المجلس العلمي.

([291]) المصدر نفسه: ج3 ص575 ح6720.

([292]) الثعالبي، تفسير الثعالبي: ج5 ص221، الناشر: دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([293]) ابن شبة النميري، تاريخ المدينة: ج1 ص94، الناشر: دار الفكر ـ قم.

([294]) المصدر نفسه: ج1 ص95.

([295]) الزلزلة: 7ـ 8.

([296]) الإمام مالك، كتاب الموطأ: ج2 ص462، ح32، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([297]) عبد الرزاق الصنعاني، المصنف: ج3 ص541 ح6634، وج5 ص273 ح9581، الناشر: المجلس العلمي.

([298]) الثعالبي، تفسير الثعالبي: ج5 ص221، الناشر: دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت. عبد الرزاق الصنعاني، المصنّف: ج3 ص575 ح6720، الناشر: المجلس العلمي.

([299]) ابن شبة النميري، تاريخ المدينة: ج1 ص94، الناشر: دار الفكر ـ قم.

([300]) المصدر نفسه: ج1 ص95.

([301]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص208 ح6586.

([302]) آل عمران: 144.

([303]) البخاري، صحيح البخاري: ج5 ص65ـ 66 ح4170. ابن حجر، مقدمة فتح الباري: ص433.

([304]) عبد اللّه بن عدي، الكامل: ج3 ص63، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([305]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج20 ص391، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج3 ص67، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([306]) الحاكم النيسابوري، المستدرك وبذيله تلخيص الذهبي: ج4 ص6، وصحّحه الذهبي أيضاً في تلخيص المستدرك.

وانظر: ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج8 ص74، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن أبي شيبة الكوفي، المصنّف: ج8 ص708 الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج2 ص193، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([307]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص207ـ 208 ح6583، وج8 ص87 ح6584. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص66 ح5862 و5863. ابن الأثير، جامع الأصول: ج10 ص469 ح7997، الناشر: مكتبة الحلواني.

([308]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج3 ص18، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([309]) أبو يعلى، مسند أبي يعلى: ج2 ص434، الناشر: دار المأمون للتراث.

([310]) المتقي الهندي، كنز العمال: ج1 ص387، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([311]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج10 ص364، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([312]) ذكره ابن حجر في فتح الباري: ج11 ص333، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([313]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص208ـ 209 ح6587، كتاب الرقاق، باب في الحوض، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([314]) المباركفوري، تحفة الأحوذي: ج9 ص6، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([315]) البخاري، صحيح البخاري: ج2 ص156 ح1584. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج4 ص100 ح3139. الترمذي، سنن الترمذي: ج2 ص181، باب ما جاء في كسر الكعبة، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([316]) ابن ماجه، سنن ابن ماجه: ج2 ص985، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. السندي، حاشية السندي على سنن النسائي: ج5 ص214، الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية ـ حلب. أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج6 ص179، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([317]) التوبة: 100.

([318]) ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة: ج1 ص671، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([319]) ابن عبد البر، الاستيعاب: ج3 ص1277، الناشر: دار الجيل.

([320]) ابن الجوزي، زاد المسير: ج3 ص333، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([321]) الطبري، جامع البيان: ج11 ص10، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([322]) السيوطي، الدر المنثور: ج3 ص269، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([323]) ابن الجوزي، زاد المسير: ج3 ص333.

([324]) الطبري، جامع البيان: ج28 ص120. السيوطي، الدر المنثور: ج3 ص271.

([325]) الثعالبي، تفسير الثعالبي: ج3 ص208، الناشر: دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([326]) الشوكاني، فتح القدير: ج2 ص398، الناشر: عالم الكتب ـ بيروت.

([327]) الفتح: 29.

([328]) الفتح: 29.

([329]) الدهلوي، مختصر التحفة الاثني عشرية: ص140، تحقيق: محب الدين الخطيب، الناشر: المكتبة السلفية ـ القاهرة.

([330]) الحج: 30.

([331]) رضي الدين الاسترآبادي، شرح الرضي على الكافية: ج4 ص266، الناشر: جامعة قاريونس، بنغازي.

([332]) وكذلك من علامات (من) البيانية أن يحسن جعل اسم الموصول (الذي) مكانها [1]، وعلامة (من) التبعيضية إمكان سدّ (بعض) مسدّها [2]، وهنا لو وضعنا كلمة (بعض) مكان (من) في الآية لأصبح المعنى مستقيماً ظاهراً حيث يصبح قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بعضهم مغفرة وأجراً عظيماً) أو هكذا: (وعد الله بعض الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجراً عظيماً). في حين لو اعتبرناها بيانية وأتينا باسم الموصول مكانها لأصبح المعنى هكذا: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين هم أنتم مغفرة وأجراً عظيماً)، وهو تكلف ظاهر يأباه الذوق السليم.

[1] انظر: الحسن بن قاسم المرادي، الجنى الداني في حروف المعاني: ص310، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

[2] انظر: مغني اللبيب، ابن هشام: ج4 ص139، طبعة الكويت، ط1ـ 1421هـ

([333]) الأنفال: 72 ـ 74.

([334]) أي: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إنّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

([335]) التوبة: 100.

([336]) الحديد: 10.

([337]) الأعراف: 175.

([338]) البخاري، صحيح البخاري: ج7 ص212، كتاب القدر، باب العمل بالخواتيم، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([339]) الحشر: 8 ـ 10.

([340]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص195 ح3673. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص188 ح6383.

([341]) البخاري، صحيح البخاري: ج3 ص156 ح2661.

([342]) المصدر نفسه.

([343]) البخاري، صحيح البخاري: ج3 ص151 ح6429. مسلم النيسابوري: ج7 ص184 ح6364.

([344]) نقل قوله ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج20 ص29، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.

([345]) الطبراني، المعجم الكبير: ج6 ص221، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

([346]) أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة: ج2 ص615 ح1052، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([347]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص392، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الخوارزمي، المناقب: ص85، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

([348]) الطبراني، المعجم الأوسط: ج2 ص336، الناشر: دار الحرمين.

([349]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص146، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([350]) حلية الأولياء: ج1 ص63، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص386، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([351]) الطبراني، المعجم الأوسط: ج6 ص327، الناشر: دار الحرمين. المعجم الكبير: ج3 ص57، الناشر: دار إحياء التراث العربي. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص130، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([352]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص166، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([353]) المصدر نفسه: ج3 ص190.

([354]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج13 ص260، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. وكذا قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري: ص441، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([355]) النووي، المجموع: ج20 ص136، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. النووي، شرح صحيح مسلم: ج10 ص181، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([356]) ابن قدامة، المغني: ج11 ص423، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([357]) ابن حجر، مقدمة فتح الباري: ص453، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([358]) الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية: ص135ـ 136، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([359]) الطبراني، المعجم الكبير: ج6 ص221، الناشر: دار إحياء التراث العربي. الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص113ـ 114، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة: ج2 ص615 ح1052، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([360]) الطبراني، المعجم الكبير: ج4 ص171، الناشر: دار إحياء التراث العربي. الهيثمي، مجمع الزوائد: ج8 ص253.

([361]) الطبراني، المعجم الكبير: ج3 ص57. الطبراني، المعجم الصغير: ج6 ص327، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص130، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([362]) الخوارزمي، المناقب: ص222، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

([363]) ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج6 ص71، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.

([364]) اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي: ج2 ص193، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([365]) ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج1 ص139، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.

([366]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص172، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص146.

([367]) الطبري، تاريخ الطبري: ج4 ص322، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت. ابن أثير، الكامل: ج4 ص61، الناشر: دار صادر، دار بيروت.

([368]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص392، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([369]) الخوارزمي، المناقب: ص147، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

([370]) البيان للكنجي الشافعي: ص56، الباب التاسع، الناشر: دار المحجة البيضاء، دار الرسول الأكرم. ابن الصباغ، الفصول المهمّة: ج2 ص1113 - 1114، الناشر: دار الحديث.

([371]) الأصبهاني، حلية الأولياء: ج1 ص63، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط4ـ 1405هـ. الخوارزمي، المناقب: ص42. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص386، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([372]) اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي: ج2 ص178، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([373]) الخوارزمي، المناقب: ص199، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

([374]) القندوزي، ينابيع المودة: ج2 ص75، الناشر: دار الأسوة.

([375]) المسعودي، مروج الذهب: ج3 ص8، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([376]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1 ص383، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج2 ص43، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([377]) المزي، تهذيب الكمال: ج4 ص469، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([378]) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج2 ص207، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([379]) المزي، تهذيب الكمال: ج5 ص572، 573، 576.

([380]) ابن حبان، المجروحين: ج1 ص268، تحقيق: محمود إبراهيم زايد. تهذيب الكمال: ج5 ص579، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج2 ص210، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. السمعاني، الأنساب: ج3 ص50.

([381]) المزي، تهذيب الكمال: ج2 ص249. ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج1 ص159.

([382]) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج10 ص143.

([383]) المصدر نفسه: ج3 ص88.

([384]) ابن حبان، الثقات: ج6 ص256، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية.

([385]) الأصفهاني، الأغاني: ج22 ص21، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([386]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج10 ص23، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([387]) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج8 ص113، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. المزي، تهذيب الكمال: ج22 ص322، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([388]) العقيلي، الضعفاء: ج2 ص204، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([389]) ابن عبد البر، الاستيعاب: ج3 ص1128، الناشر: دار الجيل. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج43 ص495، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج4 ص215، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج5 ص232، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([390]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج7 ص364، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([391]) ابن قدامة، المغني: ج10 ص86، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([392]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج6 ص323، الناشر: دار صادر ـ بيروت. النسائي، خصائص أمير المؤمنين: ص99، الناشر: مكتبة نينوى الحديثة ـ طهران. المُنَاوي، فيض القدير: ج6 ص190، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص266، 533، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([393]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص121، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([394]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص130، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([395]) الطبراني، المعجم الصغير: ج2 ص21، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. الطبراني، المعجم الأوسط: ج6 ص74، الناشر: دار الحرمين. الطبراني، المعجم الكبير: ج23 ص323، الناشر: دار إحياء التراث العربي. مسند أبي يعلى: ج12 ص444، الناشر: دار المأمون للتراث. الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج7 ص413، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص267، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الخوارزمي، المناقب: ص149، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة. ابن كثير، البداية والنهاية: ج7 ص391، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([396]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص130، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([397]) ابن عبد ربّه، العقد الفريد: ج4 ص342، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط3ـ 1420هـ.

([398]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج7 ص391، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([399]) المصدر نفسه.

([400]) ابن قدامة، المغني: ج2 ص419، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. ابن تيميّة، الصارم المسلول: ص574، الناشر: دار ابن حزم ـ بيروت.

([401]) الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية: ص67، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([402]) السرخسي، أصول السرخسي: ج2 ص134، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([403]) انظر: ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج9 ص294، الناشر: دار صادر، دار بيروت.

([404]) الحموي، معجم البلدان: ج3 ص191، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([405]) الزمخشري، ربيع الأبرار: ج2 ص335، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([406]) نقل قوله الأميني، في الغدير: ج2 ص 102، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([407]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص120 ح6114، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([408]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص119، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن كثير، البداية والنهاية: ج7 ص376، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([409]) ابن أبي شيبة، المصنّف: ج7 ص496، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([410]) ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل: ج4 ص125، الناشر: مكتبة الخانجي ـ القاهرة.

