2024 March 19 - 09 رمضان 1445
اثبات علم الغيب للائمة المعصومین عليهم السلام من القرآن الكريم
رقم المطلب: ٢٨٢٩ تاریخ النشر: ٠٦ صفر ١٤٤١ - ١٣:٤٥ عدد المشاهدة: 15548
المقالات » عام
اثبات علم الغيب للائمة المعصومین عليهم السلام من القرآن الكريم

دراسة آيات علم الغيب لغير الله، كيفية اثبات علم الغيب من آية (إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ)

مقدمة:

حسب معتقد الشيعة أحد اوصاف الائمة الطاهرين عليهم السلام علم هؤلاء الشخصیات­ المنورة و عظیمة القدر، بعلم الغیب و الامور الغيبية بإذن الله تعالی.

الوهابية یعرّفون الشيعة من اجل هذه العقيدة، هم الطاغوت. محمد بن عبد الوهاب، فی هذه المسألة یقول:

«والطواغيت كثيرة ورءوسهم خمسة: الأول: الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله ... الرابع: الذي يدعي علم الغيب من دون الله

محمد بن عبد الوهاب - المتوفی1206 ق – مجموعة رسائل في التوحيد و الإيمان، ج 1، ص 377، تحقيق: إسماعيل بن محمد الأنصاري، الطبعة الأولى، الرياض، مطابع الرياض، حسب برنامج الجامع الکبیر.

هو يقول فی كتابه الآخر، ذيل الآیة الشریفة «تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت و لا قومك» هکذا :

«تبرؤ الرسل من دعوى أن عندهم خزائن الله وعلم الغيب مع أن الطواغيت في زمننا ادَّعوا ذلك.»

محمد بن عبد الوهاب - المتوفی1206ق - تفسير آيات من القرآن الكريم،‌ ج 1، ص 124، تحقيق: محمد بلتاجي،‌ الطبعة الأولى، الرياض، مطابع الرياض، حسب برنامج الجامع الكبير.

القفاري، المؤلف الوهابي المعاصر، لم یجوز علم الغيب للائمة عليهم السلام،‌ بل ینفیه عن رسول الله صلي الله عليه وآله ایضا. هو یقول فی كتاب اصول مذهب الشيعة هکذا:

«وقد نقلت كتب الشيعة نفسها أحاديث كثيرة في هذا المعنى، والله سبحانه أمر نبيه أن يقول: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إلاَّ مَا شَاءَ اللهُ) الأعراف/ 188، (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إلاَّ مَا شَاءَ اللهُ) يونس/ 49، (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللهِ وَلاَ أعْلَمُ الْغَيْبَ) الأنعام/ 50، (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَل كُنتُ إلاَّ بَشَراً رَّسُولا) الإسراء/ 93، (قُلْ إنَّما أَنَاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ... ) الكهف/ 110، فهذا هو رسول الهدى وخاتم الأنبياء وسيد الأولين والآخرين فكيف بمن دونه... .»

القفاري، ناصر بن عبد الله،(المعاصر)،اصول مذهب الشيعة، ج2،ص 628و629.

کما یری فی کلمات القفاري، انه یستدل ببعض الآيات،لنفي علم الغيب عن الائمة عليهم السلام و حتي عن رسول الله صلي الله عليه وآله؛ الحال انه اولا: الآيات المستند بها، لم ترتبط بعلم الغيب الذي تعتقده الشيعة؛

ثانيا: آيات القرآن لم تنحصر بالآيات المذکورة؛ بل توجد آيات اخر التی بتنظیمها و تسطریها معا، یثبت علم الغيب للأنبیاء و الائمة عليهم السلام.

المقالة المقدمة تحتوی علی فصلین لتبیین التفسير الصحيح عن آيات القرآن الكريم و اثبات علم الغيب للانبياء و الائمة المعصومين عليهم السلام و الدفاع عن الساحة المقدسة للقرآن الكريم و اهل البيت عليهم السلام، و تقدم لأعزتی فی موقع مؤسسة الإمام ولي العصر عجل الله تعالي فرجه الشريف للدراسات العلمیة. فصول ­هذه المقالة حسب الفهرس الذیل:

الفصل الاول: دراسة آيات علم الغيب فی القرآن الكريم؛

الفصل الثانی: اثبات علم الغيب للائمة عليهم السلام علی اساس الآيات القرآنیة.

الفصل الأول: دراسة آيات علم الغيب فی القرآن الكريم

الآيات التی فی القرآن الکریم تبحث عن علم الغيب،‌ تنقسم الی عدة صنوف. فی الادامة ندرس کل صنف من هذه الآیات.

الصنف الأول: انحصار علم الغيب بالله المتعال

 مضمون هذه الصنف من الآيات،هو ان علم الغيب یختص بالله تعالی و لا یعلم الغیب الا هو. هذه الآیات هی :

الآية الأولی

وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُو (انعام / 59)؛

فخرالرازي، من ابرز المفسرین عند اهل السنة، یعتبرهذه الآية دليل علی وحدانیة الله و یصرح ان هذه الآية بصدد بيان انحصار علم الغيب لله تعالی:

«المسألة الثالثة: قوله تعالى: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ) يدل على كونه تعالى منزهاً عن الضد والند وتقريره: أن قوله: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ) يفيد الحصر، أي عنده لا عند غيره. ولو حصل وجود آخر واجب الوجود لكان مفاتح الغيب حاصلة أيضاً عند ذلك الآخر، وحينئذ يبطل الحصر.»

الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي - المتوفی604 ق - التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج 13، ص 53، الطبعة الأولى، بيروت، دار الكتب العلمية، 1421 ق – 2000 م.

ابن عاشور ایضا فی تفسير التحرير والتنوير یقول:

«فقوله: (وعنده مفاتح الغيب) بمنزلة أن يقول: عنده علم الغيب الذي لا يعلمه غيرُه.»

ابن عاشور، محمد الطاهر - المتوفی1284 ق - التحرير و التنوير، ج 7، ص 123، تونس، دار سحنون للنشر و التوزيع، 1997 م.

الشنقيطي ایضا یقول:

«وهذه الآية الكريمة تدل على أن الغيب لا يعلمه إلا الله وهو كذلك لأن الخلق لا يعلمون إلا ما علمهم خالقهم جل وعلا.»

الجكني الشنقيطي، محمد الأمين بن محمد بن المختار - المتوفی1393 ق - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، ج 1، ص 481، تحقيق: مكتب البحوث و الدراسات، بيروت، دار الفكر للطباعة و النشر، 1415 ق - 1995م.

الآية الثانیة

وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرينَ (يونس/20)؛

فی هذه الآية ایضا، الله تعالی یأمر رسوله صلي الله عليه وآله ان یقول لهم بأن المعجزة أو الآية التي تریدون نزولها، من الامور الغيبية و الامور الغيبية لا یعلمها الا الله.

الآية الثالثة

 قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَ ما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (نمل/65)؛

هذه الآیة ایضا تنفی علم الغيب عن غیر الله و تثبته بتعبير «الا الله» فقط لله تعالی.

الآیات: الرابعة، الخامسة و السادسة

فی آيات اخر ایضا جاء تعبير «عالم الغيب والشهادة»،و یبين ان العالم بالغيب و الشهود، هو الله فقط:

«هُوَ اللَّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحيمُ (حشر/22)»؛

«عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الْكَبيرُ الْمُتَعالِ (رعد/9)»

«عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الْعَزيزُ الْحَكيمُ (تغابن/18)»

الآية السابعة

«قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ في‏ حُكْمِهِ أَحَداً (كهف/26)»

الآية الثامنة

«وَ لِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. (هود/123)»

النتيجة­­­:

فی بعض هذه الآيات استعملت اداة الحصر مثل«اِلَّا» و «اِنَّما»،و فی بعضها ایضا كلمات «لِلَّه» و «لَه» الذی هی خبرمقدم و بناء علی هذا یتبین ان علم الغيب ینحصر فقط بالله المتعال.

الصنف الثانی:‌ آیات نفي علم الغيب عن النبی صلي الله عليه وآله

صنف آخر من الآيات، تنفی علم الغيب عن النبی ص و النكتة المهمة ان رسول الله صلي الله عليه وآله یصرح انه لا یعلم الغيب. هذه الآیات هی:

الآية الأولی

«قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى‏ إِلَي‏ .. (انعام/50)»

فی توضيح هذه الآية لابد من معرفة انه فی صدر الاسلام، للمشركین طلب عجيب و معاجز حسب هواهم من رسول الله صلي الله عليه وآله،‌التی فی سورة الاسراء ضمن کم آية، بین القرآن بعضها:

«وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيرا أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى‏ فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولا. (اسراء/90- 93)»

الآية السالفة نزلت فی الجواب عن هذه الطلبات و تأمر رسول الله صلي الله عليه وآله ان یقول لهم ما قد سلف.

الآية الثانیة

«وَ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ... (هود/31)»

الآية الثالثة

«قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسي‏ نَفْعاً وَ لا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذيرٌ وَ بَشيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (اعراف/188)»

الآیة الرابعة

«قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْري ما يفْعَلُ بي‏ وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يوحى‏ إِلَي وَما أَنَا إِلاَّ نَذيرٌ مُبينٌ (احقاف/9)»

فخر الرازي، فی تفسيره، یذکر شأن نزول الآية هکذا:

«قال ابن عباس في رواية الكلبي: لما اشتد البلاء بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بمكة رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء، فقصها على أصحابه فاستبشروا بذلك ورأوا أن ذلك فرج مما هم فيه من أذى المشركين، ثم إنهم مكثوا برهة من الدهر لا يرون أثر ذلك، فقالوا يا رسول الله ما رأينا الذي قلت ومتى نهاجر إلى الأرض التي رأيتها في المنام؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: (مَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ) وهو شيء رأيته في المنام، وأنا لا أتبع إلا ما أوحاه الله إليّ.»

الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي - المتوفی604 ق - التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج 28، ص 7، الطبعة الأولى، بیروت، دار الكتب العلمية، 1421ق – 2000 م.

ذکر المفسرون، تفاسير اخر ایضا لهذه الآية. من المهم ان هذه الآية،‌ حسب الظاهر، فی صدد بيان نفي علم الغيب عن رسول الله صلي الله عليه وآله.

