2024 March 19 - 09 رمضان 1445
الإمام علي الرضا (ع)... أبكي القلوب قبل العيون
رقم المطلب: ١٩٩٦ تاریخ النشر: ٢٩ صفر ١٤٤٣ - ١٢:٤١ عدد المشاهدة: 2568
المذکرة » عام
في ذكرى شهادة الصابر الفاضل..
الإمام علي الرضا (ع)... أبكي القلوب قبل العيون

في هذه الايام تصادف ذكرى شهادة الإمام الرضا عليه السلام ومن مكارم أخلاقه عليه السلام أنه ما جفا أحداً بكلامه ولا قطع على أحد كلامه وما رد أحداً في حاجة يقدر عليها ولا مد رجله بين يدي جليسه ولا شتم أحداً من مواليه ومماليكه وخدمه، وكان إذا نصب مائدته أجلس عليها مواليه وخدمه حتى البواب والسائس.

هو أبو الحسن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وهو ثامن أئمة أهل البيت . ولد في 11 من ذي القعدة سنة 148 وقيل سنة 153. أما استشهد 29 صفر من سنة 203 للهجرة في ملك المأمون العباسي وعمره 55 سنة. ودُفِنَ بمدينة طوس في ايران.

وقد نص عليه أبوه بالإمامة. وكان عليه السلام أفضل الناس في زمانه وأعلمهم وأتقاهم وأزهدهم وأعبدهم وأكرمهم وأحلمهم وأحسنهم أخلاقاً، وكان يجلس في حرم النبي صلى الله عليه وآله في الروضة والعلماء في المسجد فإذا عي أحد منهم عن مسألة أشاروا إليه بأجمعهم وبعثوا إليه بالمسائل فيجيب عنها وقد جمع له المأمون جماعة من الفقهاء في مجالس متعددة فيناظرهم ويغلبهم حتى أقر علماء زمانه له بالفضل.

وقد توفى الإمام الرضا (عليه السلام) في قرية يقال لها سنا آباد مسموماً بسم دسه له المأمون في شراب الرمان وقيل في العنب قدمه إليه. ودفن في دار حميد بن قحطبة في المكان الذي فيه الرشيد إلى جانبه مما يلي القبلة كما جاء في عيون أخبار الرضا للصدوق رحمه الله.

ويدعي الرواة أن المأمون لم يظهر موته في حينه وتركه يوماً وليلة ثم وجه إلى محمد بن جعفر بن محمد وجماعة من آل أبي طالب وأخبرهم بوفاته. ثم كشف لهم عنه ليعلموا أنه مات ولا أثر فيه لضربة سيف ولا طعنة رمح.

ما لا تعرفه...عن الفتنة الواقفية

بمناسبة حلول ذكرى شهادة الامام الرضا، أودُّ أن أتحدث معكم حول فتنةٍ وقعت في الوسط الشيعيّ بعد استشهاد الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه أفضل الصلاة والسلام، في بداية تصدِّي الإمام الرضا(ع) للإمامة، هذه الفتنة هي الفتنة التي يُعبَّر عنها بفتنة الواقفية، وهي فتنةٌ تعاظمت في بداية ظهورها، وكادت أن تُحدِث شرخا بيِّناً وكبيراً في النسيج الاجتماعي الشيعي، وأن تُحدِث هزةً في معتقدات أتباع أهل البيت (ع) في مختلف مواطن سكناهم، في العراق، وفي الحجاز، وفي إيران، وفي مصر واليمن، وفي الكثير من الحواضر الاسلامية التي يقطنها الشيعة.

حاصل ما وقع بعد استشهاد الامام الكاظم (ع)، هو أنَّ جماعة ممن كان لهم وزن ثقيل في الوسط الشيعي قد ادَّعوا أنَّ الامام الكاظم(ع) لم يمت، وأنَّه حيٌّ، وسيبقى حيَّاً حتى يخرج ويملأ الأرض -شرقها وغربها- عدلا، ويقضي على الظلم، ويتولَّى شؤون المسلمين، وأنَّ كلّ مَن ادَّعى الإمامة بعد الامام الكاظم فهو كذَّاب وليس مُحقَّاً. هؤلاء كان منهم وكلاء للإمام الكاظم (ع) أو هكذا كانوا يزعمون ، فعليُّ بن أبي حمزة البطائني، وزياد الكندي، وعثمان بن عيسى الرواسي، وآخرون كانت لهم وجاهة في الوسط الشيعي، وكانوا قد صحبوا الكاظم (ع)، وأخذوا عنه العلم، لذلك استحكمت شُبهتهم عند الكثير من عوامِّ الشيعة.

سبب الفتنة:

عندما نبحث عن دوافع هذه الفتنة التي وقعت، فإننا سنجد أنَّ الباعث لظهور هذه الفتنة هو أنَّ هؤلاء الرجال كانوا وكلاء للإمام الكاظم (ع) بحسب زعمهم، وكانت تحت أيديهم أموال طائلة من الحقوق والأخماس والمظالم والزكوات، ولأنّ الإمام الكاظم (ع) كان سجيناً، وقد استمر سجنه لما يقرب أو يزيد على أربع سنوات، فكانت الناس ترجع في الأقطار الإسلامية إلى أمثال هؤلاء، الذين هم وكلاء وفي ذات الوقت كانوا علماء، ومن المعلوم أنَّه عندما يُستشهد الإمام، ويلي الأمر إمامٌ بعده، يكون اللازم عليهم أن يُسلِّموا الأموال إلى الإمام الذي يليه، ولكن عزَّ عليهم أن يدفعوا كلَّ هذه الاموال التي كانت تحت أيديهم، فمثلاً علي بن ابي حمزة البطائني كان تحت يده ما يقارب الثلاثين ألف دينار، وكان تحت يد زياد القندي سبعون ألف دينار (1)، وكان تحت يدي عثمان بن عيسى الرواسي مال كثير وستُّ جواريَ (2)، وآخرون كانت بأيديهم أموال كانت تُجمع للإمام (ع) من شتى الأقطار الاسلامية. يقول الكِشِّي (قده) -وهو أحد علماء الرجال-: (إنَّ مبدأ ظهور الوقف، هو أنَّ حيَّان بن السراج -وكان معه آخر-، كانوا وكلاء للإمام في العراق، وكانت تأتيهم أموال، قرابة الثلاثين ألف دينار، فاشتروا بها الدُّور، وعقدوا العقود، وتزوّجوا بها، ثم لمَّا أن سمعوا بموت الإمام الكاظم (ع) في السجن، أنكروا موته، وقالوا إنَّه لم يمت، فكان ذلك مبدأ ظهور الوقف) (3).

أجمع علماؤنا السابقون منهم واللاحقون على أنَّ المصدر الأساسيّ لظهور هذه الفتنة هم بعض وكلاء الإمام الكاظم (ع)، وقد أثاروا هذه الشبهة من أجل الاستحواذ على الأموال التي كانت بأيديهم -وكانت أموالاً كثيرة-، وتأكَّد أنَّ هذا هو الباعث الأصلي للشبهة التي أثاروها من اقرار بعضهم قبيل موته .




Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین
الاکثر مناقشة
الاکثر مشاهدة