([411]) ابن تيمية، منهاج السنة: ج6 ص298، الناشر: مؤسسة قرطبة.

([412]) ابن كثير، تاريخ ابن كثير: ج7 ص176ـ 208، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([413]) ابن حزم، المحلى: ج10 ص484، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([414]) الشافعي، كتاب الأمّ: ج4 ص229، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. المزني، مختصر المزني: ص256، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. النووي، المجموع: ج19 ص197، الناشر: دار الفكر. مغني المحتاج لمحمد بن الشربيني: ج4 ص124، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. المارديني، الجوهر النقي: ج8 ص58، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([415]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص438، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([416]) البلاذري، أنساب الأشراف: ج2 ص407، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([417]) البخاري، صحيح البخاري: ج1 ص17ـ 18 ح48، كتاب الإيمان، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([418]) الطبراني، المعجم الكبير: ج11 ص55، الناشر: دار إحياء التراث العربي. ابن الأثير، أسد الغابة: ج4 ص22، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج3 ص181، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. السيوطي، الجامع الصغير: ج1 ص415، وج3 ص60، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([419]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص127ـ 126، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([420]) المتقي الهندي، كنز العمال: ج13 ص149، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([421]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص122. وانظر: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص387، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الخوارزمي، المناقب: ص329، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

([422]) الطبري، جامع البيان: ج29 ص69، ح26955، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. السيوطي، الدر المنثور: ج6 ص260 (عن سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن مكحول)، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج18 ص264، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت. الرازي، التفسير الكبير: ج30 ص107، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج4 ص413، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. الآلوسي، روح المعاني: ج29 ص3، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([423]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج3 ص116، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([424]) البخاري، صحيح البخاري: ج5 ص149.

([425]) ابن الأثير، أسد الغابة: ج4 ص22، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. الثعالبي، تفسير الثعالبي: ج1 ص52، الناشر: دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([426]) ابن عبد البر، الاستيعاب: ج3 ص1104، الناشر: دار الجيل.

([427]) المصدر نفسه: ج3 ص1104. ابن الأثير، أسد الغابة: ج4 ص22.

([428]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج2 ص352، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. أبي عمرو عثمان بن سعيد المقرئ، السنن الواردة في الفتن: ج4 ص838، ج6 ص1196، الناشر: دار العاصمة ـ الرياض. المزي، تهذيب الكمال: ج17 ص335، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص400 و397، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([429]) أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة: ج2 ص646، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. ابن الأثير، أسد الغابة: ج4 ص22، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص399، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([430]) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج7 ص296، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج2 ص339، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن الأثير، أسد الغابة: ج3 ص22ـ 23، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. الطبري، ذخائر العقبى: ص82، الناشر: مكتبة القدسي لصاحبها حسام الدين القدسي ـ القاهرة.

([431]) ابن قتيبة، تأويل مختلف الحديث: ج1 ص162، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([432]) تهذيب الأسماء واللغات: ج1 ص317 ط. دار الفكر ـ بيروت.

([433]) ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام: ج2 ص143 ـ 144، الناشر: زكريا علي يوسف.

([434]) محمود أبو رية، شيخ المضيرة أبو هريرة: ص128. ثمّ قال في الهامش: «هذا ما في البخاري ومسلم ولا نعلم شيئاً عن مقدار أحاديثه التي روتها الشيعة عنه، ولكلّ قوم سنّة وإمامها». الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([435]) ابن حجر العسقلاني، مقدمة فتح الباري: ص476، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([436]) المصدر نفسه: ص477.

([437]) الماوردي، الأحكام السلطانيّة والولايات الدينية: ج1 ص7، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1405هـ.. أبو يعلى, محمد بن الحسن الفراء، الأحكام السلطانيّة: ص23، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([438]) القرطبي، جامع أحكام القرآن: ج1 ص269، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([439]) الجويني، الإرشاد: ص424، باب في الاختيار وصفته وذكر ما تنعقد الإمامة به، الناشر: مكتبة الخانجي ـ القاهرة.

([440]) الإيجي، المواقف في علم الكلام: ج3 ص590-591، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

([441]) ابن العربي المالكي، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي: ج13 ص229، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([442]) ابن أبي شيبة، المصنف: ج8 ص574، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج30 ص413، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([443]) المقدسي، الآداب الشرعية: ج1 ص71، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([444]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج6 ص5 ح4607، كتاب الإمارة، باب الاستخلاف وتركه، الناشر: الناشر: دار الفكر ـ بيروت. عبد الرزاق الصنعاني، المصنف: ج5 ص448، الناشر: المجلس العلمي.

([445]) ابن قتيبة الدينوري، الإمامة والسياسة: ج1 ص42، الناشر: انتشارات الشريف الرضي. عمر رضا كحالة، أعلام النساء: ج3 ص127، الناشر: مؤسسة الرسالة.

([446]) ابن حبان، الثقات: ج1 ص89ـ 90، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية. ابن كثير، البداية والنهاية: ج3 ص171، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([447]) الطبري، تاريخ الطبري: ج2 ص63، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([448]) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري: ج7 ص211، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([449]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص110، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([450]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج5 ص152 ح4468، كتاب الجهاد، باب حكم الفيء، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([451]) الطبري، تاريخ الطبري: ج2 ص618، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت. ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون: ج2 ق2 ص86، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

([452]) الطبري، تاريخ الطبري: ج3 ص292. ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج3 ص343، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن عبد البر، الاستيعاب: ج2 ص568، الناشر: دار الجيل. ابن الأثير، أسد الغابة: ج2 ص246، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([453]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص123 ح6119، كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص109، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج4 ص122، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. البغوي، مصابيح السنة: ج4 ص185، باب مناقب أهل بيت رسول الله×، ح4800، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة: مج 4 ص355 وما بعدها، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.

([454]) المُنَاوي، فيض القدير: ج3 ص20، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([455]) التفتازاني، شرح المقاصد: ج2 ص303، الناشر: دار المعارف النعمانية.

([456]) الدكتور عصام العماد المولود سنة 1968 من طلاب قسم الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، وتلميذ مفتى المملكة العربية السعوديّة الشيخ ابن باز، وإمام أحد مساجد مدينة صنعاء والمدرّس فيه، له كتاب في تكفير الاثني عشريّة سمّاه (الصلة بين الاثني عشرية وفرق الغلاة). ثمّ انتقل من الوهابيّة إلى مذهب الشيعة الإماميّة سنة 1989م، وألّف كتاباً باسم (رحلتي من الوهابيّة إلى الشيعة)، وله أيضاً كتاب آخر ألّفه بعد استبصاره تحت عنوان: (المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهابيّين).

([457]) عصام العماد، المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهابيين: ص155، الناشر: مؤسسة الفكر الإسلامي ـ هولندا، مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية.

([458]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص123 ح6119، كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([459]) الترمذي، سنن الترمذي: ج5 ص361، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([460]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج2 ص416، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([461]) المصدر نفسه: ج2 ص416.

([462]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج6 ص323، الناشر: دار صادر ـ بيروت. الطبراني، المعجم الكبير: ج3 ص53، الناشر: دار إحياء التراث العربي. السيوطي، الدر المنثور: ج5 ص198، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([463]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج7 ص235، فيه: «ومرّ علي بن أبي طالب، فقال: الحق مع ذا، الحق مع ذا». الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([464]) المصدر نفسه: ج7 ص236.

([465]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج14 ص322، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص449، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([466]) الإسكافي، المعيار والموازنة: ص119، تحقيق: محمد باقر المحمودي.

([467]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج7 ص398، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([468]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص124ـ 125، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([469]) الرازي، التفسير الكبير: ج1 ص168، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. الرازي، المحصول: ج6 ص134، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. ابن البطريق، خصائص الوحي المبين: ص31، الناشر: دار القرآن الكريم.

([470]) الحاكم النيسابوري، المستدرك، وبذيله التلخيص للذهبي: ج3 ص124، وأقرّه الذهبي، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. الطبراني، المعجم الأوسط: ج5 ص135، الناشر: دار الحرمين. الطبراني، المعجم الصغير: ج1 ص255، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. الصواعق المحرقة: ج2 ص 361، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. السيوطي، تاريخ الخلفاء: ج1ص150، الناشر: مطبعة السعادة ـ مصر. المُنَاوي، فيض القدير: ج4 ص470، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. الخوارزمي، المناقب: ص177، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة. الجويني، فرائد السمطين: ج1 ص177 ح140، الناشر: دار الحبيب.

([471]) ابن تيمية، منهاج السنّة: ج4 ص238، الناشر: مؤسسة قرطبة.

([472]) انظر: الخوئي، معجم رجال الحديث: ج3 ص 49.

([473]) المصدر نفسه: ج3 ص54.

([474]) المصدر نفسه: ج2 ص31.

([475]) بحثنا موضوع التوسل بشكل أكثر تفصيلاً في الجزء الثالث: من ص481 وما بعدها، فراجع.

([476]) يوسف: 97.

([477]) النساء: 64.

([478]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج2 ص527، الناشر: دار صادر ـ بيروت. أبو داود، سنن أبي داود: ج1 ص453، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([479]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص24، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. عبد الرزاق الصنعاني، المصنف: ج2 ص215، الناشر: المجلس العلمي. الطبراني، المعجم الكبير: ج10 ص219، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

([480]) البيهقي، دلائل النبوّة: ج7 ص47، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ابن أبي شيبة، المصنّف: ج7 ص482، الناشر: المجلس العلمي. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج44 ص346 و ج56 ص489، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن عبد البر، الاستيعاب: ج3 ص1149، الناشر: دار الجيل. الذهبي، تاريخ الإسلام: ص273، الناشر: دار الكتاب العربي. ابن كثير، البداية والنهاية: ج7 ص105، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج6 ص216، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري: ج2 ص412، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. المتقي الهندي، كنز العمال: ج8 ص431، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([481]) ابن حجر، فتح الباري: ج2 ص412، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([482]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج7 ص105، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([483]) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية: ج14 ص156وما بعدها، صادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ـ الكويت، الناشر: دار ذات السلاسل ـ الكويت.

([484]) ومن أراد المزيد فلينظر: محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي (ت1122هـ)، شرح الزرقاني على المواهب اللدنيّة: ج12 ص222، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. النووي، المجموع: ج8 ص274، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن الحاج, أبو عبد اللّه محمد بن محمد المالكي الفاسي، المدخل: ج1 ص258 وما بعدها، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن عابدين, ردّ المحتار المعروف بحاشية ابن عابدين: ج6 ص716، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. نظام وجماعة من علماء الهند، الفتاوى الهندية: ج1 ص266، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن همام الحنفي (ت 861هـ)، شرح فتح القدير: ج3 ص169، كتاب الحج، الناشر: دار الكتب العلمية. محمد بن علان المكي الشافعي (ت1057هـ)، الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية: ج5 ص36، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([485]) أحمد بن محمد القسطلاني، المواهب اللدنية بالمنح المحمدية: ج3 ص409- 410، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([486]) قال تقي الدين الحصني: «القصة معروفة مشهورة ذكرها غير واحد من المتقدمين والمتأخرين بأسانيد جيدة». تقي الدين الحصني الدمشقي، دفع الشبه عن الرسول: ص141، الناشر: دار إحياء الكتاب العربي ـ القاهرة.