النتیجة

الآيات المذکورة سالفا، فیها فقرات «لا اعلم الغيب»، «وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْت»، «وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ» و «وَما أَدْري ما يفْعَلُ بي‏ وَلا بِكُمْ» فی الظاهر، ینفی علم الغيب عن الانبیاء عليهم السلام .

الصنف الثالث : الآیات التی تثبت علم الغيب لأنبیاء الله عليهم السلام

صنف آخر من الآيات خلاف الصنفین الاولین، تثبت علم الغيب لغیر الله، لاشخاص مثل الانبیاء عليهم السلام.

الآیة الأولی: الله یطلع رسله علی الغیب

فی هذه‌ الآية، الله تعالی یصرح انه یطلع رسله علی علم الغيب.

«وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبي‏ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظيمٌ (آل عمران/179)»

الآية الثانیة: الله یطلع من ارتضاهم من غیبه

حسب هذه الآية الله تعالی یطلع من یرتضی لهم من علم الغيب:

 «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَ أَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً (سوره جن/26 - 27)»

الآية­ الثالثة: علم نبی عيسي عليه السلام بما یأکلون و یدخرون الناس

لأنّ الآية مورد البحث تنفي علم الغيب المطلق، لا مطلق علم الغيب، وبتعبير آخر، فإنّ الآية تنفي علم الغيب الإستقلالي، أمّا تلك الآيات تتحدث عن علم الغيب الذي يُنال ببركة التعليم الإلهي؛ و عطیة الله تعالی:

«وَ رَسُولاً إِلى‏ بَني‏ إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْيِ الْمَوْتى‏ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ في‏ بُيُوتِكُمْ إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ (آل عمران/49)»

تجمیع آيات علم الغيب

هذه الصنوف الثلاثة من الآيات، لم ینفی بعضها بعضا و قابلة للجمع. الجمع بین الآيات بهذا الشکل، الصنف الاول من الآیات، فی حال بیان «علم الغيب الاستقلالي و الذاتي».‌ يعني تبين ان الله فقط بصورة مستقلة، عالم بالغيب و غیره، لم یستقل بصورة مستقلة فی علم الغيب. الصنف الثانی من الآيات، الذی یصرح بها النبی الخاتم صلي الله عليه وآله: انه لا یعلم الغيب، مقصوده، نفي علم الغيب الاستقلالي و الذاتي؛ يعني ینفی علم الغيب الذاتي عن نفسه و لیس علم الغيب الذي یکون باذن الله تعالی. الشاهد لهذا المطلب، الصنف الثالث من الآيات تقول: ان انبیاء الله المرسلین ممن یعلموا الغیب بإذن الله تعالی. من جانب آخر، حسب انه علی اساس القرآن و روايات الشيعة و اهل السنة، الامامة منصب الهي، ففی النتيجة، اطلاق آية «فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ» تشمل الائمة عليهم السلام ایضا و علاوة علی الانبیاء، هؤلاء الکرام ایضا باذن من الله، یعلمون الغيب ففی الفصل الثانی نتعرض له بصورة مفصلة.

الوهابیة و بعض مخالفی الشيعة، یستندون الی الصنف الاول و الثانی من الآيات لنفي علم الغيب و لم یذکروا الآيات من الصنف الثالث و فی الحقيقة هم مصداق آية القرآن «نؤمن ببعض و نكفر ببعض»؛ کأنه حسب رأیهم لم تکن هذه الآيات من القرآن؛ و هذا فی حال ان الآيات من الصنف الثالث، تفسر الآيات من الصنف الاول و الثانی و لم تبق أی شبهة و ابهام فی مجال اثبات علم الغيب لأنبیاء الله و رسله.

العلامة الطباطبائي، فی الجمع بین الصنوف الثلاثة من الآيات، ذيل آية «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ» یقول:

«قوله تعالى: «إلا من ارتضى من رسول» استثناء من قوله: «أحدا» و «من رسول» بيان لقوله «من ارتضى» فيفيد أن الله تعالى يظهر رسله على ما شاء من الغيب المختص به فالآية إذا انضمت إلى الآيات التي تخص علم الغيب به تعالى كقوله: «وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو» الانعام:59، وقوله: «ولله غيب السماوات والأرض» النحل:77، وقوله: «قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله» النمل:65 أفاد ذلك معنى الأصالة والتبعية فهو تعالى يعلم الغيب لذاته وغيره يعلمه بتعليم من الله

الطباطبايى، سيد محمد حسين‏ - المتوفی1412ق - الميزان فى تفسير القرآن‏، ج 20، ص 53، الطبعة الخامسة، قم المقىسة، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة‏، 1417ق.

هو یقول فی موضع آخر هکذا:

«فمن مجموع الكلمات في علم الغيب نستنتج أنه بالاستقلال خاص بالله تعالى ولا يطلع عليه أحد الا باذنه عز وجل.»

الطباطبايى، سيد محمد حسين‏ - المتوفی1412 ق - القرآن في الإسلام، ص 49، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، حسب برنامج مكتبة اهل البيت عليهم السلام.

محمود الآلوسي من علماء اهل السنة، ایضا بعد ذكر الآيات «قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله»، «وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو» و «عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول»، يقول فی الجمع بین الآيات هکذا:

«و لعل الحق أن يقال: إن علم الغيب المنفي عن غيره جل و علا هو ما كان للشخص لذاته أي بلا واسطة في ثبوته له و هذا مما لايعقل لأحد من أهل السموات و الأرض لمكان الامكان فيهم ذاتا و صفة و هو يأبى ثبوت شيء لهم بلا واسطة و لعل في التعبير عن المستثنى منه بمن في السموات و الأرض إشارة إلى علة الحكم و ما وقع للخواص ليس من هذا العلم المنفي في شيء ضرورة أنه من الواجب عز وجل أفاضه عليهم بوجه من وجوه الافاضة فلا يقال: إنهم علموا الغيب بذلك المعنى ومن قاله كفر قطعا وإنما يقال: إنهم أظهروا أو اطلعوا بالبناء للمفعول على الغيب أو نحو ذلك مما يفهم الواسطة في ثبوت العلم لهم و يؤيد ما ذكر أنه لم يجيء في القرآن الكريم نسبة علم الغيب إلى غيره تعالى أصلا و جاء الاظهار على الغيب لمن ارتضى سبحانه من رسول.»

الآلوسي البغدادي الحنفي، أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود بن عبد الله - المتوفی1270 ق -، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ج 20، ص 11، بیروت، دار إحياء التراث العربي، بی تا.

بناء علی هذا، حسب رؤیة علماء الشيعة و اهل السنة، الله تعالی اطلع اشخاصا من علم غيبه لکن یکن هذا العلم من ذاته و ‌الآيات التي تنفی علم الغيب عن غير الله، المراد هو علم الغيب الذاتي و الاستقلالي، و لیس العلم الذي یعطیه الله لمن یرتضیه.

الفصل الثانی: اثبات علم الغيب للائمة عليهم السلام علی اساس الآيات

فی الفصل الاول،علمنا التفسير الاجمالي لآيات علم الغيب، فی هذا الفصل نتعرض للصنف الثالث من الآيات التی تثبت علم الغيب علاوة علی الانبیاء عليهم السلام، للائمة الطاهرين عليهم السلام ایضا بفضل من الله تعالی. فی هذا المجال، فی البدایة نقوم بتفسير مفصل ثم نبین كيفية الاستدلال بالآيات.

الآیة الأولی: الله یطّلع رسله علی الغيب

الله تعالی فی سورة آل عمران یصرح ان الله هو الذی یطلع رسله علی الغيب. البتة علمهم بالغيب لم یکن استقلالي و ذاتي؛ بل هو باذن الله تعالی:

«وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبي‏ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظيمٌ (آل عمران/179)»

علاء الدين البغدادي من مفسری اهل السنة ایضا، فی تفسير الخازن یقول حول توضيح هذه الآية الشريفة هکذا:

«الخطاب في قوله: ليطلعكم، لكفار قريش الذين قالوا: يا محمد أخبرنا عمن يؤمن بك ومن لا يؤمن والمعنى وما كان الله ليبين لكم أيها الكفار المؤمن من الكافر فيقول فلان مؤمن وفلان كافر أو منافق لأنه لا يعلم الغيب أحد غيره ... (ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء) يعني ولكن الله يصطفى ويختار من رسله من يشاء فيطلعه على ما يشاء من غيبه.»

البغدادي الشهير بالخازن، علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم - المتوفی725 ق  - تفسير الخازن المسمي لباب التأويل في معاني التنزيل، ج 1، ص 456، بیروت، دار الفكر، 1399 ق ـ 1979 م.

ابو حيان الاندلسي فی تفسيره یقول هکذا :

«... (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِى) أي: يختار ويصطفي (مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء) فيطلعه على ما شاء من المغيبات. فوقوع لكنَّ هنا لكون ما بعدها ضداً لما قبلها في المعنى. إذ تضمن اجتباء من شاء من رسله اطلاعه إياه على ما أراد تعالى من علم الغيب، فاطلاع الرسول على الغيب هو باطلاع الله تعالى بوحي إليه، فيخبر بأنَّ في الغيب كذا من نفاق هذا وإخلاص هذا فهو عالم بذلك من جهة الوحي، لا من جهة اطلاعه نفسه من غير واسطة وحي على المغيبات ....»

أبي حيان الأندلسي، محمد بن يوسف - المتوفی745 ق - تفسير البحر المحيط، ج 3، ص 132، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود - الشيخ علي محمد معوض، شارك في التحقيق 1- زكريا عبد المجيد النوقي 2- أحمد النجولي الجمل، الطبعة الأولى، بیروت، دار الكتب العلمية، 1422ق – 2001 م.

کل المفسرین ذکروا فی ذيل هذه الآية، و هو من المتفق علیه ان الله، یطلع رسله من أخبار الغيب.

من النكت المناسبة للتفکیر، ان اطلاعهم علی الامور الغيبية من الله، لم تشمل فقط العلم بحقايق الأحكام و الأوامر الدينية؛ بل حسب ان الغيب هو علم البشر بما هو خفی، له مصاديق کثیرة مثل العلم بالحوادث الآتیة و ...