([487]) وزاد القاضي عياض قوله: >بل استقبله واستشفع به، فيشفعه الله< القاضي عياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج2 ص41، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([488]) محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي (ت1122هـ)، شرح الزرقاني على المواهب اللدنيّة: ج12 ص194، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([489]) النووي، المجموع: ج8 ص274، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([490]) المُنَاوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير: ج2 ص170، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([491]) البكري، الدمياطي، إعانة الطالبين: ج2 ص357، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. النووي، المجموع: ج8 ص274، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([492]) عبد الله بن قدامة، المغني: ج3 ص588-590، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([493]) عبد الرحمن بن قدامة، الشرح الكبير: ج3 ص494-495، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([494]) ابن الهمام الحنفي، شرح فتح القدير: ج3 ص169، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([495]) الموصلي الحنفي عبد الله بن محمود، الاختيار لتعليل المختار: ج1 ص189ـ 190، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([496]) الشرنبلالي الحنفي، مراقي الفلاح: ص273، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([497]) حاشية الطحطاوي على الدر المختار شرح تنوير الأبصار في مذهب الإمام أبي حنيفة: ج1 ص561، طبع مصر، 1282هـ.

([498]) نظام وجماعة من علماء الهند، الفتاوى الهندية: ج1 ص266، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([499]) الشوكاني، تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين: ج1 ص55، الناشر: دار القلم ـ بيروت.

([500]) المائدة: 35.

([501]) الترمذي سنن الترمذي: ج5 ص229. البيهقي، دلائل النبوة: ج6 ص166. الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. النيسابوري، المستدرك على الصحيحين: ج1 ص458، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. النسائي، السنن الكبرى: ج6 ص169، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([502]) حديث دعاء النبيّ لفاطمة بنت أسد: أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص257، وقال: «وفيه روح بن صلاح، وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح». الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([503]) البيهقي، دلائل النبوة: ج5 ص489، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. حديث «لما اقترف آدم الخطيئة...» أخرجه الحاكم في المستدرك: ج2 ص615، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([504]) الميضأة: مسيل ماء للوضوء.

([505]) الطبراني، المعجم الصغير: ج1 ص183، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. البيهقي، دلائل النبوة: ج6ص167-168، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، دار الريان للتراث ـ مصر.

([506]) أقول: قد ذكر في هامش الموسوعة الكويتية أن الذهبي تكلم في شعيب بما يقتضي تضعيف زيادته في هذا الحديث، فنقول: إن المذكور في سند الرواية أعلاه هو شبيب بن سعيد، أبو سعيد المكي، وهو ثقة كما صرح بذلك علماء الرجال، قال ابن حجر: «قال ابن المديني: شبيب بن سعيد ثقة... كتابه صحيح، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: كان عنده كتب يونس بن زيد وهو صالح الحديث, لا بأس به، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن عدي: ولشبيب نسخة الزهري عنده عن يونس عن الزهري ,أحاديث مستقيمة... وذكره ابن حبان في الثقات... وقال الدارقطني: ثقة، ونقل ابن خلفون: توثيقه عن الذهلي» كما أن الذهبي لم يذكر شيئاً في ترجمته ما يدلّ على ضعفه; بل قال: «صدوق يغرب». (انظر: ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج4 ص269. وانظر: الذهبي، ميزان الاعتدال: ج2 ص262). هذا وقد تكلمنا حول هذا الحديث مفصلاً وحول شبيب في الجزء الثالث، فراجع.

([507]) المباركفوري، تحفة الأحوذي: ج10 ص35، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([508]) الشوكاني، تحفة الذاكرين: ص212، الناشر: دار القلم ـ بيروت.

([509]) قال السيد الخميني: «ذلك سواءٌ فيه الاعتقاد بالولاية وغيرها، فالإمامة من أصول المذهب لا الدين». كتاب الطهارة: ج3 ص323، ج1 ص85، الناشر: مطبعة الآداب، النجف الأشرف.

([510]) النصب والعداء لأهل البيت^ يكون من أوضح مصاديق إنكار الضرورة الإسلامية القرآنية وهي المودة، لذا يحكم بكفر الناصبي بنص القرآن والروايات.

وقد أخرج ابن حبان في صحيحه إن رسول الله’ قال: «والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت إلا أدخله الله النار». صحيح ابن حبان: ج15 ص435، مؤسسة الرسالة ـ بيروت. الألباني السلسلة الصحيحة: ج5 ص643 رقم2488، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.

([511]) الخميني، كتاب الطهارة: ج3 ص316، الناشر: مطبعة الآداب ـ النجف الأشرف.

([512]) المصدر السابق: ج3 ص316.

([513]) الخوئي، كتاب الطهارة: ج2 ص83ـ 87، الناشر: دار الهادي ـ قم.

([514]) وإن كان أغلب علماء أهل السنة يرون أنّ كلّ ما فيه صحيح، لكن هذه الرؤية لا تفرض صحتها على الآخرين.

([515]) قال المحدّث البحراني: «قال بعض مشايخنا المتأخّرين: أمّا الكافي، فجميع أحاديثه حصرت في ستة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثاً. والصحيح منها باصطلاح من تأخّر: خمسة آلاف واثنان وسبعون حديثاً; والحسن: مائة وأربعة وأربعون حديثاً; والموثّق: مائة حديث وألف حديث وثمانية عشر حديثاً; والقويّ: منها اثنان وثلاثمائة حديث، والضعيف منها: تسعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانون حديثاً». يوسف البحراني، لؤلؤة البحرين: ص376-377، الناشر: مكتبة فخراوي ـ المنامة، البحرين.

أما العلامة المجلسي فقد قمنا بإحصاء الأحاديث المعتبرة ـ في موسوعته القيمة: مرآة العقول في شرح صحيح الكافي، فوجدناها ما يقارب: سبعة آلاف وثلاثمائة واثنين وستين حديثاً معتبراً.

([516]) الحديث المرفوع عند الشيعة له إطلاقان: أحدهما ما سقط من وسط سنده أو آخره واحد أو أكثر مع التصريح بلفظ الرفع، كأن يقال: روى الكليني (ره) عن علي بن إبراهيم, عن أبيه, رفعه عن أبي عبد الله×، وهذا داخل في أقسام المرسل بالمعنى الأعم.

والثاني: ما أضيف إلى المعصوم× من قول أو فعل أو تقرير، أي وصل آخر السند إليه، سواء اعتراه قطع أو إرسال في سنده أم لا. علي أكبر غفاري، دراسات في علم الدراية: ص36-37، الناشر: جامعة الإمام الصادق× ـ طهران.

([517]) إشارة إلى قول الصادق×: «إنّا أهل بيت صادقون، لا نخلو من كذّاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس». الطوسي، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): ج2 ص593، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث.

([518]) الطوسي، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): ج2 ص489.

([519]) المصدر نفسه: ج2 ص658.

([520]) المصدر نفسه: ج1 ص348.

([521]) المصدر نفسه: ج1ص361.

([522]) انظر: كتاب تاريخ آل زرارة، للمحقق، السيّد محمد علي الموحد الأبطحي، ص59- 60, المطبعة: مطبعة رباني.

([523]) الطوسي، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): ج1 ص349.

([524]) الأنبياء: 63.

([525]) يوسف: 70.

([526]) الأنعام: 78.

([527]) الصافّات: 89.

([528]) في صحيح مسلم: «ولمّا نزلت هذه الآية: {فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ} دعا رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: اللهمّ هؤلاء أهلي». صحيح مسلم: ج7 ص120ـ 121 ح6114، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل علي (رضي اللّه عنه)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

قال ابن كثير: «قال جابر: {وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ} رسول اللّه وعلي بن أبي طالب {وأبناءنا} الحسن والحسين {ونساءنا} فاطمة. وهكذا رواه الحاكم في مستدركه... ثمّ قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه». تفسير القرآن العظيم: ج1 ص379 الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. ورواه السيوطي قائلاً: «وصحّحه الحاكم». الدر المنثور: ج2 ص39، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. وهكذا الشوكاني في فتح القدير: ج1 ص348، الناشر: عالم الكتب.

قال الزمخشري: «وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء^». الكشاف: ج1 ص343، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، عباس ومحمد محمود الحلبي وشركاهم.

([529]) البخاري، صحيح البخاري: ج5 ص129 ح4416، كتاب المغازي، باب غزوة تبوك. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص120 ح6111، كتاب الفضائل، باب فضائل علي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([530]) الكليني، الكافي: ج1 ص90 ح5، فالمراد أنّه مطيع تابع له، كما قال الصدوق بعد ذكر الحديث: «يعني بذلك عبد طاعته لا غير ذلك». الصدوق، كتاب التوحيد: ج3 ص174، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم.

([531]) الحجرات: 6.

([532]) قال الغامدي: وأمَّا الوليد بن عقبة فالقرآن الكريم قد حكم فيه، حيث نزلت فيه آية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا...} وقد ثبت فسقه بروايات صحيحة، ولا ندري عمَّا لقي اللّه عزّ وجل به. انظر: حوار هادئ: ص124.

([533]) ذكر الطوسي في رجاله 488 صحابيّاً، في القسم الذي تحدّث فيه عن أصحاب النبي’، وقد وثق منهم 176 صحابيّاً، وذكر 436 صحابيّاً في أصحاب أمير المؤمنين وقد وثّق منهم 187 صحابيّاً. من شهد من أصحاب النبي’ مع علي× في الجمل.

كما روى الطوسي أيضاً عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: «شهد مع علي× يوم الجمل ثمانون من أهل بدر، وألف وخمسمائة من أصحاب رسول الله’». الطوسي، الأمالي: ص726، الناشر: دار الثقافة ـ قم. القاضي النعمان المغربي، شرح الأخبار: ج1 ص401، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

وقال الذهبي: «قال سعد بن إبراهيم الزهري: حدثني رجل من أسلم، قال: كنّا مع علي أربعة آلاف من أهل المدينة.

وقال سعيد بن جبير: كان مع علي يوم وقعة الجمل ثمانمائة من الأنصار، وأربعمائة ممن شهدوا بيعة الرضوان. رواه جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد.

وقال المطلب بن زياد، عن السدي: شهد مع علي يوم الجمل مائة وثلاثون بدرياً وسبعمائة من أصحاب النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، وقتل بينهما ثلاثون ألفاً، لم تكن مقتلة أعظم منها». تاريخ الإسلام: ج3 ص484، الناشر: دار الكتاب العربي. تاريخ خليفة بن خياط: ص138، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

وفي من شهد من أصحاب النبي مع علي× في صفين، قال الحاكم: «شهد مع علي صفين ثمانون بدرياً وخمسون ومائتان ممن بايع تحت الشجرة». المستدرك: ج3 ص104، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

وقال ابن أعثم الكوفي: «وهم يومئذ تسعون ألفاً وثمانمائة رجل ممّن بايع النبي (صلى الله عليه وآله) تحت الشجرة، قال سعيد بن جبير: كان مع علي (رضي الله عنه) يومئذ ثمانمائة رجل من الأنصار، وتسعمائة ممن بايع تحت الشجرة». كتاب الفتوح: ج2 ص544، الناشر: دار الأضواء.

وروى خليفة بن خياط، عن عبد الرحمن بن أبزي: «شهدنا مع علي ثمانمائة ممن بايع بيعة الرضوان، قتل منّا ثلاثة وستون ; منهم: عمار بن ياسر». تاريخ خليفة بن خياط: ص148، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

قال المسعودي: «وكان ممن شهد صفين مع علي من أصحاب بدر سبعة وثمانون رجلاً: منهم سبعة عشر من المهاجرين، وسبعون من الأنصار، وشهد معه من الأنصار ممن بايع تحت الشجرة وهي بيعة الرضوان من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعمائة، وكان جميع من شهد معه من الصحابة ألفين وثمانمائة». المسعودي، مروج الذهب: ج2 ص314، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([534]) كما روى الطبراني وابن الأثير عن أبي ذر وسلمان، قالا: «أخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيد علي (رضي الله عنه) فقال: إن هذا أول من آمن بي وهو أول من يصافحني يوم القيامة وهذا الصديق الأكبر وهذا فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالم». المعجم الكبير: ج6 ص269، الناشر: دار إحياء التراث العربي. ابن الأثير، أسد الغابة: ج5 ص287، فيه: «أخرجه الثلاثة»، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص41، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

وقال ابن عبد البر: «وروى عن سلمان وأبي ذر والمقداد وخباب وجابر وأبى سعيد الخدري وزيد بن الأرقم أن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أول من أسلم وفضله هؤلاء على غيره». ابن عبد البر، الاستيعاب: ج3 ص1090، الناشر: دار الجيل.

([535]) قال×: «لقد رأيت أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) فما أرى أحداً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجداً وقياما يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم. كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاء الثواب» نهج البلاغة: ج1 ص189ـ 190، شرح الشيخ محمد عبده، الناشر: دار الذخائر ـ قم.

([536]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص26 ح6830، كتاب المحاربين، باب رجم الحبلى من الزنا.

([537]) اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي: ج2 ص142، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([538]) قال خير الدين الزركلي: «اليعقوبي أحمد بن إسحاق (أبي يعقوب) بن جعفر بن وهب بن واضح اليعقوبي، مؤرّخ جغرافي كثير الأسفار، من أهل بغداد، كان جدّه من موالي المنصور العباسي، رحل إلى المغرب وأقام مدّة في أرمينية ودخل الهند وزار الأقطار العربية، وصنف كتباً جيّدة منها: تاريخ اليعقوبي، انتهى به إلى خلافة المعتمد على اللّه العباسي، وكتاب البلدان وأخبار الأمم السالفة». الأعلام: ج1 ص95، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([539]) نقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج6 ص21.

([540]) ابن الأثير، أسد الغابة: ج3 ص222، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([541]) ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج2 ص325 ص331، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([542]) الطبري، تاريخ الطبري: ج2 ص443، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت. ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج2 ص325. ابن الأثير، أسد الغابة: ج3 ص222، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([543]) الديار بكري، تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس: ج2 ص169، الناشر: مؤسسة شعبان ـ بيروت. وانظر: عبد الله بن أحمد بن حنبل، السنة: ج2 ص553ـ 554، الناشر: دار ابن القيم ـ الدمام. الطبري أبو جعفر، الرياض النضرة: ج2 ص213، الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت.

([544]) الواقدي، كتاب الردة: ص45، الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت.

([545]) البقرة: 111.

([546]) الحلبي، الكافي: ص469، الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي× العامة ـ أصفهان.

([547]) الطوسي، الاقتصاد: ص127ـ 128، الناشر: مكتبة جامع جهلستون ـ طهران.

([548]) المفيد، النكت في مقدمات الأصول: ص54، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([549]) الصدوق، الاعتقادات في دين الإمامية: ص66، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([550]) الطبرسي، تفسير مجمع البيان: ج1 ص201، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([551]) الحلبي، الكافي: ص469، الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي× العامة ـ أصفهان.

([552]) وقد أثنى مؤلف هذا كتاب ( لله ثم للتاريخ) على أحمد كسروي قائلاً: «كما قتلوا قبله[أي: نجل السيد أبي الحسن الإصفهاني] السيد أحمد كسروي عندما أعلن براءته من هذا الانحراف، وأراد أن يصحح المنهج الشيعي، فَقَطَّعوه إِرَباً إِرَباً». للّه ثمّ للتاريخ: ص8.

مع أنّ الكسروي رجل مرتدّ كان يستهزئ بالرسول’، حيث قال: «زعم المسلمون أنّ اللّه بعث بشراً وأوحى إليه بواسطة جبرائيل، يطلبون منه المعجزة، فإن أتى بها قُبلت دعواه، وإلاّ فلا، وهذا الزعم باطل من الأساس نشأ من الحُمق». كتاب حول الإسلام( در بيرامون اسلام) باللغة الفارسية، مكتبة بايدار: ص9.

كما أنكر خاتمية الرسول’ قائلاً: «إنّ المسلمين ادّعوا أنّ النبوّة قد ختمت برسالة محمد، وهو جهل فاضح، وفى الواقع أنّهم أنكروا قدرة اللّه على إرسال رسول بعده». حول الإسلام: ص11.

وقد أهان المسلمين شيعة وسنة بقوله: «نعلم كلّنا أنّ المسلمين اليوم من الشيعة وأهل السنّة هم أرذل الناس وأذلّهم». حول الإسلام: ص63.

([553]) انظر: ص46ـ47 من هذا الجزء.

([554]) نقل في صفحة 34 عن (من لا يحضره الفقيه): «قول الصادق عليه السلام: إنّ المتعةَ ديني ودينُ آبائي فَمن عَمِل بها عَمِلَ بديننا، ومَن أنكرها أنكر ديننا، واعتقد بغيرِ ديننا».

وهذه الرواية وسائر الروايات التي نقلها عن كتب الشيعة، لا توجد لا في الفقيه ولا في التهذيب ولا في الكافي ولا في الوسائل والمستدرك.

([555]) كان هناك أكثر من عشرين شخصاً من طلاب جامعة أمّ القرى وغيرهم قد حضروا الجلسة.

([556]) سمعت من بعض مشايخي بأنه في زمان سماحة آية اللّه العظمى السيّد البروجردي (قدس سرّه)، قد جاء إليه شخص من قِِبَل شاه إيران وقال: قد طلب منّى علماء أهل السنّة أن نسمح لهم في بناء مسجد لهم بطهران، ماذا تقول؟

فأجاب السيّد البروجردي: إنّ طهران عاصمة الشيعة في العالم كما أنّ مكّة عاصمة أهل السنّة، فمتى ما سمحوا أن يبنى مسجد للشيعة بمكّة فنحن نسمح لهم ببناء مسجد لأهل السنّة بطهران.

([557]) حوار هادئ: ص5 من الطبعة الثانية.

([558]) فإن قلتم: إنك الآن قد نشرته فعلاً وقد فعلت نفس الخطأ، فسوف أقول لك: إن سبب نشري له الآن لأشعرك بخطئك، وللإجابة عما نشرته من شبهات على المذهب الشيعي.

([559]) الكليني، الكافي: ج2 ص46، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([560]) وهي قوله تعالى: {قُل لاَّ أَسْـَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبَى}. الشورى: 23.

([561]) الكليني، الكافي: ج8 ص162، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([562]) الغاشية: 25 ـ 26.

([563]) الزمر: 42.

([564]) السجدة: 11.

([565]) المجلسي، بحار الأنوار: ج8 ص50، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت.

([566]) آل عمران: 49.

([567]) القاضي عياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج1 ص338ـ 339، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([568]) ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج4 ص61، الناشر: مؤسسة إسماعيليان ـ قم.

([569]) الزمخشري، الفائق في غريب الحديث: ج3 ص195، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([570]) الزبيدي، تاج العروس: ج17 ص569، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([571]) ابن منظور، لسان العرب: ج12 ص479، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([572]) ابن حجر، الصواعق المحرقة: ج2 ص369، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([573]) الكنجي الشافعي، كفاية الطالب: ص72، الناشر: دار إحياء تراث أهل البيت ـ طهران.

([574]) أبو يعلى الحنبلي، طبقات الحنابلة: ج1 ص320، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([575]) انظر: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص298، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. المتقي الهندي، كنز العمال: ج13 ص152 ح36475، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. الخوارزمي، المناقب: ص294، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم. القندوزي، ينابيع المودة: ج1 ص249، الناشر: دار الأسوة.

([576]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج10 ص357، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([577]) المصدر السابق: ج3 ص380.

([578]) ابن حجر، الصواعق المحرقة: ج2 ص369، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([579]) سورة ق: 24.

([580]) الحسكاني، شواهد التنزيل: ج2 ص264، الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ مجمع إحياء الثقافة.

([581]) الكلابي، مناقب علي بن أبي طالب: ص427، المطبوع في ذيل مناقب علي بن أبي طالب×، الناشر: المكتبة الإسلامية ـ طهران. الحسكاني، شواهد التنزيل: ج2 ص264، الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ مجمع إحياء الثقافة.

([582]) القندوزي، ينابيع المودّة: ج1 ص251، الناشر: دار الأسوة.

([583]) الجويني، فرائد السمطين: ج1 ص106ـ 107 ح76، الناشر: دار الحبيب.

([584]) ابن حبان، المجروحين: ج1 ص145ـ 146، الناشر: دار الباز.

([585]) الكليني، الكافي: ج8، حاشية ص162، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([586]) النجاشي، رجال النجاشي: ص328 رقم 888، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم.

([587]) الطوسي، الفهرست: ص219، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

([588]) الطوسي، رجال الطوسي: ص364، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

([589]) الطوسي، تهذيب الأحكام: ج7 ص361، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([590]) الطوسي، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): ج1 ص796، رقم 978، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث.

([591]) ابن الغضائري، رجال ابن الغضائري: ص92، الناشر: دار الحديث.

([592]) المفيد، جوابات أهل الموصل: ص20، الناشر: دار المفيد ـ بيروت. الخوئي، معجم رجال الحديث: ج17 ص168، ط5ـ 1413هـ.

([593]) الخوئي، معجم رجال الحديث: ج17 ص169.

([594]) ابن تيمية، النبوات: ص213، الناشر: المطبعة السلفية ـ القاهرة.

([595]) المصدر السابق: ص218.

([596]) ابن تيمية، الجواب الصحيح: ج4 ص17، الناشر: دار العاصمة ـ الرياض.

([597]) ابن تيمية، كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية: ج11 ص281، الناشر: مكتبة ابن تيمية. وانظر: ابن تيمية، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: ص68، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.

([598]) المصدر السابق.

([599]) ابن تيمية، منهاج السنّة: ج8 ص135، الناشر: مؤسسة قرطبة.

([600]) ابن تيمية، النبوات: ص219، الناشر: المطبعة السلفية ـ القاهرة.

([601]) المصدر نفسه: ص114.

([602]) ابن تيمية، الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: ص70.

([603]) ابن تيمية، كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ج13 ص82، الناشر: مكتبة ابن تيمية.

([604]) ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: ج2 ص489، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([605]) المصدر السابق: ج2 ص489.

([606]) المصدر نفسه: ج2 ص490.

([607]) المصدر السابق.

([608]) النحل: 125.

([609]) آل عمران: 64.

([610]) ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان: ج6 ص319ـ 320، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([611]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج1 ص128، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([612]) ابن حجر العسقلاني، تغليق التعليق: ج5 ص420، الناشر: المكتب الإسلامي ـ الأردن.

([613]) نقلاً عن مقدمة صحيح ابن حبان: ج1 ص6، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([614]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج2 ص15 ح791، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([615]) النووي، شرح صحيح مسلم: ج1 ص26، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([616]) وسيأتي الكلام عن ذلك في الجزء الثالث تحت عنوان: قاعدة تصنيف الكتب الروائية.

([617]) انظر الجزء الثاني تحت عنوان: حوار حول الآيات الواردة في عدالة الصحابة.