ابو حيان الاندلسي فی معني الغيب، ذيل هذه الآية، یقول:

«والغيب هنا ما غاب عن البشر مما هو في علم الله تعالى من الحوادث التي تحدث ومن الأسرار التي في قلوب المنافقين ومن الأقوال التي يقولونها إذا غابوا عن الناس.»

أبي حيان الأندلسي، محمد بن يوسف - المتوفی745 ق - تفسير البحر المحيط، ج 3، ص 132، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود - الشيخ علي محمد معوض، شارك في التحقيق 1- زكريا عبد المجيد النوقي 2- أحمد النجولي الجمل، الطبعة الأولى، بیروت، دار الكتب العلمية، 1422ق – 2001 م.

الآية الثانیة: «من ارتضى» فيفيد أن الله تعالى يظهر رسله على ما شاء من الغيب المختص به

علی اساس هذه الآية، ان الله یطلع الذین یرتضیهم علی غیبه :

 «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَ أَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً (جن/ 28 - 27)»

صدر هذه الآية‌ یثبت علم الغيب لله فقط و ینفیه عن الآخرین؛ اما جملة «إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ» تستثنیه لعدة خاصة و هم رسل الله و هذه الجملة، تنفی عمومية الجملة الاولي.

المفسرون من الشيعة و اهل السنة یقولوا: علی اساس هذه الآیة الله تعالی اعلم رسله علی غیبه الذی یختص بذاته.

العلامة الطباطبائي عنده کلمات مفیدة هنا فلنذکرها:

«و «عالم الغيب» خبر لمبتدء محذوف، والتقدير هو عالم الغيب، ومفاد الكلمة بإعانة من السياق اختصاص علم الغيب به تعالى مع استيعاب علمه كل غيب، ولذا أضاف الغيب إلى نفسه ثانياً فقال: «على غيبه» بوضع الظاهر موضع المضمر ليفيد الاختصاص ولو قال: «فلا يظهر عليه» لم يفد ذلك. والمعنى هو عالم كل غيب علما يختص به فلا يطلع على الغيب وهو مختص به أحدا من الناس فالمفاد سلب كلي... . قوله تعالى: «إلا من ارتضى من رسول» استثناء من قوله: «أحدا» و «من رسول» بيان لقوله «من ارتضى» فيفيد أن الله تعالى يظهر رسله على ما شاء من الغيب المختص به.»

الطباطبايى، سيد محمد حسين‏ - المتوفی1412 ق - الميزان فى تفسير القرآن‏، ج 20، ص 53،  الطبعة الخامسة، قم المقدسة، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة‏، 1417ق.

القرطبي من مفسری اهل السنة یقول:

«قال العلماء رحمة الله عليهم: لما تمدح سبحانه بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه ثم استثنى من ارتضاه من الرسل فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم.»

          الأنصاري القرطبي، ابوعبد الله محمد بن أحمد - المتوفی671 ق - الجامع لأحكام القرآن، ج 19، ص 28، القاهرة،      دار الشعب.

الی هنا ثبت ان الله تعالی، یطلع رسله علی علم الغيب و علمهم بالغيب باذن الله و لیس استقلاليا.

كيفية اثبات علم الغيب بهذا الصنف من الآیات للائمة عليه السلام

اثبات علم الغيب للائمة عليه السلام من الآيات المذکورة، یبتني علی اثبات ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: كلمة «من» بيانية

كلمة «من» فی الآية الثانیة، (إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ) «بيانية» فهی التی تبین مصداق «من ارتضي». البقاعي، من مفسری اهل السنة، یقول:

«و بين (من) بقوله (من رسول) أي من الملائكة ومن الناس ...»

     البقاعي، برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر – المتوفی 855 ق - نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، ج 8،  ص 347، تحقيق: عبد الرزاق غالب المهدي،  بیروت، دار الكتب العلمية، 1415 ق - 1995م.

الزمخشري من المفسرین فی القرن السادس ذيل الآية یتکلم بکلام یتبین انه فی رأیه «من» بيانیة فیقول:

«وقد خصّ الله الرسل من بين المرتضين بالاطلاع على الغيب.»

الزمخشري الخوارزمي، ابوالقاسم محمود بن عمرو بن أحمد جار الله - المتوفی538 ق - الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل، ج 4، ص 635، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

فخر الرازي بصورة صريحة، یبين ان «من» لتبيين فیقول:

«لفظة (من) في قوله: (مِن رَّسُولٍ)، تبيين لمن ارتضى يعني أنه لا يطلع على الغيب إلا المرتضى الذي يكون رسولاً.»

الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي - المتوفی604 ق - التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج 30، ص 385، الطبعة الأولى، بیروت، دار الكتب العلمية، 1421ق – 2000 م.

ابو حيان الآندلسي ایضا یصرح ان «من رسول»، تبین عبارة «من ارتضي»:

«و (مِن رَّسُولٍ) تبيين لمن ارتضى.»

أبي حيان الأندلسي، محمد بن يوسف - المتوفی745 ق - تفسير البحر المحيط، ج 8 ، ص 385، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود - الشيخ علي محمد معوض، شارك في التحقيق 1- زكريا عبد المجيد النوقي 2- أحمد النجولي الجمل، الطبعة الأولى، بیروت، دار الكتب العلمية، 1422ق – 2001 م.

النسفي ایضا یقول:

«ومن رسول بيان لمن ارتضى»

النسفي، أبو البركات عبد الله ابن أحمد بن محمود  - المتوفی710 ق - تفسير النسفي، ج 4، ص 289، حسب برنامج الجامع الكبير.

مع الالتفات الی المطالب السالفة، «من ارتضي» عنوان عام الذی احد مصاديقه«رسول»؛ فکلمة «من» هنا تبین مصداقا واحدا.

المطلب الثانی: المراد من الرسول، هم رسل الله

المطلب الثانی هو ان المراد من «الرسول» لم یقصد فقط الانبیاء؛ بل یشمل مطلق الرسل؛ سواء من البشر أو الملک. علماء اهل السنة ذکروا هذا المطلب ذيل هذه الآية. ابن كثير، من علماء اهل السنة، یقول فی شرح هذه الآیة هکذا:

«(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) وهذا يعم الرسول الملكي والبشري.»

ابن كثير الدمشقي، ابوالفداء إسماعيل بن عمر القرشي  - المتوفی774 ق - تفسير القرآن العظيم، ج 4، ص462،  بیروت، دار الفكر، 1401ق.

کذلک مرّ قبل هذا ان البقاعي ایضا یفسر «الرسول» من الملائکة و من الناس:

«وبين (من) بقوله: (من رسول) أي من الملائكة ومن الناس ...»

البقاعي، برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر - المتوفی855 ق - نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، ج 8، ص 347، تحقيق: عبد الرزاق غالب المهدي، بیروت، دار الكتب العلمية، 1415 ق – 1995 م.

الزحيلي من المفسرین، ایضا یقول :

«و الرسول: هو الملك أو صاحب الشريعة السماوية، أي يشمل الرسول الملكي والبشري.»

الزحيلي، وهبة بن مصطفى التفسير الوسيط، ج 3، ص 2757، الطبعة الأولى، دمشق، دار الفكر، 1422 ق، حسب برنامج المكتبة الشاملة.

الراغب الاصفهاني من علماء اللغة فی القرآن، بعد هذه الفقرة «إلا من ارتضى من رسول» یقول:

«فيه إشارة أن لله تعالى علما يخص به أولياءه.»

الراغب الإصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد - المتوفی502 ق - المفردات في غريب القرآن، ج 1، ص 344، تحقيق: محمد سيد كيلاني،  لبنان، دار المعرفة.

الباقلاني فی كتاب تمهيد الأوائل في تلخيص الدلائل، بعد فقرة «من ارتضى من رسول»،له کلمة تبین ان الله تعالی یطلع غیره علی علم الغيب و حسب رأیه، «غير الله» لم ینحصر فی الانبیاء عليهم السلام:

«وفي نظائر هذه الآيات ما يدل على أن علم ما يكون لا يدركه إلا علام الغيوب أو من أطلعه على ذلك.»

الباقلاني، القاضي أبي بكر محمد بن الطيب - المتوفی 403 ق - تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، ج 1، ص 77، تحقيق: الشيخ عماد الدين أحمد حيدر، الطبعة الثالثة، بيروت، مركز الخدمات والأبحاث الثقافية - مؤسسة الكتب الثقافية، 1414 - 1993 م.

السلمي من مفسری اهل السنة، ذکر معنی «لمن ارتضي» بشکل حتی انه یشمل غير الانبیاء عليهم السلام ایضا:

«(إلا من ارتضى من رسول) و هو الفاني عن أوصافه المتصف بأوصاف الحق.»

السلمي، ابوعبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسي الأزدي -  المتوفی412ق - تفسير السلمي وهو حقائق التفسير، ج 1، ص 128، تحقيق: سيد عمران، الطبعة الأولى، بیروت، دار الكتب العلمية، 1421ق – 2001 م.

من مجموع ما ذکرنا من المفسرين و علماء اهل السنة ننتج ان کلمة «من»، فی «من رسول»، بيانية تبین مصداقا واحدا من «من ارتضي»و کلمة «رسول» ایضا مطلقة و تشمل رسول البشري و الملکی.

المطلب الثالث: الائمة عليهم السلام هم ممن ارتضاهم الله

الشيعة علی اساس القرآن و الروايات المعتبرة، تعتبر الامامة، الهية و فی امتداد النبوة؛ يعني الامام یصطفیه الله لاستمرار طریق النبی ص، یسیّر الأمّة علی خطه و نهجه.

 ثانيا: علی اساس روايات اهل السنة، مقام خلیفة النبی صلي الله عليه وآله و الامامة بعد النبی (ص)، امر الهي؛ يعني الله تعالی، اصطفی الامام، لمقام الامامة و لم یحق لبشر حتي رسول الله صلي الله عليه وآله ان یصطفی الامام؛ کما ان الله یصطفی الرسول ص و لم یحق لشخص حتی النبی ص ان یصطفی نفسه لهذه الوظیفة المهمة. لاثبات هذا المطلب، نبین کم رواية من مصادر الشيعة و اهل السنة.