([618]) انظر: ص489 وما بعدها من هذا الجزء.

([619]) انظر: ص499 وما بعدها من هذا الجزء.

([620]) ابن تيمية، درء تعارض العقل والنقل: ج3 ص329، الناشر: دار الكنوز الأدبية ـ الرياض.

([621]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج5 ص152 ح4468، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([622]) عبد الرزاق الصنعاني، المصنف: ج11 ص336، الناشر: المجلس العلمي.

([623]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج30 ص 303-304، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([624]) ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج3 ص212، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([625]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج6 ص334، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([626]) أي: لا أترك أثراً في أشعاركم بالنتف، ولا في أبشاركم بالجرح، وهو كناية عن عدم التجاوز والجور.

([627]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص145 ح7302، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([628]) المصدر السابق: ج5 ص82، ح4240، 4241.

([629]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص141 ح6202، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([630]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص210 ح3714، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([631]) ابن حجر، فتح الباري: ج7 ص82، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([632]) سبأ: 28.

([633]) النمازي, مستدركات علم رجال الحديث: ج5 ص80, الناشر: مطبعة حيدري ـ طهران, ط1, 1415هـ.

([634]) فقد ضعّفه النجاشي, وقال: «سهل بن زياد أبو سعيد الآدمي الرازي، كان ضعيفاً في الحديث، غير معتمد عليه فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم إلى الري». رجال النجاشي: ص158، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم. وقال السيد الخوئي: «وكيف كان فسهل بن زياد الآدمي ضعيف جزماً أو أنه لم تثبت وثاقته» معجم رجال الحديث: ج9 ص356، ط 1413هـ.

([635]) ابن تيمية، كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ج17 ص104، الناشر: مكتبة ابن تيمية.

([636]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج20 ص247، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([637]) الطبري، جامع البيان: ج1 ص54، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([638]) البيهقي، شعب الإيمان: ج2 ص427، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([639]) ابن حبان، صحيح ابن حبان: ج3 ص20، مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([640]) والحسكاني هو: الإمام المحدث، البارع، القاضي، أبو القاسم، عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي، العامري، النيسابوري، الحنفي، الحاكم، ويعرف أيضا بابن الحذاء، من ذرية الأمير الذي افتتح خراسان. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج18 ص268 ـ 270، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([641]) الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل: ج1 ص57، الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ مجمع إحياء الثقافة.

([642]) ابن المغازلي، مناقب أمير المؤمنين×: ص270ـ 271، الناشر: دار الأضواء ـ بيروت.

وابن المغازلي، كما قال محمد بن عبد الله الحضرمي: «كان محدثاً يسند إليه في زمانه، روى عنه الكثير، وهو عن جماعة، وكان ثقة، أميناً، صدوقاً، معتمداً في منقولاته مسنداً إليه في مروياته، له كتب منها: ذيل تاريخ واسط لأسلم المشهور ببحشل؛ وكتاب في مناقب سيدنا علي (كرم الله وجهه)، جمع فيه فأوعى، نقل فيه عن ثقات الرواة». رسالة الميزان القاسط في ترجمة مؤرخ واسط للسيد المرعشي: ص25، المطبوع مع مناقب أمير المؤمنين× لابن المغازلي، الناشر: دار الأضواءـ بيروت.

([643]) القندوزي: سليمان بن خوجه إبراهيم قبلان الحسيني الحنفي النقشبندي القندوزي: فاضل، من أهل بلخ، مات في القسطنطينية. له (ينابيع المودة) في شمائل الرسول’ وأهل البيت. الزركلي، الأعلام: ج3 ص125، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([644]) القندوزي، ينابيع المودة: ج1 ص378، الناشر: دار الأسوة.

([645]) الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل: ج1 ص58، الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ مجمع إحياء الثقافة.

([646]) ملا علي القاري، مرقاة المفاتيح: ج11 ص327، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([647]) انظر: ص465, وما بعدها من هذا الجزء.

([648]) انظر: ص419ـ 426, من الجزء الثاني.

([649]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج3 ص100 ح2308، كتاب الزكاة، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([650]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج15 ص447، الناشر: دار الحديث القاهرة، تحقيق: حمزة أحمد الزين، وقد علق على الحديث بقوله: «إسناده صحيح».

([651]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج3 ص473، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([652]) المصدر نفسه.

([653]) الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل: ص152 الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ مجمع إحياء الثقافة.

([654]) البقرة: 238.

([655]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج2 ص112 ح1313، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([656]) البخاري، صحيح البخاري: ج2 ص4 ح2050، كتاب البيوع.

([657]) ابن حجر، فتح الباري: ج3 ص474، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([658]) ابن خزيمة، صحيح ابن خزيمة: ج4 ص351ـ 352، المكتب الإسلامي ـ بيروت.

([659]) القرطبي، تفسر القرطبي: ج11 ص185، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([660]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص138 ح3430، كتاب أحاديث الأنبياء، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([661]) الثعلبي، الكشف والبيان: ج3 ص53، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([662]) المفيد، أوائل المقالات: ص80ـ 82، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([663]) النساء: 3.

([664]) الطبرسي، الاحتجاج: ج1 ص358 وما بعدها، الناشر: دار النعمان ـ النجف الأشرف.

([665]) ابن حزم، الفصل في الأهواء والملل والنحل: ج4 ص78، الناشر: مكتبة الخانجي ـ القاهرة.

([666]) لاحظ ما تقدم من حوار حول هذا الكتاب في: ص46 ـ 49.

([667]) روى له البخاري في كتاب لبس الحرير: ج7 ص45 ح5387.

([668]) روى له البخاري في كتاب المناقب: ج4 ص164 ح3546.

([669]) روى له البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء: ج4 ص131 ح3410، وفي كتاب الطب: ج7 ص26 ح5752.

([670]) وقد وجد هذا المضمون في بعض المصادر المعتمدة من كتب أهل السنة، فعن السيدة عائشة قالت: >قبض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهامها، اشرأب النفاق بالمدينة وارتدت العرب قاطبة<. تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر: ج 30 ص 311. وعن أنس قال: >لما توفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ارتدت العرب...< والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي في التلخيص. المستدرك، الحاكم النيسابوري: ج 1 ص 386.

([671]) النووي، المجموع: ج18 ص194، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([672]) ابن قدامة، المغني: ج9 ص116 ـ 117، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([673]) ابن حزم، المحلي: ج10 ص317، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([674]) النووي، المجموع: ج17 ص410، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([675]) ابن قدامة، المغني: ج1 ص41، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([676]) المصدر نفسه: ج7 ص64.

([677]) المصدر نفسه: ج7 ص485.

([678]) المصدر نفسه.

([679]) الزمخشري، الكشاف: ج4 ص310، الناشر: مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر.

([680]) النووي، المجموع: ج8 ص409، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([681]) الأنعام: 121.

([682]) الشافعي، كتاب الأم: ج5 ص3، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([683]) ابن قدامة، المغني: ج9 ص54، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([684]) ابن أبي شيبة الكوفي، المصنف: ج8 ص363، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([685]) ابن عبد البر، الانتقاء: ص151، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([686]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج13 ص390، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([687]) الزمخشري، الكشاف: ج4 ص310، الناشر: مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر.

([688]) ابن حزم، المحلى: ج10 ص17، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([689]) الشافعي، الأم: ج5 ص29 ـ30، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([690]) المصدر نفسه: ج7 ص401.

([691]) النووي، المجموع: ج9 ص78، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([692]) فتاوى اللجنة الدائمة، قسم العقيدة: ج2 ص264، الفتوى رقم1661، الناشر: مكتبة المعارف بالرياض.

([693]) ابن عابدين، حاشية رد المحتار: ج1 ص407، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([694]) عبد العزيز بن باز، الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس والقمر وسكون الأرض: ص22-23، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ـ الرياض، ط2، 1402هـ.

([695]) النووي، المجموع: ج20 ص33، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([696]) ابن حزم: المحلى: ج11 ص392، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([697]) ابن القيم الجوزية، بدائع الفوائد: ج4 ص905، الناشر: مكتبة الباز ـ مكة المكرمة.

([698]) الدسوقي، حاشية الدسوقي: ج1 ص129، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.

([699]) الشرواني، حواشي الشرواني على تحفة المحتاج: ج1 ص260، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ لبنان.

([700]) ابن حزم، المحلى: ج11 ص257 ـ 258، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([701]) ابن القيم الجوزية، بدائع الفوائد: ج4 ص906، الناشر: مكتبة الباز ـ مكة المكرمة.

([702]) ابن قدامة، المغني: ج9 ص159، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([703]) للاطلاع على مضمون الفتوى أكثر راجع على الانترنت الرابط التالي:
http: //islamweb.net/pls/iweb/Fatwa.SearchFatByNo?FatwaId=23672&thelang=A

([704]) أبو إسحاق الشيرازي، شرح اللمع: ج1 ص111، حققه وقدم له ووضع فهارسه: عبد المجيد تركي، الناشر: دار الغرب الإسلامي، ط1ـ 1408هـ.

([705]) الذهبي، تذكرة الحفاظ: ج3 ص1187، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([706]) ابن عساكر، تبيين كذب المفتري: ص310، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([707]) عبد الله بن أحمد بن حنبل، كتاب السنة: ج1 ص193، الناشر: دار ابن القيم ـ الدمام.

([708]) ابن عبد البر، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء: ص149، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([709]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج13 ص401، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([710]) المصدر نفسه: ج13 ص382.

([711]) عبد الله بن أحمد بن حنبل، كتاب السنة: ج1ص194، الناشر: دار ابن القيم ـ الدمام.

([712]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج13 ص397.

([713]) ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: ج8 ص163، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج9 ص607، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن كثير، البداية والنهاية: ج12 ص83، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([714]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج12 ص143، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. الكامل في التاريخ: ج10 ص107، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: ج8 ص312، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([715]) وهو رئيس الشافعية. ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج12 ص117، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([716]) ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج11 ص319، الناشر: دار صادر ـ بيروت. اليافعي، مرآة الجنان وعبرة اليقظان: ج3 ص343، الناشر: دار الكتاب الإسلامي ـ القاهرة. الذهبي، تاريخ الإسلام: ج38 ص44، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. ابن كثير، البداية والنهاية: ج12 ص310، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([717]) الحموي، معجم البلدان: ج 1 ص 209، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([718]) المصدر السابق: ج3 ص117.

([719]) ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج8 ص307، الناشر: دار صادر للطباعة والنشر ـ دار بيروت للطباعة والنشر.

([720]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج12 ص187، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. لسان الميزان: ج5 ص402، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([721]) الذهبي، العبر في خبر من غبر: ج3 ص52، الناشر: مطبعة حكومة الكويت ـ الكويت.

([722]) ابن تيمية، بيان تلبيس الجهمية: ج2 ص331ـ 332، الناشر: مطبعة الحكومة ـ مكة المكرمة.

([723]) النساء: 94.

([724]) النساء: 65.

([725]) الصف: 10ـ 11.

([726]) إبراهيم: 7.

([727]) البقرة: 152.

([728]) النمل: 40.

([729]) البخاري، صحيح البخاري: ج1 ص13 ح29، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([730]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج1 ص59 ح132، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([731]) ابن حبان، صحيح ابن حبان: ج1 ص276، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، وقد حكم بحسن الحديث، كما أخرج الحديث أبو يعلى في سنده؛ والطبراني في معجمه الكبير والصغير، وقد وثق رجاله الهيثمي في مجمع الزوائد: ج7 ص316، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([732]) المُنَاوي، فيض القدير: ج3 ص71، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([733]) ابن تيمية، كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية: ج13 ص236، الناشر: مكتبة ابن تيمية.

([734]) ابن نجيم، البحر الرائق: ج1 ص611، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([735]) ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة: ص138، مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([736]) أحمد بن حنبل، العقيدة: ج1 ص70، الناشر: دار قتيبة ـ دمشق.

([737]) أبو يعلى الفراء، طبقات الحنابلة: ج1 ص173، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([738]) ابن تيمية، كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ج6 ص486، الناشر: مكتبة ابن تيمية.

([739]) البخاري، صحيح البخاري: ج6 ص50 ح4855، كتاب التفسير.

([740]) الطبري، جامع البيان: ج7 ص299 وج29 ص193، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([741]) الشاطبي، الاعتصام: ج1 ص459، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([742]) ابن عبد البر، الانتقاء: ص28، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([743]) البقرة: 272.

([744]) أخرج البخاري عن أنس، قال: «لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم». صحيح البخاري: ج3 ص221 ح2880، كتاب الجهاد والسير، باب غزو النساء، وذكر ذلك أيضاً في كتاب المناقب باب مناقب الأنصار وكتاب المغازي باب غزوة أحد.

([745]) أخرج البخاري عن إسحاق، قال: «قال رجل للبراء بن عازب: أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ قال: لكن رسول الله لم يفر» صحيح البخاري: ج3 ص218 ح2864، كتاب الجهاد والسير.

([746]) قال عمر: «فأتيت نبي الله، فقلت: ألست نبي الله حقاً؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا؟ إلى أن قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات...» البخاري، صحيح البخاري: ج3 ص182 ح2731، 2732، كتاب الشروط.

([747]) ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج2ص249، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([748]) أخرج البخاري بسنده عن ابن عباس، قال: «لما اشتد بالنبي وجعه، قال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط، قال: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع، فخرج ابن عباس يقول: إن الرزيئة كلّ الرزيئة ما حال بين رسول الله وبين كتابه» صحيح البخاري: ج1 ص37 ح114، كتاب العلم.

([749]) روى مسلم عن عائشة رضى اللّه عنها، أنّها قالت: «قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأربع مضين من ذى الحجة أو خمس، فدخل عليّ وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول اللّه، أدخله اللّه النار». مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج4 ص33ـ 34 ح2820، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

وفي رواية أخرى: «ومالي لا أغضب؟ وأنا آمر بالأمر فلا أُتَّبع». أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج4 ص286، الناشر: دار صادر ـ بيروت. المتقي الهندي، كنز العمّال: ج5 ص275، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

وقال الهيثمى: «رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح» مجمع الزوائد: ج3 ص233، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

وقال الذهبي: «هذا حديث صحيح من العوالي». سير أعلام النبلاء: ج8 ص498، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

وروى مسلم في صحيحه عن عطاء، قال: «سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في ناس معي، قال: أهللنا، أصحاب محمد (صلّى الله عليه وسلّم) بالحج خالصاً وحده، قال عطاء: قال جابر: فقدم النبي (صلّى الله عليه وسلّم) صبح رابعة مضت من ذي الحجة، فأمرنا أن نحل، قال عطاء: قال: حلوا وأصيبوا النساء، قال عطاء: ولم يعزم عليهم، ولكن أحلهن لهم، فقلنا: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نفضي إلى نسائنا، فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني» صحيح مسلم: ج4 ص37 ح2832، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([750]) النساء: 59.

([751]) الحشر: 7.

([752]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص110 ح3349، كتاب أحاديث الأنبياء.

([753]) انظر: ص419ـ 424, من الجزء الثاني.

([754]) البخاري، صحيح البخاري: ج1 ص28 ح79، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([755]) المصدر السابق: ج8 ص145 ح4845.

([756]) المصدر نفسه: ج6 ص65ـ 66 ح4905.

([757]) أخرج البخاري عن سالم عن أبيه، قال: «بعث النبي (صلّى الله عليه وسلّم) خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة فدعاهم إلى الإسلام... فجعل خالد يقتل منهم ويأسر... فقلت: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، فذكرناه له، فرفع النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يده فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، مرتين» صحيح البخاري: ج5 ص107 ح4339.

([758]) النجاشي، رجال النجاشي: ص377، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم.

([759]) ابن طاووس، كشف المحجة: ص158، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

([760]) ابن طاووس، فرج المهموم: ص90، الناشر: مؤسسة الرضي ـ قم.

([761]) حسين البهائي، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار: ص85، الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية.

([762]) نقلاً عن مقدمة أصول الكافي، الكليني: ج1 ص18، الناشر: دار التعارف ـ بيروت.

([763]) ابن الأثير الجزري، جامع الأصول: ج11 ص319ـ 320، ح8881، الناشر: مكتبة الحلواني.

([764]) المصدر نفسه: ج11 ص323.

([765]) ابن الأثير الجزري، تتمة جامع الأصول ـ قسم التراجم: ص895، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([766]) الذهبي، تاريخ الإسلام: ص321ـ 330، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([767]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج15 ص280، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([768]) ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان: ج5 ص433، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([769]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج56 ص297، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([770]) الزبيدي، تاج العروس: ج8 ص482، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([771]) التهانوي، قواعد في علوم الحديث: ص240-241، الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية.

([772]) الرازي، الجرح والتعديل: ج7 ص109، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([773]) ابن حجر، مقدمة فتح الباري: ص492، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([774]) أي: محمد بن إسماعيل البخاري.

([775]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج3 ص138، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([776]) ابن حجر، طبقات المدلسين: ص24 رقم 23، الناشر: مكتبة المنار ـ الأردن.

([777]) سبط ابن العجمي، التبيين لأسماء المدلسين: ص177 رقم 64، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([778]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج12 ص275، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([779]) ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان: ج7 ص507، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([780]) المباركفوري، تحفة الأحوذي: ج3 ص217، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([781]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج2 ص442، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([782]) ابن حجر، طبقات المدلسين: ص16، الناشر: مكتبة المنار ـ الأردن.

([783]) الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية: ص393ـ395، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([784]) الذهبي، تاريخ الإسلام: ج7 ص354, الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([785]) ابن رجب، جامع العلوم والحكم: ص259، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([786]) ابن حجر، مقدمة فتح الباري: ص550ـ 650، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([787]) الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية: ص136، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([788]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج4 ص89، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([789]) بدر العيني، عمدة القاري: ج1 ص8، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([790]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1 ص289، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([791]) المصدر نفسه: ج1 ص366.

([792]) أبو زرعة، البيان والتوضيح: ص271، الناشر: دار الجنان ـ بيروت.

([793]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج4 ص176 رقم 8745، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([794]) ابن حجر، مقدمة فتح الباري: ص479، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([795]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج2 ص11، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([796]) ما بين المعقوفتين من كلام ابن حجر لم يرد ضمن كلامه في مقدمة فتح الباري وإنما ورد الكلام الذي قبله والذي بعده، فلا ندري هل أن ابن حجر تعمّد عدم نقله أم أنه حذف من كلامه في المقدمة؟. انظر: ابن حجر، مقدمة فتح الباري: ص10، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([797]) السيوطي، تدريب الراوي: ج1ص94-95، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ـ الرياض.

([798]) ابن حجر، النكت على كتاب ابن الصلاح: ج1 ص282-283، الناشر: دار الراية ـ الرياض.

([799]) السرخسي، المبسوط: ج30 ص297، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([800]) ناصر الدين الإسكندري، المتواري على تراجم أبواب البخاري: ص36ـ 37، الناشر: مكتبة المعلا ـ الكويت.

([801]) النووي، شرح صحيح مسلم: ج4 ص36، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([802]) ابن حجر، فتح الباري: ج1 ص340، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([803]) الكليني، الكافي: ج7 ص154، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([804]) الميرزا النوري، مستدرك الوسائل: ج1 ص28ـ29، الناشر: مؤسسة آل البيت^ ـ قم.

([805]) انظر: الكافي: ج3 ص289ـ 290، وج6 ص134 وج7 ص290، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([806]) السيوطي، تدريب الراوي: ج1 ص131، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ـ الرياض.

([807]) ابن الصلاح، مقدمة ابن الصلاح: ص30، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([808]) النووي،صحيح مسلم بشرح النووي: ج1 ص19ـ 20، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([809]) ابن حجر، مقدمة فتح الباري: ص490، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([810]) الشرواني، حواشي الشرواني: ج1 ص53، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([811]) ابن حجر، مقدمة فتح الباري: ص11، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([812]) المصدر السابق: ص6.

([813]) انظر: شرح المقاصد، التفتازاني: ج4 ص43ـ 44، الناشر: دار المعارف النعمانية. الباقلاني، تمهيد الأوائل: ص223ـ 224، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية ـ بيروت.

([814]) البخاري، صحيح البخاري: ج1 ص195، كتاب التوحيد ح7437.

([815]) المصدر نفسه: ج8 ص182، ح7439.

([816]) المصدر نفسه: ج6 ص48، ح4850.

([817]) المصدر نفسه: ج6 ص72، ح4919.

([818]) ابن الجوزي، دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه: ص120، الناشر: دار الإمام النووي ـ الأردن.

([819]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص204، كتاب التوحيد، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ح7517.

([820]) ابن حجر، فتح الباري: ج3 ص402، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([821]) المصدر نفسه.

([822]) ابن الجوزي، دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه: ص136، الناشر: دار الإمام النووي ـ الأردن.

([823]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص183، كتاب التوحيد ح7440.

([824]) ابن حجر، فتح الباري: ج13 ص530، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([825]) ص: 45ـ 47.

([826]) آل عمران: 81.

([827]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص112 ح3358.

([828]) الرازي، التفسير الكبير: ج22 ص186، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([829]) المصدر السابق: ج26 ص148.

([830]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص129، ح3404.

([831]) المصدر نفسه: ج2 ص92، ح1339.

([832]) المصدر نفسه: ج3 ص152، ح2655.

([833]) المصدر السابق: ج6 ص225، ح5499.

([834]) المصدر نفسه: ج1 ص62، ح224.

([835]) المصدر نفسه: ج1 ص62، ح225.

([836]) سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي: ج1 ص25، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([837]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص266 ح3931.

([838]) المصدر نفسه: ج2 ص11، ح987.

([839]) المصدر السابق: ج3 ص88، ح2411.

([840]) المصدر نفسه: ج4 ص133، ح3414 و3415.

([841]) المصدر السابق: ج5 ص225 ح4712.

([842]) المصدر نفسه: ج8 ص202، ح7513.

([843]) قال الندوي في كتابه (الإمام البخاري): ص128ـ 129: «نرى الإمام البخاري يذكر حديثاً، واحداً وعشرين مرة، وقد روى حديث بريدة عن عائشة أكثر من اثنتين وعشرين مرة، وروى قصة موسى وخضر في أكثر من عشرة مواضع، وأخرج حديث كعب بن مالك في تخلّفه عن غزوة تبوك في أكثر من عشرة مواضع»، الناشر: دار العلم ـ دمشق.

([844]) السيوطي، تدريب الراوي شرح تقريب النواوي: ج1 ص102، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ـ الرياض.

([845]) المزي، تهذيب الكمال: ج5 ص79، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([846]) ابن تيمية، منهاج السنة: ج7 ص519، الناشر: مؤسسة قرطبة.