رواية الشيعة

مصادر الشيعة، تنقل روايات کثیرة فی هذا المجال.

الروایة الأولی:

من الروایات الصحيحة، عن الإمام الصادق عليه السلام التی صرح فیها هکذا :

«2 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَشْعَثِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ: أَتَرَوْنَ الْمُوصِيَ مِنَّا يُوصِي إِلَى مَنْ يُرِيدُ؟ لَا وَ اللَّهِ وَ لَكِنْ عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ صلي الله عليه وآله لِرَجُلٍ فَرَجُلٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إِلَى صَاحِبِهِ.»

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق _المتوفی328 ق_، الأصول من الكافي، ج 1، ص 278، ناشر: اسلاميه‏، طهران‏، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش.

الروایة المذکورة من حیث السند صحیحة و المرحوم ميرزا محمد تقي الاصفهاني صرح بصحة سندها:

«ومنها ما رواه ثقة الإسلام في الكافي في الصحيح عن أبي عبد الله ( عليه السلام ): أترون الموصي منا يوصي إلى من يريد ؟ لا والله ولكن عهد من الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) لرجل فرجل حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه.»

الموسوي الأصفهاني، ميرزا محمد تقي - المتوفی1348ق - مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم عليه السلام، ج 1، ص 31، تحقيق: السيد علي عاشور، الطبعة الأولى، بیروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1421 ق - 2001 م.

الرواية الثانیة:

فی رواية صحيحة اخری عن الإمام الصادق عليه السلام قال:

 «[1] الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّي بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فَذَكَرُوا الْأَوْصِيَاءَ وَذَكَرْتُ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا ذَاكَ إِلَيْنَا وَمَا هُوَ إِلَّا إِلَي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُنْزِلُ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ.»

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق - المتوفی 328 ق -  الأصول من الكافي، ج 1، ص 279، بَابُ أَنَّ الْإِمَامَةَ عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَعْهُودٌ مِنْ وَاحِدٍ إِلَي وَاحِدٍ، حدیث اول، الطبعة الثانية، طهران، اسلاميه، 1362 ش.

دراسة سند الرواية:

1. حسين بن محمد بن عامر

هذا الراوي، حسب رأی علماء الرجال، ثقة و عرفوه بإسم «حسن بن محمد بن عمران» ایضا. النجاشي ایضا یقول:

«الحسين بن محمد بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمي، أبو عبد الله: ثقة .»

النجاشي الأسدي الكوفي، ابوالعباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس  - المتوفی450 ق -  فهرست أسماء مصنفي الشيعة المشتهر ب‍رجال النجاشي، ص 66، تحقيق: السيد موسي الشبيري الزنجاني، الطبعة الخامسة، قم، مؤسسة النشر الاسلامي، 1416 ق.

الشیخ النمازي الشاهرودي ایضا یقول:

«الحسين بن محمد بن عامر الأشعري القمي أبو عبد الله: من مشائخ الكليني في الكافي . يروي عنه كثيرا وهو الحسين بن محمد بن عامر بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمي الثقة بالاتفاق .»

الشاهرودي، الشيخ علي النمازي - المتوفی1405 ق - مستدركات علم رجال الحديث، ج 3، ص 191، الطبعة الاولی، طهران، شفق، 1412ق.

2. معلي بن محمد البصري

النجاشي، یعرف هذا الراوي مضطرب المذهب و الحديث و ابن الغضائري قال: يعرف حديثه و ينكر؛ لکن السید الخويي یعتبره موثقا و یقول فیه هکذا:

«أقول: الظاهر أن الرجل ثقة يعتمد على رواياته . وأما قول النجاشي من اضطرابه في الحديث والمذهب فلا يكون مانعا عن وثاقته ، أما اضطرابه في المذهب فلم يثبت كما ذكره بعضهم ، وعلى تقدير الثبوت فهو لا ينافي الوثاقة ، وأما اضطرابه في الحديث فمعناه أنه قد يروي ما يعرف ، وقد يروي ما ينكر ، وهذا أيضا لا ينافي الوثاقة. و أما روايته عن الضعفاء على ما ذكره ابن الغضائري ، فهي على تقدير ثبوتها لا تضر بالعمل بما يرويه عن الثقات ، فالظاهر أن الرجل معتمد عليه ، والله العالم.»

الموسوي الخوئي، السيد أبو القاسم - المتوفی1411 ق - معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، ج 19، ص 280، الطبعة الخامسة، 1413ق ـ 1992م.

السيد بحر العلوم، یذکر كلام العلامة المجلسي في معلي بن محمد، و صرح ان العلامة، قام بنقد کلام النجاشي و ابن الغضائري:

«وقال المجلسي: لم نطلع على خبر يدل على اضطرابه في الحديث والمذهب . . .  و في  الوجيزة: ولا يضر ضعفه لأنه من مشايخ الإجازة و في  المعراج  - نقلا عن بعض معاصريه - القول بصحة حديثه لكونه من المشائخ.»

الطباطبايي، السيد مهدي بحر العلوم - المتوفی 1212 ق - الفوائد الرجالية، ج 3، ص340، تحقيق و تعليق: محمد صادق بحر العلوم - حسين بحر العلوم، الطبعة الأولى، طهران، مكتبة الصادق، 1363 ش.

3. حسن بن علي الوشاء

هذا الراوي ایضا حسب رأی علماء الشيعة معتمد و ثقة. النجاشي یقول فیه هکذا :

«الحسن بن علي بن زياد الوشاء بجلي كوفي ... و كان من وجوه هذه الطائفة ... .»

النجاشي الأسدي الكوفي، ابوالعباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس _المتوفی450ق_، فهرست أسماء مصنفي الشيعة المشتهر ب‍ رجال النجاشي، ص 39، تحقيق: السيد موسي الشبيري الزنجاني، ناشر: مؤسسة النشر الاسلامي ـ قم، الطبعة: الخامسة، 1416هـ.

المرحوم آيت الله العظمي الخويي، بعد البحث فیه یقول:

«فلا ينبغي الريب في جلالة الرجل و وثاقته

الموسوي الخوئي، السيد أبو القاسم _ المتوفی1411 ق_، معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، ج 6، ص 40، الطبعة الخامسة، 1413هـ ـ 1992م

الشیخ النمازي الشاهرودي ایضا یقول:

«الحسن بن علي بن زياد الوشاء الخزاز الكوفي ... من وجوه هذه الطائفة و عين من عيون هذه الطائفة.»

الشاهرودي، الشيخ علي النمازي _ المتوفی1405ق_، مستدركات علم رجال الحديث،  ج 2، ص 451، ناشر: ابن المؤلف، المطبعة: شفق – طهران، الأولى1412هـ

4. عمر بن ابان الكلبي

هذا الراوي ایضا ثقة حسب رأی علماء الرجال. النجاشي‌ یقول:

«عمر بن أبان الكلبي أبو حفص مولى، كوفي، ثقة

النجاشي، رجال النجاشي، ص 285.

الشیخ النمازي الشاهرودي ینقل اتفاق علماء الشيعة علی توثیقه:

«عمر بن أبان الكلبي أبو حفص الكوفي: من أصحاب الصادق عليه السلام؛ ثقة بالاتفاق .»

الشيخ علي النمازي الشاهرودي، مستدركات علم رجال الحديث، ج 6 ، ص 69.

5. يحيي ابو بصير الاسدي

الراوي المتصل بالإمام عليه السلام، هو ابو بصیر الاسدي الذی حسب رأی علماء الرجال ثقة و معتمد. النجاشي یقول:

«يحيى بن القاسم أبو بصير الأسدي؛ و قيل: أبو محمد، ثقة، وجيه

النجاشي، رجال النجاشي، ص 441.

رواية اهل السنة

المصادر الاساسیة لاهل السنة تحتوی علی روايات حول الإمامة الإلهية فعلی سبیل المثال نذکر روایة من أصح الكتب عند اهل السنة و هو صحيح مسلم .

مسلم بن الحجاج النيسابوري فی رواية عن ابن عباس یذکر هکذا:

«2273 حدثني محمد بن سَهْلٍ التَّمِيمِيُّ حدثنا أبو الْيَمَانِ أخبرنا شُعَيْبٌ عن عبد اللَّهِ بن أبي حُسَيْنٍ حدثنا نَافِعُ بن جُبَيْرٍ عن بن عَبَّاسٍ قال: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ على عَهْدِ النبي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ يقول: إن جَعَلَ لي مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ من بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ فَقَدِمَهَا في بَشَرٍ كَثِيرٍ من قَوْمِهِ فَأَقْبَلَ إليه النبي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ ثَابِتُ بن قَيْسِ بن شَمَّاسٍ وفي يَدِ النبي صلى الله عليه وسلم قِطْعَةُ جَرِيدَةٍ حتى وَقَفَ على مُسَيْلِمَةَ في أَصْحَابِهِ قال: لو سَأَلْتَنِي هذه الْقِطْعَةَ ما أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ أَتَعَدَّى أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ ... .»

النيسابوري القشيري، ابوالحسين مسلم بن الحجاج _ المتوفی261 ق_ ، صحيح مسلم، ج 4، ص1780، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

السیوطی فی شرح هذه الفقرة من صحیح مسلم یقول:

«ولن أتعدى أمر الله فيك أي لا أجيبك إلى ما طلبته مما لا ينبغي لك من الاستخلاف والمشاركة.»

الديباج على مسلم، عبدالرحمن بن أبي بكر أبو الفضل السيوطي، - المتوفی 911 ق - تحقيق: أبو إسحاق الحويني الأثري، ج 5، ص 291، السعودیة، دار ابن عفان، 1416 ق – 1996 م.

النووي من شرّاح صحيح مسلم، یقول فی جملة «ولن أتعدى أمر الله فيك» هکذا:

«قوله صلى الله عليه وسلم لمسيلمة (ولن أتعدى أمر الله فيك) فهكذا وقع في جميع نسخ مسلم ووقع في البخاري ولن تعدو أمر الله فيك. قال القاضي: هما صحيحان فمعنى الأول لن أعدو أنا أمر الله فيك من أني لا أجيبك إلى ما طلبته مما لا ينبغي لك من الاستخلاف أو المشاركة.»