([847]) ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل: ج4 ص108، الناشر: مكتبة الخانجي ـ القاهرة.

([848]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص203، ح3570.

([849]) ابن حجر، فتح الباري: ج13 ص399، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([850]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص203 ح3698.

([851]) ابن حجر، فتح الباري: ج7 ص14، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([852]) أبو يعلى الفراء، طبقات الحنابلة: ج1 ص158، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج10 ص463ـ 464، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([853]) البخاري، صحيح البخاري: ج3 ص166، كتاب الصلح ح2691.

([854]) ابن بطال، شرح ابن بطال: ج8 ص80، الناشر: مكتبة الرشيد ـ السعودية.

([855]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1 ص160 رقم 5960، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([856]) البخاري، خلق أفعال العباد: ص13، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([857]) نقله عنه: الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج12 ص456، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([858]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج12 ص456، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([859]) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج9 ص46، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([860]) الروم: 30.

([861]) آل عمران: 28.

([862]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج1 ص365، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([863]) ابن حجر، فتح الباري: ج12 ص278، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([864]) النحل: 106.

([865]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج2 ص609، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج10 ص108، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([866]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص55 ح89، كتاب الإكراه.

([867]) المصدر نفسه: ج7 ص86 ح6054.

([868]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص343، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([869]) البخاري، صحيح البخاري: ج1 ص38 ح120، كتاب العلم، باب حفظ العلم.

([870]) المصدر نفسه: ج7 ص102، كتاب الأدب، باب المداراة.

([871]) ابن حجر، فتح الباري: ج10 ص438، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([872]) ابن أبي شيبة الكوفي، المصنف: ج7 ص643، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([873]) السرخسي، المبسوط: ج30 ص214، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([874]) ابن جرير، جامع البيان: ج3 ص311، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([875]) ابن حبان، طبقات المحدثين: ج4 ص176، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([876]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص55 ح89، كتاب الإكراه.

([877]) الحنفي, علي محمد فتح الدين، فلك النجاة في الإمامة والصلاة: ص252، الناشر: مؤسسة دار الإسلام.

([878]) الرازي، التفسير الكبير: ج8 ص15، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([879]) الزمخشري، الكشاف: ج1 ص422، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر.

([880]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج10 ص182، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([881]) القاسمي، محاسن التأويل: ج4 ص826، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.

([882]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج10 ص190، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([883]) ابن الجوزي، الأذكياء: ج1 ص121، الناشر: مكتبة الغزالي.

([884]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: ج13 ص376ـ377، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([885]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج10 ص482، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([886]) المصدر نفسه: ج10 ص573.

([887]) السبكي، طبقات الشافعية الكبرى: ج2 ص82، الناشر: هجر للطباعة والنشر والتوزيع.

([888]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج11 ص87، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([889]) ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان: ج1 ص399، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([890]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج13 ص322, الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([891]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج6 ص339، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون: ج2 ق2 ص60، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

([892]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج20 ص112، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([893]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج17 ص507، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([894]) ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان: ج4 ص248، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([895]) الرعد: 9.

([896]) الكليني، الكافي: ج1 ص148، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([897]) المصدر نفسه.

([898]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص70، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم.

([899]) المصدر نفسه.

([900]) الطوسي، الغيبة: ص431، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

([901]) المازندراني، شرح أصول الكافي: ج4 ص250ـ 251، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([902]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص146 ح3464، كتاب أحاديث الأنبياء.

([903]) ابن حجر، فتح الباري: ج6 ص364، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([904]) العيني، عمدة القاري: ج16 ص48، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([905]) ابن أبي حاتم. تفسير ابن أبي حاتم: ج10 ص3252، الناشر: المكتبة العصرية.

([906]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج8 ص8، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([907]) المصدر نفسه: ص9.

([908]) المائدة: 64.

([909]) الخوئي، معجم رجال الحديث: ج8 ص225ـ 254، ط5ـ 1413هـ.

([910]) انظر: ج2 ص 611 وما بعدها.

([911]) اُنظر: حسن بن فرحان المالكي، الصحبة والصحابة. أحمد حسين يعقوب، نظرية عدالة الصحابة. الهاشمي بن علي، الصحابة في حجمهم الحقيقي، وغيرها من الكتب.

([912]) الحج: 11.

([913]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج3 ص219، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([914]) البخاري، صحيح البخاري: ج5 ص242، ح4742.

([915]) المصدر نفسه: ج4 ص188.

([916]) أحمد بن حنبل، أصول السنة: ص40، الناشر: دار المنار ـ السعودية.

([917]) النووي، شرح صحيح مسلم: ج1 ص35ـ 36، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([918]) الصف: 2ـ3.

([919]) انظر: الجوهري، الصحاح: ج1 ص266، الناشر: دار العلم للملايين. ابن منظور، لسان العرب: ج2 ص90، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([920]) الطبري، جامع البيان: ج22 ص172، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. النحاس، معاني القرآن: ج5 ص462، الناشر: جامعة أم القرى ـ السعودية.

([921]) ابن جرير الطبري، جامع البيان: ج28 ص107، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([922]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج4 ص382، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([923]) المصدر نفسه.

([924]) ابن جرير الطبري، جامع البيان: ج28 ص108، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([925]) الأحزاب: 10ـ12.

([926]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج14 ص147، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([927]) اُنظر: ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج3 ص420.

([928]) المصدر نفسه: ج6 ص37ـ 38. وانظر: ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج3 ص463، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([929]) التوبة: 124ـ 125.

([930]) الأحزاب: 53.

([931]) البغوي، تفسير البغوي: ج3 ص541، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([932]) الآلوسي، روح المعاني: ج22 ص73، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([933]) الأحزاب: 57.

([934]) انظر: ص116ـ 118, من هذا الجزء.

([935]) التحريم: 4ـ 5.

([936]) السمرقندي، تفسير السمرقندي: ص446، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([937]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج18 ص189، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([938]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج4 ص188 ح3582، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([939]) الحجرات: 11.

([940]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج16 ص326، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([941]) الرازي، التفسير الكبير: ج28 ص133، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([942]) البيضاوي، تفسير البيضاوي: ج5 ص218، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([943]) الشوكاني، فتح القدير: ج5 ص64، الناشر: عالم الكتب.

([944]) الأحزاب: 28ـ 30. انُظر: الطبري والقرطبي وغيرهما في تفسير هذه الآيات.

([945]) المخيلة: السحابة المخيلة والمخيل والمختالة التي تحسبها ماطرة. الفيروز آبادي، القاموس المحيط: ج1 ص1287، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([946]) أحمد بن حنبل، المسند: ج17 ص542، الناشر: دار الحديث ـ القاهرة، تحقيق: حمزة أحمد الزين، وقد حكم على الحديث بأن إسناده صحيح.

([947]) تمعر: تمعر لونه عند الغضب: تغير، الجوهري، الصحاح: ج2 ص818، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([948]) أحمد بن حنبل، المسند: ج17 ص532، الناشر: دار الحديث ـ القاهرة، تحقيق: حمزة أحمد الزين، وقد حكم على الحديث بأن إسناده صحيح.

([949]) الحاكم، المستدرك وبذيله التلخيص للذهبي: ج4 ص318، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([950]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص224، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([951]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج3 ص158، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([952]) الألباني، صحيح الجامع الصغير: ج2 ص976 ح5568، الناشر: المكتب الإسلامي.

([953]) عبس: 1ـ 2.

([954]) الشعراء: 214ـ 215.

([955]) الحجر: 94.

([956]) اُنظر: الزركشي، البرهان: ج2 ص243، الناشر: دار إحياء الكتب العربية. القاضي عياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج2 ص161، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([957]) الأنفال: 67.

([958]) أبو حيان الأندلسي، تفسير البحر المحيط: ج4 ص514، الناشر: دار الكتب العلمية. القاضي عياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج2 ص159، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([959]) الأحزاب: 37.

([960]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج14 ص169، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([961]) انظر: الواحدي، تفسير الواحدي: ص866، الناشر: دار القلم , الدار الشامية. البغوي، تفسير البغوي: ص354، الناشر: دار المعرفة. القاضي عياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج2 ص188ـ 189، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([962]) التحريم: 1.

([963]) طه: 1ـ 2.

([964]) التحريم: 4.

([965]) المدثر: 31.

([966]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج4 ص447، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([967]) الشوكاني، فتح القدير: ج5 ص330، الناشر: عالم الكتب ـ بيروت.

([968]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج19 ص82، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([969]) الرازي، التفسير الكبير: ج30 ص207، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([970]) ابن عطية الأندلسي، المحرر الوجيز: ج5 ص396، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([971]) العنكبوت: 10ـ 11.

([972]) الواحدي النيسابوري، أسباب نزول الآيات: ص178، الناشر: مؤسسة الحلبي وشركاؤه للنشر والتوزيع ـ القاهرة.

([973]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج13 ص330، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([974]) الأنفال: 49.

([975]) مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل: ج2 ص22، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([976]) السمرقندي، تفسير السمرقندي: ج2 ص26، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([977]) الثعلبي، تفسير الثعلبي: ج3 ص371، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([978]) ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة: ج5 ص370، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([979]) ابن حجر، فتح الباري: ج7 ص3، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([980]) العنكبوت: 10.

([981]) الأنفال: 49.

([982]) الواحدي، تفسير الواحدي: ص444، الناشر: دار القلم , الدار الشامية.

([983]) الأحزاب: 12.

([984]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج14 ص147، الناشر: مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت.

([985]) الطبري، جامع البيان: ج4 ص147، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([986]) آل عمران: 144.

([987]) التوبة: 101.

([988]) السمعاني، تفسير السمعاني: ج2 ص343، الناشر: دار الوطن ـ الرياض.

([989]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج2 ص398، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([990]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج2 ص398، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([991]) المصدر نفسه: ج1 ص52.

([992]) أبو يعلى، مسند أبي يعلى: ج1 ص90، الناشر: دار المأمون للتراث.

([993]) المفاهيم القيمية هي التي تستبطن معنى (ينبغي) و(لا ينبغي) من قبيل مفهوم الصلاح والفساد حيث يستبطنان من خلال التحليل معنى (ينبغي) و(لا ينبغي).

([994]) النووي، شرح صحيح مسلم: ج16 ص139، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([995]) ابن حزم, المحلى: ج11 ص223، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([996]) انظر: ص548ـ549 من هذا الجزء.

([997]) البخاري, صحيح البخاري: ج1 ص17 ح47، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([998]) الفريابي, صفة المنافق: ص118، الناشر: دار الخلفاء للكتاب الإسلامي ـ الكويت.

([999]) السيوطي, الدر المنثور: ج3 ص208، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1000]) مسلم، صحيح مسلم: ج2 ص740، ح 1063، دار الفكر ـ بيروت.

([1001]) المصدر نفسه: ج4 ص2143، ح2779.

([1002]) أحمد بن حنبل، المسند: ج4 ص83, الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([1003]) البقرة:8.

([1004]) النسفي, تفسير النسفي: ج1 ص48، الناشر: دار النفائس ـ بيروت.

([1005]) البخاري، صحيح البخاري: ج5 ص181، ح4589، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1006]) العيني، عمدة القاري: ج17 ص146، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([1007]) المصدر نفسه: ج18 ص180.