النووي الشافعي، محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مر بن جمعة بن حزام  - المتوفی 676 ق - شرح النووي علي صحيح مسلم، ج 15، ص33، الطبعة الثانية، بیروت، دار إحياء التراث العربي، 1392 ق.

علی اساس هذه الرواية فی أصح الکتب عند اهل السنة، خلیفة رسول الله صلي الله عليه وآله، حسب قول النبی ص، امر الهي و الله تعالی یصطفی خلفاءه و النبی صلي الله عليه وآله لیس له حق فی اصطفاء غیره.

ذکرنا روايات الشيعة و اهل السنة فی ان «الامامة الهية»، ضمن مقالة مستقلة و تعرضنا لها بصورة مفصلة.

 النتيجة­: الائمة عليهم السلام هم مصداق ال«رسول» ایضا

حسبما مرّ الی الآن، ینتج ان ائمة اهل البيت عليهم السلام ایضا، مصداق الرسول فی هذه الآيات. بهذا البيان:

اولا: حسب رأی علماء اهل السنة، الرسول، اعم من الرسول البشري و الملکی.

ثانيا: ثبت لدینا انه حسب اعتقاد الشيعة و روايات اهل السنة، مقام الامامة مقام الهي؛ يعني الله تعالی یصطفی «الامام» لهذا المقام ؛ کما ان الله یصطفی النبی (ص) للنبوة.

ننتج من هذا المطلب بنتيجتین ان الائمة الطاهرين عليهم السلام ایضا ممن ارتضاهم الله، و فی النهاية، کما ان للانبیاء علم الغيب، الائمة الطاهرون عليهم السلام ایضا هم مصداق من ارتضاهم ، فهم ممن یطلعهم الله علی الغیب.

النکتة التي لابد من الالتفات الیها فی الآیة المذکورة، ان هذه الآیة من ضمن الآيات التی یثبت من خلالها علم الغيب للائمة عليهم السلام.

الشیخ النمازي الشاهرودي یذکر فی کتابه ثلاثین آية من القرآن الکریم تدل علی اثبات علم الغيب للائمة علیهم السلام. هو بعد ذكر آية «عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه احدا الا من ارتضي من رسول» یقول فی هذا المطلب هکذا:

«وسائر الآيات الدالة على إثبات علم الغيب له و لأوصيائه المعصومين عليهم السلام قريبة إلى الثلاثين، ذكرناها في كتابنا «رسالة علم غيب» فراجع إليه.»

النمازي الشاهرودي، الشيخ علي - المتوفی1405ق -‌ مستدرك سفينة البحار، ج 8 ، ص 39، طبعة 1418، تحقيق و تصحيح: الشيخ حسن بن علي النمازي،‌ قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

الائمة عليهم السلام مصداق «من ارتضي» و ورثة علوم النبی صلي الله عليه وآله

مصادر الشيعة تحتوی علی روايات فیها ان الائمة الطاهرين عليهم السلام هم ورثة علم النبی صلي الله عليه وآله و مصداق «من ارتضي». فی الإدامة نشیر الی بعض هذه الروایات:

الرواية الأولی

قال الإمام الباقر عليه السلام فی روایة صحیحة، ان رسول الله صلي الله عليه وآله هو مصداق «من ارتضي» و عنده علم الغيب الالهي - علوم القضا و القدر -و نفس ذاک العلم، وصل الینا من النبی صلي الله عليه وآله ایضا:

«[2] مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ يَسْأَلُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (البقرة/117) قَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ابْتَدَعَ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا بِعِلْمِهِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ كَانَ قَبْلَهُ فَابْتَدَعَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُنَّ سَمَاوَاتٌ وَ لَا أَرَضُونَ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ (هود/7) فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ: أَ رَأَيْتَ قَوْلَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً (الجن/26) فَقَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ (الجن/27) وَ كَانَ وَ اللَّهِ مُحَمَّدٌ مِمَّنِ ارْتَضَاهُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ عالِمُ الْغَيْبِ (الجن/26) فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَالِمٌ بِمَا غَابَ عَنْ خَلْقِهِ فِيمَا يَقْدِرُ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ يَقْضِيهِ فِي عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ وَ قَبْلَ أَنْ يُفْضِيَهُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ فَذَلِكَ يَا حُمْرَانُ عِلْمٌ مَوْقُوفٌ عِنْدَهُ إِلَيْهِ فِيهِ الْمَشِيئَةُ فَيَقْضِيهِ إِذَا أَرَادَ وَ يَبْدُو لَهُ فِيهِ فَلَا يُمْضِيهِ فَأَمَّا الْعِلْمُ الَّذِي يُقَدِّرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَقْضِيهِ وَ يُمْضِيهِ فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله ثُمَّ إِلَيْنَا.»

الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق _ المتوفی328 ق_ ، الأصول من الكافي، ج 1، ص 257، ناشر: اسلاميه‏، طهران‏، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش.

 فی هذه الرواية نكتتان مهمتان:

النکتة الاولی ان رسول الله صلي الله عليه وآله مصداق «من ارتضي»: وَ كَانَ وَ اللَّهِ مُحَمَّدٌ صلي الله عليه وآله مِمَّنِ ارْتَضَاهُ.

النكتة الثانیة ان العلم ب القضا و القدر الذي یختص بالله، وصل الی النبی صلي الله عليه وآله و الائمة عليهم السلام: فَأَمَّا الْعِلْمُ الَّذِي يُقَدِّرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَقْضِيهِ وَ يُمْضِيهِ فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله ثُمَّ إِلَيْنَا.

ففی النتيجة الائمة عليهم السلام ایضا عندهم علم الغیب باذن الله تعالی.

تصحيح الرواية

هذه الرواية من لحاظ السند، صحيحة. الشيخ هادي النجفي بعد نقل الرواية، یصرح بصحة سندها:

«الرواية صحيحة الإسناد

هادي النجفي، - معاصر - موسوعة أحاديث أهل البيت (ع)، ج 8 ، ص 215،  الطبعة الاولی، بیروت، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، 1423 ق – 2002 م، حسب برنامج مكتبة اهل البيت علیهم السلام.

الرواية الثانیة

فی رواية طویلة، نقلا عن سلمان الفارسي، انه صرح اميرالمؤمنین عليه السلام، بالاستناد الی آية «عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول» هکذا:

«1 - حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه [ قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد ] قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن زكريا، عن أبي المعافا عن وكيع، عن زاذان، عن سلمان قال: ...  يَا سَلْمَانُ أَ مَا قَرَأْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ قَالَ «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً  إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ» فَقُلْتُ: بَلَى يَا سَيِّدِي فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ أَنَا الْمُرْتَضِي مِنَ الرَّسُولِ الَّذِي أَظْهَرَهُ عَلَى غَيْبِهِ أَنَا الْعَالِمُ الرَّبَّانِيُّ أَنَا الَّذِي هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيَّ الشَّدَائِدَ وَ طَوَى لِيَ الْبَعِيد.»

الطبري (الشيعي)، محمد بن جرير  - المتوفی قرن الزابع - نوادر المعجزات، ص 18، تحقيق: مؤسسة الإمام المهدي (ع)، الطبعة الاولی، قم، مؤسسة الإمام المهدي (ع)، 1410 ق.

الرواية الثالثة

رواية اخری نقلت عن طريق محمد بن فضيل الهاشمي، عن الامام الثامن عليه السلام انه بعد استشهاد ابیه، و هو الامام موسي بن جعفر ع، جاء الی مدينة النبی و فی جمع من الشيعة، حضر شخص باسم «عمرو بن هذاب»، الذی هو ناصبي. فقال له الامام الثامن عليه السلام بالإستناد الی هذه الآية هکذا:

«قَالَ: عليه السلام أَوَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ فَرَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ مُرْتَضَى وَ نَحْنُ وَرَثَةُ ذَلِكَ الرَّسُولِ الَّذِي أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ غَيْبِهِ فَعَلِمْنَا مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ إِنَّ الَّذِي أَخْبَرْتُكَ بِهِ يَا ابْنَ هَذَّابٍ لَكَائِنٌ إِلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ مَا قُلْتُ لَكَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنِّي كَذَّابٌ مُفْتَرٍ وَ إِنْ صَحَّ فَتَعْلَمُ أَنَّكَ الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ وَ لَكَ دَلَالَةٌ أُخْرَي.»

الراوندي، قطب الدين - المتوفی573 ق - الخرائج و الجرائح، ج 1، ص 343، تحقيق و نشر: مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام الطبعة الأولى، قم، 1409 ق.

المرحوم العلامة الطباطبائي، بعد نقل هذه الرواية فی تفسير الميزان یقول:

«أقول: والاخبار في هذا الباب فوق حد الاحصاء و مدلولها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذه بوحي من ربه وأنهم أخذوه بالوراثة منه صلى الله عليه وآله وسلم.»

الطباطبايى، سيد محمد حسين‏  - المتوفی1412 ق - الميزان فى تفسير القرآن‏، ج 20، ص 59، الطبعة الخامسة، قم، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة‏، 1417 ق.

النتيجة: مع الالتفات الی الروايات المذکورة:

اولا: «الائمة المعصومون عليهم السلام» هم ورثة علم النبی صلي الله عليه وآله و کما ان عنده علم الغيب، الائمة عليهم السلام ایضا لهم هذا العلم؛

ثانيا: فی الرواية الثانیة، اميرالمومنین عليه السلام یعتبر نفسه مصداقا لآية «من ارتضي من رسول»، فالائمة عليهم السلام ایضا هم مصداق لکلمة «رسول». حسب بعض روايات اهل السنة، ثبت لبعض الائمة عليهم السلام علم الغيب. عبد الرزاق الصنعاني فی رواية صحيحة نقل هکذا:

«عبد الرزاق عن معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال: شهدت عليا وهو يخطب وهو يقول: سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا و أنا أعلم بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل.»

الصنعاني، ابوبكر عبد الرزاق بن همام - المتوفی211 ق - تفسير القرآن، ج 3، ص 241، تحقيق: مصطفي مسلم محمد،  الطبعة الأولي، الرياض، مكتبة الرشد، 1410ق.

معرفة بعض الاشخاص عن طريق الالهام

علی اساس مصادر الشيعة و اهل السنة، بعض الاشخاص من البشر یعرفون الامور الغیبیة عن طريق الالهام ایضا. ففی الإدامة نشیر الی موارد منها:

-1 معرفة الائمة عليهم السلام عن طريق الإلهام

فی بعض الروايات، نسبوا القاب «المحدَّث» أو «المحدَّثون» الی الائمة الطاهرين عليهم السلام. المرحوم الكليني فی كتاب الكافي، یسمی باباً فی«ان الائمة عليه السلام مفهمون محدثون»‌ فلنذکر بعض روايات هذا الباب:

الروایة الأولی

«[3] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام يَقُولُ: الْأَئِمَّةُ عُلَمَاءُ صَادِقُونَ مُفَهَّمُونَ مُحَدَّثُونَ.»

   الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق _ المتوفی328 ق_ ، الأصول من الكافي، ج 1، ص271، ناشر: الاسلامية‏، طهران‏، الطبعة الثانية،1362 هـ.ش.

هذه الرواية صحیحة من حیث السند. العلامة المجلسي علاوة علی تصحيح سند الروایة، شرح الفاظ الرواية ایضا:

«الحديث الثالث:‏ صحيح.

«مفهمون» من جهة النبي صلى الله عليه و آله و سلم فهمهم القرآن و تفسيره و تأويله و غير ذلك من العلوم و المعارف‏ «محدثون» من الملك.»

المجلسى، محمد باقر بن محمد تقى، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏ 3، ص164، الطبعة الثانیة، طهران، 1404 ق.

الشيخ جلال الصغير، من علماء الشيعة ایضا، یصحح سند الرواية و یصرح هکذا:

«وفي صحيحة يعقوب بن يزيد، عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: الأئمة علماء صادقون مفهمون محدثون.»

الشيخ جلال الصغير، الولاية التكوينية، الحق الطبيعي للمعصوم (ع)، ص 261، حسب برنامج مكتبة اهل البيت علیهم السلام.

الشيخ علي آ‌ل محسن ایضا، بیّن معنی الرواية و صححها:

«ثم إنا بينا أن الأئمة عليهم السلام ليسوا بأنبياء مرسلين، بل إن القول بنبوة واحد منهم كفر بلا إشكال، و إنما هم علماء صادقون محدثون ملهمون، وبهذا نطقت الأخبار الثابتة، كصحيحة محمد بن إسماعيل، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: الأئمة علماء صادقون مفهمون محدثون.»

الشيخ علي آل محسن، كشف الحقائق، ص 153، بيروت، دار الميزان للطباعة والنشر والتوزيع، 1419 ق - 1999 م.

الرواية الثانیة

ذکر فی رواية صحيحة اخری هکذا:

«5مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْجَفْرِ فَقَالَ: هُوَ جِلْدُ ثَوْرٍ مَمْلُوءٌ عِلْماً. قَالَ لَهُ فَالْجَامِعَةُ؟. قَالَ: تِلْكَ صَحِيفَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فِي عَرْضِ الْأَدِيمِ مِثْلُ فَخِذِ الْفَالِجِ‏ فِيهَا كُلُّ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَ لَيْسَ مِنْ قَضِيَّةٍ إِلَّا وَ هِيَ فِيهَا حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ قَالَ فَمُصْحَفُ فَاطِمَةَ عليها السلام. قَالَ: فَسَكَتَ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ لَتَبْحَثُونَعَمَّا تُرِيدُونَ وَ عَمَّا لَا تُرِيدُونَ إِنَّ فَاطِمَةَ مَكَثَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وآله خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ يَوْماً وَ كَانَ دَخَلَهَا حُزْنٌ‏ شَدِيدٌ عَلَى أَبِيهَا وَ كَانَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام يَأْتِيهَا فَيُحْسِنُ عَزَاءَهَا عَلَى أَبِيهَا وَ يُطَيِّبُ نَفْسَهَا وَ يُخْبِرُهَا عَنْ أَبِيهَا وَ مَكَانِهِ وَ يُخْبِرُهَا بِمَا يَكُونُ بَعْدَهَا فِي ذُرِّيَّتِهَا وَ كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَكْتُبُ ذَلِكَ فَهَذَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ عليها السلام.»

الكلينى، محمد بن يعقوب، الكافي (طبعة الإسلامية)، ج ‏1، ص 241، الطبعة الرابعة، طهران، 1407 ق.

العلامة المجلسي، بعد ذكر الرواية یقول:

«الحديث الخامس‏: صحيح

المجلسى، محمد باقر بن محمد تقى، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏3، ص 59، الطبعة الثانیة، طهران،  1404 ق.

المرحوم‌ آيت الله العظمي التبريزي ایضا یقول فی صحة سند هذه الرواية و ان الزهرا عليها السلام محدثة » هکذا:

«وكانت فاطمة عليها السلام في بطن أمها محدثة، وكانت تنزل عليها الملائكة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وآله و يشهد بذلك الروايات المتعددة، منها صحيحة أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن فاطمة عليها السلام مكثت بعد رسول الله صلي الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما ، وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان يأتيها جبرئيل عليه السلام فيحسن عزاءها على أبيها و يطيب نفسها و يخبرها عن أبيها و مكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها و كان علي عليه السلام يكتب ذلك.»

التبريزي، الميرزا جواد، صراط النجاة، ج 3، ص 440.

الرواية الثالثة

فی رواية اخری عن الامام الباقر عليه السلام، وصف اوصياء رسول الله صلي الله عليه وآله ب«المحدثون»:

«[1] مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: أَرْسَلَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام إِلَى زُرَارَةَ أَنْ يُعْلِمَ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ أَنَّ أَوْصِيَاءَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مُحَدَّثُونَ

الشيخ الكليني، الكافي، ج 1، ص270.

السيد بدر الدين الحسيني، فسّر کلمة «محدثون» ب «ملهمون»؛:

«قوله عليه السلام: محدثون أي ملهمون.»

الحسيني العاملي، السيد بدر الدين بن أحمد - المتوفی 1020ق - الحاشية على أصول الكافي، ص 166، جمعها ورتبها: السيد محمد تقي الموسوي، تحقيق: علي الفاضلي، الطبعة الاولی، دار الحديث للطباعة والنشر، 1425 ق – 1383 ش.

الرواية الرابعة

اميرالمؤمنین عليه السلام فی حديث «النورانية» یقول:

«وأنا صاحب اللوح المحفوظ ألهمني الله عز وجل علم ما فيه.»

المجلسي، محمد باقر - المتوفی1111 ق - بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج 26، ص 4، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، الطبعة الثانية، بیروت، مؤسسة الوفاء، 1403 ق - 1983م.

2-     اطلاع بعض الخلفاء و علماء اهل السنة من علم الغیب

البتة لابد من ذکر هذه النکتة ان مذهب الشیعة لیس هو الفرید فی دعوی انتفاع الائمة عليهم السلام من علم الغیب عن طریق الالهام؛ بل فی مصادر اهل السنة ایضا نقلت روایات ذکرت لبعض الاشخاص انهم «محدًّثون» و علی اساس هذه الروايات معلَّمون الغیب عن طریق الالهام. ففی الادامة نذکر قائمة من هؤلاء الاشخاص:

الف- عمر بن الخطاب

  علماء اهل السنة یقولون فی عمر انه «محَدَّث»:

«2398 حدثني أبو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بن عَمْرِو بن سَرْحٍ حدثنا عبد اللَّهِ بن وَهْبٍ عن إبراهيم بن سَعْدٍ عن أبيه سَعْدِ بن إبراهيم عن أبي سَلَمَةَ عن عَائِشَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كان يقول: قد كان يَكُونُ في الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ في أُمَّتِي منهم أَحَدٌ فإن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ منهم قال: بن وَهْبٍ تَفْسِيرُ مُحَدَّثُونَ: مُلْهَمُونَ.»

النيسابوري القشيري، ابوالحسين مسلم بن الحجاج - المتوفی261 ق - صحيح مسلم، ج 4، ص 1864، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بیروت، دار إحياء التراث العربي.

علماء اهل السنة، ذکروا لکلمة «المحدثون» ، تفاسير مختلفة.

1.     المحدَّث يعني ما یتکلم حسب ظنه.

ابن اثير الجزري بعد نقل الرواية یقول:

«محدَّثون؛ أراد بقوله: محدثون، أقواما يصيبون إذا ظنوا وحدسوا ، فكأنهم قد حدثوه بما قالوا.»

ابن أثير الجزري، المبارك بن محمد ابن الأثير - المتوفی544 ق - معجم جامع الأصول في أحاديث الرسول، ج 8، ص 610، حسب برنامج الجامع الكبير.

ابن قتيبة ایضا یذکر هذا التفسير لکلمة«المحدثون» هکذا:

«وقال ابن قتيبة: يريد قوما يصيبون إذا ظنوا وحدسوا، فكأنهم حدثوا بشيء فقالوه.»

ابن الجوزي الحنبلي، جمال الدين ابوالفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد - المتوفی 597  ق - كشف المشكل من حديث الصحيحين، ج 3، ص 381، تحقيق: علي حسين البواب، الریاض، دار الوطن، 1418 ق - 1997م.

2.     المحدَّث بمعنی انه ملهم.

بعض علماء اهل السنة،‌ ذکروا معنی آخر لکلمة «المحدث» و هی بمعني «المُلْهَم»، و المراد منها، هو الذی ملهم فی قلبه. ابن حجر العسقلاني، فی تفسير هذه الکلمة یقول:

«واختلف في تاويله فقيل: ملهم. قاله: الأكثر.»

العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر ابوالفضل - المتوفی852 ق - فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج 7، ص50، تحقيق: محب الدين الخطيب، بیروت، دار المعرفة، بی تا.