([1008]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج4 ص15، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([1009]) ابن ماجه، سنن ابن ماجه: ج1 ص520، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1010]) لا سيما مع مثل قول السيدة عائشة: «لقد خوّف عمر الناس، وإن فيهم لنفاقاً» البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص195 ح3669، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1011]) الغزالي، إحياء علوم الدين: ج1 ص123ـ 124، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1012]) الغاشية: 22.

([1013]) الشعراء: 3.

([1014]) انظر: مسلم: صحيح مسلم: ج6 ص3 ح4598، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1015]) انظر: الترمذي، سنن الترمذي: ج5 ص328-329، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1016]) انظر: ابن أبي شيبة، المصنف: ج7 ص503، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الطبراني، المعجم الأوسط: ج5 ص355، الناشر: دار الحرمين. الحاكم النيسابوري، المستدرك وبذيله تلخيص الذهبي: ج2 ص343، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1017]) البخاري, صحيح البخاري: ج1 ص17 ح47، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1018]) الغزالي، إحياء علوم الدين: ج1 ص123ـ 124، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1019]) ابن حجر, فتح الباري: ج1 ص102، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1020]) انظر: ص491ـ 499، من هذا الجزء.

([1021]) اسمه عويمر بن عامر الأنصاري قال ابن عبد البر: >شهد أحداً وما بعدها من المشاهد... كان أبو الدرداء أحد الحكماء العلماء والفضلاء... كان أبو الدرداء من الذين أوتوا العلم<. ابن عبد البر، الاستيعاب: ج3 ص1227ـ 1228، الناشر: دار الجيل.

([1022]) الفريابي, صفة المنافق: ص113، الناشر: دار الخلفاء للكتاب الإسلامي ـ الكويت. الذهبي, سير أعلام النبلاء: ج6 ص382, وصحّحه، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([1023]) الفريابي, صفة المنافق: ص115, الذهبي, سير أعلام النبلاء: ج2 ص352ـ 353، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([1024]) الفريابي, صفة المنافق: ص119، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([1025]) المصدر نفسه: ص120.

([1026]) التوبة: 101.

([1027]) التوبة: 67.

([1028]) التوبة: 68.

([1029]) الفتح: 6.

([1030]) الأحزاب: 48.

([1031]) ابن ماجه، سنن ابن ماجه: ج1 ص520، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1032]) انظر: ابن كثير، البداية والنهاية: ج4 ص15، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. العيني، عمدة القاري: ج10 ص246 وج14 ص282، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. البيهقي، السنن الكبرى: ج9 ص31، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن إسحاق، سيرة ابن إسحاق: ج3 ص304، الناشر: معهد الدراسات والأبحاث. الطبري، تاريخ الطبري: ج2 ص190، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([1033]) التوبة: 101.

([1034]) في قوله تعالى: {لَئِن لمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} حيث قال الغامدي: «وهذا تهديد لهم بالانتهاء عن النفاق، وإلاَّ فإنَّه سيُغري رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بهم: بإخراجهم أو بقتلهم، فلمَّا لم يغره بذلك دل على انتهائهم» انظر: حوار هادئ مع الدكتور القزويني: ص81.

([1035]) الصنعاني, تفسير الصنعاني: ج3 ص123، الناشر: مكتبة الرشد ـ الرياض.

([1036]) ابن أبي حاتم الرازي, تفسير ابن أبي حاتم: ج10ص3155، الناشر: المكتبة العصرية.

([1037]) الجصاص, أحكام القرآن: ج3 ص486 ـ 487، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([1038]) ابن ماجه, سنن ابن ماجه: ج1 ص520، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1039]) أحمد بن حنبل, مسند أحمد: ج6 ص220، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([1040]) الهيثمي, مجمع الزوائد: ج9 ص33، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([1041]) مسند أحمد بن حنبل بتحقيق شعيب الارنؤوط: ج6 ص219، الناشر: مؤسسة قرطبة ـ القاهرة.

([1042]) البخاري, صحيح البخاري: ج4 ص195 ح3669، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن حجر, فتح الباري: ج7 ص26، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1043]) الشافعي, كتاب الأم: ج6 ص180، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1044]) البخاري, صحيح البخاري: ج8 ص100 ح7113، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1045]) المصدر نفسه: ج8 ص100 ح7114.

([1046]) قد ورد في صحيح مسلم عن حُذيفة، قال: «قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): في أصحابي اثنا عشر منافقاً: فيهم ثمانية لا يدخلون الجنَّة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سَمّ الخياط، ثمانية منهم تكفيكموهم الدُّبيلة». صحيح مسلم: ج8 ص122 ح6929، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1047]) التوبة: 101.

([1048]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج4 ص194، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1049]) مسند أحمد بن حنبل بتحقيق حمزة أحمد الزين: ج16 ص280. لفظ المسند خلا من كلمة (المنافقين) في آخر الخبر فقال: «إن فيكم أو منكم فاتقوا الله».

([1050]) مسلم النيسابوري, صحيح مسلم: ج8 ص123 ح6931، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1051]) ابن كثير, تفسير ابن كثير: ج2 ص387ـ 388، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1052]) الفخر الرازي, تفسير الرازي: ج10 ص130، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([1053]) البخاري, صحيح البخاري: ج5 ص111 ح4351، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1054]) قال الغامدي: «وأخيراً: ما ثبت في صحيح البخاري عن حذيفة (رضي الله عنه)، والذي هو الخبير بالمنافقين: أنَّه لم يبقَ من المنافقين إلا أربعة أشخاص. أورد البخاري بسنده عند هذه الآية: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ} عن زيد بن وهب قال: (كنَّا عند حذيفة، فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة ولا من المنافقين إلا أربعة، فقال أعرابي: إنَّكم يا أصحاب محمد تخبروننا فلا ندري، فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا ويسرقون؟ قال: أولئك الفسّاق، أجل! لم يبقَ منهم إلا أربعة: أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده)، وحذيفة هو أعرف الناس بالمنافقين». انظر: حوار هادئ، الغامدي: ص 88.

([1055]) البيهقي، السنن الكبرى: ج8 ص200، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1056]) العيني، عمدة القاري، شرح صحيح البخاري: ج18 ص264، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

([1057]) سبب الترديد هو قوله: سيتولى فضحهم بنفسه، فلم يعلم المقصود منها، هل أن ذلك في حياة النبي’ أم بعد وفاته؟

([1058]) فقد نقل ابن ماجه أن عمر قال: «والله ما مات رسول الله ولا يموت حتّى يقطع أيدي أناس من المنافقين كثير» ابن ماجه، سنن ابن ماجه: ج1 ص520، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1059]) انظر: ص387ـ 390, من هذا الجزء.

([1060]) السيوطي، الدر المنثور: ج3 ص208، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1061]) ابن الجوزي، زاد المسير: ج3 ص316، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1062]) القاسم بن سلام, فضائل القرآن ومعالمه وآدابه: ج2 ص48، الناشر: وزارة الأوقاف المغربية.

([1063]) الذهبي, الكاشف: ج2 ص128، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة, مؤسسة علوم القرآن ـ جدة.

([1064]) ابن حجر, تقريب التهذيب: ج2 ص19، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([1065]) انظر: ص537ـ 539, من هذا الجزء.

([1066]) أبو عمرو الدايني, البيان في عدّ آي القرآن: ص160، الناشر: مركز المخطوطات والتراث ـ الكويت.

([1067]) الشوكاني، فتح القدير: ج2 ص332، الناشر: عالم الكتب.

([1068]) النحاس، معاني القرآن: ج3 ص179، الناشر: جامعة أم القرى ـ السعودية.

([1069]) القرطبي، تفسير القرطبي: ج8 ص61، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([1070]) السمعاني، تفسير السمعاني: ج2 ص284، الناشر: دار الوطن ـ الرياض.

([1071]) مسلم النيسابوري, صحيح مسلم: ج8 ص245 ح7452، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1072]) البخاري, صحيح البخاري: ج6 ص58 ح4882، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1073]) السيوطي, الإتقان في علوم القرآن: ج1 ص152، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1074]) ابن كثير, تفسير ابن كثير: ج2 ص394، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1075]) الشافعي، الأم: ج6 ص180، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1076]) ابن عبد البر، الاستيعاب: ج1 ص335، الناشر: دار الجيل.

([1077]) أي: رهط المنافقين الذين أخبر رسول الله ’ حذيفة عنهم، على ما في صدر الخبر.

([1078]) البيهقي، السنن الكبرى: ج8 ص200، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1079]) أي: زيد بن وهب.

([1080]) ابن حجر, مقدمة فتح الباري: ص402، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([1081]) الذهبي, ميزان الاعتدال: ج2 ص107، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1082]) أورد ذلك صاحب المصنف مسنداً بلفظ قريب: «حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب، قال: مات رجل من المنافقين، فلم يصل عليه حذيفة، فقال له عمر: أمن القوم هو؟ قال: نعم، فقال له عمر: بالله منهم أنا؟ قال: لا، ولن أخبر به أحداً بعدك». ابن أبي شيبة، المصنف: ج8 ص637، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1083]) القيامة: 14

([1084]) ابن حزم, المحلى: ج11 ص223، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1085]) صحيح مسلم بشرح النووي: ج16 ص139، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([1086]) ابن حجر, فتح الباري: ج8 ص252، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، قال: «وروى عن عمر، قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه، فقلت: والله ما أمرك الله بهذا، لقد قال: إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم».

([1087]) البخاري, صحيح البخاري: ج2 ص100 ح1366، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1088]) المصدر السابق: ج6 ص45ـ 46 ح4844.

([1089]) بغرزه: بفتح الغين المعجمة وسكون الراء بعدها زاي، هي للإبل بمنزلة الركاب للفرس، والمراد: التمسّك بأمره كالذي يمسك بركاب الفارس فلا يفارقه.

([1090]) ابن حبان، صحيح ابن حبان: ج11 ص224، الناشر: مؤسسة الرسالة.

([1091]) البخاري, صحيح البخاري: ج7 ص9 ح5669، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج5 ص76 ح4125، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1092]) البخاري, صحيح البخاري: ج6 ص45ـ 46 ح3182، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1093]) انظر: الصنعاني، تفسير الصنعاني: ج3 ص233، الناشر: مكتبة الرشد ـ الرياض. السيوطي, الدر المنثور: ج6 ص93، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1094]) انظر: البخاري, صحيح البخاري: ج2 ص100، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن حجر, فتح الباري: ج8 ص252، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1095]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين: ج3 ص38, وصححّه على شرط مسلم، إشراف: د. يوسف عبد الرحمن المرعشلي، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([1096]) مسلم النيسابوري, صحيح مسلم: ج1 ص193 ح706، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1097]) الطبري, جامع البيان: ج6 ص58، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1098]) انظر البخاري، صحيح البخاري: ج5 ص10، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1099]) انظر: عبد الرزاق الصنعاني، المصنف: ج9 ص241، الناشر: المجلس العلمي. البيهقي، السنن الكبرى: ج8 ص315، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([1100]) هذه مقاطع من خطبة الزهراء÷ بعد أحداث السقيفة. مذقة الشارب: شربته، والنهزة بالضم: الفرصة، أي محل نهزته، أي: كنتم قليلين أذلاء يتخطفكم الناس بسهولة، والقبسة بالضم: شعلة من نار يقتبس من معظمها، والإضافة إلى العجلان لبيان القلة والحقارة، وموطي الأقدام مثل مشهور في المغلوبية والمذلة.

([1101]) الطرق: بالفتح ماء السماء الذي تطرقه الأبل فتبول فيه وتبعر. القد: بكسر القاف وتشديد الدال، سير يقد من جلد غير مدبوغ.