لابد ان نذکر هنا ان مقصود علماء اهل السنة من «الملهم»، لم یکن الهام الملائكة الی الشخص؛ بل انسباق الذهن ‌الی حقيقة المطلب أو هو المنشأ من الحاسّة السادسة؛ کما ان البغوي و ابن اثير ذکروا هذا المطلب. البغوي فی كتاب شرح السنة یقول:

«قوله: محدثون فالمحدث: الملهم يلقى الشيء في روعه يريد قوما يصيبون إذا ظنوا، فكأنهم حدثوا بشيء، فقالوه وتلك منزلة جليلة من منازل الأولياء.»

البغوي، الحسين بن مسعود - المتوفی516 ق - شرح السنة، ج 14، ص 22، تحقيق: شعيب الأرناؤوط - محمد زهير الشاويش، الطبعة الثانية، دمشق - بیروت، المكتب الإسلامي، 1403 ق - 1983م.

ابن اثير الجزری، یفسر کلمة «الملهم» هکذا:

«و قد جاء في الحديث تفسيره: (أنهم ملهمون) و الملهم هو الذي يلقى في نفسه الشئ فيخبر به حدسا و فراسة و هو نوع يختص به الله عز وجل من يشاء من عباده الذين اصطفى، مثل عمر، كأنهم حدثوا بشئ فقالوه.»

ابن أثير الجزري، ابوالسعادات المبارك بن محمد - المتوفی606 ق- النهاية في غريب الحديث والأثر، ج 1، ص 350، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي - محمود محمد الطناحي، بیروت، المكتبة العلمية،  1399 ق - 1979م.

مع الالتفات الی المطالب المذکورة، تبین ان المراد من «الملهم»، هم الذین یصیب حدسهم و ظنهم الواقع علی اساس حس باطنی. بناء علی هذا، لایختلف المورد الاول و الثانی معا الا اختلافا یسیرا.

3.     المحدثون یعني الذین یوحی الیهم.

ابن عاشور فی تفسير التحرير والتنوير، ذيل آية (أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء)، یقول هکذا:

«والمراد بالوحي هنا: إيقاع مراد الله في نفس النبي يحصل له به العلم بأنه من عند الله فهو حجة للنبيء لمكان العلم الضروري و حجة للأمة لمكان العِصمة من وسوسة الشيطان و قد يحصل لغير الأنبياء و لكنه غير مطرد و لا منضبط مع أنه واقع و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم مُحَدَّثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فعُمرُ بن الخطاب؛ قال ابن وهب: محدَّثون: مُلْهَمُون.»

المقدسي، جمال الدين يوسف بن حسن بن عبد الهادي - المتوفی 909 ق - تفسير التحرير و التنوير، ج 25، ص 34، تحقيق: محمد بن ناصر العجمي، الطبعة الأولى، بیروت، دار البشائر الإسلامية، 1418ق - 1997 م.

ابن عاشور یعتقد انه حسب رواية النبی صلي الله عليه وآله، عمر من الذین اوحی الیهم.

4.     المحدَّث الذی تکلّمه الملائکة.

محمد بن اسماعيل البخاري، فی هذا المجال یقول هکذا:

«زَادَ زَكَرِيَّاءُ بن أبي زَائِدَةَ عن سَعْدٍ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد كان فِيمَنْ كان قَبْلَكُمْ من بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ من غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ فَإِنْ يَكُنْ من أُمَّتِي منهم أَحَدٌ فَعُمَرُ.»

البخاري الجعفي، ابوعبدالله محمد بن إسماعيل _ المتوفی256 ق_ ، صحيح البخاري، ج 3، ص 1349، تحقيق: د. مصطفي ديب البغا، ناشر: دار ابن كثير، اليمامة - بيروت، الطبعة: الثالثة، 1407 - 1987.

بعض علماء اهل السنة، فسروا رواية ان عمر من المحدثین بهذا المعنی؛ کما ان ابن حجر العسقلاني و النووي فی اوثق الشروح لصحيح البخاري و صحيح مسلم، عبروا عن هذا المطلب ب «قيل»:

«وقيل مكلم أي تكلّمه الملائكة بغير نبوة.»

فتح الباري، ج 7، ص 50

النووي من الشارحین لصحيح مسلم ایضا فی شرح هذه اللفظة یقول:

«و قيل تكلمهم الملائكة و جاء في رواية متكلمون و قال: البخاري يجري الصواب على السنتهم.»

النووي الشافعي، محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مر بن جمعة بن حزام - المتوفی676  ق - شرح النووي علي صحيح مسلم، ج 15، ص 166، الطبعة الثانية، بیروت، دار إحياء التراث العربي، 1392 ق.

هذا المضمون فی رواية اخری نقلها الطبرانی، من المصرح بها:

«6726 حدثنا محمد بن أبي زرعة ثنا هشام بن عمار نا إسماعيل بن عياش نا محمد بن مهاجر عن أبي سعد خادم الحسن بن أبي الحسن عن الحسن عن أبي سعيد الخدري قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض عمر فقد أبغضني ومن أحب عمر فقد أحبني وإن الله باهى بالناس عشية عرفة عامة وباهى بعمر خاصة وإنه لم يبعث نبيا إلا كان في أمته محدث وإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر. قالوا: يا رسول الله كيف محدث؟. قال: تتكلم الملائكة على لسانه

الطبراني، ابوالقاسم سليمان بن أحمد بن أيوب - المتوفی360 ق - المعجم الأوسط، ج 7، ص 18، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد - ‏عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، القاهرة، دار الحرمين، 1415ق.

نقد هذه الرواية

الرواية السالفة التی فی عمر بن الخطاب و اهل السنة فهموا منها انه«محدّث »، هی ضعیفة من حیث السند و لا اعتبار بها. فی سند هذه الرواية راو وسیط بإسم«ابو سعد خادم حسن البصري» الذی حسب رأی علماء الرجال من اهل السنة هو شخص مجهول. فلنذکر آراء بعض هذه العلماء:

1.     ابو بكر الهيثمي؛

هو يقول فی كتاب مجمع الزوائد، بعد نقل هذه الرواية، فی ابی سعد خادم الحسن البصري هکذا:

«عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله من أبغض عمر فقد أبغضني ومن أحب عمر فقد أحبني وإن الله باهى بالناس عشية عرفة عامة وباهى بعمر خاصة وإنه لم يبعث الله نبيا إلا كان في أمته محدث وإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر. قالوا يا رسول الله: كيف محدث؟. قال: تتكلم الملائكة على لسانه.

رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو سعد خادم الحسن البصري ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.»

الهيثمي، ابوالحسن علي بن أبي بكر - المتوفی807  ق - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ج 9، ص 69، القاهرة – بيروت، دار الريان للتراث -‏ دار الكتاب العربي، 1407 ق.

2.     الذهبي؛

هو ایضا فی كتاب ميزان الاعتدال‌ یصرح هکذا:

«10236 ( 483 ): أبو سعد خادم الحسن البصري لا يدرى من ذا و خبره باطل هشام بن عمار حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا محمد بن مهاجر عن أبي سعد خادم الحسن عن الحسن عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أبغض عمر فقد أبغضني إن الله باهى بالناس عشية عرفة عامة وباهى بعمر خاصة. رواه الطبراني في المعجم الأوسط.»

الذهبي الشافعي، شمس الدين ابوعبد الله محمد بن أحمد بن عثمان - المتوفی748 ق - ميزان الاعتدال في نقد الرجال، ج 7، ص 372، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض و الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الطبعة الأولى، بیروت، دار الكتب العلمية، 1995م.

3.     ابن حجر العسقلاني؛

هو يقول فی كتاب لسان الميزان کما قال الذهبي هکذا:

«482 - أبو سعد خادم الحسن البصري لا يدري من ذا خبره باطل. روى الطبراني في المعجم الأوسط عن شيخ له عن هشام بن عمار عن إسماعيل بن عياش عن محمد بن مهاجر عن أبي سعد خادم الحسن البصري عن الحسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابغض عمر فقد ابغضني ان الله باهى بالناس عشية عرفة عامة وباهى بعمر خاصة.»

العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر ابوالفضل - المتوفی852  ق - لسان الميزان، ج 7، ص 51، تحقيق: دائرة المعرف النظامية - الهند، الطبعة الثالثة، بیروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1406ق –  1986م.

4.     علي بن محمد الكناني؛

هو یقول فی كتاب تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة، نفس هذا الکلام هکذا:

«21 - أبو سعد خادم الحسن البصرى؛ لا يدرى من ذا و خبره باطل

الكناني، علي بن محمد بن علي بن عراق  - المتوفی963 ق - تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة، ج 1، ص 132، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف -  عبد الله محمد الصديق الغماري، الطبعة الأولى، بیروت، دار الكتب العلمية،‌ 1399 ق.

 بناء علی هذا، الرواية المذكورة لا اعتبار بها و استناد اهل السنة بهذه الرواية لاثبات ان عمر محدث و تکلمه الملائکة لا حقيقة وراءها و ربما سرّ هذه القضیة ان ابن حجر و النووي عبرا عن هذا القول بعبارة «قيل یعنی قول ضعيف»، ضعف الرواية التی هی اساس القول.

ب- عبد الوهاب الشعراني

عبدالوهاب الشعراني ایضا یدعی انه عن طريق الالهام، دُلَّ علی دليل:

«و قد اطلعني الله تعالى من طريق الالهام على دليل لقول الإمام داود الظاهري رضي الله عنه بنقض الطهارة بلمس الصغيرة التي لا تشتهي.»

الشعراني المصري، عبد الوهاب _ المتوفی 973 ق_، علماء المسلمين والوهابيون، ص 12، حسب برنامج مكتبة اهل البيت.

البتة لا یمکن لنا ان نقبل هذه الدعوي من الشعراني؛ لأنه اولا: لم یدل دليل علي هذا المطلب ان لشخص عادي هکذا استطاعة و ثانيا: هذا الکلام شهادة بالنسبة الیه. من الجدیر اننا عندما نذکر قضیة فدك و نذکر ادعاء السیدة فاطمة الزهراء عليها السلام فی حقها، یقولون: انه هذه شهادة فی حقها و شهادة الانسان فی حق نفسه لم تقبل؛ مع ان آية التطهير نزلت فی شأن السیدة علیها السلام،لکن بعض علماء اهل السنة لإثبات انفسهم و کلماتهم، یطرحون اکبر دعاوی من دون اقل دليل. ثالثا : ‌لو ترکنا الاشكال المذکور سالفا، و کان لشخص عادي غير الانبیاء عليهم السلام، الإطلاع من الامور الغیبیة عن طریق الإلهام، فبطریق اولی یمکن للائمة الطاهرین عليهم السلام الذین هم ممن ارتضاهم الله، اطلاعهم علی الغيب.

تطبيق آيات الصنف الثالث علی الائمة عليهم السلام فی تفاسير علماء اهل السنة

اذا تتبعنا کلمات علماء اهل السنة، نجد انهم طبقوا آيات الصنف الثالث علی «الوَلِيّ»، «الائمة» و «وراث النبی عليهم السلام» و اعتبروهم مصداقا لکلمة «رسول» المذکورة فی الآیة الشریفة و أنتجوا ان الائمة عليهم السلام الذین هم من اتباع النبی صلي الله عليه وآله، هم الذینن اطلعهم الله علی غيبه. علی سبیل المثال، نذکر فی الادامة کلمات بعض العلماء.

1-     الشعبي: وارث الرسول یخبر عن الغيب و الاسرار

اسماعيل البروسوي صاحب تفسير روح البيان فی بدایة سورة هود، حول تفسير حروف مقطعة «الر»، یقول :

«قالوا: الله اعلم بمراده من الحروف المقطعة فانها من الاسرار المكتومة كما قال الشعبى حين سئل عنها سر الله: فلا تطلبوه و الله تعالى لا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول او وارث رسول

الحقى البروسوى، اسماعيل‏، - المتوفی قرن دوازدهم‏ - تفسير حقي المسمی بتفسير روح البيان، ج 4، ص90،  بیروت، دار الفكر، بى تا، حسب برنامج جامع التفاسير.

2-     فخر الرازي : الله لایطلع احدا علی شئ من المغیبات الا الرسل

هو يقول فی تفسير الكبير، ذيل آية «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ» یصرح ان المراد من الآية لیس ان الله یطلع رسله علی الغيب فقط؛ بل یطلع غير رسله علی الغيب ایضا:

«و اعلم أنه لا بد من القطع بأنه ليس مراد الله من هذه الآية أن لا يطلع أحداً على شيء من المغيبات إلا الرسل، و الذي يدل عليه وجوه أحدها: أنه ثبت بالأخبار القريبة من التواتر أن شقاً و سطيحاً كانا كاهنين يخبران بظهور نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل زمان ظهوره و كانا في العرب مشهورين بهذا النوع من العلم، حتى رجع إليهما كسرى في تعرف أخبار رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فثبت أن الله تعالى قد يطلع غير الرسل على شيء من الغيب

الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي - المتوفی604 ق - التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج 30، ص 149، الطبعة الأولى، بيروت، دار الكتب العلمية، 1421 ق – 2000 م.

3-     ابن حجر العسقلاني: الولي التابع للرسول یعلم الغيب

ابن حجر صاحب كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري فی تفسير آية 27 من سورة الجن، یقول:

«إلا من ارتضى من رسول فإنه يقتضي اطلاع الرسول على بعض الغيب والولي التابع للرسول عن الرسول يأخذ وبه يكرم والفرق بينهما أن الرسول يطلع على ذلك بأنواع الوحي كلها والولي لا يطلع على ذلك إلا بمنام أو الهام والله اعلم.»

العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر ابوالفضل - المتوفی852 ق - فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج 8، ص 514، تحقيق: محب الدين الخطيب، بيروت، دار المعرفة، بی تا.

ابن حجر عن قول الشيخ ابی الفضل بن عطاء، بعد نقل رواية ذکر ان «الولي» یطلع علی الغيب بإذن الله، فهذا قوله هکذا :

«قال الشيخ أبو الفضل بن عطاء في هذا الحديث عظم قدر الولي .....

قال وفيه دلالة على جواز اطلاع الولي على المغيبات باطلاع الله تعالى له

فتح الباري، ج 11، ص 347

4-     ابن حجر الهيثمي: ورثة الانبیاء ممن اطلعوا علی علم الغيب

ابن حجر الهيثمي یصرح هکذا:

«لأن الله تعالى أطلع أنبياءه بل وراثهم على مغيبات كثيرة لكنها جزئيات قليلة بالنسبة إلى علمه تعالى فهو المنفرد بعلم المغيبات على الإطلاق كليها وجزئيها دون غيره.»

الهيثمي، ابوالعباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر - المتوفی973 ق - الزواجر عن اقتراف الكبائر، ج 2، ص 724، تحقيق: تم التحقيق والاعداد بمركز الدراسات والبحوث بمكتبة نزار مصطفى الباز، الطبعة الثانية، صيدا – بيروت، المكتبة العصرية، 1420 ق – 1999 م.

5-    حكمت بن بشير بن ياسين: علم غيب الانبياء عليهم السلام و الاولياء عن طریق الوحي و الالهام

هو من المفسرین عند اهل السنة و یعتبر انه لا تنافی بین علم غيب الانبياء عليهم السلام و الاولياء، و ما یختص بالله تعالی:

«وما روى عن الانبياء والاولياء من الاخبار عن الغيوب فبتعليم الله تعالى اما بطريق الوحى او بطريق الالهام والكشف فلا ينافى ذلك الاختصاص علم الغيب مما لا يطلع عليه الا الانبياء والاولياء والملائكة كما اشار اليه بقوله: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول ... .»

حكمت بن بشير بن ياسين، موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور، ج 4، ص 548، الطبعة الأولى، المدينة النبوية، الدار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة، 1420 ق - 1999 م، حسب برنامج المكتبة الشاملة.

إبراهيم إبراهيم هلال: الله سبحانه قد أطلع على ما يشاء من غيبه من يرتضيه من رسله

ابن حجر فی كتاب فتح الباري ذيل رواية «من عادی لی وليا ...» یبحث فی کم صفحة‌ و ینتج ان ولي الله یطلع علی الغیب بإذن الله:

«وفيه دلالة على جواز اطلاع الولي على المغيبات باطلاع الله تعالى وإياه و لا يمنع من ذلك ظاهر قوله: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) فإنه لا يمنع دخول بعض أتباعه معه بالتبعية لصدق قولنا: ما دخل على الملك اليوم إلا الوزير و من المعلوم أنه دخل معه بعض خدمه.»

الكتاب : فتح الباري شرح صحيح البخاري المؤلف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعی الناشر : دار المعرفة - بيروت ، 1379/ ج11ص347

ابراهيم ابراهيم الف فی شرح هذه الرواية، كتابا مستقلا و نقل کلمات ابن حجر و بعد نقلها يقول فی هذه الآية من القرآن الکریم هکذا:

«قلت: الوصف المستثنى للرسول هنا إن كان فيما يتعلق بخصوص كونه رسولا فلا مشاركة لأحد من أتباعه فيه إلا منه وإلا فيحتمل ما قال ، والعلم عند الله عز وجل ' انتهى.»

ابراهيم ابراهيم بعدها یصدق کلام ابن حجر و یقول :

«فأقول: هذا صحيح؛ فإن الله سبحانه قد أطلع على ما يشاء من غيبه من يرتضيه من رسله كما تفيده هذه الآية ... و قد وقع منه [ صلى الله عليه و وآله وسلم] ذلك في غير قضية كاطلاعه حذيفة على أهل النفاق ومعرفته بهم. ... فهذا وأمثاله هو من عند الله سبحانه ... .»

إبراهيم إبراهيم هلال، ولاية الله و الطريق إليها، ج 1، ص 504، تحقيق: تقديم ابن الخطيب، القاهرة، دار الكتب الحديثة، بی تا.

6-    علاء الدين البخاري: لا يمنع أن يعلم غير الله بتعليمه

هذا العالم من اهل السنة بعد ذکر آية «لا يعلم تأويله الا الله» یقول:

«ثم إنه لا يمنع أن يعلم غير الله بتعليمه كما قال تعالى: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول.»

البخاري، علاء الدين عبد العزيز بن أحمد - المتوفی730 ق - كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي، ج 3، ص310، تحقيق: عبد الله محمود محمد عمر، بیروت، دار الكتب العلمية، 1418ق - 1997م.

النتيجة الأخیرة

اولا: الوهابية و بعض علماء اهل السنة، تمسکوا بصنف من آياتِ علم الغيب، التی تنفی هذا العلم عن غير الله، و استدلوا بها علی نفي علم الغيب عن النبی صلي الله عليه وآله و الائمة الأطهار عليهم السلام ، الحال انهم غفلوا عن الآيات الأخر. تبین فی هذه المقالة ان حسب صنف آخر من الآيات،یثبت علم الغيب لغير الله ایضا. بناء علی هذا الآيات التی تنفی علم الغيب عن غير الله، ناظرة الی علم الغيب الذاتي و الاستقلالي الذی یختص بالله تعالی و آيات اثبات علم الغيب لغير الله، ناظرة الی علم الغيب الالهی و غير الذاتي. وجه الجمع بین تلک الصنوف من الآیات، هو ان غير الله علمهم لیس بذاتي؛ بل اطلعهم الله علی غیبه و فی النهاية لم یوجد تنافی بین هذین الصنفین من الآیات.

ثانيا: ثبت لدینا انه علی اساس الآيات القرآنیة، علاوة علی الانبیاء عليهم السلام، الائمة الطاهرون عليهم السلام ایضا عندهم علم الغيب؛ لأن کلمة «الرسول» فی الصنف الثالث من الآيات، تشمل تمام الرسل الالهية و الائمة عليهم السلام ایضا، مصداق لکلمة«رسول»؛ لأنه حسب رأی الشيعة و الروايات الصحيحة عند اهل السنة، مقام الامامة، مقام الهي، و الله یصطفی الإمام و یجعله لهدایة البشر و فی النتيجة کل علم لدی النبی صلي الله عليه وآله، ‌کان للائمة عليهم السلام ایضا.

ومن الله التوفیق

فریق الإجابة عن الشبهات

مؤسسة الإمام ولي العصر عجل الله تعالي فرجه الشريف للدراسات العلمیة



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین
الاکثر مناقشة
الاکثر مشاهدة